إسلام ويب

إن جنة الله العالية هي سلعته الغالية، وما من إنسان سيدخلها إلا كان مستحقاً لذلك، وقد ظن أهل الشرك والكفر أن أقدارهم في الدنيا، وما يملكونه من وجاهة وسلطان سيؤهلهم لدخول الجنة، فبين الله خطأهم وما يئول بهم إليه جهلهم، فهم مستحقون للعذاب الأليم في نار الجحيم، لأنهم لم يؤمنوا بالله العظيم، ولم يتبعوا نبيه الكريم.

تفسير قوله تعالى: (فمال الذين كفروا قبلك مهطعين * عن اليمين وعن الشمال عزين)

الحمد لله, نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه, ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: ها نحن مع سورة المعارج -سورة سَأَلَ سَائِلٌ [المعارج:1]- ومع هذه الآيات الختامية لها، فهيا بنا نصغي مستمعين تلاوتها مجودة مرتلة، والله تعالى نسأل أن ينفنعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ * أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ * فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ * يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [المعارج:36-44].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ [المعارج:36-37]؟ هذا الاستفهام إنكاري، فالمشركون والكافرون كانوا عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة والقرآن ينزل ويدعو إلى أن يعبد الله وحده إن يروه يمشي أو يجلس يقرأ إلا ويتجمعون.

وقوله: عِزِينَ [المعارج:37] جمع عزى. وقال عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ [المعارج:37], أي: عن يمينه صلى الله عليه وسلم وعن شماله مهطعين, وينظرون مسرعين إليه. وهذه صورة صادقة، فما إن يشاهدوه حتى يلتفوا حوله عن اليمين وعن الشمال, ويسمعوا ما يقول وينظروا إليه مهطعين. فلامهم الله وعاتبهم وأدبهم، فقال: فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ [المعارج:36-37].

تفسير قوله تعالى: (أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم)

قال تعالى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ [المعارج:38]؟ هذا استفهام أيضاً إنكاري توبيخي؛ لأنهم قالوا: إذا صدق محمد في أن هناك جنة يدخلونها فنحن أولى بذلك، ونحن ندخلها. فهكذا تبجح أغنياؤهم ورجال مكة، فقد قالوا: هذا الجنة التي يرغبون فيها إن وجدت فنحن أولى بها, وسندخلها. فقال تعالى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ [المعارج:38].

تفسير قوله تعالى: (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون)

قال تعالى: كَلَّا [المعارج:39] والله ما يدخلها هؤلاء المشركين، وما يدخلها إلا المؤمنون المسلمون الذين زكت نفوسهم, وطابت أرواحهم بالإيمان وصالح الأعمال, وبالبعد عن الشرك والذنوب والآثام.

ثم قال تعالى: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ [المعارج:39]. فهم خلقوا من تلك النطفة القذرة نطفة المني. وأهل تلك النطفة ليسوا أهلاً لأن يدخلوا الجنة, لولا أنهم يؤمنون ويعملون الصالحات, ويبتعدون عن الشرك والسيئات. فنحن خلقناهم من نطفة.

وقوله: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ [المعارج:39], فهم يعلمون أن أصل الإنسان وأي مخلوق من نطفة، اللهم إلا آدم وحواء وعيسى، وأما بنو آدم فكلهم من تلك النطفة القذرة المنتنة، وأنتم تعرفون المني وقذارته ونتنه. وأما آدم فقد خلقه الله ونفخ فيه من روحه، وحواء خرجت من ضلعه بقول الله: كوني فكانت، وعيسى كان بنفخة جبريل في كم مريم، وما عدا هؤلاء الثلاثة فكلهم مخلوقون من تلك النطفة القذرة العفنة، كما قال تعالى: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ [المعارج:39].

تفسير قوله تعالى: (فلا أقسم برب المشارق والمغارب ...)

قال تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [المعارج:40], أي: ما نحلف برب المشارق والمغارب، ورب المشارق والمغارب هو الله, فهو ربها وخالقها، وموجدها ومالكها. والمشارق جمع مشرق، والمغارب جمع مغرب, وهم والله ثلاثمائة وستون مشرقاً ومغرباً على عدد أيام السنة, وفي كل يوم تطلع الشمس من مكان ثم ما تطلع منه إلى العام الآتي, بل تنتقل إلى آخر، وعند غروبها كذلك، فتغرب اليوم هنا, واليوم الثاني في مكان بعده, وهكذا حتى تتم السنة. ولذلك قال تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [المعارج:40]. وربها وخالقها ومالكها الله عز وجل.

والله تعالى يحلف بما يشاء، ويقسم بما يشاء، وهو يقسم بالشيء ليلفت النظر إلى أنه مظهر من مظاهر قدرة الله ورحمته, وعلمه وحكمته، فقد قال: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ [التين:1-2]، وقال: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]، وقال: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2]. وهو تعالى يحلف بالشيء من مخلوقاته؛ ليلفت النظر إلى أن هذا مظهر من مظاهر قدرة الله وعلمه, وحكمته ورحمته.

