إسلام ويب

حكم صلاة الجماعة لمن تنبعث منه رائحة كريهة تؤذي المصلين

المقدم: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).

مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.

المقدم: حياكم الله.

====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الخرطوم، باعثها المستمع: محمد حسين عبد الرحمن محمد .

الأخ محمد يقول في رسالته: إنني -والحمد لله- من المواظبين على حضور الجماعات بالمسجد، إلا أنه اعتراني منذ سنوات مرض أصاب حلقي، فنتج عن هذا انبعاث رائحة كريهة يتضايق منها من يقف بجانبي، وهذا يسبب لي حرجاً شديداً، ويجعلني غير خاشع في صلاتي، فأرشدوني وفقكم الله ماذا أفعل؟ هل هذا من الأعذار المبيحة لترك الجماعة؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أن يشهد الصلاة مع المسلمين؛ لأن ذلك يؤذي المسلمين ويؤذي الملائكة، فإذا كان هذا الذي يخرج منك له رائحة كريهة تؤذي المسلمين، وأنت لا تستطيع علاجها؛ فلا حرج عليك في التخلف عن الجماعة، بل هذا هو المشروع لك، المشروع أن تتخلف عن الجماعة ولا تؤذي الناس، وتصلي في بيتك، إلا إن وجدت حيلة وعلاجاً لهذا الأمر الذي حصل لك؛ فإنه يلزمك حينئذٍ أن تعالج لإزالة هذه الرائحة بالدواء المباح، لعلك تسلم من شره وتحضر الجماعة مع إخوانك.

المقصود: أن المشروع لك أن تعالج هذا الداء حتى تزول هذه الرائحة الكريهة، فإن لم يتيسر ذلك، أو عالجت ولم يحصل فائدة، وأنت تعلم أنه يؤذي من حولك؛ فأنت معذور.

حكم مانع الزكاة

السؤال: من المستمع عبد الرحيم بن صفوت من جمهورية مصر العربية ومقيم في الخرج رسالة وضمنها بعضاً من الأسئلة، في أحد أسئلته يقول:

ما حكم من يرفض دفع الزكاة ولكنه لا ينكر وجوبها، هل يكفر؟

الجواب: من تأخر عن صرف الزكاة في مصارفها؛ فقد عصى وأتى كبيرة عظيمة، ولكنه لا يكفر، إذا كان يؤمن بوجوبها، ويعلم أنها فرض عليه، ولكن يحمله البخل والشح؛ فهذه معصية كبيرة، وعلى ولي الأمر المسلم أن يلزمه بإخراجها، ويؤدبه على ذلك، وإلا فلا يكفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي يوم القيامة ولم يؤد زكاته: (أنه يعذب بماله يوم القيامة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار)، ولم يقل: إنه من أهل النار بتاتاً وقطعاً؛ فدل ذلك على أنه تحت مشيئة الله كسائر أهل المعاصي.

حكم الطواف بالقبور

السؤال: ما حكم من يطوف بالقبور للتبرك، ولا يدعو أصحابها من دون الله؟ وهل يعذر بالجهل أم لا؟

الجواب: إذا طاف بالقبور يتقرب إلى الميت، ويرجو شفاعته عند الله بذلك؛ هذا كفر أكبر، مثل إذا دعاه واستغاث به، أما إذا طاف يحسب أن هذا مشروع، وأنه يتقرب إلى الله لا إلى الميت، كأن يحسب أنه مشروع؛ فهذا من الكبائر ومن البدع العظيمة، والواجب تعليمه حتى يبتعد عن هذا الأمر، والغالب على عباد القبور التقرب إلى أهلها بالطواف والدعاء والاستغاثة، وهذا هو الشرك الأكبر نعوذ بالله، وهذه عبادة المشركين وهذه حالهم، يتصرفون هذا التصرف حول القبور يرجون شفاعة أهلها عند الله، وهذا هو الشرك الأكبر، يقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] .. هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18]، فلم يعذرهم الله سبحانه بل قال: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18]، فسماه شركاً.

وقال في سورة الزمر في حق عباد غير الله، قال: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ، ثم قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3]، فسماهم الله كذبة كفرة؛ لقولهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، فهم كذبة في قولهم: إنها تقربنا إلى الله زلفى، وهم كفرة بهذا الفعل، بدعائهم إياهم، واستغاثتهم بهم، ونذرهم لهم، وذبحهم لهم، وطوافهم بقبورهم والتقرب إليهم.. إلى غير هذا من العبادات؛ كله كفر بالله، وكله شرك أكبر نعوذ بالله، ومن كان بين المسلمين لا يعذر بالجهالة، بل هو مشرك؛ لأن عليه أن يسأل ويتبصر، أما إذا كان في بلاد لا يبلغها الإسلام، ولم يبلغها الإسلام؛ فهو كسائر أهل الفترات الذين لم تبلغهم الدعوة، فهؤلاء أمرهم إلى الله يوم القيامة، والصواب فيهم: أنهم يمتحنون يوم القيامة، ويؤمرون بشيء؛ فإن أجابوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار، لكنهم في أحكام الدنيا يعاملون معاملة الكفرة، لا يصلى عليهم، ولا يغسلون إذا ماتوا على الكفر بالله.. على عبادة الأصنام والأوثان، أما إذا كانوا بين المسلمين يسمعون القرآن ويسمعون السنة؛ هؤلاء لا يعذرون، بل هم كفار بهذا العمل -نعوذ بالله- ويعاملون معاملة الكفرة.

حكم قول: أسألك بجاه فلان أو حق فلان

السؤال: يسأل سماحتكم فيقول:

ما حكم من يقول: أسألك بجاه فلان، أو حق فلان، هل يكون كفراً أم لا؟

الجواب: السؤال بالجاه والحق ليس بكفر، ولكنه وسيلة من وسائل الكفر، فإذا قال: أسألك يا رب بجاه فلان.. بجاه الأنبياء.. بجاه محمد.. بحق الأنبياء.. بحق محمد أو بحق فلان، هذا من الوسائل.. من وسائل الشرك، بدعة ولا يجوز؛ لعدم الدليل عليه، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع، والله سبحانه قال: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180]، فهو يدعى بأسمائه، بتوسله بالإيمان، كما قال تعالى: رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا [آل عمران:193]، فالتوسل بالإيمان: اللهم إني أسألك بإيماني بك، بمحبتي لك، بمحبتي لنبيك، هذا طيب؛ لأن هذه أعمال صالحة يتوسل بها إلى الله، وهكذا أهل الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة لما آواهم المبيت إلى غار، وآواهم المطر أيضاً مع المبيت، انحدرت صخرة من فوق الجبل؛ فسدت عليهم باب الغار، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا فيما بينهم: لن ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل إلى الله بأدائه الأمانة؛ ففرج الله عنهم سبحانه وتعالى.

فالمقصود: أن التوسل إلى الله يكون بأسمائه الحسنى، وبالإيمان ومحبة الله ورسوله، ويكون بالأعمال الصالحات؛ هذه الوسيلة الشرعية، أما التوسل بجاه فلان أو حق فلان. هذا بدعة لا تجوز.

مخالفة الأشاعرة لأهل السنة في الصفات

السؤال: أخيراً يسأل سماحتكم فيقول:

هل الأشاعرة من أهل السنة؟ أرجو التوضيح.

الجواب: الأشاعرة عندهم أشياء خالفوا فيها أهل السنة من تأويل بعض الصفات، فهم في باب التأويل ليسوا من أهل السنة؛ لأن أهل السنة لا يئولون، وهذا غلط من الأشاعرة ومنكر، لكنهم من أهل السنة في المسائل الأخرى التي وافقوا فيها أهل السنة، والواجب على المؤمن هو طريق أهل السنة والجماعة، وهو الإيمان بأسماء الله كلها وصفاته الواردة في القرآن الكريم، وهكذا الثابتة في السنة يجب الإيمان بها، وإمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ولا تأويل، بل يجب أن تمر كما جاءت مع الإيمان بها على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، ليس فيها تشبيه لأحد، يقول سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، ويقول سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

فالواجب أن تمر أسماؤه وصفاته كما جاءت، من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل ولا تكييف: الرحيم والعزيز والقدير.. وهكذا سائر الأسماء والصفات، وهكذا قوله: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [آل عمران:54]، وقوله سبحانه: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142].. إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا [الطارق:15-16]، كلها صفات تليق بالله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه كيد المخلوقين ولا مكرهم ولا خداعهم، ولكنه يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه خلقه في ذلك، وهكذا قوله في الحديث الصحيح: (من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت له باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)، كل هذه صفات تليق بالله، يجب الإيمان بها وإثباتها لله على الوجه اللائق بالله، تقرب يليق بالله، وهرولة تليق بالله، ليس فيها مشابهة للخلق، تقربه وهرولته شيء يليق به لا يشابه صفات المخلوقين سبحانه وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

وهكذا قوله في الحث على الأعمال الصالحة، (وأن الله جل وعلا لا يمل حتى تملوا)، ملل يليق بالله لا يشابه صفات المخلوقين، فالمخلوقين نقص وضعف، وأما صفات الله فهي تليق به لا يشابه خلقه، وليس فيها نقص ولا عيب، بل هي صفات كمال تليق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه فيها خلقه جل وعلا.

مدى صحة ما يروى عن أحوال الموتى

السؤال: بعد هذا رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين، يقول المرسل: ابنكم محمد من الرياض، أخونا يقول:

نسمع من بعض الناس أن هناك أموراً حصلت بعد دفن الموتى، مثل: خروج نار من القبر، أو ثعبان.. ونحو ذلك، فهل ما يقال سبق له ذكر، وذكر في بعض الكتب أو لا؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (أنه مر على قبرين، فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى! أما أحدهما فكان لا يستتر من البول -وفي اللفظ الآخر: لا يستنزه من البول- وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة).

فعذاب القبر حق، الكافر يعذب في قبره، وبعض العصاة يعذب في قبره إلا من عفا الله عنه، ومن ذلك ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في صاحبي القبرين، وأنهما يعذبان، أحدهما: بعدم تنزهه من البول، وأنه لا يبالي بالنجاسة، والثاني: بمشيه بالنميمة نعوذ بالله.

وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في كتابه أهوال القبور أشياء من هذا، أنواع التعذيب التي تقع لأهل القبور بسبب معاصيهم؛ فإن بعض الناس قد تدعو الحاجة إلى نبشه؛ إما لكونهم نسوا مسحاة عنده أو إناء أو عتلة أو غير هذا مما تحفر به القبور، فقد ينبشونه ثم يجدونه يعذب -نسأل الله العافية- قد يجدونه يشتعل قبره ناراً، وبعضهم يجدونه في رقبته نار، وبعضهم يجدون نفس المسحاة قد جعلت في رأسه.. في رقبته تشتعل ناراً.. إلى غير هذا كما ذكر ابن رجب رحمه الله.

فالمقصود: أن الله قد يطلع بني آدم على بعض العذاب الذي يكون في القبور، وقد أخبرني إنسان -لا أذكره الآن من نحو ثلاثين سنة أو أربعين سنة- أنه بلغه أن عمته تعذب في قبرها، وأنه أخبره أناس أنهم وقفوا على قبرها وسمعوا العذاب، قال لي: إني ذهبت إليها في يوم من الأيام لأعرف الحقيقة، فجئت إلى القبر فسمعت فيه صياح المعذب، سمعت فيه صياحاً وما يدل على العذاب، وهذا ليس ببعيد؛ فإن الله يطلع بعض عباده على ما يشاء؛ للعظة والذكرى والترهيب، كما يطلعهم سبحانه على بعض النعيم لبعض أهل القبور، فقد يدفن الإنسان ثم ينفح من قبره ريح المسك كما ذكر ذلك بعض السلف، وأخبرني ثقة من إخواننا من نحو ثلاثين سنة أو حولها أنهم كانوا في بيداء من الأرض مسافرين، فمات معهم شخص فنزلوا ليدفنوه، فحفروا في أرض ليس فيها أثر في أثناء سفرهم، فوجدوا قبراً فيه إنسان يفوح قبره مسكاً.. طيباً عظيماً، ووجدوه على حاله لم يتغير في قبره، فدفنوه وساووا قبره عليه، وحفروا لميتهم في مكان آخر ودفنوه، وهذه من آيات الله سبحانه التي يطلع بها بعض عباده على نعيم قوم، وعلى عذاب آخرين للذكرى والعظة.

كتب فقهية مفيدة لطالب العلم

السؤال: بعد هذا ننتقل إلى حفر الباطن من المنطقة الشرقية عبر رسالة بعث بها المستمع: محمد طه إبراهيم .

الأخ محمديقول: لو تكرمتم سماحة الشيخ! دلوني على الكتب الفقهية التي أستفيد منها في ديني ودنياي؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: نعم، الكتب الفقهية كثيرة، ولكن من أحسنها: حاشية ابن قاسم .. الشيخ عبد الرحمن بن قاسم على الروض المربع في شرح زاد المستقنع، وهي مطبوعة وموجودة.

ومن أحسنها أيضاً: المقنع للموفق بن قدامة ، عليه حاشية للشيخ: سليمان بن عبد الله آل الشيخ جيدة مفيدة.

ومن أحسنها: العمدة للموفق مختصرة في الفقه لـعبد الله بن أحمد بن قدامة صاحب المغني.

ومن أحسنها: دليل الطالب، وشرحه منار السبيل شرح الدليل، وعليه تخريج لأخينا في الله العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، هذه كلها كتب مفيدة.

الأيام التي يستحب صيامها

السؤال: ما هي الأيام التي يستحب صيامها غير الست من شوال؟

الجواب: يستحب صيام الإثنين والخميس من كل أسبوع، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومهما، ويقول: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله؛ فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)، وكذلك صيام أيام البيض، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولو من غير البيض، الثلاثة أيام من كل شهر سواء صادفت البيض أو غيرها، يستحب أن يصوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بذلك جماعة من الصحابة، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر أمر مشروع، وإذا جعلها في أيام البيض كان أفضل، وأفضل الصيام النافلة أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن عمرو : (أفضل الصيام أن تصوم يوماً وتفطر يوماً)، وهذا صيام داود عليه الصلاة والسلام، وليس هناك أفضل منه، وهكذا صيام يوم عرفة لغير الحجاج سنة، وإن صام التسعة كلها؛ فهي أيام عظيمة فاضلة، وأفضلها يوم عرفة يصومه.

حكم تنفيذ الوصية إذا كان فيها ضرر

السؤال: من تبوك المستمع: محمد غانم بعث برسالة، ويقول فيها:

لي أخ توفي لرحمة مولاه، وترك مجموعة من البنات، وأوصاني في حياته -وهو في تمام عقله- ألا أزوج بناته لأشخاص معينين هم أبناء عمومتنا، حيث أنه كان قد صار بينهم سوء تفاهم دنيوي، وحالياً قد تقدموا إلي بطلب الزواج من البنات، لكني محتار في تلك الوصية، هل أنفذها أم أقوم بتزويج البنات؟ جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.

الجواب: إذا كانوا أهل استقامة ودين، ورضي بهم البنات فزوجهم، ولا وجه للوصية، (إنما الطاعة في المعروف)، لو كان حياً ليس له ذلك، إذا كانوا مستقيمين والبنات يرضون بذلك فلا بأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض أو فساد كبير -أو قال: عريض-).

فالمقصود: إذا كان الخاطب كفأً في دينه لا بأس به، ورضيت به المرأة فلا بأس، ولو كان أبوها أوصى بعدم تزويجه، لا يسمع لهذه الوصية ولا يلتفت إليها.

أسباب شرح الصدر وإزالة الهموم والغموم

السؤال: رسالة بعثها أحد الإخوة المستمعين يقول: المرسل (ماجد . ع. س).

أخونا ماجد له سؤالان في أحدها يقول: ما هي الأمور التي تساعد على إزالة الهموم والغموم التي تصيب المسلم؟ وهل يشرع أن يرقي المسلم نفسه من أجل ذلك؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: من أعظم الأسباب التي يزيل الله بها الهموم والغموم: الإكثار من ذكر الله سبحانه، والصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام، والإكثار من قراءة القرآن؛ فإن ذلك من أسباب شرح الصدر وزوال الهم والغم، فأكثر من ذكر الله، ومن قراءة القرآن ومن الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام، مع الاستغفار والتوبة من المعاصي والحذر منها، احذر المعاصي كلها، وتب إلى الله من سالفها، وأكثر من الاستغفار؛ وأبشر بالانشراح، وزوال الهموم والغموم، فطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم أعظم سبب في انشراح الصدر وزوال كل ما يضرك ويسوؤك.

ولا بأس أن ترقي نفسك: تقرأ على نفسك الفاتحة، أو آية الكرسي، أو قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، أو بكلها، الرقى طيبة، كان النبي يرقي نفسه صلى الله عليه وسلم.. كان عند النوم يجمع كفيه ويرقي نفسه، يقرأ فيهما بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات صلى الله عليه وسلم، ثم يمسح بهما ما أقبل من جسده: رأسه، ووجهه، وصدره، فإذا رقيت نفسك بما يسر الله، يعني: قرأت على نفسك بما يسر الله من القرآن؛ فذلك من أحسن الأشياء، ومن ذلك الرقى بالفاتحة وآية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتان، كل هذا طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم -مثلما تقدم- كان يرقي نفسه بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات، يقرأها في كفيه عند النوم عليه الصلاة والسلام، ويمسح بكل مرة ما أقبل من جسده على رأسه ووجهه وصدره.

عاقبة الظلم

السؤال: أرجو أن تحدثونا عن الظلم، وعاقبة من ظلم الآخرين في الإسلام؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: الظلم من أقبح الكبائر والذنوب، وعاقبته وخيمة، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19]، كما في سورة الفرقان، ويقول سبحانه: وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [الشورى:8].

فالظلم منكر عظيم وعاقبته وخيمة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)، ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي الذي رواه عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا).

فالواجب الحذر من الظلم لجميع العباد: لأهلك لزوجتك لإخوانك لأولادك لأمك لأبيك لجيرانك لغيرهم، أو لعمالك لا تظلمهم، أعطهم أجورهم كاملة، كلما انتهى شهر أعطه أجرته إذا طلب ذلك، وهكذا تعطي العامل أجره، تعطي العاملة أجرها، تعطي الطبيب أجره، تعطي من عندك حقوقهم من أولاد وغيرهم وزوجة وغيرهم.

المقصود: أن تحذر الظلم في نفس أو مال أو عرض، لأي أحد من الناس، إن الله حرم على الناس دمائهم وأموالهم وأعراضهم.

فالمؤمن يحاسب نفسه، ويتقي ربه، فلا يظلم أحداً من الناس لا من قريب ولا من بعيد، لا في نفس ولا في مال ولا في عرض.

حكم منع الأخ لأخته من الدراسة مع موافقة والديها على الدراسة

السؤال: بعد هذا رسالة وصلت إلى البرنامج من سوريا - حلب، باعثتها إحدى الأخوات تقول: أختكم في الإسلام.

تسأل سماحتكم وتقول: إن لها أخاً منعها عن الدراسة مع وجود أبيها وأمها على قيد الحياة، ومع رضاهم بأن تدرس، وتستشير سماحتكم في هذا الموضوع في رسالة مطولة؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: إذا كان أخوك منعك من الدراسة؛ لأن فيها ما يخالف الشرع المطهر، لأن فيها اختلاطك بالشباب، أو لأنها دراسة تضرك ليست دراسة تنفعك؛ فهو محسن ومصيب، أما إن كان منعك من الدراسة الشرعية في مدرسة ليس فيها اختلاط، وليس فيها منكر يضرك مع بنات دراسة شرعية، أو دراسة تنفعك في الدنيا ليس فيها محذور؛ فقد أخطأ، ولا بأس أن تعصيه وأن تطيعي والديك.

المقصود: النظر في المنع؛ فإن كان منعه لك لأمر شرعي، فاتق الله وأطيعيه؛ لأنه يمنعك مما يضرك في دينك، أما إذا كان منعه ظلماً لك، وليس له موجب شرعي، لأن الدراسة ليس فيها محذور مع بنات، ودراسة شرعية أو مباحة؛ فمنعه لك يكون ظالماً، لا حق له في المنع، وعلى والديك أن يأخذا على يديه، وأن يمنعاه من التعدي عليك، ولك أن تشكيه على الجهات المسئولة حتى يمنعه من ظلمك، أما إذا كان أخوك صالحاً يريد لك الخير ويمنعك من الشر؛ فهو محسن، وعليك أن تطيعيه فيما يرضي الله جل وعلا.

المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.

سنعود إلى رسالتك يا أختنا في الله من سوريا - حلب في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى.

سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

الشيخ: نرجو ذلك!

المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية الإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحة الشيخ.

وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب (1005) للشيخ : عبد العزيز بن باز

https://audio.islamweb.net