أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وها نحن مع [ المادة التاسعة: في الهدنة والمعاهدة والصلح ] فنحن ما زلنا في كتاب الجهاد، وها نحن في آخره [ أولاً: الهدنة: يجوز عقد الهدنة مع المحاربين ] الكافرين [ إذا كان في ذلك تحقيق مصلحة محققة للمسلمين ] فيجوز عقد الهدنة مع المحاربين بشرط: إذا كان في ذلك تحقيق مصلحة محققة للمسلمين، والدليل: [ فقد هادن النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه كثيراً من المحاربين، ومن ذلك مهادنته ليهود المدينة عند نزوله بها، حتى نقضوها وغدروا به صلى الله عليه وسلم، فقاتلهم وأجلاهم عنها ] واليهود: بنو قريظة، وبنو النضير، وبنو قينقاع.
[ تنبيه: يشارك الجيش سراياه في الغنيمة، وإذا أرسل الإمام سرية من الجيش فغنمت شيئاً فإنه يقسم على سائر أفراد الجيش، ولا تختص به السرية وحدها ] فلو أن سرية بعثها القائد فغنمت فإن هذا المال يقسم على الجيش، ولو أن السرية ما شهدت هذا وإنما ذهبت فيقسم لها أيضاً معهم.
[ وحكمه: أن الإمام يتصرف فيه بالمصلحة الخاصة والعامة للمسلمين كالخمس من الغنائم ] فيصرف لأهل البيت والفقراء والمساكين واليتامى وغيرهم؛ لأن هذا فيء أفاء الله به على الرسول والمؤمنين؛ لأننا ما قاتلنا المشركين حتى ظفرنا بهذا وحصلنا عليه [ قال تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ [الحشر:7] ] فالمال يتداول بين الأغنياء ولا يعطى المؤمنون إلا إذا غنموا، وأما إذا استسلمت دولة وقدمت أموالها أو هربت وتركتها فهذا لإمام المسلمين يقسمه كما قسمه الله تعالى. هذا هو الفيء. فبنو النضير هربوا وتركوا أموالهم، وما قاتلهم الرسول، فعاد هذا الفيء إلى رسول الله وقسمه، ولم يعط للمجاهدين منه، كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ [الحشر:7]، أي: متداولاً بين الأغنياء دائماً وأبداً.
تنبيه: لو صالح الإمام العدو على خراج معين من أرضهم ] مصالحة [ ثم أسلم أهل تلك الأرض ] التي صالحوا عليها [ فإن الخراج يسقط عنهم لمجرد إسلامهم، بخلاف ما ] لو [ فتح عنوة ] أي: بالقوة [ فإنه وإن أسلم أهله فيما بعد يستمر مضروباً على تلك الأرض ] فيدفعون الجزية أو ذلك الخراج.
الجواب: تقدم لنا أن الفيء هو أموال يتركها المشركون ويهربون، فهذا الفيء لإمام المسلمين، ينفقه في المصالح العامة، ولا يعطى المجاهدون منه شيئاً، كما حصل في فيء بني النضير، إذ حاصرهم الرسول وانهزموا وما قاتلوا، قال تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى [الحشر:7]. فبين تعالى هذا الفيء، فهو بمعنى الرجوع، فـ(فاء) أي: رجع، والنفل الزيادة، أي: الزيادة على الواجب، وقلنا: إن النفل إذا كان هناك جهاد وأرسل الرسول بعض الأفراد في المعركة وجاءوا يعطيهم زيادة ربع ما لهم من أجر، وإن كانوا عادوا بعد رجوعهم يعطيهم الثلث، فهذا يسمى النفل، وهو زيادة عن الفرض، فيعطيه سهمه ويعطيه ربع السهم أو ثلث السهم زيادة. هذا النفل.
والنفل نبات معروف، والنافلة معروفة، وهي الزائدة من الصلوات والصيام، فكل ما زاد على الواجب فهو نفل.
