إسلام ويب

تطلق أمريكا -والغرب من خلفها- شعارات الحرية والسلام وحقوق المرأة ... وكلها شعارات زائفة؛ لتبرير تدخلها في شئون الدول الإسلامية. ويكفي في إثبات زيف هذه الشعارات النظر في أحوال من أطلقوها، وأحوال من طبقت عليهم.

وصاية في غير محلها

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، نصر عباده الصالحين، وجعل العاقبة للمتقين، وأعد الجنة للمحسنين، أحمده سبحانه وأشكره، وأثني عليه الثناء العاطر ولا أكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا مثيل، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وهو الشاهد والمبشر والنذير، والداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، صلى الله وبارك وسلم عليه، وعلى أصحابه وأتباعه، ومن سار على دربه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

أيها الإخوة: القاصر هو الإنسان الذي لا يستطيع أن يدبر شئون نفسه؛ لصغر سنه، أو لضعف عقله، ولذا يقوم أهله بتصريف شئونه وتدبير أموره، فإن لم يكن له أهل قام القاضي باختيار الرجل العدل المؤتمن ليقوم بتدبير أمره، والعناية بشئونه، حتى يكبر إن كان صغيراً، أو يعقل إن كان مجنوناً، أو حتى يتوفاه الله جل وعلا.

ونحن -كما تعلمون- وكما لا يخفى عليكم، وكما هو واضح، وكما هو قطعيٌ ولا شك فيه، وكما ينبغي، وكما يجب، وكما لا بد منه أقول: نحن كما تعلمون قاصرون، ونحتاج إلى وليٍ عدل وأمين، وصادق، ومنصف، وحريص؛ ليتولى شئوننا، ويقوم بتدبير أمورنا؛ وذلك لأننا عاجزون عن التفكير الصحيح، عاجزون عن أن نختار لأنفسنا ما يصلح شئونها، ويقوم عوجها.

إننا قاصرون وعاجزون ومتخلفون، لذا لا بد أن يتطوع أحدٌ ليتولى أمرنا فترةً من الزمن، لكي نقف على أقدامنا، ونختار الطريق القويم، طريق السابقين الأولين من الغرب والأمريكان الذين لفرط حبهم، وصدق مشاعرهم وشفافيتهم العالية أبوا إلا أن يتدخلوا في شئوننا؛ لإصلاح أحوالنا المتردية، وإصلاح واقعنا المخزي كما يقولون.

وباسمي وباسمكم، ونيابةً عن كل مسلم أقول لهم: شكراً لكم على نصائحكم الغالية، وعلى توجيهاتكم السديدة، وسوف يسعى بعضنا حتماً ممن آمن بفكرتكم، وتربى على ثقافتكم، لتنفيذ كل توجيهاتكم بتفانٍ كبير، وجهدٍ منقطع النظير؛ لتحقيق ما تتمنونه على أرض الواقع.

وبذلك نكون أهلاً لترفعوا عنا الوصاية الكريمة، بعد أن أصبحنا نسخاً منكم، ومن حضارتكم الراقية.

وللعلم فقد أخبرنا ربنا عن ذلك فقال لنا: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] بل قال لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه).

إذاً: من أجل عيونكم الزرقاء، وإرضاءً لخاطركم، سوف يسعى منا من يسعى لاتباع ملتكم، وللسير في ركابكم، وللدخول إلى جحر الضب الذي دخلتموه.

نصيحة من الكونجرس الأمريكي

والحديث -أيها الإخوة- عن الوصاية الكريمة من الغرب طويلٌ ومتشعب، والخوض في خلفياته سيأخذ منا وقتاً كبيراً، لذا فسوف أقتصر على ما حدث في الأسبوع الماضي، حين وجهت لنا نصيحة غاليةٌ من الغرب المتحضر، وبالأخص من أمريكا ، من دولة العدل الأولى، وراعية حقوق الإنسان، فقبل ثلاثة أيامٍ تقريباً خرجت علينا إحدى لجان الكونجرس الأمريكي بتقريرٍ تقول فيه: إن المرأة في السعودية لا تأخذ حقوقها كاملة، ولا تعيش كما تعيش أختها في الغرب، وحتى في الشرق، لذا لا بد من تغيير هذا الواقع، وإجراء إصلاحات كبيرة؛ لكي تعيش المرأة السعودية حياةً طبيعيةً سوية، كأي امرأةٍ غربية متحضرة.

