إسلام ويب

المراهقة مرحلة يمر بها الأبناء ذكوراً وإناثاً، تتغير فيها الطباع والأنفس، وتتغير اهتمامات الشباب، فيتأثرون بأنمط الحياة المختلفة سلباً وإيجاباً. وفي هذا الموضوع أساليب عملية للتعامل مع المراهقين، هذه الأساليب سهلة على الآباء، عميقة التأثير على الأبناء، وقد قسمت إلى محورين: 1- بناء الصداقة بين الآباء والأبناء. 2- حل مشاكل الشباب بلا مشاكل.

المراهقة وآلامها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أتقدم بالشكر الجزيل للقائمات على اللجنة النسائية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي بـالجبيل الصناعية، واللاتي كن سبباً بعد الله تعالى في هذا اللقاء.

ونصل الشكر بالشكر لكم أنتم أيها الآباء والأمهات، يا من تدفقت عواطفكم حباً لأبنائكم المراهقين، ودعاءً بصلاحهم، وصبراً على زلاتهم، فجزاكم الله خير ما يجزي والداً عن ولده.

نعرض في هذا اللقاء بعض الأساليب التربوية التي تستمد محتواها من القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وآراء المختصين في مرحلة المراهقة، أساليب عملية نرجو أن تكون واضحة وسهلة على الآباء، وعميقة التأثير في الأبناء، نتناولها على مدى ساعة وثلث، نهدف بها إلى زيادة راحتكم في منازلكم، وزيادة استمتاعكم بتربية وإصلاح المراهقين من أبنائكم، وذلك من خلال حديثنا عن المحورين التاليين:

1- بناء الصداقة.

2- حل المشاكل بلا مشاكل.

أما المحور الأول وهو: بناء الصداقة، وفيه خمسة عناصر:

1- اكتشفْ الإيجابيات الصغيرة.

2- عبِّر له عن حبك.

3- تَحَدَّث كصديق.

4- شاركه المتعة.

5- شاركه العبادة.

وأما المحور الثاني وهو: حل المشاكل بلا مشاكل، ففيه سبعة عناصر وهي:

1- طوِّل بالك.

2- اقبل ابنك بعيوبه.

3- الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك.

4- أسلوب (أنا) لحل مشكلتك.

5- اعترف برأيه.

6- الحزم اللطيف.

7- دَعْهُ يَتَوَهَّج.

سأتجنب الحديث عن تعريفات المراهقة، والتغيرات الجسدية، وعلامات البلوغ، وبقية النواحي النظرية، إلا في مواضع قليلة لأهميتها الخاصة، وذلك على افتراض أنها متيسرة في غير هذا الشريط.

عندما أقول في حديثي كلمة (الآباء)، فأنا أقصد الوالدين: الأب والأم، وعندما أقول: (الأولاد، أو الابن، أو المراهق)، فأنا أقصد المراهق والمراهقة على حدٍ سواء.

والآن ننطلق معاً إلى أساليب عملية في التعامل مع المراهقين.

سبحان مَن أودع في قلب الأم غريزةً فطرية، وعاطفة جياشة!

سبحان مَن جعل حبها لأبنائها أكبر من أي تعبٍ أو معاناة، أكبر حتى من آلام المخاض وطرقات الولادة، هذه المعاناة الكبرى التي وصفتها أمٌ شاعرة بعد إنجابها طفلها الأول تقول:

إذا ما تكورتَ في داخلي>>>>>وأثقلتَ جسماً خفيفاً خلي

وبتُ أقلِّب فكر التمني>>>>>سأحظى بليلى ترى أم علي

ولما توالت شهوري الطوالِ>>>>>وقاربتُ هولاً به مأملي

ذبلتُ ذبول غصون الخريفِ>>>>>ومن تكُ مثلي ولم تذبلِ

وحين تزمجر ريح المخاضِ>>>>>تلاطم أمواجُها مركبي

شعرتُ بنوبة شبه الجنون>>>>>وموجة صخبٍ إلى الأصخبِ

كأني من القهر بين الرحى>>>>>تُدَك عظامي بلا موجبِ

استجرتُ بلطفك يا من على>>>>>ضفافك ألقيت ما حل بي

وتنسل مني جذور العروقِ>>>>>جنيناً دعاني من مغربي

وكنتُ مودعةً للحياةِ>>>>>ومبحرةً في دجى غاربي

هناك تذكرتُ بين الملا>>>>>حنانكِ أمي وعطفَ أبي

وأيقظني من سبات عميقٍ>>>>>مَلَاكٌ يغرد في جانبي

استعانةٌ بالله، وحب، وصبر، كل هذا يحتاجه المولود الضعيف في ولادته الأولى، ويحتاجها مرةً أخرى في ولادته الثانية؛ ولادة رجولة الولد، وولادة أنوثة البنت.

ومثلما الولادة الأولى تأتي بعد تسعة أشهر حملاً في رحم امرأة ضعيفة.

كذلك الولادة الثانية ولادة الرجولة والأنوثة تأتي بعد تسع سنين حملاً في رحم مرحلة ضعيفة هي مرحلة المراهقة.

للحمل الأول علامات، وللحمل الثاني علامات.

في شهور الزواج الأولى ينتظر الزوجان علامات الحمل بفارغ الصبر، رغم أن هذه العلامات مزعجة في حد ذاتها من غثيان، واضطراب في النفسية، وآلام، وإغماء أحياناً، رغم ذلك ينتظرون هذه العلامات ويفرحون بها؛ لأن وراءها شيء رائع، وراءها طفل ينتظرونه.

وكذلك علامات الحمل الثاني، يجب أن ننتظرها بشوق أيضاً ونفرح لقدومها، ولا تؤثر على فرحتنا بها كون هذه العلامات مزعجة في حد ذاتها من تمرد، وتذمر، وعناد، أو ابتعاد عن الآباء إلى الأصدقاء، أو حساسية عاطفية، رغم إزعاج هذه العلامات نفرح بقدومها؛ لأن وراءها شيء رائع، وراءها رجل صالح تنتظرونه، ووراءها امرأة صالحة تنتظرونها.

للولادة الأولى آلام متعبة، وللولادة الثانية آلام متعبة أيضاً.

أشد آلام الولادة الأولى: انفصال الطفل بجسده وروحه.

وأشد آلام الولادة الثانية: انفصال المراهق بإرادته وعواطفه، وحتى يحدث هذا الانفصال الصعب يحتاج المراهق لقوتين دافعتين يفجرهما الله في نفسه:

شدة الانفعال.

والحاجة إلى الاستقلال.

ومن هاتين القوتين تكون مظاهر المراهقة المزعجة أحياناً؛ لكن مهما كانت مزعجة فأنتم صبرتم على التي أصعب منها، صبرتم على آلام الولادة الأولى، وبإذن الله تقدرون أن تصبروا على آلام الولادة الثانية، على متاعب المراهقة، وتحلوا مشاكلها، وتبنوا صداقة حقيقية مع ابنكم المراهق، وتبدعوا في تعاملكم معه، وبإذن الله سيتعلم منكم مَن حولَكم مِن الآباء كيف يربون أبناءهم، والأهم من ذلك أنكم تعلمون أبناءكم كيف يكونون آباء في المستقبل بإذن الله تعالى.

تمنياتي لكم بالتوفيق في الاستفادة العملية من هذا اللقاء.

المحور الأول: بناء الصداقة

اكتشف الإيجابيات الصغيرة عند المراهق

أول عنصر من عناصر بناء الصداقة هو: اكتشفْ الإيجابيات الصغيرة :-

في الغالب ينتبه الوالدان لأخطاء الابن وعيوبه أكثر من انتباههم لمحاسنه وميزاته وإنجازاته.

أو ينتبهون لبعض الإيجابيات الجيدة نسبياً مثل اجتهاده في الدراسة، ولا ينتبهون لما هو أهم منه ألف مرة، وهو محافظته على الصلاة مثلاً.

أو يلاحظون؛ لكنهم لا يقدمون رد فعل إيجابي يوازي على الأقل رد الفعل السلبي على أخطائه.

ما أظن أن أحداً يحب رئيسه في العمل إذا كان هذا الرئيس ينتقده بشكل متواصل، بعض الجهلة من الرؤساء والمديرين يظن أن الموظف لا يستحق أن يُشكر على تصرفاته الجيدة؛ لأنها واجبة أصلاً عليه، في الوقت الذي يستحق اللوم أو العتاب على تقصيره وأخطائه، فيصبح (90 %) من حديث هذا الرئيس الفاشل لوماً وعتاباً وتوجيهاً وأوامر، أنت أيضاً أيها الأب! لا تكن رئيس أسرة فاشلاً في بيتك، نجاحك الحقيقي بعنايتك بالإيجابيات مهما كانت صغيرة في نظرك، عنايتك بـ(5 %) من إيجابيات ابنك المراهق أو ابنتك المراهقة تحولها في المرة القادمة إلى (50 %)، ويكفي ملاحظة وانتباهاً لسلبيات أولادنا وعيوبهم.

واستمع معي لقول الشاعر:

لسانك لا تذكر به عورة امرئٍ>>>>>فكلك عوراتٌ وللناس ألسنُ

وأبناؤنا أيضاً لهم ألسن ولهم أعين فاحصة، تنتقد آباءهم بكل دقة ومثالية وقسوة أحياناً، وإذا أصررت على تتبع عثراتهم وملاحظة زلاتهم سيبادلونك النظرةَ السلبية بتتبع عيوبك، واكتشاف التناقض بين المثالية التي تطلبها وحقيقة شخصيتك، وتُشَوِّه صورتَك المشرقة في أذهانهم.

وعلى العكس: إذا لاحظت ميزاتهم سيتعلمون هذه الإيجابيات، وتبدأ أعينهم تبحث عن الإيجابيات التي فيك، فيزداد إعجابهم وتعلقهم واستفادتهم منك، أضف إلى ذلك بحثك عن إيجابيات ابنك وميزاته يزيد اعتزازك بابنك وحبك له، هذا الحب الذي يحتاج دائماً إلى تعبير، فلا تحرم نفسك وتحرم ابنك لذة التعبير عن هذا الحب.

التعبير بالحب للمراهق

العنصر الثاني من عناصر بناء الصداقة وهو: عبِّر له عن حبك :-

عبر عن حبك بالهدية: أي: تعبير عن المحبة والسبب في زيادتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا) حديث حسنه الألباني.

هناك شيء آخر يعبر عن المحبة ويزيدها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم: وحتى تكون هذه الوسيلة سبباً في المحبة لا بد من إفشائها في البيت، لا تقل: خلاص! سلَّمتُ أول ما دخلتُ البيت، فهو كافٍ، لا، أفشِ السلام، دخلت غرفة سلم، وعندما تطلع سلم، وكذلك إذا رجعت فسلم، ولستَ خسراناً.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه) رواه أبو داود، وصححه الألباني.

وتخيل عندما تكون الأسرة كلها تكتسب منك هذه الصفات طوال اليوم، فأفراد أسرتك يدعون لبعضهم بالأمن والرحمة والبركة من خلال هذه التحية العظيمة.

من أكثر ما يثبِّت المودة: احترامك، وإكرامك لأصدقاء ابنك: تدعوهم إلى البيت، تهديهم الهدايا، تسأل عنهم، لا ولدك ولا أصدقاؤه ينسونها لك، وتكسب في صفك أكبر مؤثر على ابنك وهم أصدقاؤه.

مهم جداً أن تدعو لابنك في ظهر الغيب.

