إسلام ويب

تتضمن هذه الصور المشرقة قصصاً من حياة نساء تميزن بالصلاح والعفة والتقوى والالتزام بالإسلام الذي كرم المرأة. وفي ثنايا هذه الصور المشرقة ترد بعض الصور المظلمة لنساء شقيات، ليتضح الضدان، وبضدها تتميز الأشياء. كما سلطت هذه المادة أضواءها على صور من تضحيات المرأة وخدمتها للدين، وعلى مواقف حاسمة في حياة بعض النساء، نقلتهن من الظلمات إلى النور.

نساء في الجنة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعــد:

حديثنا في هذه الجلسة إلى النساء خاصة، وهي صورٌ مشرقة من حياة الفاضلات الأوليات، بل وسوف نذكر في طيات هذه الصور بعضاً من الصور المظلمة؛ ليتميز الضدان، وليتبين الفرق بين الصور المظلمة وبين الصور المشرقة.

المرأة لها حقوق في الشرع والدين، وفي العقل والفطرة، إن الإسلام لما جاء أكمل المرأة وأعظم شأنها، وجعل لها حقوقاً وعليها واجبات، بل من النساء من بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وهي تمشي على الأرض.

المرأة السوداء التي صبرت على الصرع

هذه امرأة سوداء كانت تصرع، فجاءت رسول الله، وانظرن إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف يحرص على امرأة سوداء تأتي إليه فتقول له: (يا رسول الله! إني أصرع فادع الله لي، قال: إن شئت صبرتِ ولك الجنة، وإن شئتِ دعوت الله لك، قالت: -وانظرن إلى صبرها وحبها للقاء الله وتعلقها بالجنة- بل أصبر؛ لكن ادع الله ألا أتكشف) نعم، إنها الجنة لكنه الحياء، إنها الجنة لكنها العفة.

الرميصاء في الجنة

امرأة من أهل الجنة وهي تمشي على الأرض. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بـالرميصاء) زوج أبي طلحة رآها النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، تعرفين لمَ دخلت هذه المرأة الجنة؟

انظري إلى بعض مواقفها. يقول أنس: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركاً، أما تعلم يا أبا طلحة! -انظري للداعية، انظري للمسلمة المتمسكة بدينها التي لا تضرها زينة الحياة الدنيا- قالت لهذا الرجل الذي أراد الزواج منها: أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينفثها عبد آل فلان، وأنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت، قال: فانصرف وفي قلبه ذلك، ثم أتاها وقال: يا أم سليم إن الذي عرضت عليَّ قد قبلت، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، يقولون: فما كان لها مهرٌ إلا الإسلام: يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ [الزخرف:68-70] بشرن بالجنة وهن على الأرض يمشين يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف:71].

نساء عابدات

تشتكي المرأة فتقول: همٌ وغم، أحس بوحشة في الصدر، لا أدري، فعلت كل شيء، الأغاني سمعتها، الأفلام تابعتها، كل موضة لبستها، خرجت إلى المطاعم، سافرت إلى كل مكان، فعلت كل شيء، لكن الهم لا زال يلاحقني ولا زال يراودني وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124] إلى هؤلاء نوجه حديثنا.

عبادة أم الهذيل

يقول إياس بن معاوية عن أم الهذيل؛ وهي فقيهة أنصارية حفصة بنت سيرين، يقول: قرأت القرآن ولها من العمر ثنتا عشرة سنة، اشترت لها جارية، فسألت الجارية: كيف رأيت مولاتك؟ -كيف ترينها في البيت ماذا تصنع؟- فذكرت كلاماً بالفارسية -كانت فارسية- ومعنى كلامها: أنها امرأة صالحة، وأظنها أذنبت ذنباً عظيماً؛ لأنها تبكي الليل كله وتصلي.

بكى الباكون للرحمن ليلاً >>>>>وباتوا دمعهم لا يسأمونا

لقاء الأرض من شوقٍ إليهم >>>>>تحن متى عليها يسجدونا

ماذا نقول لامرأة تبكي الليل؛ لكن لمَ؟ على عشيقٍ لها، وأخرى تسهر الليل، هل على القرآن؟ لا والله، على مسلسلٍ أو فيلم في الثلث الأخير تشاهده، وأخرى تنتظر رنة الهاتف لترفعه وقلبها يرتجف، هل شابٌ يكلمها، أو آخر يتعرف عليها أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [الزمر:56-57].

