إسلام ويب

التخريج بواسطة تحفة الأشرافللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الاشتغال بالحديث النبوي ينِّور البصيرة كما قال الإمام النووي رحمه الله، وهو أمر لا بد منه لمن أراد التفقه في الدين على طريقة الأئمة السابقين، وكثيراً ما يجد الباحث حديثاً يدل على أمر ما ولا يعرف أين روي ولا ما درجة صحته، ولأجل معرفة ذلك قد يسر الحافظ المزي ذلك في تحفة الأشراف لمعرفة الأطراف، لمن أراد البحث عن طريقها وقد تناول هذا الدرس توضيح كيفية الاستفادة منها.

    1.   

    أهمية الاشتغال بالسنة

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم.

    أما بعــد:

    فقد طلب مني بعض الإخوان والطلاب أن أسجل لهم بعض ما يتعلق بمادة التخريج المقررة على كلية أصول الدين، السنة الرابعة، ليكون ذلك عوناً لهم على معرفة التخريج والتدرب عليه، وخاصة ممن لا يتيسر لهم الاستماع إلى الشرح، أو متابعته، فقمت بتسجيل هذا الدرس رجاء أن ينفعهم الله به، وإنما سجلته لهم أصلاً مراعياً فيه ما أعلم من مستوياتهم دون غيرهم، لأنني لم أسجله من أجل التداول.

    وفي بداية الحديث أقول: إن الاشتغال بالسنة النبوية، سواء فيما يتعلق بالأسانيد، أم بالمتون، أم بالفقه، من أعظم وأجل ما اشتغل به المشتغلون، وانصرف إليه الباحثون، وذلك لأن السنة مصدر أساسي من مصادر التشريع، بل ومن مصادر العقيدة قبل ذلك، وهناك طرق كثيرة يسلكها الباحث في الحصول على الحديث، تختلف هذه الطرق من جهة بحسب ما لدى الباحث من الحديث، هل لديه الحديث كاملاً، سنداً ومتناً، أم لديه الإسناد فقط، أم لديه المتن فقط، أم ليس لديه إلا شيء من ذلك، وتختلف من جهة أخرى: بحسب الكتب المصنفة في السنة النبوية، فمنها الصحاح والسنن المرتبة على الموضوعات، ومنها المسانيد المرتبة على أسماء الصحابة، ومنها المعاجم المرتبة على أسماء الشيوخ... أوغير ذلك، ومنها الكتب المرتبة بحسب الحروف الأولى من الحديث.. إلى غير ذلك.

    1.   

    أقسام طرق التخريج وما احتوت التحفة

    وعلى ضوء هاتين الملاحظتين، نقول: إن طرق التخريج تنقسم إلى أقسام: فإن كان لدى الباحث جزءٌ من الإسناد الصحابي فقط، أو الصحابي فمن دونه من التابعين ومن بعدهم، فهذا له طريقة، وإن كان لدى الباحث موضوع الحديث فقط، دون أن يعرف إسناده، ودون أن يعرف لفظه أيضاً، فهذا له طريقة أخرى، وإن كان لدى الباحث أول لفظ من الحديث يعرفه، دون أن يعرف بقية الحديث، فهذا له طريقة ثالثة، وقد يعرف الباحث لفظاً ما من الحديث، في أوله أو في أوسطه أو في آخره، دون أن يعرف بقية لفظ الحديث، ودون أن يعرف متن الحديث أو إسناده، فهذا أيضاً له وسيلة أخرى، وسنعرض في هذا الدرس لطريقتين أساسيتين من طرق التخريج.

    التخريج بواسطة التحفة

    وهي طريقة التخريج بواسطة كتاب تحفة الأشراف في معرفة الأطراف، للحافظ المزي، وهي تتم عن طريق معرفة صحابي الحديث فمن دونه، فهذا الكتاب جمع فيه مؤلفه، أطراف الكتب الستة، التي هي: البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وأضاف إليها بعض ما يلحق بها، وما يجري مجراها من الكتب الأخرى، وهي: مقدمة صحيح مسلم، وكتاب المراسيل لـأبي داود، وكتاب العلل للترمذي، والشمائل أيضاً له، وكتاب عمل اليوم والليلة لـالنسائي، هذه أهم الكتب التي جمع أطرافها، وقد بين الحافظ المزي رحمه الله في مقدمة كتابه، أنه اعتمد في عامة كتابه، على ثلاثة كتب تقدمته في هذا المضمار، الكتاب الأول منها: هو كتاب أبي مسعود الدمشقي، والكتاب الثاني: هو كتاب خلف الواسطي، وهما في أطراف الصحيحين.

    أما الكتاب الثالث: هو كتاب أبي القاسم بن عساكر، وقد جمع فيه، أطراف السنن الأربع، وما يجري مجراها من الكتب التي تقدم ذكرها.

    1.   

    الوصف العام لطريقة ترتيب التحفة

    أما طريقة المزي في ترتيب كتابه، فتتلخص فيما يلي:-

    قسم المزي رحمه الله، كتاب التحفة إلى [1395] مسنداً، ما بين مرسل وموصول، فعدد المسانيد المنسوبة إلى الصحابة رضوان الله عليهم. [995] مسنداً، وهي مرتبة على حروف المعجم، بحسب أسماء الصحابة، أما بقية المسانيد وهي [400] مسند.

    فهي المراسيل المنسوبة إلى أئمة التابعين، بل وإلى من بعدهم، وهي مرتبة أيضاً على حروف المعجم، هذا من حيث الإجمال، ومن خلال مسند كل صحابي أو غير صحابي ينظر في مجموع مرويات هذا الرجل، فإن كانت مروياته قليلة أبقاها كما هي تحت مسند هذا الرجل، وإن كانت مروياته كثيرة فإنه يقسمها تقسيماً آخر داخل هذا التقسيم الكلي، فيقسم مرويات الصحابي بحسب من روى عنه من التابعين، ثم إذا كان هذا التابعي مكثراً عن ذلك الصحابي؛ فإنه يقسم المرويات التي وردت عن طريق هذا التابعي عن هذا الصحابي، يقسمها داخل اسم التابعي -أيضاً- إلى تقسيم ثالث بحسب من روى عن التابعي، من أتباع التابعين، أو من التابعين وهكذا، حتى أنك قد تجد أحياناً أربعة تقسيمات، فمثلاً في مسند أبي هريرة، نجد أنه قسم مسند أبي هريرة إلى أقسام كثيرة، بحسب من روى عنه من التابعين، ثم في مسند واحد من هؤلاء التابعين، كـأبي سلمة بن عبد الرحمن، نجده قسم مسند هذا التابعي أو مرويات هذا التابعي، عن أبي هريرة بحسب من روى عنه، ثم قسم مرويات من روواعنه بحسب من روى عنهم أيضاً، وهذا كله تيسيراً للباحث، بحيث إذا توفر أو تيسر لديه الإسناد؛ استطاع بيسر وسهولة أن يصل إلى موضع هذا الحديث الذي يبحث عنه في مسند ذلك الصحابي في التحفة، وقد رمز المؤلف، للكتب برموز تجنباً لتكرار ذكر أسمائها، فرمز للبخاري بحرف [خ] فإن كان تعليقاً أضاف إليه [ت] ورمز لـمسلم بحرف [م] ولـأبي داود بـ[د] وإن كانت في المراسيل أضاف إليها [م] ورمز للترمذيبـ[ت] وإن كان في الشمائل أضاف إليها [م] أيضاً، ورمز للنسائي بـ[س] وإن كان في عمل اليوم والليلة أضاف إليها [ي] ورمز لـابن ماجة القزويني بحرف [ق].

    ونجد هناك أيضاً رمزين آخرين هما: حرف [ز] وهو رمز لزيادات المزي من الكلام على الأحاديث، أما الآخر فهو حرف [ك] وهو ما استدركه الحافظ المزي- أيضاً- على الحافظ أبي القاسم بن عساكر، في أطراف السنن الأربع، هذا فيما يتعلق بالوصف العام لطريقة ترتيب الكتاب.

    1.   

