إسلام ويب

اختلفت الأخبار وتنوعت الآثار في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الضحى ومواظبته عليها أو تركها وعدم فعلها، وإن كان بعض أهل العلم قد ذهبوا إلى التوفيق والجمع بين الروايات وتمحيص الأسانيد والتنقيب عن الصحيح منها من الضعيف والموقوف من المرفوع. وكل هذا منثور في ثنايا هذه المادة.

شرح حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ...)

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيراً، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله ) رواه مسلم.

وله عنها: ( أنها سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه ) .

وله أيضاً عنها رضي الله عنها قالت: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى، وإني لأسبحها ).

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) رواه الترمذي .

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة ) رواه الترمذي واستغربه.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي، فصلى الضحى ثماني ركعات ) رواه ابن حبان وصححه ].

الشرح: هذه الأحاديث كما أسلفت كلها تتعلق بصلاة الضحى، ويبدو أننا لن نتمكن من بحث المسائل الفقهية العارضة في الأحاديث، ولذلك لجأت إلى طريقة: وهي أن نتكلم عن الأحاديث نفسها وتخريجها وما يتعلق بها، والإشكالات الواردة فيها، ونرجئ المباحث الفقهية الموجودة فيها لأول الجلسة القادمة بإذن الحي القيوم، فالأحاديث مجملاً فيها مسألة صلاة الضحى بتفاصيلها.

أولها: حكم صلاة الضحى.

وثانيها: وقت صلاة الضحى.

وثالثها: عدد ركعاتها. فهذه المسائل إن شاء الله تعالى نبحثها في أول الدرس القادم، أما اليوم فنبدأ بالأحاديث.

الحديث الأول ذكره المصنف رحمه الله قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله ) والحديث يقول المصنف: رواه مسلم .

تخريج الحديث

وقد خرجه مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف: (ويزيد ما يشاء الله) وذكر مسلم رحمه الله لفظاً آخر: (ويزيد ما شاء) يعني: ما أراد من الركعات على الأربع.

وقد خرجه غير من ذكر المصنف أيضاً الإمام أحمد في مسنده، والطيالسي في مسنده أيضاً، والترمذي ولكن في كتاب الشمائل له، وليس في جامعه، وكذلك خرجه أبو عوانة في مسنده المستخرج على صحيح مسلم، وخرجه البيهقي في سننه، والبغوي في شرح السنة، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، وعبد الرزاق، وابن حبان كما في الإحسان .. وغيرهم.

وهناك رواية عند أبي يعلى في مسنده المطبوع، بنحو لفظ حديث الباب، وزاد: ( لا يفصل بينهن بكلام ) هذه الزيادة عند أبي يعلى : (لا يفصل بينهن) يعني: بين الأربع بكلام، أما الحديث الأصل حديث مسلم هذا لا كلام فيه، أما الزيادة عند أبي يعلى : ( لا يفصل بينهن بكلام ) ففي إسنادها الطيب بن سلمان أو الطيب بن سليمان، وقد وثقه ابن حبان رحمه الله وضعفه الدارقطني .. وغيره، والأظهر أنه ثقة، قال الطبراني: هو بصري ثقة. وحسن البوصيري له أحاديث، فالأرجح أن سند الحديث حسن إن شاء الله تعالى.

فوائد الحديث

الحديث فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى.

وفيه أيضاً: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى أربعاً على الغالب، وهل يفصل بينها أو لا يفصل؟ الأظهر أنه يسلم من كل ركعتين، بدليل رواية أبي يعلى قال: ( لا يفصل بينهن بكلام ) وهذا قد يدل على أنه يفصل بالسلام، لكنه لا يتشاغل بغيره، وهو الظاهر من الأحاديث الأخرى كما سوف يأتي.

وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قد يزيد على الأربع ما شاء الله، فالأربع هي غالب فعله، وقد يزيد عليها، وسوف يأتي ما يعارض هذا الحديث في أحاديث الباب أيضاً.

شرح حديث: (هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟...)

أما الحديث الثاني: فهو ما ذكره المصنف أيضاً عن عائشة رضي الله عنها ( أنها سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه ) والحديث أيضاً نسبه المصنف رحمه الله تعالى إلى مسلم. ‏

تخريج الحديث

وقد خرجه مسلم في صحيحه في الموضع السابق، في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، عن عبد الله بن شقيق قال: ( سألت عائشة

رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يقدم من مغيبه
) وفيه تحديد لهذا المبهم في الحديث أنها سئلت.

وكذلك رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي في سننه في كتاب الصيام، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر عائشة رضي الله عنها فيه، يعني: في الصوم، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبغوي في شرح السنة، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والطيالسي في مسنده .. وغيرهم.

وقد جاء في الحديث رواية طويلة مفيدة لا بأس بإيرادها، ذكرها الإمام أحمد في المسند، والحديث هو في الجزء السادس من المسند في صفحة (152)، وذكرها أيضاً ابن حبان في صحيحه، وذكر طرفاً منها النسائي وأبو داود .. وغيرهما، وفيه: أن عبد الله بن شقيق رحمه الله قال: قلت لـعائشة : ( هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يقدم من مغيبه ) وهذا هو موضع الشاهد الذي ذكره المصنف.

( ثم قال لها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً؟ قالت: نعم، بعدما حطمه السن ) وفي رواية: (بعدما حطمه الناس) أي: بعدما كثر عليه الناس، فأصابه من ذلك ضعف في جسمه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وآله وسلم.

( قال: قلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بين السور؟ قالت: نعم، من المفصل ) والمعنى: أنه يقرأ السورتين في ركعة واحدة.

( قالت: نعم، من المفصل. قال لها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً معلوماً غير رمضان؟ قالت: لا، والله ما صام شهراً كاملاً غير رمضان حتى ذهب لسبيله، ولا أفطر شهراً كاملاً حتى ذهب لسبيله ) أي: أنه لا يترك شهراً إلا ويصوم منه، ولا شهراً إلا ويفطر منه، إلا رمضان فإنه يصومه عليه الصلاة والسلام منذ فرض.

( قال: قلت: فأي أصحابه صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر

. قلت: ثم من؟ قالت: عمر

. قلت: ثم من؟ قالت: أبو عبيدة

. قلت: ثم من؟ قال: فسكتت ) وهذا الحديث فيه فوائد ظاهرة، وإن لم تكن من فوائد الباب لكنها تستفاد وتستنبط.

شواهد الحديث

ولحديث الباب الحديث الأصل: (أنه لا يصلي صلاة الضحى إلا أن يجيء من مغيبه) له شاهد عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: ( ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلا أن يجيء من غيبة ) وقد أخرجه -أعني حديث ابن عمر - ابن خزيمة وابن حبان وسنده حسن، ويرتفع بحديث الباب إلى أن يكون صحيحاً لغيره.

والسائل كما سلف أنها سئلت، السائل هو عبد الله بن شقيق رحمه الله تعالى، كما في الرواية الأخرى في مسلم .. وغيره.

الجمع بين حديثي عائشة في إثبات صلاة الضحى ونفيها

وفي الحديث نوع إشكال؛ فإن الحديث الأول فيه: أنها أثبتت: ( أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى أربعاً ويزيد على الأربع ما شاء الله ) وفي هذا الحديث نفت أن يكون يصلي الضحى إلا في حالة واحدة، وهي إذا قدم من سفر.

وقد أجاب عن هذا الإشكال الإمام ابن حبان رحمه الله كما في الإحسان فإنه قال في الجمع بين الحديثين ما خلاصته: أن نفيها رضي الله عنها لصلاة الضحى من النبي صلى الله عليه وسلم محمول على أنه لم يكن يصليها في المسجد، وإثباتها أنه كان يصلي الضحى أربعاً، أي: أنه كان يصليها في بيته، وقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر أن يصلي المرء النافلة في بيته، حتى قال عليه الصلاة والسلام: ( أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة ) وأما إذا قدم من سفر فكان يصليها في المسجد، كما أرشدت إلى ذلك أحاديث، منها: حديث كعب في الصحيحين، وسبق: ( أنه إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين )، فبذلك تأتلف هذه الأحاديث، فيكون نفيها لصلاة الضحى، أي: أن يوقعها في المسجد، وإثباتها أنه يصلي أربعاً ويزيد ما شاء الله، أنه كان يفعل ذلك في منزله.

هذا خلاصة ما جمع به ابن حبان بين الحديثين، وقد نقل المحب الطبري نحو هذا عن بعض أهل العلم، وأظن أنه يعني ابن حبان، فإن اللفظ متقارب بينهما، هذا جمع، وهو جمع حسن، بل هو أولى ما جمع به بين الحديثين، وقد جمع بعضهم بضروب أخرى من الجمع، فقال بعض أهل العلم: المعنى أنه لم يكن يداوم عليها في حال الإقامة، لكنه إذا قدم من سفر كان يصليها دائماً، فكلما قدم من سفر صلاها، أما إذا كان مقيماً، فإنه يصلي ويترك، فيكون نفيها نفياً للاستمرار والمداومة، وهذا وجه، وسيأتي له مزيد تفصيل إن شاء الله تعالى.

الوجه الثالث: أن يكون المنفي إيقاع الصلاة على صفة مخصوصة، وهيئة مخصوصة، وعدد مخصوص، والمثبت هو إيقاعها من غير عدد مخصوص، ولذلك قالت في الحديث الأول: ( ويزيد ما شاء الله ) أي: أنه يزيد على الأربع، فربما صلاها ستاً أو ثمانياً، وربما صلى أكثر من ذلك، فيكون المنفي إيقاعها على صفة مخصوصة، وعدد مخصوص.

هذه ثلاثة أوجه للجمع بين تلك الأحاديث.

شرح حديث: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى...)

الحديث الثالث: وهو أيضاً من حديث عائشة رضي الله عنها، وهو أيضاً في مسلم كما ذكر المصنف: أنها رضي الله عنها قالت: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها ). ‏

تخريج الحديث

والحديث رواه مسلم في الموضع المشار إليه سابقاً، في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وزاد مسلم في صحيحه في تلك الرواية، قالت: ( وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به؛ خشية أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم )، بل الحديث في صحيح البخاري، وهذا ما يستدرك على المصنف رحمه الله تعالى، فقد خرج الحديث البخاري في صحيحه، في كتاب التهجد، باب تحري رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل، وتحريضه عليه، وفيه -أعني في صحيح البخاري - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به؛ خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم، وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها ) فقد خرج البخاري حديث الباب كاملاً عن عائشة رضي الله عنها، فحق الحديث أن يكون متفقاً عليه.

والحديث أيضاً أخرجه الإمام أحمد في المسند، ومالك في الموطأ، وأبو داود، والنسائي ولعله في الكبرى، فقد نسبه جماعة إلى النسائي، ولم أجده في المطبوع، ولكن أشار المزي في تحفة الأشراف إلى أنه في السنن الكبرى، وأخرجه البيهقي، وأبو عوانة، وعبد الرزاق .. وغيرهم.

معاني ألفاظ الحديث

وقولها: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط ) المقصود بسبحة الضحى أي: نافلة الضحى، أو صلاة الضحى.

وقولها: ( وإني لأسبحها ) أي: لأصليها.

وقولها: ( وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به؛ خشية أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم ) دليل على أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى لهذا العذر، وهذا العذر زال بموته صلى الله عليه وسلم، فأصبحت صلاة الضحى على أصل الاستحباب، كما ذهب إليه طوائف من أهل العلم، فالكلام هنا في صلاة الضحى، كالكلام في صلاة التراويح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ثلاث ليال أو أربع، ثم انتظر الناس خروجه فلم يخرج؛ خشية أن تفرض على الناس، وأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يصلوا في بيوتهم، كما في صحيح البخاري .. وغيره.

الجمع بين حديثي عائشة: (أنه كان يصلي الضحى) وقولها: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط)

والحديث أيضاً فيه إشكال؛ فإنها رضي الله عنها نفت أن تكون رأت النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى قط، أي: أبداً، وهذا دليل على أنها لم تره صلى الله عليه وسلم صلى، مع أنها قالت قبل قليل: ( إنه كان يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله ) والجمع بين هذين الحديثين أن يقال: هي رضي الله عنها، وإن لم تكن رأت النبي صلى الله عليه وسلم بعينها صلى سبحة الضحى، إلا أنها علمت ذلك عن غيرها من الصحابة، وقد كان الصحابة يروي بعضهم عن بعض، كما روى ابن عباس أحاديث كثيرة، عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر، وأبو هريرة، والفضل بن عباس .. وغيرهم، بل قال أهل العلم: إن ابن عباس لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث مباشرة إلا نحو أربعين حديثاً، أما بقية أحاديثه فمراسيل عن الصحابة، وهكذا أبو هريرة رضي الله عنه روى عن الفضل بن عباس .. وغيره، وروى أحاديث لم يرها ولم يشهدها عن عمر وغيره، فيكون هذا من هذا الباب، أي: أن عائشة روت ذلك عن بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، أو عن بعض أزواجه عليه الصلاة والسلام، رضي الله عنهم جميعاً.

هذا جواب على ما يظهر من ذلك، ولا يشكل في نظري على هذا الجواب إلا أمر واحد، لعله يأتي بعد قليل، وهو حديث عائشة الأخير أنها قالت: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فصلى الضحى ثماني ركعات ) فظاهر الحديث أنها رأته؛ لأنه صلاها في بيتها، هذا هو الإشكال، ويجاب عن هذا الإشكال بجانبين:

الأول: أن في الحديث ضعفاً -أعني حديث ابن حبان -، فإن فيه المطلب بن عبد الله بن حنطب وسيأتي الكلام. والأظهر أن الحديث مرسل أنه لم يرو عن عائشة رضي الله عنها، هذا جواب.

الجواب الثاني: أن يقال أيضاً: إن نفيها لرؤية الصلاة هو نفي أغلبي، قولها: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قط ) هذا نفي أغلبي، ولا يمنع أن تكون رأته يوماً أو يومين، فإن هذا لا يعارض ذلك، ولا يمنع أيضاً أن تكون علمت ذلك عن بعض أزواجه؛ لأنها رضي الله عنها كانت واحدة من تسع أو عشر نسوة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بينهن، فيكون نصيبها يوماً من عشرة أيام، ويعرض له السفر لحج أو عمرة أو غزو.. أو غير ذلك، أو ينشغل بالوفود وما سواها، فلا غرابة ألا ترى عائشة رضي الله عنها ذلك منه عليه الصلاة والسلام.

فالحكم في الغالب تأليفاً بين الأحاديث، خاصة مع ورود ما يعكر على النفي المطلق، أن يكون صلى الضحى عليه الصلاة والسلام، ولذلك قال البيهقي رحمه الله في الجمع بين هذه الأحاديث، قال: عندي أن المراد بقوله: (ما رأيته يسبحها) أي: ما رأيته سبحها، أي: داوم عليها، وهذا ينسجم مع ما ذكرته أنها تعني نفي الغالب، قال: أي: داوم عليها.

وقولها: (وإني لأسبحها) أي: أداوم عليها، وكذا قولها في حديث آخر إنه: (ما أحدث الناس شيئاً خيراً من صلاة الضحى) أي: من المحافظة عليها والمداومة، وهو ما يفهم أيضاً من حديث الباب، فإنها رضي الله عنها عقبت بقولها: ( وإن كان صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمله؛ خشية أن يعمله الناس، فيفرض عليهم ) فهو عليه الصلاة والسلام لم يكن يدع هذا العمل بالكلية، إنما يدع المحافظة عليه والمداومة، هذا هو المعروف، كما صلى التراويح ثلاث ليال أو أربعاً.

شرح حديث: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)

الحديث الرابع: هو حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ).

تخريج الحديث

يقول المصنف رحمه الله: رواه الترمذي .

والواقع أن الحديث رواه مسلم أيضاً في صحيحه بلفظه في الكتاب السابق، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، وفيه قصة في مسلم : ( أنه رأى قوماً يصلون من الضحى، فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) فالحديث يجب أن يستدرك أيضاً على المصنف رحمه الله تعالى، فإنه من إخراج مسلم، أما الترمذي فلا أجد أنه قد خرجه أيضاً، يراجع بالنسبة للترمذي.

والمعلق يقول: إنه لم يخرجه الترمذي، فأنا لا أذكر الآن أنه في الترمذي أيضاً، والأظهر أنه ليس فيه، إنما لا حرج أن يتأكد منه ومن عزو المزي أيضاً للترمذي، وهناك احتمال أن يكون الترمذي خرجه في الشمائل؛ لأنه خرج أحاديث صلاة الضحى عدداً منها في الشمائل، كما عزوناها قبل قليل، فيحتمل أن يكون الترمذي خرجه في الشمائل، فيتأكد من ذلك أيضاً.

أيضاً: أخرج الحديث الإمام أحمد في مسنده، والبيهقي، وابن خزيمة، وأبو عوانة، والطيالسي، والبغوي في شرح السنة، والطبراني في معجمه الكبير .. وغيرهم.

معاني ألفاظ الحديث

قوله: (صلاة الأوابين) جمع أواب، من آب إذا رجع، فالأوابون هم الرجاعون، والأواب: هو كثير التوبة والرجوع إلى الله عز وجل، وقيل: هو المسبح، وقيل: هو الذاكر، وهذه المعاني كلها متقاربة، ومعناها يدور حول معنى الطاعة لله عز وجل، والانقطاع إليه.

وقوله: (حين ترمض الفصال) هو بفتح التاء وفتح الميم أيضاً: تَرمَض، كما ضبطه النووي في غير موضع كـالمجموع .. وغيره، وكذلك في شرح مسلم بفتح التاء والميم: حين تَرمَض الفصال.

والمعنى (ترمض) أي: تصيبها الرمضاء، وهي شد حر الرمل من الشمس، و(الفصال) جمع فصيل، وهي أولاد الإبل، والمعنى: أن صلاة الأوابين الرجاعين العابدين تكون إذا اشتد حر الشمس، ورمضت الفصال، فقامت في شدة الحر، قال النووي : وبالت في أخفافها، هكذا قال. فالمعنى: أن الصلاة تكون عند شدة حر الشمس وارتفاعها.

وقت صلاة الضحى

والحديث يتعلق بوقت صلاة الضحى، والمعروف عند الفقهاء أن وقت صلاة الضحى يمتد من ارتفاع الشمس إلى زوالها، وارتفاع الشمس يكون بعد طلوعها بنحو عشر دقائق إلى ربع ساعة، وهو ما عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كما سبقت معنا في أوقات النهي في المواقيت ارتفاع الشمس قدر رمح، وهذا تقطعه الشمس في نحو عشر دقائق إلى ربع ساعة.

طرائف عجيبة وقصص مفيدة

نفصل بسرعة ببعض الطرائف المفيدة أيضاً، يقول: قالت دلالة -امرأة تخطب النساء- قالت لرجل: عندي امرأة كأنها طاقة نرجس، فطمع بها الرجل وتزوجها، فإذا هي عجوز كبيرة السن شمطاء، فذهب إلى تلك المرأة وقال لها: كذبتِ علي وغششتني، قالت: ما غششتك، لكنني قلت: كأنها طاقة نرجس، فشبهتها بها؛ وذلك لأن شعرها أبيض، ووجهها أصفر، وساقها أخضر، فهي كطاقة النرجس إذاً.

الحجاج رجل باطش سريع إلى الدماء، تقول كتب التاريخ: إنه قتل مائة ألف نفس، ولكن دون شك، ففي هذا الرقم مبالغة ممجوجة، ولا يمكن لرجل في عصر التابعين أن يقتل مائة ألف نفس، ولكنه كان سريعاً إلى الدماء ويقتل بالظنة، وكان جباراً عنيداً.

دخلت عليه امرأة من الخوارج فقال لها: والله لأحصدنكم حصداً، ولأعدنكم عداً، قالت له: أنت تحصد والله يزرع، فأين قدرة المخلوق من قدرة الخالق؟

وما أحوجنا أن تقال هذه الكلمة التي قالتها امرأة خارجية للحجاج، ما أحوجنا أن يقولها رجل سني للطغاة، الذين يحصدون ما بذر الله تعالى في هذه الأمة من الخير والهدى، بقتل الشباب المؤمن، وإيذائهم ووعيدهم.

من أخبار النساء أيضاً: أخت بشر الحافي، وهذه طرفة معروفة لكنها مفيدة، أخت بشر الحافي ذهبت للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وقالت له: إنا نغزل على سطوحنا -يعملون الغزل على السطوح-، قالت: فتمر بنا مشاعل الظاهرية، تعني: الحرس، كأن تكون معهم مشاعل يمشون بها في الأسواق، ويقع الشعاع علينا، أفيجوز أن نغزل على شعاعهم؟ قال لها: من أي بيت أنتِ؟ من أنتِ عافاكِ الله؟ قالت له: أنا أخت بشر الحافي، قال لها: من عندكم يخرج الورع، لا تغزلي عليها. أفتاها الإمام أحمد بما يناسب حالها؛ وذلك لأنه عرف أنها من بيت ورع وتقوى، وبعد ومحاذرة عن المشتبه، ولذلك أمرها ألا تغزل على مشاعل الظاهرية كما قالت.

هذه أيضاً من الطرف العجيبة، من الأمثال التي يقولها العرب أحياناً يقولون: ما هكذا تورد يا سعد الإبل، فما قصة هذا المثل؟ له قصة طريفة تتعلق بأحد الحمقى من العرب، واسمه: زهير بن جناب الكلبي ومالك بن زيد بن مناة بن تميم كلاهما من الحمقى، كان مالك هذا يرعى لأخيه سعد إبله، يذهب بها ويروحها في المرعى، فكبر فزوجه أخوه سعد، سعد هذا رجل عاقل، زوج مالكاً فتاة من الحي، وكان اسم زوجته نوار بنت عدي بن عبد مناف، زوجه في الصباح فخرج الرجل يرعى الإبل وعاد في المساء، فلما رجع ممسياً دخل على زوجته وعلبته في يده، ونعلاه في رجليه، وكساؤه على منكبه، فجلس في الزاوية -في زاوية الغرفة- ينظر إلى هذه المرأة، فقالت له: ضع نعليك، قال: رجلي أحرز لها -يعني: رجلي أحفظ لها- قالت له: ضع علبتك وهي في يده، قال: يدي أحفظ لها، قالت: ضع كساءك، قال: عاتقي أحمل له، فكان الرجل فيه جفاء وحمق أيضاً، فأعطته طيباً يضعه في رأسه، فوضعه في فرجه، فقالت: لم؟ قال: مناتني أحوج إليه، فدنت منه وقد تطيبت وتعطرت، فوثب عليها وتجللها، فلما أصبح غدا عليه أخوه سعد يريد يذهب ليسرح كالعادة بالإبل، فقال له أخوه سعد : يا مال -وهذا من باب الترخيم، كما هو معروف عند أهل اللغة. يعني: يا مالك - اغد على إبلك، اذهب إلى إبلك، قال: والله لا أرعاها أبداً، اطلب لها راعياً سواي، فاضطر سعد إلى أن يذهب ليسرح بالإبل في ذلك اليوم، ولم يكن معتاداً عليه، فتفرقت عليه الإبل وتشتتت وضاع بعضها، وعجز عنها وبعضها هنا وبعضها هناك، حتى تعب وراءها أشد التعب، فبدأ سعد يتذمر من أخيه ويقول:

يظل يوم وردها مزعفراوهي خناطيل تجوس الحضرا

يعني: أن أخاه الأحمق مالك هذا يظل يوم ورد الإبل مزعفراً، يعني: قد وضع الزعفران عليه وتطيب، وهذه الإبل متفرقة تجوس الحضرا أو الخضرا، فقالت له امرأته: أجب أخاك سعداً، قال لها: ماذا أقول؟ قالت: قل له:

أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا تورد يا سعد الإبل

والله أعلم.

شرح حديث عائشة: (من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة...)

نعود إلى حديثنا، حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة، بنى الله له قصراً في الجنة ) رواه الترمذي واستغربه.

تخريج الحديث

الحديث رواه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الضحى، وزاد الترمذي في روايته: ( من صلى لله اثنتي عشرة ركعة، بنى الله له قصراً من ذهب في الجنة ) والمصنف قد ساقه من طريق الترمذي، فكان حقاً أن يورد هذا اللفظ أيضاً: ( بنى الله له قصراً من ذهب في الجنة )، وقال الترمذي عقب روايته: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان، ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

وقد رواه ابن ماجه أيضاً، وضعفه غير واحد من أهل العلم، قال الترمذي: هذا حديث غريب. وهذا تضعيف له، وكذلك قال المصنف رحمه الله -أعني الحافظ ابن حجر - قال في التلخيص: إسناده ضعيف. وهكذا النووي أيضاً في المجموع قال: وفيه ضعف.

وعلة هذا الحديث موسى بن فلان بن أنس، هكذا سماه غير واحد: موسى بن فلان بن أنس، وسماه آخرون: موسى بن حمزة بن أنس، وكأنه هو كما ذكر ذلك الحافظ في التهذيب في ترجمة موسى في آخر من اسمه موسى، أنه موسى بن فلان بن أنس، أي: ابن حمزة، قال الحافظ رحمه الله: ولا نعلم عنه شيئاً، قال: لا نعرف من حاله شيئاً. فهذه علة الحديث أنه مجهول موسى هذا.

وكذلك في الحديث كأن في سنده شيئاً من الاضطراب، فالحديث ضعيف كما ذكر الأئمة هؤلاء.

شواهد الحديث

وللحديث شواهد، منها: حديث عن أبي ذر في صلاة ثنتي عشرة ركعة في الضحى، وقد رواه البيهقي وقال: إسناده ضعيف. وكذلك ضعفه النووي كما في المجموع أيضاً .

وحديث آخر رواه الطبراني، وكذلك ممن ضعف حديث أبي ذر ؛ ابن حجر في التلخيص .

وشاهد آخر عن أبي الدرداء رواه الطبراني، وقال الحافظ في التلخيص: إسناده ضعيف. وهذا الحديث وشواهده لو صحت دلت على أن أكثر صلاة الضحى ثنتا عشرة ركعة، وقد ذهب إلى هذا طائفة من الفقهاء.

وقد ذهب أو ذكر صاحب المختارة: أنه مما يستدل به أيضاً على أن صلاة الضحى ثنتا عشرة ركعة، حديث أم حبيبة عند مسلم : ( من صلى لله ثنتي عشرة ركعة، بنى الله له بيتاً في الجنة ) وهذا الاستدلال فيه نظر؛ فإنه جاءت أحاديث تحدد هذه الركعات المذكورة في حديث أم حبيبة، وأنها السنن الرواتب.

شرح حديث: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فصلى الضحى ثماني ركعات)

الحديث الأخير: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي، فصلى الضحى ثماني ركعات )، رواه ابن حبان في صحيحه.

تخريج الحديث

الحديث رواه في كتاب الصلاة، فصل في صلاة الضحى، ذكر عدد الركعات التي يصليها النبي صلى الله عليه وسلم في الضحى، كما في الإحسان، وقد ذكرت قبل قليل أنه من رواية المطلب بن عبد الله بن حنطب عن عائشة رضي الله عنها، والمطلب فيه كلام، والراجح توثيقه، فقد وثقه جمع من أئمة الجرح والتعديل، منهم: أبو زرعة، ويعقوب بن سفيان صاحب التاريخ، وابن حبان، والدارقطني .. وغيرهم، وضعفه آخرون أيضاً، ولكن الراجح توثيقه، والظاهر أيضاً أنه لم يلق عائشة رضي الله عنها، وإنما روايته عنها مرسلة، كما استظهر ذلك جماعة منهم أبو حاتم الرازي رحمه الله، قال: روايته عن عائشة مرسلة ولم يدركها، وعامة أحاديثه مراسيل . فـأبو حاتم يذهب إلى أن الحديث مرسل، ورواية المطلب عن عائشة كلها مراسيل.

وهكذا ابن سعد صاحب الطبقات قال: له أحاديث كثيرة، أو هو مكثر وليس يحتج بحديثه؛ لأنه يرسل كثيراً، وليس له لقي، وعامة أصحابه الذين يروون عنه يدلسون، يعني: قد يكون البلاء أيضاً ممن فوقه، فيدلسون هذه الأحاديث.

إذاً: فالحديث مرسل على الراجح، وإذا ثبت أن الحديث مرسل فلا إشكال بينه وبين الأحاديث الأخرى، التي فيها أن عائشة لم تر النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى؛ لأن هذا لا يقاوم تلك الأحاديث الصحاح، ولكن على فرض ثبوت الحديث؛ فإنه لا إشكال فيه، بل يجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى بأضرب:

منها: أن تكون عائشة علمت أنه صلى في بيتها من الخادم، أو من بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما سبق.

والحديث بالذات هذا فيه أيضاً صلاة الضحى وأنها ثمان ركعات، وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات، كما نص عليه الحنابلة.. وغيرهم، وسيأتي له بسط إن شاء الله تعالى.

وفي هذه الأحاديث مسائل كما أسلفت، منها: حكم صلاة الضحى، وعددها، ووقتها، وسوف نعرض لها إن شاء الله تعالى في الأسبوع القادم بإذنه عز وجل. هذا ما يتعلق بموضوع صلاة الضحى.

بحث حول زيادة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ(سبح اسم ربك الأعلى)

عندنا بحث حول زيادة في الحديث الذي مضى، وهو حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ(سبح اسم ربك الأعلى) و(قل يا أيها الكافرون) و(قل هو الله أحد)، ويقول في آخره: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، ويرفع صوته بالثالثة ) الزيادة هي: ( ثم يقول: رب الملائكة والروح ).

هذا الحديث بدون الزيادة رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد، والطيالسي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن السني، والبغوي، والبزار، والطبراني في المعجم الصغير بهذا اللفظ، وكذلك ابن أبي شيبة من طرق كثيرة، وهي كالتالي:

الطريق الأول: عن سفيان الثوري عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه.. الحديث. وتابع سفيان عبد الملك بن أبي سليمان، هذا الطريق هو طريق النسائي وعبد الرزاق الصنعاني، وسنده صحيح.

الطريق الثاني: عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، ومرة قال: عن قتادة عن عزرة عن عبد الرحمن، وهذا عند النسائي، وهو صحيح.

الطريق الثالث: عن شعبة عن سلمة بن كهيل وزبيد سمعا ذراً يحدث عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وهذا عند البغوي وابن حبان .

الطريق الرابع: عن طلحة اليامي عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى .

الطريق الخامس: عن جرير قال: سمعت زبيداً يحدث عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وسند الحديث صحيح، وقد روى هذا الحديث الدارقطني والبيهقي في سننهما بزيادة: (رفع الملائكة والروح في الثالثة)، من طريق: فطر بن خليفة المخزومي عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، إذاً: انفرد فطر هذا بهذه الزيادة عن سفيان الثوري وعبد الملك بن أبي سليمان، وفطر بن خليفة المخزومي وثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين، وروى له البخاري مقروناً بغيره، كما ذكره الذهبي في الكاشف .

وبقية سند الزيادة عند الدارقطني والبيهقي كما يلي: أولاً:

عيسى بن يونس الراوي عن فطر، قال أبو زرعة : ثقة حافظ. وقال ابن المديني : بخ بخ ثقة مأمون.

والراوي عن عيسى بن يونس هو علي بن خشرم، قال الذهبي في الكاشف: الحافظ. وكذلك وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات .

والراوي عن علي بن خشرم عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال الذهبي في ميزان الاعتدال: الحافظ الثقة صاحب التصانيف. وقال عنه الدارقطني تلميذه: ثقة إلا أنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث. قال البيهقي في السنن: حديث زبيد رواه سليمان الأعمش وشعبة وعبد الملك بن أبي سليمان وجرير بن حازم، كلهم عن زبيد .

والخلاصة: أن سند هذه الزيادة صحيح، وهي زيادة ثقة. ويبقي السؤال: هل هي شاذة أم محفوظة؟ ومما يرجح شذوذها أنه يحتمل أن تكون الزيادة من شيخ الدارقطني عبد الله بن سليمان الأشعث . والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الشيخ: ..... المعروف أنه كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده أنه كان يقول: ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح )، هذا ثابت، لكن كونه يقولها عقب الوتر، معظم الرواة كما رأيتم لم يذكروها .

الأسئلة

الفرق بين صلاة الضحى وصلاة الإشراق

السؤال: هل هناك فرق بين سنة الضحى وصلاة الإشراق؟

الجواب: أصلاً لا يوجد شيء اسمه صلاة الإشراق، هذه لا أصل لها، إلا أن يكون الإنسان جالساً في المسجد بعد صلاة الفجر، حتى ترتفع الشمس، فيصلي ركعتين، فحينئذ تكون هاتان الركعتان هما صلاة الضحى، كما جاء ذلك في أحاديث صحيحة، سيمر إن شاء الله شيء منها.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 416-421 للشيخ : سلمان العودة

https://audio.islamweb.net