أيها الإخوة! قضايانا المهمة على ضوء القرآن والسنة، قضايانا المهمة التي تحتاجها الأمة كثيرة جداً، الفرد المسلم لبنة في بناء هذا المجتمع، تجب عليه واجبات عظيمة، وعليه القيام بمسئوليات جسيمة تجاه نفسه وتجاه مجتمعه وتجاه إخوانه المسلمين وتجاه أمته الإسلامية جميعاً.
الفرد لا يعيش لنفسه، وإنما يعيش ليحمل دعوة، ويحمل هماً ويحمل رسالة وواجباً عظيماً، خلقه الله عز وجل من أجل تحقيقه، وأوجده في هذه الدنيا لكي يقوم به قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25].
أيها المسلمون! أيها الإخوة في الله! إن هناك عدداً من القضايا المهمة التي يجب على كل مسلم أن يقوم بها، وأن يحملها، وأن يستشعر عظمتها، وقيامه بالواجب تجاهها.
قضية العقيدة والتوحيد
تحقيق العقيدة الصحيحة بالشروط الشرعية
ومن القضايا التي ينبغي أن تقوم بها الأمة وأن تعتني بها الأمة: أن تحقق هذه العقيدة الصحيحة وهذه العبادة بشروطها الشرعية، التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم، ودلت عليها نصوص القرآن والسنة، من شرط الإخلاص لله والتوجه له سبحانه، والحذر من الرياء والسمعة، وضروب الشرك بالله عز وجل، وأن تكون الأعمال على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، مقتفىً فيها آثاره وهديه عليه الصلاة والسلام وهو القائل: {
من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد } والقائل عنه سبحانه وتعالى:
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]
الإقبال على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
قضية العمل الصالح
قضية الأخلاق والسلوك
قضية الدعوة إلى الله
أيها الإخوة في الله! ومن القضايا المهمة التي ينبغي أن نعنى بها في هذا الدين قضية الدعوة إلى الله؛ لأن قضية الدعوة إلى الله هي مهمة الأنبياء والمرسلين والدعاة والمصلحين إلى قيام الساعة قال الله تعالى:
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33] وقال تعالى:
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108] وقال تعالى:
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125] وقال تعالى:
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
فينبغي علينا -أيها الإخوة- أن نحرص على أن تكون سفينة المجتمع سائرة في الطريق الصحيح حتى تصل إلى شاطئ الأمان وبر السلام، دون أن تعصف بها أمواج المحن والذنوب، ودون أن تطوح بها قاذفات الفتن وزوابع الشر وأعاصيف الباطل في وقت نشهد فيه أشرس هجمة ضد أخلاق المسلمين، وضد قيمهم ومبادئهم ودينهم في قنوات كثيرة وعبر وسائل متعددة.
فعلينا أن نتصدى لهذه الحرب الضروس بالعقيدة، بالإيمان، بالوعي، بالعقيدة الصحيحة، بقوة الإيمان بالله تبارك وتعالى، باللجوء إلى الله عز وجل، بجمع الكلمة، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطرقه الشرعية، بالدعوة إلى الله بأسلوبها الحسن الذي يسعى إلى درء الباطل، وإلى نصرة الحق، وإلى السير في ذلك بأسلوب صحيح، بالرفق، بالصبر، بالحكمة؛ فـ{ الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه }، والعنف ما كان في شيء إلا شانه، وما نزع من شيء إلا زانه، {من يحرم الرفق يحرم الخير كله }.
فعلينا أن نسير في أمورنا في الإصلاح، والدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما سار المصطفى عليه الصلاة والسلام، وكما سار رسل الله، هذا نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، لم يستعجل الثمرة، ولم يحرص على أن يقطف الثمرة مبكراً؛ وإنما حرص على أن يقوم بالدعوة وبالإصلاح، أبى الناس، أم أنابوا، حرصوا وأطاعوا، أم أبعدوا، وضلوا عن الطريق، والنتيجة ما آمن معه إلا قليل، وهكذا الداعي إلى الله عز وجل، عليه أن يحرص على الدعوة إلى الله بالحكمة وبالحسنى وبالأسلوب الحسن، بأن يكون قدوة صالحة أمام إخوانه المسلمين.