ومهم أيضاً أن تدعو لابنك في وجهه وعلى مسامعه: دعوات تسعده، وتشعره بحبك له، فلا تبخل عليه بدعائك.

عبر عن حبك بثنائك عليه في غيابه: وستصله أحاديثك ولو بعد حين، وأثرها بالغ جداً على نفسه.

كذلك لا تنسَ أن تعطي ولدك أو ابنتك كنية يحبها: وهذه سنة؛ أبو فلان، أم فلان، نادِهم بها.

ثم لماذا لا نعبر بطريقة مباشرة؟ أخي الفاضل! ألستَ تحب أولادك؟! قُلْ لهم هذا الشيء، رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره) أخبر ابنك، وأخبر ابنتك، قُلْ: أحبك يا فلان، أحبك يا فلانة، لماذا قاموس الكلام الحلو كله محصور بين الأزواج يجددون فيه، ويتفننون، ويقولون فيه كلاماً جميلاً؟ لماذا المراهقون مساكين، فهم يريدون أن يسمعوا كلاماً حلواً، يكفيهم البحث عنهم خارج البيت؟! ستغمر قلب ابنك المراهق بالحنان لَمَّا تأخذه بين ذراعيك، وتقول: أحبك يا فلان، الحمد لله الذي رزقني ولداً مثلك، فإنه يستأنس كثيراً، ويستغرب ويقول: هناك شيء يا أبي؟! تقول له: فقط أحببت أن أحضنك، وانظر أثر السحر على قلبه وتصرفاته؛ لكن لا تربطها بشيء، أي: لا تفعلها وهو يذاكر مثلاً، حتى لا يخطر في باله أن المحبة من أجل المذاكرة، ولا تؤخر كل هذا عن ابنك أو ابنتك إلى أن يتوقف عن شيء ما تريده، أو ينفذ شيئاً تريده، وكأنك تبتز عيالك، واحدة بواحدة، عندما تجيء إلى البيت مبكراً أضحك لك، وعندما ترتب غرفتك أقول لك كلمة حلوة، تأتي الأول أحضنك، مبدأ الأرض مقابل السلام، هذا ما يريده.

اكتشافك لإيجابيات ابنك وتعبيرك عن حبك له سيجعل لأحاديثك مكاناً في سمعه ووجدانه، بشرط أن تتحدث .

محادثة المراهق كصديق

عنوان العنصر الثالث من عناصر بناء الصداقة هو: تَحَدَّث كصديق :-

في هذا العنصر الهام نفصل بإذن الله تعالى في ست مهارات هامة، وهي:

بطِّلْ محاضراتك.

اختصرْ إجاباتك.

قلِّلْ أسئلتك.

اخترْ أسئلتك.

وتكلمْ لمجرد السوالف.

وأخيراً: صارحْ ابنك المراهق.

المهارة الأولى من مهارات الحديث إلى المراهق كصديق هي: بطِّلْ محاضراتك :-

كثير من جلسات الآباء مع الأبناء فيها محاضرات طويلة، ويتكرر فيها تشغيل شريط معين لكل مناسبة، الأخ تَخانَقَ مع أخيه شَغَّلَ لهم محاضرة: (عيب عليك)، الأب ضربَ ولََدَه وأنَّبَه ضميره شَغَّلَ لهم محاضرة: (أنا أضربكم من أجل مصلحتكم)، إذا فُتِحت المدرسة شَغَّلَ لهم محاضرة: (الدراسة، وشُدَّ حيلك)، الولد يقول في خاطره: يا ألله! هذه عاشر مرة أسمع فيها نفس الكلام.

الكلام بهذه الطريقة لا يفيد كثيراً؛ لذلك عندما تتخيل مدى نجاح أو فشل التعليم النظامي الذي يقوم على سماع الكلام من المعلمين ست ساعات يومياً لمدة اثنتي عشرة سنة على الأقل، فأولادنا يتخرجون وهم لا يعرفون كيف يتكلمون مع الناس، ولا يعرفون الاستماع لغيرهم، بل قد نسوا كل الذي أخذوه، اثنتا عشرة سنة من عمر الإنسان، ثمنٌ غالٍ جداً لمجرد شهادة من أجل وظيفة.

الأب الحكيم يحاول أن يجعل كلامه مختصراً، ومحدد الهدف، وإن كان لا بد أحياناً من بعض المحاضرات فلتكن محاضرات وقائية قبل الخطأ، وليست علاجية بعد الخطأ، وبهذا تخلص ابنك من ضغط الاتهام، ومسئولية الدفاع عن النفس، وتحوله إلى شريك في الكلام، يساهم معك في إثبات صحة ما تقول من خلال تجاربه الشخصية، ويتحول من معارض إلى مؤيد.

توقفك عن إلقاء المحاضرات إلا القليل من التوجيهات الوقائية والمختصرة قدر الإمكان سيضاعف تأثير الكلام وفائدته، لذلك دعنا نستبدل محاضراتنا الطويلة والمملة بخير الكلام، وخير الكلام ما قل ودل.

أحياناً نقع في المحاضرات بسبب إسهابنا في الإجابة عن سؤال سأله المراهق وتورط.

وعن هذه النقطة نتحدث في المهارة الثانية من مهارات الحديث كصديق، وهي: اختصرْ إجابتك :-

الحقيقة يميل الآباء للتحدث كثيراً وإظهار ثقافاتهم الواسعة أمام أبنائهم، فإذا سأله ابنه سؤالاً محدداً يجيب الأب ويتفرع في الإجابة ويطيل ويأخذ راحته، والابن مهما يكن بشرٌ يَمِلُّ، وحبُّه واحترامُه لوالده يمنعه أن يقول: يا أبي خلاص! يكفي، وتلاحظ الولد أنه اختفت من وجهه ومن كلامه أية علامة اهتمام، ينتظر فقط متى يعتقه أبوه، وإلاَّ فهو ماضٍ في الكلام، كأني بالولد يقول في نفسه: لا بأس، أنا الغلطان لأني سألتك، سألتك فتَوَهَّقْتُ.

قيمة كلام هذا الأب مهما كانت لن تكون في قيمة كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك كان عليه الصلاة والسلام يتخير الأوقات المناسبة في كلامه، يخشى أن يمل الصحابة الذين هم أكثر تشوقاً لحديثه عليه الصلاة والسلام من تشوق الأبناء لحديث هذا الأب.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا في الأيام بالموعظة كراهة السآمة علينا) رواه البخاري ومسلم .

لذلك وجب إصلاح هذا الخلل في كلامنا، ليس فقط مع المراهقين، بل حتى مع الطفل الصغير، ويكفينا ويكفيه الإجابة على قدر سؤاله، هذا إذا كنا نريده أن يسأل مرة ثانية.

المهارة الثالثة من مهارات الحديث كصديق، هي: قلِّلْ أسئلتك :-

يقول الدكتور عبد الكريم بكار في كتابه دليل التربية الأسرية : علينا أن نحْذَر من الاستقصاء، ومحاولة التحقق من كل صغيرةٍ وكبيرةٍ في حياته، إذ ليس هناك أي مصلحةٍ في أن ينكشف الابن أمامنا على نحو تام.

ويقول الحسن البصري : ما استقصى كريمٌ قط.

وقال سفيان الثوري : ما زال التغافل من شيم الكرام.

ويقول الشاعر:

ليس الغبي بسيدٍ في قومهِ>>>>>لكن سيد قومه المتغابي

هذا القدر من التغافل المعقول يريحنا أولاً، ثم يريح أبناءنا من الأسئلة الكثيرة، وبالذات الأسئلة العادية والصغيرة، هذه الأسئلة مهما كانت عادية وصغيرة تمثل سلطة وسيطرة، وهذا الذي يحتاج المراهق أن يتخلص منه ولو ظاهرياً، حتى تَسْتَمِدُ شخصيتُه شيئاً من القوة والاستقلال بذاته عن والديه، ولذلك تجده يجيب باختصار وضيق نفس، ويتهرب منها، والأهل يظنون خطأً إنه مُخَبِّئٌ شيئاً أو يعمل شيئاً غلطاً، ويشكون فيه، والأفكار تذهب وتأتي، وهو ما عمل شيئاً، بل لمجرد أنه تضايق من الأسئلة.

تخيلي يا أختي الفاضلة! الضيق الذي يشعر به الزوج -مثلاً- لما تكثرين عليه الأسئلة، وكل قليل تفتحين له محضراً؛ (سين جيم، سين جيم) يتضايق الزوج ولا يتحمل، كذلك المراهق ما يحب سلطة واضحة أو سيطرة مباشرة عليه.

أخي الفاضل! وأختي الفاضلة! رغم تقليل الأسئلة فإنكم تقدرون أن تعرفوا أكثر عن حياة ابنكم والمعلومات التي تطمئنكم من خلال المهارة الرابعة من مهارة التحدث كصديق، وهي: اخترْ أسئلتك :-

مثلاً: صديق ولدك الجديد تريد أن تعرف شيئاً عنه، لا تحتاج أن تلبس ملابس الشرطة وتسأله:

ما اسم صاحبك؟!

من والده؟!

ماذا تعملون مع بعض؟!

أين تذهبون؟!

ماذا عندكم هناك؟!

تستطيع أخذ أضعاف هذه المعلومات من خلال الصداقة التي بينكم، تختار له سؤالاً مفتوحاً، مثلاً:

كلمني عن صاحبك فلان!

ما هو أكثر شيء أعجبك فيه؟

إذا كنت تريد أن تعرف شيئاً عن طلعته التي طلعها -مثلاً- افتح له مجال التحدث في سؤال مثل: هاه! يا فلان! ما هو أحلى شيء في طلعة اليوم؟ سؤال يطلب المعلومة ويمنح الثقة والمحبة في نفس الوقت.

إذاً: اخترْ أسئلة غير مباشرة، وكذلك تحتوي على شيء يشجعه على الكلام، ويشعره بالأمان والراحة، وكلما اهتممت باختيار أسئلتك جاءتك معلومات أكثر، ومن غير أن تبحث عنها؛ لكن تظل عند المراهقين بعض الأسرار الخاصة، وهذا طبيعي.

يقول الدكتور مأمون مُبَيِّض في كتابه أولادنا من الطفولة إلى الشباب : من غير المعقول أن تتوقع أن يخبرك المراهق بكل شيءٍ في حياته، فهو يهوى أن تكون له أسراره التي تشعره باستقلاله وحريته. انتهى كلامه.

طيب! إذا بطَّلنا محاضراتنا، واختصرنا إجاباتنا، وقلَّلنا أسئلتنا، وهذا القليل من الأسئلة نختاره اختياراً، ماذا بقي أن نقول؟ انتهى الكلام؟

لا، بقي كثير جداً، بقي أن نتحدث وإياه.

وهذه المهارة الخامسة من مهارات الحديث كصديق، وهي: تكلمْ مع ابنك لمجرد السوالف :-

تخيل لو أن هناك واحداً يحبك ويحب مصلحتك، وأيضاً هو فاهم؛ لكن ما إن تفتح معه موضوعاً عادياً تريد أن تتحدث وإياه إلا قلبها محاضرة، ونصائح، ولوم، وعتاب، وتوجيه، وأسئلة، ما أظنك تشتاق كثيراً للجلسة معه، ومع الأسف هذا ما يغلب على حديثنا مع أبنائنا المراهقين، إذا كان الإنسان بطبعه لا يحب النصائح المباشرة، فأشد مرحلة يكره فيها هذا النوع من النصائح هي مرحلة المراهقة، وخصوصاً من والديه الذين يصرون أحياناً بنصائحهم ومحاضراتهم التي لا تنتهي أن يلعبوا دور حكيم الزمان.

