إسلام ويب

الغفلة داء عضال، وقد لا يكتشف إلا في ساعة الاحتضار. وإن الناظر في سيرة السلف الصالح ليتجلى له مدى خوفهم من هذا الداء، وقدر استعدادهم للحظة اللقاء مع الله. وفي هذا العصر أيضاً صور لأناس استيقظوا من غفلتهم قبل فوات الأوان.

الغفلة.. والانتباه في ساعة الموت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعــد:

حياكم الله في هذا المجلس، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يكون اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً.

أيها الإخوة الكرام: هذه موعظة لنفسي قبل أن أعظكم، والإنسان منا -نسأل الله العافية- يغفل، وتصيبه بعض الأحيان الغفلة، ولعله ما ينتبه منها إلا بعد أن يفوت وقت الندم، ومن الناس من يعيش في غفلة ما ينتبه منها إلا ساعة الوفاة: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا [ق:22] فيعيش في الدنيا -نسأل الله العافية- بين الأكل والشرب والنكاح والمأكل والملبس، أهم شيء عنده في الحياة أن يؤثث البيت أضخم أثاث، هذه غايته، أمنيته أن يتزوج الواحدة والاثنتين والثلاث، فلا هم أعلى من هذا، همه في الدنيا أن يلبس أحسن الملابس، ويعتلي أعلى المناصب، ويجمع الأموال يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ [الهمزة:3].. لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق:22].

الموت يأتي ويقطع الآمال

من الناس من ينتبه في ساعة الوفاة، كان يجلس مع أهله كل ليلة يسامرهم، ويضاحكهم، ويلاعب أولاده، وعدهم بالسفر في الصيف، وعد البنت الصغيرة بلعبة، أما الزوجة فوعدها بالذهب والفضة، والملابس الوفيرة، أحلام وأوهام يعيشها ويعيِّش أولاده بها، نام وقال لزوجته: أيقظيني الساعة السابعة للعمل، أين صلاة الفجر؟ ليست بحسبانه، وليست في باله، أيقظيني للعمل، نام في تلك الليلة، والمسكين كان على موعدٍ لا يعلم عنه شيئاً، انتبه وفزع! رأى شيئاً بجنبه قال: من أنت؟! قال: أنا ملك الموت. ما الذي جاء بك؟! قال: جئت أنتزع الروح.. انتظر قليلاً.. لم يريد الانتظار؟ أتعرف يا أخي الكريم؟ عنده أمانات ما أرجعها لأهلها، عنده ذنوب ومعاص إلى الآن ما تاب منها، انتظر قليلاً: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99] صاح فإذا أهل البيت يجتمعون، فزعت الزوجة وقامت -وهذه القصة واحدة من قصص كثيرة تحصل للناس- فزعت الزوجة: ما الذي بك؟ ما الذي جرى؟ -لا يستطيع أن يجيبها، هو الآن في همٍ آخر، هو الآن في علمٍ آخر، هو الآن في حياة أخرى، يا أخي الكريم! ما تدري أنت بها؟- وإذا بالأولاد يجتمعون عنده، وإذا بالأب وبالأم يأتون، ينظر إليهم ولكن -للأسف- لا يستطيع أن يجيب أحداً منهم كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ القيامة:26-28] تخيل هذا المنظر.. البنت على صدره تبكي، تقول: يا أبي! ألم تعدني تلك الليلة بهذه اللعبة؟ لمَ لا تجيب؟ الابن يقول: يا أبي! وعدتنا بالسفر، لمَ الآن لا تجيب يا أبي؟ تقول له الزوج: يا فلان! لمن تتركنا؟ أما الأم فإنها تبكي وتقول: يا بني! غادرتنا صغيراً، أما الأب فقد جاء بالطبيب، والحالة عنده بكاء وفزع وعويلٌ ولعلها نياحة: كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ [القيامة:26-27] تقول: لمَ هذه السكتة؟ أقول لك: لعلها العبرة قد خنقت القارئ، ولعلها فترة فكر ونظر في هذا المشهد العظيم وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ [القيامة:27-28] علم أنه يفارق، يفارق ماذا؟ هل يفارق مصحفاً كان يقرؤه؟ لا. هل يفارق صلوات في آخر الليل؟ لا. إلا من رحم الله، هل يفارق الدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله؟ لا. إلا من رحم الله.

تعرف ماذا يفارق؟ يفارق سيارة جديدة، يفارق أثاثاً وفيراً، يفارق -يا أخي الكريم- زوجة لم يتمتع بها، يفارق ذلك البيت الذي بناه وأثثه ولكن لم يسكنه إلى اليوم وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ [القيامة:28-29].

رجل كان يعيش في حلم لم ينتبه منه، كان يقود سيارته مسرعاً -كحال أكثر الشباب هذا الزمن- والموسيقى قد ارتفعت، والأغاني قد تولع بها، ويعيش في عالمٍ آخر يفكر في عشيقة أو حبيبة، أو في أغنية، أو همٍ يحرق قلبه، وفجأة انقلبت به السيارة، وجاءه ذلك الشرطي، وسحب جثته، فعلم أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، قال: يا فلان! قل: لا إله إلا الله، أتعرف ماذا قال؟ قال: هو في سقر، هو في سقر، هو في سقر، ثم فارق الدنيا وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ [المدثر:27-29] -تقول لي: لِمَ دخل سقر؟- مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:42-43] ما كان يصلي، ولا يذكر الله جلَّ وعلا، وما كان يعكف على قراءة القرآن.

الآن وقد قربنا من شهرٍ كريم -أيها الأخ الكريم- أسألك بالله: متى ختمت القرآن آخر مرة؟ لو دخل بيننا ملك الموت ونزع هذه الروح، هل أنت الآن مستعد؟ هل صليت خمس صلوات اليوم في جماعة بخشوعٍ وخضوع؟ هل أنت اليوم لم ترتكب محرماً إلا وتبت منه، عندك ذنوب سابقة، هل تبت منها؟ هل تخلصت منها؟ مظالم بينك وبين البشر، هل تحللت منهم؟ هل أنت الآن مستعد؟ أم أنك سوف تقول إذا جاءك الملك: رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99] لماذا؟ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً [المؤمنون:100] أعمل صالحاً، يا رب! أرجعني فقط وأنا والله ما أرفع رأسي عن السجود، الآن عرف الحقيقة، الآن انتبه من النوم، الآن تيقظ من تلك الغفلة، ولكن لا ينفعه رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100] يرجع حتى يقبل بناته؟ أو حتى يسلم على أمه أو يودع أباه، أو يوزع أمواله؟ لا. أتظن أنه يرجع حتى يبني البيت أو يسكنه؟ لا والله. بل يرجع لقضية واحدة لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:100].

الآن كن أنت هذا الرجل، أسألك بالله منذ رمضان الماضي إلى اليوم كم مرة ختمت القرآن؟ كم مرة قرأته قراءة تدبر؟ فالقضية ليست قراءة، بل القضية تدبر أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].

عظم الموت عند السلف

الله عز وجل أنعم عليك بالنعم، فهل أديت شكرها؟ كم من الناس من هو عقيم لا يلد له، يتمنى أن يسمع كلمة (أبي) فتجده يتمناها، ويحترق قلبه عندما يرى أولاد المسلمين وهو ليس له ولد، أعطاك الله الولد، وأعطاك الذرية، وكبرت الذرية فهل شكرت الله فيها؟ هل حجبت البنات؟ اتق الله فإنهن سوف يتعلقن برقبتك عند الله جل وعلا يوم القيامة. من أتى لهم بالتلفاز، أليس هو أنت؟ من أدخل للبيت تلك الملاحق القذرة، أليس هو أنت؟ سوف تأتي يوم القيامة وتُسأل عن هذا وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا [السجدة:12] هل الآن أبصرت؟! الآن لا ينفعك البصر، هل الآن سمعت؟ أين أنت في الدنيا فهي وقت العمل؟ الآن لا ينفعك شيء في يوم الحسرة ويوم التغابن.

