إسلام ويب

تمثل الحدود جانباً مهماً ضمن نظام العقوبات الإسلامي، والتي لا مناص من تطبيقها عند توفر أركانها وشروطها، وقد بينت السنة ما أجمل في القرآن من أحكام وكيفيات هذه الحدود، فمثلاً في السرقة لا بد أن يكون المال نصاباً ومن حرز وتنتفي الشبهة، وفي غيرها، كما بينت السنة حد الرجم وكيفيته، وهو خاص بالزاني والزانية المحصنين، وله شروط مشددة.

باب الحكم فيمن ارتد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

أما بعد: فبأسانيدكم إلى الإمام أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم، أول كتاب الحدود.

حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: أخبرنا أيوب عن عكرمة ( أن علياً أحرق ناساً ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تعذبوا بعذاب الله، وكنت قاتلهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بدل دينه فاقتلوه, فبلغ ذلك علياً فقال: ويح ابن عباس ).

حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني, والنفس بالنفس, والتارك لدينه المفارق للجماعة ).

حدثنا محمد بن سنان الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم, ورجل خرج محارباً لله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض، أو يقتل نفساً فيقتل بها ).

حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا يحيى بن سعيد قال مسدد: قال: حدثنا، وقال أحمد: عن قرة بن خالد قال: حدثنا حميد بن هلال قال: حدثنا أبو بردة قال: قال أبو موسى: ( أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري, فكلاهما سأل العمل والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت فقال: ما تقول يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس ؟ قلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل, قال: وكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت, قال: لن نستعمل أو لا نستعمل على عملنا من أراده, ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس فبعثه على اليمن, ثم أتبعه معاذ بن جبل قال: فلما قدم عليه معاذ قال: انزل وألقى له وسادة, وإذا رجل عنده موثق قال: ما هذا؟ قال: هذا كان يهودياً فأسلم ثم راجع دينه دين سوء, قال: لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله, قال: اجلس نعم, قال: لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرار, فأمر به فقتل, ثم تذاكرا قيام الليل, فقال: أحدهما معاذ بن جبل: أما أنا فأنام وأقوم، أو أقوم وأنام وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي ) ].

لا يختلف العلماء في أن من ارتد عن الإسلام أن حكمه القتل لهذا الحديث, وإنما هناك قول لـأبي حنيفة رحمه الله في المرأة إذا ارتدت, فجمهور العلماء على أنها تقتل, وأبو حنيفة يرى أنها لا تقتل وإنما تحبس وتردع.

تابع باب الحكم فيمن ارتد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا الحماني يعنى: عبد الحميد بن عبد الرحمن عن طلحة بن يحيى وبريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى قال: ( قدم علي معاذ وأنا باليمن, ورجل كان يهودياً فأسلم فارتد عن الإسلام, فلما قدم معاذ قال: لا أنزل عن دابتي حتى يقتل فقتل, قال أحدهما: وكان قد استتيب قبل ذلك ) ].

لا يثبت في الاستتابة شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما هو من عمل الصحابة, جاء عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهما.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا حفص قال: حدثنا الشيباني عن أبي بردة بهذه القصة قال: ( فأتي أبو موسى برجل قد ارتد عن الإسلام فدعاه عشرين ليلة أو قريباً منها, فجاء معاذ فدعاه فأبى فضرب عنقه ).

قال أبو داود: رواه عبد الملك بن عمير عن أبي بردة لم يذكر الاستتابة, ورواه ابن فضيل عن الشيباني عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى لم يذكر فيه الاستتابة.

حدثنا ابن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا المسعودي عن القاسم بهذه القصة قال: ( فلم ينزل حتى ضرب عنقه، وما استتابه ).

حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار, فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم الفتح, فاستجار له عثمان بن عفان فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط بن نصر قال: زعم السدي عن مصعب بن سعد عن سعد قال: ( لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله بن سعد بن أبي سرح عند عثمان بن عفان فجاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً, كل ذلك يأبى, فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك، قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين ).

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي إسحاق عن الشعبي عن جرير قال: ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أبق العبد إلى أرض الشرك فقد حل دمه ) ].

باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عباد بن موسى الختلي قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني عن إسرائيل عن عثمان الشحام عن عكرمة قال: حدثنا ابن عباس ( أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي, ويزجرها فلا تنزجر, قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه, فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم, فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال: أنشد الله رجلاً فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام، فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أنا صاحبها, كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي, وأزجرها فلا تنزجر, ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة, فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا اشهدوا أن دمها هدر ) ].

استدل بهذا من قال: بأن الرجل يقيم الحد على مواليه من العبيد والإماء, بخلاف الأحرار فإنه لا يقيمه عليهم إلا ولي الأمر, جاء هذا عن عبد الله بن عمر وحفصة وعبد الله بن مسعود وغيرهم من الصحابة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن الجراح عن جرير عن مغيرة عن الشعبي عن علي ( أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه, فخنقها رجل حتى ماتت, فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن يونس عن حميد بن هلال عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثنا هارون بن عبد الله و نصير بن الفرج قالا: حدثنا أبو أسامة عن يزيد بن زريع عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مطرف عن أبي برزة قال: ( كنت عند أبي بكر فتغيظ على رجل فاشتد عليه, فقلت: تأذن لي يا خليفة رسول الله أضرب عنقه؟ قال: فأذهبت كلمتي غضبه, فقام فدخل فأرسل إلي, فقال: ما الذي قلت آنفا؟ قلت: ائذن لي أضرب عنقه, قال: أكنت فاعلاً لو أمرتك؟ قلت: نعم, قال: لا والله ما كانت لبشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم ).

قال أبو داود: هذا لفظ يزيد, قال أحمد بن حنبل: أي: لم يكن لـأبي بكر أن يقتل رجلاً إلا بإحدى الثلاث التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم:( كفر بعد إيمان, أو زناً بعد إحصان, أو قتل نفس بغير نفس. وكان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل )].

باب ما جاء في المحاربة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك ( أن قوماً من عكل أو قال: من عرينة, قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتووا المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بلقاح, وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها, فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا النعم, فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم من أول النهار, فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في آثارهم, فما ارتفع النهار حتى جيء بهم, فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم، وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون, قال أبو قلابة: فهؤلاء قوم سرقوا, وقتلوا, وكفروا بعد إيمانهم, وحاربوا الله ورسوله ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب عن أيوب بإسناده بهذا الحديث قال فيه: ( فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم, وقطع أيديهم وأرجلهم, وما حسمهم ).

حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان قال: أخبرنا، وحدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أنس بن مالك بهذا الحديث قال فيه: ( فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم قافة, فأتي بهم, قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا [المائدة:33], الآية ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا ثابت و قتادة و حميد عن أنس بن مالك ذكر هذا الحديث قال أنس: ( فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشاً حتى ماتوا ).

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي عن هشام عن قتادة عن أنس بن مالك بهذا الحديث نحوه, زاد: ( ثم نهى عن المثلة ), قال: ولم يذكر (من خلاف), ورواه شعبة عن قتادة، و سلام بن مسكين عن ثابت جميعاً عن أنس لم يذكرا (من خلاف), ولم أجد في حديث أحد (قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) إلا في حديث حماد بن سلمة.

حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو عن سعيد بن أبي هلال عن أبي الزناد عن عبد الله بن عبيد الله، قال أحمد: هو: عبيد الله بن عمر بن الخطاب عن ابن عمر ( أن ناساً أغاروا على إبل النبي صلى الله عليه وسلم فاستاقوها، وارتدوا عن الإسلام، وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً, فبعث في آثارهم فأخذوا, فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم, قال: ونزلت فيهم آية المحاربة, وهم الذين أخبر عنهم أنس بن مالك الحجاج حين سأله ).

حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قطع الذين سرقوا لقاحه، وسمل أعينهم بالنار عاتبه الله عز وجل في ذلك فأنزل الله تعالى: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا [المائدة:33], الآية ).

حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا، وحدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا همام عن قتادة عن محمد بن سيرين قال: كان هذا قبل أن تنزل الحدود يعني: حديث أنس.

حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت قال: حدثنا علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ [المائدة:33], إلى قوله: غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:34], نزلت هذه الآية في المشركين, فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصابه].

باب في الحد يشفع فيه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني قال: حدثني، وحدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ( أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها؟ يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم, قالوا: ومن يجترئ إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكلمه أسامة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب, فقال: إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه, وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد, وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ).

حدثنا عباس بن عبد العظيم ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: ( كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده, فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها, وقص نحو حديث الليث قال: فقطع النبي صلى الله عليه وسلم يدها ).

قال أبو داود: روى ابن وهب هذا الحديث عن يونس عن الزهري، وقال فيه كما قال الليث: ( إن امرأة سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح ), ورواه الليث عن يونس عن ابن شهاب بإسناده فقال: ( استعارت امرأة ), وروى مسعود بن الأسود عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الخبر قال: ( سرقت قطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ), ورواه أبو الزبير عن جابر ( أن امرأة سرقت فعاذت بـزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ), وساق نحوه.

حدثنا جعفر بن مسافر ومحمد بن سليمان الأنباري قالا: أخبرنا ابن أبي فديك عن عبد الملك بن زيد نسبه جعفر إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن محمد بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود )].

باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: سمعت ابن جريج يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب )].

باب في الستر على أهل الحدود

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان عن زيد بن أسلم عن يزيد بن نعيم عن أبيه ( أن ماعزاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات فأمر برجمه, وقال لـهزال: لو سترته بثوبك كان خيراً لك ).

حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا يحيى عن ابن المنكدر ( أن هزالاً أمر ماعزاً بن مالك أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره )].

باب في صاحب الحد يجيء فيقر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا إسرائيل قال: حدثنا سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن أبيه ( أن امرأة خرجت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تريد الصلاة فتلقاها رجل فتجللها فقضى حاجته منها، فصاحت وانطلق, فمر عليها رجل فقالت: إن ذاك فعل بي كذا وكذا, ومرت عصابة من المهاجرين فقالت: إن ذلك الرجل فعل بي كذا وكذا, فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها فأتوها به, فقالت: نعم, هو هذا فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فلما أمر به قام صاحبها الذي وقع عليها فقال: يا رسول الله, أنا صاحبها, فقال لها: اذهبي فقد غفر الله لك, وقال للرجل قولاً حسنا ).

قال أبو داود: يعني: الرجل المأخوذ، ( وقال للرجل الذي وقع عليها: ارجمه, فقال: لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم ) .

قال أبو داود: رواه أسباط بن نصر أيضاً عن سماك].

باب في التلقين في الحد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلص قد اعترف اعترافاً، ولم يوجد معه متاع, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما إخالك سرقت, قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً فأمر به فقطع, وجيء به فقال: استغفر الله وتب إليه, فقال: أستغفر الله وأتوب إليه, فقال: اللهم تب عليه ثلاثاً ).

قال أبو داود: رواه عمرو بن عاصم عن همام عن إسحاق بن عبد الله عن أبي أمية رجل من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم].

باب في الرجل يعترف بحد ولا يسميه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال: حدثني أبو عمار قال: حدثني أبو أمامة ( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, إني أصبت حداً فأقمه علي, قال: توضأت حين أقبلت؟ قال: نعم, قال: هل صليت معنا حين صلينا؟ قال: نعم, قال: اذهب فإن الله تعالى قد عفا عنك )].

باب في الامتحان بالضرب

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا بقية قال: حدثنا صفوان قال: حدثنا أزهر بن عبد الله الحرازي ( أن قوماً من الكلاعيين سرق لهم متاع فاتهموا أناساً من الحاكة, فأتوا النعمان بن بشير صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فحبسهم أياماً ثم خلى سبيلهم, فأتوا النعمان فقالوا: خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان, فقال النعمان: ما شئتم إن شئتم أن أضربهم فإن خرج متاعكم فذاك، وإلا أخذت من ظهوركم مثل ما أخذت من ظهورهم، فقالوا: هذا حكمك؟ قال: هذا حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ).

قال أبو داود: إنما أرهبهم بهذا القول أي: لا يجب الضرب إلا بعد الاعتراف].

باب ما يقطع فيه السارق

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان عن الزهري قال: سمعته منه عن عمرة عن عائشة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعداً ).

حدثنا أحمد بن صالح ووهب بن بيان قالا: حدثنا, وحدثنا ابن السرح قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً ), قال أحمد بن صالح: القطع في ربع دينار فصاعداً.

حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني إسماعيل بن أمية أن نافعاً مولى عبد الله بن عمر حدثه أن عبد الله بن عمر حدثهم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد رجل سرق ترساً من صفة النساء ثمنه ثلاثة دراهم ).

حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن أبي السري العسقلاني وهذا لفظه، وهو أتم، قالا: حدثنا ابن نمير عن محمد بن إسحاق عن أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس قال: ( قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجل في مجن قيمته دينار، أو عشرة دراهم ).

قال أبو داود: رواه محمد بن سلمة وسعدان بن يحيى عن ابن إسحاق بإسناده ].

إذا قطعت اليد ظلماً ففيها نصف الدية, وهي أكثر من خمسين من الإبل, وإذا ظلم الإنسان نفسه ثم سرق ولو ربع دينار قطعت بهذا, فالمعصية تضعها والمظلمة ترفعها.

باب ما لا قطع فيه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان ( أن عبداً سرق ودياً من حائط رجل فغرسه في حائط سيده, فخرج صاحب الودي يلتمس وديه فوجده، فاستعدى على العبد مروان بن الحكم وهو أمير المؤمنين يومئذ، فسجن مروان العبد وأراد قطع يده, فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج فسأله عن ذلك، فأخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر, فقال الرجل: إن مروان أخذ غلامي وهو يريد قطع يده, وأنا أحب أن تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فمشى معه رافع بن خديج حتى أتى مروان بن الحكم فقال له رافع: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا قطع في ثمر ولا كثر، فأمر مروان بالعبد فأرسل ).

قال أبو داود: الكثر: الجمار.

حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا حماد قال: حدثنا يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان بهذا الحديث قال: ( فجلده مروان جلدات، وخلى سبيله ).

