إسلام ويب

فراغ الشباب والحذر من الفيديوللشيخ : عبد الله حماد الرسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الوقت الذي نعيشه في هذه الدنيا لا يقدر بالأثمان، من ربحه ربح عمره، ومن خسره خسر حياته، وخاصة أوقات الشباب، وستجدون في غضون هذه المادة الحث على اغتنام الأوقات، والتحذير من الفراغ وضياع الوقت فيما لا يعود بطائل نفع، والتحذير من الفيديو المهدم.

    1.   

    التحذير من الفراغ والحث على اغتنام الأوقات

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً.

    أما بعد:

    فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل، واعلموا أن الوقت الذي تعيشونه في هذه الدنيا لا يقدر بالأثمان، فاحفظوه يا عباد الله! واغتنموا أوقاتكم بما يعود عليكم نفعه في الدنيا والآخرة، ولا تضيعوا أوقاتكم باللهو والغفلة؛ فتخسروا الدنيا والآخرة.

    أيها المسلمون: في هذه الأيام يختتم أولادكم عامهم الدراسي الذي أشغلوه بالدراسة، وبعد الدراسة والجهد الكبير ماذا سوف يحصل من الفراغ يا عباد الله؟!

    حال الشباب مع الفراغ

    إن هذا الفراغ الذي سيحصل للشباب بعد انقطاع العام الدراسي الذي كانوا فيه مجتهدين ومستغلين لأوقاتهم؛ لا بد أن تنعكس آثاره على نفوسهم وتفكيرهم وسلوكهم، فإما أن يستغلوه في خير وصلاح، فيكون ربحاً وغنيمة للفرد والمجتمع، ويعود نفعه على الجميع، وإما أن يستغلوه في شر وفساد، فيكون خسارة وغبناً للفرد والمجتمع، يخسر فيه نفسه ووقته، ويستغل قواه فيما يشقى به وتشقى به الأمة.

    وإما أن يقضوا أوقاتهم ويضيعوها سدى، لا يعملون ولا يفيدون، أفكارهم متجمدة، وأذهانهم خاوية متبلدة، يصيرون عالة على أهلهم وعلى مجتمعهم، زيادة على ذلك إذا عدموا التوجيه السليم من الآباء والأمهات، بل بعض الآباء الذين طغت عليهم المادة هم السبب في انحراف أولادهم وفسادهم هدانا الله وإياهم، فتجد أولادهم في كل وادٍ يهيمون، ولكنهم لن يتركوا سدى، إنهم سوف يحاسبون على تفريطهم، وسوف يندمون حين لا ينفع الندم.

    نعم يا عباد الله: هذا قسم من الناس فرطوا في أماناتهم وضيعوها، وعند الموت وسكراته سوف يقولون: ما أخبر الله عنهم في كتابه العزيز حيث قال: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ [الزمر:56-59].

    نعم يا عباد الله! سوف يتمنى البعض من الناس الرجوع عند الموت؛ ليستدرك ما فات، ولكن هيهات أن يجاب إلى ذلك، اسمعوا إلى قول الحق جل وعلا: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100] ويقول جل وعلا حاثاً على العمل الصالح قبل قرب الأجل وحلول الموت: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:10-11].

    استغلال أوقات الفراغ

    عباد الله: البعض من الشباب يتساءل في أي شيء أقضي أوقات الفراغ؟ نعم هكذا يتساءل البعض، ولكن الشباب المتطلع إلى المجد والعلا لا يتحير أبداً أن يستغل أوقات فراغه، يمكن أن يستغل أوقاته بعد أداء الفروض والواجبات بمذاكرة العلم ومدارسته، سواء في دروسه التي انتهى منها، أو فيما يستقبل، أو في كتب علم يتثقف بها ثقافة عامة، فيقرأ في كتب التفسير القيمة السالمة من الزيغ في تحريف معاني القرآن، ويقرأ في كتب الحديث الصحيح، وفي مقدمتها صحيح البخاري وصحيح مسلم ، ويقرأ في كتب التاريخ المعتمدة، لا سيما تاريخ صدر الإسلام كسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين؛ لأنها سيرة وسلوك، تزيد القارئ علماً بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وصحابته، وتحببهم إليه.

    وأحذرك يا أخي المسلم! أحذرك يا من تؤمن بالله واليوم الآخر من النظر أو القراءة فيما يخشى منه على العقيدة والأخلاق والسلوك، سواءً كانت كتباً مؤلفة أو صحفاً أو مجلات، فإن كثيراً من الناس ينظر في مثلها أو يقرؤها، يظن أنه يثق بنفسه، ثم لا يزال الشر يتجارى به فلا يستطيع الخلاص.

    وكذلك من المهم -يا عباد الله- أن يشتغل المؤمن دائماً بذكر الله وبطاعته؛ لأن الله أمر بذلك فقال: وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ [آل عمران:41] وقال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ [الأعراف:205] لأن الإنسان مسئول عن عمره فيما أفناه، وعن جسمه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به.

    فعمرك يا أخي المسلم هو أعز شيء لديك فلا تضيعه ولا تفرط فيه.

    فيا أخي المسلم! احرص على نفسك وأهلك وأولادك، واحرص أن تقضي هذه العطلة الصيفية بتعليم أولادك القرآن، وتحضرهم معك إلى بيوت الله، وتراقب حضورهم وغيابهم، وتنصحهم وتسعى في إصلاحهم، ليكونوا عوناً لك في هذه الحياة، وخلفاً وذخراً لك بعد الممات، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

    اللهم اجعلنا هداة مهتدين، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، ووفقنا جميعاً لما تحبه وترضاه إنك على كل شيء قدير، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    التحذير من الفيديو المهدم

    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا عباد الله! اتقوا الله عَزَّ وَجَلّ.

    أمة الإسلام: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) حديث صحيح، أي: أن الكثير من الناس يظلمون أنفسهم ويهضمون حقوقهم ويهملون واجباتهم؛ بسبب لهوهم ولعبهم وتركهم الانتفاع الجدي بصحتهم وأوقات فراغهم.

    والإسلام يا عباد الله! دينٌ يعرف قيمة الوقت، فهو يدعو إلى الانتفاع بكل لحظة من لحظات الحياة، ويحذر من الخوض في اللهو الباطل.

    نعم أيها المسلمون: هذا هو الوقت في نظر الإسلام، جد واجتهاد، وعمل مبرور، وسعي مشكور، وصبر ومصابرة، وعبادة خالصة، واغتنام للوقت، وانتهاز للفرص، وإشفاق من قول الحق جل وعلا: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115] هذا هو الوقت وقيمته الأعمال الصالحة التي سوف تجدونها يوم القيامة، أما الذين استرسلوا في شهواتهم وقتلوا أوقاتهم، من خمور يشربونها، وفواحش يرتكبونها من زنا ولواط، ومن قيل وقال؛ فسيجدون غبها يوم القيامة.

    ويا للأسف الشديد على أوقات تقتل في لعب الورق، وسهر معها، ومع السلاح الفتاك الذي يستعمل لقتل الأخلاق، والقضاء على الفضيلة حتى تحل مكانها الرذيلة، مع السلاح الذي رومينا به في بلادنا، حتى تسلل إلى كثير من بيوت المسلمين، وصار في متناول النساء والأطفال وسفلة الرجال، ألا وهو جهاز الفيديو، ذلكم الجهاز الخبيث الذي تعرض على شاشته أفلام الدعارة والمجون، أفلام الزنا واللواط، أفلام الرقص والاختلاط، والأفلام التي تعلم السرقة والخيانة، وممارسة الجريمة.

    إن هذا الفيديو الخبيث يقضي على الغيرة والحياء، ويجرئ على ارتكاب الفاحشة، فيا من عافاك الله منه! احمد الله واحذر أن يدخل بيتك، ويا من ابتليت به تب إلى الله وأخرجه من بيتك، ولا تفسد به أخلاق نسائك، وأولادك وجيرانك، فتكون مع الذين يحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة، ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم.

    أمة الإسلام.. أخي المسلم! هل ترضى أن تكون ابنتك راقصة مغنية؟

    هل ترضى أن تكون زوجتك راقصة مغنية؟

    هل ترضى أن تغازل زوجتك الرجال الأجانب؟

    هل ترضى أن يكون ولدك مغنياً يقضي وقته في معصية الله؟

    إن كنت ترضى ذلك فالله يعينك على ما أمامك من السؤال والحساب الشديد، وإن كنت لا ترضى بذلك، فتب إلى المولى القدير، تب إلى عالم السر والنجوى، أخرج هذه الفتن من بيتك قبل أن يأتيك الأجل وهي في بيتك، ميراث لأولادك، يشبون عليها ويهرمون، ثم بعد ذلك تكون عليك حساباً ووبالاً يوم القيامة.

    اللهم أجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن أبداً ما أبقيتنا يا رب العالمين!

    عباد الله! إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار، وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً).

    اللهم صلِّ على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وسلم تسليماً كثيراً يا رب العالمين!

    اللهم ارض عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

    لا إله إلا أنت سبحانك، لا رب لنا سواك، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، نسألك بأن لك الْحَمْدُ، لا إله إلا أنت، المنان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام! أن تعزنا بالإسلام، اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك يا رب العالمين!

    اللهم دمر أعداء الإسلام والمسلمين، اللهم اشدد وطأتك عليهم، وارفع عنهم يدك وعافيتك، اللهم مزقهم كل ممزق، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً له يا سميع الدعاء.

    اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، نأمر بالمعروف ونأتيه، وننهى عن المنكر ونجتنبه يا رب العالمين.

    اللهم أصلح أولادنا ونساءنا واجعلنا وإياهم هداة مهتدين يا رب العالمين.

    اللهم نفس كرب المكروبين من المسلمين، اللهم واشفِِ مرضانا ومرضى جميع المسلمين، اللهم واغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك، اللهم فاغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم، وأغلسهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وارحمنا اللهم إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، واجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

    اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا، والزنا واللواط والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن؛ عنا وعن جميع المسلمين عامة يا رب العالمين رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

    عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:90-91] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756021134