إسلام ويب

لما كفر قوم ثمود بربهم بعث الله إليهم أخاهم صالحاً، يدعوهم إلى توحيد الله ونبذ ما عداه من المعبودات، ويذكرهم بنعمة الله عليهم حيث استخلفهم في الأرض من بعد عاد، ومع هذا كله أتاهم بآية من آيات الله المعجزة وهي الناقة، وأمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وحذرهم من أن يمسوها بسوء، لكنهم استكبروا وعتوا عن أمر الله، وبعثوا أشقاهم فقتل الناقة، فاستحقوا العذاب الأليم.

تفسير قوله تعالى: (وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ...)

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد:

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأربعاء من يوم الثلاثاء- ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

وها نحن ما زلنا مع سورة الأعراف المكية المباركة الميمونة، وها نحن مع قصة صالح مع قومه ثمود، فهيا نستمع إلى الآيات الواردة فيها أولاً، ثم نشرع في تفسيرها وبيان مراد الله تعالى منها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [الأعراف:73-76].

اتفاق الرسل على الدعوة إلى التوحيد

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا [الأعراف:73]، كما أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:59]، وأرسلنا هوداً إلى قومه فقال: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:65]، كذلك أرسلنا إلى ثمود رسولنا صالحاً فقال: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:73]، وهكذا كل رسل الله، ما من رسول يرسل إلى قوم ويبعث فيهم إلا كان أول ما يدعوهم إليه أن يعبدوا الله ويتخلوا عن عبادة غيره، وخاتمهم وإمامهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال: ( بعثت بلا إله إلا الله ).

فقول ربنا حكاية عن صالح أو عن هود أو عن نوح : اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ، ترجمته: لا إله إلا الله، وإن شئت قل: ما معنى لا إله إلا الله؟ معناها: أن لا نعبد إلا الله، ما لنا من إله غيره، والله! ما للبشرية إله سوى الله، والله لا يوجد للبشرية منذ أن كانت إلى يوم القيامة إله حق يستحق أن تعبده إلا الله، إذ لا يوجد في العالم من خالق مدبر للكون إلا الله، والخليقة كلها هو الذي يتصرف فيها يحيي ويميت، يعطي ويمنع، يعز ويذل، يرفع ويضع وحده، هذا الذي يجب أن يحب، هذا الذي يجب أن يتقرب إليه، هذا الذي يجب أن يعبد، هذا الذي يجب أن يسأل عنه من أجل أن يعرف، أما أهواء وشياطين تتمثل في أصنام وأحجار وشهوات وتؤله مع الله وتعبد فكلها باطلة، فهل الذي خلق ورزق تترك عبادته، والذي لم يخلق ولم يرزق يعبد؟ أي ظلم أفحش من هذا! ولكن الشيطان عدو الإنسان هو الذي يزين للبشرية انصرافها عن ربها ويحسن لها عبادتها من أجل أن تشقى الشقاء الأبدي معه في عالم الشقاء.

إقرار البشرية بربوبية الله تعالى

يقول تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا [الأعراف:73] أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً، فبم بدأهم؟ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:73]، وهم يعرفون الله، وقبلهم عاد كانوا يعرفون الله؛ لأن عهد نوح ما هو ببعيد، ولكن الشياطين زينت لهم عبادة التماثيل والأصنام والأحجار والأشجار وما إلى ذلك بحجة الاستشفاع بها إلى الله والتوسل بها إلى الله لقضاء الحاجات ودفع الكربات، أما فهم يؤمنون بالله ربا.

وقد قلت غير ما مرة: فكرة الملاحدة العلمانيين هذه أنشأها اليهود من عهد قريب، أقل من مائتي سنة، والبشرية كانت تؤمن بأن لها خالقاً رازقاً مدبراً هو الله، لكن هؤلاء نفخوا روح الإلحاد حتى ينكر الإنسان خالقه ويصبح كالبهيمة، بل كالحجر، مع أن نسيان وجود الله لا يعقل أبداً ولا يقبل، إذ مستحيل أن يوجد موجود بدون موجد، كيف يوجد هذا العالم بدون موجد؟ ونحن نبحث عن أدنى شيء فلا نجده موجوداً بدون موجد، خاتم في أصبعك أتستطيع أن تقول: هذا الخاتم وجد هكذا؟ كاس مملوء من ماء على طاولة أتستطيع أن تقول: هذا وجد هكذا؟ ما تقدر أبداً، أو أنك مجنون، ثم تنظر إلى الكون كله وتقول: هذا لا موجد له! فكرة يهودية من أجل إفساد العقول البشرية حتى يتمكنوا من الركوب عليهم وسيادتهم.

وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:73]، أي: ما لكم من معبود يستحق أن يعبد غير الله عز وجل، إذ كانوا يعبدون أصناماً وتماثيل يستشفعون بها إلى الله ويتوسلون.

ديار ثمود

وهنا أذكر أن صالحاً عليه السلام من أنبياء العرب ورسلهم كهود عليه السلام وشعيب، فأين كانت ديار قوم صالح؟ لما أهلك الله عاداً ونجا هوداً والمؤمنين معه نزلوا بمكة ثم ارتحلوا؛ لأنها ليست ديار عيش ورغد، فنزحوا إلى الشمال، فنزلوا بمدائن صالح ما بين الشام والحجاز وهي موجودة إلى الآن، والمباني التي نحتوا الجبال فيها وبنوها موجودة إلى الآن، حتى البئر التي كانت تشرب منها الناقة وجدت على عهد الرسول، وأعلمهم أن هذه البئر التي كانت تشرب منها ناقة صالح.

فثمود لفظ لعله مأخوذ من الثمد الذي هو قلة الماء، وهي قبيلة، هذه القبيلة ديارها ما بين الشام والحجاز.

ناقة صالح آية على صدق رسالته

أرسل الله تعالى إلى ثمود عبده ورسوله صالحاً من ذرية هود عليه السلام، من الطائفة التي آمنت ونزحت إلى الشمال، فبم خاطبهم وبم واجههم؟ بقوله: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الأعراف:73]، هذه الناقة ورد أنهم طالبوه بآية تدل على رسالته وصدق نبوته، إذ قالوا: فائتنا بآية إن كنت من الصادقين، ماذا تريدون؟ قالوا: ادعوا الله يخرج لنا ناقة من هذا الجبل تدل على معجزة وكرامة لك وأنك عبد الله ورسوله وأن ما جئت به هو الحق، فقام يصلي ويدعو فانشق الجبل وتصدع وخرجت منه ناقة عشراء في بطنها الولد في الشهر العاشر، وقال: هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً [الأعراف:73]، دالة على صحة دعواي وعلى ما جئت به وعلى أنكم على باطل وأنكم مشركون وكافرون.

معنى قوله تعالى: (ولا تمسوها بسوء)

وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ [الأعراف:73]، أدنى سوء، لا بضرب ولا بركوب عليها ولا بمنعها من الماء، فإن أنتم مسستموها بما يسيء أخذكم العذاب الأليم، قال تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا [الشمس:11]، كذبت قبيلة ثمود بسبب طغيانها بالقوة المادية والقوة البدنية، حملتها تلك القوة على التكذيب، لو كانوا فقراء ضعفاء لما يكذبوا، لكن الطغيان إلى الآن، إذا طغى المرء بالمال والسلطة والبدن إلا أن يعصمه الله.

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا [الشمس:11-12]، هذا الشقي الذي قتل الناقة، وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه كـعقبة بن أبي معيط ، واسمه غدار بن سالف ، غدار من الغدر، وكيف عرف هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والزمان طويل؟ عرفه بالوحي، فهو يشبه عقبة بن أبي معيط لعنه الله الذي قتل في بدر، فـغدار بن سالف هو الذي عقر الناقة.

إذاً: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ [الشمس:11-13] من هذا الرسول؟ صالح عليه السلام، قال: نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا [الشمس:13] احذروها واحذروا الماء الذي تشربه.

والمراد من الماء -معاشر المستمعين والمستمعات­- أن هناك مياهاً وآباراً ملحة لا تصلح للشرب يسقون بها الزروع والنخيل والأشجار، لكن العين التي يشربونها حلوة عذبة بئر واحدة، فاشترط عليهم الله عز وجل بواسطة عبده ورسوله أن هذا الماء يبقى يوماً للناقة وحدها تشربه واليوم الثاني أهل المدينة يشربونه، يوم لها ويوم لهم.

ومن عجائب القدرة الإلهية والمعجزات أن الماء الذي تشربه ذلك اليوم وحدها يتحول إلى لبن في ضرعها، فكل امرأة كل خادم كل عبد يأتي بإنائه بقعبه ويحلب ما شاء أن يحلب، أية معجزة أكثر من هذا؟ الأولى كون ناقة تخرج من جبل، والثانية كون ناقة تشرب ماء يوم كامل وحدها ثم يتحول إلى لبن خالص فيأتي أهل البلاد يحلبون ويشربون.

ومع هذا فـغدار بن سالف عليه لعائن الله زين له الشيطان، وكان له عصابة من المجرمين قالوا: هيا نجرب قتل الناقة فما الذي سيحدث؟ ومن العجيب أنه قبل أن يقدم على قتلها كان يأتي الناس في مجالسهم وفي بيوتهم ويعلمهم ويأخذ موافقتهم على قتلها، فلما أخذ إذن عامة أهل البلاد عقرها وقتلها.

فلما قتلوا الناقة ماذا فعل الله بهم؟ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا [الشمس:14-15]، فقوله تعالى: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ [الشمس:14] لا بظلم من الله حاشاه، لا يظلم ربنا أحداً من عباده، فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ [النساء:160]، الظلم هو السبب في الهلاك والدمار اليوم وإلى يوم القيامة.

ما الظلم؟ الشرك والكفر واستبدال الحق بالباطل واستبدال العدل بالسوء والجور؛ إذ الظلم وضع الشيء في غير موضعه، بدل أن يحمدوا الله ويؤمنوا برسوله ويعبدوا الله لما تجلت لهم الآية عقروها وذبحوها وقتلوها، فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ [الشمس:14] لا بظلم منه، تعالى الله أن يظلم، وما هي إلا ثلاثة أيام، قال لهم: تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ [هود:65]، في اليوم الأول يوم الأربعاء اصفرت وجوههم رجالاً ونساءً، ويوم الخميس احمرت وجوههم، ويوم الجمعة اسودت وصباح يوم السبت أخذهم الله بصيحة واحدة خرجت قلوبهم فخروا على ركبهم جاثمين.

والقصة موضحة مبينة في عدة سور منها الأعراف، منها سورة هود، منها الشعراء، منها آخر سورة الشمس، وهنا موجزة لذكرها في مواطن أخرى.

ملخص لما جاء في تفسير الآية

قال تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا [الأعراف:73] أي: وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً، فهل هذه الأخوة في الدين؟ كلا أبداً. هذه أخوة الوطن وأخوة الدم والعرق فقط، ولهذا يجوز أن تقول في اليهودي: أخونا، وفي النصراني: أخ، لا أنك تتبجح به أو تكرمه أو ترفع من قيمته، ولكن من حيث الواقع، تقول: إخواننا لا تفعلوا كذا أو أنتم كذا؛ إذ نحن وإياهم أبناء آدم وحواء، والأرض والعشب والنبات والسماء التي تظلنا تجعلنا أسرة واحدة فلا حرج، وهذه الآية دليل: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ [الأعراف:73] أخوهم في ماذا؟ في الوطن والتراب.

قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:73] أي: قولوا لا إله إلا الله.

وقوله: قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [الأعراف:73] ما هذه البينة؟ قال: هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً [الأعراف:73]، ما معنى: آية؟

علامة من أعظم العلامات، كآية الشمس الدالة على وجود الله عز وجل، هل الشمس موجودة أم لا؟ هل لها موجد أم أوجدت نفسها؟ مستحيل! إذاً: موجدها هو الله عز وجل.

وكلامي أنا آية على وجود الله، لولا الله ما تكلمت أنا ولا سمعتم أنتم ولا مشيتم ولا قعدتم، كل هذه آيات دالة على الله رباً وإلهاً لا إله غيره ولا رب سواه، فكل الكائنات آيات تدل على علم الله قدرته وحكمته ورحمته وتثبت ربوبيته وألوهيته للخلق.

قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [الأعراف:73] البينة ما يتبين به الشيء، كما لو قلنا لشخص: ما اسمك؟ فقال: عبد الله. قلنا: بين لنا ذلك؟ قال: هذا يشهد وهذا يشهد أني عبد الله. فالبينة ما يتبين به الشيء ويثبت ويصح، فالدعوى في المحكمة يقال فيها: هات بينة على ما تقول، أي: من يشهد ويقول: إنك كذا وكذا.

قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ [الأعراف:73] ذروها: اتركوها، هذا الفعل يا طلبة العلم لا يوجد له ماض، ذروها بمعنى: اتركوها.

فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ [الأعراف:73] ما هو في بساتينكم ولا زروعكم، اتركوها في المروج تأكل حتى لا تقولوا: آذتنا وأكلت زروعنا، دعوها تأكل في أرض الله.

وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الأعراف:73] المس يكون باليد ويكون باللسان، أليس السب والشتم والتعيير والتقبيح إساءة؟ ولا تمسوها بأي سوء، لا تقولوا: أكلت أو كذا تكذبون، ولا تضربوها لا بعصا ولا بحجر ولا تمنعوها من شرب الماء ولا من أكلها من الأرض التي هي لله، فإن فعلتم يأخذكم عذاب أليم، أي: إن مسستموها بسوء يأخذكم عذاب أليم، وجاء من سورة الشعراء: عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الشعراء:135].

تفسير قوله تعالى: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد ...)

ثم قال لهم وهو واعظ مرب معلم: وَاذْكُرُوا [الأعراف:74] ولا تنسوا أيها الغافلون إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ [الأعراف:74]، هذا التذكير بالنعمة وهو الذي يجب أن نعيش عليه، يجب على كل واحد منا ألا ينسى نعم الله عليه، وإن قلت: ما هي النعم؟ وتصورت أنها ملء الجيب فقط فقد قصر فهمك، فسمعك من وهبك إياه؟ كم من أصم لا يسمع، وبصرك، فكم من أعمى لا يبصر، ورجلاك، فكم من مقطوع الرجل والرجلين يزحف على الأرض، ويدك، فكم من مقطوع اليد، وعقلك، فكم من مجنون، هذه نعم يجب أن تذكر.

ومع هذا الطعام والشراب، هذا الماء من خلقه؟ من أعذبه وحلاه؟ من جاء به؟ من أهدى إليك أنواع الأطعمة على اختلافها؟ كل هذه النعم يعيش الجاهلون ثمانين سنة لا يذكرون الله فيها ولا يعرفون كلمة (الحمد لله)، وإلى الآن توضع السفر على الطعام فيأكل ويشرب ويبتسم ويضحك ولا يعرف: الحمد لله، وإن قالها من الغفلة بكلمة باردة ما هي حارة وما هي خارجة من صميم قلبه، ما ذكر نعمة الله، وما قال: الحمد لله.

وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ [الأعراف:74] أين عاد تلك الأمة العظيمة الجبارة التي قالت: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فصلت:15]؟ كانت منازلهم في حضرموت ممتدة إلى عمان في تلك الجبال الرملية كانت لهم القوة العجب، وحسبنا أن نقرأ قول الله تعالى من سورة الفجر: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ [الفجر:6-8].

