إسلام ويب

لو تذكر المرء ما سيئول إليه بعد موته من العذاب الشديد في نار جهنم، وما فيها من أهوال عظام، لما وقع فيما وقع فيه من الذنوب. لذلك كان لزاماً أن نخوف أنفسنا بما خوف الله به عباده، نخوفها بذكر بلاد الأحزان.

حقيقة الدنيا الفانية

الحمد لله ذي العرش المجيد، والبطش الشديد، المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، المنتقم ممن عصاه بعد الإنذار بها والوعيد، المكرم لمن خافه واتقاه بدارٍ لهم فيها من كل خيرٍ مزيد، فسبحان من قسَّم خلقه وجعلهم فريقين: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ [هود:105].

اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، ومثلما نقول، وفوقَ ما نقول.. لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد على كل حال.. عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحار عظمتك، وفي الجنة رحمتك، وفي النار سطوتك، وفي كل شيءٍ آيتك وحكمتك، مَن تقرَّب إليك قرَّبتَه، ومَن أحبك أحببتَه، ومَن توسل إليك قبلتَه، ومَن عصاك أدَّبْتَه، ومَن حاربك كبَتَّه، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيتَ، ولك الحمد بعد الرضا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وخُلِقَت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله رسله، وأنزل كتبه، وشرع شرائعه، ولأجلها نصبت الموازين، ووضعت الدواوين، وقام سوق الجنة والنار.

أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون! لقد قست القلوب، وأقبل الناس على الدنيا إقبالاً أخذ منهم كل مأخذ، وأصبحت الدنيا أكبر همهم، وجُلَّ مقصدهم، وأهلك كثيراً من الناس الأماني؛ إيمانٌ بلا أثر، وقولٌ بلا عمل، ترى فيهم رجالاً ولا ترى عقولاً، عرفوا ثم أنكروا، وحرَّموا ثم استحلوا، وأضحى أمر الآخرة لا يأخذ من حياة الناس إلا لحظات، ويعود بعدها إلى دار الحياة، حتى يفاجئهم الموت، فيتذكرون للحظات ثم يعودون لما كانوا عليه.

من أجل ذلك -أيها الإخوة- تعالوا نخوف النفوس بما خوف الله به عباده، نخوفها بذكر بلاد الأحزان، لعل الحديث عن بلاد الأحزان وما أعده الله فيها لأعدائه من العذاب والنكال، وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال، ومما فيها من العظائم والأهوال، يجعلنا نسلك طريق الأبرار، ونسارع في الخيرات، ثم نبتعد عن طريق الفجار، ونجتنب ما نهى الله ورسوله عنه.

فيا أيها الغافل عن نفسه! المغرور بما هو فيه من شواغل الدنيا المشرفة على الانقضاء والزوال، دع التفكير فيما أنت مرتحلٌ عنه، واصرف التفكير إلى موردك، فإنك أخُبِرْتَ بأن النار مورد للجميع، ولا يسلم منها إلا مَن يخافها، وورود النار متيقن به: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً [مريم:71].

فأنت من المورد على يقين، ومن النجاة في شك، فاستشعر في قلبك هول ذلك المورد، فعساك تستعد للنجاة منه، فكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعاهد أصحابه بمواعظ توجل منها القلوب، وترتعد منها الفرائص إنذاراً وتخويفاً عما أخبر الله به الكتاب.

تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمته من النار

يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب أصحابَه بكلماتٍ قليلاتٍ يسيراتٍ مباركات، فيقول لهم: (أيها الناس! أُرِيْتُ الجنة والنار، فلم أر في اليوم كالخير والشر، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله)، فما هو إلا أن تم هذا الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يخفض الصحابة رءوسهم ويكبوا بوجوههم، ولهم ضجيجٌ وخنين بالبكاء!

أما إن نفوسنا بحاجة إلى أن نوردها المواعظ، ونخوفها بما خوف الله به عباده، وحذرهم منه أشد تحذير، وأنذرهم غاية الإنذار من عذاب النار ومن دار الأحزان والبوار، فقال تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى [الليل:14].

وقال: إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِلْبَشَرِ [المدثر:35-36]، فوالله ما أنذر العباد وحذرهم بشيءٍ قط هو أشد من النار! إنها نار السعير أعظم مِن أن يصفها واصف، وأشد مِن أن يطيقها مخلوق.