أرأيتم؟!! إنها الوصاية الكريمة على شريعتكم، وعلى دينكم، بل على عاداتكم وتقاليدكم، ولولا أن الكونجرس الأمريكي المحترم كان حريصاً على تغيير واقعكم المتخلف والقاصر لما أشغل نفسه بكم، ولكنكم تمثلون بالنسبة إليه كل شيء.

حقيقة عقلاء الكونجرس الأمريكي

وللعلم أيها الإخوة! الكونجرس الأمريكي الذي يقوم بدور المشرِّع، والمسائل، والمحاسب في حياة الأمة الأمريكية العظيمة يمثل أعلى درجات العقل والحكمة، وأرقى درجات الثقافة والعلم والقيم عندهم.

ومع ذلك فقد نشرت إحدى الصحف المشهورة في العام الماضي تقريراً يقول: إن عدد أعضاء الكونجرس يزيد على خمسمائة عضو:

- سبعةٌ منهم اتهموا بالاحتيال والتلاعب.

- وثمانية منهم اتهموا بالسرقة من المتاجر ومراكز التسويق.

- وتسعة عشر اتهموا بإصدار شيكات بدون رصيد.

- وواحدٌ وسبعون منهم لا يستطيعون الحصول على بطاقة اعتمادٍ بنكية؛ بسبب سمعتهم المالية السيئة.

- وأربعة وثمانون من الأعضاء المحترمين أوقفوا نتيجة قيادتهم لسياراتهم وهم في حالة سكرٍ تام.

- وأربعة عشر اعتقلوا بتهمة حيازة المخدرات وتعاطيها وترويجها.

- وثلاثة اعتقلوا بتهمة الاعتداء الجسدي.

- وواحدٌ وعشرون متهمون في قضايا أخرى مختلفة.

وأغرب من ذلك أن تسعة عشر منهم اتهموا بإساءة التعامل مع الزوجات، والتعسف والضرب المبرح.

أرأيتم؟!! هذا هو حال من يطالبكم بأن تعطوا المرأة حقوقها أيها المسلمون!

هذا هو الولي عليكم أيها القاصرون!

أرأيتم عظمة هذا الولي الحريص عليكم وعلى نسائكم؟!! إنهم يتساءلون بالرغم من كل سوءاتهم ويقولون:

لماذا لا تتحقق المساواة الكاملة؟

لماذا لا تعطى للمرأة الحرية الكاملة؟

لماذا لا تخرج المرأة عن قيد الرجل؟

لماذا لا تثور على سلطانه وتسلطه وقوامته؟

لماذا تبكون كثيراً -أيها المسلمون- عندما تعلمون أن فتياتكم أو زوجاتكم يخرجن مع الأصدقاء والعشاق والأحباب؟

لماذا تتحدثون كثيراً عن الشرف والعار والغيرة؟

لماذا تحولون العلاقات البريئة إلى علاقاتٍ مريبة، وتنظرون إلى كل ذلك بطريقةٍ همجيةٍ متخلفة؟

لماذا لا تسمحون للمرأة عندكم أن تفعل ما تشاء؟

لماذا لا تخلع المرأة الحجاب؟

لماذا لا تخرج المرأة إلى العمل بكل أنواعه ومجالاته؟

لماذا لا تقود المرأة السيارة؟

لماذا لا تجلس مع الرجل الغريب؟

لماذا لا تصبح المرأة أخيراً -وهذا هو المطلوب والمراد- حرة في تكوين علاقاتها الشخصية؟ فلها الحق أن تخرج كما تشاء، وأن تعود متى شاءت.