وينبغي على الدعاة إلى الله، وعلى العلماء، وعلى المدرسين، وعلى الوجهاء، وعلى القضاة، وعلى أهل الحل والعقد في كل مجتمع؛ أن يكونوا قدوة صالحة لمن هم دونهم، وأن يقوموا بواجبهم فكلهم مسئول وكلهم مسئول عن رعيته.
ومن القضايا -أيها الإخوة- قضايا التربية، تربية النفوس، تزكيتها، تصفيتها من أدران الذنوب والمعاصي، تربية الأبناء والأسر والزوجات والبنات على ما شرع الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] قال أهل العلم: أي أدبوهم وعلموهم.
فيا أيها الأب المسلم! ويا أيتها الأم المسلمة! ويا أيها الزوج المبارك! ويا أيتها الزوجة الصالحة! إن عليكم مسئولية عظيمة تتعلق بالتربية.
ويا أيها المدرسون! ويا رجال التعليم! ويا أيها الحريصون على الفكر والوعي وثقافة الأمة! أنتم مسئولون مسئولية كبيرة في الدعوة إلى الله وتربية الناس على الخير وعلى الفضيلة، وتحذيرهم من الشر والرذيلة.
كثيرٌ من الناس اليوم بلي بأمور تخالف الإسلام، وتخدش الأخلاق، وقل الحياء عند كثير من الناس وعند كثير من النساء على سبيل الخصوص، وعند بعض الشباب، فعليهم أن يتقوا الله عز وجل، وعليهم أن يعلموا أن هذه الحياة ما هي إلا ساعات معدودة، وما هي إلا أوقات محدودة؛ فعليهم أن يزكوا أنفسهم ويحاسبوها ويربوها على شرع الله تبارك وتعالى.
قضايا الشباب
ومن القضايا التي ينبغي أن نخصها قضايا الشباب، وما ينبغي أن عليهم وما هو حقهم، وما واجبهم تجاه أنفسهم ومجتمعاتهم، عليكم أيها الشباب المسلم المبارك أن تحمدوا الله عز وجل أن ولدتم ونشأتم في بيئة الإسلام، وفي بلاد الإسلام، وعليكم أن تقوموا بالاعتزاز بدينكم وعدم التقليد لأعدائكم والمحاكاة والتبعية، والتقليد لأعداء الإسلام كما هو واقع بعض الشباب هدانا الله وإياهم.
وعليكم بأداء الصلوات، وببر الوالدين، وعليكم بالجلساء الصالحين، والحذر من قرناء السوء الذين يريدون أن يجروكم إلى المشكلات والمسكرات والمخدرات والجرائم التي تقضي على دينكم وإيمانكم وأخلاقكم بل وعلى حياتكم.
قضايا خاصة بالمرأة
ومن القضايا المهمة التي ينبغي أن تطرح: القضايا الخاصة بالمرأة من أداء رسالتها، والقيام بواجبها، فالمرأة لها رسالة في المجتمع وعليها واجب عظيم، هي الأم، والزوجة، والبنت، والأخت، هي درة مصونة وجوهرة مكنونة رفعها الإسلام وكرمها وشرفها بالحجاب، والعفاف، والحشمة، والبعد عن الرجال، والحذر من الخداع بدعاة المدنية الزائفة، ودعاة التحرر من الأخلاق والقيم.
المبادرة إلى معالجة الأخطاء وإصلاح الأوضاع
استمرار اللقاءات وتواصلها بين الشيخ ومحبيه
السؤال: أسئلة كثيرة وأوراقٌ عديدة تصدرت بحب أصحابها للشيخ في الله عز وجل ، ودعوته في البقاء في هذه المنطقة أياماً، أسئلة وأوراقٌ كثيرة أجبرتني على أن أذكر هذا الكلام فما تعليق فضيلة الشيخ؟
الجواب: أولاً: أحبكم الله الذي أحببتمونا فيه، وأسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم متحابين، والله ما قيمة الدنيا كلها إن لم تكن المحبة في الله عز وجل هي التي تدفع إلى مثل هذه اللقاءات.
وحينما يرى الإنسان العلاقات الشخصية والمادية بين الناس يجد أنها تثير كثيراً من المشكلات، وتزيد في تعقيد أمورهم وسوء العلاقات فيما بينهم، بينما المحبة في الله عز وجل: أن تحب المرء لا تحبه إلا لله، هذا من أعظم الأعمال، من أعطى لله، ومنع لله، وأحب في الله ، وأبغض في الله فقد استكمل الإيمان {المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي } {ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه } {حقت محبتي للمتزاورين فيَّ وللمتحابين فيَّ .... الحديث } أحبكم الله الذي أحببتمونا له وفيه.
أما الرغبة في البقاء فيعلم الله الذي لا إله غيره أني لما رأيت هذه الجموع الطيبة التي غص بها المكان، وكثرت هذه السيارات التي أتت من قريب أو بعيد، حتى لم يجد الناس فيها مكاناً ومآلا؛ إلا لأن الخير متأصل في النفوس ولله الحمد والمنة، وحب أهل هذه البلاد التي أفاض الله عليها بهذا الإسلام وهذا التلاحم وهذه المحبة، وهذه المودة، ما هذه المشاعر الطيبة التي يعجز التعبير عنها، قد تسبق الأدمع الكلمات حينما ترى هذا الإقبال الطيب المبارك، فلا حرم الله الإخوة المباركين في داخل المسجد وفي خارجه ثواب ذلك، ونسأل الله أن يثيبهم وأن يجعل ذلك في موازينهم وأن يكتب خطواتهم، يعلم الله أنني حريص غاية الحرص على أن أستمر معكم، ولو كنت أعلم لأطلت المدة لأني أرى أن هذا الجمع يحتاج إلى لقاءات أكثر، ويحتاج إلى جلسة أكبر؛ ولكن أعدكم إن شاء الله أن تكون اللقاءات مستمرة، وأن يكون التعاون والتواصل قائماً بيننا وبينكم، وأشكر لكم شكراً خاصاً من أهل حوطة بني تميم حرصهم، فقد وجدت فيهم حرصاً أستطيع أني أقول لم أجد مثله من الخير والحب والتواصل ، فلقد غمرت بشيء قد لا أستحقه ؛ لكن هذا من طيبهم وكرمهم، ومن حسن أخلاقهم وفقهم الله وبارك فيهم وأعدهم أن تتكرر الزيارة بإذن الله، مرات قادمة بإذن الله وتوفيقه ، وأسأل الله أن يهيئ ذلك في القريب العاجل بإذن الله.
وسائل معينة على حفظ القرآن الكريم
السؤال: أنا طالب أريد حفظ القرآن الكريم، فما الطرق الموصلة إلى ذلك؟ وما هو الوقت المناسب للحفظ؟ وما المنهج الذي كنت تسير عليه فضيلة الشيخ وأنت صاحب تجربة في ذلك؟
الجواب: الله المستعان! يُشكر الأخ السائل على طرح هذا السؤال المهم، الذي أرجو أن يترجم واقعاً عملياً تطبيقياً وليس مجرد رغبات وأماني.
حفظ كتاب الله عز وجل والإقبال عليه نعمة عظيمة ينبغي علينا أن نحرص عليه {من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف ولكن (ألف) حرف و(لام) حرف و(ميم) حرف } وما تعثرت مسيرة الأمة شباباً وشيباً، رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، وضلت في كثير من مناهجها؛ إلا لما أعرضت عن القرآن، وبني بعض أبنائها وشبابها على غير القرآن.
فعليكم -أيها الإخوة- أن تقبلوا على القرآن، وعليكم أيها الشباب أن تحرصوا على الإقبال على القرآن، وأرجو أن نأخذه عهداً على أنفسنا أن نبدأ من هذه الليلة في أن نبادر إلى مشروع حفظ كتاب الله عز وجل، ولو أن يبدأ الإنسان بآية واحدة أو آيتين أو أكثر أو أقل، المهم أن تكون عنده هذه الهمة.
أما أن يرغب بالأمر مجرد رغبة وأمانٍ؛ فالأماني رءوس أموال المفاليس، لابد أن يبادر الإنسان العزم.
أول ما ينبغي على حافظ القرآن أن يخلص النية لله، يقرأ القرآن ابتغاء وجه الله، لا يقرأ ليقال قارئ وإنما يقرأ تعظيماً لمنزل هذا الكتاب سبحانه وتعالى وتقديراً له حق قدره تبارك وتعالى، ففضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.
ثم عليك -أيها الأخ المبارك الذي تريد حفظ كتاب الله عز وجل- أن تخصص لك وقتاً لحفظ كتاب الله: ساعة بعد الفجر، أو بعد العصر، أو قبل النوم، أو أي وقت من الأوقات التي ترى أن ذهنك وعقلك فيها ونفسك فيه خالية من المشاغل، فعليك أن تخصص وقتاً تقرأ فيه كل يوم ورداً أو حزباً أو جزءاً من القرآن أو وجهاً أو صفحة أو نصف صفحة أو ما إلى ذلك على حسب جهدك، المهم أن تبدأ ولو بخطوة واحدة وقديماً قيل: مسافة المائة ميل تبدأ بخطوة واحدة.
فلنبدأ ولنعلم أن الله سيعيننا فالله عز وجل قال: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:17] ومتى علم الله من عبده الخير أعانه ووفقه عليه.
كذلك يجب أن يقرأ القرآن على قارئ، على مجود، على متقن، أن يكون هناك شيخ تقرأ عليه، والحمد لله جمعيات تحفيظ القرآن الكريم تكاد تكون ميزة من ميزات بلادنا شرفها الله وحرسها التي أنزل فيها هذا القرآن، فينبغي على أبنائنا وعلى شبابنا الرجال والنساء أن يلتحقوا بحلق وجمعيات تحفيظ كتاب الله تبارك وتعالى، وينبغي على الآباء أن يهتموا بهذا، بعض الناس يحرص على أن يكون ابنه بلبلاً في اللغة الإنجليزية -كما يقولون- أو حريصاً على العلوم العصرية، أو يأخذ دورات في الكمبيوتر والحاسب الآلي وما إلى ذلك لكن ابنه قد لا يحسن الفاتحة! ما هذا الانهزام أمام الاهتمام بكتاب الله تبارك وتعالى؟ وما هذا الانبهار وهذه الانهزامية أمام العلوم المعاصرة التي تريد أن تزاحم أفضل العلوم وأجل العلوم وأشرفها؟
يا أيها الأب المسلم! أتزهد في هذا الثواب العظيم حينما ينادى عليك في درجات الجنة وتدعى وتلبس وتتوج تاج الكرامة وتاج الوقار لتنشئتك وتربيتك وتعليمك ابنك حفظ كتاب الله تبارك وتعالى؟
أيسرك أن يكون ابنك من حفظة كتاب الله ورواد المساجد ومن الحريصين على الجلساء الصالحين؟ أم تريد أن يكون ابنك في الشوارع والأحياء والحارات يؤذي عباد الله، وأن يذهب مع عصابات الشر والجريمة والمسكرات والمخدرات؟
فعلينا بالتنشئة القوية الحسنة الصحيحة على كتاب الله، ثم الحمد لله اليوم القرآن أمره ميسر، القرآن في كل بيت، الشريط القرآني في كل بيت، علينا أن نستمع وأن نقرأ وأن نحرص ولنثق بعون الله عز وجل وتوفيقه.
التنبيه على قضية الولاء والبراء
السؤال: فضيلة الشيخ.. من القضايا المهمة في حياة الأمة قضية الولاء والبراء، لكن كثيراً من الناس تهاونوا في ذلك كثيراً، ومن أوضح مظاهر تلك القضية تفضيل العامل الكافر على العامل المسلم، فهل من توجيه؟
الجواب: نعم. لا شك أن هذه القضية قضية الولاء والبراء من القضايا التي تعد من قضايا الاعتقاد ومن أصول الإيمان الذي ينبغي أن نعنى بها إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:55] وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] فالولاية للمؤمنين، والمحبة والمودة إنما هي لإخوانك المسلمين الذين تجمعك بهم رابطة الإسلام، وينبغي أن يكون الولاء بين المؤمنين كما يكون العداء بين المحسنين والكافرين لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22] القضية قضية مهمة جداً كما أشار لها الأخ السائل وضرب لها مثلاً في قضية العمالة أو الخدم أو السائقين أو ما إلى ذلك، فالمسلم عليه أن يتقي الله في ذلك، وليعلم أنه مسئول أمام الله، عليك أن تحرص على أن تستقدم المسلمين؛ لتعينهم ولتواليهم ولتكون أخاً ومحباً لهم في الله ولا تقدموا غيرهم عليهم.
