اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , إبتسم لتكون أجمل للشيخ : مريد بن يوسف الكلاب
ثم أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سلامٌ كنسمة مسكٍ سـرت >>>>>لأنفاسكم في نسيمِ السَّحَرْ
سـاقت لساحتكم مُسْتهاماً >>>>>سباهُ سنا حسنكمْ وسَحَرْ
إخواني الكرام! أخواتي الكريمات! أشكركم لاستماعكم هذا البرنامج.
عندما أقول لكل واحدٍ منكم: ابتسم لتكون أجمل، فذلك يعني أن أقول له: تفاءل بالخير تجده، واعمل على التفكير بطريقة إيجابية لتحصل على نتائج إيجابية، أو بمعنى آخر: سعادتك تصنعها بيدك، وأنت نتاج أفكارك، وبإمكاني أن أقول لك جازماً: كيف سيكون حالك بعد عشر سنوات من الآن إذا أخبرتني بما يدور في ذهنك من أفكارٍ خلال تلك المدة.
أطرفُ ما سمعتُ من قصص المتفائلين: أن امرأة أمريكية كبيرةً في السن دخلت أحد المطاعم، ووجدت شاباً يجلس على طاولته منتظراً طَلَبَه، فاتجهت تلك العجوز وجلست أمامه على نفس الطاولة، وأخذت تنظر إليه وتحدِّق فيه، وبعد وقتٍ قصير انزعج الشاب من ذلك النظر المتواصل إليه، وقال لها: أظنكِ تنظرين إلى شيءٍ في وجهي، فهل تبحثين عن شيء في وجهي؟
قالت له العجوز بهدوء، مصحوب بابتسامة صفراء: لا، عفواً؛ ولكن الغريب في الأمر أنك تشبه زوجي الثالث تماماً، نفس لون البشرة والعينين، ونفس الطول، حتى شخصيتك تشبهه تماماً، هذا أمرٌ مدهش للغاية!
قال لها الشاب باستغراب: زوجكِ الثالث؟! كم مرة تزوجت حتى الآن؟!
قالت له: تزوجتُ مرتين فقط حتى الآن.
إذاً: إلى ماذا كانت ترمي تلك العجوز المتفائلة؟! وماذا كانت تتوقع؟!
إخواني الكرام! أخواتي الكريمات! إن المتفائلين هم الذين يصنعون المجد لأنفسهم ولأمتهم، وهم الذين يسبحون في فضاءات النجاح الواسعة، تذكر دائماً أن الفكرة الإيجابية المتفائلة هي التي تنطلق بك نحو أهدافك، وأنك أنت صورةٌ لما تعتقده عن نفسك.
وفي ظل تلك العبارات السلبية التي سيطرت عليَّ شعرت بأنني غير قادرٍ حتى على معرفة الطريق إلى دورة المياه التي كنت أحوج ما أكون إليها في تلك اللحظات.
وبينما أنا كذلك أقلِّب كفاً على كف، إذ جلس بجواري رجلٌ يظهر عليه أنه أوروبي وحياني وسألني عن حالي، وطبعاً كان يتكلم باللغة الإنجليزية، سألني عن اسمي، وهويتي، ومن أين جئت، وكنت أجيبه على الفور على جميع أسئلته، ثم أخبرني بأنه سائح يحب التعرف على الآخرين، ويحب كسب الصداقات المتنوعة، ولذلك هو يرغب في الحديث معي، تفاجأت، قلت له عندها: آسف، أنا لا أستطيع أن أتحدث الإنجليزية حتى أبادلك الحديث.
عند ذلك نظر إليَّ ذلك الأوروبي باستغراب وقال: (you speak english) أنت تتحدث الإنجليزية، فنفذت تلك الفكرة إلى عقلي، فأيقظتني حقاً، قلت في نفسي: بالفعل! كيف عرف عني وعرفت عنه كل تلك الأشياء وأنا أتحدث بلغته؟! وبدأتُ أغير فكرتي عن نفسي؛ لأنني أول مرة بالفعل أدخل تجربة أختبر فيها قدرتي على التحدث، فعندها رسمت خارطة إيجابية عن نفسي، وانطلقت لأتم جميع أعمالي في ذلك البلد بنجاح، ولله الحمد على ذلك.
وأخيراً رجعتُ من ذلك البلد موفقاً بفضل الله، بعد أن عرفتُ أيضاً كيف أصل إلى مكاتب الحجوزات لتأكيد حجز تذكرة العودة، وكنت أخشى في اللحظات الأولى التي أقحمت نفسي فيها بتفكير سلبي، كنت أخشى أنني حتى الوصول إلى مكاتب الحجوزات لن أقدر عليه.
إذاً: فكل ما عليك هو تغيير طريقة تفكيرك لتغير طريقك نحو النجاح.
سأل أحد المتدربين في محاضرة كنت أتحدث فيها عن التفكير الإيجابي، سألني فقال: إن حظي سيئ دائماً فكيف أفعل؟
قلت له: حظك سيئٌ دائماً؟ ألا توجد ولو مرة واحدة حالفك فيها الحظ؟
قال: بلى.
فقلت له: ألا يمكن أن تمر بتجارب أخرى يحالفك فيها التوفيق كما كان في المرات السابقة؟
قال: بالطبع نعم.
وعندها قلت له: إذاً: كل ما عليك هو أن تتفاءل عند بداية كل عملٍ تقوم به على أنه فرصةٌ منتظرة ليحالفك فيها التوفيق، فإذا لم يكن كذلك فلعله الإخفاق الأخير، أو قبل الأخير، ثم يأتيك النجاح.
قام إديسون بألف تجربة ليخترع المصباح، وفي كل مرةٍ كان الناس يقولون له فيها: لقد فشلت يا إديسون ! كان يجيبهم: بل تعلمتُ طريقةً جديدة لا يخترع بها المصباح، وتوصلني نحو النجاح.
إن الفكرة المتفائلة تجعل منك بطلاً في مواجهة المصاعب، وشجاعاً في الأزمات، وقادراً على تخطي العقبات، وإذا كانت تلك الفكرة إيجابية منطلقةً من حسن ظنك بالله الخالق العظيم، وأنه سبحانه يريد الخير لك، وهو أرحم بك من نفسك، عندها ستمضي قُدُماً لا يقهرُ الطريقُ الصعبُ خطواتِك، ولا تفتُّ نوائبُ الدهر من عزماتِك، وليس أمتع في ذلك من قصة الخليل إبراهيم عليه السلام الذي استطاع بتفاؤله المنطلق من توكله على ربه أن يجعل من ضعفه قوة، يقول الله تعالى: قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:68-69]، وسِرُّ تحول النار التي ألقاه فيها قومُه إلى بردٍ وسلام هو أن إبراهيم عليه السلام لما أراد قومُه إلقاءه في النار قال بنفسٍ متفائلةٍ متوكلةٍ صادقةٍ موقنة: حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل، والشيء الذي هو أعظم من تحول النار إلى بردٍ وسلام هو أن يتحول القلق والاضطراب والتوتر إلى طمأنينة وسكينة، بسبب فكرةٍ إيجابية متفائلة.
ونشاهد صورة ذلك، ونشعر به عندما نستمع إلى أبي بكر الصديق ، وهو مختبئٌ في الغار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اقترب المشركون يبحثون عنهم يريدون قتلهم، واقتربوا وسيوفُهم مُصْلَتة، وعيونهم تقدح شرراً، وقفوا قريباً قريباً حتى قال أبو بكر : (يا رسول الله! لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا! فقال له: -أستاذ الإيجابيين، وشيخ المتفائلين محمدٌ صلى الله عليه وسلم-: يا أبا بكر ! ما بالك باثنين الله ثالثهما؟!).
مثلاً: إذا كنت تعاني من الخوف، وتريد أن تتخلص من تلك المعاناة، فكل ما عليك هو أن تتصرف كأنك مملوءٌ بالشجاعة.
جلستُ مرةً مع أحد أصدقائي، وراح يحدثني عن مشكلةٍ خطيرةٍ يعاني منها، وبسببها طلق زوجتَه التي أنجب منها ولداً عمره ستة أشهر، ما هي تلك المشكلة؟
أخبرني صديقي بأنه لا يحب زوجته، ولذلك اضطر إلى فراقها، وهو مع ذلك نادمٌ على ما فَعَلَه؛ لأنه يدرك أنها لا ذنب لها في كونه لا يحبها، لا سيما وأنها امرأةٌ فاضلةٌ كريمة الأخلاق، بالإضافة إلى ابنه الذي سيكون ضحية ذلك، وبعد أن أنهى حديثه طالباً الحل، قلت له: الحل ببساطة هو أن تعيد زوجتك إليك وتحبها.
سألني: أحبها؟! وكيف أحبها؟!
قلت له عند ذلك: إذا تصرفت على أنك تحبها، وعملت معها ما يعمله المحب لحبيبته، وأنت متفائلٌ بأنك ستكون ماهراً في عمل ذلك؛ سينتقل السلوك الذي تقوم به مع التكرار إلى عقلك الباطن، ليتحول بعد ذلك إلى شعورٍ يعتمل في داخلك، وعندها ستحب زوجتك، وباختصارٍ شديد: إذا عملت على أنك تحبها ستحبها، ومصداق ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الحِلْم بالتحَلُّم) والحلم لا يختلف عن الحب في كونه شعوراً سنمتلكه حقاً إذا تظاهرنا وكأننا نمتلكه.
ولا يفوتني أن أبشركم بأن صاحبي قد عاد إلى زوجته قبل أربع سنوات، وعندما سألته عن حاله مع زوجته قبل فترةٍ قريبة قال لي بالحرف الواحد: أنا الآن لا أحب زوجتي، بل أعشقها، ونحمد الله على ذلك.
أذكر مرةً أنني كنت مسافراً إلى فرنسا ، وفي مطار باريس نظر إليَّ موظف الجوازات، وقال لي: هل تتحدث الفرنسية؟
فقلت له: أنني لا أجيد الفرنسية.
فهز رأسه شزراً، وأعاد عينيه إلى جواز سفري، وعندها سألته مباشرةً: هل تتحدث العربية؟
فأجابني بالنفي.
فابتسمتُ في وجهه ابتسامةً صفراء، وهززتُ رأسي شزراً مرتين.
إن رسالته السلبية كان بإمكانها أن تهز ثقتي في نفسي وهي: أنني لا أجيد اللغة الفرنسية، والمقاومة الإيجابية هي النظر إلى واقعي من الناحية المشرقة، والتي سأجد فيها أنني أجيد اللغة العربية، ويمكنني تعلم الفرنسية بسهولة ويسر.
إن المتفائلين سعداء دائماً؛ لأن عيونهم تقع أولاً على المؤشرات الإيجابية في الأحداث مِن حولهم، كم أعجبني ذلك الموقف من أحد أصدقائي! عندما دعوته على العشاء وبقيتُ في انتظاره وقتاً طويلاً؛ لكنه تأخر عليَّ كثيراً حتى قلقتُ عليه، وأخيراً وصل، وكان سعيداً جداً مما دعاني فوراً لمعاتبته، فقلت له: متأخرٌ وسعيد؟!
قال لي: قل الحمد لله على السلامة، فقد خرجتُ قبل قليل من حادث حَطَّم مؤخرة سيارتي.
كان سر سعادة صاحبي هو: أن مؤخرة سيارته الجديدة قد تحطمت، وقد كان في غامر سعادته؛ لأن ذلك الاصطدام لم يكن في مقدمة السيارة، وإلا لكانت الخسائر أكبر.
وبتعبيرٍ آخر: ألا تتفقون معي على أن (10 %) فقط من المشاكل التي نتوقع حدوثها هي التي تقع فعلاً؟!
إذاً: أليس من العبث أن نستمر بالتفكير بطريقة سلبية؟!
أليس من الواقعية والحكمة أن نكون دائماً أكثر تفاؤلاً وإيجابية؟!
لماذا يقلق الطالب طوال أيام الامتحانات لمجرد أن فكرة الإخفاق تتبادر إلى ذهنه بين وقتٍ وآخر؟!
فعلاً صَدَقَ مَن قال: يموت الجبان ألف مرة، ويموت الشجاع مرةً واحدة.
إن معيشتنا وحياتنا تتأثر بأي فكرة نعتنقها ونتشربها، ولذلك أقول: غيِّر تفكيرك يتغير واقعك تماماً.
عملت سنوات كمشرفٍ اجتماعي متعاون في سجنٍ للأحداث، وكنتُ أستمع إلى حديث السجناء في تلك الدار من الشباب المراهقين، ومما لفت انتباهي أن الكثير منهم كان قبل دخوله الدار يسمع كثيراً هذه العبارة من والديه أو أحدهما: إن مصيرك السجن ولا شك إذا استمر سيرك على هذا الطريق، وقد أفزعني ذلك كثيراً؛ لأنني أعلم أن والدَي ذلك المراهق كانا -بطريقةٍ غير مقصودة- يرسخان في عقله فكرةً سلبيةً تجعل من نفسها واقعاً يعيشه ذلك الشاب، ولا يرى غيره، ولا يسير على غير الطريق إليه، ومن ثم فلا عجب أنه وقع فيها، أليس من الأفضل أن نبحث ولو عن إيجابية واحدة في ذلك المراهق كالذكاء مثلاً، وأن نقول له: إن ذكاءك هذا بإمكانك أن تستخدمه فيما ينفع لتكون عبقرياً مخترعاً؟! ألا نعتقد أنه يمكن أن يكون كذلك لو رسخنا في عقله تلك الفكرة؟!
التقيتُ مرةً في مدينة الخرطوم في أحد جامعاتها بشابٍ من دولة غانا من قبيلة الأشانثي، وكان لتلك القبيلة عادة غريبة للغاية سمعتُ عنها من قبل، وأردت أن أسأله عنها، وتلك العادة هي أنهم يسمون أولادهم بحسب اليوم الذي يولدون فيه، وذلك الشاب ولد يوم الأحد واسمه أكواسي ، أي: يوم الأحد، وهذه الكلمة تعني عندهم أيضاً الطيب أو اللطيف، وتأتي أيضاً بمعنى العطوف الحنون، وكان يبدو عليه أنه يتسم بتلك الصفات فعلاً.
المثير في الأمر أنه أخبرني أن الذي يولد عندهم يوم الأربعاء يسمونه كواكو على اسم ذلك اليوم الذي ولد فيه، ومعنى ذلك الاسم كواكو أي الشرير العنيف والعدواني، وكانوا بالفعل يتشاءمون من ذلك اليوم ومن يتسمى به، العجيب أن أكثر من (50 %) من الجرائم التي ترتكب في غانا يرتكبها أشخاصٌ ولدوا يوم الأربعاء، واسم كل واحدٍ منهم: كواكو.