لماذا أيضاً تعيش المرأة حتى اليوم تحت أسر التقاليد البالية، والأفكار الدنيئة السالفة والتي كانت تصلح لفترةٍ زمنية معينة؟

أما الآن فيجب أن يتغير هذا الوضع، والدليل على ذلك ما تعيشه المرأة الغربية الآن من قدرةٍ على المشاركة والتفاعل مع المجتمع، من الانطلاق الكبير نحو كل مجالات الحياة.

حال المرأة في الغرب

فالمرأة الآن في الغرب ترأس مجالس الوزارات في دولٍ عظمى، وتتولى رئاسة المحاكم القضائية، وتدير الإدارات الحكومية، وترأس مجالس إداراتٍ في شركات عالمية، وهي الآن وزيرةٌ، وسفيرةٌ، ومتحدثةٌ رسمية.

كما أن المرأة الآن تعمل في الجيش وفي الشرطة وفي الحراسة، وهي في الوقت نفسه تعمل في المصانع والمتاجر والمراسلات، وتقوم بتنظيف الشوارع، وتؤدي كل الأعمال المطلوبة منها، دون أي فرقٍ بينها وبين الرجل، وهي اليوم تمارس الفنون الإنسانية الراقية، فهي تقوم بدور البطولة الأول في آلاف الأفلام السينمائية، وتظهر في دور المرأة الوادعة الرومانسية، كما تظهر في دور القاتلة المجرمة المتوحشة، إنها تمارس الحب بكل أنواعه ومقدماته، وهي مستعدةٌ لأن تفعل كل شيء في سبيل النجومية والشهرة، وفي سبيل إثبات حقها في مزاحمة الرجال في كل مكان.

وهي اليوم تمارس تحت سمع العالم وبصره الرقص الغربي والشرقي القديم والحديث، وأمام الرجال دون مانعٍ أو اعتراض، وهي اليوم تدخل المسابقات المختلفة لتثبت للعالم أنها أجمل امرأةٍ في الوجود.

والمرأة اليوم تمارس الرياضة بكل أشكالها وألوانها، بدءاً من كرة القدم ومشتقاتها، ومروراً بالسباحة وأنواعها، وانتهاءً بالملاكمة والمصارعة وغيرها، وهكذا لم تترك المرأة الغربية مجالاً من المجالات إلا وخاضته بكل قوة، وأثبتت أنها قادرةٌ على صنع المستحيل.

إنها تمارس كل ذلك بطبيعة الحال وهي خالية ومتحللة من كل القيود والأغلال، فلها الحق في الغرب اليوم أن تلبس ما شاءت، وأن تخلع ما شاءت، ولها الحق في أن لا تلبس شيئاً أصلاً، كما أن لها الحق أن تتزين بكل صنوف الزينة الحديثة، ولها الحق أن تسافر وأن تخرج وأن تعود كما تحب، فليست في حاجةٍ للزوج، ولا للأب، ولا للولي، فلم يعد هناك ما يسمى بالاستئذان، ولم يعد هناك شيءٌ اسمه إيصال المرأة من قبل ولي أمرها، فهي ولية أمرها، وهي التي تقود السيارة، وهي التي تقف بها وتسرع وتبطئ، وهي التي تقوم بإصلاحها، وهي التي تسافر عبر الطرق السريعة لوحدها.

والمرأة في أوروبا اليوم كما يقول أولئك: من حقها أن تخرج في إجازة نهاية الأسبوع مع صديقها المفضل إلى أي مكان، ومن حقها أن تسكن معه في غرفةٍ واحدة بعلم الأب والأم، وتستمتع بإجازتها كما شاءت، سواء كانت متزوجةً أو غير متزوجة.

هكذا يمكن باختصارٍ شديدٍ للمرأة في الغرب أن تفعل ما تشاء دون رقيبٍ ولا مانعٍ من الدين، أو المجتمع، أو من الأعراف والتقاليد، وليس من حق أبيها، أو من حق زوجها، أو من حق وليها أن يمنعها من ذلك أبداً، فالقانون والرأي العام ضده تماماً، فلماذا إذاً لا تكون المرأة في الشرق كأختها في الغرب؟

والحقيقة المرة أنها في الشرق على خطا التي في الغرب، وهي تسير وراءها، حتى لو دخلت جحر ضبٍ فستدخله معها، وفي كثيرٍ من بلاد الشرق المسلمة لم يبق بين النساء هناك وبين نساء الغرب إلا اليسير لكي يكون الشرق كالغرب تماماً، إنه الطريق الذي يريدوننا أن نسلكه.