المطلوب من هذا الأب أو هذه الأم أن يعيدوا النظر في كلامهم، وأن يبدءوا يتكلمون لهدف هام هو التحدث، وليس النصائح، حينما تتحدث مع ابنك عن اهتماماته، ربما لا تهمك؛ لكن ولدك يهمك، انظر ما هي اهتماماته! السيارات؟! تكلم عن السيارات، وموديلاتها، ومواصفاتها، دعه هو يتحدث لك عنها، تحدث وإياه عن أخبار الشباب، والرَّوْحات، والجَيَّات، وأخبارك أنت في الأيام الأولى، تحدث وإياه عن المدرسة وأحداثها، والذي يعجبه، والذي يضايقه فيها. مهتم بالرياضة؟! تحدث وإياه عن الرياضة، وفريقه المفضل، ومن فاز، ومن خسر، ليس مشكلة، تكلم وإياه عن اهتماماته المختلفة طالما كانت مباحة، حتى ولو كنت لست مقتنعاً بها.

وكذلك أنتِ يا أيتها الأم حينما تتحدثين مع ابنتك طبيعيٌ أن تجاريها في مواضيع الموضة، وتصفيف الشعر، مع مراعاة الحشمة، تحدثي وإياها عن مدرساتها المفضلات، وآخر أخبارهن، وصديقاتها العزيزات، وقصصها وإياهن، تسألينها عن الجديد في الأناشيد، تكلمي معها عن اهتماماتها المختلفة طالما كانت مباحة حتى لو لم تكوني مقتنعة بها.

هذه ميزة أحاديث الأصدقاء؛ الحديث في مواضيع تهم المراهق فعلاً، المراهق يجد ميزات يمتلكها صديقه، وربما تمتلكها أنت، وتمتلك معها قلب ابنك، أتدري ما هي؟! أن صديقه لا يحاول أن يتفلسف عليه، ويَتَعالَم بالمحاضرات والنصائح أو الإجابات الطويلة على أسئلته، ولا يحاول أن يضايقه أو يفرض سلطة عليه بكثرة الأسئلة، ويهتم أن تكون أسئلته مقبولة ومشجعة على الكلام، إضافة إلى أن أحاديثه في مواضيع تهم المراهق، كل هذا يخلق تقارباً كبيراً بين الصديقين، ويهيئ فرصة أفضل لواحدة من أهم الصفات التي تميز هذه العلاقة، وهي: المصارحة، وأنت أولى بها.

وعن المصارحة تتحدث المهارة السادسة من مهارات الحديث كصديق، وهي: صارحْ ابنك :-

بين الصديقين كلما صارح أحدُ الصديقين الآخر بشيء تشجع الآخر وصارح بما لديه أيضاً فتقوى العلاقة أكثر وأكثر؛ لكن مهما صارح صديقه، وقويت علاقتهم يظل محتاجاً حاجة عميقة في نفسه، وهي الحاجة لمصارحتك أنت، وتقوية العلاقة معك، مهما أوحت تصرفاته بعكس الشيء، لا يغرك عناد ابنك وجداله، ويخدعك تمرده وعصبيته، ولا تنتبه للكلام المدفون وراء هذه الظواهر، هو يتمنى علاقةً أفضل لتساعده على أن يُخْرِجَ الكلامَ الذي هو محتاج إلى أن يقوله، ابنك محتاج إلى أن يقول: يا أبي هذه إنجازاتي، شجعني، وافتخر بي، محتاج إلى أن يقول: لا تشك فيَّ يا أبي، أنا لستُ مثلما تظن، محتاج إلى أن يقول: يا أبي عندي مشكلة، ساعدني، محتاج إلى أن يقول: يا أبي، ارضَ عني يا أبي، لا تنَم هذه الليلة زعلاناً مني، وصدِّق أو لا تصدِّق! ابنك مهما كبر محتاج إلى أن يقول: يا أبي، احضني، من زمان وأنت ما حضنتني، كما يشير إلى ذلك الدكتور محمد الثويني في كتابه لمسة حنان، هذه المصارحة الغالية من يعلم أولادنا عليها غيرنا؟!

يقول الدكتور محمد الثويني في سلسلة نصائح دموع الفرح : علِّم الأبناء المصارحة بالمحادثة والكتابة والتوسط عن طريق شخص آخر. انتهى كلامه.

طيب! كيف نعلمهم؟

فقط يكفي أن نقول لهم: إذا كان هناك شيء قولوا لنا؟!

لا، نحن نبدأ، ونصارحهم ببعض همومنا وأسرارنا ومشاكلنا، نصارحهم بحبنا لهم من خلال الكلام معهم، مرة نصارحهم بالمحادثة الخاصة، ومرة نصارحهم من خلال وساطة شخص آخر، ومرة بالكتابة والرسائل، وهي أسلوب جميل ومؤثر، ويرجع يقرأ الكلام عدة مرات، ويساعده على التفكير بهدوء، والتحكم في ردود الفعل السريعة، شجِّع أبناءك أنهم يصارحوك بالطريقة التي يرتاحون لها حسب الموضوع والموقف.

وأنتِ كذلك أختي الفاضلة افرحي إذا صارحكِ ولدكِ أو صارحتكِ ابنتكِ، واجعليها تطمئن وتشعر بالأمان، وتشعر أنكِ أم بمعنى الكلمة، فسترينها تضع قلبها بين يديك، وتسمعك كل ما يدور بخاطرها، وتُحِسِّيْنَ لأول مرة بمتعة ولذة أن أولادكِ مراهقون.

مشاركة المراهق في متعته

وعن هذه المتعة المشتركة يحدثنا العنصر الرابع من عناصر بناء الصداقة وهو: شاركه المتعة :

عمر محمد ثلاث عشرة سنة لما عَرَض عليه أبوه أن يشركه في هوايته المفضلة، وهي رياضة الغوص، وفعلاً تدربوا عليها، وعلى الاستعداد لرحلاتها، والتعامل مع معداتها، من بدلة غوص، واسطوانة أكسجين، وبقية التجهيزات، وكيف يتصرفون في المواقف الطارئة، صار محمد ووالده يشكلون ثنائياً مميزاً في فريق الغوص، يستمتعون معاً بمخلوقات الله، ويستمتعون بقربهم من بعض حتى تحت سطح الماء.

سألت محمداً عن أثر هذه الهواية المشتركة مع والده على علاقتهما، وعليه هو شخصياً.

قال: علاقتي بوالدي ممتازة جداً، صارت عندنا اهتمامات مشتركة -انتبهوا يا إخوان للعبارات القادمة!- يقول: وصرتُ أقضي معه وقتاً أطولَ لوحدِنا، وهذا هو الشي الذي أحبه.

يقول أيضاً: الغوص قربني من أبي كثيراً، وأعطاني ثقة أكبر في نفسي، أحس أني أعمل شيئاً، كثيرون لا يعرفون أن يعملوه، ثم إن الغوص علَّمني الجرأة، والخشونة، والحذر، والصبر، والاعتماد على النفس، مثلاً تجهيزات الغوص ثقيلة ومتعبة في نقلها وحملها والعناية بها، ومع ذلك عودني أبي أنه لا يساعدني لكي أكون مسئولاً عن نفسي مسئولية كاملة، نمضي في الرحلة البحرية يوماً كاملاً تحت الشمس الحارة، وأحيانا يتعبنا الموج ودوار البحر، وأيضاً لا بد أن ننتبه للكائنات البحرية الخَطِرَة.

سألت أبا محمد نفس السؤال عن أثر اشتراكهما في الهواية على علاقتهما وعلى شخصية ابنه.

قال: الآن لا أشعر أن بيني وبين محمد أيَّ حواجز، علاقتنا الصداقة أكثر من أي شيء ثانٍ، والحمد لله رب العالمين، هذه الهواية أكسَبَتْ محمداً خبرةً اجتماعيةً جيدةً مِن خلال اشتراكنا باستمرار مع فرق الغوص، وأكْسَبَتْه صفاتٍ كثيرة وحلوة في شخصيته، كنتُ فقط خائفاً ألا يمل منها؛ لكن الحمد لله، ظهر أنه يحب الغوص أكثر مني، وحَصَل على عدة جوائز فيه. انتهى كلامه.

هذا النشاط المشترك بين الأب وابنه، ما أشك أنه ساهم في إشباع الكثير من حاجات محمد النفسية، وساعده على تحقيق إنجازات أكثر روعة من رياضة الغوص، إنجازات يتمناها كل أب لابنه، محمد الآن عمره خمس عشرة سنة وترتيبه الأول على المدرسة، وبفضل الله أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً، نسأل الله تعالى أن يبارك له في حفظه، وأن يجعله وإخوته قرة عينٍ لوالديهم، وأن يجزي مَن رَبَّاه خير الجزاء.

مشاركة الابن مع والده في نشاط ممتع وإيجابي ليس فقط عاملاً مساعداً على تميُّز الابن وبناء شخصيته، بل حتى في علاجه من بعض المتاعب والأمراض النفسية!

تأملوا معي قصة أبي عمر! ما وُفِّق أبو عمر في زواجه الأول، وانتهت الأمور إلى الطلاق.

بعد فترة لاحَظَ أن ابنَه عمره تسع سنين، بعدما كان يتكلم بشكل طبيعي بدأ يتلعثم في الكلام، ويتعثر في النطق، ويتأتئ كثيراً، واستمرت المشكلة، راجَعَ إحدى عيادات النطق بالكلام لكي يأخذ تدريبات لحركة اللسان ونطق الحروف؛ ولكن بدون فائدة، هو في الحقيقة: ما كان محتاجاً لهذا النوع من العلاج، هذا أيضاً الذي فهمه أبو عمر لما قال له أحد الأطباء: المتاعب النفسية لها ظواهر خارجية، وإذا لم نعالج الناحية النفسية قد تعود المشكلة من جديد بعد فترة.

كان سن عمر إحدى عشرة سنة لما قرر والده قراراً مهماً، وهو أن يتدرب مع أبنائه على ركوب الخيل، ويشتركون جميعاً في نادي الفروسية، وبالفعل ارتبطوا بالخيل، وأصبحت هواية الجميع، وجزءاً من حياتهم، فيها تنافسهم، وعنها أحاديثهم، تكسَّرت خلالها الحواجز بين الأب وأبنائه، وتكسرت معها المخاوف في نفوس الأبناء، وأهدتهم الفروسية الكثير من الثقة بالنفس، والخشونة، والرجولة، والشجاعة، وبدأ عمر يتخلص تدريجياً من التلعثم حتى اختفت تماماً بحمد الله، وانقلب ضعفه إلى قوة.

سألت أبا عمر عن آثار اشتراكهم في الهواية على علاقته بابنه؟

فقال بالحرف الواحد: عُمْر ولدي الآن خمس عشرة سنة، لو قلت لك: تكسرت الحواجز بيننا فهو قليل على الذي هو حاصل، الأمر أكثر من هذا، صِرْنا أصدقاء بمعنى الكلمة، وهذا أهم شيء. انتهى كلامه.

هنيئاً للأب بابنه، وهنيئاً للابن بوالده الذي استثمر وقته وجهده في أعظم ثروة؛ في أبنائه.