ولما ضعف ولاء الناس بهذه القضية ولهذه القضية واهتمامهم بها؛ زهدوا في هذه القضية، بل لربما فضل بعضهم الكافر على المسلم بحجة أن الكافر قد ينتج أكثر، وأن بعض المسلمين يتساهلون أو قد يعطل العمل في أوقات الصلوات وما إلى ذلك.. أإلى هذا الحد وإلى هذه الدرجة يهون علينا أمر ديننا؟
فينبغي عليك أيها الأخ المسلم أن تتقي الله عز وجل وأن تقيم الولاء لأهل الإيمان كما شرع الله، والبراء ضد أهل البغي والضلال والكفران فتلك قضية من أهم القضايا الاعتقادية. ويشكر الأخ السائل على طرحها؛ ولكن أيضاً أنا أقول: إن القضايا كثيرة جداً ولهذا قضايا الأمة القضايا الكثيرة المتشعبة في جوانب الحياة كلها، أنا أعترف أنني لم أتطرق إلى كثير منها، لكن هذا أهمها فيما أراه وإلا فهي كثيرة جداً وما ذكره أخونا من جملتها، والله المستعان.
زيارة الشيخ إلى أفريقيا
السؤال: كانت لكم منذ فترة قريبة زيارة موفقة إلى
أفريقيا ، نرغب في أن تحدثونا عن حال المسلمين هناك.
الجواب: أنا أرى ألا ننتقل من الحوطة إلى أفريقيا ، نريد أن لا تزاحم دولة أخرى أو بلدة أخرى وجودنا واهتمامنا في إخواننا في الحوطة جزاهم الله خيراً، وأنا أحيلك إلى شريط ألقي في الحرم الجمعة الماضية عن نفس الموضوع، ولعله يكفي ويشفي بإذن الله.
جاءني أن كثيراً من الإخوة موفقين لهم جهود مباركة في هذا اللقاء الطيب المبارك، فالحقيقة إن كان الشكر يعجز أن يعم الجميع؛ فتدركون جميعاً أني إن لم أشكر كل واحدٍ منكم بنفسه فيعلم الله ما أكنه لكم من المشاعر والمحبة والتقدير ، الشكر مبرورٌ لله عز وجل أولاً وآخراً، وباطناً ظاهراً؛ على نعمة هذا اللقاء الطيب المبارك، ونسأل الله أن يكون اجتماعنا اجتماعاً مرحوماً، وأن يكون تفرقنا بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل الله فينا ولا معنا شقياً ولا محروما، كما نسأله تعالى ألا يفرق هذا الجمع المبارك إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وعمل مبرور، وتجارة لن تبور، إنه غفورٌ شكور، ثم الشكر لجميع الإخوة الذين حرصوا ومنهم الإخوة في مركز الدعوة، وفي مكتب الدعوة وفقهم الله، وفي المعهد العلمي أيضاً، وفي المدارس مدرسة المتوسطة الثانوية، ورجالاً أيضاً من الجنود المجهولين، ولا نحب نسميهم، فنعرف ونجزم أنهم لا يحبون أن نسميهم، فجزاهم الله خيراً؛ لكننا ندعو الله لهم، وكلكم يعرفهم، ونرجو أن يجتهدوا في الدعاء لهم، الذين حرصوا ووصلوا وسعوا وبذلوا جهدهم في هذا اللقاء الطيب المبارك فجزاهم الله خيراً ولا حرمهم ثوابه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحقيقة أنا لا أحب أسهركم، أنا لا أكون ثقيلاً في حسي وفي معناي، وإني لأجزم أنه من حرصهم وحرارة هذا اللقاء أنهم يريدون أن يستمروا إلى الفجر، ولو قيل لهم: استمروا إلى الفجر، لقالوا: نحن موافقون؛ لكن أيضاً لا أحب أن أثقل عليهم نتيح الفرصة لسؤال أو سؤالين في حدود ما يسمح به الوقت.
أنا لا أريد أن أثقل عليكم؛ لأن الكلام إذا كثر أخشى أن ينسي بعضه بعضاً، والحقيقة أن الأسئلة الكثيرة لا يمكن أن تطرح كلها في مثل هذا اللقاء الطيب، ولا أحب الحقيقة أن أثقل، فوراءكم من وراءكم، وقد يكون وراءكم من يحاسبكم، أما أنا فليس لدي اليوم والليلة من يحاسبني.