والعنصر الثالث من عناصر هذا اللقاء يظهر بالإجابة على سؤال مهم هو: ما هو السبيل إلى هذا الخير العظيم، وما هي الأسباب التي تعيننا على الوصول إلى هذا القدر الكبير؟
إنها أسباب أبذلها لي ولك لنستعين بها على الطاعات والأعمال الصالحات، لنلقى عليها رب الأرض والسماوات جل وعلا.
إن من أعظم الأسباب التي تعينك على المداومة على العمل الصالح: أن تستعين بالملك جل وعلا، فإن من أعانه الله فهو المعان، ومن خذله الله فهو المخذول، فاطلب العون من الله أن يسددك وأن يؤيدك ويوفقك للعمل الصالح الذي يرضيه؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لـ
معاذ رضي الله عنه، حينما أمسكه بيده وقال: (
يا معاذ ! قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: والله إني لأحبك).
قسم ورب الكعبة يجف أمامه الحلق ويخشع أمامه الفؤاد، لو أقسم
معاذ أنه يحب رسول الله لكان الأمر عادياً، ولكن الذي يقسم بالله على حب
معاذ هو الصادق المصدوق
: (
يا معاذ ! والله إني لأحبك) فيقول
معاذ بن جبل : بأبي أنت وأمي يا رسول الله! فوالله إني لأحبك، فيقول الحبيب المصطفى: (
فلا تدعن أن تقول في دبر -أي: بعد- كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
فاطلب العون من الله، وقل له: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واطرح قلبك -أيها الحبيب- بين يدي الله، واعترف له بفقرك وضعفك وعجزك وتقصيرك، وقل: يا رب! لو تخليت عني بفضلك ورحمتك طرفة عين لهلكت وضللت، لا حول لي ولا قوة لي إلا بحولك وقوتك وصولك ومددك.
عبد الله! من أعانه الله فهو المعان، ومن خذله الله فهو المخذول، فاطلب من الله أن يعينك على العمل الصالح الذي يرضيه.
وأخيراً من الأسباب التي تعين على المداومة والاستمرار في العمل الصالح: صحبة الأخيار؛ لأن الإنسان قد ينشط إذا رأى إخوانه من حوله على طاعة الله جل وعلا، وقد يشعر الإنسان بالخجل من نفسه إذا رأى إخوانه في طاعة وهو مقصر، وما دمت قد انطلقت في عملك ابتغاء مرضاة الله جل وعلا، فاصحب الأخيار والأطهار والصالحين الذين إذا رأيتهم تذكرك رؤيتهم بالله جل وعلا وبطاعة الله؛ ففي سنن
ابن ماجة -والحديث حسن- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر) فصاحِب مفاتيح الخير ليفتحوا قلبك لحب الله وذكر الله وطاعة الله جل وعلا، وانصرف عن مفاتيح الشر الذين يغلقون قلبك عن طاعة الله وعن حب الله وعن ذكر الله جل وعلا.
قال صلى الله عليه وسلم: (
مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة منتنة) والنبي صلى الله عليه وسلم لا يحرم بهذا وظيفة الحدادة، وإنما هو مثل للتوضيح والإيضاح، فاحرص على صحبة الأطهار.. احرص على صحبة الأخيار.. احرص على صحبة الذين يذكرونك بالعزيز الغفار، فإن صحبتهم ستعينك على طاعة الله، وستأخذ بيديك على الاستمرار والمداومة على العمل الصالح حتى تلقى الله جل وعلا وأنت على طاعة.
وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.