عبادة أم الدرداء الصغرى

أم الدرداء الصغرى؛ هذه امرأة صالحة، كل ليلة تحضر إليها نساء في الليل، نساء متعبدات، تعرفين لمَ؟ بعض نساء هذه الليالي يسهرن لكن على أي شيء؟ ويخرجن في الليل ولكن لمَ؟

أما هذه المرأة فكانت كل ليلة تحضر إليها نساءٌ متعبدات يقمن الليل كله، حتى أن أقدامهن قد انتسخت من طول القيام: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17]. الإسلام يريد المرأة هكذا عفيفة طاهرة، تخاف من الله، تصلي الصلاة في وقتها، تقرأ كتاب ربها، تحفظ نفسها، أما أهل الغرب، أما دعاة الحرية، فإنهم يريدون المرأة سلعة تباع وتشترى، هكذا يريدون المرأة، هكذا يتمنون أن تكون.

عبادة زينب زوج الرسول صلى الله عليه وسلم

انظري يا أختي الفاضلة! إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (يدخل المسجد يوماً فإذا حبلٌ مشدودٌ بين ساريتين، فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبلٌ لـزينب رضي الله عنها فإذا فترت -أي من قيام الليل- تعلقت بالحبل لتكمل الصلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد، فإذا فتر فليرقد) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ [القلم:35] أرأيت الفرق بين الصورتين؟ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [الصافات:154].

عبادة عثيرة

عثيرة العابدة؛ هذه تعاتب في قلة نومها، الناس يقولون لها: لمَ لا تنامين كثيراً؟ لم نومك قليل؟ فقالت: ربما اشتهيت أن أنام -بعض المرات أتمنى النوم- فلا أقدر عليه، وكيف ينام من لا ينام عنه حافظاه ليلاً ولا نهاراً؟! تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16].

عبادة عصمة الدين

امرأة تسمى عصمة الدين وهي زوجة الملك الصالح نور الدين زنكي، رجلٌ صالح وزوجته صالحة، في ليلة من الليالي قامت غاضبة فزعة من نومها، فسألها زوجها: ما الذي أغضبك؟ ما الذي حدث؟ ما الذي جرى؟ فقالت وهي تبكي: فاتني وردي البارحة فلم أصل من الليل شيئاً.

عباد ليلٍ إذا جن الظلام بهم >>>>>كم عابدٍ دمعه في الخد أجراهُ

أما نساء اليوم إلا من رحم ربي فنعم. تفزع بالليل تبكي، تعرفين لمَ؟ تتذكر عشيقها وحبيبها، تفزع من الليل تبكي، تعرفين لمَ؟ لأن فراشها تنام فيها الشياطين قبل أن تنام هي، غرفتها امتلأت بالصور، صور من؟ صور الممثلين والمطربين، المغنين والمغنيات، امتلأت بالأغاني والمعازف فإذا بالشياطين قد عشعشت في غرفتها، تقوم من الليل فزعة تقول: ما أدري ما الذي يخنقني؟ ما أدري ما الذي يفزعني؟ كوابيس من أول الليل إلى آخره، ضيعت الصلاة، هجرت القرآن، أكبت على الأغاني والأفلام والموسيقى والمعازف، شتان بين أولئك وهؤلاء.

نماذج من تضحيات النساء

صورٌ مشرقة:

أول شهيدة في الإسلام

أم عمار بن ياسر: وأنا أقول هذه القصة يا أختي الفاضلة! حتى تصبري على عفتك، وعلى الحجاب والطهارة، وعلى الدين والحياء، انظري إلى السابقات صبرن على ما هو أكبر وأكثر، الواحدة اليوم لا تصبر عن أغنية نزلت، أو فيلمٍ عرض، تقول: لا أستطيع أن أصبر، انظري إلى سمية أم عمار؛ امرأة عجوزٌ كبيرة، كان بنو مخزوم إذا اشتدت الظهيرة وقت الحر الشديد في الصيف الشديد، والتهبت الرمضاء خرجوا بها، أخرجوها وابنها وزوجها إلى الصحراء، وتصوري الصحراء في وقت الحر الشديد! وألبسوهم دروع الحديد، وأهالوا عليهم الرمال المتقدة، وأخذوا يرضخونهم بالحجارة، وهي تعتصم بالصبر، فذهبوا بروحها، وأفظعوا قتلتها، فقد أنفذ النذل الجبان أبو جهل حربته فيها، فكانت أول شهيدة في الإسلام ضحت بنفسها، ضحت بحياتها لأجل دينها وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم:11].

ثم انقلوا تلك الصورة إلى مجتمعنا، للأسف! فتاة تتأثر بكل ما هو جديد من الغرب، قصة باسم فلانة، وقصة باسم فلانة، وهذه فرنسية، وتلك إيطالية، وهذه قصة الأميرة الراحلة كما يسمونها، بل تلك قصة لكلبها، وللأسف مسلمات يتأثرن بالغرب حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلنه.

نعم. تتأثر بكل ما هو جديد، وبكل ما هو منحطٌ ورذيل، ولكن: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [آل عمران:30] ثلاث ساعات تجلس في صالون تنظر إلى الكافرات تريد أن تتشبه بهن (ومن تشبه بقوم فهو منهم).

بل أما سمعت بقصة بالعربي تسمى قصة الولد، وحتى اللغة العربية تبرءوا منها، يسمونها قصة الـ"البوي boy" امرأة تقص هذه القصة، تريد أن تتشبه بالرجال، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال).

تضحية أم شريك

أم شريك غزية بنت جابر بن حكيم وقع في قلبها الإسلام فأسلمت بـمكة، وكان ذلك في بداية السابقين في الإسلام، هل كتمت إيمانها وجلست؟! لا والله، كانت تدعو النساء سراً بـمكة، وتعرفين ما كان يحصل في مكة، يعذبن، يطردن، بل القتل هو المصير، وكانت تدعو إلى الله سراً بـمكة حتى انكشف سرها، فأخذوها وكادوا يقتلونها لولا قومها، فحملوها على بعير ليس عليه شيء، يقولون: فحملوها ثلاثة أيام على بعير لأجل أن يذهبوا بها إلى قومها، وتركوها ثلاثة أيام بلا طعام ولا شراب.

تخيلي! ثلاث أيام في سفر لا تأكل ولا تشرب، ما الذي يحصل لها؟ لمَ كل هذا؟ لأجل دينها، لأجل إسلامها، فنزلوا منزلاً في الطريق بعد ثلاثة أيام، وأوقفوها تحت الشمس واستظلوا، كانوا دائماً يوقفونها تحت شمس وهم يجلسون تحت شجرة يستظلون بها، فبينما هم كذلك وهي على هذه الحال، تقول: إذ بأثر شيءٍ بارد وقع عليَّ منه، تقول: فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلاً، هي الآن ربما تموت، تقول: لا أدري من أين يأتي الماء، دلو فيه ماء وأنا أشرب وأشرب تقول: ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته فشربت منه قليلاً، ثم نزع مني، وهكذا يعود وينزع تقول: حتى رويت، ثم صببت سائره على جسدي وثيابي تقول: فلما جاءوا ورأوها وعلموا بخبرها، تعرفين ماذا صنعوا؟ كلهم كبروا وقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ [الرعد:22] صبروا، نعم. أنا أعلم أن هناك فتناً وإغراءات في الفضائيات، وفي وسائل الإعلام، وفي المجلات، وفي الملاحق الهابطة.

نعم.. هناك دعاة لتحرير المرأة، يسمونه تحرير المرأة، وهو استعباد للمرأة، تحرير المرأة: بعبادة الله جل وعلا، بالرضوخ لأمره جل وعلا، لا يُعبد إلا الله، ولا يُعمل بأمره إلا الله جل وعلا، أما دعاة التحرير فهم دعاة لاستعباد المرأة، فاصبري رغم الإغراءات وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ [الرعد:22-23] الآباء، والأزواج، والأولاد، يعني كل الأهل والأقرباء يدخلون معاً إلى أبواب الجنان، العفيفات، الطاهرات، القانتات، الصالحات، أليس هذا هو الجزاء الأعظم؟ والفضل الأكبر؟ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23-24] صبرت على عفتها، كرامتها، حجابها، طهارتها سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24].

صورة مشرقة في الحياء والعفة

الصديقة بنت الصديق إنها عائشة رضي الله عنها تقول عن نفسها -واسمعي وتعجبي- تقول: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم -لما مات دفن في غرفتها في بيتها- وأبي رضي الله عنه - أبو بكر لما مات دفن في غرفتها في بيتها- تقول: أدخل البيت واضعة ثوبي وأقول: إنما هو زوجي وأبي، تقول: فلما دفن عمر رضي الله عنه، والله ما دخلته إلا مشدودة عليَّ ثيابي حياءً من عمر رضي الله عنه، وهو ميتٌ مدفونٌ تحت التراب. هذا حياءٌ لا يكون إلا لأمثال عائشة، هذا حياءٌ لا ينبغي أن يكون إلا لأمثال الصديقة بنت الصديق.

فهذه هند بنت عتبة رضي الله عنها تبايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة النساء، فأخذ عليهن في بنود البيعة: ألا يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقن، ولا يزنين، لما سمعت كلمة يزنين، تعلمين ماذا صنعت؟ وضعت يدها على رأسها حياءً وهي تقول: وهل تزني الحرة؟ وهل تزني الحرة؟ فتقول لها عائشة: على هذا بايعنا فبايعي، وهي تقول: وهل تزني الحرة، وهل تزني الحرة؟! فبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وهي تتعجب هل تفعل هذا حرة من الحرائر؟

وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46] يقول مجاهد: هو الرجل يخلو بمعصية الله، حيث لا أحد فيذهب إلى المعصية، أغلقت الباب، فجاءت إلى ذلك المكان المظلم لتلتقي بصاحبها، لا أحد يراها، يقول: فيذكر مقام الله، يتذكر يوماً يقف فيه بين يدي الله، فيُذكِّرها: فلانة أتذكرين ذلك اليوم؟ تذكرين ذلك الهاتف؟ تذكرين ذلك الموقع في الإنترنت؟ تذكرين ذلك الرجل الذي كنت تصاحبينه وتعاشرينه؟ تذكرين ذلك المجلس أو تلك السهرة قال: فيذكر مقام الله، فيدعها خوفاً من الله: ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [الزمر:16].

عائشة تستحي من عمر وهو مدفونٌ تحت التراب! ما بال نسائنا لا يستحين من رجال في الحياة، تذهب إلى بعض المحلات فتختلي به في ذلك المحل، فتكلمه ويكلمها، وتضاحكه ويضاحكها، وبعد هذا:

يوم القيامة لو علمت بهوله >>>>>لفررت من أهلٍ ومن أوطانِ

يوم تشققت السماء لهوله >>>>>وتشيب منه مفارق الولدان

يوم عبوسٌ قمطرير شره >>>>>في الخلق منتشر عظيم الشانِ

فتاة في سن الزواج تخرج كاسية عارية، لبست وكأنها ما لبست شيئاً، ضاقت ملابسها على جسدها حتى وصف جسدها كله: (صنفان من أهل النار لم أرهما وذكر منهما: نساء كاسيات عاريات) كشفت شيئاً من ساقها، كشفت شعرها، إنا لله وإنا إليه راجعون، وكأنها ما سمعت ربها يقول: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31].

صور مشرقة في الصلاح والتوبة

نزل السري بن دينار في دار بـمصر ، كانت فيه امرأة جميلة، تفتن الناس بجمالها، بعض النساء وبعض الفتيات للأسف يتعمدن فتنة الناس، ولا تخف من رب الناس، وكان هذا الرجل صالحاً عابداً، فعلمت المرأة به فقالت: لأفتننه، لأفتنن هذا الشاب، فدخلت من الباب فكشفت وأظهرت نفسها، والسري أمامها، فقال لها: مالك يا فلانة؟ فقالت له: هل لك في فراشٍ طيب وعيش رخي؟ فقال لها:

وكم ذي معاصٍ نال منهن لذة >>>>>فلما تخلاها وذاق الدواهيا

تزول ملذات المعاصي وتنقضي >>>>>وتبقى تباعات المعاصي كما هيا

فواسوءتا والله راءٍ وسامعٌ >>>>>لعبدٍ بعين الله يغشى المعاصيا

فصاحت المرأة وبكت، وأعلنت توبتها لله عز وجل.