النار: كم أفزعت من القلوب! وكم أسالت من الدموع! وكم طردت النوم عن جفون الصالحين! وكم تفطرت لذكرها قلوب المخبتين! وكم تردد في ظلمات الليل لذكرها أنين الصادقين!

إنها النار! لما خُلِقَت طارت من هولها قلوب الملائكة المقرَّبين، واستوحشت لمكانها أهل السماوات الأعلَون.

إنها النار لا يغفل عنها إلا جاهل، ولا يأمن شرورها وهولها إلا غافل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما خلق الله النار قال: يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ! وعزتك لا يسمع بها أحدٌ فيدخلها، فحفَّها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب ونظر إليها فقال: أيْ ربِّ! وعزتك لقد خشيتُ أن لا يبقى أحدٌ إلا دخلها).

وكذلك خوف نبينا صلى الله عليه وسلم من النار، وأنذر وتوعد وحذر، وكان شديد التحذير.

وقف على منبره صلى الله عليه وسلم فجعل ينادي ويقول: (أنذرتكم النار! أنذرتكم النار!) وعلا صوتُه حتى سمعه أهل السوق جميعاً، فوقعت خميصة كانت على كتفيه صلى الله عليه وسلم، فوقعت عند رجليه من شدة تأثره وانفعاله بما يقول صلى الله عليه وسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا آخذٌ بحجزكم عن النار أقول: إياكم وجهنم والحدود! إياكم وجهنم والحدودَ! إياكم وجهنم والحدود!).

أيها الناس! (اتقوا النار ولو بشق تمرة) أكثروا من ذكرها، واعملوا للنجاة منها، ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [الزمر:16]، أكثروا من ذكرها عسى القلوب تلين، وغفلة في النفوس تفيق، فالنار شر دار، إن سألتَ عنها فقد سألتَ عن دارٍ مهولة وعذابٍ شديد، فهي دارُ الشقاء والذل والهوان، والحميم والغسَّاق، والزمهرير والأغلال، والندامة والحسرة.

إن سألتَ عن حرها، وقعرها، وحميمها، وزقومها، وأصفادها، وأغلالها، وحال أهلها، فآهٍ من نار أوْقِد عليها ألف عام حتى احمرَّت، ثم أوْقِد عليها ألف عامٍ حتى ابيضَّت، ثم أوْقِد عليها ألف عامٍ حتى اسودَّت! فهي سوداء مظلمة.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ناركم هذه التي يوقد عليها بنو آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: والله إن كانت لكافية، قال: إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً، كلهن مثل حرها).

من أوصاف النار وجحيم أهلها

روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن غَرْباً من حميم جهنم جُعِل وسط الأرض لآذى نتن ريحه وشدة حره ما بين المشرق والمغرب).

أما زمهريرها فقد روي أن في جهنم برداً هو الزمهرير، يسقط اللحم عن العظم، حتى يستغيثوا بحر جهنم، فيا لها من نار! سعِّرت حتى فاقت الوصف، فيا لحرارتها! ويا لشدة زمهريرها!

أما قعرها فما ظنُّنا بقعر نارٍ يُلْقَى الحجر العظيم من شفيرها، فيهوي فيها سبعين سنة، لا يدرك قعرها، فما أبعده! ويا لعجائب هذا القعر وما في داخله من العذاب والشقاء! يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق:30].

وقال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [هود:119] الله أكبر!

لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ>>>>>إن كان في القلب إيمانٌ وإسلامُ

يا الله من نارٍ وقودها الناس والحجارة، فهم حطبها، أتدري أي حجارة يوقد بها النار؟!

يقول ابن مسعود رضي الله عنه: [هي حجارة الكبريت تزيد عن هذه الحجارة بخمسة أنواعٍ من العذاب: سرعة الإيقاد، ونتن الرائحة، وكثرة الدخان، وشدة الالتصاق بالأبدان، وقوة حرها إذا حميت] يا له من وقود حذرنا الله من شره! ويا له من حطبٍ ما أشقى من كان في حِزَمه! فما أفظع شرها! وما أفظع شرر هذه النار! وأعظم ضخامته! قال تعالى: إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ [المرسلات:32-33].

طعام جهنم

أما طعامها، وشرابها، فاستمع إلى قول خالقها، والمتوعد بعذابها!

إِنَّ شَـجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ [الدخان:43-46]، وقوله تعالى: أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإٍلَى الْجَحِيمِ [الصافات:62-68]، فهذا الطعام ذو غصة وعذابٍ أليم.

ويقول ابن عباس في هذا: [هو شوكٌ يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في بيان حال طعام أهل النار: (لو أن قطرة -قطرة يا عباد الله- من الزقوم قطرت في الدنيا؛ لأفسدت على أهل الدنيا معيشتهم) فكيف بمن تكون طعامه!

شراب جهنم

أما شرابها فاستمع إلى ما يقوله عز وجل: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً [الكهف:29] هذا الشراب، وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم:16-17]، يا الله! يا الله! ما أسوأه من شراب! عذابٌ في عذاب!

وأخرج الترمذي من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يُلْقَى على أهل النار الجوع فيَعْدِل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون، فيغاثون بطعامٍ من ضريع، لا يغني ولا يسمن من جوع، فيستغيثون، فيغاثون بطعامٍ ذي غصة، فيتذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب، فيُدْفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد، فإذا دَنَت من وجوههم شَوَت وجوههم، وإذا وصلت أمعاءهم قَطَّعت ما في بطونهم).

وذكر ابن عباس في تفسير قوله تعالى: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ [الحاقة:35-36] قال: [هو صديد أهل النار، والغسلين: الدم والماء يسيل من لحومهم، وهو طعامهم].

وقال مقاتل : [إذا سال الدم والقيح بادَرُوا إلى أكله قبل أن تأكله النار].

وأخرج الإمام أحمد من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم: وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ [إبراهيم:16] قال: (يُقَرَّب إلى فيهِ فيكرعه، فإذا دنا منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شرب قطع أمعاءهُ، حتى يخرج من دبره).

وعن قوله تعالى: هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ [ص:57] قال قتادة : [هو ما يُغْسَق، أي: يسيح من القيح من جلود أهل النار، ولحومهم، وفروج الزناة، ودموع أهل النار، وعروقهم].

إن طعام أهل النار وشرابهم من الأمور الرهيبة التي تورث الخوف والحزن؛ وذلك أن هذا الطعام لا يزيد صاحبه إلا عذاباً وحسرة، وذاك الشراب الذي لا يزيد صاحبه إلا عطشاً وتقطيعاً للأمعاء.

أصناف العذاب في النار

يا لِهَول وشدة عذاب النار، هنالك السلاسل والأغلال، وجبال النيران، وخنادقٌ وآبار، وحياتٌ وعقارب، يطير الفؤاد عند وصفها، وحميمٌ وسَحْبٌ على الوجوه، وملائكةٌ غلاظٌ شداد، وكرباتٌ لا يعلم هولها إلا الله تعالى: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:71-72]، قال ابن عباس رضي الله عنه: [فيسلخ كل شيءٍ عليهم من جلدٍ، ولَحْمٍ، وعرق، حتى يصير في عقبه، حتى إن لَحْمه قدر طوله ستون ذراعاً، ثم يكسى جلداً آخر، ثم يسجر في الحميم، فيسلخ كل شيءٍ عليه من جلدٍ ولَحْم].

يقول تعالى: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:32]، قال أُبي بن كعب : [إن حلقة السلسلة مثل جميع حديد الدنيا].

ثم يؤخذ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ [الرحمن:41] أي: ناصية رأسه، تُجمع إلى قدميه من وراء ظهره، ثم ينشئ الله لأهل النار سحابة سوداء مظلمة فيقال لهم: يا أهل النار! أي شيءٍ تطلبون؟ فيقولون: الشراب، فيستسقون فتمطرهم تلك السحابة السوداء أغلالاً تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمراً يتساقط عليهم.. النار! وما أدراك ما النار!