يقول علماء الاجتماع أن التفسير الوحيد لديهم لذلك هو أن توقعاً ينشأ في أذهان الأهل بذلك، وهنا يمكننا أن نتصور امرأةً في غانا تبشر زوجها أنها حامل، فتغمره السعادة، ثم ينتابه شيءٌ من القلق ويقول: ولكن أدعو الله ألا يولد ابني يوم الأربعاء، ولكم أن تتأملوا أيضاً أول مرةً يرتكب فيها ذلك الطفل كواكو خطأً بريئاً، فيقول أبواه: لا غرابة، وقد ولدتَ يوم الأربعاء!
إذاً: فذلك التوقع لعب دوراً رئيسياً في تشكيل الخارطة الذهنية لذلك الطفل، وعمَّق تلك الفكرة السلبية في حياة المجتمع أيضاً.
أذكر أنني مررت بتجربةٍ لن أنساها، عندما ذهبتُ بابني عبد الرحمن إلى المدرسة ليلتحق بالصف الأول الابتدائي، وكنت أعتقد في نفسي أنه لكونه جديداً على أبواب الدراسة والمدرسة سيعاني كثيراً حتى يتقبل الواقع، وقد يبكي إذا تركتُه وحده، فقررت أن أبقى معه داخل المدرسة في اليوم الأول والثاني حتى يعتاد على الأجواء المدرسية، ويكتسب الجرأة والثقة، ولكني لاحظت تعلقه فيَّ أكثر، كما لاحظتُ أن ثقته في نفسه تضعف ولا تقوى كلما ازددت قرباً منه، وذلك يعني أنني بحاجة إلى البقاء معه مدة أطول.
عندها كنت أفكر: ما هو الفرق بين ابني عبد الرحمن وبين أقرانه الذين تركهم آباؤهم في المدرسة وذهبوا منذ الوهلة الأولى، ومع ذلك فهم يلعبون ويمرحون، ولم يكترثوا لذهاب آبائهم؟! كيف يمكنني أن أكسب ابني الثقة في نفسه ليكون مثلهم؟!
وعندها عدت بذاكرتي إلى طفولتي، عندما كنت في أول يوم دراسي في الصف الأول الابتدائي لقد ودعني أبي عند باب المدرسة وأوصاني بالحرص على ابن جيراننا الذي كان مستجداً في الدراسة مثلي، بالفعل فقد كنت واثقاً من نفسي حتى إنني عندما شاهدت ابن جيراننا يبكي طلبتُ من الأستاذ أن أرافقه إلى بيتهم لأرجع بعد ذلك إلى المدرسة بفخرٍ وثقة.
ولكن الآن عندي مشكلة ابني عبد الرحمن ؛ ما رأيكم؟ ما هو الحل؟ كيف أكسبه الثقة وأتمكن من تركه لوحده في المدرسة؟
الحل الذي وصلتُ إليه آنذاك هو أن أرسم في ذهني خارطةً متفائلةً عن ابني، وهي نفس الخارطة التي رَسَمَها والدي عني عندما مر بنفس التجربة، سأتركه لوحده في المدرسة، وسيكون واثقاً من نفسه، وحتى لو بكى، فلن يلبث أن يتماسك من جديد، ومضيت، وكان الأمر كما توقعتُ تماماً.
إذاً: فنحن بنظرتنا إلى الآخرين نؤثر عليهم إيجاباً أو سلباً، كما أننا نحسب ما نتوقعه من أنفسنا، والكلمة الإيجابية تلعب دوراً كبيراً في تشـكيل توقعاتنا وتصوراتنا عن الأشياء، ومصداق ذلك ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: (ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة -وعندما سئل عن الفأل قال- الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم)، وقد كان عليه الصلاة والسلام إذا بعث رجلاً في مهمة يبحث عن اسمه، فإن أعجبه كلفه بها، وإن كره اسمه رُئي ذلك في وجهه.
وكان إذا دخل قريةً سأل عن اسمها فإن أعجبه فرح بها، وإن كره اسمها رئي كراهية ذلك في وجهه.
وبعد مرور تلك التجربة سألني أحد أصدقائي مستشيراً، فقال لي: إن عملي يجعلني في أمس الحاجة لإتقان برنامج الفوتوشوب في الكمبيوتر.
فقلت له: إذا أردت أن تتعلم ذلك البرنامج فتعلَّمْه؛ لأنك ترغب في ذلك، وليس لأنه مفروضٌ عليك، وعندها ستكون متميزاً فيه.
والآن أصبح صاحبي بالفعل مبدعاً للغاية في ذلك البرنامج.
ولكي ننمي الشعور بالرغبة ليغلب على الشعور بالحاجة؛ فعلينا دائماً أن نفكر بمزايا الأشياء التي نريد الحصول عليها، أكثر من تفكيرنا بالثمن الذي سندفعه من أجلها، ولعل المحترفين في التسويق والمبيعات يعرفون أنهم لو أمضوا (90%) من الوقت في الحديث عن ثمن السلعة التي يريدون بيعها، و(10%) فقط عن مزاياها، فإنهم لن يبيعوها بالتأكيد.
كل ما علينا هو: التفكير بتفاؤل، أن نفكر متفائلين بالمتعة التي نريد الحصول عليها لننسى المشقة في الطريق إليها، ولذلك قال طالب العلم المجتهد:
أعاذلتي على سهر الليالي>>>>>ورعيي في الدجى روض السهاد
إذا رام الفتى شم المعالي>>>>>فأهون فائت طيب الرقاد
وأنا أعتقد يقيناً أن الذي يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، ويصوم النهار حتى تيبس شفتاه، يكون منشغلاً عن مشقة ذلك، لأن عقله يعيش عمق التأمل في النعيم الذي أعده الله لمن يعمل ذلك.
فذلك موسى عليه السلام لما خرج وقومه خلفه، وخلفهم فرعون وجنده يريدون إبادتهم وقتلهم، قال بعض المتشائمين مع موسى: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء:61] فرد عليهم بصرامةٍ وتفاؤلٍ وقال: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء:62]، فشق الله البحر لموسى، ونجاه وقومَه، وأغرق فرعون وجنوده.
أما نبي الله يعقوب عليه السلام الذي فقد ابنه يوسف أكثر من أربعين سنة، فقد كان متفائلاً بالخير طوال تلك المدة، ولم يقل سوى: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ [يوسف:18]، وعندما وحده قال: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [يوسف:96].
ولو تأملنا في كتاب الله لوجدناه أعظم مصدرٍ يغذينا بالتفاؤل، ويملؤنا بالإيجابية، ولذلك ترى قارئ القرآن المداوم على قراءته، والمتمثل لما فيه متفائلاً إيجابياً بطبعه.
من المواقف التي أثَّرت فيَّ كثيراً والتي لا أنساها: ذلك الموقف لطالبٍ كان يدرس القرآن الكريم في حلقة المسجد، وقد كنتُ عندها مديراً لمدرسة التحفيظ في ذلك المسجد، فجاءني أحد المدرسين ومعه طالب مشاغب جداً لدرجة أنه أزعج زملاءه في الحلقة، وقدَّمه إليَّ لأعاقبه، عندها طلبتُ من الطالب أن يقف قليلاً، وبدأت أتشاغل عنه في إنهاء بعض الأعمال، لأترك له فرصة يفكر فيها بخطئه، وبعد عشر دقائق التفتُّ إليه وسألته: ماذا تتوقع أنني سأفعل بك الآن؟
عندها أجابني قائلاً: أنا أخطأتُ، وأنت أوقفتني عشر دقائق، وأنا صبرتُ على ذلك، وأتوقع منك الآن أنك ستطلب مني أن أعود إلى حلقتي؛ لأن الله يقول: إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح:6] إن ذلك الطالب بمقدار ما اعتبر أن الوقوف كان عقاباً على قدر ما أيقن بأنه سينال الراحة والسلامة بعد ذلك العقاب، مستوحياً ذلك من آيةٍ كريمةٍ حفظها.
والآن وقبل أن أكمل هذا البرنامج أريد منكم أن تقوموا بتمرينٍ بسيط، وآمل أن تتوقفوا فعلاً للقيام به، ثم تعودوا لمتابعة البرنامج.
انظر في القرآن الكريم في جزء عم، وبالتحديد في السورة التي تلي سورة الضحى، وتسبق سورة التين، واقرأ الآية رقم (5) من تلك السورة، وكرر قراءتها عدة مرات، وتأمل كيف سيكون أثر تلك الآية عليك لو امتثلتها واستشعرتها في كل أزمةٍ أو مشكلةٍ تعيشها وتواجهها.
وأرحب بكم مرةً أخرى.
ومكافأةً لمن قاموا بالتمرين معنا أستأذنكم برحلةٍ إلى الأندلس عندما كانت في أيدي المسلمين، وكان الأمويون يحكمونها في ذلك الوقت، وهدف هذه الرحلة هو التعرف على رجلٍ متفائلٍ جداً حقَّق بتفاؤله نجاحاً باهراً، فمَن هو ذلك الرجل؟ وكيف يعيش؟ وماذا يعمل؟ وما هو النجاح العظيم الذي بدأه بفكرةٍ متفائلة؟
إن صاحبنا الذي أتحدث عنه كان يعمل حَمَّاراً، يملك حِماراً ويحمل أمتعة الناس عليه وينقلها من السوق إلى بيوتهم، ودواليك على هذه الحالة، كل يوم يخرج صباحاً، ويحمل الأمتعة، ويعود مساءً متعباً ليرتاح، ثم يبدأ يوماً جديداً.
وفي يومٍ من الأيام جلس صاحبنا الحَمَّار مع مجموعة من زملائه الحَمَّارين مثله، فسألهم سؤالاً: فقال لهم: ماذا يتمنى كل واحد منكم في المستقبل؟ كانوا متعبين للغاية ورفضوا أن يتفاعلوا معه للإجابة عن سؤاله، فقال لهم: أما أنا فعندي أمنية عظيمة، وأنا متفائل جداً أنني سأملك تحقيقها، وسأستطيع الحصول عليها، ثم قال: أنا أحلم وأُؤَمِّل أن أكون حاكماً للأندلس .
حاكماً للأندلس ؟! يقول له أصحابه: حاكماً مرة واحدة!!
فقال: نعم. هذا تفاؤلي، وهذا ما سيكون إن شاء الله، ولكن أريد أن أسألكم: ماذا يتمنى كل واحدٍ منكم أن أقدمه له بعد أن أكون حاكمَ الأندلس ؟
التفت الذي عن يمينه، وقال له: إذا أصبحتَ أنت حاكم الأندلس وذلك مستحيل، فاحملني على ظهر حماري، واجعل وجهي إلى الوراء، واجعل شرطتك يضربونني أمام الناس بالعصي، ويقولون: هذا الكذاب، هذا الكذاب.
قال له: ابشر، هذا ما يكون إن شاء الله.
ثم التفت إلى الذي عن يساره، وقال: وأنت هل تريد كأمنية صاحبك؟ أم تريد أن تتمنى؟ احلم. الأحلام مجانية.
قال له الآخر: أما أنا فسأحلم وأتمنى عندما تصبح أنت حاكماً للأندلس أن تعطيني بستاناً واسعاً، وفي ذلك البستان قصر كبير، وتعطيني جوارٍ حِساناً، وتعطيني فرساً أبيض، وبدأ يتمنى، ويحلم.
وتمر الأيام، ويفكر صاحبنا أن يحول ذلك الحلم إلى واقع، وبدأ بوضع قدمه على الخطوة الأولى، الخطوة الصحيحة.
لا أريد أن أطيل في القصة، فالذي يعنيني منها أن هذا الرجل استطاع أن يحقق حلمه، واستطاع أن ينظر إلى حلمه المتفائل واقعاً وحقيقةً أمامه.
وقرأنا في التاريخ عن الحاجب المنصور الذي حكم الأندلس لسنوات طويلة، فكان من أعظم من حكم الأندلس ، واتسعت أرض الأندلس في وقته وفي عهده إلى أوسع رقعةٍ وصلت إليها.
جلس بعد ذلك الحاجب المنصور مع وزيره، وبدأ يتحدث معه، وأثناء الحديث تذكر أصحابه الذين كانوا يعملون معه في السوق، فقال للوزير: أريدك أن تبحث لي عن فلان وعن فلان، انظر ماذا يعملان الآن.
ذهب الوزير وبدأ يبحث عنهما، أين وجدهما؟! في السوق، كلٌ منهما يعمل على ظهر حماره، قال: تعالا، الأمير يريدكما.
فلما حضرا، ووقفا أمامه، وأحدهما صاحب الفأل الحسن مبتهج مسرور، والثاني يقدِّم رجلاً ويؤخر الأخرى، سأل الحاجب المنصور -الذي لُقِّب بهذا اللقب بعد أن أصبح أميراً وحاكماً للأندلس - سأل صاحبه الأول المتفائل، وقال له: ماذا تمنيت يوم أن سألتك في تلك الأيام الغابرة الماضية؟
قال: أنا تمنيت أيها الأمير! أن تعطيني بستاناً واسعاً، وقصراً مشيداً، وجوارٍ حِساناً، وفرساً أبيض.
قال: أعطوه ما تمنى.
ثم سأل الثاني المتشائم: وأنت ماذا تمنيت؟
قال: أيها الأمير! لعلها أحاديثُ مضت وانتهت.
فقال: لا. بل تحدثني بها.
فقال: هو ذاك الذي أخبرتك به.
قال: أيها الوزير! خذه على ظهر حماره، واعمل به كما أراد.
وبعد أن انصرف رجع الوزير وقال له: أيها الأمير! وكأنك قسوتَ على صاحبك بقدر ما أكرمتَ الآخر.
فقال: ليعلم أن الله على كل شيء قدير.
نعم. أيها الإخوة! إن هذه النتيجة لا نعجب من الحصول عليها، إذا كان الطريق إليها هو التفاؤل، وهو الطريق للتفكير الإيجابي.
وبعد تلك القصة الرائعة التي تؤكد أن المتفائلين هم الناجحون دائماً؛ لأنهم يتوقعون نتائج إيجابية فتدفعهم عقولهم نحو النجاح، ويحسنون الظن بربهم.
والله ولي التوفيق.
هل ترغب في الحصول على الأفضل في حياتك؟ أم أنك مستعدٌ للرضا بالأسوأ؟
هل تحاول دائماً أن تحصل على الأفضل حتى ولو تحديت المصاعب وتخطيت العقبات؟
هل تمتلك توقعاً متفائلاً يشعرك بقدرتك على الصمود أمام التحديات؟
وبعد تلك الأسئلة أريد أن أقول لكم: إننا نستطيع أن نجيب عن جميع تلك الأسئلة بنعم، لو قررنا ذلك، ولذلك فبإمكانك أن تعيد الأسئلة، وأن تجيب عليها جميعها بنعم، وبإمكاني أن أقول لك: لو عملتَ ذلك فاعلم أنك متفائلٌ إيجابي، والنجاح حليف المتفائلين.
إن المتفائل يمر بالأزمات والمواقف الصعبة، ويتعرض للمشاكل والهموم كغيره تماماً، ولكنه في الوقت الذي يستسلم فيه الضعفاء يعلن توكله على خالقه، ويوقِّع على كل مُلِمَّةٍ أو مصيبة بقوله: لا حول ولا قوة إلا بالله!
ثم ينطلق ليبحث بين آكام الهموم المطبقة عليه عن ثقبٍ يطل به نحو الأمل، ومجرد تفكيره بأن هناك حلاً ينبغي عليه البحث عنه، فتلك خطوةٌ متفائلةٌ رائعةٌ يقعد دونها الكثير من السلبيين.
إنه من غير المتوقع أن يظن أحدٌ منا أنه يمكن التخلص من كل العوامل السلبية في حياتنا، ولكن المطلوب هو ردة الفعل الإيجابية التي تجعلنا نفكر بالحل ولو كنا في قلب المشكلة.
أعرف صديقاً لي كان يتمتع بوارف عافيته وكامل صحته ونشاطه، وفي يومٍ نقل إلى المستشفى ضحيةً لحادث اصطدامٍ بسيارته، وبقي في حالة غيبوبة لأيام، وبعدما أفاق وفتح عينيه، وأراد أن يحرك أطرافه لم يستطع حراكاً، لقد أصيب بشللٍ في أطرافه، وأصبح غير قادرٍ على تحريك أي جزء منها عدا رأسه، عندها كنت أنظر إلى عينيه، والدمع تكاد تولد بين جفنيه، وقبل أن تكتمل لتنحدر على خديه وأَدَ الدمعة بصبره، ومسحها بتفاؤلٍ لو أشرق على الأرض لأضاءها، وقال بعزمٍ وحزم: لا حول ولا قوة إلا بالله! إنا لله وإنا إليه راجعون!
لقد علَّمني صاحبي حينها أن من أعظم ما أنعم الله به علينا، هي نعمة التفكير الإيجابي؛ لأننا من خلاله نستطيع أن نمنح أنفسنا الحياة في أيٍ ظرفٍ مهما كان قاسياً.
منذ تلك الأيام وحتى الآن وأنا أزور صاحبي في مستشفى النقاهة، فأجده يتجول على كرسيه الذي يتحرك كهربائياً بالضغط على مكان مخصص بواسطة ذقنه، فيتحرك الكرسي إلى الأمام أو الوراء، أشاهده دائماً في حديقة المستشفى، وحوله مجموعةٌ من المعاقين أمثاله وهو يقرئهم كتاب الله، حتى حفظ القرآن على يديه أربعة أشخاص، أما عنه هو فقد حفظ القرآن على سريره الأبيض من خلال استماع الأشرطة، وقد كان يقول لي أثناء حفظه مبتسماً مبتهجاً: لولا هذه النعمة لما تفرغتُ لحفظ كتاب الله ولطلب العلم.
هل تعجبون مستمعيَّ من تلك القصة؟!
وأعرف قصةً أخرى تشبهها لرجلٍ عانى أكثر من تلك المعاناة بعد أن أصيب بالشلل الذي لا يكاد بعده أن يحرك غير رأسه، ومع ذلك فقد استطاع أن يعمل أعمالاً تشرئب لها الجبال، ويطمح لمثلها الأبطال، ويعجز عنها الأشاوس الأصحاء الأقوياء من الرجال، ذلك الرجل الذي لم أكشف عن اسمه حتى الآن تعرفونه كلكم، وأنا على يقينٍ من ذلك؛ لأنه استطاع أن يمسح بتفاؤله جبين الأرض لتنبت جيلاً إيجابياً متفائلاً، إن ذلك الرجل هو الشيخ أحمد ياسين ، الذي علمنا أن اليأس ليس له مكانٌ في قلوب العظماء، وأن ومضةً من فألٍ تشعل الطموح في الجسد الهامد.
فلننظر إلى مشاكلنا التي تقعدنا عن العمل والإنجاز، وعن المضي على دروب النجاح، هل هي بالفعل قادرةٌ على تكبيلنا وأسرنا؟
انظر إلى المرآة، وتأمل في عينيك، ثم ابتسم بثقةٍ وقل بصوتٍ تسمعه أنت: إن ثقتي بالله الخالق العظيم ستجعلني متفائلاً محسناً الظن به سبحانه، وإن توكلي عليه سيجعلني أقهر اليأس وأبتسم في وجه المصاعب، وأنا على يقين بأن الضيق يعقبه الفرج، وأن الخطوة نحو الأمام لن تحملني إلى غير الأمام.
وفي الأربع والعشرين ساعةٍ القادمة تحدث عن أمورٍ تبعث في نفسك الأمل، وتحدث عن أشياء إيجابية حول عملك وصحتك، حول أسرتك ومستقبلك، واستمر على ذلك لمدة أسبوع، ثم انظر إلى التطور الملموس الذي حققته، وعندها ستجد نفسك قادراً على الاستمرار على ذلك طوال حياتك.
وإذا استمعت في الأخبار عن مآسي المسلمين ونكباتهم في مشارق الأرض ومغاربها، فاعلم أن قتلانا شهداء ينعمون في جنانٍ ونعيم، وأن أسرانا يستثمرون أوقاتهم في إرضاء خالقهم، وأن جرحانا قد اختاروا أن يكتبوا للتاريخ بدمائهم أن مجد الأمة يأتي بحزمٍ وعزم.
وأما أنت أخي الكريم! وأنتِ أختي الكريمة! فدوركم أن تنظروا لأنفسكم بثقة، وأن تبحثوا لكم عن مقعد متفائلٍ في لجة المأساة؛ لأن الأمل يعقبه العمل.
وبإمكاننا أن نضع قائمةً بأسماء من يتَّسمون بتلك الصفات، ثم نبدأ بالعمل على قضاء أطول وقتٍ ممكن معهم.
والحرص على النظر إلى حسنات الآخرين، والأشياء مِن حولنا، بدلاً من النظر إلى السيئات والسلبيات.
وحمده على ما وهبنا إياه من طاقاتٍ وقدرات، وشكره على رحمته ولطفه بنا على أية حال.
سئل رجلٌ عجوزٌ مرةً عن سر سعادته وتفاؤله فأجاب: عندما أستيقظ في الصباح يكون لديَّ خياران:
أحدهما: أن أكون تعيساً.
والآخر: أن أكون سعيداً.
ولأنني ذكيٌ إلى حدٍ ما ببساطة أختار السعادة، وذلك هو سر سعادتي، كل صباحٍ أستيقظ فيه، أفكر لبرهة، وأختار أن أكون سعيداً.
والآن ما هي حالك أنت؟ كيف تنهض في الصباح؟ وإذا أعطيت الخيار فأيهما تختار: السعادة أم التعاسة؟
الأمر متروك لك، جرب أن تملأ صدرك بالهواء بعد صلاة الفجر، وأن تتأمل السماء، وقد امتزجت فيها خيوط الليل والصباح، والشمس ترقب خطوات القمر الساحرة وهو يرجع بتواضع، وخلفه بقايا النجوم الباسمة بألوان الضياء، ثم تُقْبِل الشمس بعنفوان النهار وبسمة الإشراق، فيتهادى السحاب من حول ضيائها، وترفع أنت عندها صوتك قائلاً: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
إنك عند ذلك تكون قد قررت أن تبدأ يومك بتفاؤل، بسعادة، فامضِ على بركة الله، وابتسم في وجه كل من يلاقيك، وأسمع الدنيا والناس من حولك كلماتك المتفائلة.
والآن لنخطو الخطوة الأولى: لنقطع على أنفسنا وعداً بأن نصبح أقوياء إلى حدٍ لا يمكن لأي شيءٍ بعده أن يعكر صفو هدوئنا الداخلي.
الخطوة الثانية: قرر منذ هذه اللحظة أن تتحدث دائماً عما أنعم الله به عليك من صحةٍ وسعادة، وأن تشكر الله قولاً وعملاً.
الخطوة الثالثة: حاول تشجيع أصدقائك ومَن حولك، وأن تحدثهم عن مزاياهم، وأن تكون محفزاً لهم نحو النجاح.
الخطوة الرابعة: انظر إلى الجوانب المشرقة، وكن حسن الظن بالله، متفائلاً أبداً بكل ما ترى وما تسمع.
الخطوة الخامسة: فكر بالأفضل فقط، وأنك تعمل لإنجاز الأفضل فقط، وأنك ستتوقع حدوث الأفضل دائماً؛ لأنك تستحق الأفضل.
الخطوة السادسة: تحمس وافرح لنجاح الآخرين كما تتحمس لنجاحك؛ لأن سماء النجاح واسعة، ولأنك تحب لأخيك ما تحب لنفسك.
الخطوة السابعة: عِدْ نفسك بأن تنسى تماماً جميع المواقف السلبية في الماضي، وأن تنطلق نحو إنجاز أهدافٍ عظيمة في المستقبل بإذن الله.
الخطوة الثامنة: ارسم ابتسامةً على محياك وعلى قلبك دائماً، وتذكر أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان لا يرى إلا مبتسماً.
الخطوة التاسعة: استمر في تطوير نفسك، واقضِ جل وقتك لنفع ذاتك والآخرين.
الخطوة العاشرة: تذكر دائماً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله جل وعلا: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيراً فله، وإن ظن شراً فله).
وأخيراً: أسأل الله لي ولكم السعادة في الدنيا والآخرة.
وإلى أن ألقاكم أقول لكم: ابتسموا لتكونوا أجمل.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , إبتسم لتكون أجمل للشيخ : مريد بن يوسف الكلاب
https://audio.islamweb.net