    إضافات المحقق شرف الدين

    وهناك شيء مهم جداً، وهو أن محقق الكتاب: عبد الصمد شرف الدينجزاه الله خيراً قد أضاف إلى الكتاب إضافات في غاية الأهمية، هذه الإضافات تتلخص في أمرين أساسيين:

    الأمر الأول: إضافات وضعها مع صلب كتاب التحفة

    أولاً: إضافة رقم الباب.

    الثاني: إضافة رقم الحديث، أحياناً.

    الثالث: إظهار الضمير في بعض المواضع.

    ومعنى هذا الزيادات: أن الحافظ المزي كما سلف يحيل إلى اسم الكتاب فحسب، فيقول: [خ] في الأدب، أي رواه البخاري في كتاب الأدب، فوضع المحقق بعد هذا الكلام قوسين فيهما رقم أو رقمان، فالرقم الأول: يشير إلى اسم الباب في كتاب الأدب، فإذا كان الرقم الذي وضعه داخل هذا القوس خمسة، ثم وضع نقطتين بعدها ستة (5:6) فمعنى ذلك أن هذا الحديث يوجد في كتاب الأدب، الباب الخامس، رقم الحديث هو الحديث السادس، من الباب الخامس.

    وإن كان رقماً واحداً فهو يشير إلى رقم الباب فقط دون رقم الحديث، وأحياناً قد يضيف ثلاثة أرقام، وهذا خاص بكتاب التفسير في صحيح البخاري، فالرقم الأول: يشير إلى رقم السورة، والرقم الثاني: يشير إلى رقم الباب، والرقم الثالث: يشير إلى رقم الحديث داخل الباب، وذلك أن الإمامالبخاري في كتاب التفسير في صحيحه، سلك طريقة تختلف شيئاً ما عن الطريقة التي سلكها في بقية الكتب، ففي معظم أو في كل الكتب ماعدا كتاب التفسير، يضع الإمام البخاري كتاباً ويضع تحته أبواباً، وفي الباب مجموعة من الأحاديث، أو قد يكون في الباب حديث واحد، أما في كتاب التفسير فإنه وضع تحت اسم الكتاب: أسماء السور، وتحت كل سورة مجموعة من الأبواب، وفي كل باب حديث أو عدد من الأحاديث.

    إذاً قد يكون الرقم الذي بين القوسين، إما رقماً واحداً أو رقمين أو ثلاثة، فإن كان رقماً واحداً: فهو رقم للباب، وإن كان رقمين: فهو رقم للباب ورقم للحديث داخل الباب، أما في كتاب التفسير بالذات في صحيح البخاري، فإن الرقم الأول أو الرقم الواحد: يعني رقم السورة، والرقم الثاني يعني رقم الباب داخل السورة، فإن أضاف رقماً ثالثاً: فهو يعني رقم الحديث داخل الباب.

    أما إظهاره للضمير في بعض المواضع، فذلك أن الحافظ المزي قد يشير إلى اسم الكتاب بالضمير، فإذا كان الحديث -مثلاً- موجوداً عند البخاري، وعند الترمذي في كتاب واحد، فإنه يقول: أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، ثم يشير إلى الأسانيد، وقد تطول هذه كثيراً حتى ينسى القارئ اسم الكتاب، ثم يقول: وأخرجه الترمذي فيه -أيضاً- يعني في كتاب الصلاة، ولكن لطول المسافة قد ينسى القارئ أن المقصود فيه: أي في كتاب الصلاة، فقام المحقق وفقه الله وأثابه بإظهار هذا المضمر، فبعدما يقول: وأخرجه الترمذي فيه أيضاً، يقول المحقق بعد ما يضع قوساً: أي في كتاب الصلاة، ثم يضع الرقم الذي يدل على اسم الباب، هذا هو العمل الأول الذي أضافه المحقق وهو في صلب الكتاب.

    الكشاف عن تحفة الأشراف

    وهناك عمل آخر-أيضاً- ذو أهمية كبيرة، وهو أنه وضع مجلداً في نهاية التحفة، وهو ما سماه بـالكشاف عن تحفة الأشراف، وهذا المجلد خاص بفهارس الكتب الستة، إضافة إلى سنن النسائي الكبرى، التي عمل عليها المزي كتابه تحفة الأشراف.

    وقد يقول قائل: ما فائدة هذا الكتاب (الكشاف) مع أننا نعلم أن كل كتاب من الكتب الستة يوجد في نهايته فهرس متكامل، بل أكثر من فهرس أحياناً؟

    فأقول: إن هذا الكشاف ذو أهمية بالغة لكل من أراد أن يبحث بواسطة التحفة، وذلك أنه إذا كان يدلك في صلب التحفة على اسم الكتاب ثم رقم الباب، ثم رقم الحديث -أحياناً- فإنه في الكشاف يدلك على اسم الباب الذي أعطاك رقمه في صلب التحفة، فإذا سألت: وما الفائدة من معرفة اسم الباب مادام أن الرقم معروف لدي؟ فالجواب: إن اسم الباب مفيدٌ جداً، وذلك أنك في كثير من الأحيان تجد أن رقم الباب في الكتاب الذي تبحث فيه يختلف كثيراً أو قليلاً عن رقم الباب الذي أحالك إليه المحقق في التحفة، فقد يحيلك المحقق في التحفة إلى رقم باب في حديث في كتاب الصلاة، في الترمذي -مثلاً- فتجهد في البحث عن هذا الحديث؛ فلا تجده بالرقم، تجد الرقم وتجد الباب يختلف، لكنك إذا عرفت اسم الباب، فبإمكانك أن تهمل رقم الباب، إذا لم تجده كما هو، وتبحث عن اسم الباب، بمعنى أن رقم الباب قد يتغير من طبعة إلى أخرى، أما اسم الباب فإنه لا يتغير أبداً.

    فإذا لم تفلح في الحصول على الحديث بواسطة الرقم الذي أرشدك إليه المحقق؛ فأهمل الرقم في هذه الحالة، وابحث عن الحديث بواسطة اسم الباب، فاستعرض جميع الأبواب الموجودة تحت هذا الكتاب، وليكن كتاب الصلاة -مثلاً- في سنن الترمذي، حتى تصل إلى اسم الباب الذي تجده، وهنا يسهل عليك أن تبحث عن الحديث داخل هذا الباب المحصور، وسوف يظهر لك جلياً أهمية الكشاف من خلال المثال الذي سوف أضربه لك بعد قليل في التطبيق العملي، فهذه أهم الإضافات التي أضافها المحقق إلى كتاب التحفة.

    1.   

    كيفية البحث عن حديث (مثال تطبيقي)

    بقي أن نعرف: كيفية البحث عن الحديث في كتاب التحفة، وهنا أضرب مثالاً بحديث واحد، ويمكن للقارئ أو السامع أو الباحث أن يحصل على أمثلة أخرى غير هذا المثال، ويجب على الطالب الذي يريد أن يستفيد من هذا المثال، أن يحضر الكتب التالية:-

    أولاً: كتاب الكشاف على تحفة الأشراف.

    ثانياً: كتاب تحفة الأشراف الجزء التاسع، وهو أول الكنى.

    ثالثاً: سنن الترمذي الجزء الثاني، تحقيق أحمد شاكر، وهو الموجود مع الكتب الستة.

    رابعاً: سنن أبي داود تحقيق عزت عبيد الدعاس، الجزء الثاني، وهو أيضاً الموجود والمطبوع مع الكتب الستة.

    بين أيدينا -الآن حديث- هذا الحديث يقول: عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأبي بكر: {مررت بك وأنت تقرأ، وأنت تخفض من صوتك، فقال: إني أسمعت من ناجيت، قال صلى الله عليه وسلم: ارفع قليلاً، وقال لـعمر: مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع صوتك، قال: إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان، قال صلى الله وعليه سلم: اخفض قليلاً } هذا الحديث عن أبي قتادة، أقترح أن يكتبه الطالب في ورقة بين يديه، وهذا الحديث نعرف صحابيه -الآن- وهو أبو قتادة، ونعرف موضوع الحديث، بل نعرف متنه، لكنه الذي يعنينا هو: موضوع الحديث، وهو يتعلق بخفض القراءة أو رفعها في صلاة الليل.