الجواب: لو كان موجوداً بين أيدينا وهو في مكة لقلنا له: أعد، لكن ما دام قد أتم حجه وعمرته فلا شيء عليه؛ لأن الرسول أذن لمن قدم وأخر، وقال: لا شيء عليه. وأما أن يتعمد فلا يجوز، لكن جهلاً أو نسياناً لا بأس.
الجواب: العقيقة ليست واجبة، ولكنها سنة مؤكدة على المستطيع، فمن استطاع يذبح عن الذكر - أي: الولد- شاتين إن قدر على ذلك، ويذبح عن الأنثى شاة واحدة، فإن عجز فلا شيء عليه، وقد يؤخر إلى اليوم الرابع عشر، أو إلى اليوم الحادي والعشرين، أو إلى أن يستطيع ولا شيء عليه، وبعض الإخوان يريد أن يعق بعد عشر سنوات، ولا داعٍ لهذا، فلها وقتها وقد انتهى، وأجرك على الله.
الجواب: هذا ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة، نعم يقرأ عليه القرآن ويمسح على يديه إذا كان مريضاً، ولا بأس بهذا، أو يقرأ في ماء ويعطيه ليشربه أو يتبلل به لا بأس، أما أن يكتب كتابة ويمحوها فما ورد هذا، وقد يتأذى من ذلك الذي محاه وشربه.
الجواب: كثير من إخواننا إذا قال المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله، مسح عينيه وفمه بأصبعه وقال كلمات ذكرها السيوطي ، وهي من الموضوعات، وهي: مرحباً بحبيبي وقرة عيني، والإجماع على أن هذا باطل لم يصح عن أحد، وإنما فقط قل: أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً، فهذه ورد فيها من الفضل شيء كبير، فعندما يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، فقل: أشهد أن لا إله إلا الله، وعندما يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، فقل: صلى الله عليه وسلم، ثم قل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً، ولا تمسح عينيك ولا فمك بهذا، وإنما فقط قل هذا اللفظ.
الجواب: لا تخافوا، إنه البلد الأمين، وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ [التين:3]. وصلاة الخوف تختلف باختلاف الخوف، فإذا كنا جيشاً والعدو جيشاً وقطعاً نحن في سفر فيصلي الإمام ركعة ويبقى في مكانه، ويتم المصلون ركعة ويسلمون، ثم يأتي الجيش الثاني ويحل محل الأول، فيصلون ركعة مع الإمام، ثم يتمون ركعة ويسلمون بعدما يسلم الإمام، وإذا كان الخوف أشد ولا يمكن تقسيم الجيش فنصلي ونحن مشاة أو راكبين كما استطعنا.
الجواب: الذي أراه أن هذا من الجائز، على شرط أن تبقى لحيته تدل على رجولته وفحولته، فقد كان ابن عمر يعمل هكذا ويقص ما زاد عن يده، رضي الله عنه. فالمحرم هو حلق اللحية بالإجماع، والأخذ منها إذا كان شيئاً قليلاً لا يضر، ولا بأس به أبداً، وإذا بقي شيء قليل فإنه يخرج من ورطة ذلك اللعن ويفوته أجر كبير، ولكنه يخرج من لعنة تشبه الرجال بالنساء، فإذا أبقى من شاربه أو لحيته شيئاً يدل على رجولته وأنه رجل فإنه يخرج من اللعنة، ولكن الأجر يفوته.
الجواب: المفروض أن تقدمه للجنة الخاصة في الحرم، وصاحبه عندما يضيع ماله ويسأل عنه يقولون له: اذهب إلى اللجنة الفلانية، فإن وجد ماله أخذه، وكونك تتصرف هكذا ما ينبغي؛ لأن المال اللقطة يبقى عند الإنسان سنة كاملة يعلن عنه، وكل يوم جمعة يعلن عند باب المسجد، ولكن ما دمت قد فعلت ذلك فعفا الله عنك، ولا تعد مرة ثانية.