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه سئل عن الثمر المعلق, فقال: من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه, ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة, ومن سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع, ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة, وسئل عن اللقطة فقال: ما كان منها في طريق الميتاء والقرية الجامعة ), وساق الحديث.

قال أبو داود: الجرين: الجوخان].

باب القطع في الخلسة والخيانة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا محمد بن بكر قال: حدثنا ابن جريج قال: قال أبو الزبير: قال جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس على المنتهب قطع، ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا ) ].

وذلك لأنه لم يأخذها من حرز, النهبة يعني: من غير حرز, فتؤخذ من الأموال الظاهرة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وبهذا الإسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس على الخائن قطع ).

حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله زاد: ( ولا على المختلس قطع ).

قال أبو داود: وهذان الحديثان لم يسمعهما ابن جريج من أبي الزبير، وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال: إنما سمعهما ابن جريج من ياسين الزيات .

قال أبو داود: وقد رواهما المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم].

باب من سرق من حرز

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة قال: حدثنا أسباط عن سماك بن حرب عن حميد ابن أخت صفوان عن صفوان بن أمية قال: ( كنت نائماً في المسجد علي خميصة لي ثمن ثلاثين درهماً, فجاء رجل فاختلسها مني, فأخذ الرجل فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به ليقطع, قال: فأتيته فقلت: أتقطعه من أجل ثلاثين درهماً أنا أبيعه وأنسئه ثمنها؟ قال: فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به ).

قال أبو داود: ورواه زائدة عن سماك عن جعيد بن حجير قال: ( نام صفوان ), ورواه مجاهد و طاوس ( أنه كان نائماً فجاء سارق فسرق خميصة من تحت رأسه ), ورواه أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: ( فاستله من تحت رأسه فاستيقظ فصاح به فأخذ ), ورواه الزهري عن صفوان بن عبد الله قال: ( فنام في المسجد، وتوسد رداءه فجاء سارق فأخذ رداءه, فأخذ السارق فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم )].

باب في القطع في العارية إذا جحدت

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي و مخلد بن خالد المعنى قالا: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال مخلد: عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ( أن امرأة مخزومية كانت تستعير المتاع فتجحده, فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها فقطعت يدها ).

قال أبو داود: رواه جويرية عن نافع عن ابن عمر، أو عن صفية بنت أبي عبيد زاد فيه: ( وأن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيباً فقال: هل من امرأة تائبة إلى الله عز وجل ورسوله؟ ثلاث مرات, وتلك شاهدة فلم تقم ولم تتكلم ), ورواه محمد بن عبد الرحمن بن عنج عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد قال فيه: ( فشهد عليها ).

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا أبو صالح عن الليث قال: حدثني يونس عن ابن شهاب قال: كان عروة يحدث ( أن عائشة قالت: استعارت امرأة تعني: حلياً على ألسنة أناس يعرفون ولا تعرف هي فباعته، فأخذت فأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقطع يدها, وهي التي شفع فيها أسامة بن زيد, وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال ).

حدثنا عباس بن عبد العظيم ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: ( كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ), وقص نحو حديث قتيبة عن الليث عن ابن شهاب زاد: ( فقطع النبي صلى الله عليه وسلم يدها )].

باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ, وعن المبتلى حتى يبرأ, وعن الصبي حتى يكبر ).

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( أتي عمر بمجنونة قد زنت فاستشار فيها أناساً, فأمر بها عمر أن ترجم, مر بها على علي بن أبي طالب فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان زنت فأمر بها عمر أن ترجم, قال: فقال: ارجعوا بها, ثم أتاه فقال: يا أمير المؤمنين أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ, وعن النائم حتى يستيقظ, وعن الصبي حتى يعقل؟ قال: بلى, قال: فما بال هذه ترجم؟ قال: لا شيء, قال: فأرسلها, قال: فأرسلها, قال: فجعل يكبر ).

حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا وكيع عن الأعمش نحوه، وقال أيضاً: ( حتى يعقلو، وقال: وعن المجنون حتى يفيق, قال: فجعل عمر يكبر ).

حدثنا ابن السرح قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني جرير بن حازم عن سليمان بن مهران عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: ( مر على علي بن أبي طالب .. بمعنى عثمان قال: أو ما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق, وعن النائم حتى يستيقظ, وعن الصبي حتى يحتلم؟ قال: صدقت, قال: فخلى عنها ) حدثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص، وحدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير المعنى عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان، قال هناد: الجنبي: قال: ( أتي عمر بامرأة قد فجرت فأمر برجمها, فمر علي فأخذها فخلى سبيلها, فأخبر عمر, قال: ادعوا لي علياً, فجاء علي فقال: يا أمير المؤمنين, لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ, وعن النائم حتى يستيقظ, وعن المعتوه حتى يبرأ, وإن هذه معتوهة بني فلان, لعل الذي أتاها وهي في بلائها, قال: فقال عمر: لا أدري, فقال علي: وأنا لا أدري ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب عن خالد عن أبي الضحى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ, وعن الصبي حتى يحتلم, وعن المجنون حتى يعقل ).

قال أبو داود: رواه ابن جريج عن القاسم بن يزيد عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم زاد فيه: ( والخرف )].

باب في الغلام يصيب الحد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان قال: أخبرنا عبد الملك بن عمير قال: حدثني عطية القرظي قال: ( كنت من سبي بني قريظة, فكانوا ينظرون فمن أنبت الشعر قتل ومن لم ينبت لم يقتل, فكنت فيمن لم ينبت ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير بهذا الحديث قال: ( فكشفوا عانتي فوجدوها لم تنبت فجعلوني في السبي ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه، وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجازه ) ].

وفي هذا أن البلوغ يكون بالإنبات، ويكون بالسنة الخامسة عشرة على ما تقدم, والإنبات يكون للرجل والمرأة، والسن للرجل, والمرأة قد تبلغ قبل هذا ولو لم تنبت, وقد جاء في هذا من حديث عائشة عند البيهقي قال: ( إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ), فهذا يختلف أيضاً في البلدان الحارة عن الباردة, ويختلف أيضاً من نساء إلى نساء.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن إدريس عن عبيد الله بن عمر قال: قال نافع: حدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال: إن هذا الحد بين الصغير والكبير].

باب الرجل يسرق في الغزو أيقطع؟

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني حيوة بن شريح عن عياش بن عباس القتباني عن شييم بن بيتان ويزيد بن صبح الأصبحي عن جنادة بن أبي أمية قال: ( كنا مع بسر بن أرطاة في البحر فأتي بسارق يقال له: مصدر، قد سرق بختية فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقطع الأيدي في السفر, ولولا ذلك لقطعته )].

باب في قطع النباش

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران عن المشعث بن طريف عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك, فقال: كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف؟ يعني: القبر, قلت: الله ورسوله أعلم, وما خار الله ورسوله, قال: عليك بالصبر أو قال: تصبر ).

قال أبو داود: قال حماد بن أبي سليمان: يقطع النباش؛ لأنه دخل على الميت بيته].

باب في السارق يسرق مراراً

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل الهلالي قال: حدثنا جدي عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: ( جيء بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقتلوه, فقالوا: يا رسول الله إنما سرق, فقال: اقطعوه, قال: فقطع, ثم جيء به الثانية, فقال: اقتلوه, فقالوا: يا رسول الله إنما سرق, فقال: اقطعوه, قال: فقطع, ثم جيء به الثالثة, فقال: اقتلوه, فقالوا: يا رسول الله إنما سرق, فقال: اقطعوه, ثم أتي به الرابعة, فقال: اقتلوه, فقالوا: يا رسول الله إنما سرق, قال: اقطعوه, فأتي به الخامسة, فقال: اقتلوه, قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر، ورمينا عليه الحجارة ) ].

هذا حديث ضعيف لا يصح.

باب في تعليق يد السارق في عنقه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عمر بن علي قال: حدثنا الحجاج عن مكحول عن عبد الرحمن بن محيريز قال: ( سألنا فضالة بن عبيد عن تعليق اليد في العنق للسارق أمن السنة هو؟ قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسارق فقطعت يده، ثم أمر بها فعلقت في عنقه )].

باب بيع المملوك إذا سرق

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سرق المملوك فبعه ولو بنش ).

قال أبو داود: النش: نصف أوقية, والأوقية أربعون درهماً, والنصف أوقية من ذلك عشرون درهماً ].

وهذا الحديث ضعيف أيضاً, ضعفه النسائي وغيره.

باب في الرجم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال: حدثني علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء:15], وذكر الرجل بعد المرأة ثم جمعهما فقال: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا [النساء:16], فنسح ذلك بآية الجلد، فقال: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2].

حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت قال: حدثنا موسى يعني: ابن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: السبيل: الحد, قال سفيان: فَآذُوهُمَا [النساء:16], البكران, فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ [النساء:15], الثيبات.

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خذوا عني, خذوا عني, قد جعل الله لهن سبيلاً: الثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة, والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ).

حدثنا وهب بن بقية و محمد بن الصباح بن سفيان قالا: حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن بإسناد يحيى ومعناه قال: ( جلد مائة والرجم ).

حدثنا محمد بن عوف الطائي قال: حدثنا الربيع بن روح بن خليد قال: حدثنا محمد بن خالد يعني: الوهبي قال: حدثنا الفضل بن دلهم عن الحسن عن سلمة بن المحبق عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ( فقال ناس لـسعد بن عبادة: يا أبا ثابت قد نزلت الحدود، لو أنك وجدت مع امرأة رجلاً كيف كنت صانعاً؟ قال: كنت ضاربهما بالسيف حتى يسكتا, أفأنا أذهب فأجمع أربعة شهداء؟ فإلى ذلك قد قضى الحاجة, فانطلقوا فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله, ألم تر إلى أبي ثابت قال كذا وكذا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالسيف شاهداً, ثم قال: لا، لا، أخاف أن يتتابع فيها السكران والغيران ).

قال أبو داود: روى وكيع أول هذا الحديث عن الفضل بن دلهم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما هذا إسناد حديث ابن المحبق أن رجلاً وقع على جارية امرأته.

قال أبو داود: الفضل بن دلهم ليس بالحافظ، كان قصاباً بواسط.

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس ( أن عمر بن الخطاب خطب فقال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب, فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها, ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا من بعده, وإني خشيت إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل: ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله, فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصناً إذا قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف, وايم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله عز وجل لكتبتها ) ].

وهذا من الإلهام والتحديث التي أوتيه عمر, فقد وجد في زماننا من أنكر الرجم وقال: إنه ليس بحد، أو قال بنسخه, مخالفاً في ذلك إجماع القرون.

باب رجم ماعز بن مالك

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا وكيع عن هشام بن سعد قال: أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال: ( كان ماعز بن مالك يتيماً في حجر أبي فأصاب جارية من الحي, فقال له أبي: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت؛ لعله يستغفر لك, وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرجاً, فأتاه فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله, فأعرض عنه فعاد, فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله, فأعرض عنه فعاد فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم علي كتاب الله, حتى قالها أربع مرار, قال صلى الله عليه وسلم: إنك قد قلتها أربع مرات فبمن؟ قال: بفلانة, فقال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم, قال: هل باشرتها؟ قال: نعم, قال: هل جامعتها؟ قال: نعم, قال: فأمر به أن يرجم، فأخرج به إلى الحرة, فلما رجم فوجد مس الحجارة فجزع، فخرج يشتد، فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه، فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه ) ].

مداخلة: هل الرجوع عن الحد خاص بالزنا أو يقبل في سائر الحدود؟

الشيخ: خاص بالزنا فقط.

مداخلة: [وهل يلقن من يقام عليه الحد؟]

الشيخ: يجوز أن يلقن, جاء هذا عن عمر, وجاء عن عطاء أيضاً وغيره.

تابع باب رجم ما عز بن مالك

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: حدثنا يزيد بن زريع عن محمد بن إسحاق قال: ( ذكرت لـعاصم بن عمر بن قتادة قصة ماعز بن مالك فقال: لي قال: حدثني حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب قال: حدثني ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا تركتموه، من شئتم من رجال أسلم ممن لا أتهم, قال: ولم أعرف هذا الحديث, قال: فجئت جابر بن عبد الله فقلت: إن رجالاً من أسلم يحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم حين ذكروا له جزع ماعز من الحجارة حين أصابته: ألا تركتموه, وما أعرف الحديث قال: يا ابن أخي أنا أعلم الناس بهذا الحديث, كنت فيمن رجم الرجل, إنا لما خرجنا به فرجمناه فوجد مس الحجارة صرخ بنا: يا قوم ردوني إلى رسول الله, فإن قومي قتلوني وغروني من نفسي، وأخبروني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلي, فلم ننزع عنه حتى قتلناه, فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه, قال: فهلا تركتموه وجئتموني به ليستثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه, فأما لترك حد فلا, قال: فعرفت وجه الحديث ).

حدثنا أبو كامل قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا خالد يعني: الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس ( أن ماعز بن مالك أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه زنى, فأعرض عنه, فأعاد عليه مراراً, فأعرض عنه، فسأل قومه: أمجنون هو؟ قالوا: ليس به بأس, قال: أفعلت بها؟ قال: نعم, فأمر به أن يرجم, فانطلق به فرجم، ولم يصل عليه ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة قال: ( رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قصيراً أعضل ليس عليه رداء, فشهد على نفسه أربع مرات أنه قد زنى, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلعلك قبلتها؟ قال: لا والله إنه قد زنى الآخر, قال: فرجمه، ثم خطب, فقال: ألا كلما نفرنا في سبيل الله خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس يمنح إحداهن الكثبة, أما إن الله إن يمكني من أحد منهم إلا نكلته عنهن ).

حدثنا محمد بن المثنى عن محمد بن جعفر عن شعبة عن سماك قال: سمعت جابر بن سمرة بهذا الحديث، والأول أتم, ( قال: فرده مرتين, قال سماك: فحدثت به سعيد بن جبير قال: إنه رده أربع مرات ).

حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل المصري قال: حدثنا خالد يعني: ابن عبد الرحمن قال: قال شعبة فسألت سماكاً عن الكثبة فقال: اللبن القليل.

حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـماعز بن مالك: أحق ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: بلغني عنك أنك وقعت على جارية بني فلان؟ قال: نعم, فشهد أربع شهادات فأمر به فرجم ).

حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا أبو أحمد قال: أخبرنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا مرتين فطرده, ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين, فقال: شهدت على نفسك أربع مرات اذهبوا به فارجموه ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا جرير قال: حدثني يعلى عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثنا زهير بن حرب و عقبة بن مكرم قالا: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي قال: سمعت يعلى بن حكيم يحدث عن عكرمة عن ابن عباس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـماعز بن مالك: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت؟ قال: لا, قال: أفنكتها؟ قال: نعم, قال: فعند ذلك أمر برجمه ), ولم يذكر موسى عن ابن عباس، وهذا لفظ حديث وهب .

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أن عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: ( جاء الأسلمي نبي الله صلى الله عليه وسلم فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراماً أربع مرات, كل ذلك يعرض عنه, فأقبل في الخامسة فقال: أنكتها؟ قال: نعم, قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم, قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟ قال: نعم, قال: فهل تدري ما الزنا؟ قال: نعم, أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً, قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني, فأمر به فرجم, فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب, فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله, فقال: أين فلان وفلان؟ فقالا: نحن ذان يا رسول الله, قال: انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار, فقالا: يا نبي الله من يأكل من هذا؟ قال: فما نلتما من عرض أخيكما آنفاً أشد من أكل منه, والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينقمس فيها ).

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير عن ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة بنحوه زاد: ( واختلفوا عليه فقال بعضهم: ربط إلى شجرة، وقال بعضهم: وقف ).

حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني و الحسن بن علي قالا: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله ( أن رجلاً من أسلم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا، فأعرض عنه, ثم اعترف، فأعرض عنه, حتى شهد على نفسه أربع شهادات, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبك جنون؟ قال: لا, قال: أحصنت؟ قال: نعم, قال: فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فرجم في المصلى, فلما أذلقته الحجارة فر، فأدرك فرجم حتى مات, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً، ولم يصل عليه ) ].

هذه الزيادة: ( ولم يصل عليه ), غير محفوظة, والثابت ( أنه صلى عليه ).

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل قال: حدثنا يزيد يعني: ابن زريع، وحدثنا أحمد بن منيع عن يحيى بن زكريا وهذا لفظه عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: ( لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع, فوالله ما أوثقناه ولا حفرنا له ولكن قام لنا, وقال أبو كامل: قال: فرميناه بالعظام والمدر والخزف فاشتد واشتددنا خلفه, حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت, قال: فما استغفر له ولا سبه ).

حدثنا مؤمل بن هشام قال: حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي نضرة قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه وليس بتمامه, قال: ذهبوا يسبونه فنهاهم قال: ذهبوا يستغفرون له فنهاهم, قال: هو رجل أصاب ذنباً حسيبه الله ) ].

لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الاستغفار.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث قال: حدثنا أبي عن غيلان عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم استنكه ماعزاً ).

حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا بشير بن المهاجر قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: ( كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أن الغامدية و ماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما أو قال: لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما، وإنما رجمهما عند الرابعة ).

حدثنا عبدة بن عبد الله ومحمد بن داود بن صبيح، قال عبدة: أخبرنا حرمي بن حفص قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة قال: حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أن خالد بن اللجلاج حدثه أن اللجلاج أخبره ( أنه كان قاعداً يعتمل في السوق فمرت امرأة تحمل صبياً, فثار الناس معها وثرت فيمن ثار, فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من أبو هذا معك؟ فسكتت, فقال شاب حذوها: أنا أبوه يا رسول الله, فأقبل عليها, فقال: من أبو هذا معك؟ فقال الفتى: أنا أبوه يا رسول الله, فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض من حوله يسألهم عنه، فقالوا: ما علمنا إلا خيراً, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أحصنت؟ قال: نعم, فأمر به فرجم, قال: فخرجنا به فحفرنا له حتى أمكننا، ثم رميناه بالحجارة حتى هدأ, فجاء رجل يسأل عن المرجوم فانطلقنا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: هذا جاء يسأل عن الخبيث, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهو أطيب عند الله من ريح المسك, فإذا هو أبوه، فأعناه على غسله وتكفينه ودفنه, وما أدري قال: والصلاة عليه أم لا ), وهذا حديث عبدة وهو أتم.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا صدقة بن خالد، ح وحدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال: حدثنا الوليد جميعاً قالا: حدثنا محمد، وقال هشام: محمد بن عبد الله الشعيثي عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن خالد بن اللجلاج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ببعض هذا الحديث.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا طلق بن غنام قال: حدثنا عبد السلام بن حفص قال: حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن رجلاً أتاه فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها له, فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت, فجلده الحد وتركها ).

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا، وحدثنا ابن السرح المعنى ].

والذي يبدو أن المراد بالحد في قوله: (فجلده الحد) حد الزنا لا القذف.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا، وحدثنا ابن السرح المعنى قال: أخبرنا عبد الله بن وهب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر ( أن رجلاً زنى بامرأة فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فجلد الحد, ثم أخبر أنه محصن فأمر به فرجم ).

قال أبو داود: روى هذا الحديث محمد بن بكر البرساني عن ابن جريج موقوفاً على جابر, ورواه أبو عاصم عن ابن جريج بنحو ابن وهب ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( إن رجلاً زنى فلم يعلم بإحصانه فجلد، ثم علم بإحصانه فرجم ).

حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز قال: أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر ( أن رجلاً زنى بامرأة فلم يعلم بإحصانه فجلد, ثم علم بإحصانه فرجم )].

باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم أن هشاماً الدستوائي و أبان بن يزيد حدثاهم المعنى عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين ( أن امرأة -قال في حديث أبان-: من جهينة, أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها زنت وهي حبلى, فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ولياً لها, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن إليها, فإذا وضعت فجئ بها, فلما أن وضعت جاء بها فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها, ثم أمر بها فرجمت, ثم أمرهم فصلوا عليها, فقال عمر: يا رسول الله, تصلي عليها وقد زنت؟ قال: والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم, وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها ), لم يقل عن أبان: ( فشكت عليها ثيابها ).

حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي قال: حدثنا الوليد عن الأوزاعي قال: فشكت عليها ثيابها وقال: يعني: فشدت.

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا عيسى بن يونس عن بشير بن المهاجر قال: حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه ( أن امرأة يعني: من غامد أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني قد فجرت, فقال: ارجعي، فرجعت, فلما أن كان الغد أتته فقالت: لعلك أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك فوالله إني لحبلى, فقال لها: ارجعي فرجعت, فلما كان الغد أتته فقال لها: ارجعي حتى تلدي فرجعت، فلما ولدت أتته بالصبي فقالت: هذا قد ولدته, فقال لها: ارجعي فأرضعيه حتى تفطميه, فجاءت به وقد فطمته وفي يده شيء يأكله، فأمر بالصبي فدفع إلى رجل من المسلمين, وأمر بها فحفر لها، وأمر بها فرجمت, وكان خالد فيمن يرجمها، فرجمها بحجر فوقعت قطرة من دمها على وجنته فسبها, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا خالد, فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له, وأمر بها فصلي عليها ودفنت )].

وهذا يدل على أن المكس أعظم من الزنا, وهي أخذ أموال الناس بالباطل.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع بن الجراح عن زكريا أبي عمران قال: سمعت شيخاً يحدث عن ابن أبي بكرة عن أبيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة).

قال أبو داود: إني لم أفهمه من عثمان يعني: قوله: ابن أبي بكرة أفهمنيه رجل عن عثمان .

قال أبو داود: قال الغساني: جهينة وغامد وبارق واحد.

قال أبو داود: حدثت عن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا زكريا بن سليم بإسناده نحوه, زاد: ( ثم رماها بحصاة مثل الحمصة, ثم قال: ارموا واتقوا الوجه, فلما طفئت أخرجها فصلى عليها، وقال: في التوبة نحو حديث بريدة ).

حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة و زيد بن خالد الجهني أنهما أخبراه ( أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال أحدهما: يا رسول الله, اقض بيننا بكتاب الله, وقال الآخر وكان أفقههما: أجل يا رسول الله, فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم, قال: تكلم, قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا, والعسيف: الأجير, فزنى بامرأته, فأخبروني أن على ابني الرجم, فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي, ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإنما الرجم على امرأته, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله عز وجل, أما غنمك وجاريتك فرد إليك, وجلد ابنه مائة وغربه عاماً, وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها, فاعترفت فرجمها )].

باب في رجم اليهوديين

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أنه قال: ( إن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الزنا؟ فقالوا: نفضحهم ويجلدون, فقال عبد الله بن سلام: كذبتم, إن فيها الرجم, فأتوا بالتوراة فنشروها، فجعل أحدهم يده على آية الرجم ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها, فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يديك، فرفعها فإذا فيها آية الرجم, فقالوا: صدق يا محمد, فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما, قال عبد الله بن عمر: فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال: ( مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي قد حمم وجهه وهو يطاف به, فناشدهم: ما حد الزاني في كتابهم؟ قال: فأحالوه على رجل منهم، فنشده النبي صلى الله عليه وسلم: ما حد الزاني في كتابكم؟ فقال: الرجم, ولكن ظهر الزنا في أشرافنا فكرهنا أن يترك الشريف ويقام على من دونه فوضعنا هذا عنا, فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم ثم قال: اللهم إني أول من أحيا ما أماتوا من كتابك ).

حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال: ( مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم مجلود فدعاهم, فقال: هكذا تجدون حد الزاني؟ فقالوا: نعم, فدعا رجلاً من علمائهم فقال: نشدتك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ فقال: اللهم لا, ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك, نجد حد الزاني في كتابنا الرجم, ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الرجل الشريف تركناه، وإذا أخذنا الرجل الضعيف أقمنا عليه الحد, فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع, فاجتمعنا على التحميم والجلد وتركنا الرجم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه, فأمر به فرجم, فأنزل الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [المائدة:41], إلى قوله: يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا [المائدة:41], إلى قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44], في اليهود إلى قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45], في اليهود إلى قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47], قال: هي في الكفار كلها, يعني: هذه الآية ). ].

وتحريف اليهود تحريف معان, والتحريف في أهل الكتاب على نوعين: تحريف حروف، وتحريف معان, فالتوراة وقع فيها تحريف المعاني أكثر من تحريف الحروف, وأما بالنسبة للإنجيل فوقع فيها تحريف الحروف وتبعه تحريف المعاني, ولهذا التوراة مع ما فيها من التحريف إلا أنها أصح من الإنجيل وأقرب لفظاً.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه عن ابن عمر قال: ( أتى نفر من اليهود فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القف, فأتاهم في بيت المدراس, فقالوا: يا أبا القاسم, إن رجلاً منا زنى بامرأة فاحكم بينهم، فوضعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة فجلس عليها ثم قال: ائتوني بالتوراة, فأتي بها فنزع الوسادة من تحته فوضع التوراة عليها ثم قال: آمنت بك وبمن أنزلك ثم قال: ائتوني بأعلمكم, فأتي بفتى شاب ), ثم ذكر قصة الرجم نحو حديث مالك عن نافع.

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: حدثنا رجل من مزينة، وحدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس قال: قال محمد بن مسلم: سمعت رجلاً من مزينة ممن يتبع العلم ويعيه ثم اتفقا ونحن عند سعيد بن المسيب فحدثنا عن أبي هريرة وهذا حديث معمر وهو أتم, قال: ( زنى رجل من اليهود وامرأة فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي بعث بالتخفيف فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله قلنا: فتيا نبي من أنبيائك, قال: فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه فقالوا: يا أبا القاسم, ما ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم فقام على الباب فقال: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ قالوا: يحمم ويجبه ويجلد, والتجبيه: أن يحمل الزانيان على حمار، وتقابل أقفيتهما ويطاف بهما, قال: وسكت شاب منهم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم سكت ألظ به النشدة فقال: اللهم إذ نشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟ قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم, ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه فحال قومه دونه, وقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه, فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإني أحكم بما في التوراة, فأمر بهما فرجما ), قال الزهري: ( فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا [المائدة:44], كان النبي صلى الله عليه وسلم منهم ).

حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني قال: حدثني محمد يعني: ابن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري قال: سمعت رجلاً من مزينة يحدث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: ( زنى رجل وامرأة من اليهود وقد أحصنا حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة, وقد كان الرجم مكتوباً عليهم في التوراة فتركوه وأخذوا بالتجبيه ويضرب مائة بحبل مطلي بقار، ويحمل على حمار وجهه مما يلي دبر الحمار, فاجتمع أحبار من أحبارهم فبعثوا قوماً آخرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سلوه عن حد الزاني ), وساق الحديث فقال فيه: ( قال: ولم يكونوا من أهل دينه فيحكم بينهم، فخير في ذلك, قال: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42] ).

حدثنا يحيى بن موسى البلخي قال: حدثنا أبو أسامة قال مجالد: أخبرنا عن عامر الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: ( جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا, فقال: ائتوني بأعلم رجلين منكم، فأتوه بابني صوريا, قال: فنشدهما كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟ فقالا: نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجماً, قال: فما يمنعكما أن ترجموهما؟ قالا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل, فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاءوا بأربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة, فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما ).

حدثنا وهب بن بقية عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم و الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه لم يذكر فدعا بالشهود فشهدوا.

حدثنا وهب بن بقية عن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي بنحو منه.

حدثنا إبراهيم بن حسن المصيصي قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: ابن جريج إنه سمع أبا الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: ( رجم النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أسلم، ورجل من اليهود وامرأة ) ].

باب في الرجل يزني بحريمه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا خالد بن عبد الله قال: حدثنا مطرف عن أبي الجهم عن البراء بن عازب قال: ( بينما أنا أطوف على إبل لي ضلت إذ أقبل ركب أو فوارس معهم لواء، فجعل الأعراب يطيفون بي لمنزلتي من النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتوا قبة فاستخرجوا منها رجلاً فضربوا عنقه, فسألت عنه، فذكروا أنه أعرس بامرأة أبيه ).

حدثنا عمير بن قسيط الرقي قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه قال: ( لقيت عمي ومعه راية فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه, فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله )].

باب في الرجل يزني بجارية امرأته

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان قال: حدثنا قتادة عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم ( أن رجلاً يقال له: عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة فقال: لأقضين فيك بقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة, وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة, فوجدوه قد أحلتها له فجلده مائة ), قال قتادة: كتبت إلى حبيب بن سالم فكتب إلي بهذا ].

هذا الحديث لا يصح, فيه انقطاع, أعله الترمذي وغيره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم ( في الرجل يأتي جارية امرأته قال: إن كانت أحلتها له جلد مائة، وإن لم تكن أحلتها له رجمته ).

حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في رجل وقع على جارية امرأته, إن كان استكرهها فهي حرة وعليه لسيدتها مثلها, فإن كانت طاوعته فهي له وعليه لسيدتها مثلها ) ].

وهذه الأحاديث وما في معناها أعلها النسائي رحمه الله في كتابه السنن.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: روى يونس بن عبيد وعمرو بن دينار ومنصور بن زاذان وسلام عن الحسن هذا الحديث بمعناه لم يذكر يونس ومنصور قبيصة.

حدثنا علي بن حسين الدرهمي قال: حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه إلا أنه قال: ( وإن كانت طاوعته فهي ومثلها من ماله لسيدتها )].

باب فيمن عمل عمل قوم لوط

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد بن علي النفيلي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ).

قال أبو داود: رواه سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو مثله, ورواه عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس رفعه, ورواه ابن جريج عن إبراهيم عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رفعه.

حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني ابن خثيم قال: سمعت سعيد بن جبير ومجاهداً يحدثان عن ابن عباس في البكر يوجد على اللوطية قال: يرجم ].

الأحاديث المرفوعات في اللوطية معلولة, وأمثل ما جاء في هذا هي الموقوفات وكذلك قضاء الصحابة عليهم رضوان الله.

وفي هذا أنه لا حرج من تسمية هذه الفاحشة باللوطية, فقد جاء هذا في كلام بعض الصحابة كما هنا عن عبد الله بن عباس, وجاء أيضاً عن غيره من فقهاء الصدر الأول.

باب فيمن أتى بهيمة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد قال: حدثني عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه, قال: قلت له: ما شأن البهيمة؟ قال: ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها, وقد عمل بها ذلك العمل ).

قال أبو داود: ليس هذا بالقوي ].

وهذا الحديث أعله يحيى بن معين وابن المديني وأعله البخاري, حيث ذكره البخاري رحمه الله وقال: لا أقول به, ولا يثبت في حد من أتى البهيمة شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس قال: أن شريكاً و أبا الأحوص و أبا بكر بن عياش حدثوهم عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس قال: ليس على الذي يأتي البهيمة حد.

قال أبو داود: وكذلك قال عطاء, وقال الحكم: أرى أن يجلد ولا يبلغ به الحد, وقال الحسن: هو بمنزلة الزاني.

قال أبو داود: حديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو].

باب إذا أقر الرجل بالزنا ولم تقر المرأة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا طلق بن غنام قال: حدثنا عبد السلام بن حفص قال: حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن رجلاً أتاه فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها له, فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت, فجلده الحد وتركها ).

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا موسى بن هارون البردي قال: حدثنا هشام بن يوسف عن القاسم بن فياض الأبناوي عن خلاد بن عبد الرحمن عن ابن المسيب عن ابن عباس ( أن رجلاً من بكر بن ليث أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرات, فجلده مائة وكان بكراً, ثم سأله البينة على المرأة فقالت: كذب والله يا رسول الله, فجلده حد الفرية ثمانين ) ].

هذا الحديث ضعيف لا يصح.

باب في الرجل يصيب من المرأة دون الجماع فيتوب قبل أن يأخذه الإمام

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا أبو الأحوص قال: حدثنا سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: قال عبد الله: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني عالجت امرأة من أقصى المدينة فأصبت منها ما دون أن أمسها، فأنا هذا فأقم علي ما شئت، فقال عمر: قد ستر الله عليك لو سترت على نفسك, فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً, فانطلق الرجل فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً فدعاه فتلا عليه, وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [هود:114], إلى آخر الآية, فقال رجل من القوم: يا رسول الله, أله خاصة أم للناس عامة؟ قال: بل للناس كافة ) ].

وفي هذا دليل على أن التوبة مع الستر أفضل من التوبة مع الحد.

باب في الأمة تزني ولم تحصن

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن, قال: إن زنت فاجلدوها, ثم إن زنت فاجلدوها, ثم إن زنت فاجلدوها, ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير, قال ابن شهاب: لا أدري في الثالثة أو الرابعة، والضفير: الحبل ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يعيرها ثلاث مرار, فإن عادت في الرابعة فليجلدها وليبعها بضفير أو بحبل من شعر ).

حدثنا ابن نفيل قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث قال في كل مرة: ( فليضربها كتاب الله ولا يثرب عليها, وقال في الرابعة: فإن عادت فليضربها كتاب الله ثم ليبعها ولو بحبل من شعر )].

باب في إقامة الحد على المريض

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ( أنه اشتكى رجل منهم حتى أضني, فعاد جلدة على عظم، فدخلت عليه جارية لبعضهم فهش لها فوقع عليها, فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه أخبرهم بذلك, وقال: استفتوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني قد وقعت على جارية دخلت علي، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: ما رأينا بأحد من الناس من الضر مثل الذي هو به, لو حملناه إليك لتفسخت عظامه, ما هو إلا جلد على عظم, فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة ).

حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا إسرائيل قال: حدثنا عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي قال: ( فجرت جارية لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا علي انطلق فأقم عليها الحد, فانطلقت فإذا بها دم يسيل لم ينقطع فأتيته, فقال: يا علي أفرغت؟ قال: أتيتها ودمها يسيل, فقال: دعها حتى ينقطع دمها ثم أقم عليها الحد, وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ).

قال أبو داود: وكذلك رواه أبو الأحوص عن عبد الأعلى، ورواه شعبة عن عبد الأعلى فقال فيه: قال: ( لا تضربها حتى تضع ), والأول أصح].

باب في حد القذف

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي ومالك بن عبد الواحد المسمعي وهذا حديثه أن ابن أبي عدي حدثهم عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فذكر ذاك وتلا تعني: القرآن, فلما نزل من المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم ).

حدثنا النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق بهذا الحديث لم يذكر عائشة, قال: ( فأمر برجلين وامرأة ممن تكلم بالفاحشة حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة ), قال النفيلي: ويقولون: المرأة حمنة بنت جحش رضي الله عنها].

باب الحد في الخمر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن المثنى وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن محمد بن علي بن ركانة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الخمر حداً, وقال ابن عباس: شرب رجل فسكر فلقي يميل في الفج, فانطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حاذى بدار العباس انفلت فدخل على العباس فالتزمه, فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك, وقال: أفعلها؟ ولم يأمر فيه بشيء ).

قال أبو داود: هذا مما تفرد به أهل المدينة حديث الحسن بن علي هذا.

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو ضمرة عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب فقال: اضربوه, قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه, فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا, لا تعينوا عليه الشيطان ).

حدثنا محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يحيى بن أيوب و حيوة بن شريح و ابن لهيعة عن ابن الهاد بإسناده ومعناه، قال فيه بعد الضرب: ( ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: بكتوه, فأقبلوا عليه يقولون: ما اتقيت الله؟ ما خشيت الله؟ وما استحييت من رسول الله؟ صلى الله عليه وسلم, ثم أرسلوه، وقال في آخره: ولكن قولوا: اللهم اغفر له, اللهم ارحمه, وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها ).

حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام، ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن هشام المعنى عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال, وجلد أبو بكر رضي الله عنه أربعين, فلما ولي عمر دعا الناس فقال لهم: إن الناس قد دنوا من الريف, وقال مسدد: من القرى والريف فما ترون في حد الخمر؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: نرى أن تجعله كأخف الحدود, فجلد فيه ثمانين ).

قال أبو داود: رواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه جلد بالجريد والنعال أربعين ), ورواه شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ضرب بجريدتين نحو الأربعين ).

حدثنا مسدد بن مسرهد وموسى بن إسماعيل المعنى قالا: حدثنا عبد العزيز بن المختار قال: حدثنا عبد الله الداناج قال: حدثني حضين بن المنذر الرقاشي هو: أبو ساسان قال: ( شهدت عثمان بن عفان, وأتي بـالوليد بن عقبة فشهد عليه حمران ورجل آخر, فشهد أحدهما أنه رآه شربها يعني: الخمر, وشهد الآخر أنه رآه يتقيؤها, فقال عثمان: إنه لم يتقيأها حتى شربها, فقال لـعلي: أقم عليه الحد, فقال علي للحسن: أقم عليه الحد, فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها, فقال علي لـعبد الله بن جعفر: أقم عليه الحد, قال: فأخذ السوط فجلده وعلي يعد, فلما بلغ أربعين قال: حسبك, جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين, أحسبه قال: وجلد أبو بكر أربعين و عمر ثمانين, وكل سنة وهذا أحب إلي ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن الداناج عن حضين بن المنذر عن علي قال: ( جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر و أبو بكر أربعين, وكملها عمر ثمانين, وكلٌ سنة ).

قال أبو داود: وقال الأصمعي: ول حارها من تولى قارها: ول شديدها من تولى هينها.

قال أبو داود: هذا كان سيد قومه حضين بن المنذر أبو ساسان].

باب إذا تتابع في شرب الخمر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان عن عاصم عن أبي صالح ذكوان عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا شربوا الخمر فاجلدوهم, ثم إن شربوا فاجلدوهم, ثم إن شربوا فاجلدوهم, ثم إن شربوا فاقتلوهم ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن حميد بن يزيد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بهذا المعنى قال: ( وأحسبه قال في الخامسة: إن شربها فاقتلوه ).

قال أبو داود: وكذا في حديث أبي غطيف في الخامسة.

حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال: حدثنا يزيد بن هارون الواسطي قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه, ثم إن سكر فاجلدوه, فإن عاد الرابعة فاقتلوه ).

قال أبو داود: وكذا حديث عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه ).

قال أبو داود: وكذا حديث سهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن شربوا الرابعة فاقتلوهم ), وكذا حديث ابن أبي نعم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم, وكذا حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم، و الشريد عن النبي صلى الله عليه وسلم, وفي حديث الجدلي عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه ).

حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: حدثنا سفيان قال الزهري: أخبرنا عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من شرب الخمر فاجلدوه, فإن عاد فاجلدوه, فإن عاد فاجلدوه, فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه, فأتي برجل قد شرب فجلده, ثم أتي به فجلده, ثم أتي به فجلده, ثم أتي به فجلده, ورفع القتل فكانت رخصة ), قال سفيان: حدث الزهري بهذا الحديث وعنده منصور بن المعتمر ومخول بن راشد فقال لهما: كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث.

قال أبو داود: روى هذا الحديث الشريد بن سويد وشرحبيل بن أوس وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وأبو غطيف الكندي وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنهم.

حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال: حدثنا شريك عن أبي حصين عن عمير بن سعيد عن علي رضي الله عنه قال: ( لا أدي أو ما كنت لأدي من أقمت عليه حداً إلا شارب الخمر, فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسن فيه شيئاً إنما هو شيء قلناه نحن ).

حدثنا سليمان بن داود المهري المصري ابن أخي رشدين بن سعد قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرنا أسامة بن زيد أن ابن شهاب حدثه عن عبد الرحمن بن أزهر قال: ( كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن وهو في الرحال يلتمس رحل خالد بن الوليد, فبينما هو كذلك إذ أتي برجل قد شرب الخمر فقال للناس: اضربوه, فمنهم من ضربه بالنعال, ومنهم من ضربه بالعصا, ومنهم من ضربه بالمتيخة, قال ابن وهب: الجريدة الرطبة, ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم تراباً من الأرض فرمى به في وجهه ).

حدثنا ابن السرح قال: وجدت في كتاب خالي عبد الرحمن بن عبد الحميد عن عقيل أن ابن شهاب أخبره أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر أخبره عن أبيه قال: ( أتي النبي صلى الله عليه وسلم بشارب وهو بحنين, فحثى في وجهه التراب ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم وما كان في أيديهم, حتى قال لهم: ارفعوا فرفعوا, فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جلد أبو بكر في الخمر أربعين, ثم جلد عمر أربعين صدراً من إمارته, ثم جلد ثمانين في آخر خلافته, ثم جلد عثمان الحدين كليهما ثمانين وأربعين، ثم أثبت معاوية الحد ثمانين ).

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا أسامة بن زيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن أزهر قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة الفتح وأنا غلام شاب يتخلل الناس, يسأل عن منزل خالد بن الوليد فأتي بشارب, فأمرهم فضربوه بما في أيديهم, فمنهم من ضربه بالسوط, ومنهم من ضربه بعصا, ومنهم من ضربه بنعله, وحثى رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب, فلما كان أبو بكر أتي بشارب فسألهم عن ضرب النبي صلى الله عليه وسلم الذي ضربه فحزروه أربعين, فضرب أبو بكر أربعين, فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد: إن الناس قد انهمكوا في الشرب وتحاقروا الحد والعقوبة, قال: هم عندك فسلهم, وعنده المهاجرون الأولون, فسألهم فأجمعوا على أن يضرب ثمانين, قال: وقال علي: إن الرجل إذا شرب افترى، فأرى أن يجعله كحد الفرية ).

قال أبو داود: أدخل عقيل بن خالد بين الزهري وبين ابن الأزهر في هذا الحديث عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر عن أبيه].

باب في إقامة الحد في المسجد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا صدقة يعني: ابن خالد قال: حدثنا الشعيثي عن زفر بن وثيمة عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقاد في المسجد, وأن تنشد فيه الأشعار, وأن تقام فيه الحدود ) ].

زفر فيه جهالة ولم يسمع من حكيم بن حزام, والحديث ضعيف.

باب في التعزير

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي بردة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله عز وجل ).

حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو أن بكير بن الأشج حدثه عن سليمان بن يسار قال: حدثني عبد الرحمن بن جابر أن أباه سمع أبا بردة الأنصاري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر معناه].

باب ضرب الوجه في الحد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو كامل قال: حدثنا أبو عوانة عن عمر يعني: ابن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه )].

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كتاب الحدود للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

https://audio.islamweb.net