    البحث في التحفة والكشاف

    فإذا أردنا أن نبحث عن هذا الحديث بواسطة تحفة الأشراف، نبحث عن مسند الصحابي الذي جاء هذا الحديث عن طريقه وهو: أبو قتادة، فنبحث في المجلد الأول، والثاني، والثالث حتى نجده في المجلد التاسع، وليس بلازم أن تمر على جميع مجلدات التحفة، بل يجب أن تعلم أن جميع أسماء الصحابة مرتبة ترتيباً هجائياً أبجدياً داخل التحفة، وأن الكنى تبدأ في المجلد التاسع من التحفة وما بعده.

    إذاً: ابدأ من المجلد التاسع، واستعرض أسماء الكنى حتى تحصل على أبي قتادة، وسوف تجد أن مسند أبي قتادة كما أشرت في الجزء التاسع، ويبدأ بصفحة [240] من هذا الجزء، الآن نفترض أنك لا تعرف من إسناد هذا الحديث إلا الصحابي وهو: أبو قتادة، ففي هذه الحالة يلزمك أن تستعرض وبهدوء جميع الأحاديث التي في مسند هذا الصحابي، حديثاً حديثاً، وقد ميز كل حديث منها برقم خاص، فانظر في كل رقم، ثم انظر الحديث المقابل له، فإذا وجدت الحديث الذي تريد فبها، وإلا فانتقل إلى الذي بعده وهكذا، حتى تنتهي من مسند هذا الصحابي إلى آخره، ومسند هذا الصحابي، ليس بطويل فهو ينتهي، في صفحة [271]أو [272] بمعنى: أنه يستغرق [32] صفحة تقريباً، ومعنى ذلك أنه يجب عليك أن تستعرض [32] صفحة حتى تحصل على الحديث الذي تريد، ولكن لنفترض أن اسم الصحابي أو التابعي الراوي عن أبي قتادة موجود بين يديك، وهو في الحديث الذي فيه عبد الله بن رباح الأنصاري المدني، فهو الذي روى هذا الحديث عن أبي قتادة.

    إذاً: ليس بلازم في هذه الحالة أن تستعرض مسند أبي قتادة كله، بل استعرض مسند عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة، فإذا فتحت مسند أبي قتادة صفحة [240] سوف تجد أول ما يواجهك في الصفحة التالية، [241]: أنس بن مالك أبو حمزة الأنصاري عن أبي قتادة، فهذا المسند لا يعنيك، يليه رقم [2] إياس بن حرملة الشيباني عن أبي قتادة -أيضاً- هذا المسند لا يعنيك، سوف تجد في الصفحة التالية: رقم [3] مسند جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري عن أبي قتادة، هذا المسند -أيضاً- لا يعنيك، تجد في الصفحة التالية: مسند حرملة بن إياس الشيباني عن أبي قتادة، هذا لا يعنيك، تجد بعده سعد بن مالك أبو سعيد الخدري هذا لا يعنيك، تجد مسند سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي عن أبي قتادة، هذا لا يعنيك، يليه صالح بن أبي مريم أبو الخليل الضبعي عن أبي قتادة هذا لا يعنيك تجد في الصفحة التالية: عبد الله بن رباح الأنصاري المدني فهذا هو المقصود، ويلاحظ أن جميع الأسماء السابقة مرتبة ترتيباً هجائياً، وهذا هو المسند الذي يجب أن نحصل على الحديث فيه.

    فنستعرض الحديث الأول: فنجده حديث: { ليس في النوم تفريط } ليس هو الحديث الذي يعنينا، وهذا برقم [12085] نجد الحديث الذي يليه برقم [12086] حديث: { شرباً } أيضاً ليس هو الحديث الذي نطلبه، نجد الحديث [12087] حديث: {كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فعرس بليل اضجع على يمينه } أيضاً ليس هو الحديث الذي يعنينا، ننتقل إلى الحديث الذي يليه، رقم [12088]: { أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج ليلة فإذا هو بـأبي بكر يصلي يخفض من صوته، قال: ومر بـعمر بن الخطاب }..الحديث، هذا هو الحديث الذي يعنينا، وهو في صفحة [245] برقم [12088] وجدنا الآن الحديث في التحفة، هذه هي الخطوة الأولى، ومن خلالها عرفت كيف يمكن الحصول على الحديث المطلوب، في التحفة نفسها، لكن صاحب التحفة، -كما عرف من طريقته- يذكر لك طرف الحديث، ويذكر لك أسانيده وملتقى الأسانيد، ثم يذكر لك من خرج هذا الحديث، فيقول لك: [د: في الصلاة] يضع المحقق قوسين ويضع بينهما رقم [316] ثم يضع نقطتين ويضع بعد النقطتين رقم [3] ثم يغلق القوس[3:316] عن الحسن بن الصباح عن يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عنه به، ثم يقول: [و] هذا الكلام لا يزال للمزي، فبعد كلمة [و] يعني ورواه، يضع المحقق قوساً آخر، ويضع الرقم نفسه [316] أي رواه أبو داود أيضاً في نفس الباب، رقم [316] ويضع نقتطين، ويضع رقماً آخر رقم [3] وهو نفس الرقم السابق، يعني ورواه أبو داود أيضاً في نفس الباب، في نفس الموضع، لكن بإسناد آخر عن موسى عن حماد عن ثابت البناني عن النبي صلى الله وعليه سلم مرسلاً، يعني ولم يذكر فيه عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة، ثم يقول الحافظ المزي: [ت، فيه] يعني ورواه الترمذي.

    و[فيه] يعني: في كتاب الصلاة، أي في نفس الكتاب الذي رواه فيه أبو داود، ثم يقول: [213: 1] أي في الباب رقم [213] الحديث الأول، عن محمود بن غيلان عن يحي بن إسحاق به، وقال: غريب، إنما أسنده يحي بن إسحاق عن حماد , وأكثر الناس إنما رووا هذا عن ثابت عن ابن رباح مرسلاً، ومعنى قوله: [به] أي بالإسناد، ومعنى قوله: [عنه] أي بحسب الإسناد الموجود في أعلى الرواية، فإذا قال: عن ثابت البناني عنه به، أي عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة به، أي ببقية الإسناد وباللفظ نفسه، الموجود في أصل التحفة.

    البحث في أبي داود

    إذاً: بين يدينا الآن إحالتان أو ثلاث إحالات، أحالنا المزي أولاً: إلى أبي داود في الصلاة، وبيَّن لنا المحقق أن الحديث موجود في الباب رقم [316] في الحديث رقم [3] نبحث في أبي داود فنجد في المجلد الثاني: كتاب الصلاة، وهو الكتاب الثاني في سنن أبي داود، ونجد الباب رقم [316] نجده في صفحة [84] نبحث عن الحديث الذي بين يدينا فنجد أن المحقق بين أنه يحمل رقم [3] من هذا الباب، تبحث في الباب رقم [316] فتجد الحديث رقم [3] هو حديث عائشة رضي الله عنها قالت: { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى أن ينصدع الفجر إحدى عشر ركعة }هكذا، وهذا الحديث -كما هو ظاهر- ليس هو الحديث الذي يعنينا.

    إذاً، كيف لنا أن نصل إلى الحديث الذي نريد إذا لم نستطع الوصول إلى الحديث عن طريق رقم الباب، هنا نجد أن من المناسب جداً أن نستفيد من الكشاف، فنرجع ونبحث في كشاف تحفة الأشرافعن اسم الباب، ما دام أن المحقق بين لنا أن الحديث موجود في الباب رقم [316] من كتاب الصلاة من سنن أبي داود.

    إذاً: قبل أن نرجع إلى سنن أبي داود فنضيع الوقت، ثم نجد أن الحديث الذي نريد ليس في نفس الموضع، نبحث في كشاف تحفة الأشراف، وفي فهرس أبي داود في كتاب الصلاة، حتى نجد الباب رقم [316] في أبواب قيام الليل، وفي صفحة [192] من كشاف تحفة الأشراف، أبواب قيام الليل، هذه أبواب من وضع المحقق نفسه، العنوان: أبواب: قيام الليل، تبدأ [307] حتى نصل إلى [316] حيث نجد باباً بعنوان: باب: [في رفع الصوت بالقراء في صلاة الليل] وهذا الباب من الواضح جداً أنه هو الباب الذي يوجد فيه الحديث الذي نريد؛ لأن الحديث الذي نريده هو في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل.

