مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع (ع. م.هـ) من معهد الدلم العلمي، أخونا ضمن رسالته جمعاً من الأسئلة، في أحدها يقول: إنني في شهر رمضان المبارك قبل سنتين ذهبت إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة، فاضطررت للإفطار في اليوم الذي ذهبت فيه، وكان يجب علي أن أصومه فيما بعد -أي: بعد شهر رمضان المبارك- ولكنني تهاونت، فجاء شهر رمضان بالسنة المقبلة ولم أصم ذلك اليوم، فقلت: بعد هذا الشهر، ولكن مرت الأيام ولم أصمه، كل يوم أقول: غداً، حتى جاء شهر رمضان للسنة الثانية ولم أصمه حتى هذا اليوم، ولكنني تنبهت لهذا الأمر، فقررت أن أصومه، ولكن هل أصوم يوماً واحداً؟ أم علي صيام أيام تكفيراً، ما هو الحكم وأنا في انتظار إجابتكم، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالواجب قضاء يوم واحد ؛ لأن الله سبحانه يقول: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] فأنت عليك قضاء يوم واحد مع التوبة والاستغفار؛ لأجل تفريطك في التأخير، وعليك مع ذلك إطعام مسكين نصف صاع من تمر أو أرز مقدار كيلو ونصف تقريباً، يدفع لبعض الفقراء، مع التوبة والاستغفار، والحمد لله.
الجواب: المعروف في هذا أن عزله من عمر رضي الله عنه كان لأمر سياسي رآه، ورأى إبداله بـأبي عبيدة بن الجراح ، لأمر رآه كفيلاً بالمصلحة للمسلمين.
وقال بعض أهل العلم: إن السبب في ذلك: إن عمر رضي الله عنه كان قوياً في كل الأمور، وكان خالد كذلك قوياً في بعض الأمور، فناسب أن يكون أبو عبيدة هو أمير عمر؛ لأنه كان ليناً رفيقاً، ليس مثل خالد في الشدة، حتى يعتدل الأمر، يكون أبو عبيدة مع لينه في مقابل شدة عمر رضي الله عنه، وكان خالد في قوته في مقابل لين الصديق رضي الله عنه فاعتدل الأمر، وهذا كلام وجيه وليس بالبعيد.
والحاصل: أن عمر رضي الله عنه إنما عزله لأمر سياسي لمصلحة المسلمين، إما ما ذكرنا وإما غيره، والمشهور هو ما ذكرنا.
الجواب: عليك كفارة يمين، والله سبحانه يقول: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة:89]، فالصيام إنما هو بعد العجز عن الإطعام، والعجز عن الكسوة، والعجز عن العتق، فإذا حلفت أن تفعل شيئاً ولم تفعله، فعليك إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أهلك، من طعامكم من رز أو تمر أو حنطة، وإذا كان معه إدام مع الرز أو مع الحنطة، إدام كان ذلك أفضل.
وإن عشيتهم في بيتك أو في مطعم أو في أي مكان أو غديتهم أو كسوتهم كسوةً تجزئهم في الصلاة حصل المقصود والحمد لله.
الجواب: هذه مدة طويلة ما كان ينبغي منك أن تفعلها؛ لأن المرأة بحاجة إلى زوجها؛ لعفتها والبعد بها عن الأخطار، وأنت كذلك في حاجة إلى زوجتك للعفة وغض البصر، فالواجب أن لا تطيل المدة، وأن تحرص على أن تكون المدة قليلة أو تنقلها معك إلى محل عملك، وإذا كانت قد سمحت عنك فلا شيء عليك إن شاء الله، لكن ينبغي لك أن تلاحظ الموضوع دائماً وأن تكون المدة قصيرة، حرصاً على سلامتك وسلامتها، وحرصاً على عفة فرجك وغض بصرك، وهكذا سلامتها هي أيضاً والحرص على حفظ فرجها وغض بصرها، والمؤمن حسيب نفسه ينظر الأمر، فإن المدة إذا طالت فهي خطر عليكما جميعاً.
فالواجب عليك أن تجتهد في اختصار المدة قليلاً.. حتى تكون قليلاً ليس فيها خطر، أو أن تنقل المرأة معك في محل عملك، نسأل الله للجميع الهداية.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! علمت منكم قولاً تحددونه للرجل عندما يريد أن يغيب عن زوجته، كم المدة التي ترونها. جزاكم الله خيراً؟
الشيخ: يروى عن عمر أنه كان يحدد ستة أشهر رضي الله عنه، ولكن الوقت يختلف؛ فالستة الأشهر مقاربة كما قال عمر رضي الله عنه، ولكن في أوقاتنا هذه الخطر كبير، بسبب انتشار الفساد، وكثرة التبرج، وضعف الإيمان في أغلب البلدان وأغلب الأمكنة، فينبغي للمؤمن أن يختصر المدة، وأن تكون أقل من ذلك مهما أمكن، أو يصحب زوجته معه دائماً؛ لأن ذلك أقرب إلى سلامته وسلامتها.
المقصود مهما أمكن أن تكون المدة أقل من ستة أشهر، فهو أولى من أجل الأخطار الكثيرة على الرجل والمرأة جميعاً.
المقدم: جزاكم الله خيراً، هل من كلمة للنساء حول هذا الموضوع شيخ عبد العزيز؟
الشيخ: الوصية هي تقوى الله جل وعلا، وأن تحرص على حفظ فرجها وسمعتها وغض بصرها، وأن تبتعد عن الخلطة بالرجال، أو الخلوة بالرجال، وأن تحرص على بقائها في بيتها، وإن كان ولا بد من الخروج فلتكن إلى محلات أمينة سليمة، وليكن معها من أخواتها في الله من يصحبها؛ لأن ذلك أبعد عن أسباب الفتنة، عند الضرورة إلى الخروج لقضاء حاجة.