يا أخي الكريم: كن مستعداً وصادقاً مع نفسك، لا تقل مثلما قال فلان: في العمر متسع، وإذا جاء رمضان إن شاء الله أو وقت الحج أتوب، أو لما يحصل كذا وكذا سوف أصلح، هل تضمن أن تدرك ذلك اليوم؟

أبو العتاهية وهارون الرشيد

دخل أبو العتاهية على هارون الرشيد وقد مدح الناس قصره، فقال له: ماذا تقول أنت يا أبا العتاهية؟

قال أنا أقول:

عش ما بدا لك سالماً>>>>>في ظل شاهقة القصور

قال الملك: هه، يعني زد، ما أعظم هذا الشعر!!

يجري عليك بما أردت >>>>>من الغدو من البكور

ففرح الملك فقال:

فإذا النفوس تغرغرت >>>>>بزفير حشرجة الصدور

فهناك تعلم موقناً >>>>>ما كنت إلا في غرور

فبكى الملك حتى سقط على الأرض من البكاء، ثم لما أفاق قال للجنود وللحرس: اهتكوا الستر، وأغلقوا الأبواب فإني راجعٌ إلى بيتي القديم.

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [آل عمران:185] مصيبتنا -والله- في الدنيا، حتى بعض الصالحين مصيبته في الدنيا، حتى بعض من يتظاهر بالالتزام مصيبته في الدنيا، كبَّر وما زال قلبه في البيت، سجد ومازال يفكر في الدوام، يقرأ القرآن وهو يتذكر زوجته وأشغال البيت، إنا لله وإنا إليه راجعون، وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].

عمر بن عبد العزيز أمام القبور

الخليفة عمر بن عبد العزيز هل سمعتم به؟ إنه أمير المؤمنين، هذا الرجل صار أميراً للمؤمنين، أتعرف ماذا فعل؟ كان يأتيه أحد الولاة، فيدخل في بيت -أو كوخ أمير المؤمنين أمير المؤمنين يسكن كوخاً!- فيسأله أمير المؤمنين عن أحوال الرعية وعن شئون المسلمين -لا يغيب عن المسلمين- فلما انتهى قال الوالي: أما الآن فإني سائلك يا أمير المؤمنين عن أهلك وولدك، قال: انتظر، وكان في الغرفة سراج، فأطفأ السراج وأظلمت الغرفة فقال الوالي: لم فعلت هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا السراج من أموال المسلمين أشعلته لأسأل عن أحوالهم، أما أن تسألني عن أهل بيتي وأولادي فلا يحق لي أن أشعل هذا السراج، إنه من أموال المسلمين. كان لا يملك إلا ثوباً واحداً، إذا غسلته زوجته فاطمة يجلس في البيت لا يخرج حتى يجف اللباس ثم يخرج إلى الناس ويلبسه.

هذا الرجل في يوم من الأيام صلى بالناس العيد إماماً، وبعد الصلاة مرَّ على مقبرة فنزل عن بغلته -هذا موكبه- وعنده بعض أصحابه، فقال لمن عنده: انتظروا، فذهب إلى المقبرة وأخذ ينظر إلى القبور أسألك -أخي الكريم! وأطلب منك طلباً: اذهب للمقبرة في غير يوم جنازة، لا تقل: أذهب لجنازة قريب أو صاحب، لا. اذهب يوماً من الأيام لوحدك هكذا، وانظر إلى القبور، وكلمها، هل يجيبك أحد؟ سلها هل يرد عليك أحد؟- قال عمر وهو ينظر إلى المقابر: أيها الموت! ماذا فعلت بالأحبة؟ أيها الموت -يكلمهم- ماذا صنعت بهم؟ فلم يجبه أحد، ثم خرَّ على ركبتيه وهو يبكي ويردد شعراً فيقول:

أتيت القبور فناديتها>>>>>أين المعظم والمحتقر

تفانوا جميعاً فما مخبرٌ>>>>>وماتوا جميعاً ومات الخبر

فيا سائلي عن أناسٍ مضوا >>>>>أما لك فيما مضى معتبر

فإذا به يبكي بكاءً مراً حتى اجتمع الناس حوله، حتى هدأ رحمه الله.

إنها القبور، إنه منزلك يا أخي الكريم! مر عليه يوماً من الأيام وتفحصه، هل تحمل معك أثاثاً؟ أو يدخل معك فيه أحد؟ بعد أيام ولعله بعد لحظات سوف تسكنه وأنت لا تدري، غفلة وأي غفلة!

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185] القضية أكبر من هذا، لو كان موتاً لكان هيناً، يقول الشاعر:

فلو أنا إذا متنا تركنا>>>>>لكان الموت راحة كل حيٍ

ولكنا إذا متنا بعثنا>>>>>ونسأل بعدها عن كل شيء

عثمان يبكي إذا رأى القبور

القضية أكبر من الموت يا أخي الكريم! القضية هي ما بعد الموت.

عثمان بن عفان رضي الله عنه ثالث الخلفاء، إذا وقف على المقبرة بكى، يروى أنه كان يختم القرآن كله في ليلة، وقد أنزل الله فيه آيات هي: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9] هذا هو العلم الحقيقي، العلم الذي يوصلك إلى خشية الله ومخافته، عثمان قتل وبيده مصحف، قال له الصحابة: نقاتل عنك؟ قال: دعوهم، فدى الأمة بدمه، قال: دعوهم واتركوهم. خوارج كفَّروا عثمان، كفروا أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، اقتحموا عليه الباب -انظر إلى الوقاحة- ودخلوا وهو يقرأ القرآن، وزوجته عنده فطعنوه تسع طعنات، طعنه الشقي وقال: أما ثلاث فلله، وأما ست فلشيء وقر في الصدر، وكذب والله، فالتسع كلها ليست لله عز وجل، ألله قتل عثمان؟ أعوذ بالله! لما قتل سال الدم على المصحف، فبكت زوجته على أمرٍ واحد، قالت: قتلتموه وإنه ليحيي الليل بالقرآن: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9].

السعادة الحقيقية في طاعة الله

أخي الكريم: القضية سعادة الدنيا والآخرة، أتريد السعادة؟ ما منكم من أحدٍ إلا ويقول: نعم. أتعرف أين هي؟ إنها في ركعات في آخر الليل، هي في صلاة الفجر وبعدها إلى طلوع الشمس، والله الذي لا إله غيره إنها السعادة.

اجلس مع بعض الأتقياء الورعين الصالحين قل لهم: ما هي أسعد لحظات الحياة؟ يقول لك: إنها ساعة الإفطار عندما كنت في الحرم وأسمع الأذان يؤذن وبيدي رطبات أفطر عليها.

سل الآخر، يقول لك: كنا في مسجد فلان نقوم الليل وكنا نبكي من خشية الله، فهي أسعد لحظات الحياة.

سل الثالث يقول: متى أسعد لحظات الحياة؟ يقول: لما كنا نسمع أصوات المدافع والرشاشات وكنا في الصف الأول فكانت تغمر قلوبنا سعادة لم نشعر بها مرة أخرى، إنها السعادة الحقيقية الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].

المعاصي لا تأتي إلا بالضنك

قبل أيام اتصل بي شاب قال: أنت الشيخ؟ قلت: نعم تفضل، قال: يا شيخ! لم تخطر على بالك معصية ولن تخطر على بالك معصية إلا وقد فعلتها، قلت: وماذا تريد؟ قال: يا شيخ! كل شيء فعلته في الدنيا، قلت: وما طلبك؟ قال: مللت حياة الدنيا، كرهت الحياة، وكأنه يريد الانتحار، ففتحت له باب التوبة، وفتحت له باب الرجاء، يقول: يا شيخ! كلما أفعل المعاصي كلما ازددت ضيقاً وهماً وغماً. أتدري ما هو السبب؟ لأن الله جل وعلا يقول: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124] أعرض عن ذكر الله.

بعض الصالحين يقول: عندي أحياناً ضيق في الصدر، تسأله: هم الأمة؟ هم الناس؟ إصلاحهم؟ يقول: لا. إذاً ما همك؟ هم القيامة؟ هم الآخرة؟ يقول: لا. ما همك؟ هم القبر؟ يقول: لا. يقول: ما أدري هم في الصدر، أقول لك: فتش في نفسك عن ذنبٍ ارتكبته، فتش في نفسك، نظر إلى امرأة، سماع أغنية، غيبة زل بها اللسان، نوم عن صلاة، هذا هو ضيق الصدر، يقول الله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125].

السعادة في السجود

أحد الناس يقول عن نفسه: ما من معصية إلا وفعلتها، ضاقت بي الأرض بما رحبت، قررت السفر، مللت الحياة، يقول: سافرت، فإذا به يذهب إلى أين؟ إلى بلدٍ أخرى فيها أخوه، وكان أخوه صالحاً، يقول: طرقت الباب ودخلت عليه، قال: ما الذي جاء بك؟ قال: يا أخي والله مللت هذه الحياة -والشيء بالشيء يذكر، السويد من أكثر الدول إباحية، ليس فيها حرام، أو ممنوع، افعل ما تفعل، حتى الرجل يتزوج مثله، وعندهم لذلك قانون، ومع ذلك هذه الدولة أعلى نسبة انتحار فيها، يذهب إلى أعلى عمارة ويرمي نفسه من الأعلى، هذا مصيرهم- يقول هذا الشاب: سافرت إلى أخي وجلست عنده.

يقول: نمت أول ليلة عند أخي، وفي الفجر جاءني رجل يوقظني، قال لي: قم، قلت: إلى أين؟ قال لي: قم لصلاة الفجر، فنظرت إليه، فقلت له: أنا لا أصلي، قال: أعوذ بالله مسلم لا يصلي؟! فقلت: أنا لا أصلي دعني أنام، قال: قم صل ولو مرة، قلت: لا أصلي، واغرب عن وجهي، قال: جرب الصلاة مرة، ثم ذهب، وجلست أفكر على الفراش بكلامه: جرب الصلاة ولو مرة، يقول: فقمت واغتسلت، وذهبت إلى المسجد وصليت، ثم رجعت إلى أخي فقلت له: يا أخي! وجدتها، قال: ما وجدت؟ قلت: وجدت السعادة التي كنت أبحث عنها، قال: أين؟ قلت: في سجودي في الصلاة: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ [الزمر:22] نسأل الله ألا يقسي قلوبنا فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ [الزمر:22] يسمع ذكر الله ولا يتأثر، لا يقشعر الجلد ولا يبالي، كأنها قصص أو كأنها أحاديث الناس فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر:22].

قال أخوه: إذاً نعمت السعادة ونعمت الهداية فظل يوماً أو يومين، ثم قال لأخيه: سوف أرجع إلى بلدي، فرجع إلى أمه وطرق الباب عليها، ففتحت أمه الباب وقالت: يا بني! ما الذي جاء بك مسرعاً هذه المرة؟ -كان متعوداً للسفر إلى الحرام- قال: يا أماه! وجدت الذي أبحث عنه، قالت أمه: وما هي؟ قال: وجدت السعادة، قالت: يا بني! أين وجدتها؟ قال: وجدتها في الصلاة، وجدتها في القرآن، وجدتها بالذكر، ففرحت أمه، فظل يوماً أو يومين ثم قال: يا أماه! أطلب منك طلباً؟ قالت: وما هو يا بني؟ قال: أريد السفر يا أماه، قالت: إلى أين يا بني؟ قال: أريد السفر للجهاد في سبيل الله، قالت أمه: يا بني! ما منعتك وأنت تسافر للمعصية أفأمنعك وأنت تسافر للطاعة؟! اذهب وتوكل على الله.

سافر الشاب التائب إلى الجهاد، وتدرب شهوراً ثم دخل في المعركة وكان بجانبه صاحبٌ له، اشتدت المعركة وقويت الغارة فإذا بصاحبه يصاب بشظية، فحمل صاحبه ليسعفه وأسرع به ولكن المنية أقرب، غادر صاحبه الدنيا، ما غسله ولا كفنه؛ لأن الشهيد لا يغسل ولا يكفن، يبعث عند الله اللون لون دم والريح ريح مسك، أول قطرة من جسمه تغسل جميع ذنوبه، ولو تقطع بالحديد أو تراه يحترق فإنه لا يحس إلا كقرصة نملة.

حفر لصاحبه حفرة وأنزله فيها ثم رفع يديه وقال: اللهم إني أسألك ألا تغرب عليَّ الشمس هذا اليوم إلا وقد قبلتني شهيداً عندك يا رب، ثم قبل أن يدفن صاحبه اشتدت المعركة، حمل السلاح وتقدم، فإذا به يصاب بضربة تودي بحياته ويدفن مع صاحبه في تلك الحفرة: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30].

لا تقل: بي هم وغم، إن كان هم الدعوة.. هم الإسلام.. هم المسلمين.. هم القيام.. هم المعاد.. هم القبر، فأقول لك: نعم الهم، أما إن كان هم الدنيا فبئس الهم، أما إن كان هم الدنانير والدراهم فبئس الهم، أما إن ضاق صدرك بالذنوب والمعاصي فبئس الضيق يا أخي الكريم، واعلم أنها بداية شر وأنها شؤم تلك المعاصي، اتق الله عز وجل، وراقبه ولا تقل: لا أحد يراني، والناس يظنون بي الخير، اسمع إلى ما يقول الشاعر عن نفسه:

إلهي لا تعذبني فإني >>>>>مقرٌ بالذي قد كان مني

فكم من زلة لي في البرايا >>>>>وأنت علي ذو فضل ومنِّ

إذا فكرت في ندمي عليها >>>>>عضضت أناملي وقرعت سني

وما لي حيلة إلا رجائي >>>>>وعفوك إن عفوت وحسن ظني

يظن الناس بي خيراً وإني >>>>>لشر الناس إن لم تعف عني

نرضى بكلام الناس ومدحهم، يا شيخ! أيها الصالح! أيها التقي! نفرح بتلك الكلمات، ونسأل الله العافية، ثم إذا جئنا يوم القيامة وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزمر:47].

صور من عبادة السلف

قتيل القرآن

هل سمعت عن علي بن الفضيل بن عياض؟ إنه ابن عابد الحرمين، هذا الرجل إذا صلى خلف أبيه -وقد كان أبوه إماماً- فإن أباه لا يرتل القرآن، بل يقرأ قراءة عادية، خوفاً على ابنه؛ لأن ابنه إن خشع وتدبر لا يتحمل نفسه، في يوم من الأيام دخل ابنه ولم يعرف عنه أبوه، فكان يرتل فسمع صوت ابنه يبكي، فأكمل الصلاة مسرعاً فإذا ابنه على الأرض مغمىً عليه يبكي؛ لأنه قرأ قول الله: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [الحديد:16] أتعلم هذا الرجل ماذا يسمى؟ إنه يسمى قتيل القرآن، يروى أنه مات عند آية: وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ [الأنعام:27] فسكت، فنظروا إليه فإذا هو قد غادر الدنيا.

تقول لي: مبالغة، تقول لي: أصحاب النبي ما حصل لهم هذا، أقول لك: أين السنة؟ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عنده أحد الصحابة (فإذا به يقول له: حسبك -قف ولا تكمل القراءة- قال: فنظرت فإذا عيناه تذرفان) يبكي عليه الصلاة والسلام.

يقول ابن مسعود: (يا رسول الله! قمت الليل بآية واحدة؟ -كل الليل بآية واحدة- لو فعلها أحدنا لوجدنا عليه) أتعرف ماذا يقرأ؟ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ [المائدة:118] هم الأمة وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118] فكان يبكي وهو يرددها الليل كله.

عبادة أبي حنيفة

الإمام أبو حنيفة يقول عنه رجل: هذا الرجل لا يصلي كثيراً، وصلاته مثل الناس، ثم يقول: لا بد أن أراقبه لأعلم لمَ رفع الله شأنه؟ أتظن أن الأئمة الأربعة ليس هناك من يفوقهم، أو يوازيهم؟ لا. هناك أئمة كثر، ولكن رفع الله هؤلاء الأربعة، واسمع:

يقول هذا الرجل: راقبته، فصلَّى العشاء ودخل البيت، فانتظرت عند باب البيت -وبعد العشاء كان الناس ينامون ولا أحد يخرج- يقول: وراقبت البيت، فلما هدأ الناس خرج فتبعته، فإذا به يرجع إلى المسجد، يقول: فدخلت خلفه، فإذا به يصلي بعد العشاء إلى طلوع الفجر، بآية واحدة يرددها ويبكي: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [الطور:27] وهذا من حديث أهل الجنة، فهم يتلاقون ويتزاورون فيقول بعضهم: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [الطور:27] ليلة كاملة يرددها ويبكي.

عبادة الإمام أحمد وصبره

الإمام أحمد رحمه الله، لمَ رفع الله شأنه؟ هذا الرجل حفظ ألف ألف حديث في صدره، وإذا قلنا: إمام أهل السنة والجماعة فإنه لا يستحق غيره هذا الاسم، أحمد بن حنبل يلبس نعالاً ثماني عشرة سنة، ما غير نعله، كلما تقطع نعاله رقعه وخصفه بيديه، دخل عليه ابنه في يوم من الأيام وهو متربع في غرفة مظلمة، يبكي، فقال له ابنه عبد الله: يا أبت! لمَ تصنع هذا؟ قال: يا بني! تفكرت في القبر وحالي بعد الموت، قال: يا أبت! لمَ لا تستند على جدار؟ قال: يا بني! أستحي أن أناجي ربي وأنا مستندٌ على الجدار، جاءه شاعر في يوم من الأيام فقال له: اعطني مما عندك من الشعر؟ فقال له شعراً، فقام الإمام أحمد ودخل غرفة وطال المقام فسمعه أحد التلاميذ يبكي ويردد هذه الأبيات:

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل>>>>> خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة >>>>>ولا أن ما تخفيه عنه يغيبُ

تصدى لأهل البدع، وقال قولته المشهورة: القرآن كلام الله غير مخلوق، فجيء بالجلادين وقال المعتصم: كل واحد منكم يجلده أقوى ما عنده جلدتين فقط، أقوى ما يستطيع، فجلد وكلما يجلد يسقط على الأرض، ثم يفيق، ثم يجلد، مائة وستين ضربة، هل ترجع يا إمام؟ قال: لا أرجع؟ حمل إلى السجن، وهو رجل كبير في السن، يقول عن نفسه في ليلة باردة قارسة، وقد رمي في السجن يقول: أخذت أتحسس بيدي، حتى وقعت يدي على ماءٍ بارد، يقول: فأخذت الماء وتوضأت به، ثم صليت حتى الفجر، تعرف كم يوماً جلس في السجن؟ ثمانية وعشرين شهراً، أكثر من سنتين في السجن؛ لأنه قال: القرآن كلام الله، وقد سرد الصوم فيها، وما أفطر يوماً واحداً.

يأتيه الوالي بطعام لعظم موقفه، بأفخم أنواع الطعام، والإمام أحمد يقول: والله لا أذوق لهم طعاماً أبداً.

يأتيه الشيطان عند الموت، فيقول: يا إمام! لقد فتني، وهو يقول: لا بعد، لا بعد، لا بعد.

العودة العودة إلى طاعة الله

كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات:17].

نحن ماذا فعلنا يا إخوان؟! كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18] لِمَ يأتيك الضيق وذلك الهم؟ سل نفسك: كم تعبد الله جل وعلا؟

تأتي عائشة فتقول: (يا رسول الله! هذه الآية: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60] قالت: هؤلاء الذين يسرقون ويزنون ويقتلون، قال: لا يابنة الصديق! هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون ألا يتقبل الله منهم).

ابن عمر يتصدق فيقول له ابنه: [تقبل الله منك يا أبي، فضحك، وقال: لو علمت أن الله تقبل مني ما كان غائباً أحب إلي من الموت] لو علمت أن الله قبل مني حسنة لكنت أتمنى الموت، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27] لا تقل لي: يا شيخ! ضيقت باب التوبة، يا شيخ! أين الرجاء؟ يا شيخ! أين رجاء رحمة الله جل وعلا؟

أقول لك: نعم، الله وصف نفسه بأنه غفار، ولم يقل غافر، بل قال: غفار، لكن لمن؟ اسمع: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ [طه:82] أولاً: تب إلى الله، فهل يعقل أن يكون صالحاً وهو لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس؟!

هل يمكن أن تتصور صالحاً تمر عليه السنة لم يختم القرآن مرة؟!

هل تتصور صالحاً يكبر للصلاة ويفكر في الدنيا؟!

هل تتصور -يا أخي الكريم- صالحاً يرى منكراً في مجلس ويجلس فيه؟!

أيها الأخ الكريم: اتق الله: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ [طه:82] فقط؟ لا لِمَنْ تَابَ [طه:82] فقط؟ لا لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82].

أيها الإخوة الكرام: هذه جلسة محاسبة، وهي موعظة لعلها تخرج من القلب إلى القلب، وما ندري قد لا نلتقي بعد هذه اللحظات، بل قد لا تلتقي بأهلك، بل قد لا تخرج من هذا المجلس.

هنيئاً لمن جلس في هذا المكان واستمع هذا الحديث، وقالها من قلبه ندماً وحسرة: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى [طه:84].

هنيئاً لمن عاهد الله وهو يستمع إليه ألا تضيع منه ليلة إلا بركعات أول الليل أو آخره.

هنيئاً لمن عاهد الله ألا يهجر القرآن، هنيئاً لمن عزم الآن ألا تفوته صلاة جماعة في بيتٍ من بيوت الله.

هنيئاً لمن عزم الآن وهو جالس أن يخرج تلك الصور وتلك الأفلام وأن يخلص بيته من ذلك الجهاز الخبيث.

هنيئاً لمن عاهد الله ولمن استقام على أمر الله جل وعلا: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر:18] لن أقول لك: سوف تأتينا فرصة رمضان، فلعلنا لا ندرك رمضان يا أخي الكريم! أقول لك: فرصة هذه الليلة، فرصة هذا المجلس، فرصة قبل رجوعك إلى البيت، فما تدري.

تزود من التقوى فإنك لا تدري >>>>>إذا جن ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ

فكم من صحيح مات من غير علة >>>>>وكم من سقيمٍ عاش حيناً من الدهر

وكم من صغارٍ يرتجى طول عمرهم>>>>>وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبرِ

وكم من عروسٍ زينوها لزوجها >>>>>وقد نسجت أكفانها وهي لا تدري

تزود من التقوى فإنك لا تدري >>>>>إذا جن ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وجزاكم الله خيراً.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , إلى متى الغفلة؟ للشيخ : نبيل العوضي

https://audio.islamweb.net