    إذاً: نأخذ الآن مع رقم الباب: اسم الباب ونكتبه في ورقة الرقم [316] واسم الباب باب: [في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل], وهنا ينتهي دورالكشاف، ونذهب إلى سنن أبي داود ونطالع الفهرس في آخر السنن، فنجد كتاب الصلاة، تفريع أبواب الصلاة، في الفرع صفحة [843] نمشي مع الفهرس حتى نجد باب [316] فنجد أنه يختلف عن اسم الباب الذي بين أيدينا، حيث أن رقم الباب [316] في الفهرس كما هو في صفحة [844] من سنن أبي داود اسم الباب، باب: [في صلاة الليل] وهذا ليس هو اسم الباب الذي أرشدنا إليه الكشاف.

    إذاً: ننتقل قليلاً، نقرأ الأبواب التي بعده، والأبواب التي قبله حتى نحصل على اسم الباب الذي نريد، وهو باب: [رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل] نقرأ عنوان الباب الذي قبله، وهو رقم [315] فنجد باب: [في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل] قطعاً هذا الباب الذي نريد.

    إذاً: من خلال هذا المثال اتضح لنا جلياً أهمية الرجوع إلى الكشاف، وكتابة اسم الباب مع الرقم من الكشاف، ونجد هذا الباب يوجد في صفحة [81] من هذا الجزء وهو الجزء الثاني، نفتح صفحة [81] فنجد رقم [314] باب صلاة الليل مثنى مثنى، ثم نجد بعده بحديث واحد: باب برقم [315] باب: [في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل].

    إذاً: الآن حصلنا على عنوان الباب الذي نريده في سنن أبي داود، فكيف نحصل على الحديث، داخل الباب؟

    نرجع إلى إحالة المحقق، فقد أحالنا إلى الباب رقم [316] ونحن الآن وجدنا أن رقم الباب [315] فالفرق يسير جداً؛ لكن ننظر كم رقم الحديث أيضاً، فنجد أنه أحالنا إلى الحديث رقم [3] في الباب.

    إذاً: الحديث الأول في الباب برقم [1327] لا يعنينا، والحديث الثاني برقم [1328] لا يعنينا، والحديث الثالث برقم [1329] حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: [ح] أي حوله، عن هذا الإسناد إلى إسناد آخر، فهذا هو الإسناد الذي أحالنا إليه المحقق، وأحالنا إليه المزي -أيضا-ً، في الموضع الثاني في التحفة، ثم قال: وحدثنا الحسن بن الصباح حدثنا يحي بن إسحاق أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة، فإذا هو بـأبي بكر رضي الله عنه يصلي يخفض من صوته، قال: ومر بـعمر بن الخطاب وهو يصلي رافعاً صوته... }.

    فهذا هو الحديث الذي نريد، وما على الباحث هنا بعد أن ينقل إحالة المزي بكاملها في ورقة، أن ينقل إحالة أبي داود بكاملها وبدقة أيضاً، فيقول وجدته في أبي داود تحقيق عزت عبيد الدعاس، الجزء الثاني، صفحة [80] كتاب الصلاة، باب [315] في (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) الحديث الثالث، ثم ينقل الحديث بإسناده ومتنه، فإن كان المتن طويلاً فإنه ينقل طرف المتن الذي يدل على بقيته، ويضع ثلاث نقاط بجوار بعضها تدل على أن هناك شيئاً محذوفاً من الحديث، وهكذا استطعنا أن نصل إلى الحديث في سنن أبي داود بواسطة التحفة وعرفنا - أيضاً- كيف نستفيد من الكشاف بهذه الطريقة.

    البحث في جامع الترمذي

    بقي أن نعرف كيف نحصل على بقية الإحالات التي أحالنا إليها المزي وحدد موضع الإحالة المحقق، نرجع مرة أخرى إلى تحفة الأشراف الجزء التاسع، صفحة [246] فنجد أنهما أحالانا إلى الترمذي -أيضاً- فيه، أي في كتاب الصلاة [213]أي أن الحديث نفسه موجود في الترمذي في كتاب الصلاة في باب رقم [213] ثم بعد الرقم هذا نجد نقطتين ورقم واحد [1:213] أي في الباب رقم [213] وفي الحديث الأول منه، كما تعلمنا من الطريقة أو الإحالة أننا لا نكتفي هنا أن نأخذ رقم الباب وهو [213] بل نكتب الرقم [213] ونرجع إلى كشاف تحفة الأشراف من أجل الحصول على اسم الباب نفسه، الذي يحمل رقم [213] حتى نستطيع الوصول إلى الباب ولو اختلف رقم الباب في الطبعة التي نعمل عليها، فنرجع إلى الكشاف ونرجع إلى فهرس جامع الترمذي، أبواب الصلاة، وهي تأتي بعد أبي داود فنجد الباب رقم [213] في صفحة [240] من الكشاف، نفتح صفحة [240] من الكشاف فنجد في العمود الأيسر: صفحة [213] باب: [ما جاء في قراءة الليل] نكتب اسم الباب هنا مع الرقم، الرقم [213] والاسم [باب ما جاء في قراءة الليل] ونذهب إلى سنن الترمذي المطبوع مع الكتب الستة، والمطبوع أيضاً طبعة مستقلة بتحقيق أحمد شاكر فنبحث عن رقم [213] -أولاً- وأقصد هنا من البحث، حتى أبيّن للباحث والقارئ خطورة الاعتماد على الرقم فقط، وضرورة الرجوع إلى الكشاف وأخذ اسم الباب مع الرقم، فنجده في الجزء الثاني من الترمذي، صفحة [79] من أبواب الصلاة، الرقم [213] يقول: [باب ما جاء كيف النهوض من السجود] وهنا يقطع القارئ والباحث بأن هذا الباب لا يعنينا، لأن الحديث الذي معنا لا علاقة له بكيفية النهوض من السجود، بل هو يتعلق بالقراءة في صلاة الليل، وهل تكون سراً أم جهراً، وهي قصة حصلت للرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر.

    إذاً اكتشفنا هنا أن الرقم لا يمكن أن يفيدنا فيسنن الترمذي في هذا الحديث، فنلغي الاعتماد على الرقم في هذه الحالة، ونذهب للبحث عن الحديث بواسطة عنوان الباب الذي كتبناه من كشاف التحفة، وقد اتفقنا أن نكتب هذا العنوان في ورقة: [باب ما جاء في قراءة الليل] فنفتح فهارس الترمذي التي توجد عادة في آخر المجلد، ونستعرض الأبواب بهدوء، فهي مهما طالت لا يمكن أن تأخذ منا إلا عشر دقائق أو قريباً من ذلك أو أقل منه بكثير، نستعرض هذه الأبواب واحداً واحداً حتى نصل إلى الباب الذي كتبنا عنوانه من التحفة، وهو: باب قراءة الليل، فنجده في فهرسسنن الترمذي صفحة [530] ونجد أن رقم الباب [230] بل [330] بل كتب خطأ في الفهرس [230] بدليل أن الذي قبله ثلاثمائة وتسع وعشرين، والذي بعد [331] فهو هنا [330] وأما رقم الصفحة [309].

    1.   

    أسباب اختلاف الترقيم بين المطبوعات

    إذاً: فنفتح صفحة [309] من نفس المجلد فنجد [باب ما جاء في قراءة الليل] ونجد الرقم صحيحاً [330] وهنا نقف لنتساءل: ما سر الاختلاف في الرقم؟ صاحب التحفة أحالنا على باب برقم [213] فنجده برقم [330] هذا لا يعنينا الآن لأن هناك فروقاً كثيرة بين المطبوعات، ولكني أشير إلى أنه من الأسباب: سببان رئيسان في هذا الاختلاف -بالذات-:

    هو أن الذي حقق سنن الترمذي، جعل أبواب الصلاة متسلسلة مع ما قبلها من أبواب الطهارة والوضوء.