تذكري يا أختي الفاضلة! تلك الليالي، تلك الأفلام والمسلسلات، هل حقاً ما نسمع أن بعض الفتيات تولع ببعض أشرطة المغنين؟! لا ينزل شريطٌ إلا وتبعته، بل تحفظ بعض الأشرطة، هل هذا صحيح؟ إن من العفيفات الطاهرات من حفظن كتاب الله، ومن الصور المظلمة من حفظت الأغاني والطرب.

فكري يا أختي الفاضلة! هل صحيح أن بعض النساء تجلس على الإنترنت بالساعات؛ لتكلم فلاناً وليكلمها فلان، لتدخل إلى بعض المواقع التي تعلم في قرارة نفسها أن الله عز وجل قد حرمها؟

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [التحريم:8].

المرأة التي تابت على يد عبيد بن عمير

انظري إلى نساء كنَّ في الرذيلة، كن منغمساتٍ في الشهوات، ولكن انظري كيف تاب الله عليهن:

هذا رجل متزوجٌ بامرأة قالت له زوجته يوماً: ألا ترى أني جميلة؟ فقال لها: نعم. قالت: لا يرى أحدٌ هذا الوجه إلا افتتن، فقال زوجها: إلا واحد، قالت له: ومن هو؟ قال: عبيد بن عمير، فقالت له: فأذن لي فيه فلأفتننه، قال: قد أذنت لكِ -هل رأيت ديوثاً مثل هذا؟ يأذن لزوجته أن تفتن رجلاً- قال: فذهبت فأتته كالمستفتية، وكان الرجل صالحاً عابداً، فجاءت كأنها تسأله عن مسألة شرعية، فأخذ يجيبها فإذا بها تسفر عن وجهها كأنه فلقة قمر، فقال لها: يا أمة الله! قالت: إني قد فتنت بك، فانظر في أمري، فقال لها: يا أمة الله! إني سائلك عن شيءٍ، فإن أنت صدقتيني نظرت في أمرك، قالت: لا تسألني عن شيءٍ إلا صدقتك، قال: أخبريني يا أمة الله! لو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا، اللهم لا.

قال: صدقتِ، فلو أدخلت في قبرك وأجلست للمساءلة أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا، اللهم لا.

قال: صدقتِ، فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بالشمال؛ أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا، اللهم لا.

قال: صدقتِ، ولو جيء بالموازين وجيء بك لا تدرين تخفين أم تثقلين؛ أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا، اللهم لا.

قال: صدقتِ، فلو وقفت بين يدي الله للمساءلة أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا.

قال: صدقتِ، فاتقي الله يا أمة الله! فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك، فبكت المرأة ورجعت إلى زوجها عابدة زاهدة متنسكة، يقول زوجها: مالي ولـعبيد بن عمير، أفسد عليَّ امرأتي أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [الزمر:56].

أختي الفاضلة! وأنا أسألك نفس السؤال، أيسرك وملك الموت عند رأسك أن تفعلي هذا الذي تفعلينه اليوم؛ تخرجين بهذه الملابس، تنظرين إلى من شئتِ ويكلمك من شاء، وتختلين بمن شئت ويختلي بك من شاء؟

أختي الفاضلة! فكري في تلك المواقف التي سوف نقفها غداً.. لا تقولي: الموت بعيد، ما أدراك لعل الموت أقرب مما تتصورين؟ لعلك لا تنهي سماع حديثي.. ألم تسمعي بفلانة؟ عمرها ستة عشر عاماً، وأربعة عشر عاماً، وعشرين عاماً، قد قضت نحبها؟ أما سمعت بفلانة عقدت قرانها ولما يدخل عليها زوجها لكن ملك الموت أقرب، كانت تتجهز لعرسها، واشترت أغلى ملابسها، ولكن ملك الموت بالمرصاد!

فكري يا أختي الفاضلة! فكري بهذا الذي أقول.

المرأة التي حاولت فتنة الربيع بن خثيم

الربيع بن خثيم، يروى أن قوماً أمروا امرأة ذات جمال أن تتعرض له.

رجلٌ صالح يخاف ربه، فقالوا لها: نعطيك ألف درهم إن فتنتيه، فلبست أحسن الملابس، وتطيبت، وتعطرت، فتعرضت له في طريقه، فقال لها الربيع: يا فلانة -وأنا أحدثك بهذه الكلمات، اسمعي وتدبري، أرجو رجاءً حاراً أن تنتبهي إلى هذه الكلمات- كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوريد؟ أم كيف بك لو سألك منكرٌ ونكير؟ فصاحت المرأة، وبكت، وسقطت وقد أغشي عليها، فحملت فلما أفاقت قالت: رب إني تبت إليك، رب إني تبت إليك، رب إني تبت إليك.

يا نفس توبي فإن الموت قد حانا >>>>>واعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا

أما ترين المنايا كيف تلقطنا>>>>>لقطاً فتلحق أخرانا بأولانا

في كل يومٍ لنا ميتٌ نشيعه >>>>>نرى بمصرعه آثار موتانا

هذه امرأة صالحة عابدة تحيي الليل بالصلاة تقوم من الليل إلى السحر، كل ليلة تقوم الليل، فإذا كان السحر آخر الليل نادت -انظري ماذا تقول آخر الليل؛ بعد أن صلت الليل كله واقترب الفجر؛ تنادي بصوتٍ محزون وهي العابدة الصالحة- تقول: رب إليك قطع العابدون دجى الليل بتكبير الدلج إلى ظلم الأسحار يستبقون إلى رحمتك، وفضل مغفرتك، فبك إلهي لا بغيرك أسألك أن تجعلني في أول زمرة السابقين إليك، وأن ترفعني إليك في درجة المقربين، وأن تلحقني بعبادك الصالحين، فأنت أكرم الكرماء، وأرحم الرحماء، وأعظم العظماء، ثم تخر ساجدة فلا تزال تبكي وتدعو في سجودها حتى يطلع الفجر، تعرفين كم مرة تفعل هذا الفعل؟ ثلاثين سنة وهي على هذا الحال، نعم الناس درجات، والناس أقسام: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر:32].

هل سمعت بفتاة تحفظ أسماء اللاعبين؟! بل تتابعهم في المباريات، لا إله إلا الله! أين الحياء؟ أين العفة؟ أين الكرامة؟ أين الطهر؟ هل وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة؟! هل سمعت بفتيات يحفظن جميع أنواع الماركات؟! كل ساعة تنزل، كل موضة تنزل، تجدينها في الأسواق كل ليلة تجوبها.

أختي الفاضلة! لو سألتيها كم تحفظين من كتاب الله؟ متى ختمت القرآن آخر مرة؟ هل صليت الفجر اليوم هل أمرت بالمعروف أو نهيت عن منكر؟ هل ذكرت الله عز وجل صباح مساء؟ لقالت لك: هاه هاه.. لا أدري!

من الذي فعل بنا كل هذا؟ إنهم دعاة تحرير المرأة، يريدونها كل يومٍ في يد رجل، كل يومٍ على عتبة باب.

توبة فتاة

اسمعي إلى هذا الشاب العابد، كان حسن السمت، كثير العبادة، شاباً عابداً، نظرت إليه فتاة فشغفت به، وتعلقت به، فقالت له يوماً من الأيام وقد تعرضت له: يا فتى! اسمع مني كلمات أكلمك بها، وهو لا يكلمها، كل يومٍ تعترض طريقه، تقول: يا شاب أريد أن أكلمك كلمات وهو لا يكلمها، حتى وقف يوماً من الأيام فقالت له: يا فلان! إن جوارحي كلها مشغولة بك، فالله ألله في أمري وأمرك، ذهب الشاب إلى منزله أراد أن يصلي فلم يعرف كيف يصلي، تعرفين ماذا صنع؟ أخذ قرطاساً وكتب فيها كلاماً، فلما رآها في الطريق، ألقى إليها الكتاب، ففتحت الشابة الكتاب، ماذا في هذا الكتاب؟ اسمعي/ وأرجو منك يا أختي الفاضلة أن تتدبري هذه الكلمات! قال لها في الكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلمي أيتها المرأة أن الله عز وجل إذا عصاه العبد حلم أول مرة، فإذا عاد إلى المعصية مرة أخرى ستر، فإذا لبس لها ملابسها غضب الله تعالى لنفسه غضبة تضيق منها السماوات والأرض والجبال والشجر والدواب، فمن ذا يطيق غضبه..!

يا فلانة! إن كان ما ذكرت باطلاً فإني أذكرك يوماً تكون السماء فيه كالمهل، وتصير الجبال كالعهن، وتجثو الأمم لصولة الجبار العظيم، وإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي فكيف بإصلاح غيري.

يا فلانة! وإن كان ما ذكرت حقاً، فإني أدلك على طبيبٍ يداوي الكلوم والأوجاع المريضة، ذلك هو الله رب العالمين، فاقصديه بصدق المسألة فإني مشغول عنك بقول الله: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:18-19] فأين المهرب من هذه الآية؟ انتهت الرسالة.

وتعرضت له بعد أيام فتركها فقالت له: يا فلان.. لا ترجع! فلا كان الملتقى بعد هذا اليوم أبداً إلا بين يدي الله، ثم بكت وقالت له: عظني بموعظة أحملها عنك، أوصني بوصية أعمل بها، قال: أوصيك بحفظ نفسك من نفسك، وأذكرك قول الله: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ [الأنعام:60] فبكت بكاءً شديداً، ثم لزمت بيتها، وأخذت بالعبادة فلا تزال تتعبد ربها حتى ماتت.

لمَ لا تكونين أنتِ؟ لم لا يا أختي الفاضلة؟! إلى متى يسترنا الله؟ إلى متى تكلمين وتنظرين وتخرجين بهذه الملابس والله عز وجل يحلم علينا؟ ضحكوا عليكِ وقالوا لك: فتى الأحلام يحمل في فمه سيجارة، فتى الأحلام الذي يعيش في جو الموسيقى الهادئة، فتى الأحلام الذي يدعك تفعلين ما تشائين، فتى الأحلام يركب سيارة فارهة.

ضحكوا عليك وهزئوا بك كأنك لا تعلمين أن كثيراً من تلك الزيجات قد باءت بالفشل والطلاق، وعاشت بعضهن عيشة ألمٍ وحسرة وندم؛ تقول إحداهن:

ظننته فارس أحلامي الذي كنت أحلم به طوال حياتي، فلما تزوجته فإذا هو الشقاء بعينه، وهو العذاب بأسره، يقول لي في يوم من الأيام: لم تتحجبين أمام أصحابي وأصدقائي؟ قلت له: اتقِ الله، يقول: لا، أما أمام أصحابي فلا أرضى بالحجاب، البسي الملابس الضيقة والشفافة، ماذا تريدين أن يقول عني الناس؟ ماذا تظنينهم يقولون عني؟ اكشفي الحجاب، وانزعي الحجاب، أتريدين هذا الفتى أم تريدين غيره؟

صور مشرقة أخرى في العفاف

صور مشرقة من العفيفات:

يقول خارجة بن زيد: هويت امرأة من الحي، فكنت أتبعها إذا خرجت من المسجد، يقول: فعرفت ذلك مني، عرفت هذه المرأة أن فلاناً يلحقها، فقالت لي ذات ليلة: ألك حاجة؟ قلت: نعم. قالت: ما هي؟ قلت: مودتك -انظري إلى هذه الكلمات التي تخدع بها بعض النساء، وبعضها تخدع باتصال، تخدع برسالة، تخدع بكلمة؛ مسكينة خدعت وطالما خدعت النساء- ماذا ردت المرأة على هذا الرجل؟ قال: أريد مودتك، فقالت له: دع ذلك ليوم التغابن، قال خارجة: فبكيت، والله أبكتني فما عدت إلى ذلك أبداً:

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها >>>>>من الحرام ويبقى الوزر والعارُ

تبقى عواقب سوءٍ في مغبتها>>>>>لا خير في لذةٍ من بعدها النارُ

نعم، إنها لذة دقائق ولكن يبقى العار، وتبقى الحسرات، ويبقى الألم، ويبقى عذاب القبر وعذاب الحشر، وتبقى النار:

تبقى عواقب سوءٍ في مغبتها>>>>>لا خير في لذةٍ من بعدها النارُ

يقول أبو محمد الشيباني: كان بـالبصرة رجل له أكار -يعني عامل حراث- وهذا الحراث كانت له امرأة جميلة، فوقعت امرأة الحراث في نفس الرجل، نظر إليها فأعجب بها، فركب إلى القصر وقال للحراث: الْقط لنا من الرطب، وافعل كذا، واذهب به إلى آل فلان، وإلى بيت فلان، حتى يخلو له الجو، يقول: فلما مضى الزوج، جاء إليها في البيت فقال للزوجة: أغلقي باب القصر، فأغلقته، فقال لها: أغلقي كل باب، ففعلت، فقال لها: هل أغلقتِ جميع الأبواب، قالت: نعم إلا باباً واحد لم أغلقه قال: لِمَ لم تغليقه؟ قالت: لا أستطيع، قال لها: أي بابٍ؟ فقالت له: الباب الذي بيننا وبين الله عز وجل، فبكى ثم قام يتصبب عرقاً وانصرف ولم يواقع الخطيئة.

وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] ثم قال الله: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].

وبعض النساء تجد الواحدة منهن لا مانع عندها أن تجلس مع أي رجل، وتغلق الباب فتضاحكه ويضاحكها، للأسف ليس عندها مانع أن تسافر لوحدها بغير محرم، تقول: أنا حرة!

حرة مم يا أختي الفاضلة؟! تقول: لا أحد يتحكم بي! حتى الله لا يتحكم بك! حتى الله جل وعلا لا تريدين أن يتحكم بك!

يا أختي الفاضلة! فكري فإن الله عز وجل هو أحكم الحاكمين، والله جل وعلا لا تخفى عليه خافية.

عفاف مريم

سمعت بـمريم ابنة عمران: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ [التحريم:12] جاءها الملك فبشرها بالولد، تعرفين ماذا قالت؟ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً [مريم:20] حتى جاءها المخاض وهي الشريفة العفيفة الطاهرة، تعرفين ماذا تمنت؟ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً [مريم:23] تتمنى الموت حتى لا تتهم بعفتها وطهارتها.

رفقة العمل الصالح

أختي الفاضلة! هذه الكلمات أرجو أن يرن صداها في عقلك وفي قلبك، فكري فيها مراراً وتكراراً/: الدنيا زائلة، والموت قريب، وسوف نخرج من هذه الدنيا عما قريب، انظري إلى من سبقك، إلى من غادرت هذه الحياة، إلى من فارقت الدنيا، ماذا أدخلت معها في قبرها، من سوف ينجيها عند الله؟ هل صاحبتها صاحبات السوء؛ أو عشيقها وحبيبها، أو غريمها؟ من الذي سوف ينجيها إلا عملها الصالح يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].

أتعصي الله وهو يراك جهراً >>>>>وتنسى في غدٍ حقاً لقاه

وتخلو بالمعاصي وهو دانٍ >>>>>إليك ولست تخشى من سطاه

وتنكر فعلها وله شهودٌ >>>>>على الإنسان تكتب ما حواه

فويل العبد من صحفٍ وفيها >>>>>مساويه إذا وافى مساه

ويا حزن المسيء لشؤم ذمٍ >>>>>وبعد الحزن يكفيه جواه

ويندم حسرة من بعد فوتٍ >>>>>ويبكي حيث لا ينجي بكاه

يعض يديه من أسفٍ وحزنٍ >>>>>ويندم حسرة مما دهاه

فبادر بالمتاب وأنت حي >>>>>لعلك أن تنال به رضاه

اللهم يا عظيم العفو، يا واسع المغفرة، يا قريب الرحمة، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أذقنا عفوك وغفرانك، واسلك بنا سبيل مرضاتك، وعاملنا بلطفك وإحسانك، واقطع عنا ما يبعد عن طاعتك، اللهم وثبت محبتك في قلوبنا، وقوها ويسر لنا ما يسرته لأوليائك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , صور مشرقة للعفيفات للشيخ : نبيل العوضي

https://audio.islamweb.net