إسلام ويب

إن العلماء والدعاة منارات تعصم الأمة من الضلال والزلال، وقد عرفوا بمنهج صحيح على مر التاريخ الإسلامي، ألا وهو: ما أنا عليه وأصحابي، لذا كان لابد من توجيهات لهذا الصنف حتى لا يقع فيما وقع فيه من قبلهم، فتشقى وتضل هذه الأمة، ومن هذه التوجيهات، عدم الاغترار بالعلم والعبادة، وخطر الانحراف في الفهم.

أهمية الاعتصام بمنهج الله ورسوله

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:

فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين سبيل الله سبحانه وتعالى، وطريق الله عز وجل، وترك هذه الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، وعرّف الناس بربهم، وبين لهم المنهج والطريق الذي يوصلهم إلى الله وإلى رضوانه وجنته ورحمته، وحذرهم من طرق الباطل، وبين لهم تفاصيل أمور دينهم، في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجهم، وبيعهم وشرائهم وغير ذلك من الأمور.

ومضى المسلمون على هذا الطريق يتبينونه ثم يسلكونه، وتكون المشكلة اليوم الذي عندما فيه منهج الله ومنهج رسوله على الأفراد، أو يخفى على طائفة من الأمة، أو على جمع كبير من الأمة.

إذا خفي على الناس منهج الله ومنهج رسوله صلى الله عليه وسلم وقعوا في الضلال مع ظنهم أنهم على هداية، ومن هنا كان ائتمام الصحابة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم عاصماً يعصمهم من الضلال،ثم كان أعلام الصحابة من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم منارات تعصم الأمة من الضلال، ثم كان علماء التابعين وأتباع التابعين والعلماء الذين صاروا على الطريق الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والعلماء من بعدهم كانوا هداة يعصمون الأمة من الزلل.

الاغترار بالعلم وبالعبادة طريق الانحراف عن المنهج الرباني

في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم اغتر بعض الناس بعلمهم، وتصوروا أن محمداً صلى الله عليه وسلم ممكن أن يضل السبيل، فيحتاج إلى تقويم وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن تلك الطائفة منبع الضلال، وحذر الأمة من أن تسلك سبيلها. (جاءت الرسول صلى الله عليه وسلم قطعة من ذهب أرسلها علي بن أبي طالب من اليمن حين كان والياً عليها، فقسمها الرسول صلى الله عليه وسلم بين أربعة من زعماء قبائل العرب، فتكلم الأنصار وبعض من قريش، قالوا: يعطي أجلاف العرب وسيوفنا تقطر من دمائهم، فأخذوا في أنفسهم، فاعتذر الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: إنما أقسمها أتألفهم بها) أي: والله لا لمكانة في قلبي لهؤلاء، وإنما المكانة والمحبة للسابقين من المهاجرين والأنصار.

فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يتألف هؤلاء بالمال ليقربهم إلى الإسلام ويحببهم بالإسلام. (جاء رجل ناتئ الجبين غائر العينين كث اللحية، فوقف على الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد، اعدل. قال: ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل، ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟) أي: ائتمنني الله على وحيه ودينه ولا تأمنوني على قطعة من ذهب لا أحتاجها لنفسي، وإنما أنفقها في طاعة الله لمصلحة الإسلام والمسلمين (فيقول عمر بن الخطاب : يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فيقول: لا، حتى لا تتحدث العرب بأن محمداً يقتل أصحابه، ويقوم خالد بن الوليد ويقول: يا رسول الله، دعني فلأضرب عنقه، قال: لعله يصلي، قال: وكم من مصل يقول ما ليس في قلبه، قال: لم أؤمر بأن أشق عن قلوب الناس، ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: يخرج من ضئضئ هذا - وفي بعض الروايات- من أصحاب هذا أقوام تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وقراءتكم مع قراءتهم، وصيامكم مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) .

وفي حادثة أخرى أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخوارج بقوله: (سيكون أقوام حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يخرجون أو ينسلون من الدين كما يخرج السهم من الرمية) فهؤلاء قوم تطاولوا على محمد صلى الله عليه وسلم، واعتبروا عمله ظلماً يحتاج إلى تقويم، غرور وطيش وسفه في العقل، فالرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من أمثال هؤلاء.

وأول فرقة نشأت من أمثال هؤلاء شكلت تياراً ضالاً منحرفاً في حياة الأمة الإسلامية - عندما خرجوا في عهد علي بن أبي طالب وسموا بالخوارج- فكفروا المسلمين بالمعاصي والذنوب، واستباحوا دماء المسلمين، وأمّنوا الكافرين، فكان الكافر يأتيهم فيؤمنونه، أما المسلم إذا لم يعترف بهم، ولم يقر على نفسه بالكفر، وعلى علي بن أبي طالب والصحابة بالكفر عند ذلك يسفكون دمه ويأخذون ماله، فلم يكونوا مشركين كفاراً، فقد كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلون صلاة لا يصليها كثير من المسلمين، ويصومون صوماً طويلاً، في الحروب شجعان لا يخافون ولا يفرون، يبذلون المال، ولكن كان عندهم ضلال فكري.

الانحراف في الفهم نتيجة البعد عن المنهج

لقد سئل علي بن أبي طالب عن الخوارج: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا، قالوا: أمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون إلا قليلاً، وهؤلاء يذكرون الله صباح مساء، قالوا: فمن هم؟ قال: قوم أصابتهم فتنة فأعمتهم وأصمتهم، فلم يفقهوا الحق.

كان عندهم علماء الصحابة الذين تربوا على يد محمد صلى الله عليه وسلم، وعندهم بصيرة في الدين وفي العلم، فكان ينبغي عليهم أن يتواضعوا وأن يرجعوا إلى هؤلاء، وليدرسوا على أيديهم، ويفهموا عنهم دينهم، ويفهموا عنهم الحق.

قال الله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ [البقرة:256] لقد كنت في مجلس مع بعض الذين عندهم شيء من العلم، فرأيت آراء غريبة وتصورات عجيبة في أمور العقيدة وفي أمور الدين، تدل على أن من يحدثني قد قرأ كثيراً وعلم كثيراً، ولكنه لا يفهم الحق مما قرأ ومما علم، وهذه مشكلة، فالقضية ليست قضية أن يقرأ الإنسان، وأن ينتهي من قراءة شرح البخاري ، وقراءة شيء من كتب التفسير وغيرها، وإنما المهم الهداية التي توصلنا إلى الله سبحانه وتعالى.

إذاً: المسألة هي مسألة وصول إلى الحق، ألا ترون أن الله يرشدنا إلى أن نقول في كل ركعة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] فنحن دائماً ندعو بها، وهذه الآية تضمنتها أعظم سورة أنزلت من عند الله، فهي سورة لا يوجد مثلها لا في التوراة ولا في الإنجيل، ألا وهي سورة الفاتحة.

إذاً فالهداية شيء عظيم، فلا تظنوا أيها الإخوة أن ميزان الاستقامة على الحق أن يكون الإنسان دائماً مكثراً من الصلاة ومن الصوم وكونه يحفظ القرآن ويكثر من تلاوته، لا، بل لا بد أن يكون على هداية ومعرفة بالحق؛ لأنه قد يضل عن الحق من يحفظ كتاب الله ومن يقوم الليل ويصوم النهار، كما حدث لهؤلاء الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بكثرة العبادات، ونرى هذا النموذج من البشر يتكرر في كل عصر وحين، فالذي يقرأ تاريخ الإسلام يرى مظاهر هؤلاء الذين حدث عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم موجودين في كل عصر وحين، ولا زلنا نراهم في أيامنا هذه، فمن الناس من يقرءون الكتاب ولا يفهمونه، أو قد يفهمون الكتاب فهماً خاطئاً، ومن هنا يحتاج علماء المسلمين أن يجعلوا ضوابط للعقيدة، وضوابط للاجتهاد، وضوابط للفهم حتى لا يضل الناس.

كان المسلمون ولا يزال فيهم علماء يعصمون الأمة من الانحراف، ويعصمون الأمة من الضلال، عُرِفوا بمنهج صحيح على مر التاريخ الإسلامي، ذلك المنهج الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي).

فالطائفة المعصومة، والطائفة المرحومة، والطائفة الناجية هي التي تسلك مسلكاً سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفهمه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن هناك طوائف من المسلمين كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، فيحقر أحدكم قراءته مع قراءتهم، وصلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن وهم يظنون أنه حجة لهم وهو حجة عليهم، مثل بعض الناس الذين لمعوا في أيامنا هذه، فتراه يجهل الأمة بأكملها، فهو لا يعترف بعلماء الأمة السابقين، بل حتى إنه لا يعترف بعلم كثير من الصحابة ولا فضلهم، وقد نصب نفسه حاكماً في كل شيء، وجعل رأيه وقوله وفهمه هو الصراط المستقيم، فهذه فتنة وضلال، كما قال علي بن أبي طالب : ( تعمي وتصم ) أي: تجعل الإنسان لا يفقه الحق ولا يتبينه.

إن الفهم الذي يشاؤه الله لهذا الدين واضح بين، وهو الذي كان عليه المسلمون طويلاً، ولا تزال فئة من المسلمين كثيرة على هذا الحق تتبينه وتهدي به وترشد إليه.

فالذي ينبغي على أبناء المسلمين أن يتبينوا الإسلام، وأن يدرسوا الإسلام قبل أن ينصبوا أنفسهم قادة يوجهون ويرشدون، فيُضِلون ويضلون ويكون عليهم الوزر والإثم.

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (حدثاء الأسنان) أي: أنهم نصبوا أنفسهم قبل أن يعلموا، وإلا فقد كان في صغار الصحابة من هو من كبار العلماء، والإمام الشافعي رحمه الله حفظ كتاب الله وتلقى العلم ودرسه وتبينه ودرس وأفتى وهو لم يبلغ العشرين، فكان صغيراً لكنه عالم، فليس في الصغر عيب، ولكن لا بد أن يتلقى الإنسان العلم ويفهمه على أصوله وعلى قواعده التي بينها الله وشرعها، وسار عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

أهمية الهداية إلى الحق

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد عبد الله ورسوله صلى عليه وسلم.

إن الهداية إلى الحق والعصمة من الضلال خير ما يؤتاه العبد، فلم يؤت العباد خيراً من هداية إلى الحق، تعصمهم من الزلل، وتوصلهم إلى الله سبحانه وتعالى، ذلك خير ما يعطي الناس، وخير ما يتفضل الله به على عباده الذين أنعم عليهم أن يهديهم، ولذلك نقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7] الذين أنعم الله عليهم هم: المرسلون والأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون.

انحراف اليهود والنصارى عن الهداية

لقد حاد عن طريق الهداية فريقان: فريق تمثل في اليهود ومن صار على شاكلتهم.

وفريق تمثل في النصارى ومن صار على دربهم.

الفريق الأول: اليهود الذين يعرفون الحق، ولكنهم يستكبرون، يقول ربنا لليهود: َفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا [البقرة:87-89] أي: قبل أن ينزل القرآن كان يقولون للعرب: سيأتي رسول غداً معه كتاب فنتبعه، ونقتلكم قتل عاد وإرم، فلما جاء الرسول ونزل الكتاب الذي كانوا يستنصرون به ويستفتحون به على العرب، إذا بهم يكفرون به، قال تعالى: وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ [البقرة:89].

ويقول سبحانه: وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ [البقرة:101].

ويقول جل وعلا فيهم: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة:146].

فكانوا يعلمون أن محمداً مرسل من عند ربه، فيستكبرون ويكفرون، ولذلك سماهم الله مغضوباً عليهم: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7]، فالمغضوب عليهم هم الذين عرفوا الحق المنزل من عند الله، ولكنهم استكبروا وكفروا؛ لأنهم يريدون أن تكون الرسالة خاصة بهم،بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ [البقرة:90] فهم لا يريدون هذا الخير لهذه الأمة، ولو اتبعوا محمداً صلى الله عليه وسلم لنالهم الخير، ولحقق الله لهم وعده، وأنزل لهم المثوبة والأجر، قال تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة:47].

ويقول سبحانه: وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ [البقرة:41] أي: إياكم أن تكفروا به.

فإذا اتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم سينالهم الخير، وتنالهم رحمة الله، فكل من آمن بهذا الرسول فإنه على خير.

الفريق الثاني: هم الذين ضلوا بجهلهم، وهم النصارى الذين يعبدون الله على جهل، ولذلك ابتدعوا في دينهم بدعاً ما أنزل الله بها من سلطان، فترهبنوا وتركوا الزواج والأولاد والدنيا، وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ [الحديد:27]، أي: ابتدعوا بدعاً عبدوا الله بها، ولكن نحن سبيلنا: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108] أي: لا أعبد الله على جهل، بل عن معرفة بالحق، وهو الجانب الذي يعرفه اليهود، ولكن دون طاعة واستسلام لهذا الحق، والنصارى يستسلمون، ولكن على جهل، فهذه الأمة أمة الوسط: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا البقرة:143] والوسط خير بين أمرين، فهي تأخذ الخير من هنا ومن هنا، وتتجنب الشر في هذا وفي هذا.

فأعظم خير يساق إليك، أن تكون على هدى من ربك، أن تكون على طريق الأنبياء والمرسلين، أن تكون على الطريق الواضح الذي سلكه محمد صلى الله عليه وسلم، تهتدي به وتتعلمه، وهذا الطريق له كتبه وله هداته وله دعاته الذين يبينونه ويوضحونه، وهو استسلام لأمر الله، وخضوع لجناب الله سبحانه وتعالى، ورضاً بهذا الحق، واستجابة لهذا الحق، وطاعة لكل ما أمر الله عز وجل، وترك لكل ما نهى الله سبحانه وتعالى، حدوده معروفة، ومعالمه واضحة، ومن طلب الهداية فإن الله سبحانه وتعالى يوفقه لها، قال عز وجل: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69].

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وكفر عنا سيئاتنا، وألهمنا رشدنا.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك قريب مجيب سميع الدعوات.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , توجيهات للدعاة للشيخ : عمر الأشقر

https://audio.islamweb.net