يا ويلهم! تحرق النيران أعظمهم>>>>>الموت شهوتهم من شدة الضجرِ

وكل يومٍ لهم في طول مدتهم>>>>>نزعٌ شديدٌ من التعذيب والسُّعَرِ

فيها غلاظٌ شدادٌ من ملائكةٍ>>>>>قلوبهم شدةٌ أقسى من الحجرِ

فيها السلاسل والأغلال تجمعهم>>>>>مع الشياطين قصراً جمع منقهرِ

أودية جهنم وشعابها

انظر في أودية جهنم وشعابها! فعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ويلٌ: وادٍ في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره).

وقال عطاء بن يسار : [هو وادٍ لو سيرت فيه الجبال لذابت].

أما غَيُّ! أتدرون ما غَيُّ!؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه: [الغَيُّ نهرٌ أو وادٍ في جهنم مِن قيحٍ بعيد القعر، خبيث الطعم، يقذَف فيه الذين يتبعون الشهوات].

قال أنس بن مالك عن وادي موبق: [هو وادٍ في جهنم من قيحٍ ودم].

وفي رواية لـأحمد قال في قوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً [المدثر:17]: [هو جبلٌ من نار جهنم، يُكَلَّف -أي: يصعده- فإذا وضع يده عليه ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله عليه ذابت، وإذا رفعها عادت، يصعد سبعين خريفاً ثم يهوي]

ثياب أهل النار

جعل الله لأهل النار ثياباً؛ ولكن هذه الثياب ليست للزينة والتعالي؛ ولكنها للنكاية والعذاب، قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ [الحج:19] فهم بين سرابيل القطران، ومقطعات النيران، وضرب المقامع، لو وضع منها مقمعٌ واجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض، ولو ضُرِب به جبلٌ لتفتت، فيفر أهل النار من المقامع حتى يقتحموا النار بأنفسهم خوفاً من هذه المقامع، فيلعن بعضهم بعضاً، وهم يتهافتون فيها.

قال ابن عباس : [القطران هو: النحاس المذاب]، وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول من يكسى حلة من النار إبليس، يضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه ذريته، وهو يقول: يا ثبوراه! وهم ينادون: يا ثبورهم! فيقال: لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً [الفرقان:14])، أيُّ ثيابٍ هذه؟! إنها ثياب الهوان والذلة.

خلقة أهل النار

وإن سألت عن خلقة أهل النار، فتسودُّ الوجوه، وتنخلع العظام عن اللحم، وتتورم الجلود، وتفنى وتذوب، فقد حدث أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين منكب الكافر مسيرة ثلاثة أيامٍ للراكب السريع).

وقال صلى الله عليه وسلم: (ضرس الكافر -أو ناب الكافر- مثل أحدٍ، وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام).

ويقول الله تعالى عن حال أهل النار وأهوالها: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ [المؤمنون:104] وذكر النبي صلى الله عليه وسلم تفسير هذه الآية فقال: (تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته).

ومن أهل النار مَن يدور فيها وهو يجر أمعاءه في جهنم.

شدة عذاب أهل النار

أما عذاب أهل النار وكل ما مضى من عذابها، فما ظنك بعذابِ دارٍ (أهونُ أهلِها عذاباً مَن كان له نعلان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، وإنه لأهونهم).

مثِّل لنفسك أيها المغرور>>>>>يوم القيامة والسماء تمورُ

إذ كورت شمس النهار وأدنيت>>>>>حتى على رأس العباد تسيرُ

وإذا الوحوش لدى القيامة أحضرت>>>>>فتقول للأملاك: أين نسيرُ؟!

فيقال: سيروا تشهدون فضائحاً>>>>>وعجائباً قد أحضرت وأمورُ

وإذا الجحيم تسعرت نيرانها>>>>>فلها على أهل الذنوب زفيرُ

وإذا الجنان تزخرفت وتزيَّنت>>>>>لفتىً على طول البلاء صبورُ

وإذا الجنين بأمه متعلقٌ>>>>>يخشى القصاص وقلبه مذعورُ

هذا بلا ذنبٍ يخاف لِهَولهِ>>>>>كيف المصر على الذنوب دهورُ

هذا هو حال أهل النار؛ شر حال، وهوانهم أعظم هوان، وعذابهم أشد عذاب، فما ظنك بقومٍ قاموا على أقدامهم خمسين ألف سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى انقطعت أعناقهم عطشاً، واحترقت أكبادهم جوعاً، ثم انصرِف بهم إلى النار، يسقون من عين آنية، قد آذى حرها، واشتد نضجها، فلو رأيتهم وقد أسكنوا داراً ضيقة الأرجاء، ومظلمة المسالك، ومبهمة المهالك، يخلَّد فيها الأسير، ويوقد فيها السعير، وقد شُدَّت أقدامهم إلى النواصي، واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي، ويسحبون على وجوههم مغلولين.

مثِّل وقوفك يوم الحشر عرياناً>>>>>مستعطفاً قلق الأحشاء حيرانا

النار تزفر من غيظٍ ومن حنقٍ>>>>>على العصاة وتلقى الرب غضبانا

اقرأ كتابك يا عبدي على مَهَلٍ>>>>>وانظر إليه ترى هل كان ما كانا

لما قرأتُ كتاباً لا يغادر لي>>>>>ما كان سراً وما قد كان إعلانا

نادى الجليل: خذوه يا ملائكتي>>>>>مروا بعبدي إلى النيران عطشانا

النار! النار من فوقهم، ومن تحتهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، شرابهم فيها الحميم، ومستقرهم الجحيم، الزبانية تقمعهم، والهاوية تجمعهم، أمانيهم فيها الهلاك، وما لهم من فكاكٍ، فهم فيها غرقى، وطعامهم وشرابهم ولباسهم ومهادهم نار، وهم بين مقطعات النيران، وسرابيل القطران، وضرب المقامع، وثقل السلاسل، فهم يتجلجلون في مضايقها، ويتحطمون في دركاتها، ويضطربون بين غواشيها، تغلي بهم النار كغلي القدور، ويهتفون بالويل والعويل، ومهما دعوا بالويل والثبور صُبَّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [الحج:19-21] تهشم به جباههم، فيتفجر الصديد من أفواههم، وتنقطع من العطش أكبادهم، وتسيل على الخدود أحداقهم وأهدابهم، ويسقط من الوجنات لحومهم، كلما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب.

كيف بك لو رأيتهم وقد اسودَّت وجوههم فهي أشد سواداً من الحميم، وعَمِيَت أبصارهم، وأبكمت ألسنتهم، ومزقت جلودهم، وغُلَّت أيديهم إلى أعناقهم، وجُمِع بين أقدامهم ونواصيهم، يمشون على النار بوجوههم، ويطئون حسك الحديد بأقدامهم، ينادون من أكنافها، ويصيحون من أقطارها: يا مالك! قد أثقلنا الحديد، يا مالك: قد حق علينا الوعيد، يا مالك: قد نضجت منا الجلود، يا مالك: قد تفتت منا الكبود، يا مالك: العدم خيرٌ من هذا الوجود.

فيجيبهم بعد ألف عام بأقوى خطاب وأغلظ جواب: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [الزخرف:77] إنه الرفض لكل ما يطلبون، ولا خروج من النار، ولا تخفيف من عذابها وإهلاكها، بل هو العذاب الأبدي السرمدي الدائم، ثم ينادُون ربهم وقد اشتد بكاؤهم، وعلا صياحهم، وارتفع صراخهم: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ [المؤمنون:106-107]، فلا يجيبهم الجبار جل جلاله إلا بعد سنين، فيجيبهم بتوبيخٍ أشد من العذاب: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108]، فعند ذلك أُطْبِقَت عليهم وغُلِّقت، فييأس القوم بعد تلك الكلمة أيما إياس؛ فتزداد حسرتهم، وتنقطع أصواتهم إلا الأنين والزفير والشهيق، ويشتد بكاؤهم، وتفيض دموعهم، حتى إنهم يبكون حتى تنقطع الدموع، ثم يبكون دماً، وتؤثر دموعهم في وجوههم، كما يؤثر السيل في الصخر، ففي مستدرك الحاكم عن عبد الله بن قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت، وإنهم ليبكون الدم) يعني: مكان الدمع.

خسارة أهل النار

لقد خسر هؤلاء الظالمون أنفسهم وأهليهم عندما استحبوا الكفر عن الإيمان؛ ولكن: هيهات .. هيهات ..! ذهب العمل وجاء العقاب.

لقد خاب من أولاد آدم مَن مشى>>>>>إلى النار مغلولَ القيادة أزرقا

يساق إلى نار الجحيم مسربلاً>>>>>سرابيلَ قطِرانٍ لباساً محرَّقا

إذا شربوا منها الصديد رأيتَهم>>>>>يذوبون من حر الصديد تمزُّقا

ويزيد عذابَهم وحسرتَهم تذكُّرُهم بأنهم يدخلون النار لما فاتهم دخول الجنان، ورؤية وجه الرحمن، ورضوان رب الأرض والسماوات السبع جل جلاله.

عباد الله: إنها النار مهما وصفناها، فَمِن أين لنا أن نحيط بأهوالها، وشدائدها، وكرباتها؟ فتلك هي النار بأهوالها وفجائعها، مَن دخلها شقي، ونسي كل نعيم، فإن سَمُومها لا يطاق، وحرها للأفئدة حرّاق، أعوذ بالله من الشيطان: رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً [الفرقان:65-66].

اللهم إنه لا طاقة لنا بعقابك، ولا صبر لنا على عذابك، اللهم لا تشوي خلقنا بالنار, اللهم أجرنا واعتقنا من نارك.

عباد الله: هذه نماذجٌ من صفات أهل النار، وبم استحقوها كما بيَّنها الله سبحانه في كتابه العزيز، وبيَّنها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة المشرفة الغراء، لنتبين حالهم ومآلهم، ثم نجتنب ما عمله هؤلاء لكي نفوز بعدها بجنة عرضها السماوات والأرض، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185] .

بعض من توعدهم الله بجهنم

أيها الإخوة! النار موعودٌ بها مدمن الخمر، ففي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عهد لمن شرب المسكرات ليسقينه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله، ما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، وعصارة أهل النار).

ويقول كما عند ابن حبان في صحيحه : (من مات وهو مدمنَ خمرٍ سقاه الله من نهر الغوطة، قال: نهرٌ يخرج من فروج المومسات، يؤذي أهلَ النار نَتَنُ فروجهن).

وويل ثم ويل لكل مشركٍ ومشركة، وخبيثٍ وخبيثة، ممن طغى وآثر الحياة الدنيا، وويل لمن صَدَّقَ بالسحر، ولقاطِعِ الرحم، وللمنَّان والنمَّام، وما أسفل الكعبين في الإزار، والنار موعودٌ بها الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله.

- ومن أشد الناس عذاباً: المصورون الذين يضاهون خلق الله، والذين يعذِّبون الناس في الدنيا، والمرائين من القرَّاء، والعلماء الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه، ومن غش رعيته، ومن اقتطع من مال أخيه بيمينٍ فاجرة.

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء:10].

- وويل ثم ويل لأَكَلَة الربا (وكل جسدٍ نبت مِن سُحْت فالنار أولى به).

وويل للكاسيات، العاريات، المائلات، المميلات، والنائحة إذا لم تتب، تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران، والفجور يهدي إلى النار، وشر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فُحْشِه.

- وويلٌ ثم ويل للذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، الذين يريدون تحرير المرأة لهم عذابٌ عند الله، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور:19].

- والنار يا عباد الله موعودٌ بها تارك الصلاة، وويل للذين يؤخرون الصلاة ويتكاسلون عنها.

ولِسَقَرٍ أصنافٌ من الناس: فهم لا يطعمون المسكين الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ [آل عمران:180]، والذين يخوضون مع الخائضين المستهزئين بالصالحين والصالحات، والذين يكذبون وينكرون النار، وينكرون اليوم الآخر، ولقاء الله.

يا غافلاً عن منايا ساقها القدرُ>>>>>ماذا الذي بعد شيب الرأس تنتظرُ؟! عاين بقلبك إن العين غافلة>>>>>عن الحقيقة واعلم أنها سَقَرُ

سوداء تزفر من غيظٍ إذا استعرتْ>>>>>للظالمين فما تبقي ولا تذرُ

لو لم يكن لك غير الموت موعظة>>>>>لكان فيها عن اللذات مزدجرُ

إن هذا العذاب الأليم، والهوان المقيم ثمنٌ اشتروه للذة فانية، وشهوة ذاهبة، بئست اللذة إن كان بها فيها غضب الجبار والسخط عليَّ!

