أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما لدينا منكم من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
سماحة الشيخ! لدينا مجموعة كبيرة من أسئلة السادة المستمعين، ونريد -إن شاء الله- في لقائنا هذا أن نأتي على أكبر قدر منها، وهي رسائل السادة: محمد جاسم محمد ،من العراق من بغداد، والسائلة (و. أ. ع) من اليمن، من تعز، ورضوان آدم محمد تورين ، والأخت (ح. ع. ص) من العراق، والمستمع (ش. ع. ح) من القصيم، وظافر قمصان القرني من بلاد بالقرن.
====
السؤال: نبدأ أولاً: برسالة محمد جاسم محمد ، من العراق بغداد حيث يقول فيها: أنا موظف وعندي راتب شهري، فهل علي زكاة، أي: هل على الراتب الشهري زكاة، وما مقدارها مع العلم أن راتبي حوالي مائة دينار عراقي، وفقكم الله؟
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
لا شك أن في الرواتب زكاة إذا حال عليها الحول، راتب الإنسان من الدنانير أو الدولارات أو الدراهم أو الجنيهات كل أنواع العمل فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، فإذا حال على راتبك -أيها السائل- إذا جمعت منه مالاً وحال عليه الحول فإنه تجب فيه الزكاة ربع العشر، من كل أربعين دينار ديناراً واحد ربع العشر، أما إذا كنت تنفق راتبك في وقته ولا يبقى عندك شيء منه فليس عليك زكاة، إنما الزكاة فيما حال عليه الحول، إذا اجتمع من راتبك شيء يبلغ النصاب وحال عليه الحول فإنه يجب عليك الزكاة، أما إذا كنت لا تبقي شيئاً منه بل تنفقه في وقته فلا زكاة في ذلك.
الجواب: هذا ليس فيه نص في بيان الحكمة فيما نعلم، أقول: ليس هناك نص في بيان الحكمة فيما نعلم إلا أن بعض أهل العلم ذكر شيئاً في هذا وهو أن الظهر والعصر تأتي في النهار في وقت العمل والناس مشغولون بأعمالهم فناسب أن تكون سرية حتى يقبل كل واحد على صلاته وحتى يشتغل بقراءته فيما بينه وبين نفسه حتى لا يشغل بشيء آخر، بخلاف ما لو جهر الإمام فإنه قد ينصت له ولكن تذهب به الهواجس والأوهام إلى أشياء أخرى، فإذا أقبل على صلاته واشتغل بقراءته كان أقرب إلى جمع قلبه على الصلاة، أما في الليل فالغالب أن الشواغل تنتهي وتقل، وهكذا الفجر بعد قيامه من النوم ما بعد شرع في المشاغل مشاغل الدنيا فيكون قلبه فارغاً وحاضراً يستمع قراءة الإمام وليستفيد من قراءة الإمام بإنصاته له، فالليل محل قلة الشغل وتواطؤ القلب مع اللسان ليستفيد ويستمع قراءة الإمام ويتدبر ما يسمع، فهذا أقرب إلى أن يسمع وإلى أن يستفيد وإلى أن يتدبر، بخلاف النهار فإنه مشغول وعنده من مشاغل الدنيا ما يقلقه عن الاستماع والإنصات، فشرع الله له أن يشتغل بنفسه، وأن يقرأ بنفسه حتى لا تذهب به الوساوس إلى أشياء أخرى، هذا مما قيل في هذا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الجواب: الصواب أنها العصر، اختلف العلماء في ذلك لكن الصواب أنها العصر قد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث ابن مسعود وغيره ومن حديث علي رضي الله عنه أنها العصر هذا هو الصواب وقيل غير ذلك، لكن الصواب أنها العصر.
الجواب: إذا زادت العادة فالصواب: أنها تبع العادة، إذا كانت عادتها خمسة أيام فصارت ستاً، سبعاً، ثمانياً، فالصواب أنها تجلس مادام الدم مستمراً فإنها تحسبها من العادة، ولا تصلي ولا تصوم ولا يحل لزوجها أن يقربها في هذه الحالة؛ لأن العادة تزيد وتنقص، هذه عادة النساء تزيد وتنقص، فإذا زاد الدم جلست ولم تصل ولم تصم، وإذا نقص ورأت الطهارة اغتسلت وحلت لزوجها وصلت وصامت، هذا هو الصواب في هذه المسألة.
أما إذا طهرت واغتسلت من حيضها ثم رأت صفرة أو كدرة فإن هذه الصفرة والكدرة لا تحسب شيئاً ولا تعد شيئاً بل تصلي معها وتصوم كما قالت أم عطية رضي الله عنها: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً)، فإذا اغتسلت مثلاً بعد حيضها ثم رأت صفرة أو كدرة فإن هذه لا يعمل عليها ولا تمنعها من الصلاة ولا من الصوم ولا من زوجها، أما الدم الصاحي الدم الواضح فإنها تجلسه ولو انفصل، سواءً اتصل أو انفصل فإنها تجلسه تبعاً للعادة.
الجواب: الحجاب الإسلامي فيما ظهر من الشرع هو أنها تغطي وجهها وجميع بدنها عند الرجال الأجانب، أما في بيتها وعند محارمها وأخواتها ونسائها فلا بأس تكشف وجهها ويديها وقدميها لا حرج، حتى رأسها لا بأس على الصحيح عند محارمها، أما عند الأجانب فلا؛ لأنها عورة وفتنة؛ ولهذا قال تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53]، هذا عام، ثم قال سبحانه: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، فالحجاب أطهر لقلوب الجميع وأسلم للرجال والنساء جميعاً، وهكذا قوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31]، الزينة أعظمها الوجه، فوجب ستره عن الأجنبي كزوج أختها وأخي زوجها ونحو ذلك؛ لأنهم ليسوا بمحارم بل أجناب، كما تستره عن بقية الأجانب كابن عمها وابن خالها وجيرانها.