الوجه الآخر للحضارة الغربية الحديثة

وما حديثنا في الأسبوع الماضي إلا تأكيداً على ذلك، فتعالوا لنعرف الوجه المشرق للحضارة الحديثة في أمريكا، تعالوا لنعرف أمريكا من وجهٍ آخر.

تقول الإحصائيات التي نشرتها المكاتب والمستشارون الأمريكيون: إن ربع طالبات المدارس الثانوية في أمريكا حبالى، وإن البكارة مفقودة تماماً بين كل طالبات المرحلة الثانوية -كلامهم هذا وليس كلامي- بل في بعض المدن كانت نسبة الحبالى تصل إلى (48%) وصدرت التعليمات الرسمية إلى مدارس نيويورك بإنشاء غرف ولادة في كل مدرسة ثانوية، ويموت ثلاثون إلى أربعين ألف طفل في كل عام من مرض الزهري الذي ينتشر بسبب الزنا والعياذ بالله.

في إيطاليا أكدت إحدى الدراسات الحديثة أن (75%) من الشعب الإيطالي يحبون قراءة المجلات الخاصة بالجنس والشذوذ.

وفي بريطانيا بلغت حوادث الإجهاض قبل عشرين عاماً حوالي المائة ألف، وهي في ازديادٍ مستمر منذ ذلك التاريخ.

وفي أمريكا بلغت حوادث الإجهاض سنوياً حوالي المليون حالة، وتستقبل أيضاً الولايات المتحدة سنوياً قرابة المليون طفل من الزنا والسفاح والعياذ بالله.

أما ما يتعلق بإعطاء المرأة الحقوق الكاملة فإليكم أيضاً هذه الدراسة التي أعدوها هم.

تقول الدراسة: إن ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين من الأمريكيات يتعرضن للإهانات المختلفة من قبل أزواجهن وعشاقهن سنوياً، وأشارت دراسة كندية إلى أن ربع النساء في كندا، أي: أكثر من ثمانية ملايين امرأة يتعرضن لسوء المعاملة في كل عام.

وفي بريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها مائة ألف مكالمة سنوياً من نساء يضربهن أزواجهن على مدار الخمسة عشرة سنة الماضية، وتتعرض ثلاثمائة امرأة في أمريكا للاغتصاب يومياً، وتتعرض المرأة لسوء المعاملة في كل ثمانية ثوانٍ.

ثلث النساء في أمريكا، والنرويج، وهولندا، ونيوزلندا، تعرضن لتشوهات جنسية نتيجةً لاعتداءات أو تجاوزات جنسية، ويتراوح عددهن ما بين خمسة وثمانين إلى مائة وأربعة وأربعين مليون امرأة بزيادةٍ قدرها مليون امرأة سنوياً.

وهذه بعض عناوين الصحف التي يقرءونها كل يوم، وكل صباح:

زوجٌ أمضى ساعتين يرفس زوجته ويثقب جسدها بآلةٍ حادة.

ابنةٌ ترفع دعوى على أبيها الذي اغتصبها عشر سنين.

وقرابة نصف المنتهكات في بريطانيا يتم الاعتداء عليهن أولاً داخل البيت من الأب، أو من صديق الأم، حتى إن إحدى كبريات المجلات نشرت في مكانٍ بارز: إن أخطر مكان يعيش فيه الإنسان الأوروبي اليوم هو المنزل.

(79%) من الأمريكيين يضربون زوجاتهم.

(83%) من النساء الأمريكيات دخلن المستشفى سابقاً مرةً واحدة على الأقل للعلاج من أثر الضرب، من الأزواج أو الأصدقاء.

مائة ألف ألمانية يضربهن الرجال سنوياً.

مليونان من الفرنسيات يضربهن الرجال سنوياً.

(60%) من الدعوات الهاتفية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس أثناء الليل هي نداءات استغاثة من نساءٍ تساء معاملتهن.