    فلا بد في أي باب من أبواب كتاب الصلاة في سنن الترمذي المطبوع، أن يوجد فرق بينه وبين نفس الباب في كشاف التحفة، أي في الترقيم، لا بد أن يوجد بين الباب في سنن الترمذي وبين الباب في كشاف التحفة فرق يبلغ على الأقل رقم [113] بمعنى أن الباب الأول من كتاب الصلاة رقمه في كشاف التحفة واحد، أما رقمه في سنن الترمذي المطبوع بتحقيق شاكر؛ فإن رقمه [113] الباب الثاني لا بد أن يأخذ رقم [114].

    وهكذا يستمر هذا الفرق حتى آخر باب من أبواب كتاب الصلاة، وإن كان مضافاً إلى هذا الفرق الثابت وهو [113] فإننا نجد هناك زيادة على هذا الفرق تقدر بخمسة أبواب، بمعنى أننا إذا عرفنا أن الفرق الأول في سنن الترمذي والباب أول في الكشاف هو [113].

    فإننا نجد الفرق بين آخر باب في سنن الترمذي وبين آخر باب في الكشاف أن الفرق يزداد ليصبح [118] فانظر معي الآن إلى آخر الجزء الثاني في سنن الترمذي، صفحة [516] ثم انظر: باب منه، أي من كتاب الصلاة، أو من جنس الباب الذي قبله، تجد هذا الباب رقمه [434] وأرجو أن نكتب هذا الرقم: [434] وهو آخر أبواب الصلاة، ثم انظر إلى نفس الباب فيكشاف التحفة، وهو موجود في الكشاف صفحة [244] من كشاف التحفة، انظر إلى آخر باب من أبواب الصلاة، أيضاً بعنوان: باب منه، تجد الرقم [316].

    إذاً: آخر باب في الكشاف من كتاب الصلاة يحمل رقم [316] ونفس الباب في سنن الترمذي يحمل [434] فالفرق بين هذين الرقمين يبلغ [118] باباً.

    فنجد هناك سبباً آخر يسبب زيادة الأبواب، وأحياناً نقصها، ألا وهو وجود أبوابسنن الترمذي المطبوع، لم تثبت في التحفة، ولا يعني هذا أن أحاديثها بالضرورة غير موجودة لكن قد يكون الحديث موجوداً ولم يوضع له باب خاص، فقد توجد أبواب في كشاف التحفة لا توجد في سنن الترمذي المطبوع، والعكس صحيح: قد توجد أبواب في سنن الترمذي المطبوع، ولا توجد في التحفة، وأضرب لذلك مثلاً آخر، يوضح وجود أبواب في التحفة كثيرة ليست موجودة في سنن الترمذي المطبوع.

    فعندنا في كتاب المناقب، وهو في الجزء الخامس من سنن الترمذي، لو فتحنا على الجزء الخامس من الترمذي، صفحة [181] في الفهرس، آخر كتاب في سنن الترمذي، كتاب المناقب، لو نظرنا في هذا الكتاب، لوجدنا فهرسه ينتهي برقم الباب [75] [باب في فضل الشام واليمن] وهذا الباب يوجد في صفحة [733] من سنن الترمذي، باب رقمه [75] ونكتب هذا الرقم، ثم ننظر في كتاب المناقب نفسه، في كشاف التحفة، فنجد أن كتاب المناقب في كشاف التحفة، ينتهي بباب في فضل الشام واليمن، ورقم هذا الباب[148].

    إذاً: فعدد أبواب كتاب المناقب في الكشاف [148] باباً، أما عدد هذه الأبواب في الترمذي فهو كما ذكرت [75] باباً، فما السبب في ذلك؟

    السبب واضح بإمكان الباحث الكريم، أن يقارن بكل بساطة ليفهم السبب، السبب هو: أن هناك أبواباً كثيرة جداً في الكشاف لم تثبت في الترمذي المطبوع، وقد لاحظت بالمقارنة أن الأحاديث الموجودة في هذه الأبواب، هي موجودة في الترمذي أيضاً، ولكن دون أن يوضع لها عنوان: باب كذا وكذا، عناوين خاصة وقد يكون جامع الترمذي المخطوط الذي اعتمدوا عليه لم يبوبها، وقد يكون هناك سبب آخر لا ندري عنه شيئاً، الذي يعنينا أن هناك عدداً كبيراً جداً من الأبواب موجود في التحفة وليس موجوداً في سنن الترمذي المطبوع، فقد يسبب هذا للباحث نوعاً من الارتباك إذا لم يكن لديه علم مسبق بهذا، لكن إذا كان لديه علم مسبق، فإن من السهولة بمكان أن يتغلب على هذه المشكلة.

    كيف يتغلب الباحث على الاختلاف الشاسع في التبويب والترقيم

    وقد يقول قائل: كيف أتغلب على هذه المشكلة؟

    فأقول: الأمر سهل وممكن، فأنت حين يحيلك المزي في التحفة، إلى باب من أبواب كتاب المناقب، ثم يعطيك المحقق رقم هذا الباب، وقد يعطيك رقم الحديث داخل الباب، اكتب رقم الباب من كتاب المناقب في ورقة، واكتب رقم الحديث بعده، ثم انتقل إلى كتاب الكشاف وانظر كتاب المناقب، من فهرس سنن الترمذي في الكشاف ما هو اسم الباب الذي أعطاك رقمه؟

    ولنفترض أن المحقق عبد الصمد شرف الدين أعطاك رقم [33] -مثلاً- ارجع إلى الكشاف صفحة [299] سوف تجد أن رقم [33] [باب لو كنت متخذاً خليلاً؛ لاتخذت أبا بكر خليلاً] هذا الباب، لو رجعت إلى سنن الترمذي لما وجدته فيه مبوباً، بل لو اعتمدت على الرقم فقط، دون أن تنقل اسم الباب، ثم ذهبت إلى سنن الترمذي كتاب المناقب، وفتحت الباب رقم [33] وهو في الجزء الخامس صفحة [664] الجزء الخامس صفحة [664] لوجدت الباب رقم [33] باب مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت، وأُبيّ وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، في حين أن الحديث الذي تطلبه أنت، هو في مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

    فهنا نكتشف مرة أخرى ضرورة الاعتماد على اسم الباب مع رقمه، فخذ اسم الباب من الكشاف مع رقمه، فإذا أحالك على الباب رقم[33] ذهبت إلى الكشاف، فوجدت أن الباب رقم [33] [باب لو كنت متخذ خليلاً].

    إذاً هو في باب في مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وبإمكانك أن تعرف من الأبواب التي قبله، ومن الأبواب التي بعده في الكشاف، بإمكانك أن تعرف مظنة وجود الحديث في سنن الترمذي، فتذهب إلى مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، في سنن الترمذي، فتجد بعدما تجد في الفهرس مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، تفتح على صفحة [606] من كتاب المناقب وهو في الجزء الخامس والأخير من سنن الترمذي، في صفحة [606] تجد باب مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فكم يا ترى رقم هذا الباب؟

    ستجده أيضاً أمامك باب رقم [14].

    إذاً: الباب لا يحمل رقم[33] كما هو في كشاف التحفة، بل يحمل رقم [14] وتجد داخله أحاديث منها الحديث الذي تريد والذي بوب عليه في كشاف التحفةبعنوان: [باب لو كنت متخذ خليلاً] في حين أن الباب الذي يحمل رقم [33] في سنن الترمذي، وافتح عليه صفحة [664] في نفس المجلد وهو مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت إلى آخره، هذا الباب مع أن رقمه في سنن الترمذي، [33] تجد رقمه في التحفة بالمقارنة[606].

    وهذا يؤكد لنا أن هناك فرقاً واضحاً بين الكتب الأصلية، وهذا الفرق ليس مطرداً بالضرورة، فقد لا يوجد فرق، ولكن قد يوجد الفرق بين الأبواب في فهارس الكتب الأصلية، وبين الأبواب التي أعطاك رقمها محقق التحفة، وهذا الفرق يرجع كما ذكرنا إلى أحد أمرين:-

    الأمر الأول: أن يختلف ترقيم المحقق، كما ذكرنا ذلك في سنن الترمذي، كتاب الصلاة.

    الأمر الثاني: أن توجد أبواب في كشاف التحفة ليست موجودة في الكتاب الأصلي المطبوع، أو العكس توجد أبواب في الكتاب الأصلي المطبوع سنن الترمذيأو غيره ليست موجودة في التحفة، وأنا مثلت بأمثلة كلها من سنن الترمذي المطبوع، وإنما قصدت بهذه الأمثلة أن أوضح الفرق جلياً، وإلا فهذه الأمثلة التي مثلت لها قد لا توجد بنفس الحجم وبنفس الصورة في بقية الكتب الأخرى، بل قد يوجد في كثير من الأحيان تقارب شديد، أو حتى قد يوجد تطابق بينما في التحفة وبين الكتاب الأصلي، ولكن عملية أخذ اسم الباب من الكشاف لا تكلفك هنا شيئاً كثيراً، ولذلك ينصح بعد أخذ رقم الباب بأخذ اسمه من كشاف التحفة، وأن يدرك الباحث موضوع الحديث، بحيث يستطيع من خلال ذلك كله، أن يعثر على الباب بكل سهولة ويسر -إن شاء الله تعالى-

    وهناك أيضاً تفاوت وتقديم وتأخير -أحياناً- في الأبواب، لكنه ليس بنفس الحجم الموجود فيما ذكرنا من تفاوت الأبواب وزيادتها ونقصانها.

    1.   

    عودة إلى التخريج من الترمذي

    نعود بعد هذا الاستطراد إلى الحديث الأصلي الذي كنا بصدد تخريجه من مصادره الأصلية، طبعاً وصلنا في سنن الترمذي إلى الباب الذي نريد، وهو في الجزء الثاني صفحة [309] فنفتح الجزء الثاني، صفحة [309] نجد اسم الباب الذي نريد -أيضاً- وهو [باب ما جاء في قراءة الليل]وهذا الباب بهذا العنوان هو نفس العنوان الموجود في كشاف التحفة، أي اختلف الرقم، لكن عنوان الباب لم يختلف، ثم نرجع إلى رقم الحديث الذي أحالنا إليه محقق التحفة، فنجده الحديث الأول، ورقم هذا الحديث في سنن الترمذي [447].

    يقول الإمام الترمذي: {حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا يحي بن إسحاق، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأبي بكر: مررت بك وأنت تقرأ، وأنت تخفض من صوتك، فقال: إني أسمعت من ناجيت، قال: أرفع قليلاً، وقال لـعمر: مررت بك وأنت تقرأ، وأنت ترفع صوتك، قال: إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان، قال: اخفض قليلاً}.

    قال: وفي الباب عن عائشة وأم هانئ وأنس وأم سلمة وابن عباس، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب ,وإنما أسنده يحي بن إسحاق عن حماد بن سلمة وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلاً، انتهي كلام الترمذي، وهو ما نجد أن الحافظ المزي رحمه الله قد نقله بنصه في كتاب التحفة، هذا هو الحديث الذي نريد وبذلك نكون خرجنا هذا الحديث من المصدرين الذين أحالنا إليهما المزي، وحدد الإحالة محقق التحفة، عبد الصمد شرف الدين، حيث وجدناه أولاً: في سنن أبي داود، ثم وجدناه ثانياً في سنن الترمذي.

    ولو فرض أن الحديث نسب -مثلاً- إلى سنن النسائي ، أو ابن ماجة، أو غيرهما، لاستطعنا الوصول إلى موضعه في هذه الكتب، بنفس الطريقة التي استطعنا الوصول بها إلى الحديث في سنن أبي داود، ثم في سنن الترمذي هذه هي الطريقة التي يمكن أن يسلكها الباحث.

    1.   

    تلخيص طريقة التخريج

    ويمكن في نهاية تخريج هذا الحديث [الأنموذج] أن ألخص الطريقة في كلمات يسيرة: فعندما يطلب منك تخريج حديث بواسطة التحفة، لا بد أن تكون عالماً باسم صحابي الحديث، وإن علمت باسم راوي الحديث عن هذا الصحابي، فهذا أيسر لمهمتك، فإذا عرفت اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث، فابحث عن اسمه في التحفة، وأسماء الصحابة موجودة على ظهر كل مجلد، يوجد -مثلاً- في المجلد التاسع، في ظهر المجلد التاسع اسم [ناجية] أبو هريرة، في كعب المجلد، ومعنى هذا أن المجلد التاسع يبدأ -وأرجو أن ننتبه لهذه النقطة المهمة- باسم [ناجية] وينتهي بـأبي هريرة، لكن هل معنى ذلك أن المجلد لا يوجد فيه إلا اسم [ناجية] واسم أبي هريرة فقط؟

    الجواب: لا. بل يوجد فيه جميع الأسماء التي بعد [ناجية] والأسماء التي قبل أبي هريرة -يعني من الكنى-.

    فمثلاً: نجد فيه وائل بن حجر لأن وائل بعد [ناجية] ويوجد فيه وهب بن عبد الله، لأن وهب بعد [ناجية] ويوجد فيه يعلى بن أمية وأبو أمامة الأنصاري، لأن أبا أمامة في الكنى قبل أبي هريرة لأن الهمزة قبل الهاء، وهكذا...

    فالأسماء التي توجد في كعب المجلد ليس معناها أنه لا يوجد في المجلد غيرها، بل معناه أنه يضع لك في ظهر المجلد، أول اسم وآخر اسم، وأنت بإمكانك بسهولة من خلال حفظك لحروف الهجاء وترتيبها وتسلسلها، أن تعرف الاسم الذي معك، هل هو في هذا المجلد أم لا.

    فمثلاً: إذا كان [ناجية] فهو في المجلد التاسع، وإذا كان أبو هريرة قد يكون في المجلد التاسع وقد يكون فيما بعده لأن أبا هريرة يستغرق المجلد التاسع وما بعده، ولا يقتصر على المجلد التاسع، لو فرض أنه وائل بن حجر -مثلاً- بحثت في جميع المجلدات لا تجد في الكعب اسم وائل بن حجر، لكن انظر حرف الواو، الذي يبدأ فيه اسم الصحابي وائل بن حجر، فهذا الحرف يأتي بعد النون.

    ومادام أن [ناجية] في المجلد التاسع وبعده في نفس المجلد تنتهي الحروف وتبدأ الكنى؛ لا بد أن يكون وائل بن حجر في المجلد التاسع وأيضاًأبو موسى مثلاً، في الكنى لا بد أن يكون قبل أبي هريرة لأن الميم قبل الهاء، إذاً أبو موسى تجده -أيضاً- في المجلد التاسع قبل أبي هريرة، وقد لا يعطيك مسند أبي موسى بكامله في المجلد التاسع، لكنك سوف تجد إما المسند نفسه أو ما يدلك عليه، فـأبو موسى الأشعري ارجع -مثلاً- إليه في المجلد التاسع، وابحث عن حرف الميم مع كلمة أبو: أبو سلامة -مثلاً- أبو شريح، أبو قتادة، لا زلنا لم نصل حرف الميم، أبو لبابة، أيضاً لم نصل حرف الميم، أبو المعلى نجد صفحة [290] وأرجو أن نفتح هذه الصفحة، في المجلد التاسع من التحفة، صفحة [290] نجد: ومن مسند أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس، ورقم هذا المسند رقم [315] يقول لك تقدم في حرف العين لأن اسمه عبد الله بن قيس، إذاً تجد اسمه في حرف العين، في مسند عبد الله بن قيس، ثم ذكر لك: موضع الإحالة، قال: تقدم في حرف العين[ح] أي: حديث [8978] إلى [9153] وبإمكانك بسهولة أن تحصل على رقم هذا الحديث: [8978] من خلال التسلسل؛ لأننا عرفنا أن أرقام الأحاديث في التحفة، كلها مسلسلة.