الجواب: تدعو لها بالدعوات الطيبة، تسأل الله لها الجنة، تسأل الله لها السلامة من النار، تسأل الله لها المغفرة والرحمة، هذه دعوات طيبة، تتصدق عنها بما تيسر ولو درهماً واحداً، ولو طعاماً قليلاً، ولو شيئاً من الملابس كل هذا ينفعها، أما تثويب القرآن لها وإهداء القرآن لها فهذا محل خلاف، أكثر أهل العلم يرونه لا بأس به وأنه ينفعها، وبعض أهل العلم يرى أن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا وجه لإهدائه؛ لأنه لم يرد كالصلاة، فكما أنه لا يصلى لها لا يهدى لها القرآن، هذا قول جماعة من أهل العلم وهو أظهر في الدليل.
فالأولى: أن تعتني بالدعاء لها، والترحم عليها، والصدقة عنها بما تيسر ولو بالقليل، والدعاء -بحمد الله- ميسور، الدعاء واضح وميسور تقول: اللهم اغفر لأمي، اللهم أدخلها الجنة، اللهم أنجها من النار، اللهم اعف عنها، اللهم ارفع منزلتها في الجنة، اللهم أجزها عني خيرا، وما أشبهها هذا من الدعوات الطيبة.
الجواب: الواجب هو الحجاب عن الأجانب كأزواج أخواتك أيها السائلة، أما أبوك وإخوتك فهؤلاء محارم، الوالد محرم، والإخوة محارم، لكن أزواج الأخوات ليسوا محارم، زوج أختك وكذلك عم زوجك، وأخو زوجك، كلهم ليسوا محارم، أما إخوانك وأبوك وجدك وأعمامك وأخوالك فهؤلاء محارم، وهكذا أبو الزوج.. ابن الزوج، هؤلاء محارم، أما أخو الزوج، وعم الزوج، وخاله فليسوا محارم، كذلك زوج الأخت ليس محرماً، فعليك أن تتحجبي عنه بالعباءة أو بغير العباءة، بالجلباب.. بالخمار على وجهك ورأسك والقميص على بدنك، المقصود الحجاب بما تيسر من عباءة أو غيرها، هذا هو المشروع.
الجواب: ليس عليك شيء أيها الأخت، ما دام فعلتيه جهلاً وفي الصغر ليس عليك شيء، أما لو فعلته الكبيرة العاقلة المكلفة فعليها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ولا شيء عليها بعد ذلك، أما الصغيرة التي لم تكلف والجاهلة التي لم تعلم فليس عليها شيء، والوشم إذا أمكن أنه يزول بطريقة خاصة يعرفها الأطباء فلا بأس وإلا فلا حرج في ذلك والحمد لله، إنما الذي ينهى عنه أن تعمده وهي كبيرة مكلفة لا يجوز لها؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، أما الجاهلة التي لم تبلغ الحلم أو لم تعرف الحكم فليس عليها شيء.
المقدم: في الحقيقة بعض الناس لما يرون بعض الأشخاص عليهم الوشم يتقززون منهم، بل يدعون عليهم وهم يجهلون حالة هؤلاء؛ لأنهم قد وشموا وهم صغار؟
الشيخ: لا. الدعاء عليهم غلط، ثم الإثم على الذي وشمهم في حال صغرهم، الإثم على آبائهم وأمهاتهم إذا كانوا يعلمون أما الصغار ما عليهم شيء.
الجواب: لا حرج في ذلك، لا حرج أن المرأة تذوق الطعام أو الرجل الطباخ لا حرج، كونه يذوقه هل هو مالح.. هل هو طيب.. ثم يلفظه لا يبتلع شيئاً، لكن يذوقه ثم يلقيه لا بأس بذلك لا في حق المرأة ولا في حق الرجل الطباخ، لا حرج في هذا بحمد الله.
الجواب: السجع الذي غير مقصود ما يضر، إنما السجع المقصود هو الذي يكره؛ لأنه من عمل الكهنة، أما السجع الذي لا يقصد يأتي في كلام الإنسان أو في كتاباته أو في خطبه من غير قصد فلا بأس، وقد وقع في القرآن فواصل متشابهة تشبه السجع لكنه غير المقصود بل لحكم وأسرار أرادها الله عز وجل لما فيها من البلاغة بلاغة القرآن، ولما فيها من توجيه القلوب إلى استماعه والإنصات إليه والاستفادة منه، وليس المقصود السجع، فالسجع الذي لا يقصد لا يضر ولا حرج فيه ولا كراهة، وإنما الكراهة في الشيء الذي يقصد ويريده صاحبه ويتكلفه.
المقدم: إلى هنا -أيها السادة- نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات في هذا اللقاء على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد تمكنا من عرض رسائل السادة: محمد جاسم محمد من العراق من بغداد ويسأل عن الزكاة والجهر، والسائلة (و. أ. ع) من اليمن من تعز وتسأل عن الصلاة الوسطى وتسأل أيضاً عن العادة الشهرية، ورضوان آدم محمد تورين ويسأل عن إهداء ثواب القرآن للميت، والأخت (ح. ع. ص) من العراق وتسأل عن ارتداء العباءة عند المحارم، والمستمع (ش. ع. ح) من القصيم من رياض الخبراء ويسأل عن الوشام الذي يوضع على جلد الإنسان، وأخيراً: رسالة ظافر قمصان القرني من بلاد بالقرن قرية البظاظة.
شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وشكراً لكم أيها الإخوة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر