اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , مهلاً يا شريك العمر للشيخ : عبد الله بن علي الجعيثن
وصلى الله وسلم على نبيه وعبده محمدٍ صلى الله عليه وسلم القائل: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة).
أما بعد:
قالت تشكو زوجها إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: زوجي -سامحه الله- على الرغم مما يلتزم به من الأخلاق الفاضلة، والخشية من الله لا يهتم بي إطلاقاً في البيت، ويكون دائماً عَابس الوجه، ضيق الصدر، قد تقول: إنني السبب؛ ولكن يعلم الله أنني ولله الحمد قائمةٌ بحقه، وأحاول أن أقدم له الراحة والاطمئنان، وأبْعِد عنه كل ما يسوءُه، وأصبر على تصرفاته تجاهي، وكلما سألته عن شيءٍ أو كلمته في أي أمرٍ غَضِب وثار وقال: إنه كلامٌ تافه وسخيف، مع العلم أنه يكون بشوشاً مع أصحابه وزملائه، أما أنا فلا أرى منه إلا التوبيخ والمعاملة السيئة، وقد آلَمَني ذلك منه وعذبني كثيراً، وترددتُ مراتٍ في ترك البيت!
سماحة الشيخ: هل إذا تركت البيت وقمت أنا بتربية أولادي وتحمَّلت وحدي مشاق الحياة أكون آثمة؟ أم أبقى على هذه الحال، وأصوم عن الكلام والمشاركة والإحساس بمشاكله؟ انتهى.
وتقول أخرى: لا تنزعج -يا زوجي!- من سؤالٍ طالما طرحته على نفسي، وطالما سمعته من صغاري، وهو: أين تقضي وقتك خلال الأسبوع؟! نرى أن الأصدقاء والزملاء والرحلات والاستراحات قد أخذت وقتك كله، وليس لنا إلا دقائق معدودة نراك فيها، وفي بعض الأيام يكون أحد الصغار نائماً فيمر عليه يومان وهو لَمْ يرك! وهل -يا زوجي- الزملاء، والبيع، والشراء أحق منا بوقتك؟!
سأعود بك -يا زوجي العزيز- سنواتٍ وقرون لترى مَن كان أكثر منك عملاً، ودعوةً، ومقابلةً، وتعليماً؛ لترى نبي هذه الأمة وقائدها ومعلمها مع كثرة أعبائه ومشاغله إلا أنه أعطى كل ذي حقٍ حقه، أليس لك فيه قدوة؟! لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21].
وثالثةٌ تقول: مشكلة زوجي الأولى هي: الصمت، إنه لا يتكلم، ولا يشتكي، ولا يناقش، فقط يكتفي بالصمت، وإذا ناقشتُه يهزُّ رأسه، أو يضع اللوم عليَّ أنا، ثم يسكت، لم أهمل نفسي، بل أقوم بواجباتي الزوجية من نظافة الجسد والمكان والأولاد؛ ولكن دون فائدة، لم أسمع منه يوماً: الله! هذا الطبخ حلو، البيت نظيف.. حتى لو تزينتُ ولبستُ لا أسمع منه كلمةً تطيب خاطري، أحبه؛ ولكن أسلوب الصمت الذي يتبعه يؤذيني ويقهرني.
ورابعةٌ تقول: في الثامنة والعشرين من عمري، متزوجة وعندي أربعة أطفال، مشكلتي أن زوجي ومنذ ثلاث سنوات يسهر خارج المنزل، ويرجع في ساعةٍ متأخرة من الليل، ويرافق رجال السوء، ويعاكس الفتيات، ويكره الجلوس معنا، والخروج برفقتنا، وينظر إلى الحرام، ويسافر ويغيب مدةً ثم يعود، أنا في دوامةٍ وأريد الحل.
نماذج شتى لمشكلاتٍ كثيرة تتعلق بتقصير الأزواج في معاملة زوجاتهم، بل تتعلق بالظلم الذي يقع من كثيرٍ من الأزواج تجاه الزوجات، وهذا الظلم يتخذ أنحاءَ شتى، وأنماطاً متعددة؛ لكن السؤال: لماذا هذا الموضوع؟
ثانياً: تحذير الرجال من ظلم النساء، وذِكْر نماذج من هذا الظلم، وأمثلة في التقصير في حقهن للتحذير منه إشفاقاً على الرجال؛ حتى لا يقعوا في الحرج الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إني أُحَرِّج عليكم حق الضعيفَين: اليتيم، والمرأة).
ثالثاً: إنصاف الزوجات، وبيان شيءٍ من حقوقهن. ولتعلم المظلومة منهن، أن الظلم الواقع عليها من مسلمٍ لا علاقة للإسلام به، وأن الإسلام قد أنصفها، وأكرمها، وأمر بمعاشرتها بالمعروف، والإحسان إليها.
رابعاً: الرد على المغرضين، وأصحاب الأقلام المسمومة مِمَّن يزعمون أنهم يتصدون للدفاع عن المرأة، واسترداد حقوقها المسلوبة -زعموا- وذلك بتحريرها من شريعة الإسلام، وإخراجها من ربقة الإيمان؛ لتبقى حرةً طليقةً من رِقِّ الرجل، سالمة من ظلمه، وكأن تصرفات بعض الأزواج المسلمين نابعةٌ من دينهم لا. وإنما من طباعهم الدنية وأخلاقهم الرديئة.
ففي هذه المحاضرة الإشارة إلى براءة الإسلام من أخطاء أتباعه، وأن الإسلام كرَّم المرأة وحفظ لها حقوقها.
فمنطلق المحاضرة تشخيص أخطاءٍ يقع فيها بعض الأزواج، وبيان حكم الإسلام فيها، وليس منطلق العلمانيين الذين يزعمون تحرير المرأة، وينسبون أخطاء المسلمين إلى الإسلام نفسه، وهذا ظلمٌ وإجحاف، وخطأ المسلمين شيء ونسبته إلى الإسلام شيءٌ آخر، وليس عيباً أن نعترف -معشر المسلمين- بأخطائنا، ونسعى في علاجها.
أولاً: أن هذا الحديث لا يعني أن الأزواج كلهم كذلك، بل إن الأصل والغالب خلاف ذلك، فكثيرٌ من الأزواج قد اتقوا الله، وقاموا بما أوجب الله عليهم تجاه زوجاتهم من المعاشرة بالمعروف والإحسان؛ لكن لا شك أن الإساءة إلى الزوجات والخطأ في حقهن أصبح ظاهرةً اجتماعية ينبغي تدارسها ومعالجتها.
فكم من امرأةٍ تبكي الليل كله، وترفع دعواتها لربها تشكو ظلم زوجها! ودعوة المظلوم مستجابةٌ ليس بينها وبين الله حجاب.
وهذه تتحدث إلى الأخريات ليل نهار، تبوح بظلم زوجها لها، وتُهَيِّض عما في خاطرها تجاه بعلها.
وتلك تكتم ما في قلبها من القهر والشعور بالظلم؛ لكن ينعكس ذلك على صحتها النفسية والبدنية، فتصاب بالقلق، والاكتئاب، والصداع، وغير ذلك.
وأخرى تتابع الاتصال على المشايخ وطلبة العلم تتلمس حلاً لمشكلتها.
وأخرى ينعكس ذلك الظلم على سلوكها مع زوجها وأطفالها.
وأخرى ربما ترتكب المحرم باللجوء إلى الكهان والسحرة والمشعوذين؛ ليسعوا في عطف زوجها عليها.
وهكذا صورٌ شتى كلها نتيجةٌ للاضطهاد الواقع على الزوجات.
وثانياً: أن هذا الحديث عن أخطاء الأزواج ومظالمهم تجاه زوجاتهم لا يعني أن المرأة لا تخطئ ولا تظلم زوجها، ولا تقصر في حقه، وأن الخطأ دائماً من الرجل! كلا. فكثيرٌ من المشكلات الزوجية المرأة هي الظالمة، وكثيرٌ من أخطاء الأزواج سببه خطأ الزوجات، فيعالج الخطأ بالخطأ فتنتج المشكلات؛ لكن لكون المقام لا يتسع لذكر أخطاء الأزواج والزوجات معاً أردنا تخصيص هذا الحديث لأخطاء الأزواج فقط، على أن تُفْرَد محاضرةٌ أخرى عن أخطاء الزوجات في حق الأزواج.
وثالثاً: لا يعني ذكر أخطاء الأزواج أن تغرق المرأة في تطلب كمال الزوج، فتريد زوجاً لا عيب فيه، فكل إنسانٍ لا يسلم من النقصان.
إن تجد عيباً فسد الخللا>>>>>جلَّ مَن لا عيب فيه وعلا
***
إذا كنت في كـل أمور معاتباً>>>>>صديقَك لم تلقَ الذي لا تعاتبُهْ
قال الله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47].
وقال تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ إبراهيم:42-43].
وقال تعالى: وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً [طه:111].
وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: (يا عبادي، إني حرمتُ الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا).
وعن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة).
وقال النبي عليه الصلاة والسلام لـمعاذ رضي الله تعالى عنه لما بعثه إلى اليمن : (واتقِ دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه، ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]).
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: [إياك ودعوات المظلوم، فإنهن يصعدن إلى الله كأنهن شراراتٍ من نار].
وعن حمزة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: [أما بعد: فإذا دعتك قدرتك على الناس إلى ظلمهم، فاذكر قدرة الله عليك، ونفاد ما تأتي إليهم، وبقاء ما يأتون إليك].
قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19].
وقال عليه الصلاة والسلام: (استوصوا بالنساء خيراً).
وقال أيضاً: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
وقال أيضاً: (خياركم خياركم لنسائهم) .
وقال عليه الصلاة والسلام: (إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله).
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالنساء، فقال: (فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله) رواه مسلم في صحيحه .
ويحذر النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً بالغاً من ظلم الضعيفَين: اليتيم، والمرأة، ويُلْحِق الحرج بِمَن فعل ذلك بقوله: (إني أحَرِّجُ عليكم حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة).
هل فكرتَ في حالك -أيها الزوج- لو مَرِضَتْ وبَقِيَتْ في المستشفى وبَقِيْتَ أنت أسير المنزل مع أطفالك، هل تستطيع الصبر على ضجيجهم؟! هل تتحمل مشاجراتهم؟! وما حالك وإياهم مع الغداء والعشاء؟! ما حالك مع نظافة المنزل، وملابس الأطفال، بل ونظافة أبدانهم، وإماطة الأذى عن الرُّضَّع منهم؟! وكيف أنت في الصباح الباكر وأنت تجهزهم للذهاب إلى مدارسهم؟! أظنك حينئذٍ غير محسودٍ على ما أنت فيه من العنت والشقاء.
أيها الزوج المبارك: أتدري مَن هي الزوجة؟!
إنها فراشك، وموضع سرك، وأسيرة بيتك، إنها موطن المودة والرحمة التي قال الله عنها: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21].
إنها موضع قضاء وَطَرِك، وإعفاف نفسك، إنها طاهية طعامك، وكانسة منزلك، ومنظِّفة ملابسك، فهل أدركتَ كل هذه الأبعاد؟!
أيها الزوج: إن لم توجد المودة فأين العدل والرحمة؟! وأين الرعاية والذمم؟!
إن بعض الأزواج لم يتقِ الله في أهله، ولم يرعَ العهود التي بينه وبين زوجه، وانخدَع بسلطانه وقوته، ونسي قدرة ربه وخالقه.
ويلتحق بذلك: جهازها الذي جُهِّزت به من بيت أهلها إلى بيت زوجها، وهذا كله مُلْكٌ لها، لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنها ورضاها. وأسوأ من ذلك: ما يحصل في بعض المجتمعات من كون الزوجة تدفع المهر كله أو نصفه، قال الله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4].
وكذا من الظلم: التعدي على مُمْتلكاتِها الخاصة :-
مِن الأموال، والعقارات، بأخذ شيءٍ منه أو بيعه أو نحو ذلك.
ومن ذلك: أن بعضهم يجعل مال زوجته المعلمة في حسابه، ولا يفرده، مما يضيعه عليها بغير إذنها، وربما اقترضه منها، وماطَلَ في الوفاء به، أو أنكر ذلك، وربما هددها بالطلاق إن لم تعطِه من مالها.
ومن ذلك أيضاً: أن يشارك زوجته في مشروعٍ تجاري ثم يستبد بالمال كاملاً، ويجحد حقها، وكل ذلك لا يعني ألا تساعد المرأة زوجها في النوائب، وتشاوره، فهو أحق الناس بذلك.
قال الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7].
وقال تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:233].
وقال تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ [الطلاق:6].
وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كفى بالمرء إثماً أن يضيِّع من يقوت) رواه أبو داود ، ومسلم بمعناه.
وهذه الحقوق -أيها الإخوة- ثابتةٌ للزوجة، ولو كانت ذات مالٍ وثراء، بل إن النفقة تجب لها حتى ولو كانت مطلَّقةً رجعية إذا كانت في العدة.
وكذا تجب للبائن إن كانت حاملاً حتى تضع طفلها.
وعن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت: (يا رسول الله! إن أبا سفيان رجلٌ شحيحٌ لا يعطيني ما يكفيني ويكفي ولدي، إلا ما أخذتُ منه وهو لا يعلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيكِ ووَلَدَكِ بالمعروف).
فللمرأة إذا امتنع زوجها أو قصر في النفقة عليها أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي ولدَها، ولو بغير إذن زوجها، وبعض الأزواج يحتج بأن زوجته ثرية فلا ينفق عليها بسبب ذلك، والإنفاق واجبٌ على الزوج، ولو كانت امرأته غنية وتملك الأموال الطائلة، وربما امتنع من النفقة عليها لكونها معلِّمةً أو موظفة فيلزمها الإنفاق على نفسها، وربما على أطفالها، وليس الأمر كذلك، بل يجب عليه الإنفاق عليها، وعلى أطفالها مطلقاً.
سئل الشيخ محمد بن عثيمين حفظه الله: إذا كانت الزوجة موظفة، ولها مرتبٌ جيد، فهل يجب على الزوج الإنفاق عليها؟ وما هو الحال إذا كان دخله قليلاً؟
فأجاب: إن المرأة يجب على زوجها الإنفاق عليها وإن كان لها مرتبٌ جيد؛ لأن إنفاقه عليها عوضٌ عن الاستمتاع بها حتى ولو كان دخله قليلاً، إلا إذا طابت نفس المرأة بالتسامح عن زوجها فيما يتعلق بالإنفاق، فحينئذٍ الأمر إليها.
وفي النفقة على الأهل أجرٌ عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تضعه في فِي امرأتك).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفق الرجل على أهله نفقةً يحتسبها فهي له صدقة).
وفي حديث أبي هريرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دينارٌ أنفقتَه في سبيل الله، ودينارٌ أنفقتَه في رقبة، ودينارٌ تصدقتَ به على مسكين، ودينارٌ أنفقتَه على أهلك، أعظمُها أجراً الذي أنفقته على أهلك) رواه مسلم في صحيحه.
وما أكثر هذا الخطأ عند كثيرٍ من الناس! حتى من الصالحين والطيبين منهم، فمِن الأزواج مَن يطيل المكث خارج المنزل، فلا يكاد يجد وقتاً يجلس فيه إلى أهله، ويُلْقِي بتبعات البيت والأبناء على زوجته، فتشقى في رعايتهم، ومتابعتهم في دراستهم، وحل واجباتهم، بل وفي الرقابة على مدخلهم ومخرجهم، مع همومها الأخرى ومشاغلها المتعددة.
فمن الناس من يشتغل بكسب المال، فتراه يكدح نهاره وزُلَفاً من ليله، فلا يعود إلى منزله إلا وهو مكدود الجسم، مهدود القوى، قد استنفد طاقته، لم يعد لديه أدنى استعدادٍ لمحادثةٍ أو مؤانسة، فيخلد إلى فراشه، فيُسْلِمُه الفراش إلى سباتٍ عميق.
ومنهم مَن يمكث خارج المنزل مع زملائه وأصدقائه في رحلاتٍ وسهرات، وحضور حفلاتٍ ومناسبات، فلا يأتي منزله إلا في ساعةٍ متأخرة من الليل، وأشد من ذلك أن يجعل الزوجة لمجرد قضاء شهوته وحضانة أولاده، ويجعل بيته لمجرد أكله وشربه ونومه، ثم يجعل وقته وزمانه في الاستراحة لمتابعة القنوات الفضائية وما تبثه من هنا وهناك.
وربما أتى ذلك المتأخر وزوجته تغط في سباتٍ عميق، بعد أن أعياها السهر، وطال عليها الانتظار، فربما عاتبها على نومها، وألزمها بالسهر الطويل حتى يعود إليها.
وربما أتى وزوجته قد استعدت له بكامل زينتها، فتستقبله بوجهٍ مشرق، واستعدادٍ مسبق، فلا يقابلها إلا بوجهٍ عابس، وجبين مقطِّب، ونفس كزة.
وهناك من الأزواج من يخرج لاستراحته أو استراحة غيره، فيلتقي زملاءه، فتستمر الجلسة إلى وقتٍ متأخرٍ من الليل، فلا يعلم ماذا يحل في المنزل! وإلى أين يذهب الأولاد! ولا يدري ما تعانيه الزوجة مِن جرَّاء ذلك السهر والإهمال.
وهناك من يستضيف صحبه في منزله كل ليلة، ويثقِل على زوجته بما تعده لأولئك الضيوف من أنواع المآكل والمشارب، وربما طال وقت الجلسة إلى ما بعد منتصف الليل، وربما كانت الجلسة على لَهْوٍ وباطل، فإذا خرج الضيوف أوى الزوج إلى فراشه، وترك زوجته تغسل الأواني وتنظف آثار الجلسة، فلا تكاد تنتهي إلا قُرْب الفجر، دون أن تسمع منه كلمة شكرٍ، أو ترى منه ابتسامة رضا.
كما أن هناك من الأخيار من يشتغل كثيراً عن زوجته بأمورٍ محمودة، فتراه في عبادةٍ وذكر، أو دعوةٍ ونُصْح، أو تعلمٍ وتعليم، أو أمرٍ بالمعروف ونهيٍ عن المنكر، أو في تربيةِ شباب الأمة، أو كتابةٍ، أو تأليفٍ، أو نحو ذلك من الأعمال المحمودة؛ ولكن كثيراً من أولئك يفقدون التوازن، حيث يُهْمِل الواحد منهم زوجته تماماً، ويُقَصِّر في تأدية حقها عليه من الوقت والمؤانسة، وفقدانُ المقدرة على الموازنة يُوْرِثُ خَللاً واضطراباً في حياة المرء الخاصة، وفي الحياة العائلية مع الزوجة والأولاد.
إن الحزم وحسن التدبير يبدوان في المقدرة على الموازنة بين الحقوق والواجبات التي قد تتعارض؛ فيستبين الحزم وحسن التدبير في أداء الحق لكل ذي حقٍ دون إلحاق جَورٍ بأحد من أصحاب الحقوق، بل الأقربون أولى بالمعروف.
إن الاشتغال عن الأهل تفريطٌ عظيمٌ وظلمٌ بيِّن، إذ كيف يسوغ للإنسان أن يشتغل طيلة وقته خارج منزله، فيترك شريكة عمره نهباً للوساوس، والخطرات، والوحشة، والأزمات، أو يتركها للانغماس والدخول في مجامع لا تُحْمَد سيرتُها، أو الانحراف بسلوك طريق الانجراف؟! ولا يُفْهَم من ذلك أن يعيش الزوج حبيس منزله لا يتعداه، فيعيش مؤْثِراً للعزلة، قابضاً يده عن التعاون مع بني جنسه، قاطعاً علاقاته بالناس، تاركاً الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر، والدعوةَ إلى الله، والسعيَ في طلب الرزق! وإنما هي دعوةٌ للتوازنِ وإعطاءِ كلِّ ذي حقٍ حقه قدر الإمكان.
فحريٌ بك أيها الزوج العاقل أن توازن بين الحقوق، وأن يكون لأهلك حقٌ من وقتك، ونصيبٌ من حديثك، وحظٌ من الأنس بك، تملأ ذلك بالمؤانسة العذبة، والحديث الجذاب، وتشرق بعطفك ولطفك وحنانك، وأن تحرص على التبكير في العودة إلى منزلك، وتشارك زوجتك في هموم بيتها، وتربية أطفالها.
ومما يعينك على ذلك، ويجلب السعادة لزوجك، وينفي الكآبة عن قرينتك، ويذهب عنها حسرة الوحدة ما يلي:
أولاً: أن تبذل لها من وقتك، فتحرص على التبكير في العودة إلى منزلك، وتشاركها هموم بيتك وأولادك.
ثانياً: الإشادة بالزوجة وكثرة الثناء عليها وعلى حسن تدبيرها.
ثالثاً: الاعتذار إليها إذا كَثُر التقصير في حقها، كأن تتأخر في الليل، أو تنشغل عنها طويلاً، فإذا وقعتَ في ذلك فيَحْسُنُ منك الاعتذار، وأَحْسَنُ من ذلك أن تصحب معك هديةً ولو كانت يسيرة، فالهدية بمعناها لا بمشتراها، ولا أقل من أن تأتي مبتسماً، متحملاً لِمَا قد يبدر منها من عِتاب، وما يظهر منها من إعراض.
فقد يعدِّد الرجل وهو حقٌ له؛ لكنه لا يراعي شرط التعدد وهو: العدل، وربما عزم على العدل قبل الزواج، وظن أنه قادرٌ عليه، فإذا تزوج نسي ما كان عازماً عليه من قبل، ويتخذُ هذا الظلم صوراً شتى وأنماطاً عدة، منها:
أولاً: أن يقتصر في البيتوتة عند واحدة دون الأخرى، أو أن يبيت عند إحداهما أكثر من ليالي الأخرى، أو يهجر إحدى زوجاته لخلافٍ يسير، فلا يبيت عندها شهوراً أو أعواماً، بل ربما إذا تزوج الجديدة هجر الأخرى نهائياً، فلا ينفق عليها، ولا على عيالها، وتركها لا هي ذات زوجٍ، ولا هي مطلقة، فيتضاعف عليها البلاء من كل جهة.
ثانياً: توفير المطعم، والمشرب، والكسوة لإحداهما مع التضييق على الأخرى في ذلك.
ثالثاً: تحقيق مطالب إحداهما ورغائبها في المآكل، والمشارب، والملابس، وحرمان الأخرى من ذلك، وكذا تحقيق رغبة إحداهما في الخروج إلى السوق، أو المستشفى، أو للنزهة، والمسارعة في ذلك، والتثاقل والتباطؤ في تحقيق رغبات الأخرى، فهو كخِفَّة الطير مع مَن يحبها، وكمشي السلحفاة مع الثانية، وعند حاجتها تتبدد الحوائج، وعند حاجة غيرها تظهر الأشغال والارتباطات.
رابعاً: الانبساطُ والبشاشةُ وطلاقةُ الوجه مع إحداهما، والعبوسُ والفظاظةُ والغلظةُ مع الأخرى، وربما تعدى ذلك إلى الغلظة مع أولاده منها.
خامساً: التغاضي عن عيوب مَن يحب منهن، واحتمالُ ما يبدر منها، مع التنقير عن عيوب الأخريات، وعدمُ احتمال أقلِّ القليل من تقصيرهن.
سادساً: الحديث إلى إحداهن بعدم محبته للأخرى، أو كرهه لها، أو نقل شيءٍ من عيوبها إلى ضرتها.
سابعاً: عكس ما سبق، وهو الثناء على مَن يحب، وإطراؤها، وذكر محاسنها، أو حسن طبخها، وغير ذلك لدى الأخريات، مما يغيظهن ويزيد من حنقهن ويضاعف قلقهن.
ثامناً: السفر بإحداهما دون أذنِ الأخرى، أو الإقراعِ بينهما، فقد جاء في الصحيحين عن عائشة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه) متفق عليه.
فلا يجوز أن يسافر بإحدى زوجتيه إلا بإذن الأخرى، أو بالإقراع بينهما.
تاسعاً: وطء إحداهما في ليلة الأخرى؛ لأن وطأها يوجب ترك العدل الواجب.
وعاشراً: إعفاف إحداهما بوطئها دون الأخرى، مع قدرته على إعفافهما معاً، وإن كان المشهور عند الناس أنه لا يجب عليه أن يطأ زوجته الأخرى؛ لأن ذلك يتبع المودة القلبية.
والصحيح: أنه يجب عليه إعفاف جميع نسائه ما دام قادراً على ذلك، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، واختيار ابن القيم رحمه الله، وشيخنا الشيخ محمد بن عثيمين .
قال الشيخ محمد بن عثيمين حفظه الله: الصحيح: أنه يجب العدل في الوطء إذا قَدر، فلو كان هناك إنسانٌ ضعيف الشهوة، إذا جامع في ليلة لا يتمكن من الجماع في الليلة الثانية أو يشق عليه، وقال: سأجمع نفسي لإحداهما فلا يجوز؛ لأن الإيثار هنا ظاهر، ويستطيع العدل، فما يمكنه القَسْم فيه يلزمه القَسْم، وما لا يمكنه لا يلزمه.
والعدلُ شرطٌ في التعدد -أيها الإخوة- فلا يجوز الإقدام على التعدد مع خوف عدم العدل، قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [النساء:3]، فأمر بالاقتصار على واحدة، إذا خشي الإنسان عدم العدل أو عرف ذلك من نفسه.
وقال عليه الصلاة والسلام: (مَن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل) رواه الإمام أحمد وغيره، وفي لفظٍ: (وشقُّه ساقط)، قال ابن حجر : سنده صحيح.
وأما المحبة والميل القلبي فهذه لا تدخل في دائرة العدل؛ لأنها مما لا يملكه المرء، ولذا قال تعالى مبيناً انتفاء القدرة علـى ذلـك: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ [النساء:129]، فالاستطاعة المنفية هنا هي الحب وميل القلب، بخلاف العدل في الأمور الأخرى، فهي في مقدور العبد، فلا يسوغ للزوج أن يجعل هذا الميل القلبي يقوده إلى الإخلال بالعدل في السكنى، والنفقة، والمبيت، والكسوة، وسواها مِمَّا أشرتُ إلى شيءٍ منه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه، حتى في مرضه الذي مات فيه.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم هذا قَسْمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)، وهو حديثٌ مرسل.
والذي ينبغي على الزوج تعليم زوجته ما تحتاجه في دينها مِن تعليم مسائل العقيدة، وأركان الإيمان، وأحكام الطهارة، والصلاة، وغير ذلك، فإن لم يكن قادراً بنفسه:
- وفَّرَ لها شيئاً من الكتب النافعة، والأشرطة الهادفة.
- وسألَ لها عما يُشْكِل عليها.
- وأحْضَرَها للدروس والمحاضرات.
- وأخبَرَها بما سمع في الخطب.
- ورَبَطَها بصالحاتٍ تلتحق بهن، وتتعلم منهن.
- وعمِلَ جلسةً أسبوعية من خلالها يُقْرَأ في بعض الكتب النافعة كرياض الصالحين، وفقه العبادات، وغير ذلك من الكتب.
- وأحْضَرَها إلى مراكز تحفيظ القرآن النسائية.
- وحضَّها على سماع الأشرطة، والمحاضرات، وإذاعة القرآن الكريم.
فكم من امرأةٍ تتخبط في أمر دينها؛ في عبادتها.. في طهارتها.. في صلاتها، ولا تحسن الحكم الشرعي في ذلك! بل كم من امرأةٍ مكثت شهوراً لا تغتسل من الجنابة؛ لأنها لا تعلم الحكم الشرعي في ذلك!
كالتعطر عند الخروج إلى الشارع، أو لباس الضيق عند غير زوجها، أو ما يبدر منها من شتمٍ ولعنٍ للأولاد، أو غير ذلك، والله عز وجل يقول: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132].
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (والرجل راعٍ في أهل بيته، ومسئولٌ عن رعيته).
ويقول عليه الصلاة والسلام: (ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية يموتُ يوم يموتُ وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)، وفي لفظٍ: (ولَمْ يُحِطْها بنُصْحه إلا حرم الله عليه الجنة).
وأشد من ذلك: أن يأمر زوجته بالمنكر، وينهاها عن المعروف، كَمَنْ يُلْزِمُها بمصافحة الأجانب، والخلطة بهم، أو أن يضطرها إلى السفر بلا محرم، أو يُدْخِل إلى بيتها أجهزة اللهو والفساد، وخصوصاً أجهزة (الدشوش) التي تلتقط القنوات الفضائية من البلاد الكافرة أو الفاجرة. وكل ذلك من الخيانة والغش للزوجة وللأولاد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية يموتُ يوم يموتُ وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) رواه البخاري وغيره، ولا شك أن الغش في الدين هو أعظم الغش.
فإن قلتَ: هل يوجد أحدٌ لا يغار على زوجته؟! بل هل يُتَصَوَّر أن يوجد إنسانٌ لا يغار على زوجته؟!
فأقول لك: يتبين ذلك من خلال الجواب عن الأسئلة التالية:
هل يغار على زوجته مَن ترك لها الحبل على الغارب في الاختلاط بالرجال في الأسواق، وفي أماكن الأعمال؟!
وهل يغار على زوجته مَن يجعلها تخلو بالأجانب كالسائقين، والخدم، ولا يبالي بذلك؟!
وهل يغار على زوجته مَن يجلب لها أجهزة الفساد المرئية والمسموعة التي تقتل فيها الغَيرة والحياء، وتمسي وتصبح على رؤية أراذل الخلق، مِن رجالٍ ونساء، في مسلسلات ما يسمى بالحب والعشق والغرام؟!
وهل يغار على زوجته مَن يجلب أو يأذن لها بجلب قصص الغرام ومجلات الفساد؟!
وهل يغار على زوجته مَن يراها تلبس لباس الفتنة والتبرج أمام الرجال الأجانب، ثم لا يتمعَّر وجهُه ألبتة، بل هناك من يتباهى ويفاخر بذلك؟!
وهل يغار على زوجته مَن يسمح لها باستقبال الرجال الأجانب، وخدمتهم، وضيافتهم، ومصافحتهم؟!
وربما اتهم زوجته بأنها تعاكس غيره، أو تخلوَ بأجنبيٍّ وتخرجَ معه.
وربما رماها بالوقوع فيما هو أكبر من ذلك، بأنها تقع في الفاحشة، أو أن حملها ليس منه.
وقد يُكْثِر بعضُهم الاتصال بالمنزل كلما غادره، خشية أن تكون زوجته خرجت منه، وإذا وَجَدَ الهاتف مشغولاً خالجه الشك والريبة.
وربما خرج بعضهم من عمله بين الفينة والأخرى، وفي أوقاتٍ غير متوقَّعة؛ ليراقب منزله، ويتأكد من سلوك زوجته.
وبعضهم يراقب الهاتف مراقبةً دقيقة، ويسجل جميع المكالمات؛ خوفاً من أن يكون لامرأته صلةٌ بغيره والعياذ بالله.
وقد يغير من صوته، ويتصل ليختبرها كيف تحادث الأجانب.
بل ربما أوصى غيره أن يقوم بذلك.
وربما يبدر منها زلةٌ في شيءٍ من ذلك، وتتوب إلى الله منها؛ لكنه لا يمحو ذلك من قلبه، وربما ردَّد ذلك عليها بين وقتٍ وآخر.
وكل ذلك مما يفسد عش الزوجية، ويحيل حياة الزوجين إلى جحيمٍ لا يطاق، وتكثر بسببه المنازعات، والمشادات، والمشكلات، وتبادل الاتهامات.
وقد نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخوُّن الأهل، وتتبُّع عثراتهم. فقد عقد البخاري في صحيحه باباً قال فيه: بابٌ لا يطرُق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة مخافة أن يتخونهم أو يلتمس عثراتهم، ثم ساق حديثين في هذا الباب.
وقد حذر الله سبحانه وتعالى تَحذيراً بالغاً من رمي المُحصنات، وأَلْحق بفاعل ذلك أعظم العقوبات، قال الله عـز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:23].
والغَيرة في غير ما ريبة يبغضها الله سبحانه وتعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مِن الغَيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله، فأما التي يحبها الله فالغَيرة في الريبة، وأما الغَيرة التي يبغضها الله فالغَيرة في غير ما ريبة).
والواجب على الزوج أن يكون عنده ثقةٌ بأهله، وأن يبني علاقته بهم على الثقة وحسن الظن، والبُعد عن الإساءة في الظن في مثل هذه الأمور، وإذا وجد منها شيئاً يستنكره نصَحَها وخوَّفَها، فإذا لَمِس منها التوبة والصدق فإنه يقبل ذلك منها، فإن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات.
وهي إنما يجب عليها طاعته بالمعروف في حدود استطاعتها، ومن ذلك تكليفها بالاستمرار في الوظيفة أو التدريس لتحصيل المال، مع أن ذلك لا يلزمها، ومع ما يترتب عليه من تضييع البيت والأولاد، والمشقة النفسية والبدنية، وأي ظلمٍ -أيها الزوج- فوق هذا الظلم؟!
إنك مطالَبٌ بالإحسان إلى زوجتك، والرفق بها، والنفقة عليها، فبماذا تفسِّر هذا الصنيع من قِبَلك؟! كما أن بعض الأزواج ربما يقصر في مساعدتها في تدبير منزلها، وهذا خلاف المشروع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيته في مهنة أهله، يساعدهم ويقف إلى جانبهم، فكيف يقع من بعض الناس التفريط في هذا الأمر؟! وربما احتاجت زوجتُه إلى مساعدته؛ بسبب مرضها، أو بسبب ما يحصل لها أثناء الحمل من الوحم والتعب النفسي، أو ما يحصل لها أثناء الإرضاع أو غير ذلك.
فالواجب على المسلم أن يكون مع أهله مساعداً قائماً بما يحتاجون إليه، وواقفاً إلى جانبهم.
فمن الناس من لا يكترث بمرض زوجته، ولا يسعى في علاجها، ولا يقف إلى جانبها ويواسيها، مما يزيد في بلائها ومرضها وقلقها.
وتأمل قصة عثمان رضي الله عنه في تخلُّفه عن غزوة بدر ؛ لأجل تمريض زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أقم معها ولك أجر رجلٍ ممن شهد بدراً وسهماً) أخرجه البخاري ، فنَزَّل من بقي مع زوجته لتمريضها منزلة من شهد القتال، وسَهْمَه في ذلك.
وفي مشاورة الزوجة إدخالٌ للسرور عليها، ورفعٌ لمعنوياتها، وربما كان الصواب معها، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما دخل على زوجته حينما صده المشركون عن البيت، وأمر أصحابه أن يحلقوا ويتحللوا، فامتنع الصحابة رضي الله عنهم طمعاً في تحصيل العمرة، وأَلَحَّ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمتثلوا، فدخل صلى الله عليه وسلم على زوجته أم سلمة مغضباً فسألته عن الأمر، فأخبرها بحقيقة الحال، فأرشدته إلى رأيٍ حصيف، وقالت: احلق رأسك وتحلل واخرج إليهم، فلما صنع ذلك بادروا رضوان الله عليهم بالحلق ثم تحللوا.
وأما ما اشتهر على الألسنة من الحديث الوارد المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (شاوروهن وخالفوهن) فإن ذلك مما لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أمر الله تعالى بـمعاشرة النساء بالمعروف، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي وصححه ابن حبان والألباني.
ويتخذ هذا التقصير صوراً شتى منها:
أولاً: عدمُ التحدث إلى الزوجة وتجاذبُ أطراف الأحاديث معها، بل صمتٌ مُطْبِق.
ثانياً: عدمُ استعدادٍِ لاستقبال الكلام ولا إرساله.
ثالثاً: رفضٌ تامٌ للإجابة عن الأسئلة والاستفسارات.
رابعاً : إعراضٌ كامل عن التحدث بما رأى وما سمع من أخبار.
وهذا خلاف العشرة بالمعروف الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر فإن كنتُ مستيقظةً حدثني، وإلا اضطجع حتى يُؤْذَن بالصلاة) أخرجه الشيخان.
بل إن الامتناع عن كلام المرأة والحديث إليها محرَّمٌ -ولو عند نشوزها وعدم طاعتها- أكثر من ثلاثة أيام، قال ابن قدامة في الناشز: فأما الهجران في الكلام فلا يجوز أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سبابُ المسلم فسوقٌ، وقتالُه كُفْر).
وقال أيضاً: (إن اللعَّانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة).
وبالله عليك -أيها الزوج- كيف تطمع أن تستقيم معك زوجك على طريقة، وأنت تُمْطِر عليها سيلاً من الشتائم واللعنات؟!
فلا تجد هذا الزوج في منزله إلا مُشْهِراً سيف لسانه، وجنباتُ البيت تردد أصداء صوته، ولا تراه إلا مغضباً منغلقاً متعصباً، يفزع أهل البيت عند دخوله، ويلزم الأطفال الصمت عند حلوله، تراه (إمبراطوراً) باطشاً، وليثاً هصوراً، وشبحاً مخيفاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه، وما كان العنف في شيءٍ إلا شانه).
وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا أراد الله بأهل بيتٍ خيراً أدخل عليهم الرفق).
وقال أنس: [ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم] رواه مسلم.
والضرب للزوجة لا يجوز إلا عند مسوِّغاته الشرعية، وذلك عند نشوز الزوجة، وإعراضها عن طاعة زوجها بغير حق، وبعد وعظها وتذكيرها بالله وبحق الزوج، وبعد هجرها في المضجع، فحينئذٍ له أن يضربها؛ لكن ضرباً غير مبَرِّح مع اجتناب الوجه، فإذا أطاعته توقَّف عن ذلك فوراً، قال الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء:34].
إذاً عند نشوز الزوجة وعصيانها العلاج يمر بالمراحل التالية:
المرحلة الأولى: وعظُها: بأن تذكرها بما يلين به قلبُها، بأن تذكرها بحق الزوج، وما لها من ثوابٍ عند الله إذا قامت به، وما عليها من عقابٍ إذا خالفت، وتقول لها مثلاً: أنتِ إذا كنتِ مطيعةً قائمةً بما يجب لي عليكِ، فإني سوف أقابلك بالمثل، أو بأحسن من ذلك، فتعدها بخير الدنيا وخير الآخرة.
المرحلة الثانية: الهجر في المضاجع: بمعنى: الترك، اتركوهن في المضاجع، يعني: لا تضاجعوهن، تكون أنت في فراش وهي في فراش، أو أنت في حجرةٍ وهي في حجرة، أما الهجر في المنزل، وترك المنزل بالكلية فلا يجوز، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإنما يهجر في المضجع كما في الآية، وحديث: (لا يهجُر إلا في المضجع).
المرحلة الثالثة: فإن لَمْ يُفِد الْهَجر فتأتي الْمَرحلة الثالثة، وهي: الضرب ضرباً يَحصل به تأديبُها، ولا يَحصل به تَجْريْحُها أي: جرحها: فتُضْرَب ضرباً غير مبرح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: (ولكم عليهن أن لا يُوطِّئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح -أي: غير شديد-) رواه مسلم، ويجتنب ضرب الوجه، كما في حديث معاوية القشيري : (ولا تضرب الوجه، ولا تقبِّح، ولا تهجر إلا في المضجع)، ويكون ضربه بما يحصل به التأديب، لا التشفي، والانتقام، والإهانة.
والضرب للنساء ليس نهج خيار المؤمنين، ولذا تقول عائشة رضي الله عنها: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب امرأةً ولا خادماً له قط) رواه مسلم في صحيحه .
ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن قوماً يضربون نساءهم، قال: (وايْمُ والله لا تجدون أولئك بخياركم)، وفي لفظٍ: (ليس أولئك بخياركم).
ويعتقد أن التزيُّن والتجمل يكون منها له، وهي تريد ذلك منه، وتحب ذلك منه كما يحبه منها، فربما جاء إليها أشعث أغبر، بملابس متسخة، ورائحة منفرة، تفوح منه الروائح الكريهة، يفوحُ منه العرق، وتفوح منه رائحة الدخان، ورائحة المواشي، أو عليه آثار الزيوت والشحوم، وكأنها ليست بإنسان، والتهيؤ والتزيُّن للزوجة من حقوقها عليه، فإن الله عز وجل يقول: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228].
وقال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
ولهذا يقول عبد الله بن عباس : [إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي].
ويروي أصحاب السير أن رجلاً أشعث أغبر دخل على الخليفة عمر ، ومعه زوجته وهي تقول: لا أنا ولا هذا يا أمير المؤمنين! فعرف عمر كراهية المرأة لزوجها بسبب مظهره وحاله، فأرسل الرجلَ ليستحم ويتنظف، ويأخذ من شعر رأسه، ويقلِّم أظفاره، فلما حضر أمَرَه أن يتقدم إلى زوجته ويدخل عليها، فاستغربته وابتعدت منه حيث لم تعرفه، ثم عرفته، فقبلت به ورجعت عن دعواها عليه عند عمر ، فقال عمر : [هكذا فاصنعوا لهن، فوالله إنهن ليُحْبِبْن أن تتزينوا لهن كما تحبوا أن يتزَيَّنَّ لكم].
وقد بوَّب تحت هذا الأثر العلامة عبد الملك بن حبيب في كتابه النساء باباً بعنوان: باب ما يستحب للرجل أن يتزين لامرأته في هيئته وشكله.
فعليك -يا عبد الله- أن تتزين لامرأتك، وأن تتهيأ لها، وأن تتنظف، وأن تتطيب، وأن تبالغ في ذلك محتسباً في ذلك وجه الله عز وجل.
ومن أمثلة ذلك:
تعييرها بعيوبٍ خَلْقِية لا تملك من أمر تغييرها شيئاً، كقِصَرٍ، ودمامةٍ، ونحافةٍ، وسِمَنٍ، وصِغَر عينٍ، أو كثرة نسيان.
ومن ذلك أيضاً: تعييرها بعيوبٍ خُلُقية، كتباطؤٍ في إنجاز عمل، أو عدم إتقانه، أو نحو ذلك.
ومن ذلك أيضاً: ذكر محاسن غيرها من النساء أمامها بقصد إغاظتها، سواءً كانت محاسن خَلْقِية كجمالٍ، وبياض، ونحو ذلك، أو محاسن أعمالٍ كحُسْن طبخٍ، وإتقان عملٍ، أو نحو ذلك، وإذا كانت تلك التي ذُكِرَت محاسنها هي الضرة والجارة فالأمر أدهى وأشد.
ومن ذلك أيضاً: عدم ندائها بألفاظ التكريم والحب، كأن يناديها بمثل: يا هِيْش، يا ثقيلة، يا باردة، فالبديل أن يناديها بأحب أسمائها، ويا حبيبتي، ويا أم فلان، ونحو ذلك.
وتأمل مداعبة النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة ، وشفافية روحه معها، ودقة ملاحظته لمشاعرها، فهاهو يقول: (إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية، وإذا كنتِ عليَّ غَضْبَى، فقالت: كيف ذلك يا رسول الله؟! فقال: إنكِ إذا رضيتِ عليَّ قلتِ: لا ورب محمد -أي: إذا رضيتِ عليَّ أقسمتِ برب محمد، فتذكرين اسمي لأجل رضاكِ عني- وإذا غضبتِ عليَّ قلتِ: لا ورب إبراهيم -فتتركين ذكري غضباً عليَّ- فقالت رضي الله عنها: نعم، والله ما أهجر إلا اسْمَك)، يعني: حقيقةً أنني لَمْ أهجر إلا اسْمَك في القَسَم، وهذا يدل على شفافية النبي صلى الله عليه وسلم، ودقة مراعاته لمشاعر زوجته. فأين هذه الحال من حال كثيرٍ من الأزواج؟!
وتروي عائشة رضي الله عنها مشهداً آخر قائلةً: (والله لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرته، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم، بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا الذي أنصرف).
وبوَّب على هذا البخاري قبل أن يخرِّجه: حسن المعاشرة مع الأهل.
وتقول أيضاً: (كنتُ أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فِيَّ، وأتعَرَّق العَرْق فيتناوله ويضع فاه على موضع فِيَّ) رواه مسلم، وقولها: (أتعَرَّق العَرْق) أي: آخذ ما على العظم من اللحم، فيضع فَمَه على موضع فمي.
وسابقها النبي صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ فسَبَقَتْه، فلما بدنت وسَمِنَت سابقها فسبقها، فقال لها: (هذه بتلك).
وذلك بالامتناع عن وطئها مدةً طويلةً تضر بها، أو السفر الطويل عنها مدةً، وينتج عن ذلك كرهها لزوجها، وتطلعها إلى غيره، وربما الوقوع في أمرٍ محرم من معاكسةٍ، أو مباشرةٍ، أو فاحشة، فإن الغريزة الجنسية أقوى الغرائز في سلوك الإنسان أو من أقواها، وقد تكون المرأة تقيةً عفيفة، فيبقى أثر امتناع زوجها عن جماعها ألَمٌ وعذابٌ نفسيٌّ عليها، وربما آل بها الأمر إلى قلقٍ نفسيٍ، وهَمٍّ لازم بسبب ما تجده من الميول الفطرية من جهة، وداعي الإيمان في قلبها من جهةٍ أخرى، وإعفاف الزوجة من أعظم مقاصد النكاح، وفي الوطء أجرٌ وصدقة، (وفي بضع أحدكم صدقة) ولأنه وسيلةٌ إلى حصول الولد، وإعفاف نفسه وامرأته، وغض بصره، وسكون نفسه ونفسها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لزوجك عليك حقاً).
وقال ابن تيمية : يجب على الزوج وطء زوجته بقدر كفايتها، ما لم يُنْهِك بدنه أو تشغله عن معيشته غير مقدرٍ بأربعة أشهر.
فالواجب عليه أن يعفها وليس ذلك مرتبطاً بأيامٍ معينة، بل يعفها ويعطيها بقدر كفايتها، وبقدر ما يحصن فرجها.
وفي المقابل:
قد يظلمها في إشقاقه عليها، في وطئها في حال كراهيتها الشديدة للوطء، بسبب وحمٍ، أو حالةٍ نفسية، أو غيرها.
أو وطئها في حالٍ يضر بها الجماع، كبعض الحالات المرضية المتعلقة بالرحم، أو في بعض أحوال الحمل، وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين حفظه الله: هل يقع على المرأة إثمٌ إذا امتنعت عن زوجها حين يطلبها بسبب حالةٍ نفسية عابرةٌ تمر بها، أو لمرضٍ ألَمَّ بها؟
فقال: يجب على المرأة أن تجيب زوجها إذا دعاها إلى فراشه؛ ولكن إذا كانت مريضةً بمرضٍ نفسيٍ لا تتمكن من مقابلة الزوج معه، فإن الزوج في هذه الحالة لا يحل له أن يطلب منها ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، وعليه أن يتوقف، أو يستمتع بها على وجهٍ لا يؤدي إلى ضرر.
وقد جاء في النهي عن هذا العمل عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
منها قوله: (من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد).
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله إلى رجلٍ جامَعَ امرأته في دبرها).
ومنها قوله: (إن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن).
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (ملعونٌ مَن أتى امرأةً في دبرها).
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله: أن الوطء في الدبر له أكثر من اثنين وعشرين ضرراً، راجِعْها في زاد المعاد، في المجلد الرابع، صفحة: (240)، وقد أثبت الطب الحديث من آثار هذا الشذوذ أمراضاً خطيرة: (كالزهري)، و(السيلان)، و(الهربز)، و(الإيدز)، وغيرها من الأمراض؛ لكن لا مانع من أن يأتي زوجته من دبرها في قبلها، فيكون الوطء في الفرج، وإن كان من الخلف.
وقد مر في حديث أبي هريرة : (أن من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد).
وقال ابن تيمية رحمه الله: وطء الحائض لا يجوز باتفاق الأئمة.
وقال ابن القيم رحمه الله: وجماعُ الحائض حرامٌ طبعاً وشرعاً، فإنه مضرٌ جداً، والأطباء قاطبةً تحذر منه، ومن آثاره الطبية: حصول العقم في الذكر أو في الأنثى، ويؤدي إلى التهاب أعضاء التناسل، فتضعُف صحتها، وكفى بِهذا ضرراً.
لكن يجوز مباشرة الحائض دون الفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيءٍ إلا النكاح -يعني: إلا الوطء في الفرج-) رواه مسلم.
فمن الأزواج من تنازل عن وظيفته في القوامة على زوجه، فصارت الزوجة هي القوَّامة عليه، الآمرة الناهية، فالقول قولها، والرأي رأيها، والمدخل والمخرج بيدها، وربما حولت زوجها إلى مجرد خادمٍ وسائقٍ لها، والذي يدفعها إلى ذلك دافع الغرور بالمال، أو الجمال، أو النسب، أو المستوى التعليمي، فإذا انضاف إلى ذلك ضعف الزوج واهتزاز شخصيته، فقد وافق الخُبْر الخَبَر، والشَّنُّ الطَبَق، وهذا خلاف ما جاء به الشرع، فالرجال قوامون على النساء.
ولا يعني ذلك أن يكون الزوج مستبداً يسلُب المرأة حقوقها، ويخالفها في مراداتها، ويسيرها على حسب ما يهواه، من غير مراعاةٍ لرأيها، ومداراةٍ لخاطرها، فذلك إهدارٌ لكرامتها، وجحدٌ لإنسانيتها.
فبعض الناس يترفع عن إخبار زوجته بسفره، أو غيبته غيبةً طويلة، وربما تكون الزوجة محتاجةً إليه هي وأولادها في شيءٍ من لوازم المنزل، أو لتمريضٍ، وعلاجٍ، ونحو ذلك، وعلى الأقل ربما كان بُعْدُه وسفرُه من غير إخبارها مصدر قلقٍ وانزعاجٍ لعدم العلم بمصير الزوج.
وفي ذلك حرمان لها من كمال الاستمتاع، حيث إن الجماع من حقها، وليس الجماع إلا ما لا يلحقه عزل، وفي العزل تفويتٌ لحقها من الولد.
قال الوزير ابن هبيرة رحمه الله: أجمعوا على أنه ليس له العزل عن الحرة إلا بإذنها؛ لأن لها في الولد حقاً، وعليها في العزل ضرراً.
وهذا كله تقدير رب العالمين، لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً [الشورى:49-50].
وفي ذلك قطيعة رحم، وحرمانٌ لها ولأهلها من استئناس بعضهم ببعض، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) رواه البخاري ومسلم.
كأن يكون بالرجل مسٌ أو سحرٌ، أو مرض يؤثر على الحياة الزوجية، أو يُخْفِي عليها أن معه زوجةً أخرى، أو أن فيه علة تمنع كمال المعاشرة، أو عيباً ينفِّر منه، مَرْئِياً كان هذا العيب أو مشموماً، أو يكون عقيماً لا يولَد، والولد من أعظم مقاصد النكاح، ولا يخبرها بذلك كله، ولذا فمن تزوجها عقيمٌ فلها الفسخ حتى لو كان لا يعلم بأنه عقيمٌ قبل العقم، ومن الظلم رفضه لهذا الفسخ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأي الزوجين وجد بالآخر جنوناً، أو جذاماً، أو برصاً فله فسخ النكاح، إذا لم يرضَ بعد ظهور العيب، وقبل الدخول يسقط المهر، وبعد الدخول لا يسقط.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1].
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) متفق عليه.
ويدخل تحت ذلك صوراً شتى منها:
منعه لها من الدراسة، أو التدريس، وقد شَرَطت ذلك عليه، وربما منعها من التدريس إلا إذا أعطته نصف راتبها، أو مقداراً معيناً يفرضه عليها، وكل ذلك من الظلم.
ومن ذلك: اشتراطها سكناً مستقلاً، ثم لا يفي الزوج بذلك، وربما جعل لها سكناً مستقلاً في البداية مدةً معينة، ثم ألزمها بالسكنى مع أهله أو إخوته.
والشروط التي تقع قبل العقد يجب الوفاء بها وعدم الإخلال، قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز : إذا اشترطت المرأة على خاطبها أن لا يمنعها من التدريس، أو من الدراسة قبل ذلك، وتزوجها على الشرط المذكور، فهو شرطٌ صحيحٌ، وليس له أن يمنعها من ذلك بعد الدخول بها، فإن منعها فلها الخيار، إن شاءت بقيت معه، وإن شاءت طلبت الفسخ من الحاكم الشرعي، وليس له أن يأخذ من راتبها شيئاً إلا بإذنها ورضاها.
والواجب على الزوج إبقاء زوجته الرجعية في المنزل، والإنفاق عليها حتى تنتهي عدتها، قال الله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ [الطلاق:6].
قال الشيخ: عبد الرحمن بن السعدي رحمه الله: وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ [الطلاق:6] أي: لا تضاروهن عند سكناهن بالقول أو الفعل؛ لأجل أن يمللن فيخرجن من البيوت قبل تمام العدة، فتكونوا أنتم المخرجين لهن.
وهذا التصرف من قبل هذا الزوج لؤمٌ ودناءة، وظلمٌ وإساءة.
فربما لا تجد في قلبها محبةً له، أو ربما كرهته في خُلُقه ودينه؛ فطالبته بطلاقها، أو بالخلع والفداء، فيرفض ذلك.
فالطلاق هو كلامه في مدخله ومخرجه، وفي شأنه كله، وهذا من اتخاذ آيات الله هزواً، وليس الطلاق والتهديد أول علاجٍ للمشكلة فعند الخلاف: الموعظة، ثم الهجر، ثم الضرب غير الشديد، ثم الحَكَمَين، فإن لم تُجْدِ هذه الأمور الأربعة فحينئذٍ الطلاق هو الحل، وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130].
إذاً الطلاق هو آخر العلاج، ونهاية الدواء.
وليُعْلم -أيها الإخوة- أن التفرقة بين الزوجين من أعظم ما يسعى إليه الشيطان، ويطمع فيه إبليس، لما يترتب عليه من التشتت، والفرقة، وضياع الأسرة، وتفكك البيوت.
عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول إبليس: ما صنعتَ شيئاً، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركتُه حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نِعْمَ أنت، فيلتزمه) رواه مسلم في صحيحه .
مِِمَّا يترتب عليه تشتيت الأسرة، وترويع الزوجة، والأبناء، وتعريضهم لخطر القتل أو الاغتصاب من قِبَله، ومصادرة مال الزوجة، وتضييع الأسرة بترك الإنفاق عليها، أو حرمان الأسرة منه حين يودَع السجن لسنوات أو يُحْكَم بقتله.
مع أن رب العالمين يغفر كل ذنبٍ للعبد إذا تاب منه، ولو كان الكفر أو الشرك.
ومن ذلك أيضاً: عدم قبول عذرها إذا بدر منها خطأٌ أو تقصير.
فكم يقع الزوج في الخطأ؛ ولكن ليس عنده أدنى استعداد لأن يعتذر لزوجته عما بدر منه من غلطٍ وخطأ.
ولا بد لك -يا أخي الزوج- من تلبية هذه الرغبة لدى الزوجة والأولاد، فهم يرغبون فيما ترغب، فالطينة واحدة، والخلقة متماثلة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس منزلةً يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها) وفي لفظٍ: (إن من أعظم الأمانة) رواه مسلم في صحيحه .
مما ينتج عنه معاناتها الشديدة مع الأولاد، وتمرُّد كثيرٍ منهم عن طاعتها، وكثرة شجارها وخصامها معهم، بل ربما ذهب الزوج مذهباً أبعد من ذلك، حيث يعزو كل خطأٍ أو تقصيرٍ يقع من الأولاد في دراستهم، أو سلوكهم، أو دينهم إلى الأم وحدها، ويعتبرها هي المسئولة عن ذلك كله، ونسي أن المسئولية مشتركة، وأن التوفيق بعد ذلك بيد رب العالمين.
فإذا ما طالبت بالحقوق الأخرى قال لها: احمدي الله، تأكلين، وتشربين، ومتى شئتِ تنامين، ونحو ذلك، ونسي أن الحياةَ الزوجية مودةٌ، ورحمةٌ، وتعاونٌ على البر والتقوى، ومعاشرةٌ بالمعروف.
فهو سلاحٌ يشهره في وجهها بين آونةٍ وأخرى.
مما يجعلها تُحْرَج من أخواتها وأهلها في تكليفهم بتوفير ما تحتاجه.
والواجب أن يوفر ذلك لها، وأن يخرج معها إلى السوق لتحقيق متطلباتها ومستلزماتها.
فمن الأزواج من لا يقتنع بما آتاه الله، ونظره دائماً إلى ما عند غيره، يحسدهم ويتمنى زوال ما عندهم، ويعقد مقارناتٍ بين النساء الأخريات، وزوجات الأقارب والأصحاب، وبين زوجته، ويظن أنهم يعيشون نعيماً يفقده، ويجدون جمالاً ليس لديه، مع أن الأمر قد يكون على العكس تماماً؛ لكن كما يقال: كل ممنوعٍ مرغوب.
وأقبح من ذلك: أن يذهب الزوج يروي ما في نفسه بمد بصره إلى النساء في الشارع، أو يحدق بصره إلى المذيعات والممثلات والراقصات ممن يضعن المساحيق، ويستعملن مواد التجميل الكاذبة، فلا يزداد إلا حسرةً وحرقةً وشعوراً بالغبن والحرمان، ولربما قاده ذلك إلى الخيانة الزوجية، وممارسة الفاحشة.
فعلى المرء أن يقنع بما آتاه الله، ويغض بصره عما حرم الله، ويعلم أن الشيطان يزهِّد في الحلال، ويزين الحرام، وكما قال أحد الكتَّاب الأدباء وهو ابن المقفع ، ذكر: أن الإنسان لو أعطي نساء أهل الأرض جميعاً، فلم يبقَ منهن إلا واحدة، وأما جميع نساء الأرض فقد أصبحن زوجاتٍ له، لو حصل له ذلك لم يقنع بهن، واعتقد أن هذه المرأة الباقية من بين جميع النساء أنها أجملهن وأفضلهن، وتَمَنَّى الحصول عليها، وتطلَّع إليها، ورغب فيها، مع أن جميع نساء الأرض كلهن تحت يده.
وهكذا كل ممنوع مرغوب، فما عليك -يا أخي- إلا القناعة بالمرأة، والنظر إلى جوانب الحسن في خُلُقها وخَلْقها، والإعراض عن أوجه النقص والذم فيها.
وكما أنك -يا أخي- تكره منها التطلع إلى غيرك، والنظر إلى من سواك، وتغار عليها أن تتطلع إلى غيرك، فكذلك يجب أن تعاملها بالمثل، وتترفع عن ذلك، (ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ومن الناس من يتطلب الكمال في زوجته من كل وجه، في جمالها، وسلوكها، وطباعها، وهذا في الحقيقة يروم أمراً مستحيلاً، فكل إنسانٍ محكومٌ عليه بالنقصان، فلا بد من التغاضي عن أمورٍ كثيرة، فإنك لن تجد في زوجتك كل ما تريد، كما أنها لن تجد فيك كل ما كانت تريد، وإذا كان الإنسان لا يستطيع الخلاص من ذنوبه وعيوبه هو فكيف يروم ذلك من غيره؟! كيف نريد من الآخرين أن يكونوا كما نريد، ونحن عاجزون أن نكون كما نريد؟!
والحكم -أيها الإخوة- على الأشخاص والأشياء إنَّما يكون بما يغلب عليهم، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْرَك مؤمنٌ مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلُقاً رضي منها آخر) أي: لا يُبْغِض مؤمنٌ مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلُقاً رضي منها آخر.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلِقَت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج).
وقد حدثني أحد الثقات أنه يعرف رجلاً له زوجتان وولد، فطلَّق تلك المرأتين جميعاً في مرض موته، حتى يتوفر المال كله للولد خاصة.
وذكر لي أيضاً أنه يعرف شخصاً آخر طلَّق زوجته في مرض موته بقصد حرمانها من الميراث.
وهذا لا شك من أعظم الظلم.
فمن الناس من يُوَفَّق بامرأةٍ داعيةٍ، حريصةٍ على نشر الخير والدعوة، فيمنعها من الذهاب إلى التجمعات النسائية التي يمكن من خلالها أن تلقي الدروس والكلمات، وربما سمح لها بذلك؛ لكنه لا يتسامح فيما يترتب على قيامها بذلك من التقصير في حقه.
والذي ينبغي في حقك -أيها الزوج- أن تشجعها على ما هي فيه من نشرٍ للخير، ودعوةٍ للحق، خصوصاً ونحن في زمنٍ الدعوة في محيط النساء لا تزال بحاجةٍ ماسة، فهي ثغرةٌ تسدها زوجتك، ويُرجى أن يكون لك مثل أجرها وثوابها.
فمن الناس من يُتْبِع زوجتَه الشتمات واللعنات بسبب تأخرها في الركوب إلى السيارة، ربما كانت مشغولةً بإعداد نفسها، وتهيئة أطفالها، مما لا تعلمه وتدركه.
وختاماً أيها الإخوة: الواجب على المسلم أن يتقي الله عز وجل في القيام بحق أهله، وقد مر بنا عدة أحاديث تفيد أن الخيرية التامة لمن كان خيِّراً مع أهله: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله).
(خياركم خياركم لنسائهم).
وفي المقابل: التحذير الشديد من ظلم الزوجات، ويكفي في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أحرج عليكم حق الضعيفَين: اليتيم، والمرأة).
والواجب على الزوجين التعاون على البر والتقوى، وأن يعرف كل واحدٍ من الزوجين حق الآخر عليه، ويسعى في القيام بهذا الحق.
وفي المقابل: يسعى كل واحدٍ من الزوجين إلى التغاضي عن الآخر، والتغافل عن أخطائه.
نسأل الله عز وجل أن يصلح نياتنا وذرياتنا.
اللهم أصلح نساء المسلمين، اللهم أصلح رجالهم، اللهم أصلح شبابهم، اللهم أصلح فتياتهم، اللهم رد الجميع إليك رداً جميلاً.
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74].
اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك.
اللهم يا حي يا قيوم! لا تدع لنا في مقامنا هذا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفَّسته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا حيران إلا دللته، ولا ضالاً إلا هديته.
اللهم يا حي يا قيوم! وفقنا لما تحبه وترضاه.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , مهلاً يا شريك العمر للشيخ : عبد الله بن علي الجعيثن
https://audio.islamweb.net