إسلام ويب

من البدع المضللة لصاحبها بدعة القول بأن الله لم يقدر على العبد الشر، وقد وقع فيها بعض الأئمة الكبار كهشام الدستوائي وشيخه قتادة السدوسي، وحكم العلماء في أمثال هؤلاء قبول روايتهم ورد بدعتهم إن عرف منهم الصدق والورع ولم يدعوا إلى بدعتهم.

ترجمة هشام الدستوائي

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:

إخوتي الكرام! لا زلنا نتدارس الباب الرابع من أبواب الطهارة من جامع الإمام أبي عيسى الترمذي عليه وعلى أئمتنا والمسلمين أجمعين رحمات رب العالمين، وهذا الباب عنوانه: باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء.

وتقدم معنا أن الإمام الترمذي روى حديثاً في ذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه, وساقه من طريق فيه ثلاثةٌ من شيوخه: من طريق قتيبة بن سعيد ، وهناد بن السري ، وأحمد بن عبدة الضبي -رحمهم الله جميعاً- عن أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد دخول الخلاء يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبيث، أو من الخبث والخبائث).

قال أبو عيسى : حديث أنس أصح شيءٍ في هذا الباب وأحسن، وفي الباب عن علي وزيد بن أرقم ، وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أجمعين.

إخوتي الكرام! كنا في المبحث الأول في مدارسة الرجال الذين ورد ذكرهم في هذا الباب، وكنا في ترجمة العبد الصالح هشام بن سنبر بن أبي عبد الله الدستوائي أبو بكر رحمه الله وغفر له، وتقدم معنا أنه ثقةٌ ثبت، لكنه رمي بالقدر وقد خرج حديثه أهل الكتب الستة، وحديثه في دواوين الإسلام كما قال الإمام الذهبي إلا في موطأ الإمام مالك بن أنس عليهم جميعاً رحمة الله.

وهذه البدعة التي رمي بها هذا الإمام العلم تقدم الكلام على تفصيلها، وأنها تنقسم إلى قسمين: بدعة قدرية فيها غلو، وبدعة قدرية ليس فيها غلو، وهم الذين يقولون: إن فعل العبد مما يفعله من أمور الشر يكون بدون تقديرٍ من الله، مع أن الله يعلم ذلك قبل وقوعه، وقلنا: هذه بدعة وضلالة، وهي بدعةٌ مفسقة، وقد يلتمس للإنسان عذرٌ في قولها لتأويله، وأمره إلى ربه جل وعلا، وختمت الكلام بعد ذلك بحكم رواية المبتدع وفصلت أقوال أئمتنا في هذه المسألة.

وقبل أن ننتقل إلى بيان حال الرجال الآخرين الذين ورد ذكرهم في هذا الباب أحب أن أقف وقفةً عند هشام الدستوائي لنرى عبادته وعلمه، والبدعة التي رمي بها.

فأئمتنا أثنوا عليه بالعلم النافع، والعمل الصالح مع وصفه ببدعة القدر، وهو من عباد هذه الأمة وزهادها، ولذلك ترجمه أبو نعيم في كتابه حلية الأولياء، وهذا الكتاب موضوعٌ لترجمة العباد والزهاد والعلماء العاملين، ففي الجزء السادس صفحة ثمانٍ وسبعين ومائتين ترجم أبو نعيم لـهشام الدستوائي فيما يزيد عن عشر صفحات، وهكذا الإمام ابن الجوزي في كتابه صفوة الصفوة ترجم له على أنه من الزهاد والعباد والعلماء العاملين في الجزء الثالث صفحة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة، وترجم له الإمام الذهبي في سائر كتبه في تذكرة الحفاظ، وفي سير أعلام النبلاء، وفي تاريخه الكبير، وهو مترجمٌ بعد ذلك في كتب الرجال كتهذيب التهذيب وغير ذلك، وسأقتصر في ترجمته على ثلاثة أمور: أولها: فيما يتعلق بعبادته وعمله بعلمه. وثانيها: في منزلته العلمية، وأختم الكلام بالبدعة التي وقع فيها، وهل أثر ذلك على رواياته أم لا؟

عبادة هشام الدستوائي

أما عبادته وديانته فكل من ترجم له أثنى عليه في هذا الجانب، وتقدم معنا أن المبتدع إذا كان عابداً وديانته مستقيمة ولا يكذب، وهو سالمٌ من خوارم المروءة، فرواياته تقبل بشرط إذا لم يكن داعيةً إلى البدعة.

فأئمتنا كلهم ذكروا في ترجمته أنه كان كثير البكاء من خشية الله جل وعلا، وأنه بكى حتى فسدت عينه، فكانت مفتوحةً وهو لا يكاد يبصر بها، وفسدت يعني: عميت وخف النظر فيها إلى درجة العمى من كثرة خشيته وبكائه لربه.

وورد في ترجمته: أن أهل البصرة قاطبةً -وهو بصري- ما رأوا أكثر ذكراً للموت منه، هو كان أكثر أهل البصرة ذكراً للموت، وكان يقول في مجلسه كثيراً: كم من رجلٍ حدث بلسانه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أكل التراب لسانه، أي: هو من الميتين وفي عداد الموتى، فذكر الموت لا يغيب عن ذهنه طرفة عين، وكان إذا جنّ الليل واستلقى على فراشه لا يستطيع أن ينام إلا إذا كان السراج متوقداً مضيئاً، فإذا انقطع زيته لا يستطيع أن ينام، فيتململ على الفراش كأنه لديغ حتى تصلح زوجته السراج، فخاطبته في ذلك: لم إذا أوقد السراج تنام، وإذا طفئ السراج لا تنام؟ قال: تذكرني ظلمة الحجرة بظلمة القبور، فلا أستطيع أن أنام، وأنا عمّا قريب سأصير إلى القبر، كيف سأنام؟! فما يستطيع أن ينام إلا إذا كان السراج مضيئاً.

وكان يقول -وهذه النصوص في الحلية وفي الكتب التي مرت الإشارة إليها، وفي سير أعلام النبلاء في الجزء السابع صفحة تسعٍ وأربعين فما بعدها- كان يقول: عجبت للعالم كيف يضحك، ووددت أني نجوت من هذا الأمر كفافاً لا ليّ ولا عليّ، أي: من هذا العلم وطلب حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلا أريد أجره، ولا أتحمل وزره.

وكان ينقل المواعظ عن الكتب السابقة ويحدث بها، وبما ورد في أخبار أنبياء الله السابقين: كنبي الله موسى وعيسى على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، وفيها ترقيقٌ للقلوب؛ ومن ذلك ما جاء في الحلية في الجزء السابع صفحة تسعٍ وسبعين ومائتين في ترجمته عن هشام الدستوائي قال: قرأت في كتابٍ بلغني من كلام عيسى بن مريم عليه السلام أنه كان يقول عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه لأتباعه: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير العمل؛ لأنه ما من دابةٍ في الأرض إلا على الله رزقها، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل.

سبحان الله! الدنيا لو لم تعمل فيها لأتاك رزق، فلو كنت في مغارةٍ وقدر لك رزق لسيق إليك ذلك الرزق إلى مغارتك، أما الآخرة فلا يمكن أن تدركها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل، فنسأل الله العافية من هذا الوصف الذي يطلقه على من يتصف به، ونسأل الله أن لا نكون منهم بفضله ورحمته.

وكان يقول: ويلكم علماء السوء، فالأجر تأخذون، والعمل تضيعون، يوشك رب العمل أن يطلب عمله، وتوشكون أن تخرجوا من الدنيا العريضة إلى ظلمة القبر وضيقه، فالله ينهاكم عن الخطايا كما يأمركم بالصيام والصلاة، فكيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه، واحتقر منزلته -هكذا ضبطت منزلته بالتاء بعد اللام، ولعلها منزله- يعني: كأنه يقول: رزقي قليل، وداري ضيقة، ويصح أن تكون المنزلة يعني المكانة في الحياة، وقد علم أن ذلك من علم الله وقدرته، فكيف يكون من أهل العلم من اتهم الله فيما قضى له؟! فليس يرضى بشيءٍ أصابه، وكيف يكون من أهل العلم من دنياه عنده آثر من آخرته، وهو في دنياه أفضل رغبةً؟! وكيف يكون من أهل العلم من مسيره إلى آخرته وهو مقبلٌ على دنياه؟!

فهذه المواعظ التي ينقلها هذا العبد الصالح رحمه الله وغفر لنا وله عن نبي الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، وعن الكتب السابقة تدل على أنه من أهل هذا المشرب، والإنسان دائماً يعتني بما يناسبه، فهو من أهل أعمال القلوب، وممن يخشون علام الغيوب، فتراه يعتني بهذه القصص، وهذه الأخبار، فيذكرها ويذكر بها.

وأختم هذا الجانب من عبادته بما ذكره أئمتنا في الحلية وفي سير أعلام النبلاء في الجزء السادس صفحة اثنتين وخمسين ومائة أنه كان يقول: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل. فانظر لاتهامه لنفسه، ووقوفه عند حده، يقول: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل، وإذا قال هذا في العلم فسيقول هذا في سائر أحواله وعبادته، ما أستطيع أن أقول: أنني فعلت طاعةً أريد بها وجه الله عز وجل.

فقارن قوله مع قول تلميذه شعبة بن الحجاج حيث قال: ما من الناس أحدٌ أقول: إنه طلب الحديث يريد به وجه الله إلا هشام الدستوائي وهشام يقول: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يوماً أطلب الحديث أريد به وجه الله.

فـشعبة يقول بعد ذلك معلقاً على كلام هشام الدستوائي يقول: إذا كان هشام يقول هذا فكيف نحن؟ واستمع لتعليق العبد الصالح الإمام الذهبي على هذا الخبر، قلت: والله ولا أنا، يعني: أنا لا أستطيع أن أقول إنني في يومٍ من الأيام طلبت العلم لوجه الرحمن.

وهذا لا يقوله حقيقةً إلا من يعرف قدر نفسه، ويعظم ربه، أما نحن فقد ابتلينا بالغرور فإذا قلت لإنسان: أخلص النية يقول: أنا سيد المخلصين، وأما أن يتهم نفسه بالرياء وأنه لا يريد بعلمه وجه رب الأرض والسماء فهذا لا يخطر بباله.

وأئمتنا عندما يقولون هذا فهم يعون ما يقولون، وإذا نبزوا بذلك فهم يحلمون ولا يغضبون، ومن ذلك لما قالت زوجة مالك بن دينار لزوجها: يا منافق يا مرائي! قال: والله ما عرفني من أهل البصرة إلا أنت.

واستمع هنا للذهبي يقول: قال هشام : والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله، قال الذهبي : قلت: والله ولا أنا، فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا، وصاروا أئمةً يقتدى بهم، وطلبه قومٌ منهم أولاً لا لله، وحصلوه ثم استقاموا وحاسبوا أنفسهم، فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق، كما قال مجاهد وغيره، طلبنا هذا العلم وما لنا فيه كبير نية، ثم رزق الله النية بعد.

وهذا كان يقوله الإمام الغزالي رحمه الله: طلبنا العلم لغير الله، فأبى العلم إلا أن يكون لله، يعني: ساقنا بعد ذلك إلى محاسبة أنفسنا، والوقوف عند حدنا في نهاية أمرنا.

وبعضهم يقول: طلبنا هذا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله.

إذاً فالسلف المتقدمون طلبوه لله فنبلوا، وجاء بعدهم من طلبه أولاً لغير الله ثم حاسب نفسه ورأى أن هذا العلم سيكون وبالاً عليه إذا لم يخلص فيه لربه، فأخلص في نهاية الأمر، ونشره بنيةٍ صالحة، فهذا أيضاً حسن.

وقومٌ طلبوه بنيةٍ فاسدة؛ لأجل الدنيا، وليثن عليهم فلهم ما نووا.

قال عليه الصلاة والسلام: (من غزا ولم ينو من غزوته إلا عقالاً فليس له إلا ما نوى) والحديث في المسند والمستدرك وسنن النسائي ومسند الإمام الدارمي ، وإسناده صحيحٌ كالشمس، من رواية عبادة بن الصامت رضي الله عنه وأرضاه. والعقال: حبل يربط به بعيره.

يقول: وترى هذا الصنف لن يستضيء بنور العلم، ولا لهم وقعٌ في النفوس، ولا لعلمهم كبير نتيجةٍ من العمل، وإنما العالم من يخشى الله عز وجل.

وقومٌ نالوا العلم، وولوا به المناصب فظلموا وتركوا التقيد بالعلم وركبوا الكبائر والفواحش فتباً لهم، فما هؤلاء بعلماء، وبعضهم لم يتق الله في علمه، بل ركب الحيل، وأفتى بالرخص، وروى الشاذ من الأخبار، وبعضهم اجترأ على الله بوضع الأحاديث، فهتكه الله، وذهب علمه، وصار زاده إلى النار، وأما نحن فوصفنا بعد ذلك: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ [الأعراف:169]، بان نقصهم في العلم والعمل، فلا علم ولا عمل، وتلاهم قومٌ انتموا إلى العلم في الظاهر ولم يتقنوا منه سوى نزرٍ يسير فأوهموا به أنهم علماء فضلاء، ولم يجر في أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله عز وجل، كما قال بعضهم: ما أنا عالمٌ ولا رأيت عالماً، فهذا حالنا حقيقة، وهذا بسبب فساد طلبة العلم فما رأوا شيخاً يقتدى به في العلم.

إذاً: هذا فيما يتعلق بهذا الجانب الأول من ترجمة هشام ، عابد عابد لا شك في عبادته، وكل من ترجمه أثنى عليه في هذا الجانب.

المنزلة العلمية لهشام الدستوائي

أما العلم فعلمه حدث عنه ولا حرج، يقول أبو داود الطيالسي : هو أمير المؤمنين في الحديث، وليس بعد هذا التوثيق توثيق.

ويقول شعبة بن الحجاج ، وتقدم معنا أنه هو الذي نشر علم الحديث في العراق، وإذا وجدت شعبة في إسناد فاشدد يدك به، يقول: هشام الدستوائي أعلم مني، وأحفظ مني بحديث قتادة .

وقال أبو نعيم الفضل بن دكين -وهو من كبار شيوخ الإمام البخاري من أئمة أهل الهدى والرشاد- يقول: قدمت البصرة فما رأيت فيها أفضل من هشام وحماد بن سلمة ، وكان يحيى القطان إذا سمع الحديث عن هشام الدستوائي لا يبالي ألا يسمعه من غيره.

وقال الإمام أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة عندما سئلوا: أيهما أعلم هشام أو الأوزاعي ؟ والأوزاعي شيخ أهل السنة في زمنه، فقال أبو زرعة وأبو حاتم : هشام أولاً، والأوزاعي بعده، وقال الإمام أحمد : هشام لا يمكن أن ترى أثبت منه.

إخوتي الكرام! هذا حاله في العلم، فهو وإن رمي بتلك البدعة، لكن في العبادة على جانبٍ عظيم، وفي العلم والضبط والإتقان على جانبٍ عظيم، وهذا كلام شيوخ أهل السنة فيه.

البدعة التي رمي بها هشام الدستوائي

أما بدعته التي رمي بها وهي قوله: إن الله جل وعلا ما قدر على العبد الشر، ولا أراد له فعله، وإنما يفعله العبد باختياره دون تقديرٍ من الله عليه، فهذا ضلال، ويرد على قائله أياً كان، لكن إذا تأول الإنسان، فنقول: إن هذه بدعة، ولا يغير حكمها جلالة قائلها، لكن إذا كان له تأويل، فانظر لإنصاف أهل السنة، قالوا: هذا عابدٌ عالمٌ صادقٌ قانت، زل زلة، فلنرد هذه الزلة عليه، ولنسأل الله المغفرة له، وأما رواياته فتؤخذ وتقدم على روايات غيره.

أما بدعته فكل من ترجم له نعته بذلك، قال الإمام ابن سعد في الطبقات الكبرى: كان ثقةً ثبتاً في الحديث حجةً، إلا أنه كان يرى القدر.

وقال الإمام العجلي : هو بصريٌ ثقةٌ ثبتٌ في الحديث حجةٌ إلا أنه يرى القدر ولم يكن يدعو إليه.

وقال الإمام الجوزجاني : كان ممن تكلم في القدر، وكان من أثبت الناس في رواياته وضبطه وإتقانه.

هذا كلام أئمتنا فيه عليهم جميعاً رحمة الله، ولذلك نعته الإمام ابن معين أنه يقول ببدعة القدر، لكن مع ذلك روايته يؤخذ بها، بل تقدم روايته على غيره لضبطه وإتقانه وحذقه وإيمانه.

ويذكر الإمام الذهبي عن الحافظ محمد البرقي -توفي سنة تسعٍ وأربعين ومائتين للهجرة- أنه قال: قلت لـابن معين : أرأيت من يرمى بالقدر أيكتب حديثه؟ فقال: سبحان الله! قد كان قتادة بن دعامة -وحديثه مخرج في الكتب الستة، وتوفي سنة أربع عشرة ومائة للهجرة، وهو إمام المسلمين في زمنه، مع الحسن البصري في البصرة- وهشام الدستوائي ، وسعيد بن أبي عروبة ، وعبد الوارث يقولون بالقدر وهم ثقات يكتب حديثهم ما لم يدعوا إلى شيءٍ، أي: إذا لم يكونوا أئمةً قادةً في الدعوة إلى هذه البدعة.

والإمام الذهبي بعد أن حكى تلك الأقوال في سير أعلام النبلاء في ترجمة هشام الدستوائي ، قال: وهذه مسألةٌ كبيرة، وهي القدري والمعتزلي والجهمي والرافضي إذا علم صدقه في الحديث وتقواه ولم يكن داعياً إلى بدعةٍ فالذي عليه أكثر العلماء قبول روايته، والعمل بحديثه، وترددوا في الداعية هل يؤخذ عنه؟ فذهب كثيرٌ من الحفاظ إلى تجنب حديثه وهجرانه، وقال بعضهم: إذا علمنا صدقه، وكان داعيةً ووجدنا عنده سنةً تفرد بها فكيف يسوغ لنا ترك تلك السنة، فجميع تصرفات أئمة الحديث تؤذن بأن المبتدع إذا لم تبح بدعته خروجه من دائرة الإسلام، ولم تبح دمه فإن قبول ما رواه سائغٌ.

وهذه المسألة لم تتبرهن لي كما ينبغي، والذي اتضح لي منها أن من دخل في بدعةٍ ولم يعدل من رؤيتها، ولا أمعن فيها، فيقبل حديثه كما مثل الحافظ أبو زكريا وهو ابن معين ، بـقتادة وبـهشام الذين تقدم معنا ذكرهم، وسعيد بن أبي عروبة ، وعبد الوارث ، فحديثهم في كتب الإسلام لصدقهم وحفظهم.

والمذكور في ترجمة هذا العبد الصالح يعطينا أمرين اثنين: أولاً: إنصاف أئمتنا له ولغيره ممن يخالفهم فيما هم عليه، فنحن نرى أن القول بذلك بدعة وضلال، لكن إذا دلت لنا قرائن بأن الإنسان صادق وما أراد بذلك تحريفاً ولا سوء طوية، وإنما زل والتبس عليه الأمر، فنرد بدعته، ولكن نعرف له مكانته فنروي عنه.

الأمر الثاني: إذا كان هذا الإنسان مع علمه وعبادته قد خذل ووقع في البدعة, فيجب علينا أن نلجأ إلى الله ليل نهار أن يثبت الإيمان في قلوبنا، وأن يحيينا على سنة نبينا عليه الصلاة والسلام، فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، فمن شاء الله أن يضله أضله، ومن شاء الله أن يهديه هداه: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8].

ذكر من وقع من العلماء في بدعة القدر

إخوتي الكرام! هذه البدعة وقع بها بعض أئمة الإسلام مع ما فيهم من صلاحٍ واستقامةٍ، وذكر أئمتنا هذه البدعة منهم لا إقراراً لها، إنما تقديراً لمن قال بها مع رد هذه البدعة على من قال بها، ولذلك أئمتنا نعتوه بأعظم النعوت، ومع ذلك يختمون نعتهم: يرى القول بالقدر، لم يكن داعيةً إلى ذلك. ونحن نوقن أنه لا يكذب ولا يفتري في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه بدعة تعثر، فقال ما قال، بل ترد عليه، ولنعرف لهذا الإنسان مكانته.

ومثل هذا العبد مثله شيخه قتادة الذي ذكرته لكم، فالإمام الذهبي يقول في ترجمة قتادة : وهو ممن قالوا ببدعة القدر بالإجماع، لا خلاف بين أئمتنا أن قتادة كان يقول بذلك.

يقول الإمام الذهبي في الجزء الخامس صفحة واحدة وسبعين ومائتين يقول: هو حجةٌ بالإجماع إذا بين السماع؛ لأن قتادة وصف بالتدليس بخلاف هشام الدستوائي ، ومع هذا فما توقف أحدٌ في صدقه وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعةٍ يريد بها تعظيم الباري جل وعلا وتنزيهه.

ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر له زللـه، ولا نضلله، وننسى محاسنه، ولكن لا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك.

هذا كلام الإمام الذهبي في السير في ترجمة قتادة شيخ هشام الذي رمي بالقدر كما رمي به هشام .

وقال أيضاً في السير في آخر ترجمة قتادة في صفحة سبعٍ وسبعين ومائتين: قد اعتذرنا عنه وعن أمثاله، فإن عذرهم الله فيا حبذا! وإن هو عذبهم فإن الله لا يظلم الناس شيئاً: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف:54] سبحانه وتعالى.

وبعض أئمتنا كان يتحاشا قتادة , ومنهم إمام أهل اليمن طاوس، وهو خير من قتادة بكثير في العلم وفي كل شيء، وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا رأى طاوس يقول: أظن هذا من أهل الجنة، للعلم الذي فيه والعبادة والتقى والخشية، لكنه كان لا يسمح لـقتادة بمجالسته، فإذا اقترب منه قتادة يهرب طاوس ؛ لأجل بدعته، ومع ذلك فحديثه مقبولٌ بالإجماع، وفعل طاوس من باب الاحتياط.

وممن وقع في بدعة القدر الحسن البصري , وقع في أول أمره ببدعة القدر، لكن رجع بخلاف قتادة وهشام ، والذهبي في بعض كتبه وهو ميزان الاعتدال في الجزء الرابع صفحة ثلاثمائة في بعضه في هذا الكتاب فقط قال: وقيل: رجع هشامٌ عن القول بالقدر، قيل: لكن لا يثبت هذا، أما قتادة لم يرجع بلا خلاف، وأما الحسن رجع بلا خلاف.

وكان الحمادان: حماد بن زيد بن درهم ، وحماد بن سلمة بن دينار ينقلان عن يونس بن عبيد إمام المسلمين في زمنه أنه قال: ما استخف الحسن شيءٌ ما استخفه القدر: وقد خوفه أيوب السختياني ، وحميد بن عبد الرحمن بالسلطان، قالا للحسن : إما أن ترجع عن هذه البدعة، وإما أن نرفع أمرك إلى السلطان، فقال الحسن : فلا تقولان بقولي، بأن الله جل وعلا ما قدر على العبد شراً؟ قالا: لا، فقال: لن أعود إلى بدعةٍ القول بالقدر.

قال إبراهيم النخعي : كان الحسن قد تكلم بالقدر، وقال سليمان التيمي : رجع عن قوله، ثم نقل ابن عون عن الحسن أنه قال: من كذب بالقدر فقد كفر، وهذا الذي استقر عليه هذا العبد الصالح رحمه الله ورضي عنه.

وقال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء في الجزء الرابع في ترجمة الحسن صفحة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة: مر إثبات الحسن للأقدار من غير وجه فهو يثبت قدر الله كما يقوله أهل السنة والجماعة, وأن الله قدر الخير والشر، ولا يقع شيءٌ إلا بعد أن قدره الله وأراده سبحانه وتعالى، ومع ما وقع من علمائنا فإننا نجلهم ونحترمهم؛ فالإنسان إذا عمل بدعة غير مكفرة وله من العبادة والتقى الشيء الكثير فلابد من إنصافه، وهذا الإنصاف الذي ينبغي أن يعيه المسلمون على الدوام.

ترجمة رواة حديث: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد دخول الخلاء ..)

قال أبو عيسى : وحديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب. روى هشام الدستوائي وهو هشام بن أبي عبد الله ، وأبو عبد الله والده اسمه سنبر أبو بكر الدستوائي ثقةٌ ثبتٌ رمي بالقدر، من كبار السابعة، توفي سنة أربعٍ وخمسين، أي: بعد المائة للهجرة، حديثه مخرجٌ في الكتب الستة، وإنما نسب إلى دستواء أو يقال بالضم: دستُواء لا لأنه من ذلك الإقليم -وهي بليدةٌ كما قال الإمام الذهبي من بلاد الأهواز- وإنما نسب إليها لأنه كان يجلب منها الملابس الدستوائية ويبيعها في البصرة فقيل له: الدستَوائي ، الدستِوائي .

ترجمة سعيد بن أبي عروبة

روى هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وهو مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري ، قال الحافظ في التقريب: ثقةٌ حافظٌ له تصانيف، كثير التدليس، واختلط في آخر حياته، وكان من أثبت الناس في قتادة ، وأما هشام فكان أثبت الناس في قتادة .

ومهران اليشكري من السادسة توفي سنة ستٍ وقيل: سبعٍ وخمسين أي بعد المائة، أخرج حديثه الجماعة، ورمي أيضاً بالقول بالقدر.

ترجمة قتادة بن دعامة السدوسي

قال: عن قتادة ، وهو قتادة بن دعامة ، بكسر الدال، قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري ، ثقةٌ ثبتٌ، يقال: ولد أكمه، أي: ولد أعمى، وما رأى أئمتنا أحفظ للحديث منه على الإطلاق، وقد أقام ثمانية أيام عند شيخ المسلمين في زمانه سعيد بن المسيب ، فسأله عن أحاديث ثم قال له: أنزفتني يا أعمى؟! يعني: أخرجت كل ما عندي كما يستخرج ماء البئر وتجف بعد ذلك. وكان إذا سمع مائة حديثٍ في مجلسٍ واحد حفظها، وكان لا يحفظ شيئاً فينسى.

إذاً: ثقةٌ ثبت، يقال: ولد أكمه، رأس الطبقة الرابعة، توفي سنة بضع عشرة، يعني بعد المائة، والذي ذهب إليه أئمتنا أنه سنة أربع عشرة، وحديثه مخرجٌ في الكتب الستة، وهو حجةٌ بالإجماع، وانظروا ترجمته في السير في الجزء الخامس صفحة تسعٍ وستين ومائتين فما بعدها.

وينقل الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في الجزء الأول صفحة أربعٍ وعشرين ومائة عن ابن أبي عروبة وهشام الدستوائي وهما من تلاميذ قتادة أنهما قالا: كان قتادة يقول: كل شيءٍ بقدر إلا المعاصي، قال الذهبي : قلت: ومع هذا الاعتقاد الرديء ما تأخر أحدٌ عن الاحتجاج بحديثه.

ونقل في صفحة خمسٍ وسبعين ومائتين عن حنظلة بن أبي سفيان قال: كنت أرى طاوساً إذا أتاه قتادة يفر، قال: وكان قتادة يتهم بالقدر.

وترجمته في الحقيقة تشرح الصدر لولا أنه لوث حياته ونفسه ببدعة القول بالقدر، وإلا فالورع الذي يذكره أئمتنا في ترجمته والحفظ الذي وصفوه به لا نظير له، ومن ورعه أنه كان لا يقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة، وكان يضرب به المثل في الحفظ، وكان يقال: لم نجد مثل عبادة ثابت بن أسلم البناني ، وحفظ قتادة ، وورع ابن سيرين ، وعلم الحسن ، وزهد مالك بن دينار .

ومن مناقبه أنه كان يختم القرآن في كل سبعٍ، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة.

ترجمة القاسم بن عوف

قال: عن قتادة ، عن زيد بن أرقم . وهو من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وسيأتينا ترجمة الصحابة إن شاء الله فيما بعد، ورواه شعبة بن الحجاج عن سعيد بن أبي عروبة ، عن القاسم بن عوف الشيباني ، عن زيد بن أرقم .

والقاسم بن عوف هو القاسم بن عوف الكوفي ، صدوقٌ يغرب، أي: يأتي بغرائب، حديثه في صحيح مسلم وسنن النسائي وسنن ابن ماجه فقط، من الثالثة، الذي هو بعد المائة دون تحديد.

ترجمة معمر بن راشد

قال: وقال هشام الدستوائي : عن قتادة ، عن زيد بن أرقم ، ورواه شعبة ومعمر هو معمر بن راشد الأزدي مولاهم أبو عروة البصري نزيل اليمن، ثقةٌ ثبتٌ فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة فيه شيئاً، من كبار السابعة، توفي سنة أربعٍ وخمسين، أي: بعد المائة، حديثه مخرج في الكتب الستة أيضاً، ذهب إلى أهل اليمن فأحبوه وأكرموه، وما أرادوا أن يفارقهم، فقال لهم شيخٌ كبير: إن أردتم أن يبقى عندكم قيدوه، قالوا: كيف نقيده؟ قال: زوجوه، فزوجوه فاستقر في اليمن حتى لقي الله عز وجل.

وهنيئاً لأهل اليمن بـمعمر بن راشد :

إن ذئباً أمسكوه وتماروا في عقابه قال شيخٌ زوجوه ودعوه في عذابه

ترجمة النضر بن أنس

قال: ورواه شعبة ومعمر عن قتادة عن النضر بن أنس ، وهو أبو مالك البصري ، ثقةٌ من الثالثة، أخرج حديثه أهل الكتب الستة، وهو ابن أنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين، فهو تابعي ابن صحابي ..

اضطراب حديث زيد بن أرقم في دخول الخلاء

قال الترمذي: فقال شعبة : عن زيد بن أرقم ، وقال معمر: عن النضر بن أنس ، عن أبيه، عن النبي عليه الصلاة والسلام، قال أبو عيسى : سألت محمداً يعني الإمام البخاري عن هذا، فقال: يحتمل أن يكون قتادة روى عنهما جميعاً.

فهذا الكلام ترجمنا لرجاله، والمراد منه أن حديث زيد بن أرقم مضطرب، والإمام الترمذي روى كل هذا الكلام ليقرر اضطراب حديث زيد بن أرقم ، والاضطراب في حديث زيد بن أرقم هو ما روى هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة ، فقال سعيد : عن القاسم بن عوف الشيباني ، عن زيد بن أرقم ، وقال هشام الدستوائي : عن قتادة ، عن زيد بن أرقم ، ورواه شعبة ومعمر عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، وقال شعبة : عن زيد بن أرقم ، وقال معمر: عن النضر بن أنس ، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فيقول الإمام الترمذي : هذا اضطراب، ومعنى الاضطراب تدافع الروايات على أوجهٍ لا يمكن الجمع بينها، فهؤلاء الرواة حصل بينهم اضطراب.

وسنفك ما يتعلق بهذا الاضطراب في هذه الرواية، ثم ننتقل بعد ذلك إلى الرواية الأخرى التي هي أحمد بن عبدة الضبي البصري .

والرواية الثانية: ساق إسنادها من شيخه إلى أنس بن مالك ، أحمد بن عبدة الضبي البصري الذي اتهم بالنصب، والإمام ابن حجر غفر الله له ورحمه أطلق هذه البدعة عليه, وهو بريءٌ منها براءة الذئب من دم نبي الله يوسف على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه.

وأنا حقيقةً أعجب غاية العجب مما ورد في تقريب التهذيب، وأكاد أشك أن هذا ليس من كلام الحافظ ابن حجر ، مع أنه عندي نسخة ثانية في التقريب فيها: أنه رمي بالنصب، أي: ببغض آل البيت، وحاشاه من ذلك، وهو بريءٌ من ذلك كما قلت قطعاً وجزماً كما سيأتينا في ترجمة أحمد بن عبدة الضبي البصري لكنه بعد أن نبين معنى الاضطراب الوارد في حديث زيد بن أرقم إن شاء الله.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.

اللهم آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار.

اللهم اجعل هذا الشهر الكريم أوله لنا رحمة، وأوسطه لنا مغفرة، وآخره عتقاً لرقابنا من النار.

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيبونا وارحمنا يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، اللهم لا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً.

اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح الترمذي - باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء [4] للشيخ : عبد الرحيم الطحان

https://audio.islamweb.net