    فعندما يكون معك اسم الصحابي راوي الحديث، تبحث بهذه الطريقة حتى تصل إلى الموضع الذي يوجد فيه مسند هذا الصحابي، فإن لم يكن معك إلا اسم الصحابي فقط، فمعنى ذلك أنك مضطر إلى أن تراجع جميع الأحاديث الموجودة في هذا المسند حديثاً حديثاً، حتى تصل إلى الحديث الذي تريد، وإن كان معك اسم الراوي عن الصحابي، فإن دائرة البحث تكون أضيق، فإن كان اسم الراوي عن الراوي عن الصحابي موجود أيضاً، فإن الدائرة تضيق، وهكذا، وكل هذا مرتب على حسب حروف الهجاء، أ، ب، ت، ث... فإذا بحثت بهذه الطريقة، وجدت الموضع الذي ذكره فيه المزي، وذكر لك طرف الحديث، وقد يختلف الطرف الموجود -أحياناً- عن الطرف الذي معك فأنت بمعلوماتك عن هذا الحديث قد تجد من الميسور أن تعرف أن هذا هو الحديث الذي تريد وإن كان ذكر طرفاً ليس معك -أحياناً-.

    وفي الغالب أنك تجد نفس الطرف المطلوب منك تخريجه بنفسه موجوداً في التحفة، فانقل الإحالة هاهنا إذا كانت قصيرة أو متوسطة، فإذا كانت الإحالة طويلة فانقل ما يهمك منها، وبإمكانك أن تحتفظ بموضعها لحين الحاجة إليه، ثم بعدما تنقل الإحالات الموجودة في التحفة، مع الأرقام التي أعطاكها محقق التحفة، تبدأ بعد ذلك بالتخريج التفصيلي، بمعنى تطبيق هذه الإحالات على مواضعها من الكتب الأصول، فهو أحالك -مثلاً- إلى البخاري أو مسلم، كتاب كذا اسم الباب كذا، باب كذا رقم الحديث -أحياناً- كذا، فتبدأ هنا بالبحث في الكتب الأصلية (الكتب الستة) للحصول على موضع الحديث في الكتب الأصول، وكلما بحثت بالطريقة التي أشرنا إليها سابقاً وطبقناها على حديث واحد وصلت إلى موضع الحديث في البخاري، تذكر هذه الإحالة بمنتهى الدقة، فتشير إلى اسم الكتاب، ورقم المجلد، ورقم الجزء ورقم الصفحة، ورقم الكتاب، ورقم الحديث، وتشير إلى طرف متن الحديث.

    وقد يقول قائل: ما دام أننا قلنا وقررنا أن أرقام الكتب وأرقام الأبواب، تختلف من طبعة إلى أخرى، فما هي الفائدة من الإحالة؟

    فأقول: يجب -مع هذه الإحالات كلها- أن تشير إلى الطبعة التي اعتمدت عليها، والسر في ذلك من أجل أن يسهل على من أراد أن يتتبع عملك ويعرف مدى دقتك في هذا العمل، أن يسهل عليه متابعتك ومعرفة مدى الدقة، أو عدم الدقة في هذا العمل، هكذا تحصل على التخريج الكامل لهذه الأحاديث، والحقيقة أنه مهما قلنا، فإنه لا بد من المراس العملي، الذي يعطي الطالب فوائد عملية لا يمكن أن تعطى له من خلال الكلام النظري، فمن واجب الباحث والطالب الذي يريد أن يتخرج -فعلاً- في فن التخريج، من الواجب عليه، أن يقوم بتخريج عدد من الأحاديث، وإذا واجه مشكلات يحاول أن يحلها، وإذا فشل اعتمد على غيره، وسأل من هو أدرى منه في هذا الفن، حتى يكشف له عن موضعها، ويبين له سبب عجزه عن التخريج، وهكذا حتى يكتسب الطالب مراساً وخبرةً في هذا الفن، وقدرة على الاستفادة من كتاب تحفة الأشراف، هذا هو أكثر ما يمكن أن أقوله فيما يتعلق بطريقة تخريج الحديث بواسطة: تحفة الأشراف، وعن طريق معرفة صحابي الحديث، ثم من روى عن هذا الصحابي.

    وهناك بطبيعة الحال طرق أخرى، ذكرت في مقدمة هذا الشريط، أنني سوف أتعرض لطريقة واحدة منها فقط، وهي طريقة التخريج بواسطة المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، ونظراً لضيق هذا الشريط فإنني سوف أسجل ما يتعلق بالتخريج عن طريق المعجم المفهرس في شريط آخر -إن شاء الله-.

    1.   

    أحاديث يطلب من الباحث تخريجها مع فوائد نفيسة

    ونستغل ما بقي من هذا الشريط في إشارات سريعة لبعض الأحاديث التي ينبغي للطالب تخريجها، وبعض الإرشادات المتعلقة بها، كطريقة عملية للاستفادة من تحفة الأشراف.

    بين يدينا -الآن- عدد من الأحاديث، نفترض أن الطالب أو الباحث يريد أن يخرج بعضاً منها أو كلها فكيف له أن يخرج هذه الأحاديث؟

    أعرض هذه الأحاديث، ثم أبين طريقة تخريج كل حديث منها باختصار، مع أننا ذكرنا ما يتعلق بالطريقة من حيث الإجمال إنما سوف أذكر بعض المشكلات التي تتعلق بالحصول على الحديث في موضعه من التحفة، فعندنا -مثلاً- عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، ثم ذكر الحديث إلى قوله: {الإيمان بضع وسبعون، أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق } رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الحديث الآن في مسند أبي هريرة، وأرجو أن نكتب هذا الحديث مرة أخرى عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: { الإيمان بضع وسبعون، أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق } والحديث كما هو واضح هو في مسند أبي هريرة، ولكننا نجد أن مسند أبي هريرة هو في الكنى في المجلد التاسع، ويأخذ المجلد العاشر بكامله، وجزءاً من المجلد الحادي عشر، فإن لي أن أبحث عن هذا الحديث في حوالي مجلدين هنا نجد أن الإشكال حل عن طريق، وجود التابعي الراوي عن أبي هريرة، وهو أبو صالح السمان، فابحث في مسند أبي هريرة، في مرويات أبي صالح السمان، تقول: وكيف أبحث عن مسند أبي صالح؟

    فأقول: انظر في أول المجلد، وليكن المجلد التاسع الذي فيه أبو هريرة رضي الله عنه، تجد أن المحقق جزاه الله خيراً من ضمن الأعمال الجليلة التي قام بها أنه وضع مسرداً لأسماء التابعين الرواة عن أبي هريرة، مرتبة أسماؤهم على حروف المعجم.

    فتجد في أول كل مجلد: اسم الصحابي الذي يوجد مسنده في هذا المجلد، ثم أسماء الرواة من التابعين عنه، مرتبة على حروف المعجم، وميز اسم التابعي بأن وضع قبالته: نجمة واحدة صغيرة، فإن وجد تابعي التابعين، رووا عن التابعين، وضع أسماءهم -أيضاً- في مواضعها مميزة بنجمتين صغيرتين، ثم أتبعهم بثلاث نجمات صغيرة، وهكذا... فانظر في من بين يديك، الراوي عن أبي هريرة بطبيعة الحال لا بد أن يكون إما صحابي أو تابعي، هنا لا يعنيه إن كان صحابياً أو تابعياً، فهو يضع قبالته نجمة واحدة صغيرة، يعني أنه روى عن أبي هريرة مباشرة، فانظر فيمن قبالتهم نجمة صغيرة، حتى تصل إلى اسم أبي صالح، وابحث في مسنده حتى تصل إلى هذا الحديث، ثم انظر إلى الإحالات التي أحالك إليها، وخرج هذا الحديث.

    انتقل بعد ذلك إلى حديث آخر: عندنا حديث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { أيما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً، فإن كان كافراً؛ وإلا كان هو الكافر } هذا الحديث في مسند ابن عمر، ومسند ابن عمر تجده في المجلد الخامس أو السادس، فإذا نظرت إلى الراوي عن ابن عمر وجدته نافعاً، فالغالب أن يكون في المجلد السادس؛ لأن حرف النون من آخر الحروف، وعليك الانشغال بباقي تخريج هذا الحديث.

    وكذلك عندنا حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها: {أن النبي صلى الله عليه وسلم، أخر طواف الزيارة إلى الليل} عن عائشة رضي الله عنها وهنا نشير إلى أن مسانيد النساء موجودة في آخر مجلدات التحفة، مرتبة أيضاً على حروف المعجم.

