إسلام ويب

يوم الحشرللشيخ : عبد الله حماد الرسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن يوم القيامة يوم تقلب فيه القلوب والأبصار، فيه من الشدة والأهوال ما الله به عليم، فهلا تفكرنا في وصف رب العالمين لأهوال هذا اليوم العظيم، وفي وصف النبي صلى الله عليه وسلم لهذا اليوم الشديد.. فتعال بنا أخي الحبيب لنتأمل في هذا اليوم الرهيب في غضون هذه المادة.

    1.   

    أهوال يوم القيامة

    الحمد لله جامع الناس ليوم لا ريب فيه، يوم يجمعهم يوم القيامة.. يوم القارعة.. يوم تزلزل الأرض زلزالها.. يوم الحاقة.. يوم الواقعة، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.. يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، أحمدك اللهم وأشكرك، وأسألك أن تظلنا في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك، القائل: (يا أيها الناس! اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه) اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    عباد الله: اتقوا الله تعالى، وتفكروا في يوم النفخ في الصور: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ [الزمر:68-70].

    النفخ في الصور

    يصرح القرآن -كلام رب العالمين- بما سوف يكون يوم القيامة, وبما يحصل يوم القيامة، وقيل: ذلك مقدمات، وهن قوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ [الزمر:68] وهذه هي النفخة الثانية، وهي نفخة الصعق، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم -الذي كان أولاً وهو الباقي آخراً- بالديمومة والبقاء، قال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26-27] ثم يقول جل وعلا: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر:16] ثم يجيب نفسه بنفسه: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16].

    ثم يحيي أول من يحيي إسرافيل, ويأمره أن ينفخ في الصور، وهي النفخة الثالثة، وهي نفخة البعث، قال الله تعالى: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر:68] الله أكبر! ترانا قياماً ننظر وننفض التراب من رءوسنا أحياءً بعدما كنا عظاماً ورفاتاً, صرنا أحياءً ننظر إلى أهوال يوم القيامة، وما يكون فيها من الأمور العظام، قال تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ [التكوير:1-13] -نسأل الله من فضله- وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:13-14].

    كل هذه الأهوال سوف تحصل في ذلك اليوم الرهيب, الذي تذهل فيه كل مرضعةٍ عما أرضعت، وتضع فيه الحامل حملها، وتشيب فيه الولدان الصغار، الوليد الصغير الذي لم ينبت له شعر يشيب في ذلك اليوم العظيم، قال تعالى: وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2].

    حال المؤمن والكافر يوم العرض على الله

    لكن حَانَ وقت الامتحان، وقت العرض الأكبر على الله الذي لا تخفى عليه خافية: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً [الفجر:22] فجاء لفصل القضاء، مجيئاً يليق بعظمته وجلاله ليقضي بين العباد: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ [الحاقة:18] حفاةً عراةً غرلاً بهماً: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18] ففي هذه اللحظة -عند العرض على عالم السر والنجوى- يتبين الرابح من الخاسر، والناجح من الراسب قال تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ [الحاقة:19] رافعاً للكتاب بيمينه: فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:19-24].

    أسأل الله الكريم من فضله.

    يا عباد الله: هل نتفكر في كلام رب العالمين؟! قال تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24] ما الذي أسلفوه في الأيام الخالية؟!

    هل هو التفريط والتضييع أم طاعة الملك العلام؟!

    بل طاعة الله المطلع على السرائر والنجوى، المطلع على ما تخفيه الضمائر، فيا لها من سعادة أبدية، ويا له من فرح شديد بهذه النتيجة التي لا تحصل إلا لمن قام بالواجبات وأتى بالحسنات وعمل الصالحات، وخرج من الدنيا وقد حصل على حسن السيرة والسلوك مع الله؛ لأن الله يعلم السر والنجوى، ففي الدنيا تمشي -وإن كنت فاسقاً- إن كان لك واسطة تعطى حسن السيرة والسلوك، وإن كنت مؤذياً لعباد الله، وإن كنت ظالماً ومفسداً، فإنك تعطى حسن السيرة والسلوك في الدنيا، أما عند الذي يعلم السِّر والنجوى، فإنه لا يعطيك هذا السلوك إلا بعد الامتحان، بعد الطاعة وعمل الصالحات، فقد ورد في الأثر: يعطى المؤمن جوازاً على الصراط، بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لفلان أدخلوه جنة عاليةً قطوفها دانيةً.

    الله أكبر يا عباد الله! يعطى المؤمن جوازاً على الصراط: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لفلان، أدخلوه جنةً عاليةً, قطوفها دانيةً، فهنيئاً، ثم هنيئاً لمن كانت هذه عاقبته يوم يلقى الله، ويا خسارة ويا خيبة من رسب في ذلك العرض الأكبر وأعطي كتابه بشماله! فهو يقول: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ [الحاقة:25-27] يقول ذلك وهو يتحسر وإن كان في الدنيا صاحب أموال، أو صاحب جاه، أو أعطي حسن سيرة وسلوك بواسطة الواسطة, فكل ذلك لا يجزي عمن عصى الله، فهو ينادي: مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الحاقة:28-29] عند ذلك وبعد أن اطّلع على النتيجة التي استحق بها الإهانة والإبعاد، أمر الله عز وجل الزبانية أن تأخذه عنفاً من المحشر، فتنقله، فتغله بالأغلال في عنقه، ثم تسحبه إلى جهنم، فتصليه ناراً حامية وبئس المصير.

    وقد ورد في بعض الآثار: أنه إذا قال الله عز وجل: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ [الحاقة:30] ابتدره سبعون ألف ملك أيهم يجعل الغل في عنقه، فهذا جزاء من عصى الله وتعدَّى الحدود، ولم يقم بحق الله عليه من طاعته وامتثال أوامره والإتيان بعبادته، قال تعالى: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46] لا يوجد بين الله وبين عباده واسطة، ولا نسب, من أطاعه دخل الجنة، بل أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بالنذارة والبشارة، فمن أطاعه أدخله الله الجنة، ومن عصاه أدخله النار، قال تعالى: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].

    اللهم توفنا مسلمين, وألحقنا بالصالحين يا رب العالمين!

    أقول قولي هذا وأسال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا ممن يأخذ كتابه باليمين، وأن يدخلنا جنة النعيم إنه على كل شيءٍ قدير، وأسأله بمنه وكرمه أن يتوب علينا توبةً نصوحاً، وأن يغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها, صغيرها وكبيرها, أولها وآخرها، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    وقفة مع حديث : ( أنا سيد الناس يوم القيامة )

    الحمد لله أمره بين الكاف والنون، أي: إذا قال للشيء: كن؛ فيكون, يأمر إسرافيل بنفخ الصور، فإذا هم قيامٌ من الأجداث إلى ربهم ينسلون، أحمد الله الذي لا إله إلا هو, يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأشكره على نعمه، وأسأله المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا شريك له في ملكه، ولا في عبادته، ولا في ربوبيته، ولا ند ولا ظهير، ولا معين لله: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54] وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل، واعلموا أن أمامكم القيامة وما فيها من الأهوال والأمور الفظيعة، يقول صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون ممّ ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيدٍ واحد، فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي، فتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون) يا ليتنا نتفكر في ذلك اليوم، لو تفكرنا في ذلك اليوم؛ لاستيقظنا من رقدتنا، وانتبهنا من غفلاتنا، واقتصدنا في قتل أوقاتنا، يقول صلى الله عليه وسلم: (وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما أنتم فيه إلى ما بلغكم؟ ألا ترون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، ويأتونه، فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة, ألا تشفع لنا إلى ربك؟ ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فقال: إن ربي غضب غضباً لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة، فعصيت، نفسي نفسي.. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام، فيقول مثلما قال آدم: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم، فيقول مثلما قال نوح: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى ويقول مثلما قال إبراهيم: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى، فيقول مثلما قال موسى: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم).

    أمة الإسلام: لنحمد الله الذي جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لنحمد الله ولنشكر الله ولنثني على الله، ولنقوم بالواجبات طاعةً لله وشكراً لله, الذي جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولنطيع محمد صلى الله عليه وسلم.

    (اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني، فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه؟ ثم ينطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي تحت العرش، ويقع ساجداً لرب العالمين، ثم يفتح الله عليه من المحامد وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحدٍ قبله صلى الله عليه وسلم، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، سل تعطى، واشفع تشفع, فأرفع رأسي وأقول: أمتي يا ربِ أمتي يا ربِ).

    الله أكبر! لا إله إلا الله! يقول أبو هريرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: من قال لا إله إلا الله).

    (فيقال: يا محمد! أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى) متفق عليه.

    1.   

    الحث على اغتنام الأوقات والمسارعة في الخيرات

    فيا عباد الله: اغتنموا الأوقات بصالح الأعمال، ولا تغرنكم الحياة الدنيا، وسارعوا إلى جنة عرضها كعرض السماء والأرض، لا تغرنكم الحياة الدنيا، فإنها دارٌ وصفها الله في كتابه أنها دار غرور، دار متاع قليل، ولعب ولهو وممر وطريق إلى الآخرة، وكما هو الواقع -يا أمة الإسلام- فإن الدنيا دار مملوءة بالأكدار والمصائب والآلام والأحزان، دارٌ ما أضحكت إلا وأبكت، ولا سرت إلا وأساءت، دار نهاية، قوة ساكنها إلى الضعف، ونهاية شبابه إلى الهرم، ونهاية حياته إلى الموت، انظروا إلى أهل الملايين هل يدفن معهم شيء في قبورهم إلا ما قدموه من صالح الأعمال.

    عباد الله: سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض، واتقوا الله جل وعلا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل هجوم هادم اللذات، ومفرق الجماعات قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ [آل عمران:102] ما أكثر ما نسمع هذه الآيات في أغلب فرائض الصلوات قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [الحشر:18] ما هو ذلك الغد؟! هو يوم القيامة: وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18] ثم ينهانا جل وعلا: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:19] ثم فصل جل وعلا كلا الفريقين: لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ [الحشر:20] فلو أنه ما يأتيك من الفوز إلا أنك تنجو من نار حامية, من نار وقودها الناس والحجارة لكفى.

    أمة الإسلام: إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذّ شذ في النار.

    عباد الله: إن الله يأمركم أن تصلوا على من هو بأمته رحيم فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: (من صلى عليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشراً) ويقول: (أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلتها فإن صلاتكم معروضةٌ عليّ).

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا وقدوتنا وإمامنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعلى جميع الأصحاب والآل، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

    اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، واجعل آخر كلامنا من الدنيا: لا إله إلا الله.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين المفسدين، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا وإياهم هداةً مهتدين نأمر بالمعروف ونأتيه، وننهى عن المنكر ونجتنبه يا رب العالمين.

    اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، اللهم أقر أعيننا بصلاح أولادنا ونسائنا، اللهم أقر أعيننا بصلاح أولادنا ونسائنا، واجعلنا وإياهم هداةً مهتدين.

    اللهم املأ قلوبنا من محبتك، ومن خشيتك، ومن معرفتك، ومن الأنس بقربك، واملأها حكمةً وعلماً يا رب العالمين.

    اللهم إنا نسألك حبك, وحب من يحبك, وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك، اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وعيوننا من الخيانة, إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

    ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولوالد والدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، نسألك بأنا نشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام! نسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ، ولا هدمٍ، ولا بلاءٍ، ولا غرقٍ، اللهم سقيا نافعةً تحيي بها البلاد وتسقي بها العباد، وتجعلها بلاغاً للحاضر والباد.

    اللهم أحي بلدك الميت, اللهم انشر رحمتك على العباد يا من خزائنه ملأى، ويا من يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء.

    اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ، ولا هدمٍ، ولا بلاءٍ، ولا غرقٍ.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صلِّ سلم على نبينا محمد.

    عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:90-91] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755779829