إسلام ويب

تحدث الشيخ حفظه الله عن موضوع ينخدع به العوام من الناس، ألا وهو الشعارات البراقة التي يرفعها الزنادقة وأهل الكبر؛ ليضلوا بها الناس، ومن ذلك شعارات حزب البعث. ثم تحدث عن ما فعله حزب البعث في أهل الكويت، وقبل ذلك في مسلمي العراق وأهله تحت شعارات القومية التي يتشدق بها، ثم هو يزعم الجهاد عبر إذاعات وأقلام وأفواه مأجورة ...!

أنواع من الابتلاء

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، القائل في محكم كتابه: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:97-99].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يبتلي عباده بالسراء والضراء ليشكروه وليتضرعوا بين يديه، وأشهد أن محمداً عبده رسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق تقاته، وتتبعوا أسباب رضاه واجتنبوا أسباب سخطه، واعلموا أن التقوى سبب تفريج الكربات ودفع المحن والملمات وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

معاشر المؤمنين: لا يخلو زمن من الأزمان إلا وفيه ما فيه من مصائب الزمان ونوائب الحدثان:

والليالي من الزمان حبالى>>>>>مثقلات يلدن كل عجيب

وليست أمة من الأمم مخصوصة بنوع من البلاء دون غيرها حتى يأمن الآخرون فجائع الدهر:

فجائع الدهر ألوانٌ منوعة>>>>>وللزمان مسرات وأحزان

وكلٌ ينال حظه من هذا الابتلاء ومستقل ومستكثر وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140] وقديماً قيل:

رب قوم أصبحوا في نعمة>>>>>زمناً والدهر ريان غدق

سكت الدهر زماناً عنهم>>>>>ثم أبكاهم دماً حين نطق

وقال الآخر:

إذا ما الدهر جر على أناس>>>>>حوادثه أناخ بآخرينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا>>>>>سيلقى الشامتون كما لقينا

معاشر المؤمنين: وقد تبتلى بعض الأمم بالسراء ويبتلى غيرها بالضراء وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35] وكل أمر بتقدير الله جل وعلا وتدبيره وبالغ حكمته، وفيه حصاد العباد بما كسبته أيديهم ويعفو ربنا برحمته عن كثير:

قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت>>>>>ويبتلي الله بعض القوم بالنعم

وقد تكون المصائب مرة: فتكون للجاهلين علماً، وللغافلين عظة وعبرة فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:15].

معاشر المؤمنين: إن ما يدور اليوم في منطقة الخليج، وما فعله البعثيون في المسلمين في الكويت لا يغيب على فكر مسلم غيور على دينه وعرضه، ولكن الجهل كل الجهل أن نفسر الأحداث والوقائع بالأسباب المادية فنظن أنها مشكلة حدودية، أو بسبب تضاعف قروض مالية ناسين أو متناسين أن ما أصابنا فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11] اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، ومن فجاءة نقمتك، ومن تحول عافيتك.

معاشر المؤمنين: وقبل أن نخوض في وصف الأحكام وأخذ الدروس والعبر منها أود أن أعرف وأن يعرف الكثير من المسلمين من هم البعثيون؟ وما هو حزب البعث؟

عقائد حزب البعث

حزب البعث أنشأه رجل نصراني يقال له: ميشيل عفلق نصراني لا يعرف له أصل، وهذا النصراني كان منشقاً عن الشيوعيين الملاحدة، إلا أنه أراد أن يقوم بحزب وجعل شعاره: (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) المهم أن يجتمع العرب تحت لواء هذا الحزب أياً كانت دياناتهم، وأياً كانت عقائدهم ومذاهبهم، وهم يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له منـزلة إلا لأنه عربي فقط أما أن منـزلة النبي بأن الله شرفه بالرسالة، وأكرمه بالنبوة، وجعله خاتم الأنبياء والمرسلين؛ فذلك أمر لا يلتفتون إليه، ولا يعولون عليه، ولا يقيمون لهذا وزناً.

وهذا البعث يجمع مخازي المذاهب والأفكار كلها، فحقيقة حزب البعث تقوم على ثلاثة مسائل:

الأولى: أنه حزب علماني.

الثانية: أنه اشتراكي.

الثالثة: أنه قومي.

ولا أقول هذا الكلام لأننا في مقام العاطفة أو نقد العدو، وإنما نقول: ارجعوا إلى وثائق البعث وما كتبه البعثيون بأنفسهم، وما أعلنوه في مؤتمراتهم ولقاءاتهم لتجدوا أن هذا الكلام يعترفون به ويقرون به أولاً وآخراً.

علمانية حزب البعث

وأما علمانية حزب البعث فحقيقتها: فصل الدين عن الدولة، ويعني ذلك: أن تسير أمور الدولة بما يوافق المصالح المادية والاستراتيجيات التوسعية أياً كان هذا الأمر حلالاً أو حراماً.

وإن سألتم عن الدين يقولون: الشخص نفسه له أن يمارس حدوده أو ما أراد من أموره الدينية في حدود شخصه فقط، وليس له أن يجتمع مع أحد باسم الدين، أو يتعاون مع أحد باسم الدين، أو يلتقي مع أحد باسم الله، وإنما غاية الدين عند البعثيين أن تتناول ما تشاء، أو تشرب ما تشاء، أو تأكل ما تشاء، أو تلبس ما تشاء، أو تفعل ما تشاء، فأنت لك الحرية فيما يتعلق بشخصك فقط، وأما ما يربطك بالآخرين وما يجمعك مع الآخرين فلا يسمح البعثيون بهذا؛ يظنون أنه تدخل من الدين في أمور الحياة، وعلمانية الحزب تمنع ذلك على من أراد أن يفعل منه شيئاً.

شعار القومية عند البعث

الأمر الآخر يا عباد الله! أن حزب البعث قومي، ومعنى قوميته: أنه للعرب وحدهم فقط، وما سوى ذلك من المسلمين فلا يقيم هذا الحزب لهم وزناً، بل إن البعث لا يقيم للإسلام وزناً وإنما يقيم الوزن للعرب لكونهم عربا، ويمكن أن ينطوي تحت لواء البعث العلماني والشيوعي والنصيري والدرزي والخبيث والرافضي والقادياني وكل من له بدعة، المهم أن يكون عربياً سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو وثنياً مشركاً أياً كان لا يلتفت لهذه الأمور فقط وإنما هو حزب عربي.

فمن كان عربياً فالحزب يعترف به ويتعامل به، ومن لم يكن كذلك فلا يقيم الحزب له وزناً، وهذا الكلام متناقض مع ما يفعله البعثيون اليوم، أليس جيرانهم من أهل الكويت وغيرهم من العرب؟ فلماذا يفعلون بهم هذا؟

نعلم من هذا أن هذه شعارات زائفة براقة يخدعون فيها سذج الناس وبسطاء الخلق ليجرّوهم للانضمام تحت هذه الأحزاب، وما سوى ذلك فإن الحزب كله جامع لحقد يهودي ونصراني وعلماني وإلحادي وشهوات شخصية بشرية بحتة لا يلتفت إلى ما سواها.

الأمر الثالث من أركان هذا الحزب: أنه اشتراكي: فيقولون بمبدأ حزبهم أنه لا يجوز أن تكون السعودية مثلاً غنية والبعثيون فقراء، أو أن يكون الكويتيون أغنياء والعراقيون فقراء، أو لا يكون أهل الخليج أغنياء والعراقيون فقراء، بل إن الحزب يجمع على شعار الاشتراكية، ويعني هذا: أن يشترك العرب كل العرب بما فيهم من اليهود والمجوس والنصارى والعلمانيين والإلحاديين والقاديانيين والبعثيين والنصيريين والدروز وكل الطوائف الضالة الكافرة كلهم يتمتعون بخيرات الأمة العربية.

الأمة العربية -يقولون- لابد أن تقسم خيراتها على جميع أبناء الأمة العربية، وكذبوا وخسئوا، لو صدقوا في ذلك لكانت خيرات العراق تعود على أبنائها، ولكن قيادة البعث ثرية غاية الثراء، وبقية الشعب في منتهى الفقر والذلة والمسكنة وقلة الحال وذات اليد، فهذه الشعارات ساطعة براقة، فهذه شعارات زائفة يرفعونها ليخدعوا بها السذَّج والبسطاء.

والمصيبة كل المصيبة: أن أبناء المسلمين أو من شبابهم يوم أن يسافر إلى بعض دول الخارج أو يوم أن يكون منحلاً من دينه غير ملتزم بأوامر ربه؛ تجده يدخل هذه الأفكار، وتداعبه الأحلام الماسية، يظن أنه سينعم يوماً ما بأهداف البعث وما يعدونه به، وما علم أنهم يستخدمونه مطية لكي يصلوا به إلى ما يريدون وما يشتهون، ثم بعد ذلك جزاؤه أن يرمى أو أن يقتل، وما أكثر البعثيين من أبناء الحزب الذين اختلفوا مع قادتهم فقتلوا وصفوا، وحسبكم أن مائة وعشرين ضابطاً من ضباط الحزب وبعضهم من العراقيين لما تناقشوا في قضية غزو الكويت كان مآلهم أن يقتلوا وفتحت الرشاشات على صدورهم قبل لحظات الغزو، أفبعد هذا ينخدع مسلم بهذه الشعارات البراقة، وهذه المناهج الزائفة؟

والله إن أمة العرب كانت أهون على الله من الجعلان والجنادب والجراد والخنافس، وليس لأمة العرب وزن إلا بالإسلام؛ فمن أراد أن يرفع العرب لأنهم عرب فإن أبا لهب وأبا جهل وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط من أصلاب العرب ومع ذلك فإنهم في الدرك الأسفل من النار.

العرب بين الإسلام والبعث

إن العرب ليسوا بشيء ما لم يكونوا بالإسلام؛ فإن قاموا في الإسلام فهم وغيرهم من أمم العالم شرقيه وغربيه يتنافسون في هذا الدين وكلاً ينال حظه منه.

أليس البخاري من بخارى ؟ أليس أبو داود من سجستان ؟ أليس الترمذي من ترمذ ؟ أليس علماء الإسلام كلهم من مختلف بلاد العالم؟ ما الذي رفعهم: هل رفع البخاري أنه عربي؟ هو من بخارى ، هل رفع الترمذي لأنه عربي؟ هو من ترمذ ، هل رفع مسلم بن الحجاج أنه عربي؟ بل هو من نيسابور ، إذاً ما الذي رفعهم؟

رفعهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن أراد أن يرفع في العرب راية القومية فرايته فاشلة، وهذه الراية يا عباد الله سبق وأن صفقت لها سذج الجماهير وبسطاء الناس أيام جمال عبد الناصر وما ذلك علينا ببعيد، قام الناس يريدون أن يجعلوا للأمة زعامة عربية يجتمعون باسم العربية، وينضوون تحت لواء العرب، وتجمعهم الرابطة العربية، ولكن حتى هذه الرابطة العربية تنقسم أقساماً فيما بينها، فالمصريون وهم عرب يختلفون فيما بينهم هؤلاء عرب من هذه .. وهذه، فالعراقيون وهم عرب يختلفون فيما بينهم، والنجديون وهم عرب ينقسمون فيما بينهم، واليمنيون وهم عرب ينقسمون ويتفرقون فيما بينهم؛ إذاً فرابطة العربية رابطة لا تنضبط ولا يمكن أن ينضوي تحت لوائها ولو عشرة أشخاص؛ لأن كل واحدٍ منهم ينـزع إلى قبيلة.

فإذا كنت تتفاضل على هؤلاء بأنك عربي فالعرب بعضهم قد يرفعونها عصبية فيتفاضلون فيما بينهم بقبائلهم، والقبيلة الواحدة يرفعونها عربية فيختلفون فيما بينهم بتفاضل أفخاذهم على بعض، والفخذ الواحد يتنازعون فيما بينهم بتفاضل كل أسرة وعائلة على بعض.

إذاً: فالعربية ليست رابطة، إنما الرابطة الإسلام، إن الذين يطبلون وينعقون في هذه الإذاعات البعثية يريدون أن يجمعوا الأمة تحت لواء العرب هذا لواء فاشل، هذا لواء مدحور، هذا لواء مستهلك أراد عبد الناصر أن يجمع العرب به ففشل، وانكشفت أطماعه، وأخزاه الله، وولى إلى قدر الله نسأل الله أن يجازيه شر ما جزى طاغية في فعله، ألم يعذب المسلمين وهم عرب؟ ألم يقتل الإخوان المسلمين؟ ألم يشنقهم في السجون؟ ألم ينصب لهم ساحات الإعدام؟ ومع ذلك ما نفعهم أنهم عرب بين يديه؛ إلا أن حقيقة الأمر تعود إلى حقد الإلحاد وإلى بغضائه وكراهيته في العقيدة.

فينبغي -يا معاشر المؤمنين- حينما نقع في مصيبة من المصائب ألا نفزع لكي نسمع التحليل الاخباري من إذاعة لندن أو نسمع إذاعة مونتكارلو أو أي إذاعة بل نفزع إلى كتاب الله، ما ذا يقول الله جل وعلا؟

وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ [النساء:83] لو أن كل حدث نرده إلى كتاب الله وسنة رسول الله لعلمه الذين يستنبطون الفقه ويعرفون أحكام الشريعة لا أن نصدق ما تقوله الإذاعات، وحسب مسلم جهلاً وغفلة وبلاهة وسخافة أن يأخذ الفكر من هذه الإذاعات.

إن الإذاعات التي تطنطن وتطبل من هذه الأحزاب الضالة والله ما تبني في مسلم شهامة، ولا ترفع فيه كرامة، ولا تجعل له من الدين آية أو راية هذه حقيقة البعث .. حزب علماني، فصل الدين عن الدولة، لا مكانة للقرآن والسنة فيه، حزب قومي يجمع العرب أياً كانوا يهوداً أو نصارى أو مجوساً أو دروزاً أو بعثيين المهم أنهم عرب، حزب الاشتراكي لا بد أن تنتزع رصيدك الذي في البنك وأقسمه فيما بيني وبينك .. وأنت يا من تملك السيارتين لا بد أن تقسم بيني وبينك هذه مزاعمهم، وهذه أفكارهم، فهل بعد هذا يظن مسلم أن هذه العناصر التي يرفعها هذا الحزب ليست معقولة فعلاً فضلاً أن تطبق واقعاً، لا يمكن أن نتصور أن نستطيع أن نجمع أمة على رباط علماني قومي اشتراكي.

أليست لبنان أريد لها أن تكون دولة اللبنانيين أجمع بما فيهم الدروز، وبما فيهم المليشيات المسيحية، وبما فيهم النصرانية وبما فيهم مختلف الطوائف؟ هل استطاعت لبنان أن تجمع دولة واحدة تحت جنسيات وعقائد مختلفة؟

لا؛ لأن الله جل وعلا يقول: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ [الأنفال:39] لأن الفتنة في بقاء هذه المذاهب، وفي مدى بقاء هذه الجنسيات، وفي بقاء هذه الأحزاب والتيارات: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال:39] حينما يكون الدين لله، والحكم لله، والأمر لله، والتشريع لله، حينئذٍ تستقر الأمة، أما أن يراد لأمة من الأمم أن تكون دولة وتحتها أحزاب مختلفة وترفع شعارات متباينة، تريد أن تجمع الناس خليطاً مزعجاً مشتركاً من العقائد والمذاهب والتيارات؛ هذا لا يمكن أن يتحقق تخيلاً فضلاً أن يطبق واقعاً.

زعم البعث للحرية

معاشر المؤمنين: ويزعمون خداعاً للسذج والبسطاء: أن هذا الحزب يرفع شعارات الوحدة والحرية، ولذلك انخدع بهم وانكشف من انكشف معهم من أذنابهم في الجنوب والشمال وعرفوا على حقيقتهم، ولكن اعلموا وخذوها قاعدة: (إن الذي ليس على دينك لا يعينك) قالتها العوام والعجائز والشيوخ.

والله هذا أمر حقيقي، ظننا أن بعض الأمم يمكن أن يجدي فيها المعروف وبسط المعونات والمساعدات، وفي هذه اللحظات الحرجة نجد النكوص والغدر بالعهود والمواثيق ولكن حسابهم مع الله قريب، نسأل الله أن يرينا فيهم أسوأ ما رأيناه.

سفاح يعظ جنوده بالجهاد في سبيل الله

معاشر المؤمنين: وأما ما رفعه ذلك الطاغية البعثي -الذي يجلّ المنبر عن ذكر اسمه- وحزبه أولاً: الجهاد في سبيل الله عبر إذاعة مستأجرة بالأموال، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة، إذاعة استأجرت حناجر بالأموال، وأقلاماً بالأموال لتكتب عن الصف ولتطنطن في الإذاعات، وماذا بعد ذلك يا عباد الله؟ أخذوا يرفعون شعار الجهاد في سبيل الله وتحرير الحرمين، وعجبت يوم أن سمعت هذا:

خرج الثعلب يوماً>>>>>في ثياب الواعظينا

ومضى في التو يمضي>>>>>ويسب الماكرينا

يا عباد الله توبوا>>>>>فهو كهف التائبينا

أصبح فرعون واعظاً! متى عرفت الثعالب بالأمانة؟! متى عرف فرعون بالوعظ والإرشاد؟!

أفي هذه اللحظات خرج ذلك الطاغية البعثي يصيح عبر الحناجر المأجورة والأقلام المستأجرة يرفع نداء الجهاد في سبيل الله، هل يرفع نداء الجهاد في سبيل الله الذي قتل الأكراد في كردستان ، منطقة يسكنها الأكراد السنة تتنازعها خمس دول، إقليم يتاخم الاتحاد السوفيتي، وإقليم يتاخم تركيا ، وإقليم يتاخم سوريا ، وإقليم يتاخم العراق ، هذه الأقاليم المتاخمة في وسطها بلاد اسمها كردستان أغلبهم من السنة، هؤلاء كان عدواً لدوداً لذلك الطاغية المجرم، ولما أراد أن يفتك بهم ماذا فعل؟

أرسل الطائرات فضربتهم وجعلت بلادهم خراباً بل قاعاً صفصفاً كأنه ليس بها على ظهر الأرض أحد، ولما فر من فر من النساء والأطفال والعجائز والشيوخ قابلتهم الناقلات والشاحنات التي تحمل المواد الغذائية، ففرغت المواد الغذائية هذه الناقلات وحمل فيها الأطفال والعجائز والأرامل والشيوخ، فلما بلغه الأمر قال: الآن الفرصة! اضربوهم وهم في صناديق الشاحنات، فتوجهت الطائرات وأنزلت قذائفها على كل شاحنة تمتلئ بالبشر، وعندي صور تدل على هذا، لا أقول هذا جزافاً لا والله بل عندي صور ورأيت فلماً مصوراً من التلفزيون الاسكندنافي من أوروبا نقل عبر الأقمار الصناعية في هذه المذبحة التي بلغ عدد ضحاياها أكثر من ثلاثمائة ألف.

هل الذي يفعل هذا يرفع الجهاد في سبيل الله؟! هل الذي يفعل هذا بالمسلمين يرفع الجهاد في سبيل الله؟! هل الحزب يحرق عالماً من علماء العراق بالنار لما امتنع من أن يؤيد الاشتراكية والبعثية ؛ صبوا عليه البنـزين وأحرقوه بالنار، هل يرفع الجهاد من يفعل هذا؟ كيف تنطلي على أمة المسلمين هذه الألاعيب وهذه الحيل؟!

إن كثيراً من الأمم قبلهم قد رفعوا شعار الإسلام ليصلوا في ذلك إلى أطماعهم ومؤامراتهم ومع ذلك ما كان العلماء والفطناء والأذكياء يغفلون عن هذه الشنشنة الأخزمية التي عرفت من أولئك الفجار الذين يتلاعبون بعقول الأمة، ولكن الحقيقة تفرض نفسها .. إن الإعلام يعبث بالشعوب، ولذلك لما رفع ذلك الطاغية شعار الجهاد في سبيل الله تطوع عدد من السذج في بعض البلدان المجاورة وقالوا: نحن جنود لهذه الطائفة، وإن كنت تريد أن تغزو إسرائيل أليست إسرائيل جارة للبعثيين، لماذا لم ينل إسرائيل طلقة رشاش واحدة؟

إن كنت تريد الجهاد فالميدان قريب ولا يحتاج إلى مسافة، وهل رفع الجهاد إلا في هذه اللحظة التي دخل فيها جنودهم وسرقوا الأموال وخوفوا الآمنين وشردوا المطمئنين؟ كيف تنطلي على العقول لعبة ما يسمى بالجهاد في سبيل الله.

إننا أولى أن نرفع هذه الراية، وإننا أولى بها أن نعلن الجهاد في سبيل الله ضد البعثيين الملاحدة الكفار، ولا طمأنينة إلا برفع راية الجهاد في سبيل الله: (ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا) (وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا) فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة: (إذا رضيتم بالزرع، وتبايعتم بالعينة، وتبعتم أذناب البقر؛ سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم).

والله ثم والله ثم والله إن ما حل بـلبنان والكويت وأفغانستان وكشمير ليس ببعيد أن يحل بنا ما لم نجاهد في سبيل الله وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60] ماذا يفعل الإعداد؟ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ [الأنفال:60].. وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ [الأنفال:60].

نعم يا عباد الله! إن الإعداد يوم أن تعلم الشعوب المجاورة أن الشعب السعودي شعب مجند، مدرب، يحمل السلاح ويعرف إطلاق النار، ويلبي نداء الجهاد، وفي أي لحظة يقدم كفه على روحه وليمت من يمت وليقتل من يقتل هكذا تبقى الأمة:

وفي القتلى لأقوام حياة>>>>>وفي الأسرى فدىً لهم ورق

ما لم تقدم الأمة ثمناً للأمن والرخاء والطمأنينة من فلذات أكبادها وإلا فإن دورة الحياة دائرة، دورة الأمن والرخاء والطمأنينة تدور دورة، ثم تنتهي بخلود الناس وتوجههم إلى الترف والرفاهية والعبث بملذات الدنيا، لا نريد هذا نريد أنفسنا وشبابنا يقفون في أي لحظة وهم مستعدون أن يتوجهوا إلى الجبهات كلٌ يعرف ثكنته وقائده ومهمته؛ بهذا تحفظ الأمة نفسها.

والله يا عباد الله! لا يحفظ البيت إلا صاحبه، ولا يحفظ الدار إلا بانيها، وإننا نسأل الله جل وعلا أن يجعل في هذه الأمة خيراً وبركة، ولا يزال فيها كثير من الخير بل الخير كله إلا ما شاء الله بما كسبت أنفسنا، نسأل الله أن يبارك لنا في ذلك، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

ثم اعلموا يا عباد الله! أن الذي يرفع هذا اللواء ليحرر فلسطين ليس هو ذلك الذي جاء بالحديث في آخر الزمان: (تقاتلون اليهود حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم ورائي يهودي تعال فاقتله) ولم يرد في الحديث يا بعثي ورائي يهودي تعال فاقتله.. فماذا يرجى من هذه الدعايات المضللة التي تغني صباح مساء:

آمنت بـالبعث رباً لا شريك له>>>>>وبالعروبة ديناً ما له ثاني

هل ينتظر من هؤلاء الملاحدة أن يرفعوا للإسلام راية أم أن يجاهدوا في سبيل الله؟

إذاً: فاعرفوا ذلك معاشر المسلمين، أما دعواه أنه سيضرب إسرائيل فوالله ثم والله:

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً>>>>>أبشر بطول سلامة يا مربع

والله لا يستطيع ولا يجرئ على غزو اليهود إلا مسلم يتحرك بذلك؛ ليس لأجل العرب وإنما لله ولأجل الله وفي سبيل الله ولإعلاء كلمة الله، وأما ما سوى ذلك فلن يستطيع بأي حال من الأحوال.

معاشر المسلمين: إن الذي يرفع راية الجهاد ليس هو الذي يفرض عقوبة الإعدام على من يدخل أشرطة إسلامية في البلد، إن من وجدت في حوزته أشرطة إسلامية من الخطب والندوات والمحاضرات لعدد من العلماء عقوبتها الإعدام، فهل الذي يرفع الجهاد في سبيل الله يعاقب بالإعدام على هذا؟

كذلك: هل الذي يرفع راية الجهاد في سبيل الله يقتل آلاف المسلمين، ويجعل عقوبة المحافظة على الصلاة مع الجماعة بانتظام أن يكون صاحبها مشبوهاً يتابع ثم يعاقب بالسجن والأعمال الشاقة؟

أهذه صفات وسمات من يرفع راية الجهاد في سبيل الله؟

العبرة من حادثة غزو صدام للكويت

واعلموا يا معاشر المسلمين: أن الأمة ما لم تستفد من هذه الحادثة درساً وعبرة وآية عظيمة فمتى تعتبر إذاً؟ متى نعتبر إذا لم نعتبر بالمسلمين ولما حصل لإخواننا وجيراننا، واعلموا أنها ليست الأولى، إن ما فعل بالكويتيين فعل بالأفغان نقطة نقطة .. دقة بدقة.

والله إن ما فعل بالكويتيين فعل بالأفغان، أخرجوا من ديارهم، وقتلوا، وشردوا، وحملت بناتنا، ورمين عرايا من على الطائرات، وعلق الأطفال في أغصان الشجر، وسلخوا كما تسلخ الشياه، وتسلخ فروة الرأس من الجمجمة ... ألوان من التعذيب، في منطقة من مناطق بنشير في الشمال فيها خمسمائة مسلم دكدكتها الطائرات وانتهت وليس لها وجود أبداً.

إن ما يفعل بـالكويت سبق وأن فعل بـأفغانستان وفعل بالمسلمين السنة في لبنان، ولكن هل نعتبر يا معاشر المسلمين؟! مع أننا على أمل وثقة بالله أن الله جل وعلا سيرفع هذا العدوان، وستعود الكويت لأهلها ولأبنائها ورجالها، وعسى الله أن يجعلها بعد ذلك دار عز وتحكيم لكتاب الله وسنة نبيه ووحدة على كتاب الله وسنة نبيه لإعلاء الدين والأمة.

معاشر المسلمين! إن ما حل بالمسلمين بـالكويت لا يمكن أن ينساه التاريخ .. وسيبقى في سجل التاريخ مدوناً حرفاً حرفاً، فصلاً فصلاً، مشهداً مشهداً؛ لأن الناس أصبحوا يشكون هل هم في حلم أم في يقظة، إن منهم من يقول: هل أنا الآن في أحلام على فراش أم أنا في يقظة أتعامل مع الأحداث وأنا حي يقظ؛ من شدة الهول والفاجعة في مرارة المأساة.

وهذه أمثلة ورأيتم عبر الشاشات والتلفاز والإذاعات وسمعتم ما حصل وما ذكره إخواننا نسأل الله أن يفرج وأن يرفع البلاء عنهم:

سيارة خرجت في ثمانية عشر شخصاً، رب أسرة مع أسرته وأولاده وبناته يتوجه فراراً بعرضه -لأنهم بدءوا بالأعراض قبل الأموال- وبدينه وبنفسه وما الذي حدث؟

وجد المنافذ الحدودية مغلقة، فسلكوا الطرق البرية فتعثرت السيارة في الرمال، ولم يكن حولهم من يسعفهم حتى جاء رجال الإغاثة؛ فوجدوا من في السيارة ما بين طفل وأم وبنت قد ماتوا .. ثمانية عشر ماتوا من الجوع.

وليسوا وحدهم يا عباد الله! بل الذين ماتوا كثير لكن هذه الحادثة مات بها أقوام من العطش والجوع في الرمال بسبب من؟ ولوجه من؟ ولأجل من؟ ولمصلحة من؟

لهذه النـزوات البعثية الحاقدة على الإسلام والمسلمين.

وما حال المسلمين في تلك اللحظات، اجتاحوا وفي المستشفيات نساء يلدن؟ يعانين آلام الطلق والولادة، اجتاحوا المدينة وفي المستشفيات من المعوقين والمشلولين والذين هم في غيبوبة الذاكرة أخرجوهم ورموا بهم في الطرقات والشوارع منهم من مات في مكانه، ومنهم من جاء من يسعفه لأجل من؟ ولوجه من؟ وفي سبيل من؟ هذا سؤال لا يوجد له جواب أبداً في هذه اللحظات، هناك من كانوا يغسلون موتاهم، هناك من كانوا يدفنون موتاهم، هناك من كانوا يشهدون جنائزهم، مصيبة لا تعدلها مصيبة، أناس قد أمسوا آمنين فأصبحوا مشردين، أناس أمسوا أغنياء فأصبحوا فقراء، أمسوا مجتمعين وأصبحوا مشردين، كل هذا لمن؟

لا تجد جواباً إلا أنه إشباع لهذه النـزوات التوسعية البعثية الحاقدة على الإسلام والمسلمين.

والآن في هذه المدينة مزارع خاوية ليس فيها إلا الهزال من الشياه والماعز، وفيها قصور تعبث بها الريح وتصفر في ردهاتها وجنباتها، لماذا شردوا أهلها؟ لماذا طردوا عنها؟ لوجه من؟ ولمصلحة من؟ كلها مصيبة من أعظم المصائب.

ومما يدلكم على أنه عدوان مادي توسعي حاقد: أن أحد إخواننا من رجال الإغاثة قابل أسرة كويتية ملطخة بالدماء، فقال: ما الذي بكم؟ قالوا: كان معنا رجل ومعه ساعة ثمينة، فقال الجندي الحاقد: أعطيني الساعة، فرفض أن يسلمها له؛ ففتح الرشاش على جسمه وصدره، ثم تناثر دمه حتى لطخنا كما ترى والحال هذه، كل هذا لا تجد له جواباً إلا أن أولئك اجتمعوا على الكفر والباطل، ونحن يا أمة الإسلام ينبغي أن نجتمع على راية التوحيد وكلمة الإيمان.

إن ما حل لم يحل بالكويتيين وحدهم بل حل بالمسلمين أيضاً قبلهم، ومع ذلك فهل نعتبر؟ هل نجد من هذا عبرة؟

الثقة بالله رأس كل شيء

أعود بعد ذلك إلى فصل خطير من هذه القضية ألا وهو: مشاركة القوات الأمريكية لا أقولها معترضاً لا، وإنما أقولها سائلاً الله عز وجل أن يجعل مجيئهم سخرة لنا، نسأل الله أن يسخرهم لنا، وأن ينفعنا بما عندهم من علومهم وأن يدفع البلاء عن المسلمين أجمع .. هذه القضية صار فيها هرج ومرج، ولكن فلنفهم جيداً أن الأمريكان أهل كتاب نصارى أما البعثيون الذين يقولون:

آمنت بـالبعث رباً لا شريك له

فإنهم لا يؤمنون بالله فهذه استعانة بنصراني على ملحد بعثي غاشم، افهموها جيداً ولا تعبث بكم الأهواء والأفكار أو حديث المجالس واللقاءات الخاصة، وبعضكم لا يدري كيف يحلل الوضع جيداً.

والأمر الآخر يا عباد الله! أن الناس كانت أيديهم على قلوبهم من الفزع والخوف والقلق قبل وصول القوات الأمريكية، فلما وصلت اطمأنوا جميعاً! نحن لا ننـزعج من وصولها ولكن ننـزعج من أن الناس ارتبطوا بهذه القوة ولم يرتبطوا بالله، هنا الخطورة.

يوم معركة بدر كم كان عدد الصحابة؟ وكم كان عدد المشركين؟

كان عدد الكفار ثلاثة أو أربعة أضاعف المؤمنين، ومع ذلك القلة المؤمنة انتصرت على الكثرة الكافرة، ويوم حنين كان عدد الصحابة اثنا عشر ألفاً وعدد الكفار ثلاثة آلاف فهزم المسلمون في البداية .. ففي بدر كان المؤمنون قلة والكفار كثرة فانتصروا؛ لأنهم تعلقوا بالله تعلقاً وقطعوا الأمل بما سواه فنصرهم الله جل وعلا.. وما النصر إلا من عند الله وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة:25].

عدد الصحابة اثنا عشر ألفاً وعدد الكفار ثلاثة آلاف فانتصر الكفار في البداية.

إذاً: هل الذي يحقق النصر هو القلة والكثرة أم الله جل وعلا؟

إنه الله جل وعلا؛ فلنرتبط بالله، ولنعلم أن الأمر بالله، ولنلح بالدعاء وسؤال الله جل وعلا أن يهلك هذه الأمة الظالمة الفاسدة.

ومن المصيبة أن من شبابنا أو رجالنا -ولا أقول كلهم- من يجلس يحلل الأحداث على ضوء ما يسمع من الإذاعات والنشرات والتحليلات .. وعلى ضوء ما عند الدول والقوات والعدد والعتاد، وينسى أن يجعل الأحداث مرتبطة بمن أحدثها ومن قدرها ومن خلقها ومن له المشيئة والحكمة البالغة فيها.

مثال ذلك: شخص في هذا المكان فلا يرى مخرجاً إلا مع هذه الأبواب المفتحة، أما المسلم فيرى في كل نسمة وذرة من هذا المسجد مخرجاً له لماذا؟ لأنه يرتبط بالله والله قادر أن يفتح له أبواباً عديدة.

فينبغي أيها الأحبة ألا نظن أن النصر، أو هزيمة الكفار البعثيين، أو أن خلاص الأمة من هذه الأزمة مرهون بهذه الأمور التي نراها ونسمعها في الأحداث والتحليلات، بل إن لله أمراً لا نعلمه: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ [المائدة:52] فعند الله أمر لا تعلمونه، فاسألوا الله هذا الأمر الذي به الفرج والنصر والعزة وما ذلك على الله ببعيد.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

دعوة لمساعدة أهل الكويت في محنتهم

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2] وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.

معاشر المسلمين: إن واقعنا الآن يحتاج إلى نجدة، ويحتاج إلى نخوة، ويحتاج إلى إيثار، ويحتاج إلى تضحية لنقف مع إخواننا أبناء الكويت ؛ علنا أن نجزيهم أحسن ما صنعوا بالمسلمين في أفريقيا، إن المعروف لا يضيع، وذلك مثل: لجنة الدعوة الإسلامية، وهي لجنة كويتية ذات أعمال إسلامية نافعة رائعة، ولجنة مسلمي أفريقيا ، لجنة كويتية لها نشاط لا يمكن أن ينكر في بلاد أفريقيا.

إخواني! إن أبناءنا وأمهاتنا وأصهارنا وأنسابنا وأقاربنا وأحبابنا الدعاة إلى الله الصالحين من أهل الكويت! إن للجميع حقاً علينا فلا بد أن نقوم به، وذلك بالمشاركة في أعمال الإغاثة، وهذا أوان بذل المقصود والمطلوب؛ فمن تأخر عن هذا الصيف ضيع اللبن!

إذا لم تفزع الآن فمتى تفزع؟ إذا لم تتحرك الآن فمتى تتحرك؟ متى تهب لنجدة إخوانك؟ إن هيئة الإغاثة الإسلامية المتفرعة عن رابطة العالم الإسلامي وهي تقع على الخط الدائري في الجهة الشرقية من الخط الدائري بعد مسجد الرسي تستقبل جميع تبرعاتك، وإخوانكم وأحبابكم في هذا المسجد ومحدثكم إلى الله الفقير إلى الله عضو فيها نستقبل تبرعاتكم ومعوناتكم، وسنجعل على الأبواب من يجمع التبرعات الآن؛ فرجائي أيها الأحبة أن تهبوا لنجدة إخوانكم وأن تفزعوا لمساعدتهم وأن تبذلوا بذلاً سخياً طيباً وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ [البقرة:267] ينبغي أن نبذل وألا نخشى فقراً الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً [البقرة:268] فمن أنفق أُنفِق عليه، ومن تصدق تُصدق عليه، والصدقة تدفع الخطيئة وتدفع البلاء وتطفئ غضب الرب.

والأمر الأهم من هذا أيضاً: الدعاء الدعاء يا عباد الله! اجتهدوا في الفجر وفي صلاة الوتر وفي جميع الصلوات أن تسألوا الله جل وعلا لإخوانكم أن يفرج الكربة، وأن يرد الأهل إلى ديارهم وبيتهم، وأن يعزهم، وأن يجمع شملهم من جديد، وإلا فإن المصاب ليس بهين أبداً، كل واحد منكم: ما شأنك الآن لو أنك الآن لا تعرف أين زوجتك؟ أو أنت لا تعرف أين أختك أو بنتك؟ أو أنت لا تعرف أين ولدك، أو لم تجد بيتاً تسكنها، أو لا تجد مالاً، أو سيارتك واقعة أمامك لا تجد مالاً تشتري به وقوداً تقودها؟ الأمر ليس بهين .. طفلٌ يبكي يريد حليباً وليس في جيبك ريال، ماذا تفعل أمام هذه المصيبة؟! وأم جف ثديها بهول الفاجعة، ماذا تفعل أمام هذه المصيبة؟! أو بنت انتهك عرضها وأنت ترى ماذا تفعل أمام هذه المصيبة؟ هذه تحتاج إلى فزعة ونجدة فافزعوا وابذلوا لوجه الله جل وعلا والدعاء الدعاء.

وأوصي الإخوة الذين يقومون على أعمال الإغاثة في المدارس أن يطلبوا من الساكنين في المدارس من إخواننا الكويتيين والساكنين في مختلف المساكن والمجمعات أن يقوموا قبل الفجر بساعة وأن يسألوا الله أن يفرج كربتهم، والله هذا هو السلاح، الذي به ترد الحقوق، وبه يشفي الله صدور المؤمنين من الكافرين، وبدون هذا إن نحن نتكل على قوة فإن القوة خذلت المؤمنين والرسول معهم، الكثرة ينبغي ألا نتكل عليها.. بل نعتمد على الله جل وعلا ثقة بالله وثقة بنصر الله إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ [محمد:7].. وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40] من هنا نجد طريق النصر، البذل والإيثار والدعاء والتقرب إلى الله بترك الذنوب والمعاصي.

إن من شبابنا من لم يزالوا في غفلتهم وكأن شيئاً لم يكن، لا زالت شلل البلوت تجتمع، ولا زال بعضهم يجتمعون على الطرب، ولا زال بعضهم يسهرون، ولا زال بعضهم يسمعون ويغنون وكأن شيئاً لم يكن، والله إن الأيام تدور، وكلٌ ينال حظه؛ لكن ينجي الله الذين آمنوا والذين اتقوا وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ [الزمر:61].

فبإذن الله جل وعلا إذا حصل هذا الإيمان، وهذه العودة والتوبة والتقرب إلى الله بترك الذنوب والمعاصي فأبشروا بالفرج عاجلاً غير آجل، وثقوا بالله فإن من وثق ولجأ وتوكل على الله فإن الله لا يخذله.

أسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أهلك البعثيين، اللهم اهلك طواغيت البعث، اللهم احصهم عدداً، ولا تغادر منهم أحداً، واجعلهم بدداً.

اللهم زلزل الأرض تحتهم، وأنزل عليهم طيراً أبابيل من فوقهم، اللهم اجعل الرعب عن يمينهم والخوف عن يسارهم، اللهم اجعل شبح الموت في وجوههم، وأهلكهم بعزتك وما ذلك عليك بعزيز يا رب العالمين.

اللهم لا تجمع للبعثيين شملاً، اللهم لا توحد لهم صفاً، اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم شتت لهم ما تجمع وفرق لهم ما تألف، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.

اللهم أخرجوا المشلولين، اللهم أخرجوا المكفوفين، اللهم فعلوا بالنساء الحبالى وحديثي الولادة فعلوا بهم مالا يفعله يهودي ببشر، اللهم فأرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم أخزهم، اللهم رد كيدهم في نحورهم.

اللهم احفظنا بالإسلام، اللهم توكلنا عليك وحدك لا حول ولا طول ولا قوة إلا بك وحدك لا شريك لك، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت الأول والظاهر والباطن، وأنت على كل شيء قدير، اللهم إليك أنبنا، وبك اطمأننا، وإليك توجهنا، فلا تخذلنا يا ربنا.

اللهم إنا نسألك أن تؤمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم أصلح ولاة أمورنا، اللهم اجمع شملهم، اللهم أدم عزهم ورفعتهم وكرامتهم، اللهم لا تفرح عليهم عدواً، اللهم لا تشمت فيهم حاسداً، اللهم سخر لنا ولهم ملائكة السماء برحمتك وجنود الأرضين بقدرتك. اللهم ارحم المستضعفين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الشعارات الزائفة للشيخ : سعد البريك

https://audio.islamweb.net