    وعندنا -أيضاً- حديث عن عمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: { خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } فهذا الحديث نجده في مسندعمران بن حصين في المجلد الثامن من التحفة، ولتسهيل البحث عن هذا الحديث في مسند عمران، مع أن مسند p=1000225عمران بن حصين

    ليس بالطويل جداً.

    أقول: لتسهيل الحديث أذكر أن الراوي عن عمران بن حصين هو زرارة بن أوفى.

    وعندنا -أيضاً- حديث عن رجل من بني سليم، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال -فذكر حديثاً طويلاً إلى قوله-:{والصوم نصف الصبر} فهنا نجد مشكلة ما، وأظن أن هذه المشكلة واضحة من خلال الحديث، وهي أن الصحابي الذي روى هذا الحديث لم يسم، لم يقال: عن فلان عن أبي هريرة -مثلاً- أو عن أبي سعيد، أو عمر بن الخطاب وإنما قيل: عن رجل من بني سليم، فإين نجد هذا الرجل من بني سليم؟

    هاهنا سؤال، وهو إشكال -فعلاً- لمن لم يجرب التخريج في التحفة، فأقول: الجواب على ذلك: أن الحفاظ المزي رحمه الله -بعدما أنهى مسانيد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم- بما فيها الكنى، وقبل أن يدخل في مسانيد الصحابيات؛ وضع باباً للمبهمات، فما هو المقصود بالمبهمات؟

    المقصود بالمبهمات، هي: الأحاديث التي لم يذكر اسم صحابيها، ولا نعرف على وجه التحديد اسمه، مثل: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن رجل من بني فلان، عن جدة فلان، عن عمة فلان، وهكذا.

    وهذا الفصل في التحفة يبدأ في المجلد الحادي عشر -وهنا أرجو المتابعة معي- صفحة [123] قال: فصل ومن مسند جماعة من الصحابة، روي عنهم فلم يسموا رتبنا أحاديثهم على ترتيب أسماء الرواة عنهم.

    فلو طلب منا تخريج حديث عن رجل من بني سليم لم نستطع أن نستفيد من التحفة، إلا أن يعطى لنا اسم الراوي عن هذا الرجل من بني سليم، فأقول: إن الراوي عن هذا الرجل من بني سليم، هو: جريّ بن كليب النهدي، كما نجد هذه الرواية، في سنن الترمذي، في المجلد الخامس، صفحة [536] باب: في كتاب الدعوات باب رقم [87] قال في الحديث رقم [3519]: حدثنا هناد، حدثنا أبي الأحوص، عن أبي إسحاق قال في المطبوعة، عن جرير النهدي عن رجل من بني سليم، ولا شك أن هذا تحريف فاسمه جريّ النهدي كما نجد ذلك صحيحاً في تحفة الأشراف المجلد الحادي عشر، جريّ بن كليب النهدي رقم المسند [685] صفحة [132] قال: جري بن كليب النهدي عن رجل من بني سليم، ثم ذكر له حديثين: الحديث الأول في [132] رقم [15539] والحديث الآخر في صفحة [133] رقم [15541] وفيه، قال طرف الحديث: {عدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في يدي أو في يده التسبيح نصف الميزان...} ثم وضع ثلاث نقط، علامة وجود بقية المتن المحذوف، ثم قال: الحديث، أي: إلى آخر الحديث، ثم قال: [ت، في الدعوات] أي: رواه الترمذي في الدعوات [92: 1] يعني: في الباب رقم [92] الحديث الأول، ويظهر من هنا وجود فارق بين رقم الباب الذي في التحفة، وبين رقم الباب الحقيقي في سنن الترمذي، حيث يكون الرقم [87] الفرق سبعة أبواب، وهو فرق يسير يمكن تلافيه، ثم قال: عن هناد أبي الأحوص

    عن أبي إسحاق عن جريّ النهدي به، وقال: حسن، إلى آخر ما قال، وهنا يتضح -أيضاً- من خلال هذا الأنموذج ما سبق أن أشرت إليه إشارة عابرة من أنه قد يوجد -أحياناً- نوع اختلاف بين الطرف الذي تبحث عنه وبين الطرف الموجود، فالطرف المعطى لك في الأصل هو: {الصوم نصف الصبر} والطرف الذي تجده في التحفة {عدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في يدي أو في يده، التسبيح نصف الميزان... } ثم وضع نقط للمحذوف ومن المحذوف قولنا- نقلنا في الحديث-: {الصوم نصف الصبر} لكن من خلال الثروة الحديثية أو -أحياناً- يكون من خلال الحدس يكتشف الإنسان علاقة الطرف الذي بين يديه بهذا الطرف الموجود، خاصة أنه ليس هناك في مسند جري بن كليب النهدي إلا هذا الحديث، أو حديث آخر ليس له علاقة بهذا الطرف الذي هو بين أيدينا.

    عندنا من الأحاديث التطبيقية -أيضاً- حديثان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأبو سعيد هنا لا بد من البحث عنه في قسم الكنى، لكن سنجد أن الحافظ المزي في الكنى أحالنا إلى موضع مسند أبي سعيد في الأسماء، حيث أن اسم أبي سعيد هو سعد بن مالك بن سنان الخدري.

    فإذاً هو في المجلد الثالث.

    عندنا عن أبي سعيد حديثان: الحديث الأول عن أبي صالح، عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا تسبوا أصحابي...}الحديث، فهذا الطرف عندنا، أو هذا الحديث رواه عن أبي سعيد أبو صالح، إذاً دائرة البحث لا بد أن تحصر في مسند أبي صالح عن أبي سعيد.

    وعندنا حديث آخر عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: { تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين } فلو نظرنا في مسند أبي صالح، وفي مسند أبي نضرة كليهما عن أبي سعيد؛ لوجدنا أبا صالح يجب أن يأتي- أولاً- قبل أبي نضرة لأن حرف الصاد قبل حرف النون، وهذا يسهل الحصول على هذه الأحاديث في موضعها من التحفة.

    وأخيراً عندنا حديثان: الحديث الأول: عن يحي بن يعمر قال: { أول من تكلم في القدر في البصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن، فوُفِق لنا عبد الله بن عمر فقال:... إلى قوله: حدثني عمر بن الخطاب قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر،... } الحديث، فهذا الحديث عن يحي بن يعمر وهو من التابعين، قال: وفق لنا عبد الله بن عمر، إلى أن قال عبد الله بن عمر حدثني عمر بن الخطاب، فيا ترى هل هذا الحديث في مسند عمر، أم في مسند عبد الله بن عمر؟ الصواب أنه في مسند عمر بن الخطاب من رواية عبد الله بن عمر عن عمر، أي في مسند عمر سوف تجد جزءاً خاصاً برواية عبد الله بن عمر عن أبيه، فتجد هذا الحديث ضمن رواية عبد الله بن عمر عن عمر ولكنه من حيث الجملة في مسند عمر بن الخطاب.

    وعندنا حديث آخر: عن أبي أمامة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ من لبس ثوباً جديداً، فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي... }الحديث، فهذا الحديث في مسند عمر عن أبي أمامة، ومسند عمر هو في المجلد الثامن من التحفة.

    أرجو أن يقوم الطالب أو الباحث بتخريج بعض أو كل هذه الأحاديث، فإن قيامه بتخريجها سيفيده -ولا شك- فائدة عظيمة، في طريق الاستفادة من التحفة، والاستعانة بها في تخريج الأحاديث من الكتب الأصول، وأرجو أن يكون لدينا من قوة الهمة، على الأقل ما يجعل تخريج هذا القدر من الأحاديث أمراً سهلاً ميسوراً، فإن الطالب كلما اشتغل بتخريج الأحاديث، وفر على نفسه الوقت حتى يصبح التخريج عنده أمراً عادياً، لا يتطلب إلا جزءاً قليلاً من الوقت ولا يواجه فيه أي صعوبة، هذا وسوف أسجل ما يتعلق بـالمعجم المفهرس كما وعدت في شريط آخر.

    وأسال الله التوفيق، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأحمده سبحانه تعالى، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755763935