وأخيراً ضرب النساء هو السبب الثاني من أسباب الطلاق في دولةٍ شرقية هي اليابان .

(772) قتلهن الأزواج في مدينة ساوباولو البرازيلية.

هذه بعض الإحصائيات عن الغرب المتحرر الذي أعطى المرأة حقوقها من وجهة نظرهم، فهل هذا هو التحرر الذي نريده؟!

هل التحرر هو أن يضرب الرجل المرأة؟!

هل التحرر هو الذي يطالب المرأة بأن تكون مطيعةً لزوجها، أو أنه الذي يطالبها بأن تكون سلعةً رخيصةً بين يدي الرجال؟!

أيها الإخوة: ما علاقة أن ينادى بتحرير المرأة، وإعطائها حقوقها بالتبرج والسفور، وتكوين العلاقات، والبحث عن الأعمال التي عجز الرجال عن تحصيلها؟

أيها الإخوة: أصارحكم أن هناك أخطاءً موجودةً في مجتمعنا تجاه المرأة، وفي النظر إليها، وفي التعامل معها، ربما كانت أخطاءً فردية، ربما كانت نتيجة بعض العادات والتقاليد، ربما كانت ردة فعلٍ لأخطاءٍ معينة، ونحن ولا شك نرفض كل ذلك رفضاً قاطعاً، ونعارضه معارضةً شديدة، ونعلن البراءة منه، ونرفع بذلك أصواتنا، ولكن لا يمكن أن نعالج الخطأ بالخطأ، أو أن نعالج الإفراط بالتفريط، أو الضلالة بالضلال، إنما نعالج الخطأ بالصواب، وألا نتمادى في إعطاء المرأة بعض الحقوق التي أخذتها من الغرب.

أيها الإخوة: إن قضية المرأة اليوم من أخطر القضايا وأكبرها، وهي تحتاج إلى جهدٍ كبير، وعملٍ دءوب لا كلل فيه ولا ملل، للمحافظة أولاً على شرف المرأة وطهارتها، وعفتها وحيائها، ولإصلاح ما أفسده الغزو القادم علينا من كل مكان، الداعي إلى السفور والتبرج والتحرر، ولعل ما نراه اليوم في شوارعنا وعلى شواطئنا وفي أسواقنا يوضح لنا الوضع الذي وصلت إليه المرأة، ويبين الحاجة الملحة لتدارك الأمر قبل فوات الأوان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

من يتحمل المسئولية؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد:

أيها الإخوة: من المسئول عن ظواهر التعري، والسفور، والتبرج التي نراها اليوم؟ أليس هو أنا وأنت وهو؟ ألست أنت أيها الأب؟! ألست أنت أيها الزوج؟! ألست أنت أيها الأخ؟!

بالله عليكم أولئك الشباب الذين يتسكعون في الأسواق، ألسنا نحن المسئولين عنهم؟ أليسوا هم أبناءنا؟ أليسوا هم إخواننا؟ ماذا فعلنا من أجلهم؟ بل ماذا فعلنا لنكف عن المسلمين شرهم؟

إننا نراهم يخرجون من عندنا من بيوتنا بملابسهم المستنكرة، وبشعورهم القبيحة، ولكننا لا نحرك ساكناً، أم أننا نستهين بمثل هذه المناظر، ونرى أنه لا داعي للتشديد فيها، هل هزلت القيم والمبادئ التي نحملها حتى وصلت إلى هذه الدرجة، وأصبحنا لا نفرق بين ما يجب التغاضي عنه، وبين ما يجب الوقوف عنده مهما كان الثمن؟ أولئك الشباب الذين يتسكعون في تلك الأماكن يبحثون عن بناتنا ونسائنا وزوجاتنا، بل ربما يبحثون حتى عن أمهاتنا الكبيرات.

أيها الإخوة: أيها الآباء! أيها الأزواج! أيها الإخوان! أيها الناس! المرأة .. الشرف .. العار .. العرض .. الحياء .. أرجوكم أن تستيقظوا وأن تنتبهوا، نساؤنا وبناتنا وأخواتنا مهدداتٌ بالوحوش البشرية الكاسرة، فإياكم أن تضيعوهن، إياكم أن تتركوا لهن الفرصة لكي يتبرجن ويتكشفن ويسفرن عن وجوههن جهلاً منهن وقصوراً.