وعلى الزوج أن يتقي الله في أهله، وأن يحرص على قلة المدة التي يغيب عنها، أو يحرص على صحبتها معه أينما كان حرصاً على سلامتهما جميعاً.
الجواب: الواجب عليك يا أخي أن تزكي المال عن السنوات الثلاث، إذا كان قد بلغ النصاب فعليك الزكاة عن السنوات الثلاث، في كل مائة اثنان ونصف، في الألف خمسة وعشرون، يعني: ربع العشر.
الجواب: ليس هذا بنذر وليس عليه شيء، إذا كان الواقع هو ما ذكر السائل فليس عليه شيء.
الجواب: نعم، إذا انتصف الليل انتهى وقت العشاء بنص النبي عليه الصلاة والسلام، ويبقى وقت الضرورة، كما بعد اصفرار الشمس في العصر، لو صلاها بعد نصف الليل تكون في الوقت، لكن مع الإثم إذا أخرها عامدا،ً أما إذا كان ناسياً فلا شيء عليه.
المقدم: جزاكم الله خيراً، ووقت الضرورة يمتد إلى متى سماحة الشيخ؟
الشيخ: إلى طلوع الفجر.
المقدم: إذاً من صلى في الواحدة ليلاً، أو في الثانية ليلاً يكون صلى في وقت الضرورة؟
الشيخ: نعم كل ما كان بعد نصف الليل فهو وقت ضرورة، ولا يجوز له التأخير؛ لأن النبي عليه السلام قال: (ووقت العشاء إلى نصف الليل).
الجواب: عند الضرورة لا حرج في ذلك للرجال والنساء، لكن الأولى بالرجل مهما أمكن أن تكون من غير الذهب، إذا تيسر ذلك.
وإذا مات وهي عليه فينبغي أخذها؛ لأنها مال لا ينبغي إضاعته، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، فتؤخذ للانتفاع بها، لكن لو نسوها أو تركوها فلا نعلم عليهم شيئاً في ذلك، لو نسوها أو تركوها عمداً لأن قلعها قد يكلف فلا بأس في ذلك ولا حرج إن شاء الله.
المقدم: أليس في ذلك مثلة بالميت سماحة الشيخ؟
الشيخ: لا ما في مثلة يأخذوها وينتفع بها تباع من عرض التركة.
المقدم: لكن الرأي الذي تفضلونه سماحة الشيخ؟
الشيخ: المقصود: إذا أخذوها فلا بأس، وإن تركوها فلا بأس، إن تيسر أخذها فهو أحسن؛ لأن تركها بإضاعة مال.
الجواب: من لا يصلي لا يزوج، لأن ترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء، وإن كان لا يجحد وجوبها، فالصواب: أن تاركها كافر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر).
فالذي لا يصلي أو لا يعرف في المساجد لا ينبغي أن يزوج، ولا يجوز أن يزوج بمسلمة.
أما من كان يتعاطى الدخان ولكنه يصلي فهذا يزوج، معصية لا تمنع من الزواج، وذلك أولى من تركها وتعطيلها، وهكذا لو كان عنده معصية أخرى، مثل يتساهل في بعض الأمور الأخرى التي لا تجعله كافراً، كأن تفوته بعض الجماعة وإلا هو يصلي معروف مع الناس ويقيم الصلاة لكن قد تفوته بعض الجماعة في بعض الأحيان، أو يعرف بشيء من المعاصي الأخرى مثل قص لحيته أو ما أشبه ذلك، هذا إذا لم يتيسر غيره فلا بأس ولا تعطل، فالمعصية فلا تمنع الزواج، إنما يمنع الزواج الكفر، أما المعصية لا تمنع إذا رضيت البنت بذلك، وإذا تيسر السليم من المعاصي فذلك ينبغي طلبه والحرص عليه والله المستعان.
الجواب: لا منافاة بين الحديث والآيات، فكون الإنسان يبسط له في الرزق وينسأ له في الأجل بسبب صلة الرحم أو بسبب بر الوالدين لا يمنع قوله تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا [المنافقون:11] فالمعنى: أن الله جل وعلا يجعل صلة رحمه وبر والديه من أسباب تأخير أجله في الأزل السابق والقدر السابق، فالله جل وعلا يعلم أن هذا يصل رحمه ويبر والديه، فلهذا أجل له زيادة في العمر، وفسح له في العمر، وذاك يقطع رحمه ويعق والديه فلم يفسح له في العمر، وجعل عمره كذا لحكمة بالغة، وقد يطول عمر هذا العاق وعمر هذا العاصي ويعجل أجل المطيع لأسباب أخرى وحكمة بالغة من الله سبحانه وتعالى، وفي الحديث الصحيح: (لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر) يعني: بر الوالدين.
فهو من جنس حديث أنس : (من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أجله فليصل رحمه) وصلة الرحم وبر الوالدين وكثرة الدعاء في طول الحياة على خير من أسباب تأخير الأجل، فيما مضى في علم الله، ليس معناه أن هذا قد كتبه الله يموت في كذا ثم أخر، لا. إنما المقصود أن الله جل وعلا جعل بر هذا لوالديه، وصلته لأرحامه، وكثرة دعائه، من أسباب تأخير أجله الذي مضى به علم الله، فعلم الله لا يتغير.
والله المستعان.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر