إسلام ويب

لقد تكاثرت نكبات الأمة، وتوالت عليها الأحداث والغِيَر، وتنوعت فيها الجراح، ولا تزال الأمة تبتلى بأحداث وقضايا، من فلسطين الكريمة وأقصانا المعظم.. إلى إندونيسيا الجريحة، الجرح الجديد في الأمة. في هذه المادة يتحدث الشيخ عن تاريخ الإسلام وإشراقه في إندونيسيا، وأطماع المستعمرين، ومقاومة المسلمين لهم، مركزاً على الجرائم الصليبية البشعة ضد المسلمين في (مالوكو) وأبعاد مخططاتها، والموقف المخزي لعالمنا الإسلامي، ذاكراً في الختام واجبنا نحو هذه المأساة!!

الأحداث وأخذ العبر

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

ففي مرور الأيام وتعاقب الأعوام وتراكم الأحداث؛ يزداد سجل التاريخ صفحة بعد صفحة، وفي مثل هذا يحسن التأمل ويلزم التدبُّر!

هل انجلت غواشي الغفلة عن العيون الساهرة؟!

هل اجتمعت القلوب المتنافرة؟!

هل ملَّت النفوسُ الحديثَ عن الآمال والبشائر؟!

لقد تكاثرت نكبات الأمة، وتوالت عليها الأحداث والغِيَرَ، وتفتقت فيها الجروح، ولَعَمْرُ الحقِّ إن هذا لمظهر من مظاهر الهوان في كثير من أجزائها وأرجائها، ولا تزال الأمة تُبْتَلى بأحداث وقضايا حتى يُنسِي آخرُها أولَها، ويُغطي حديثُها على قديمها.

فمن فلسطين الكريمة، ومن أقصانا المعظم، إلى إندونيسيا الجريحة؛ الجرحُ الجديد في الأمة.

تاريخ الإسلام في إندونيسيا وبداية الاستعمار

أمة الإسلام! لقد أشرقت شمس الإسلام في إندونيسيا في القرن السادس الهجري، وكان ذلك في جزيرة سومطرة ، ثم بدأ الإسلام ينتشر في باقي الجزر، وقامت ممالك إسلامية، حتى توغَّل الإسلام وانتشر بصورة واسعة في بداية القرن الخامس عشر الميلادي.

والمتأمل في تاريخ إندونيسيا الجريحة يجد العجب العُجاب؛ إذْ أنه يلحظ كثيراً ما يكون قد استعمر إندونيسيا قوتان؛ بل ثلاث من قوى الاستعمار في وقت واحد، وتاريخ المستعمر مليء بالفضائح والجرائم في حق المسلمين، وإذا اجتمعت الذئاب على الفريسة فلا بد من تقاسُمِها.

تفرق شملهم إلا علينا>>>>>فصرنا كالفريسة للذئابِ

وهذه فرصة المستعمر؛ لأن الفريسة تقع في أقصى الشرق الإسلامي، والمسلمون في سباتهم نائمون، ولا عجب إنْ جاء المستعمر تغذوه الروحُ الصليبية، والحقدُ على المسلمين، واستغلالُ ثروات البلاد من المعادن والأخشاب والتوابل وغيرها، ونشرُ الديانة النصرانية بكل ما أوتوا من حيل شيطانية.

وباستطاعة كل زائر إلى إندونيسيا المسلمة، وخاصة المناطق النشطة في التنصير، أن يرى آثار الاستعمار، فهاهي المنظمات والكنائس والإرساليات تدس السم في العسل، وتسقيه الناس بدعوتهم إلى النصرانية، فهم بذلك قد جعلوا لهم أوصياء يقومون بالدور المنوط بهم خير قيام، ومرجعهم في ذلك اتحاد الكنائس العالمي، بل إنها إلى يومنا هذا تتابع أعمالها في إندونيسيا وتمدهم بكل احتياجاتهم عبر أكثر من خمسين مطاراً في إندونيسيا .

مقاومة الإندونيسيين للاستعمار

لقد كانت تلك الفترة على هذا الجسد من الأمة أطول فترات الاستعمار، حيث ظل الشعب يقاوم ويجاهد أكثر من أربعة قرون، اشترك خلال هذه الحروب الرجال من شباب وشيوخ، والنساء، والأطفال، حتى امتلأت القبور بالشهداء، والسجون بالمجاهدين والدعاة.

لم يهدأ الإندونيسيون سنة واحدة خلال هذا العهد الطويل، ولم يستميلوا إلى ضيم، ولم يستريحوا إلى مذلة، بل كانوا يهبُّون أبداً ثائرين في وجه الغاصب، مدافعين عن حريتهم، مجاهدين في سبيل ربهم ودينهم؛ ولكنها كانت ثورات فردية، كل يثور لوحده، ويقاتل لوحده، والآخرون ينظرون، ولو ثاروا جميعاً وقاتلوا جميعاً كما فعلوا أخيراً لتم لهم هذا الظفَر بالاستقلال من عهد بعيد.

وإليكم حادثة واحدة فقط تحكي حجم المقاومة، إنها حادثة المطار:

حيث سيطر فيها المجاهدون على مطارٍ كامل، فيه الجند والمدافع والرشاشات، وما معهم هم إلا هذه الحراب المقطوعة من قصب الغاب؛ فعمدوا إلى مكبرات الصوت، فأنذروا فيها جندَ المطار من كل جانب، واستمروا في ذلك ليلة كاملة، حتى أَرهقوا أعصاب الجند، ثم هجموا في الظلمة صفوفاً من الناس وراء صفوف، وكلما سقط صف حل محله أخوه، لا يبالون النار ولا البارود، حتى احتلوه وأسرُوا كل من كان فيه، وملكوا عتاده .. لقد كانت هذه الحراب هي سلاحهم، أما البنادق فكانت قليلة، وكانت تكلفهم ثمناً غالياً، كانت كل بندقية تكلف حياة مجاهد ينتزعها من كافر، فيموت في سبيلها، حتى يوصلها إلى يدٍ مسلمة أخرى تدافع بها عن الحق.

التكالب الصليبي ضد الإسلام في إندونيسيا

واليوم يقود هذا الاستعمار الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا مجتمعة مع الفاتيكان ، وتسخير الأمم المتحدة من أجل تنصير وتمزيق الجسد الإسلامي في إندونيسيا .

إن إخواننا المسلمين هناك يخوضون حرباً شرسة مع ذئاب النصارى الذين يدعمهم الغرب الكافر بالنواحي السياسية والمعنوية والمادية، وبكل حيلة شيطانية ليفتنوهم عن دينهم، وهذا مصداق قول الله تعالى: وَدَّ كَثِيْرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّوْنَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيْمَانِكُمْ كُفَّارَاً حَسَدَاً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ [البقرة:109].

وفي المقابل يستصرخ بنا المسلمون؛ يطلبون مدَّ يد العون؛ ولكن:

رُبَّ وا معتصماه انطلقتْ>>>>>ملء أفواه الصبايا اليُتَّمِ

لامست أسماعَهم لكنها>>>>>لم تلامس نخوةَ المعتصمِ

أبعاد المخطط الصليبي ضد المسلمين بإندونيسيا

إن شعب إندونيسيا يواجه حرباً خطرة تهدف إلى تدمير جيله أولاً، وتهدف ثانياً إلى زعزعة سيطرته الكاملة على دولة هي أكثر دول الإسلام من حيث عدد السكان، والذي عَلِمَ النصارى أنه بمنأىً عن العالم الإسلامي، فركزوا دعاياتهم على أطرافه لتقطيع أوصاله، حيث عَلِموا أن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، وصدق الله إذ يقول: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [البقرة:120].

إن جميع الوثائق التي بثتها مؤتمرات التنصير قد رشحت إندونيسيا لأن تكون أول دولة إسلامية تتحول إلى النصرانية، بل إنهم قد حددوا عام: (2000م) لتحقيق هذا الحلم المحموم.

فلما جاءت سنة (2000م) ولم تزدد إندونيسيا إلا ارتباطاً بالإسلام والمسلمين؛ جُنَّ جنون عصبة القساوسة والمنصِّرين في الدول الغربية، وقد بدا ذلك واضحاً على رئيس أمريكا وتهديداته، والفاتيكان ومؤامراته، ودول أوروبا مجتمعة لفصل تيمور الشرقية بالقوة، فذهبت سبع دول من الأمم المتحدة لتقف بجانب هذه الدول الغربية، وانتهت مشكلتها في سبعة أيام، لا لشيء إلا لأنه شعب نصراني، أو قُلْ: شعب نُصِّر، فقد كان قبل أقل من قرن من شعوب المسلمين، ولم يقُلْ أحد: إنه شأن داخلي إندونيسي.

أيها الإخوة في الله: إن المتابع لأعمال التنصير هناك يجد لأهله شوكة قوية، وبرامج نشطة، فانتشرت مؤسساتهم ومدارسهم ومستشفياتهم وملاجئهم وكنائسهم، ونقلاً عن مصادر قديمة فقد أنشئوا أكثر من (8000) كنيسة، و(50) مطاراً، وعندهم (3500) قسيس، و(8000) مُنَصِّر، ويسيطرون على وسائل الإعلام.

موقف الحكومة العلمانية من الأطماع الصليبية

لقد تبين من سياسة الحكومة الإندونيسية أنها تقوم على عدم التمييز بين الإسلام وغيره من الديانات، ومن ذلك:

منحُ إجازة رسمية للبوذيين والهندوسيين في أعيادهم على ندرتهم جداً في إندونيسيا.

وأما أعياد النصارى فتُدَقُّ لها الطبول، وتتوقف من أجلها الأعمال، وتتم الدعاية الصاخبة لها في كافة القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة، حتى يظن الجاهل أن البلاد كلها من النصارى، ناهيك عن الأمور المالية، وكيف تؤخذ من المسلمين وتقسَّم على مصالح النصارى والوثنيين، وما خفي أعظم!

وإذا علمنا أن عدد السكان قد تجاوز المائتي مليون؛ منهم حوالي عشرون مليوناً أهل ديانات غير إسلامية، فتكون نسبة النصارى إلى المسلمين أقل من الواحد إلى العشرة، بينما مساعداتهم المالية وميزانياتهم من الحكومة لبناء دور العبادة، وللطباعة والنشر وغير ذلك، تصل إلى (40 %) من جملة المساعدات الحكومية. والمتأمل يعلم غبن ذلك.

انظر كيف يُكال بمكيالين، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل!

تبكي الحنيفيةُ السمحاءُ مِن أسفٍ>>>>>كما بكى لفراق الإِلْف هيمانُ

على ديار من الإسلام خاليةٍ>>>>>قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ

حيث المساجد قد صارت كنائس مـا>>>>>فيهن إلا نواقيسٌ وصلبانُ

حتى المحاريب تبكي وهي جامدةٌ>>>>>حتى المنابر تَرْثِي وهي عيدانُ

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم>>>>>قتلى وأسرى فما يهتز إنسانُ

لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ>>>>>إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

المؤامرات ضد المسلمين في مالوكو

ما زال جرح تيمور الغائر ينزف دماً من الجسد المنهَك، حتى أصيب هذا الجسد بسهام أخرى أشد حقداً وضراوة، مصوبة نحو جزر مالوكو، والتي تسمى بـجزر الملوك.

لقد تظاهر مئات الطلبة المسلمين من أبناء مالوكو ينددون بتقسيم مالوكو، كما أحرقوا مرة أخرى عَلَم ما يسمى بـمالوكو الجنوبية، ورفعوا لافتات تندد بالتدخل الأجنبي.

وصرح أحد ممثلي المنظمة المالوكية المسلمة للصحفيين أن قضية مالوكو أصبحت قضية دولية بسبب جماعة اللوبي النصرانية، التي زُجَّ بها من قبل الأمم المتحدة، وأمريكا، وهولندا، وأستراليا، وبقية الدول الأوروبية، للمسارعة إلى التدخل في قضية مالوكو، وقال: إن اللوبي المسيحي مشحون بالعنصرية، ويشوِّه الحقائق المتعلقة بالقضية منذ بدايتها إلى هذه الساعة. ثم قال: إنهم يهدفون إلى استقدام القوات الأجنبية إلى أرض مالوكو.

وفي المقابل لا تزال المظاهرات والاحتجاجات تقام في بعض المدن الأوربية من قِبَل النصارى، من أجل محاولة إثارة الرأي العام الغربي، والتعريف بالقضية في مالوكو ، ورِبح المعركة الإعلامية لصالح النصارى من أجل التدخل الميداني في مالوكو ، والمبادرة بالقضاء على المسلمين، وقد لعبت هذه المظاهرات والتصريحات دوراً هاماً في إثارة الرأي الدولي لصالح النصارى، للضغط على الحكومة الإندونيسية بالتدخل العسكري، أو على الأقل السماح لقوات حفظ السلام بالتدخل.

وهذا ما ظهر جلياً في اللقاء الذي جمع أولبرايت الأمريكية بالوزير الإندونيسي في بانكوك عاصمة تايلاند، معربة عن قلقها إزاء تطور الوضع في مالوكو، وكذلك ما ظهر أيضاً في المكالمة الهاتفية بين الأمين العام لـهيئة الأمم المتحدة والرئيس الإندونيسي عبد الرحمن وحيد .

وتقول التقريرات: إن نشاطات هامة تجري حالياً في بعـض العواصم الأوروبيـة من قبل النصـارى، وجمعية الـ(r.m.s) النصرانية .

ولكن يا ترى ما دورنا نحن تجاه الأحداث؟!

فالغرب يتحرك بكل ثقله وجهوده، ونحن ماذا فعلنا؟! وماذا صنعنا؟!

هل أقضَّت مضاجعَنا هذه الأحداث؟!

هل أسهرت ليلَنا؟!

هل أرَّقتنا أحوالُ المسلمين؟!

فإنا لله وإنا إليه راجعون!

الجرائم الصليبية البشعة ضد المسلمين في مالوكو

أيها الإخوة في الله: إنها مأساة جديدة تحدث في جسد الأمة -إي وربي- مأساة عظيمة تحدث في جزر مالوكو في إندونيسيا .

لقد قامت المجموعات الصليبية بتحريض من الرهبان في الكنائس بالهجوم على المسلمين في مالوكو وقتلهم، وإحراق بيوتهم، وهدم مساجدهم، ويُذكر أن ضحايا النزاعات الدامية في هذه الجزر منذ شهر يناير من عام: (1999م) لا تقل عن (6000) مسلم، حتى شهر يونيو من عام: (2000م).

واليوم هجمات النصارى تمتد وتتوسع ضد المسلمين، والحالة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم؛ فالنساء يُغتَصبن علناً في الشوارع، والأطفال يُقتلون ويُذبحون.

إنهم يعذِّبون المسلم بأبشع الطرق، فيقطعون أعضاءه عضواً عضواً حتى الموت، لقد رأيتُ ذلك من خلال الأفلام الوثائقية والتي يعجز أبلغ البلغاء أن يصف بشاعة الجريمة، ويعجز البيان أن يصف هول الكارثة، وتعجز الكلمات أن تجسِّد ضخامة الفاجعة.

آهٍ ثم آهٍ! لو رأيتم الأشلاء المتناثرة، والأعضاء المتفرقة، والأجساد المحترقة، والرءوس المقطعة، والأيدي المكسرة، والجثث الممزقة، والأبدان المشوَّهة!!

لقد أصبح منظراً عادياً أن ترى جثة مسلم محترقة، أو رأس امرأة أو عضواً منها في كومة، أو تراها جارية في الوديان، أو مع القاذورات والنفايات.

لقد بلغ الحقد منتهاه، حتى وصل بهم الأمر إلى تمزيقِ الأجساد المسلمة وتقطيعِها، والأكلِ منها، إي وربي والأكلِ منها!!

وقف الصليب على الطريق فلا تسـلْ>>>>>عمَّا جناه القتلُ والإحراقُ

وحشيةٌ يقف الخيال أمامهـا>>>>>متضائلاً وتَمُجُّها الأذواقُ

وفي حادثة مضت قام النصارى فيها بإحراق مسجد لجأ فيه النساء والأطفال.

يقول أحد الناجين من هذه المجزرة:

في حوالي الساعة التاسعة صباحاً هجم النصارى علينا، فلجأنا إلى مسجد الإخلاص، فحاصَرَنا النصارى، وهاجمونا أولاً بالقنابل اليدوية، بعد ذلك بدءوا برمي الرماح والسهام، وتلك الرماح والسهام كانت ملطخة بدماء الخنازير، وبعضهم بدءوا برجم المسلمين بالحجارة، حتى تحطم زجاج المسجد وأبوابه، ومعظمنا من النساء والأطفال.

وأخيراً: بعد حوالي ساعة من الهجوم قرروا اقتحام المسجد، ففرَّ منا مَن فَرَّ، وقتلوا حوالي (600) مسلم بطريقة بشعة جداً ومحزنة، وفي ذلك الهجوم رأيتُ بعيني كيف كانوا يعرُّون النساء المسلمات بقوة وخزي، ويأمرونهن بخلع ثيابهن رغم بكائهن وصراخهن، إلا أن النصارى اغتصبوا الكثيرات داخل المسجد وفي الطرقات، وبعد ذلك حملوهن وبعضَ الأطفال في شاحنات، ولا أدري إلى أين أخذوهم.

وأيُّ مسلمة لا تريد الاستجابة لمطالبهم يكون مصيرها التمزيق وتقطيع أعضائها وهي حية! فقد رأيتُ كيف اجتمعوا على جثة ومزَّقوها، وقطَّعوها كما يقطَّع الثعبان!

وإحدى المسلمات قطَّعوا أعضاءها، ثم شنقوها، وأحرقوها وهي لا تزال حية!

وفي حوالي الساعة الواحدة ظهراً بدءوا بإضرام النيران في كامل أنحاء المسجد الخشبي، فاحترق أكثر من (600) مسلم ومسلمة، فمن لم يمت بالقتل والذبح مات بالحرق.

إلى آخر كلامه.

ويقول آخر: لقد أخذوا مسلمة، ثم علقوها بواسطة شعرها على شجرة، ثم قطعوا جسدها قطعة قطعة وهي حية، حتى لقيت ربها.

إي وربي! إنها الأحقاد الصليبية! إنها الأحقاد الصليبية! إنها الأحقاد الصليبية! لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ [التوبة:10].

موقف العالم الإسلامي تجاه إخوانهم في مالوكو

لا بد أن تعلم الأمة أن حقوق المسلم أكبر بكثير مما يظنه البعض.

فاستمع إلى ما يقوله علماء الإسلام: لو أنفقت الدولة خزينتها على فداء أسرى المسلمين من الكفار ما كان هذا كثيراً.

وعندما رجع المنصور بن أبي عامر من إحدى غزواته في شمال الأندلس، قابلته امرأة مسلمة على أبواب قرطبة وقالت له: إن ابني أسير عند النصارى، ويجب عليك أن تفديه أو تأتي به، فلم يدخل المنصور قرطبة بل رجع بجيشه حتى فك هذا الأسير.

فكيف بشعب مسلم تُسفَك دماؤهم، وتُنتَهك أعراضُهم، ويُشرَّدون من ديارهم! والأمة المسلمة لا تفزع لهم، ولا تنادي بأعلى صوتها على المفسدين الطغاة أن يكفوا أيديهم!!

فمَن ينتصر للإسلام في إندونيسيا ؟! مَن ينتصر للإسلام في إندونيسيا؟!

مَن ينتصر لليتامي؟!

مَن ينتصر للثكالى؟!

مَن ينتصر للأرامل؟!

مَن ينتصر للأطفال؟!

مَن ينتصر للعجائز؟!

آهٍ ثم آهٍ! من مراراتٍ في القلوب! وكمدٍ في النفوس! جمدت العبرات في العيون! وتوقفت الآهات في الصدور! شحت الكلمات أن تُخْرِج الزفرات، أو أنين الحسرات!

عجباً لـقلبكَ كيف لا يتفطرُ>>>>>وأسودُ حزنك في فؤادك تزأرُ!

عجباً لعينكَ كيف لا تبكي دماً>>>>>والحق يُسلبُ والكرامة تُهدَرُ!

أيها الإخوة في الله: لا تزال الحكومة الإندونيسية عاجزة عن اتخاذ موقف لإيقاف المذابح والمجازر، بل ما زالت موجهةً أصابع الاتهام نحو المسلمين.. فلا حول ولا قوة إلا بالله!

ولقد أثبتت كل الدلائل والملاحظات تورُّط أطراف أجنبية، ومؤامرات مدبَّرة من خارج إندونيسيا، ومنها منظمة الـ(r.m.s) المسئولة حالياً عن الحرب والمجازر ضد المسلمين، وقد اعترف صراحة رئيس هذه الحركة بالدعم الذي توفره الحركة للنصارى في هذه الحرب، وقد كشفت التقريرات عن كميات معتبرة من الأسلحة تم تهريبها إلى مالوكو عبر الكنائس، في وقت يجهل المسلمون أحوال إخوانهم، ولا يعرفون من شأنهم إلا النزر القليل، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وحسبنا الله ونعم الوكيل!

إن أمة الإسلام لا بواكي لها، ولا منبراً للسيف أو للقلم.

إن هذه الأجساد التي تُقطَّع لحومُها، وتُنهَش بطونُها، وتُفصَل الرءوس عن الأجساد، هي أجساد إخوانكم في العقيدة، الذين لا ذنب لهم إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:8].

هذه دماؤكم، ولحومُكم، وأعراضُكم، جزءٌ من الجسد الإسلامي الواحد، فهل يتداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر؟!

مَن يغار لحرمات الله في إندونيسيا ؟! مَن يغار لحرمات الله في إندونيسيا؟!

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم.

واجبنا تجاه إخواننا في إندونيسيا

الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، وصلى الله على النبي المصطفى، والهادي المجتبى.

أما بعد:

فبعد هذا العرض الموجز عن أكبر دولة إسلامية من حيث السكان، فإنه من الواجب علينا تجاه إخواننا المسلمين هناك عدة أمور:

من أهمها: أن نوجه رسالةً إليهم من هنا، من بلاد الحرمين ، ومن على منبر محمد صلى الله عليه وسلم، ولعلها تصل من خلال الشريط الإسلامي أو عبر الإنترنت؛ رسالةً نقول فيها:

لا تنسوا أيها الأبطال الأشاوس في خضم الأحداث والمجازر التي يرتكبها عُبَّاد الصليب، أنه لا يجوز في الإسلام أبداً ترويع الآمنين، ولا قتل غير المحاربين من النساء والأطفال والشيوخ، أو إحراق المنازل، ونهب الممتلكات.

لما بعث أبو بكر رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان إلى الشام كان من وصاياه له:

[لا تقتلوا كبيراً هرماً، ولا امرأةً ولا وليداً، ولا تخرِّبوا عمراناً، ولا تقطعوا شجرة إلا لنفع، ولا تعقِرَنَّ بهيمة إلا لنفع، ولا تَحْرِقَنَّ نخلاً ولا تُغْرِقَنَّه، ولا تغدر، ولا تمثِّل، ولا تجبُن، ولا تغلل، ولينصرن الله من ينصره ورسله بالغيب إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحديد:25]].

أيها الإخوة في الله: إن إخوانكم هناك بحاجة إلى العون المادي لإطعام الجائعين، حتى لا يتم تنصيرهم بحفنات من الأرز يقدمها المنصِّرون، ومن المعلوم أن ما يفيض عند بعض المسلمين من موائدهم اليومية لتسدُّ رمق الكثير من الأسر الإندونيسية، وهم بحاجة إلى تقديم المساعدات الطبية والإغاثية، والمستشفيات هناك تمور بالجرحى والمستضعفين، وما بها من دواء أو غطاء.

إنهم بحاجة إلى مساعدتكم في إعادة بناء مساكنهم، وبناء المدارس الإسلامية، ورعاية الأرامل والأيتام، وإعادة ورعاية المهاجرين من منازلهم، إنهم بحاجة إلى إرشادهم وتبصيرهم بأمور دينهم، فهم بأمسِّ الحاجة إلى ذلك.

ومن خلال التقارير المكتوبة يطالب الكثير من أصحاب القرى بإرسال الدعاة والموجهين، ولا يسألون مالاً ولا طعاماً، مع حاجتهم الشديدة إلى ذلك.

إنهم بحاجة إلى تدريب وتسليح المسلمين الذين بلغ تعداد مَن هبَّ منهم للجهاد في سبيل الله تعالى أكثر من (14.000) مقاتل، حتى يدافعوا عن دينهم وأعراضهم وأموالهم، ويدرءوا هذا العدو الصائل عنهم، يقول الله تعالى: انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة:41].

لقد رأيتُهم من خلال الأفلام وما معهم إلا السلاح الأبيض، ويتدربون بالأخشاب!

فمَن يدعمهم بماله؟!

مَن يجهِّز هذا الجيش؟!

مَن يعدُّ عُدَّته؟!

إنهم يقولون: إن أعدادنا كافية؛ ولكن أيدينا خاوية.

ألا إنها دعوة لأن نقف معهم صفاً واحداً فنرفع أيدي الضراعة بين يدي الله؛ لندعو لهم بدعوة صادقة، وبالنصر والتمكين، فقد اشتد الأمر، وبلغت القلوب الحناجر.

ألا إنها دعوة لأن نقف معهم بأموالنا، فهم بأمسِّ الحاجة إلى العتاد، والطعام، والأدوات الطبية، والسيارات، وغيرها.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مَن عَجِز عن الجهاد ببدنه، وقدر على الجهاد بِماله؛ وجب عليه الجهاد بِماله.

فإلى أولئك الذين يريدون أن يعيشوا بأموالهم في ترفُّهٍ ودَعَةٍ، وإخوانُهم يعيشون تحت وطأة النصارى الأشرار!

فكم من جريح يتألم ولا يجد العلاج؟!

وكم من يتيم جائع لم يجد اليد الحانية للمسح على رأسه وإطعامه؟!

وكم من امرأة مات زوجها؟!

وكم من مجاهد لم يجد سلاحاً يقاتل به؟!

فأي الفريقين أشد حاجة، وأيهما أولى بالإنفاق؟!

قال صلى الله عليه وسلم: (مَن لم يغزُ أو يُجهِّز غازياً، أو يخلُف غازياً في أهله بخير؛ أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة) رواه أبو داود.

وعن زيد بن خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن جهَّز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومَن خلَف غازياً في أهله بخير فقد غزا) رواه البخاري ومسلم.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق في سبيل الله، فوافق ذلك مالٌ عندي، فقلتُ في نفسي: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقتُه يوماً، فجئتُ بنصف مالي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيتَ لأهلك؟ قلتُ: مثله يا رسول الله، قال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟ قال: أبقيتُ لهم الله ورسوله، فقلتُ: لا أسابقك في شيء أبداًَ) رواه أبو داود و الترمذي .

ألا إنها دعوة لأن نعيش مع القضية؛ وذلك بنشر قضيتهم، والتواصي في العناية بهم، ودعوة الناس إلى الإنفاق لهم، يقول الله تعالى: وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ [الأنفال:72].

لا إله إلا الله، لا إله إلا الله الواحد الأحد، لا إله إلا الله الصمد، لا إله إلا الله الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم!

لا إله إلا الله العزيز الجبار، لا إله إلا الله الواحد القهار!

اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اللهم اهزم النصارى، اللهم اهزم النصارى الظالمين، وانصر إخواننا المجاهدين في إندونيسيا وفي كل مكان، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في إندونيسيا ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في إندونيسيا .

اللهم إنهم ضعفاء فقوِّهم، ومساكين فارحمهم، وجياع فأشبعهم، وعراة فاكسُهم، وحفاة فاحملهم.

اللهم اجمع شملهم على الحق.

اللهم فقِّهُّم في الدين، اللهم فقِّهُّم في الدين.

اللهم عليك بالنصارى الظالمين، اللهم عليك بالنصارى الظالمين، اللهم فرق جمعهم، وشتت شملهم، وخالف بين كلمتهم، واجعل الدائرة عليهم.

اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم اجعلهم غنيمة للإسلام والمسلمين، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم، واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم.

اللهم اجعل أسلحتهم على المسلمين برداً وسلاماً، واجعل أسلحة المجاهدين عليهم ناراً وبركاناً.

اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.

اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين ، وانصرهم في الشيشان ، وفي كشمير ، وفي الفلبين ، يا رب العالمين!

اللهم عجِّل لهم بالنصر والتمكين، اللهم عجِّل لهم بالنصر والتمكين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا ودعاءنا يا رب العالمين، اللهم آمِنَّا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، اللهم أصلح الأئمة وولاة الأمور، يا عزيز يا غفور.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , إندونيسيا وطعنة الصليب للشيخ : محمد عبد الله الهبدان

https://audio.islamweb.net