أيها الإخوة: دعونا نسأل أنفسنا بصراحة: أليس الخلاف بين العلماء في حجاب المرأة محصوراً بالوجه والكفين؟! فلو أن أحدنا أخذ بالرأي الذي يقول بكشف الوجه واليدين، فإني أقول له: إن الخلاف يا أخي يعتمد على أنه يجوز الكشف في حال أمن الفتنة، أما في هذا الزمن الذي نعيشه فهل يأمن فيه أحدٌ الفتنة حتى على نفسه؟ لا والله، ثم لا والله، ثم لا والله، ولو أصررت على رأيك، وأخذت بهذا القول المرجوح، وليس الراجح، فهل تعلم أنه لا يجوز كشف غير الوجه واليدين، يعني لا يجوز أن يظهر شيءٌ من الشعر، ولا من النحر، ولا من الصدر، ولا من الساقين، ولا من الأرجل، بل لا يجوز لبس العباءات الجديدة التي تفصل على القوام تفصيلاً كاملاً، فهل ما نراه اليوم يقول به أحدٌ من العلماء؟ أو ينادي به أحدٌ من المعتبرين؟

أيها الإخوة: إن كشف الوجه واليدين لا يعني أبداً لمن أخذ بهذا القول أن يسمح لابنته أو لزوجته، أو لمن ولاه الله أمرها أن تتزين، وأن تتكحل، وأن تتطيب؟

كذلك أيها الإخوة: كشف الوجه واليدين لا يعني أن تخرج المرأة في كل زمان، وفي كل مكان، لحاجةٍ أو لغير حاجة.

ثم كشف الوجه واليدين لا يعني التكسر في المشي، ولا يعني التكسر في الكلام، ولا يعني فتح باب النظر إلى كل شيء، وفي كل اتجاه.

أيها الإخوة: هذا أقوله لمن تكشف وجهها وكفيها، فماذا أقول للمتبرجات اللواتي أخذن التشريع من القنوات الفضائية، والفنانات والمذيعات والدعايات، وتركن كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ظهورهن؟

ماذا أقول للرجال؟

ماذا أقول للآباء والأزواج؟

ألا يخاف أولئك من العار؟

ألا يخافون من العيب؟

ألا يخافون من الفضيحة؟

أليس لديهم غيرة؟ إلى هذه الدرجة وصلت الدياثة عند البعض منا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!

اللهم إنا نعوذ بك من شر الأشرار، وعمل الفجار، وهتك الأستار، وفضح الأسرار.

اللهم إنا نعوذ بك من شر الأشرار، وعمل الفجار، وهتك الأستار، وفضح الأسرار.

اللهم إنا نعوذ بك من شر الأشرار، وعمل الفجار، وهتك الأستار، وفضح الأسرار، يا رب العالمين.

عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم غيَّر حال المسلمين إلى أحسن حال، اللهم غير حال المسلمين إلى أحسن حال، اللهم غير حال المسلمين إلى أحسن حال، اللهم عليك بأعدائنا من اليهود والنصارى ومن تابعهم على باطلهم يا رب العالمين، اللهم عليك باليهود والنصارى والهندوس ومن تابعهم عل باطلهم يا رب العالمين، اللهم عليك باليهود ومن عاونهم، اللهم كن لإخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم كن لهم في فلسطين، وفي أفغانستان، وفي الشيشان، وفي الفلبين، وفي كشمير، اللهم كن للمسلمين المستضعفين في كل مكان.

اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، اللهم وفقهم للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، واهده بهدايتك، اللهم أصلح له البطانة، اللهم أصلح له البطانة، اللهم أصلح له البطانة.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها، أولها وآخرها، وعلانيتها وسرها، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيءٍ قدير.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه عل نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تمزيق في تزويق للشيخ : إبراهيم الحارثي

https://audio.islamweb.net