وهو هنا يقسم بالمشارق والمغارب, فقال: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ [المعارج:40], أي: مستطيعون عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ [المعارج:41]. فيحلف الله تعالى أو يقول: لا أحلف على أننا قادرون على أن نبيد هؤلاء ونهلكهم وندمرهم, ونأتي بأمة أخرى. وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ [المعارج:41]. فلا أحد يسبقنا في ذلك أو يصل إلى ما نصل إليه. وفي هذا تهديد لهؤلاء الكافرين المتبجحين المشركين، فهو يحلف تعالى أو يقول: لا أحلف برب المشارق والمغرب إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ [المعارج:40-41]. وهو كذلك. فقد بدل الله خيراً منهم, فهم والله ماتوا, وجاء الإسلام, وعاش أهله في مكة إلى اليوم.

تفسير قوله تعالى: (فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون)

قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم هو يعاني من كروب وهموم أولئك المشركين، فهذا يضحك, وهذا يسخر, وهذا يستهزئ, وهذا يحلف, وهذا يقول ويقول، فقال تعالى لرسوله: فَذَرْهُمْ [المعارج:42] واتركهم يا رسولنا! يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا [المعارج:42]. فدعهم يخوضون في الباطل, ويلعبون في أيامهم هذه، حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ [المعارج:42]. ألا وهو يوم القيامة, فهو اليوم الذي وعدنا الله بالوقوف فيه حفاة عراة، ثم محاسبتنا على أعمالنا، ثم جزاءنا بها إما بالنعيم المقيم في دار النعيم، وإما بالعذاب الأليم في دار عذابه النار المهين. فاتركهم يا رسولنا! ولا تكرب ولا تحزن، بل دعهم واتركهم وذرهم في خوضهم يلعبون, حتى يلاقوا يومهم الذي يعدهم الله به أن يحييهم مرة ثانية بعد موتهم، ثم يجزيهم بحسب سوء أعمالهم وفساد قلوبهم.

تفسير قوله تعالى: (يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نصب يوفضون)

قال تعالى: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ [المعارج:43]. والأجداث: جمع جدث, وهو القبر. فهو يقول هنا: يوم يخرجون من القبور حفاة عراة كما خلقهم الله, فقال: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا [المعارج:43], أي: مسرعين, كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ [المعارج:43], أي: كأنه علامة أو علم أو صنم ينظرون إليه, وهم مسرعون متجهون إليه بسرعة.

تفسير قوله تعالى: (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون)

قال تعالى: خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ [المعارج:44]. فلا يستطيع أحد أن يلتفت أبداً، بل أعينهم هكذا منكسرة من الخوف والرعب, وما ينالهم ويصيبهم في هذا اليوم، أي: يوم القيامة. تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ [المعارج:44], أي: يصابون بالذل الذي ما عرفوه في الدنيا وهم في ساحة فصل القضاء، يوم يجمع الله البشرية كلها في صعيد واحد, وذلك يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ [المعارج:43], أي: من القبور سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ [المعارج:43], أي: إلى علم أو كذا, ويتجهون نحوه، أو إلى صنم أو ما كانوا يعبدون.

ثم قال تعالى: ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [المعارج:44]. فهذا هو اليوم الذي كان يعدهم ربهم بأنكم بعد موتكم ستبعثون أحياء, وستحاسبون وتجزون على أعمالكم في هذه الدنيا في الحياة الأولى.

وهذه السورة مكية.

قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات

قال: [ هداية الآيات ] الآن مع هداية الآيات:

[ من هداية الآيات:

أولاً: بيان الحال التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بين ظهراني قريش، وما كان يلاقي من أذاهم ] وهو بين المشركين الكافرين في مكة، فقد كان هذا يضحك, وهذا يسخر، وهذا يهدده, وهذا يريد أن يضربه. وقد دلت الآية الأولى على هذا.

[ ثانياً: بيان أن الجنة تُدخل بالطهارة الروحية من قذر الشرك والمعاصي ] فالجنة مقام ودار الأرواح الطاهرة النقية، وأما الأرواح الخبيثة كالمني المنتن فهذه لن تدخلها, وليست لها بأهل، واقرءوا دائماً: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [ الشمس:9-10]. وقد حلف الله على هذا الحكم الإلهي والله العظيم. فقد أفلح من زكى نفسه، أي: طيبها وطهرها بأدوات الإيمان وصالح الأعمال، وأبعدها عن الرجس والخبث, والشرك والكفر, والذنوب والآثام. هذا الذي أفلح, فقد نجا من دخول النار, ودخل الجنة دار الأبرار. هذا هو المفلح، كما قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ [الشمس:9-10] وخسر مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10]. فلهذا كن ابن من شئت، وكن أباً لمن شئت، وكن من أي قبيلة شئت، فالعبرة بالنفس هل هي زكية طاهرة نقية، أو خبيثة منتنة عفنة. فإن كانت زكية طاهرة نقية فلو كان أبوك كافراً لا يضرك، أو كانت أمك كافرة لا يضرك ذلك، وإذا كانت النفس خبيثة فلو كان أبوك رسول الله أو أمك كذا فلا قيمة لذلك. فالعبرة دائماً بزكاة النفس وطهارتها. ولهذا شرع الله لنا هذه العبادات من الصلاة إلى الزكاة .. إلى الصيام .. إلى الحج .. إلى جميع عبادات الله، ومن الجهاد والرباط، وهذا كله من أجل أن نزكي نفوسنا ونطيبها ونطهرها؛ حتى نموت ونفوسنا طاهرة زكية، فإذا بعثنا الله بعثنا ونفوسنا زكية طاهرة، وما حرم الكفر والشرك والذنوب والآثام إلا لنبتعد عن هذا الذي يخبث نفوسنا ويدسيها وينتنها. والعياذ بالله.

قال: [ وإلا فأصل الناس واحد ] وهو [ المني القذر, باستثناء آدم وحواء وعيسى، فآدم أصله الطين، وحواء خلقت من ضلع آدم، وعيسى كان بنفخ روح القدس في كم درع مريم, فكان بكلمة الله تعالى، ومن عدا الثلاثة فمن ماء مهين ونطفة قذرة ] وقد بينت لكم هذا، فكل بني آدم مخلوقون من نطفة قذرة، وهي نطفة المني. إذاً: فلا ينبغي أن نتكبر ولا نتجبر، بل ينبغي علينا أن نعمل على أن تزكو نفوسنا وتطيب وتطهر. وما عدا حواء وآدم وعيسى عليه السلام, فهؤلاء ما خلقوا من نطفة، والبشرية كلها خلقت من النطفة القذرة, وهي المني.

[ ثالثاً: ] من هداية الآيات: [ الاستدلال بالنشأة الأولى على إمكان ] الحياة [ الثانية ] فالذي أوجدنا الآن لا يعجز أن يوجدنا غداً. والذي أوجدنا الآن ليس آباؤنا أو أمهاتنا, بل أوجدنا الله, وأعطانا فترة من الزمن أعماراً وآجالاً, ثم أماتنا، فهو قادر إذاً على أن يحيينا مرة ثانية؛ ليحاسبنا ويجزينا على كسبنا وعملنا في حياتنا هذه.

فمن هداية هذه الآيات: الدلالة على أن الخالق لهذا الخلق الآن يقدر على أن يخلقهم غداً في الدار الآخرة.

[ رابعاً: ] من هداية الآيات التي تدارسناها: [ تقرير عقيدة البعث والجزاء ] والبعث هو: أن يبعثنا الله من قبورنا أحياء في ساحة واحدة, تسمى فصل القضاء، ثم يحاسبنا، ثم يجزينا. فصاحب الإيمان والعمل الصالح الطاهر النفس يدخل الجنة دار النعيم، وصاحب النفس الخبيثة المنتنة بالشرك والذنوب والآثام في دار الجحيم. هذا البعث الآخر والحياة الثانية والدار الآخرة.

وأركان الإيمان ستة، والركن الخامس هو: الإيمان باليوم الآخر.

وكثيراً ما أقول واسمعوا وبلغوا: والله إن الإنسان سواء كان أبيض أو أسود أو كيفما كان جنسه إذا لم يؤمن بالدار الآخرة فهو شر الخلق، ولا يوثق فيه, ولا يعول عليه، ولا يؤتمن أبداً، والذي يؤمن بالدار الآخرة وما يجري فيها من جزاء وحساب هذا هو الذي يخشى أن يعاقبه الله, فلا يفجر ولا يكذب، ولا يخدع ولا يغش، ولا يقول الباطل. وأما فاقد هذه العقيدة فهو شر الخلائق. ومع الأسف ما عرف المسلمون هذا، بل عولوا على الكافرين.

[ خامساً ] وأخيراً: من هداية هذه الآيات: [ بيان أن حياة أهل الكفر مهما تراءى لهم ولغيرهم أنها حياة مدنية سعيدة لم تعد كونها باطلاً ولهواً ولعباً ] فالكفار الأمريكيون والصينيون واليابانيون والأوروبيون يبدو أن حياتهم حياة سعيدة، ووالله ما هي إلا طريق لهم إلى جهنم، ووالله ما هي إلا لهو ولعب فقط، فقلوبهم ميتة، فهم ما يذكرون الله, ولا يعرفون لقاءه، بل هم كالبهائم، وكالقردة والخنازير، واقرءوا قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6]. فشر الخلق ليس القردة والخنازير, بل الكافرون, والجاهلون يتعشقونهم، ويحاولون أن يكونوا مثلهم في لباسهم وأكلهم وشرابهم. والعياذ بالله.

والله تعالى نسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة المعارج (3) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net