إذاً نشترك مع أبنائنا وبناتنا في نشاط ممتع، ومن لم يستطع أن يتفرغ لأبنائه لظروف حقيقية ومعذور فعلاً فلا أقل من انتهاز الفرصة السانحة للمشاركة في اللعب، سواءً في المنزل، أو خارجه، فاستمتع بصداقة أبنائك، كما يستمتع بها أبو محمد وأبو عمر ، وغيرهم كثير، وسترى أولادك يشتركون معك في أعظم ما يقوي العلاقة، يشتركون معك في أغلى شيء، وأعظم أمانة، وسر الوجود، يشتركون معك في عبادة الله الواحد القهار.

مشاركة المراهق في عبادته

وهذا هو العنصر الخامس من عناصر بناء الصداقة، وهو: شاركه العبادة :-

المراهقون والمراهقات مهيئُون تماماً للتدين والاستقامة على الدين بطبيعتهم كمراهقين.

يقول معروف زريق في كتابه خفايا المراهقة : يحقق الدين بالنسبة للمراهق ارتياحاً نفسياً واطمئناناً داخلياً بعد أزماتٍ عنيفةٍ مرت به، وأحدثت هزات في كيانه، فهو ملاذٌ أمينٌ يلجأ إليه المراهق كلما عصفت به مشكلة. انتهى كلامه. سبحان الله!

كما أن الله فجر الناحية الجنسية لدى المراهقين فإنه برحمته وحكمته سبحانه وتعالى قابلها بتفجر الناحية الروحية والتعلق بالله، وأما الفئة غير المتدينة من المراهقين فإنك تجد حتماً صارفاً صرفهم عن طبيعتهم، إما أصدقاء سوء، أو أجهزة فساد تحارب التقوى في قلوبهم، والأصل أن الفرصة مهيأة لك تماماً أيها الأب وأيتها الأم لاستخدام صمام الأمان الحقيقي لابنك في الدنيا والآخرة، وهو علاقته بالله، فقد يتجنَّب التوجيه المباشر بقدر الإمكان، لكون المراهقين حساسين، وينزعجون من الأسلوب الإملائي المباشر، وقد يثير عنادهم، لذلك استَخْدِم التوجيه غير المباشر بقدر الإمكان، حتى إذا شعرتَ أنك نجحت في ربط ابنك بالله، ووفقك الله للإخلاص، وشعر ابنك أن نصائحك فعلاً إرضاءً لله، وليست للتحكم فيه وفرض السلطة عليه باسم الدين عندها تفيد النصائح المباشرة، ويتقبلها، وخصوصاً إذا كانت موجزة ومختصرة، وتركز فيها على الأمور الهامة والأساسيات، وتتجنب غيرها.

هذا لقمان عندما ربط ابنه بالله، أهدى نصائحه العظيمة، وجعل نصائحه موجزة مختصرة، وركز فيها على الأمور الهامة والأساسية, وتجنب غيرها، ورغم الإيجاز والاختصار والاكتفاء بالقضايا الكبرى لم ينسَ حاجةَ ابنه للحب والتلطف فمهد لنصائحه بكلمة الرفق الأبوية: يا بُنَيَّ [لقمان:13] ثم لاحظ الوصية التي بعدها: لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] وفيها إشارة للآباء والأمهات إلى تعليم أبنائهم العقيدة الصافية، وتحصينهم ضد الشرك المنتشر في كثير من بلاد الإسلام.

ولا شك أن للتربية الدينية منذ سنوات الطفولة المبكرة، وربط كل شيء بالله، وتنمية مراقبته في نفس الطفل، لا شك أنها أكبر معين للوالدين عندما يصبح مراهقاً.

ومن الاشتراك في العبادة: الاشتراك في تلاوة القرآن الكريم، وحفظه، وفي قيام الليل إن أمكن، اجعل البيت بما فيهم المراهقون يشتركون في التصدق بشيء من أموالهم لمشروع خيري بسيط كحفر بئر مثلاً أو غيره من مشاريع الخير، وهناك التبرع الشهري للأسرة، كل شهر يشترك الأولاد والبنات والوالدين في التبرع بشيء قلَّ استخدامه في المنزل، وشهر بالملابس والأحذية، يشتركون في جمعها وغسلها وترتيبها، الشهر الذي بعده بالكتب والمجلات غير المستخدمة، الذي بعده بالأشرطة الإسلامية التي تم سماعها، وشهر بالأواني وأدوات المطبخ الذي يراد تجديدها، وآخر بألعاب الأطفال، أو بالأجهزة الكهربائية وهكذا، إضافةً إلى الناحية التربوية سيحبون الصدقة أكثر من حبهم لممتلكاتهم في المستقبل بإذن الله.

ومن أجمل صور الاشتراك في العبادة وأعمقها تأثيراً: الاشتراك مع الأبناء في صيام الإثنين والخميس، تلاحظون اجتماع الأسرة حول مائدة الإفطار في رمضان، ولحظة سماع أذان المغرب، ما أجملها من مشاعر! وما أحلاه من اجتماع! لا تحرموا أنفسكم وأبناءكم منها كل اثنين وخميس، أو على الأقل الأيام البيض.

اشترك مع ابنك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنتِ كذلك أيتها الأم، اشتركي مع ابنتك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواءً للأب أو للأبناء في أمر الصلاة، وعند الغيبة أثناء الكلام، في أمر التلفاز، وفي الاستخدامات الخاطئة للإنترنت، وفي الإصلاح بين الإخوان أو حتى بين الوالدين، اشتركي معها بالأمر والنهي في مجالس النساء، وفي المدرسة، وفي السوق، علِّميها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس) فتتعلم أن رضا الله عنها قبل رضا الناس، وأن الحياء من الله أشد على قلبها من الحياء من العاصيات، وأن الدين يحوِّل ضعفها قوة: (والمؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) علميها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَتأْمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو لَيُسَلِّطَنَّ الله عليكم عذاباً، ثم لَتَدْعُون ولا يستجاب لكم).

من خيانة الأمانة: ألا نعلِّم أبناءنا وبناتنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعدما سمعنا هذا الحديث: (لَتأْمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو لَيُسَلِّطَنَّ الله عليكم عذاباً، ثم لَتَدْعُون ولا يستجاب لكم).

لا تقولي: ابنتي صغيرة، مُبَكِّرٌ عليها، قال تعالى معلماً الآباء جميعاً في وصايا لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان:17] شجعي زوجكِ أن يتوقف لتاركي الصلاة في الطريق، والمجاهرين بالمعاصي، يأمرهم وينهاهم، شجعي أبناءك أن ينهوا المغتابين في المجالس والمدارس، اجعلي أبناءك من صغرهم إذا دخلوا بقالة أن ينهوا مَن فيها عن بيع الدخان والمجلات الفاسدة، وإذا دخلوا مطعماً أن يأمروا مَن فيه باستخدام الدجاج المذبوح في بلد إسلامي.

وهكذا نُدْخِل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل نواحي حياتهم، فيتعلم المراهق مجاهدة هوى النفس ومجاهدة هوى الناس، ويكتسب الشجاعة، والإقدام، والثقة، والحكمة في الدعوة، والصبر على الأذى المرتبط بهذه العبادة العظيمة، لاحظي قول لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17].

يتعلم أيضاً أن ينتصر للحق، ويعلي كلمة الله، فتكونون قد بذرتم في نفس المراهق بذرة الجهاد في سبيل الله، وهذا ما يغفل عنه بعض الآباء والأمهات، وهو إعداد أبنائهم للجهاد في سبيل الله، وقد نسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات وقال منها: التولي يوم الزحف).

أتحبين أيتها الأم حينما يرفع علم الجهاد ويفرح به العباد، ويُخَلَّى بيننا وبين إخوان القردة والخنازير أن يكون ابنك من بين كل المجاهدين هو المتولي يوم الزحف، الهارب من الله، الفار من الجنة؟!

أتحبين يوم يناديه الحجر والشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهوديٌ خلفي فتعال فاقتله، وهو يفر ويهرب؟!

أتحبين أن يحمل في رقبته إحدى السبع الموبقات المهلكات، ويحمل في قلبه نفاق المنافقين، ويحمل في وجهه ذل الجبناء الهاربين، ويحمِّلكِ أمام الله خيانة الأمانة في تربيته وإعداده؟!

لا والله لا تحبين ذلك، بل تحبين أن تبرأ ذمتكِ أمام من خلقكِ، وتحبين أن تتشرفي بجهاده.

وإن كنتِ تنتظرين لتهيئي ابنك للزواج، فلا تنتظري حتى تهيئيه للزواج من الحور العين.

وإن كنتِ تحذرين عليه من مصاحبة أصدقاء السوء، فاحرصي على مصاحبته للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً.

وإن كنتِ تحذرين عليه من الجرائم والسجون فأخرجيه من السجن الذي هو فيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن).

وإن كنتِ تحبين أن يكون من أهل التجارة والبيع والشراء فعلِّميه صفقة العمر، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ [التوبة:111].

وإن كنتِ تخافين عليه الموت وتحبين له الحياة فهيئيه للجهاد، قال تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169].

وإن كنتِ تخافين على نفسك من النار فهيئيه للجهاد، فإن الشهيد يشفع في سبعين من أهله، وأنتِ أولى الناس بشفاعته في الآخرة، كما كنتِ أولى الناس بحسن صحابته في الدنيا.

لا تقولي: ولدي ما زال صغيراً.

قد عَلَّمنا أهل الجهاد من واقع التجربة أنه العمر الذهبي لهذه الفريضة العظيمة حيث ينجذب الشاب بفطرته السليمة إلى ساحات الجهاد، يقول عبد العزيز الغيمشي في كتابه المراهقون ، في الصفحة (40): يتوق المراهق للعمل التطوعي، والتعاون، والجهد الجماعي، وتجتذبه ساحات الجهاد، وتستهويه، وتأخذ بشغاف قلبه؛ لِمَا فيها من القوة، والبطولة، والتضحية، ولِمَا يترتب على الجهاد من نصرة الحق والحرية والعدالة ورفع الظلم، وما فيه من الحركة والمغامرة. انتهى كلامه.

ذكريه دائماً بالجهاد، وأنه ميدان الرجولة، واحتقاركِ للجبناء والمنافقين، وأنه لا يشرفكِ أن يصير ولدك جباناً مثلهم أو منافقاً، اجعليه يربط حبه لكم ورغبته في بركم بالجهاد: إذا أنت تحبنا وتريد أن تبرنا فجاهد من أجل أن تشفع لنا، وأيُّ بِرٍّ أعظم من أن يكون ابنكِ سبباً في دخولكم الجنة! اجعلي أباه يتحدث وإياه عن آيات الجهاد، وأحاديث الجهاد الكثيرة جداً، وبطولات المجاهدين في القديم والحديث، وفضل الشهيد، وعن الجنة، وزوجاته من الحور العين، وجمالهم وصفاتهم، ودائماً رددي معه أناشيد الجهاد.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا عيشة السعداء، وميتة الشهداء، ومرافقة الأنبياء، وأن يجمعنا ووالدِينا وذرياتنا والمؤمنين فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ [القمر:54] فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:55].

آمين.

المحور الثاني: حل المشاكل بلا مشاكل

وفيه سبعة عناصر:

1- طوَّل بالك.

2- اقبل ابنك بعيوبه.

3- الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك.

4- أسلوب (أنا).

5- اعترف برأيه.

6- الحزم اللطيف.

7- دَعْهُ يَتَوَهَّج.

تطويل البال مع المراهق

تقصيرنا في فترة طفولة المراهق في جانبين مهمين، وهما:

تقوية علاقته بالله.

وتقوية صداقتنا معه.

يسهم في حدوث بعض المظاهر المزعجة في مرحلة المراهقة، وبدل أن نستمتع مع أبنائنا نتعب ونتعبهم معنا في صدامات ومشاكل، وتمر علاقتنا معهم في أسوأ مراحلها، وتصبح فعلاً بحاجة إلى طول بال.

وهذا ما سنتحدث عنه في العنصر الأول من عناصر حل المشاكل بلا مشاكل وهو: طوِّل بالك :-

من العجيب والغريب أن يصبر الزوج على اضطرابات نفسية زوجته في فترة العذر الشهري، وفي فترة الحمل، وما بعدها، يصبر ويتحمل، ولا يخطر في باله إن زوجته تمس كبرياءه، أو تتحدى سلطته وقوامه في البيت بهذه التغيرات، يرحمها ويعطف عليها، وما تستفزه هذه الأمور، في الوقت الذي ابنه يمر بتغيرات في كل جسمه ونفسيته وليست أياماً؛ بل سنوات يكون فيها المراهق في أمس الحاجة إلى نفس التفهُّم ونفس المودَّة، ونفس الرحمة، فإذا بالأب يفسِّر تصرفات ابنه على أنها تعدٍّ على مكانته، وتحدٍّ لسلطته، واستفزازٍ لكرامته، ويبدأ يستنفر الأب قوته حتى يضعها في مواجهة عنيفة مع ابنه المراهق، هذا الناشئ الذي يلملم أطراف شخصيته يجد نفسه في مواجهة مع والده، يستخدم فيها والده كل أسلحته في صدامه معه، يضع قوته كلها على قطعة من قلبه، لماذا؟! لماذا يؤذي الأب ابنه؟! ويؤذي نفسه بنفسه؟! ويضرب قلبه بيده؟! هذا بدل أن يراعي تغيرات ابنه كما يراعي تغيرات زوجته، ويصبر على اضطراباته كما يصبر على اضطرابات زوجته، ويغمر الاثنين بالحب والرعاية؟!

كل مراهق ومراهقة بحاجة إلى تفهم والديه، ومراعاة هذا الظرف المؤقت الخارج عن إرادته، وأن يقف معه لا ضده، ومراعاة هذه الانفعالات التي تتراكم وتتراكم وتتجمع في نفس المراهق كما يتجمع الهواء الحار في القِدْر، انفعالات متراكمة في قلب صغير يضيق فيها، يحتاج إلى أن يخرج قليلاً من الهواء الحار، وفي لحظة إخراجه لهذا الهواء الحار لا ينظر إلى كيفية إخراج هذه الانفعالات باللباقة، والذوق، ومراعاة الآخرين؛ لأنه في عالم ثانٍ، تشغله انفعالاته الداخلية عن تصرفاته الخارجية، ولا يخطر في بالك أنه يقصد إيذاء أحب الناس عنده وهما والديه، لَمَّا تسمعه مثلاً يعاند، أو يرفع صوته، أو يصفق الباب بقوة، والحقيقة أنا أقول للآباء: الله يعينكم، ويجزيكم على صبركم وضبطكم لانفعالاتكم تجاه الظواهر المزعجة، والحمد لله أنها ظواهر مؤقتة، تنتهي بانتهاء المرحلة.

لذلك نقول للأب العصبي: رَيِّح نفسك، ولا تدقق كثيراً، واسأل نفسك: هل يتعمد ابنك أو بنتك إغضابك بقصد الإيذاء؟! نسينا ماذا كنا نفعل مع آبائنا لما كنا في عمرهم، رغم حبنا الكبير وتقديرنا العميق لآبائنا؟!

إذاً لماذا نتشدد كثيراً ونزعِّل أنفسنا لَمَّا نطالبهم بالذي كنا نحن نفعله، ثم نوهِم أنفسنا أن أولادنا لا يحبوننا مثل الأول، أو لا يحترموننا، أقدِّر أن تصرفات المراهقين أحياناً تشكل تحدٍّ كبير لقواتنا في ضبط انفعالاتنا؛ لكن هذا التحدي هو الحد الفاصل بين الأب القوي القادر على ضبط نفسه، والتحلي بالرفق والحلم، وبين الأب الضعيف العاجز عن السيطرة على انفعالاته، وأن يملك غضبه فضلاً عن السيطرة على أبنائه، وأن يملك قلوبهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب) متفق عليه.

أبناؤك أولى من تملك غضبك عندهم، وترفق بهم، وتعفو عنهم، استمع معي لهذا الحديث الوارد في صحيح الجامع الصغير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعف عنه -يقصد عن الخادم- في كل يوم سبعين مرة) يا ألله! وهذا خادم، عيالك بالرفق أولى، وبالعفو أحق، وهم لن يفعلوا أكثر مما فعل أبناء يعقوب عليه السلام، يأتيه أبناؤه وقد نفذوا جريمتهم.

واستمِعْ للرد عليهم وهو يعرف أنهم ارتكبوا جريمة في يوسف عليه السلام قال: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً [يوسف:18] وارتكبوا جريمتهم مع مَن؟ مع الذي جمع علامات النبوة، وأُوتي شطر الجمال، حتى إذا حَسُن باطنه، وحَسُن ظاهره فُجِع يعقوب بابنه، ومن الذي يفجعه؟! أبناؤه، أهناك أشنع من هذا؟! ورغم هذا ما عاتبهم بكلمة، ولا سألهم، ولا حقَّق معهم، ولا قاطعهم، إنما توجه للطيف الخبير، وقال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف:18].

أفلا تصبرون أنتم على أقل من هذا بكثير؟!

أنا واثقٌ أنكم تستطيعون أن تصبروا على الأخطاء المؤقتة التي تنتهي بانتهاء المراهقة، بل تستطيعون الصبر على أكثر من أخطاءٍ مؤقتة، حتى العيوب الدائمة تستطيعون أن تتقبلوا أبناءكم رغم هذه العيوب.

قبول المراهق بعيوبه

العنصر الثاني من عناصر حل المشاكل وهو: اقبل ابنك بعيوبه :-

كثير من عصبياتنا ناتج عن إصرارنا على أن نقلب كل عيوب أبنائنا ميزات؛ لأننا لسنا قادرين على أن نقبل المراهق بعيوبه، وهذا يحتاج منا إلى الرضا بما قسم الله لنا في أبنائنا، نحتاج إلى أن نكون واقعيين في الإصلاح مع استخدام الحكمة، ونبطِّل الأحلام المثالية، ابنك بشر مليء بالعيوب، حاله حال غيره، والشاعر يقول:

ومن ذا الذي تُرْضى سجاياه كلها>>>>>كفى المرء نبلاً أن تُعَدَّ معايِبُهْ

لماذا غضضنا النظر عن عيوب الأزواج، والزوجات، والأقارب، والأصدقاء، وأشعرنا كل هؤلاء الناس بقبولنا لهم رغم عيوبهم، وجئنا لعيالنا وقعدنا لهم؟!

ربما تقول: هؤلاء لا أقدر أن أغير فيهم شيئاً؛ لكن ولدي وبنتي لي سلطة عليهم.

نقول: مقبول، كُنْ مِن الآخَرين، لاحظ عيوبك أنت شخصياً، وأنت أمير نفسك، وتقدر أن تغيرها، ورغم ذلك فيك عيوب من رأسك إلى رجليك تعرفها جيداً، وقبلت نفسك رغم عيوبك، مثلما تنظر لنفسك انظر لعيالك يا أخي!

ابنك ليس مثالياً، وبنتك ليست مثالية، ولن يصيروا أحسن الناس، انزعها من بالك.

ولذلك تأكد فقط أنك وصَّلت لهم المعنى العظيم: أنا قابلٌ لكَ يا ولدي رغم عيوبكَ، أنا قابلٌ لكِ يا بنتي رغم عيوبكِ.

قبولُك لابنك بعيوبه وطول بالك على أخطاء المراهقة يقوِّي علاقتك معه بشكل يساعدك على التخفيف التدريجي من هذه العيوب، إضافةً إلى أنه سيشعر بالأمان أكثر، ويصارحنا بهمومه ومشاكله الخاصة، عندها سنساعده ليحل مشكلته بنفسه.

الخطوات الخمس لحل مشكلة المراهق

موضوع العنصر الثالث من عناصر حل المشاكل وهو: الخطوات الخمس لحل مشكلة ابنك :-

أم عبد الله كانت تعرف هذا العنصر، وفعلاً جعلت ولدها يحل مشكلته بنفسه.

جاء عبد الله إلى أمه وقال: يا أمي عندي شيء أريد أن أقوله: أبي شم في ثيابي رائحة دخان، وظن أني أدخن، ومن يومها وهو ما يكلمني، وأنا والله العظيم ما دَخَّنْت؛ فقط كان أحد أصحابي يدخن وظلت الرائحةُ في ثيابي، ما أدري ماذا أفعل! ما رأيك يا أمي؟

دعونا نعرف ماذا قالت أم عبد الله، دعونا نسمع العادة، نحن ماذا نقول لو كنا مكانها؟! تستحق.. تستحق، من قال لك تمشي مع أناس يدخنون؟! من حق أبيك أن يقاطعك ويطردك من البيت أيضاً، لستَ مضبوطاً يا عبد الله لا في صلاتك، ولا في دراستك، ولا مع إخوانك، وأصدقاؤك ليسوا جيدين، ما الذي فيك الآن؟! أيعجبك؟! يا عبد الله! لم لا تَصِرْ رجلاً، وتحافظ على الصلاة، وتلاحظ دراستك، وتترك هؤلاء التعبانين الذين أنت تماشيهم الذين لا يرضوني ولا يرضون أباك؟ نحن ماذا نريد يا عبد الله؟! نريد مصلحتك!

أليس هذا هو الذي نقوله في هذه المواقف؟!

كلام مضمونه نصائح مباشرة، وانتقاد، ولوم، وتأثيره الواقعي (صِفْر)، هذه هي الحقيقة.

البديل أننا نعمل الذي عملته أم عبد الله، ريَّحت نفسها من النصائح، واللوم، واقتراح الحلول، وأعطت عبد الله فرصة يحل مشكلته بنفسه من خلال خمس خطوات أساسية استخدمتها أم عبد الله:

أنا حاسَّةٌ بمشاعرك.

ما هي الحلول الممكنة؟!

ما هي أحسن الحلول؟!

السؤال، والمتابعة.

وأخيراً: الله يوفقك.

خمس خطوات ربما كلنا نستخدمها في مساعدة أبنائنا لمواجهة مشاكلهم.

استمع لأم عبد الله وهي تنفذ الخطوة الأولى: أنا حاسَّة بمشاعرك :-

ولاحظها كيف تصف مشاعرها، وتعذرها في مخاوفها: الظاهر من كلامك أنك مهموم ومتضايق؛ لأن أباك مقاطعٌ لك! وتتمنى لو لم يحدث ذلك الموقف، حتى لا يأخذ فكرةً خاطئة، ويسيء الظن فيك، وأكيد أنك محتار، يحق لك، ولو كنتُ مكانك فإني أحس مثلك بالإحراج والحيرة، ولا أجعله يغضب مني ويقاطعني؛ لأني مثلك أحبه وأحترمه. انتهى كلامها.

أصبح الآن متهيئاً للخطوة الثانية: ما هي الحلول الممكنة؟! :-

تقول: طيب يا عبد الله! الذي صار صار، ما رأيك؟! ما الذي أقدر أن أعمله الآن؟!

قال: يا أمي، أنت قادرة على أن تكلميه؟!

تقول الأم: هذا حل! ما هي الحلول الثانية أيضاً؟!

سكت قليلاً وقال: أنا أكلمه؛ لكن أخاف أن يعصِّب عليَّ، ما رأيك لو نكلمه سوياً؟!

تقول الأم: ليس عندي مانع؛ لكن دعنا نرى، ربما هناك حلول زيادةًَ.

قال عبد الله: فكرتُ أن أكتب له رسالة.

قالت: حلو، وماذا بعدُ؟!

قال: وأحاول أن أرضيه في الأشياء التي يريدها، أي: أبي يريدني أن أجلس في البيت أكثر.

قالت: ممتاز! هناك شيء ثانٍ؟!

قال: وأحافظ على الصلاة.

قالت: أحسنت، بقي شيء مهم يا عبد الله!

قال: وأحاول ألا أمشي مع هؤلاء الشباب.

إلى هنا انتهت أم عبد الله من الخطوة الثانية، وهي: ما هي الحلول الممكنة؟!

الآن تبدأ في الخطوة الثالثة، وهي: اختيار أفضل الحلول :-

قالت: طيب! ما رأيك الآن! أنا أكلمه، أو أنت تكلمه، أو نكلمه سوياً، أو تكتب له رسالة؟!

قال: لا، أنا أكلمه لوحدي أحسن.

قالت: طيب! وما نِيَتُك أن تقول له؟!

قال: أقول له: كذا .. كذا .. كذا .. كذا.

عبد الله استطاع أن يحدد الذي سيقول لأبيه، فإن أمه ساعدته كثيراً على اتضاح الرؤيا عنده.

بعدما ينفذ الحل الذي اختاره، تكون الخطوة الرابعة وهو: السؤال والمتابعة :-

تقول الأم فيما بعد: هاه! بَشِّر! ما هي أخبار موضوعنا؟! تسأله.

ومثلما بدأت حديثه معه بالرحمة واللطف تختم بالخطوة الخامسة: بدعاء محب متفائل :-

وتقول: الله يوفقك، ويعينك، ويصلح ما بينكما.

أم عبد الله تعمدت أنها لن تقدم نصيحة أو تقترح حلولاً إلا إذا طلبها عبد الله، ربما هو ليس محتاجاً لهذه النصائح، وبهذه الطريقة تزيد من غلاء نصيحتها، واستعداده لتنفيذها.

يقول مهدي عبيد في كتابه سؤالٌ وجوابٌ ونصائحُ في تربية المراهقين : وأكثر النصائح تقبُّلاً هي التي تقدَّم للمراهق بناءً على طلبه. انتهى كلامه.

وفي المقابل: أقل النصائح تقبُّلاً هي التي تأتي بدون طلب، وتتكرر على مسامع الابن حتى تموت هذه النصيحة، ويموت تأثيرها.

في قصة عبد الله لو واجَهَتْ الأم مشكلة أخرى متوقعة، وهي: أن ابنها مستصعب أن يترك أصدقاءه السابقين، ماذا تعمل أم عبد الله؟!

تتعامل معه على أنها مشكلة ثانية، وتأخذ نفس الخطوات الخمس لحل مشكلة الأبناء وهي:

- أنا حاسَّةٌ بمشاعرك.

- ما هي الحلول الممكنة؟!

- ما هي أحسن الحلول؟!

- السؤال، والمتابعة.

- وأخيراً: الله يوفقك.

عند تطبيقك لهذا العنصر مع ابنك المراهق قد تواجهك ردود فعل سلبية من المراهق، لا تساعدك على الانتقال من خطوة لأخرى، ما الحل؟

يقول: حاول بقدر استطاعتك أن تجعل توجيه الحوار في يدك من خلال التغاضي عن هذه التصرفات السلبية، والتعامل بحكمة ولباقة، وبما يتناسب مع طبيعة ابنك الذي أنت أدرى بها، وكلما ابتَعَدَ عن الموضوع رُدّ بهدوء وبأسلوبك الخاص، المهم أن تجعل حل المشكلة يكون من ابنك، وليس منك.

طيب! لو كان الوضع أسوأ، ورأى الأب أن أبناءه يكذبون عليه أو لا يصارحونه أصلاً، بل يتحاشون الكلام معه، ويتهربون من مجالسته، في هذه الحالة نقول: الله يكون في عون هذا الأب، لا شك أن كذب أبنائه عليه وعدم رغبتهم في الجلوس معه فضلاً عن محادثته لا شك أنها تضايق الأب كثيراً وتشعره بحيرة، نقول له: استعن بالله، وابذل جهدك للتقرب أكثر من أبنائك، واكسب ثقتهم وحبهم، واستخدم ما تستطيع من أساليب هذا الشريط، وستجد أبناءك بإذن الله تعالى يقتربون منك أكثر، ويتجاوبون معك بشكل أفضل، وربما يصارحونك أحياناً.

طيب! لو كان صاحب المشكلة ليس المراهق، وإنما الأب هو صاحب المشكلة، وسببها الابن المراهق، ما الحل؟ كيف يحدث تواصل ناجح بين مشاعر الأب المنزعجة، ومشاعر المراهق المتقلبة، ونحل المشكلة بدون أن نُحْدِث مشكلةً أخرى بين الأب وابنه؟!

استخدام أسلوب (أنا) لحل المشاكل

حديثنا في العنصر الرابع من عناصر حل المشاكل هو: أسلوب (أنا) لحل مشكلتك :-

تأتي أم خالد في العصر لتنظف الصحون وترتب المطبخ، وبعدما تعبت ورتبت دخل خالد المطبخ يبحث عن أكل، أخرج قدراً من الثلاجة، وصينية من الفرن، وأكل، وشبع، وترك القدر مفتوحاً، وترك الصينية والصحون التي أكل فيها، وبقايا العصير، المهم عَفَس المطبخ وخرج.

غضبت أم خالد! تُرَتِّب وتنظِّف وتتعب ويأتي هذا يلخبط تعبها وهو ليس حاساً بها! كان من الممكن أن تصرخ فيه وتنتقده، لكن هذا كله لن يغير ولدها؛ لذلك أحسنت لما سكتت، ومسكت لسانها، وهدأت نفسها، وراحت لخالد وقالت له بكل هدوء: يا خالد! أنا أقضي وقتاً طويلاً في ترتيب المطبخ وتنظيف الصحون، وأنت لما تدخل وتترك بقايا أكلك في هذا المنظر تضايقني كثيراً، وتحسسني بأن تعبي ضاع، وكأني ما عملتُ شيئاً، لا بد أن أرجع وأرتب من جديد. بكل بساطة رَجَعَ خالد يرتب المطبخ؛ لأن خالد وأي مراهق يحب أمه، ولا يقصد أن يؤذيها، وانتهت المشكلة بكل هدوء لما استخدمت الأم أسلوب (أنا) لحل مشكلتها، بدل النقد والتجريح والصراخ الذي يتعبها وليس فيه فائدة.

هذا الأسلوب يعتمد على وصف مشاعر المتكلم باستخدام كلمة (أنا): أنا يتعبني كذا، أنا أتضايق من كذا، أنا أحب كذا، أنا يعجبني كذا، سر التأثير لهذا الأسلوب أنه يركز على آثار السلوك، وليس السلوك نفسه، وهذا الذي عملته أم خالد، تكلمت عن آثار التصرف على نفسيتها، ما تكلمت عن التصرف نفسه، وأن هذا غلط، وقلة حياء، وما تفكر إلا في نفسك!

دعونا نأخذ مثالاً ثانياً: الولد يتأخر عن البيت، وبال الوالدين مشغول عليه، المشكلة الآن تزعج من؟ تزعج الآباء لا شك، الولد مستأنس، ما عليه!

استمعوا للأب وهو يستخدم أسلوب (أنا)، ويصف آثار السلوك على نفسيته!

يقول الأب: فلان، أنا ينشغل بالي عليك كثيراً، وأصير قلقاً ومنزعجاً لمّا تتأخر عن الساعة التاسعة.

عبارة قصيرة وصفت المشاعر بدون أن يعصِّب ويزعِّل نفسه، ويهزئ الولد، ويعمل مشكلة، ويصرخ! أسهل ما على الأب أنه يقول: أين تحوف في هذه الليالي؟! ماذا بك؟ ألا تفهم الكلام؟! كم مرة قلت لك: لا تتأخر عن الساعة التاسعة؟! ولأن الأبناء يختلفون في استجابتهم للأساليب التربوية، لذلك مع بعض الأبناء قد لا يفيد هذا الأسلوب؛ لكن بشكل عام التعبير بهدوء، وصدق، واختصار عن مشاعر الوالدين بدون نقد، أو توجيه مباشر، له الأثر الكبير في نفس المراهق.

أيضاً لا نستخدم أسلوب (أنا) فقط للمشاكل، أي: أختي الفاضلة! البنت أخيراً رتَّبَتْ غرفتها، إنجاز، أعبر لها عن مشاعري واستخدام كلمة (أنا)، أي: تقول الأم مثلاً، أنا مستأنسة من ترتيب الغرفة، صار شكلها حلواً، الأوساخ في القمامة، والملابس في مكانها، والسرير مرتب، والتسريحة منظمة، تفرح البنت وتستأنس، وتحرص دائماً على معرفة مشاعرك المختلفة.

من أسلوب (أنا) وعباراتها المؤثرة جداً لما تقول الأم: أنا آسفة يا بنتي! هل من الممكن أن تسامحيني؟! يا سلام! ما أجمل الاعتذار! وأثره الرائع في تقوية العلاقة بين أفراد الأسرة! يقول الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34].

إذا اعتذر الآباء تعلَّم الأبناء كيف يعتذرون، ولا يستحون من الاعتذار، ويتعلمون أن الحق أكبر من الناس، ويزداد حبهم وتقديرهم لآبائهم.

يقول فاخر عاقل في كتابه رحلة عبر المراهقة : المراهق يحترم الوالد الذي يعترف بخطئه أو جهله أو حتى عدم عدالته، أما الذي لا يستطيع الابن نسيانه فهو رفض الوالدين هذه الاتهامات إذا كان يعرف أنها حقيقية. انتهى كلامه.

أسأل الله تعالى أن يحمينا وإياكم من الكِبْر، وأن يجعلنا ممن يعترف بأخطائه ويعتذر منها، ويقول الحقَّ ولو على نفسه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [النساء:135].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل الحق ولو كان مراً).

أسلوب (أنا) يساعد المراهق على تقدير مشاعر الآخرين، وعلى تقبُّل أي تغيير للخطأ.

ذكرنا كيف يزداد تقديره لوالده عندما يعترف هذا الأب بخطئه، هذا يشعر المراهق بالعدل، وأنه ليس هو لوحده الذي أخطأ.

اعتراف الآباء بآراء المراهقين

هناك أمر آخر يزيد من تقدير المراهق لوالديه، ويزيد استجابته لهم، ويزيد من شعوره بالعدل، ويقلِّل المشاكل كثيراً، وهو الاعتراف برأيه.

وهذا هو موضوع العنصر الخامس من عناصر حل المشاكل، وهو: اعترف برأيه :-

يقول عبد العزيز الغيمشي في كتابه المراهقون : يجب على المربين تدريب المراهقين على الحوار والنقاش، وتبادل الآراء. انتهى كلامه.

أول خطوة في الحوار الناجح مع المراهق هي: الاعتراف بأن آراءه ومواقفه تستحق الاستماع، تذكَّر الآن إنساناً عزيزاً عليك جداً، وتخيل نفسك كيف كنت تستمع له كي تفهمه، وتشعره بقربك منه، أكيد أنك انتبهت له انتباهاً كاملاً وتركت كل الذي بيدك، وعدَّلت جلستك من أجله، كأنك تقول له: أنت أهم عندي من أي شيء ثانٍ.

لَمَّا تعيش هذا الاستماع الراقي مع ابنك المراهق، لاحظ تعابير وجهه! مع كل حركة تحس فيها: إني أحبك، وأحب أن أسمع لك. وتقرأ في عيونه كلمة شكراً؛ لأنك ما قاطعتني، أو أكملت لي عباراتي بالنيابة عني، شكراً يا أبي؛ لأنك كنت تحاول أن تفهمني، ولستَ مشغولاً بتجهيز الرد الذي تسكتني به. ابنك سيشعر بحبك، وحرصك على فهمه، لَمَّا يعرف أنك ما تضايقت من أسلوبه غير الناضج في التعبير عن نفسه، وركَّزت على الأفكار الأساسية، من أجل هذا غضضت النظر عن ارتفاع صوته، ومشَّيْتَ له الكلمات الانفعالية، وركَّزت فقط على الأفكار التي يريد أن يقولها، وتعاملت معها بصدر واسع، وعقل يرحب بتعدد وجهات النظر، ويفترض أن الصواب قد يكون عند ابنه مثلما يكون عنده، بدون ما يقع في خطأ بعض الآباء، فيربط بين عدم اقتناع ابنه بقناعاته ونصائحه، وبين قلة الاحترام والمحبة.

المراهق يريد أفكارك، ويريد ملاحظتك؛ لكن ليس معناه أنه لا بد أن يوافق على كل أفكارك ويقتنع بها، أنت بدورك انتهز كل فرصة ممكنة للترحيب بهذا الاختلاف في وجهات النظر، استخدم عبارات تشعره باحترامك العميق لرأيه، مثل: رأيي يختلف قليلاً عن رأيك؛ لكن من حقك أن يكون لك رأيك الخاص، أو ربما أنا لا أتفق وإياك (100 %)؛ لكن ما أقدر أن أقول: إن رأيك خطأ. أو هذا رأيي وهذا رأيك. وأنا وإياك نرجع إلى الدين وننظر أين الصحيح. أو الحق حق، أنت صحيح يا ولدي وأنا غلط. يا سلام! ما تأثيرها على نفسك لو كان أبوك في عز مراهقتك هو الذي يقول لك: أنت صحيح يا ولدي وأنا غلط، لغة جديدة ما تعوَّدَها أولادنا، يتعلم منها أن رأيه محترم، وآراء الآخرين محترمة إن كانت لا تصادم شرع الله، فيسهُل الحوار والتفاهم.

وتخيل العكس! لو كنا نعاملهم بقولنا: نحن الآباء مصيبون، وأنتم أيها الأولاد مخطئون، سيزيد العناد، ويصعب التفاهم، واعترافك أكثر برأي ابنك سيقلل انزعاجك من مخالفة ابنك لرأيك، ويقلل المشاكل، ويعطي مساحة أكبر لنمو العلاقة بينك وبينه، وستسعد بإذن الله لما ترى ابنك يستمد ثقته في نفسه وفي قناعاته من اعترافك برأيه، وسيتعلم منك كيف يتحمل الآراء المخالفة له، وأولها آراؤك، وبالفعل اعترف برأيه في نفسك حتى يعترف برأيك في قرارة نفسه أيضاً، وفي هذه الحالة فقط تكون استفادته الدائمة بآرائك، وترتفع مكانتك في نفسه أكثر وأكثر، وتحتل مكانة القدوة التي تنتظرها في نفسه من زمان.

اعترافك برأيه يعطي فرصة للحوار بينكم، هذا الحوار الذي ستستخدمه معه دائماً حتى في مواقفك الحازمة في القواعد والقوانين إن صحت التسمية التي تريد من ابنك أن يتقيد بها.

الحزم اللطيف مع المراهق

حديثنا في العنصر السادس من عناصر حل المشاكل، وهو: الحزم اللطيف :-

الآباء والأمهات حاذقون في إعطاء الأوامر؛ لكنهم لا يوضحون ماذا يفعلون لو لم ينفذ ولدهم الأمر.

مثلاً: يقول الأب: لا تنَم عن صلاة الفجر. ويسكت، فلا يقول: ما هو العقاب في حال المخالفة؟ ويؤجل تحديد هذا العقاب وتنفيذه إلى أن يقع الخطأ، وهذا هو الخطأ، يجب أن يكون هناك وضوح مبكر في القانون أو النظام فعقوبة مخالفته يكون عند الأب وعند المراهق، وأنجح القوانين ما يشترك الأب والابن في وضعه هو اختيار عقوبة مخالفته، القوانين المبكرة تتميز بالحزم الصحيح في التربية، وحتى هذا الحزم يمكن تغليفه بطبقة من اللطف والاحترام كما يغلَّف الدواء المر بطبقة من السكر، كما فعل أبو مالك مع ابنه في وضع القانون المبكر لصلاة الفجر، فكان قانوناً حازماً مغلَّفاً باللطف والحب والرحمة.

يقول أبو مالك لولده: يا مالك! يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] وأنا لا أرضى أن مالكاً أحب الناس عندي تمسه النار، لذلك أتمنى أن أساعدك في الانضباط لصلاة الفجر، توافقني يا مالك؟!

قال: إي نعم.

قال: طيب! إذاً نتفق على القيام لصلاة الفجر؟ تتحمل مسئولية الاتفاق؟

قال: إن شاء الله يا أبي.

قال أبو مالك: ما هي العقوبة التي تختارها لنفسك إذا نِمْتَ عن الصلاة؟

قال: تحرمني من الطلعة ذاك اليوم.

قال أبو مالك: أنا أتوقع أنك ستحافظ على الصلاة؛ لكن للاحتياط: هل توافق أنك إذا استمريت في النوم عن صلاة الفجر بعد هذه العقوبة نجلس جلسة ثانية ونزيد العقوبات؟ اتفقنا؟ اتفقنا.

لو تأملنا القانون المبكر الذي وضعه أبو مالك لوجدنا فيه بعض الفوائد التي من الممكن أن نستفيد منها في القوانين المبكرة الأخرى.

الأب من البداية ربط الأمر بالله، فجعل ابنه في مواجهة سلطة الدين والأمر الشرعي، وليس في مواجهة سلطة الأب وأمره الشخصي، وبالتالي نزع فتيل الاصطدام مع ابنه من البداية.

الأب عبَّر لابنه عن محبته الصادقة لَمَّا وصف ابنه بأنه أحب الناس، ومثل هذا الكلام العاطفي هو أفضل تمهيد لعقد الاتفاقات.

اعتَرَف الأب أيضاً بإرادة ابنه ورأيه أثناء الحوار، كل قليل يسأله عن موافقته وعن رأيه، يقول له: توافقني؟ ما رأيك؟ اتفقنا؟

الأب حسَّس ابنه بالمسئولية أكثر وأكثر لما أخذ موافقة مالك على قيامة لصلاة الفجر، وعلى تحمله مسئولية الاتفاق.

ومن أجمل ما في هذا القانون: أن مالكاً اختار عقوبته بنفسه في حال المخالفة، وهذا يشعر الابن بالعدل، وهو من أهم مطالبه كمراهق، هذا العدل يزيد التزامه بالاتفاق وقبول العقوبة في حال المخالفة.

من فوائد الحوار: أن الأب أشعر مالك بإحسان الظن فيه، لما قال: أنا أتوقع منك المحافظة على الصلاة.

ومن فوائد الحوار الهامة: أن الأب جعل الابن يعرف أن باب زيادة العقوبات مفتوح في حال المخالفة وبموافقة الابن. لا أشك أن أبا مالك إذا لاحظ على ابنه التزاماً بالاتفاق أنه لن ينسى أن يكافئ ابنه بهدية، أو زيادة في الحرية والصلاحيات؛ لكنه لم يخبره؛ حتى لا تتحول المكافأة إلى رشوة، وأنا متأكد أنه سيختار هدية تناسب اهتمامات مالك الحقيقية، ولو لم تعجب الأب طالما أنها حلال، ولن يختار لابنه الهدية التي يتمناها هو أن تكون من اهتمامات مالك وهي ليست كذلك، أنا واثق أن مالكاً سيحافظ على صلاة الفجر إن شاء الله؛ لأن الأب استخدم الحزم اللطيف من خلال القوانين المبكرة بالتفاهم والحوار.

طيب! صلاة الفجر أمر شرعي يسهل على المراهق تقبله؛ لكن هناك الكثير من الأمور الدنيوية، وربما لم تصل مع ابنك إلى رأي مشترك، وشعرت بضرورة وضرورة حقيقة لقانون وهذا هو المهم، عندها تبين له مبررات وجود القانون وتطلب رأيه، وتبذل كل جهدك في حسن استماعه وتقدير وجهة نظره، وهذا أساسي، وما يمنع أنَّا نقتنع بكلامه إن كان صحيحاً، وإن غير ذلك أعرض عليه سبب عدم اقتناعي، ثم نضع القانون، وأخيره بين أكثر من عقوبة، وأنفذ العقوبة إذا خالف، تخييره بين العقوبات تجعله يتقبل ويستجيب، ولا يعاند أو يحمل في قلبه عليك، وهذه مهمة.

من الأشياء التي يمكن أن تضعها ضمن اختيارات العقوبة: استرجاع ما أعطيته كعقاب، سيارة -مثلاً- تُسحب منه مؤقتاً أو نهائياً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لرجلٍ أن يعطي عطيةً أو يهب هبةً فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده) والحديث في صحيح الجامع الصغير.

ومهما قال الباحثون والمختصون في المراهقة يبقى تقدير الوالدين للأسلوب الذي يناسب ابنهم مهماً جداً؛ نظراً للفروق الفردية بين المراهقين.

هذه الاتفاقات وهذا الحزم اللطيف يحل نوعاً آخر من المشاكل الشائعة بين الآباء والأبناء، عندما يلح المراهق بطلب شيءٍ ما، ويواجه بالرفض القاطع من والده أو والدته، ورغم شرح كل طرف لوجهة نظره يظل الخلاف قائماً ويتسبب في خلافات أخرى أيضاً.

المبدأ الهام هو: اسمح لابنك أن يدفع ثمن الرغبات الذي لا تعجبك.

ونقصد الرغبات المباحة التي لا تصادم الشرع.

ابنك على استعداد للتضحية مقابل تحقيق هذه الرغبات المباحة التي قد لا تعجبك تماماً، تجده يعلن عن الاستعداد لما يتعلق بشيء ويُرْفَض طلبه، تسمعه يقول: طيب! ماذا تريدون أن أفعل حتى توافقوا؟ مستعدٌ لدفع الثمن.

المطلوب هنا أن يفكر الأب في المكاسب التي من الممكن أن يحققها قبل أن يرفض رفضاً قاطعاً ونهائياً.

على سبيل المثال يقول الأب: إذا رتبتَ غرفتك أو المستودع -على سبيل المثال- على الترتيب الذي أقول لك عليه أسمح لك أن تطلع مع زملائك فلان وفلان تلك الطلعة التي تريدها. يكون الأب محدداً في التفاصيل ما يريد، فيقول:

- ضع ثيابك المستخدمة في الغسالة.

- الكتب والمجلات على الرفوف.

- الأوساخ في القمامة.

- الأوراق في مكانها الخاص بها.

- لا تضع شيئاً تحت السرير.

- نظف الأرضية بالمكنسة الكهربائية.

وسأنظر إلى ترتيبك إن شاء الله بعد صلاة العشاء.

ذكر الدكتور إبراهيم الفارس في محاضرة الوسطية في تربية الأولاد قصة أحد الآباء، جاء الأبناء يدفعون ثمن رغبتهم التي لا تعجبه، اشترط على أبنائه الصغار حفظ حديث واحد من الأربعين النووية لكل يوم يريدون أن يلعبوا فيه بجهاز (السوني بلايستيشن) في الفترة المخصصة، وهي: من عودتهم من المدرسة إلى صلاة العصر، بعدها يكونون في حلقة التحفيظ، من لا يحفظ لا يلعب ذلك اليوم، فكان الأبناء يحرصون على حفظ الحديث المطلوب حتى في فترة الاستراحة المدرسية؛ لئلا تفوتهم فرصة اللعب، فحفظوا الأربعين النووية في أربعين يوماً.

هذا الأب وظف تعلقهم بهذه اللعبة السلبية بما يعود عليهم بشيء إيجابي، وإن كانت هناك تحفظات شرعية على هذه اللعبة أساساً، فضلاً عن التحفظات التربوية.

أحياناً يلح المراهقون على السماح لهم بقيادة السيارة، ويرفض الوالدان رفضاً قاطعاً، وتبدأ المشاكل، يمكن أن نصل إلى حل وسط يرضي الطرفين، بجعل الابن يدفع ثمن هذه الرغبة إذا كنا لا نريدها.

في موضوع السيارة، هناك اعتبارات مثل: السن، والقدرة على القيادة، وتوفر السيارة، يمكن أن تترك في يده بين فترة وأخرى، إذا كانت هذه الأمور مهيأة يمكننا تحديد ثمنٍ لهذه الرغبة، فيحوِّل جهده من الإلحاح على والديه وإزعاجهم إلى الإلحاح على نفسه بتحقيق ما طُلِب منه مقابل قيادة السيارة، وليكن ما يُطْلَب منه أمراً معقولاً لا يشعره باليأس وأنك تحاول تعجيزه، مثلاً يقول الأب: كل وجه تحفظه من القرآن تأخذ مقابله السيارة من بعد صلاة العصر إلى قبيل صلاة المغرب، وإن سَمَّعْتَ بدون خطأ تُمدَّد الفترة إلى قبيل صلاة العشاء على شرط أنك توصل أهلك وتأتي بهم، وتكمل أعمال البيت في هذه الفترة مهما كانت كثيرة.

الفرق بين هذا الأسلوب وبين الرشوة: أن في هذا الأسلوب يدفع ثمناً لإشباع دوافعه، أما الرشوة فهو يتلقى ثمناً لإثارة دوافعه.

الرشوة تحطم الشعور بالمسئولية.

أما هذا الأسلوب فهو ينمي الشعور بالمسئولية.

تربية المراهق على تحمل مسئولية نفسه

العنصر السابع من عناصر حل المشاكل وهو: دَعْهُ يَتَوَهَّج :-

يتحمل الوالدان مسئولية وقاية أبنائهم من المشاكل زيادة عن اللزوم، فيتكل الأبناء على حرص الآباء، وهذا الذي لا نريده، نريد أن نربي أولادنا على تحمل مسئولية أنفسهم.

إذا كان الدين حملهم مسئولية الأحكام الشرعية أو سيحملهم قريباً، أما نحملهم نحن مسئولية ملابسهم وأكلهم؟!

إلى متى نظل في حرب معهم على الاستيقاظ للمدرسة؟!

إلى متى نظل نلملم وراءهم ثيابهم الوسخة المرمية في كل مكان؟!

إلى متى تتعبين -أختي المستمعة- في الغداء وهم ما عليهم إلا أن يأكلوا ويقوموا، فلا يأتون بالأكل، ولا يوصلون الصحون، ولا يرتبون السفرة، ولا يساعدونك في شيء أبداً؟!

لاحظوا! هذا الحال سيستمر إذا لم نغير طريقتنا!

أي: لماذا الولد يتعب نفسه ويلملم ملابسه المرمية على الأرض وعنده الدولاب وطرف السرير طالما يوجد مَنْ يأخذ وراءه؟!

لماذا يكدِّر على نفسه ويقطع راحته من أجل أن يحمل ويضع في الغداء، ويخدم أهله، طالما أنه ضامن أنه يأكل ما لذ وطاب وسال له اللعاب، سواءً اشتغل أو لم يشتغل؟!

بالنسبة للاستيقاظ في الصباح، لا يحتاج كل قليل أن تأتيه وتوقظيه، ويرجع لينام، وترجعي مرة ثانية، وتعصِّبي وتصرخي، وهو (شاخر) بأبرد ما عنده، لا، ريِّحي بالكِ، أيقظيه مرة واحدة، أو أعطيه ساعة منبهة، ويتأخر قليلاً، ويأكلها في المدرسة هناك، يقول الشاعر:

فقسا ليزدجروا ومَن يك حازماً>>>>>فليقسُ أحياناً على مَن يرحم

الملابس مثلاً: هذه الغسالة تشتغل بهذه الطريقة، وهذه الجفافة تشتغل بهذه الطريقة، وهناك المكواة، تريد أن نشتري لك مكواةً خاصة تختارها بنفسك؟ لا مانع.

نفس الكلام في الأكل: تساعدنا وتقوم بدورك وتأكل، وإذا لم تساعدنا لستَ بآكِل، وتحرمنا من جلستك الحلوة، وأحاديثك وإيانا على الغداء.

كل هذا في أمور الدنيا طبعاً.

أما أمور الآخرة وأهمها: الصلاة، فالوضع يختلف، نجاهد أبناءنا في شأن الصلاة، ونصبر على ردود أفعالهم المختلفة حتى يعظِّموا الصلاة، ويقيموها، ويأمروا غيرهم بها، قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132] وحينما يجد المراهق أن الصلاة وأمر الدين هي الشيء الذي يُتابَع فيه بدقة ويُسأَل عنه يُدْرِك عِظَم قدرها، ويشعر بالفارق الكبير بينها وبين بقية الأمور التي تُرِكَت ولا يتحمل عواقب أفعاله فيها.

إخواني وأخواتي: أبناؤنا ما لهم ذنب في الاتكالية التي يعيشونها، ولا نقدر أن نلومهم بكلمة، نحن الذين حرمناهم من تحمل المسئولية لَمَّا جئنا بخدامة؛ لأننا لسنا قادرين على أن نتركهم يواجهوا مسئولياتهم الطبيعية، أو نضحي قليلاً على حساب شكل البيت؛ ولكن نعلِّم عيالنا، وتناسينا أن إحضار خادمة في بيت المراهقين إصابة لتربيتهم في مقتل، من ناحية تحملهم المسئولية، ومن ناحية ثانية تشيب رءوسكم، لا نريد أن نقولها.

إلى هنا نكون قد أكملنا المحور الثاني والأخير.

وكأني بابنكم المراهق يسأل نفسه: لماذا أبي وأمي اختاروا هذا الشريط بالذات، وقد حرصوا على سماعه حتى نهايته؟! إلا لأنهم يحبونني، ومهتمون بي، ويريدون مصلحتي، ويريدون سعادتي.

كأني به يقرب منك -أيها الأب الحبيب- ويطبع قبلة على جبينك، وقبلة على يدك، قبلة اعتذار عن أخطائه الكثيرة وعناده وعصبيته، ثم يقبِّل مثلها على جبينكِ أنتِ أيتها الأم العظيمة، ومثلها على يدكِ، وثالثة على رجلكِ، ويمسح دمعته التي سالت عليها، ويظل عاجزاً عن الوفاء بحقكِ من حينما كان جنيناً يتغذى على دمك، ثم سبباً في معاناتكِ الكبرى عند ولادته الأولى من رحمك، ثم في معاناتكم عند ولادته الثانية من رحم المراهقة، ورغم تغيُّر طباعه، وتحوُّل شخصيته، ورغم انشغالكم وعدم تفرغكم له تغمرونه بالحب الكبير والصبر الجميل، وتحرصون على التعاون فيما بينكم، وتبذلون كل الذي تقدرون عليه حتى تسعدوه في الدنيا والآخرة.

أسأل الله تعالى أن يغفر لكم أيها الآباء والأمهات، وأن يغفر لي، ولأبي، وأمي، وأن يرحمهما كما ربياني صغيراً، وأن يتجاوز عنهما، وأن يعينني على برهما، وأن يجزيهما عن إحسانهما إليَّ بالجنة.

اللهم اجمعني بهم في الفردوس الأعلى، وبالمؤمنين عامة، ومَن أمَّن على دعائي خاصة.

أرجو أن يكون استماعك لهذا الشريط بين فترة وأخرى، واستماعك أيضاً لشريط (مِن أجل أبنائنا) عوناً لك على زيادة راحتك، وزيادة استمتاعك بتربية أبنائك وبناتك، وأن يعود بمزيدٍ من التحسين الإيجابي عليك، وعلى كل قريبٍ أو صاحب، تنقل إليه خيراً عرفتَه، وعلماً أدركتَه.

وفي الختام: أدعو كل مَن شاركني الاهتمام بالمراهقين أن يشاركني الاستفادة من بعض الإصدارات المختارة في هذا الموضوع، ومنها:

- كتاب: أولادنا من الطفولة إلى الشباب ؛ للدكتور مأمون مُبَيِّض .

- كتب الدكتور أكرم رضا ، وهي: كتاب بلوغٌ بلا خجل .

- وكتاب: مراهقة بلا أزمة ، بجزئيه: الأول، والثاني. - كتاب: المراهقون ؛ للدكتور عبد العزيز الغيمشي .

- كتاب: تربية الأولاد في الإسلام ؛ لـعبد الله ناصح علوان .

- كتاب: في بيتنا مراهق ؛ لـهبة ضياء إمام .

- كتاب: تربية المراهق في رحاب الإسلام ؛ لـمحمد حامد الناصر ، وخولة درويش .

- مجموعة أشرطة (فن التعامل مع المراهقين)؛ للدكتور محمد الثويني .

- مجموعة أشرطة (أنت وأبناؤك)؛ للدكتور محمد الثويني .

- وشريطي (مواجهة مع المراهقة)؛ للدكتور عبد الكريم بكار .

- شريط (المراهقون في خطر)؛ للشيخ علي بادحدح .

- شريط (الشباب والمراهقة)؛ للشيخ خالد الخليوي .

- المجلة التربوية الرائعة: مجلة ولدي .

- والمكتبات والتسجيلات فيها ما ذكرتُ وغيره الكثير حول المراهقة.

كما أدعو كل من يشاركني الاهتمام بتربية الأبناء على اختلاف أعمارهم أن يفيدني مشكوراً ويفيد إخوانه المستمعين بتجاربه التربوية المختلفة على البريد الإلكتروني: (haniali5@hotmail.com).

أو فاكس رقم: (033466225).

أو صندوق بريد: (6003)، الدمام .

الرمز البريدي: (31442).

وجزاكم الله خيراً على حسن استماعكم، ولا تنسونا من دعائكم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , أساليب عملية التعامل مع المراهقين للشيخ : هاني علي العبد القادر

https://audio.islamweb.net