الجواب: إذا كانت هذه الأناشيد بين الرجال فقط فلا بأس، أما أن تسمعها النساء من الرجال فلا يجوز، فإن كانت هذه الأناشيد بين النساء ولا يسمعها الرجال فلا بأس أيضاً، وأما أن تسمع المرأة صوت الرجل والرجل صوت المرأة فهذا لا ينبغي، على شرط أن تكون الأناشيد ليس فيها شركيات، وإنما كلام طيب وصالح ونظيف، فلا بأس به، فمدح الرسول حسن إذا لم يكن فيه غلو يؤله فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الطرد معروف بكلمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، كررها مرة .. مرتين .. ثلاثاً، فإنه يذهب عندك وأنت في صلاتك.
الجواب: هذا يعود إلى الزوج، فإن شاء طلقها، وإن شاء ألزمها بما يجب عليها، وهو أن تأتي إلى فراشه، ولا تبقى ستة أشهر ولا ستة أعوام، وإن شاء أن يتركها هكذا مهملة يتركها، ولكن هذا لا خير فيه لها ولا له، بل إما أن تستقيم وإما أن تطلق ويستريح منها، ولا تبقى هكذا محبوسة ست سنوات.
الجواب: الاحتفال بالمولد النبوي بدعة، ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سنها، ولا علم المسلمين بها، ولا أمرهم بها، ولا كانت موجودة على عهده ولا على عهد أصحابه ولا على عهد أولادهم وأحفادهم، وما عرف المولد وبدعته إلا في القرن الرابع بعد أربعمائة وخمسة وعشرين سنة، فقد أخذوه عن النصارى والعياذ بالله.
الجواب: كنا نقول: اجعل في جيبك قطع الحلوى، ولما يخطر ببالك التدخين خذ قطعة حلوى وامتصها عشر دقائق .. ربع ساعة حتى تنساه، فإن لم ينفع هذا فامنع يديك من جيبك، ولا تدخلها في جيبك، ولا تدخل الدخان في جيبك، بل امتنع من شرائه، أو ارحل من هذه القرية التي فيها التدخين ولازم الصالحين والمسجد، أو اعتكف عشرة أيام أو عشرين يوماً ليل نهار في المسجد ولا تدخن حتى تنسى وتبرأ من هذه الفتنة، وهناك سائل كثيرة تستعملها لتنجو من هذه المحنة.
الجواب: تكبيرة الإحرام فقط، ولا يوجد تكبيرة ثانية، فيقول: الله أكبر وينوي الإحرام والدخول في الصلاة، ولا يوجد تكبيرة ثانية، وإنما التكبيرة الثانية إذا وجدت الإمام راكعاً قبل أن يرفع، فتكبر تكبيرة الإحرام الله أكبر ثم تكبر الله أكبر وتهوي راكعاً، أما إذا كان الإمام رافعاً فليس إلا تكبيرة الإحرام فقط، ولا يوجد تكبيرة ثانية. وأما التكبيرتان فإذا وجدت الإمام راكعاً، فقف معتدلاً وقل: الله أكبر، فهذه تكبيرة الإحرام، ثم قل: الله أكبر واهوي راكعاً. والعوام مع الأسف وأنتم تشاهدونهم يأتون والإمام راكع فلا يعتدلون ولا يستقيمون وإنما يكبرون الله أكبر، وهذا لا يصح وصلاتهم باطلة، بل لا بد وأن يقفوا معتدلين مستقيمين مستقبلي القبلة ثم يكبرون الله أكبر، ثم يركعون ويقولون: الله أكبر، وأما أن يأتوا راكعين من بعيد فهذا لا ينبغي، وهذا يعمله الجهال في كثير من البلاد. فتكبيرة الإحرام لا تكون إلا وأنت مستقيماً معتدلاً.
وصلى الله على نبينا محمد وآله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر