إسلام ويب

من الأمور التي تميز شرع الخالق سبحانه على شرع المخلوق: أن شرع الله تعالى فيه الهدى والنور في الدنيا والآخرة، والأخذ به فيه الخير والبركة وحصول النعم المتزايدة، كما أن شرع الله ودينه هو أعظم نعمة ورحمة امتن الله بها على عباده، وهو أحسن الحديث وأبلغ الكلام وأفصحه، الذي لا تناقض فيه ولا تضارب ولا تضاد بأي وجه من الوجوه.

تابع الفروق بين شرع الخالق والمخلوق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الصادقين المفلحين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين. اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.

سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

إخوتي الكرام! انتهينا من مدارسة منزلة علم الفقه في شريعة الله المطهرة، وشرعنا في مدارسة مبحث عظيم، سوف نختم به الكلام على منزلة علم الفقه في شريعتنا المطهرة، هذا المبحث -إخوتي الكرام- هو استعراض الفروق بين شرع الخالق وشرع المخلوق، والأمر في منتهى الظهور والوضوح، ومن أراد أن يتلمس الفروق بين شرع الخالق وشرع المخلوق، كمن أراد أن يبحث عن الفروق بين الطاهر والنجس، وبين المعدوم والموجود، وبين الحق والباطل، وبين النور والظلام، فالأمر في منتهى الوضوح.

ولذلك -إخوتي الكرام- ما أذكره هو من باب المزايا التي في شريعة ربنا جل وعلا، وتحتم علينا أن نلتزم بذلك، ومن أعرض عن ذلك فقد سفه نفسه وكفر بالله جل وعلا.

وقد ذكرنا ثلاثة فروق:

أولها: أن شرع الله جل وعلا مستمد من خالقنا، من ربنا، من سيدنا، من مالكنا، وقلت: هذا وضع الأمر في موضعه، ووضع الشيء في نصابه، أن يأخذ المخلوق بشرع خالقه، وألا يعبد بعضهم بعضاً من دون الله جل وعلا.

الأمر الثاني: قلت: أن شرع الله جل وعلا صاحبه علم كامل، كيف لا وهو شرع مَن هو بكل شيء عليم.

والأمر الثالث: صاحبه أيضاً حكمة تامة وضعت الأمور في مواضعها، فهو تنزيل من حكيم حميد.

هذه الأمور الثلاثة مر الكلام عليها، ووقفنا عند الفرق الرابع من الفروق التي سنتدارسها، وهي خمسة عشر فرقاً.

شرع الخالق فيه الهدى والنور

أول الأمور التي سنتدارسها اليوم هو: الفرق الرابع بين شرع الخالق وشرع المخلوق: شرع الخالق فيه هدى ونور، وإرشاد العباد إلى أقوم الأمور، والهداية تقدم معنا بيانها عند تفسير قول ربنا: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] وقلت: هي الدلالة برفق وسهولة ويسر، وشريعة الله جل وعلا حوت هذا المعنى، فقد دلتنا إلى ما يسعدنا في دنيانا وآخرتنا، برفق ولطف ويسر وسهولة، حسب ما يتناسب مع فطرتنا التي فطرنا عليها ربنا سبحانه وتعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]، وكل شرع يمشي عليه الإنسان في هذه الحياة يتصادم مع فطرته، ولا يحصل منه إلا الشقاء العاجل، مع العذاب الآجل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124].

إذاً: في شريعة الله الهدى والنور، وإرشاد العباد لأقوم الأمور، وتقدم معنا مراراً: أن شرع الله لعقولنا كالشمس لأعيننا، وأن شرع الله لحياتنا كالماء للسمك، فكما أن السمك لا يحيا بدون الماء، فهذه البشرية لا يمكن أن تسعد في هذه الحياة بدون الشريعة الغراء التي أنزلها الله على نبيه خاتم الأنبياء، على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.

وهذا المعنى أشار الله إليه في آيات كثيرة، ولكن كما قلت في الموعظة الماضية: أن هذه الأمور تحتاج إلى شيء من الإيجاز فيها لننتهي منها، ونشرع في مدارسة مباحث الفقه، وإلا فكل فرق من هذه الفروق يحتاج إلى موعظة كاملة.

يقول الله جل وعلا في سورة النساء: يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا [النساء:174]، نوراً للعقول كنور الشمس الذي هو للأعين، والأعين لا ترى بدون نور، والعقول لا تهتدي بدون شرع العزيز الغفور يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [النساء:174-175].

وقال جل وعلا في سورة الإسراء: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإسراء:9-10]، (يهدي للتي هي أقوم)، للتي هي أكمل وأحسن وأسد وأفضل، في جميع شئون الحياة.

وواقع الأمر إخوتي الكرام: أن الله تعالى قد نظم بهذه الشريعة التي أنزلها علينا جميع معاملاتنا، سواء مع أنفسنا، أو بعضنا، أو مع ربنا سبحانه وتعالى، عن طريق معاقد التشريع التي حواها شرع العزيز الغفور سبحانه وتعالى، ومعاقد التشريع ثلاثة لا بد أن توجد في التشريع وإلا فذلك التشريع فاسد عاطل باطل:

أولها: المحافظة على ضروريات الحياة.

وثانيها: المحافظة على الحاجيات.

وثالثها: المحافظة على التحسينيات والجري على مكارم الأخلاق، فالتشريع يدور على هذه الأمور الثلاثة.

الأولى: الضروريات، فلا بد من المحافظة على الضروريات الست: على أديان الناس، وعلى أبدانهم، وعلى عقولهم، وعلى أموالهم، وعلى أعراضهم، وعلى أنسابهم، وهذا ما حوفظ عليه أتم محافظة إلا في شريعة الله جل وعلا، وما عدا شريعة الله جل وعلا فالناس في غابة يأكل القوي منهم الضعيف.

ثم بعد ذلك: الحاجيات، وهي التي يسميها أئمتنا بجلب المصالح ودرء المفاسد، جلب المصالح، ففتح الله أمامنا كل طريق يوصلنا إلى كل خير ونفع وفائدة وربح في هذه الحياة: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك:15]، وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ [الجاثية:13].

ثم التحسينيات وهي: الجري على مكارم الأخلاق، فربط بيننا برباط محكم وثيق عندما شرع لنا ما شرع، من السلام، وحسن الكلام، وبشاشة الوجه وطلاقته وغير ذلك، بحيث يعيش الناس كأنهم في جنة عاجلة، هذا -إخوتي الكرام- لا بد منه، وهو موجود في شريعة الله: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] في جميع شئون الحياة.

إذاً: شرع الله فيه هدى ونور، وقد أشار الله إلى هذا المعنى في مطلع كتابه، في أول سورة البقرة فقال جل وعلا: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة:5].

إخوتي الكرام! قول ربنا الرحمن (هدى للمتقين)، مر معنا مثل هذا بكثرة، وقد خص هداية القرآن بالمتقين؛ لأنهم هم المنتفعون بهذا، فمن عداهم ما حصل هذه الهداية بل أعرض عنها، ولذلك خُصت هذه الهداية بهم لإقبالهم عليها، وأخذهم بها، وانتفاعهم بها، فمن عمل وليمة ودعا دعوة عامة، فمن الذي يأكل؟ كل من حضر، أما من لم يحضر -وإن دعي- فما أكل ولا استفاد، وهنا: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [البقرة:208] لكن من الذي دخل؟ من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن شرح الله صدره للإسلام، وهنا كذلك: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2]، هذه الهداية وهذه الدِلالة حصلت لعباد الله المتقين الأخيار، نسأل الله أن يجعلنا منهم، وأن يمتنا على هذه الهداية، وأن يبعثنا عليها، بمنه وكرمه وجوده، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

شرع الله فيه الخير والبركة والأخذ به يوجب حصول النعم المتزايدة

الفرق الخامس: شرع الله جل وعلا فيه خير وبركة، والأخذ به يوجب حصول النعم المتزايدة، وقد أشار الله جل وعلا إلى بركة شرعه وما فيه من خير ومنفعة للعباد، فقال جل وعلا في سورة الأنعام: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا [الأنعام:91] (تجعلونه قراطيس)، والقراطيس: هي الصحف، لكن إذا كانت مفرقة مبعثرة، وإنما فعل اليهود اللئام هذا لأنهم كانوا يكتبون التوراة في صحف مفرقة، حتى يظهروا الصحيفة التي يريدونها ويخفون ما لا يريدون أن يظهروه، فإذا كتبوا كل مقطع في صحيفة، إن لزم هذا المقطع أخرجه، والمقطع الثاني لا ينفعه كتمه، وأما إذا كان في سجل جامع كتاب مجموع بين دفتيه فسيقال له: افتح، هذا حجة عليك في صفحة كذا، هذا يخالف ما تقول به، فلذلك كان أحبارهم عليهم لعائن ربنا يجعلون الكتاب الذي أنزله الله عليهم في قراطيس، أوراق مبعثرة: تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ [الأنعام:91] الله الذي أنزل الكتاب التوراة على عبده ونبيه موسى، على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، هذا هو التقدير: قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام:91].

وما يقوله بعض المخرفين من الصوفية في هذه الأوقات أن معنى قوله: (قُلِ اللَّهُ) أي: اذكر الله بصيغة لفظ الجلالة (الله الله الله)؛ لأن الله يقول: قل الله، هذا غير صحيح، يا عبد الله! استمع: (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى قل الله) أي: الله هو الذي أنزله سبحانه وتعالى، فلمَ التلاعب بكلام الله جل وعلا؟

وقلت مراراً: الذكر بالاسم المفرد ما وردت به شريعة الله المطهرة، لا مظهراً (الله الله.. قهار قهار.. أحد أحد.. صمد صمد)، ولا مضمراً (هو هو) وما شاكل هذا.

قال تعالى: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [الأنعام:92]، (وهذا كتاب أنزلناه مبارك) كثير الخير، كثير البركة، من أقبل عليه وأخذ به، من أخذ بشريعة الله والتزم بها ضمن الله له الخيرات، والبركات، والمسرات في هذه الحياة وبعد الممات.

ومثل هذه الآية قول ربنا الرحمن في سورة الأنبياء، على نبينا وعلى أنبياء الله ورسله جميعاً صلوات الله وسلامه: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ * وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ [الأنبياء:48-50]، هناك قال: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ [الأنعام:92]، وهنا: وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ [الأنبياء:50].

شرع الله تعالى ودينه هو أعظم رحمة امتن الله بها على المكلفين

الفرق السادس من الفروق المعتبرة: أن هذا الدين الذي منَّ الله به علينا وأنزله على نبيه الأمين، على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، هو أعظم رحمات الرحمن الرحيم على المكلفين، أعظم رحمة رحمنا الله بها أن أنزل علينا الكتب، وأرسل إلينا الرسل؛ ليخرجنا من الظلمات إلى النور، هذه أعظم الرحمات، لا يوجد رحمة تعدل هذه الرحمة، وهذه الرحمة من أخذ بها ترتب عليها السعادة التي لا شقاء بعدها، فهذه أعظم الرحمات، فمن أخذ بهذه النعمة حصلت له أتم رحمات المنعم الرحيم سبحانه وتعالى.

وقد أشار الله إلى هذا في كتابه فقال في سورة نبيه يونس على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه: يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:57-58]، حقيقة هذه هي النعمة التي لا تعدلها نعمة، وهذه هي الرحمة التي لا تعدلها رحمة.

وقد امتن الله على نبينا عليه الصلاة والسلام بهذه النعمة، وأخبره أنها خير رحماته عليه، فقال سبحانه وتعالى في سورة القصص: وَمَا كُنتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ * وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [القصص:86-87]، وَمَا كُنتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ [القصص:86] لكن حصل لك هذا برحمة من الله، وفضل منه وإحسان، وهذه أعظم رحمة منه عليك، ثم على الأمة الذين رُحموا بهذه الرحمة التي نزلت عليك، فصرت بها رحمة للعالمين، على نبينا وأنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه.

وَمَا كُنتَ تَرْجُو [القصص:86] لفظ الرجاء هنا بمعنى: الأمل؛ لأنه يأتي بمعنى الوجل، وبمعنى الأمل، والمراد هنا الأمل قولاً واحداً، أي: وما كنت تأمل، وتتوقع، وتتطلع، وما كنت تنتظر هذا ولا خطر على بالك، لكن هذا بفضل الله ورحمته، ويأتي الرجاء بمعنى الخوف أيضاً.

والوجل كما تقدم معنا في محاضرات التفسير، عند قول الله جل وعلا في سورة النبأ: إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا [النبأ:27] تقدم معنا أنها تحتمل المعنيين:

الأول: لا يأملون ويتوقعون جزاءً على أعمالهم؛ لأنهم ما عندهم حسن يجازون عليه.

الثاني: لا يخافون يوم الحساب، ولا يعدون العدة للقاء الكريم الوهاب، وقد استعرضت هناك الآيات التي تأتي بمعنى الوجل فقط، وبمعنى الأمل، وبالمعنيين في كلام ربنا رب الكونين سبحانه وتعالى.

وأشار ربنا جل وعلا إلى هذه الرحمة العظيمة الكبيرة التي هي أعظم رحماته علينا في سورة العنكبوت، فقال جل وعلا: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ * وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً [العنكبوت:46-51]، عظيمة واسعة كبيرة، لا يمكن أن يحاط بقدرها، والتنكير للتعظيم، هم يطلبون آيات محسوسة، من انشقاق قمر، وغير ذلك من الآيات التي يقترحونها: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [العنكبوت:51-52].

شرع الله تعالى لا تناقض فيه ولا تضارب ولا خلل ولا فساد بعكس شرائع المخلوقين

الفارق السابع من الفروق المعتبرة: أن شرع الله جل وعلا لا تناقض فيه، ولا تضارب، ولا خلل، ولا فساد، وشرائع المخلوقات متهافتة، فاسدة، متضاربة، ينقض بعضها بعضاً، ولذلك يستحسنون اليوم ما يستقبحونه غداً، ويستحسنون غداً ما استقبحوه اليوم، وهكذا تغيير واضطراب وفساد، ثم بعد ذلك هي متهافتة متعارضة فيما بينها، هنا شريعة وهناك شريعة وهناك شريعة، وكلها ضلالات وتناقضات، أما شريعة الله فلا تناقض فيها، ولا اضطراب، ولا خلل ولا فساد.

وقد أشار رب العباد إلى هذا في سورة النساء، فقال جل وعلا: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82].

نعم إخوتي الكرام! فليس في خلق الله تفاوت، وليس في شرعه تناقض ولا تضارب، وقد هدانا الله جل وعلا بشرعه للتي هي أقوم، فكيف سيكون فيه فساد وخلل؟! خَلْقُ الله الذي هو أمر كوني أتقنه الله، وأحسن إبداعه وإيجاده، مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ [الملك:3]، فشرع الله الذي هو الغاية من خلقنا، فمن باب أولى سيكون في منتهى الإحكام والانتظام، وليس فيه خلل ولا فساد ولا هذيان، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82].

شرع الله تعالى هو أحسن الحديث وأفصح الكلام وأبلغه

الفرق الثامن من الفروق المعتبرة: أن شرع الله جل وعلا هو أحسن حديث، وأحسن كلام، وأبلغ ما يقال، أفصح الكلام هو شرع ربنا الرحمن سبحانه وتعالى، وقد أشار الله جل وعلا إلى هذا في كثير من آيات كتابه، فقال جل وعلا في سورة المائدة: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:49-50]، الآية -إخوتي الكرام- تحتمل معنيين اثنين:

المعنى الأول: كما تقدم معنا عند قوله تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2]، وهنا وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] خصهم لأنهم هم المنتفعون أيضاً، فحكمه لهؤلاء الموقنين المنتفعين هو أحسن الأحكام، وشريعته خير الشرائع، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] أي: للمؤمنين الموحدين المهتدين المتقين.

وقيل: إن (اللام) هنا بمعنى (عند)، والتقدير: (ومن أحسن من الله حكما عند قوم يوقنون) فمَن الذي يقر بسلامة حكم الله وأحسنيته وسداده وصوابه؟ هم الموقنون، المتقون، المهتدون، العاقلون، أما الجاحدون المكابرون فقد أعرضوا عن الانتفاع بشرع الحي القيوم، وبعد ذلك تكلموا بالباطل ووصفوه بما وصفوه به؛ من سحر، وكهانة، وشعر، وأساطير الأولين اكتتبها، ولكن وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] أي: عند الموقنين، يرون أن هذا الحكم هو أحسن أحكام المكلفين، وهو أحسن أحكامه للمكلفين، فهو أحسن الأحكام للناس، وهو أحسن الأحكام عند الأكياس، وعليه من طعن فيه فهو ممن غضب الله عليه، وممن لا إيقان في قلبه، وليس هو من عِداد العقلاء، وواقع الأمر كذلك.

وهو أحسن الحديث، وقد أشار الله إلى هذا المعنى في سورة الزمر، فقال جل وعلا: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر:23].

قوله: (متشابهاً) أي: متماثلاً في الفصاحة، والبلاغة، والإعجاز، ومتشابهاً في الأهداف الشريفة الحميدة، التي تتضمن الغايات النبيلة الجليلة، متشابهاً متماثلاً.

وهنا المراد من التشابه: التشابه اللغوي، وهو: التشابه العام في القرآن، وتقدم معنا أنه أيضاً محكم كله: الْرَّ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ [هود:1] كما تقدم معنا في أول سورة نبي الله هود على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، وهكذا قول الله تعالى: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [يونس:1] فهو كله محكم وكله متشابه.

والمتشابه هنا: هو الإحكام، وعليه فهو متشابه في إحكامه، ومحكم في تشابهه، وهذان الوصفان لا يتقابلان إنما يجتمعان، ويتفقان، ويتآخيان، لكن إن أردت الانتظام في آيات القرآن فتقول: إنه محكم، وإن أردت التساوي تساوي الآيات في هذا الانتظام فتقول: إنه متشابه، متشابه في إحكامه، ومحكم في تشابهه، وهنا -كما قلت- لا يتقابل الإحكام مع التشابه بل يجتمعان ويتآخيان.

متى يتقابلان؟ فيما أشار إليه ربنا الرحمن في سورة آل عمران، عندما قسم القرآن إلى قسمين: بعضه محكم، وبعضه متشابه، فهناك يتقابلان: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7].

وقد تقدم معنا: أنه يصح الوقف على لفظ الجلالة والوصل، وتخريج كل من الأمرين.

هنا يتقابل الإحكام والتشابه، فيراد من الإحكام: الإحكام الخاص، ويراد من التشابه: التشابه الخاص، فيتقابلان ويختلفان اختلاف تنوع أيضاً وليس اختلاف تضاد، فيصير كل واحد له معنى خاص.

فالمراد من المحكم: ما عُرف المراد منه، وأمكن للعباد أن يقفوا عليه وعلى حقيقته، هذا الإحكام الخاص، والمراد من المتشابه: التشابه الخاص، وهو ما استأثر الله بعلمه ولا يمكن للعباد أن يقفوا على حقيقته.

ومنه ما تقدم معنا من لفظ الروح مثلاً، فحقيقتها استأثر الله بعلمها, تفسيرها نعلمه نحن، تفسير الله يُعلم، لكن الحقيقة لا تُعلم، وهكذا صفات ربنا جل وعلا حقائقها لا تُعلم، أما معانيها في اللغة فإنها تُعلم, وكذلك ما يكون في الآخرة من نعيم وعذاب أليم، أصل المعنى معروف، والحقائق لا يعلمها إلا الله جل وعلا.

وعليه فقوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] هذا محكم في غاية الإحكام، لا يحتمل إلا ما عرف العباد منه، وقول الله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] محكم في غاية الإحكام والوضوح، وأنه لا يوجد شيء يشبه الله لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.

وعندما يأتي قوله جل وعلا: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75] فنقول: أصل المعنى معلوم، واليدان معروفتان، تليقان بذي الجلال والإكرام، أما حقيقتهما فنردها إلى قول الله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وعليه فينبغي أن يُفهم المتشابه التشابه الخاص، على ضوء المحكم الإحكام الخاص، فذاك هو أصل كما جعله ربنا كذلك: مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [آل عمران:7].

فقول الله جل وعلا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ، وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:62]، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19]، هذا محكم عرف العباد منه معناه، والأمر في منتهى الوضوح.

ففي كتاب الله آيات تدل على أنه سبحانه وتعالى إله فرد صمد، لا نظير له ولا مثيل، وعندما تأتي بعد ذلك بعض النصوص التي فيها ما لا يمكن أن نقف على حقيقته، فنردها إلى النصوص الأولى المحكمة.

المعنى الثاني من المحكم الإحكام الخاص والمتشابه التشابه الخاص: أن المحكم ما احتمل معنى واحداً، والمتشابه ما احتمل أكثر من معنى، فينبغي أن نفهم المعنى فيه على ضوء المحكم، مثلاً: قول الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ، وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:62]، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] هذا محكم، وقول الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] احتمل أكثر من معنى، احتمل الواحد الذي يعظم نفسه، واحتمل الجمع، فنرد هذا إلى المحكم، وعليه فيكون المعنى: واحد عظم نفسه، افهم هذا على حسب ما جاء في هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ [آل عمران:7]، وهي النصوص المحكمة التي لا تحتمل إلا معنى واحداً قطعياً.

المعنى الثالث: أن المحكم ما عُرف المراد منه بنفسه، والمتشابه ما عُرف المراد منه بغيره، ما احتاج إلى غيره ليظهر المراد منه. وعليه فالتشابه هنا تشابه خاص.

الشاهد إخوتي الكرام: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا [الزمر:23] المراد من التشابه هنا: التشابه العام الذي هو بمعنى الإحكام العام، (متشابهاً) أي: متماثلاً في الفصاحة والبلاغة والإعجاز، كما هو متماثل متشابه في الأهداف الشريفة والغايات الحميدة.

نسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

والحمد لله رب العالمين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , مقدمة في الفقه - شريعة ربانية وقوانين وضعية [2] للشيخ : عبد الرحيم الطحان

https://audio.islamweb.net