لقد باعوا جنة عرضها السماوات والأرض بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ [يوسف:20]، بشهواتٍ تمتعوا بها في الدنيا، ثم ذهبت وذهبوا، وكأنهم ما كانوا وما كانت، رب لذة ساعة أو رثت حزناً طويلاًََ، فقد راحت اللذات، وبقيت الحسرات، ثم لقوا عذاباً طويلاً، وهواناً مقيماً.

أيها الإخوة! أعاذنا الله وإياكم ووقانا عذاب السموم، فهذه ألوان من أهوال النار، وصنوف من أهلها، فاتقوا النار بالبكاء من خشية الله، فوالله لن يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله، (عينان لا تمسهما النار؛ عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله)، (من صام في سبيل الله يوماً زحزحه الله عن النار سبعين خريفاً).

إن الملوك إذا شابت عبيدهم>>>>>في رِقِّهم عتقوهم عتقَ أبرارِ

وأنت يا خالقي أولى بذا كَرَماً>>>>>قد شبتُ في الرق فاعتقني من النارِ

إلهنا! وقف السائلون ببابك، ولاذ الفقراء بجنابك، ووقفت سفينة المساكين على ساحل بحر كرمك، يرجون الجواز إلى ساحة رحمتك ونعمتك.

إلهنا! يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، ويا من لا يؤاخذ بالجريرة، ولا يهتك الستر، يا حسن التجاوز، ويا واسع المغفرة، ويا باسط اليدين بالرحمة، ويا صاحب كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى، ويا كريم الصفح، ويا عظيم المن، ويا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، نسألك ألا تشوي خلقنا بالنار.

إلهنا! أمرتنا فعصيناك، وائتَمَنْتَنا فخُنَّاك، وحدَّدتَ لنا حدوداً فتعدينا حدودنا.

إلهنا! لسنا بُرءآء فنعتذر، ولا أقوياء فننتصر، بل مذنبون مستغفرون، ولا مصرين ولا مستكبرين، اللهم أجرنا من النار.

إلهنا! نسألك أن تعتق رقابنا، ورقاب آبائنا، وأمهاتنا، وإخواننا، وأخواتنا، وزوجاتنا، وأبنائنا، وبناتنا من النار، ومن له حقٌ علينا من المسلمين، يا عزيز يا غفار!

اللهم اشف مرضانا يا شافي المرضى،اللهم من كان من عبادك هؤلاء مريضاً اللهم أبدل سقمه صحة، ومرضه عافية.

اللهم لا شفاء إلا شفاؤك، فاشف مرضانا شفاءً لا يغادر سقماً، اللهم أصلح نساء المسلمين،اللهم احمهن من التبرج والسفور، ومن تقليد نساء اليهود،اللهم اجعلهن صالحات مصلحات، هاديات مهديات،اللهم اجعلهن في الجنات، الحاضرات منهن خاصة، والغائبات عامة، اللهم من دعا بإخراجهن من بيوتهن، واختلاطهن ونزع حجابهن، اللهم إن لم تُرِدْ له هداية، اللهم فأخرس لسانه، وشُلَّ أركانه، وعرِّضه للفتن، وألبسه أنواع الألم، واجعل حياته فقراً، وموته حسرة وبلاءً، اللهم اكفنا شره، يا رب العالمين!

أيها الإخوة، صلوا وسلموا على من رغَّب في الجنة، وحذَّر من النار، فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، ثم ثنى بملائكته الكرام، ثم ثلث بكم يا معشر الجن والإنس فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد كلما لَمَع نجمٌ ولاح، وصلِّ عليه كلما تضوع مسكٌ وفاح، وصلِّ عليه كلما غرد حمامٌ وناح، وصلِّ عليه كلما تعاقب الليل والنهار، وصلِّ عليه كلما رجع مذنبٌ وتاب، وصلِّ عليه كلما رجعَ عبدٌ وأناب، وصلِّ عليه كلما وُسِّد الأمواتُ التراب، وصلِّ عليه كلما دُكْدِكَت دولة الأصنام.

اللهم صلِّ عليه وعلى آله وأصحابه وسلِّم تسليماً كثيراً.

وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والصحابة والتابعين وعلى من سار على هديهم في كل وقت وحين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , بلاد الأحزان للشيخ : حسين الثقفي

https://audio.islamweb.net