من دمرهم؟ لا هيدروجين ولا ذرة ولا جيوش ولا جحافل، ما هي إلا ريح عاصف دامت سبع ليال متتالية، والأيام ثمانية، لأنها بدأت باليوم وانتهت باليوم، سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا [الحاقة:7]، ثم نجاكم أنتم واستلكم استلال الشعرة من العجين من ذلك البلاء والعذاب المهين، وها أنتم الآن أمة تعمرون شمال الحجاز وأنتم في نعمة وخير، فلم ما تذكرون هذه النعمة حتى تستحوا من الله وتخجلوا إن أنتم نسيتم ذكره وعبادته؟ فكيف تعبدون غيره وتعرضون عن رسالته ورسوله وما جاءكم به؟

فصالح يذكرهم فيقول: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ [الأعراف:74] خلفاء يعني: خلفتموهم، كانوا يعمرون تلك البلاد وانتهوا فعمرتم أنتم هذه البلاد فخلفتموهم في العمران. ‏

معنى قوله تعالى: (وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً)

وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ [الأعراف:74] أنزلكم ووسعها لكم وزينها لكم وأعانكم على توسعتها وحرثها والزرع فيها والبناء فيها والأمن فيها، بوأكم ماذا؟ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا [الأعراف:74] السهول ضد الجبال، يبنون فيها القصور العجيبة لينزلوا بها في الصيف حيث الجو لطيف والزروع والثمار، وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا [الأعراف:74]؛ لأن البرد والمطر ما تقاومه تلك البنايات القديمة التي يبنونها في السهل، فيتخذون من الجبال أيضاً قصوراً -وقد وقفنا عليها وشاهدناها- حتى إذا جاء مطر أو ثلج أو رعد في الشتاء لم يخافوا، فمن وهبكم هذا؟ من أعطاكم هذا؟ إنه الله، فاذكروا هذه النعم: تتخذون من سهول الأرض قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً تسكنونها بالشتاء أيام المطر والبرد الشديد، فمن سخركم؟ من هيأكم؟ من دفعكم لهذا؟ كيف أصبحتم نحاتين تستطيعون أن تنحتوا الجبال وتصنعون منها المنازل؟ هذه نعم والله، ولا تعجب؛ فلو ذكرت ثلاثة أرباع المسلمين لا يذكرون هذه النعم وهم في نعم أعظم منها في الفلل والمباني والقصور، ولا حمد ولا ثناء إلا (الحمد لله) بلفظ بارد، هذا إن قالها.

معنى قوله تعالى: (فاذكروا آلاء الله)

إذاً: فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ [الأعراف:74] ما المراد من الآلاء؟ النعم الجليلة والعظمى، فاذكروا نعم الله لأن ذكر العبد لنعمة الله يستوجب شكرها فيحمد الله ويشكره ويثني عليه خيراً، وإذا لم يذكر فلن يثني، وجرب هذا: أعط لأحد من إخوانك مالاً وانظر: فإذا ذكر ذلك واعترف به أثنى عليك وقال: جزاك الله خيراً؛ أكرمتنا فعلت بنا كذا، وإذا لم يذكر ذلك فلن يثني عليك ولن يشكرك.

فالنعمة تستوجب شكر المنعم، ناولك كأس ماء فقل: جزاك الله خيراً، أصلح حذاءك أو ربط لك دابتك أو أوقف سيارتك فأنعم عليك بنعمة، إذاً: فاحمده على ذلك ادع له بخير أثن عليه أمام الناس، أما أن تجحد وتجحف وتبتلع وتسكت فهذا نوع من صنيع البهائم.

معنى قوله تعالى: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين)

فهكذا يذكر صالح عليه السلام قومه من ثمود يقول لهم: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ [الأعراف:74]، أرض ثمود، والآن تسمى مدائن صالح وهذا أحسن، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا [الأعراف:74] إذاً: فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [الأعراف:74].

أنا أكرمتك وأنعمت عليك فهل تكتفي بالشكر والثناء علي ولا تتقيني فتعبث وتسرق وتكذب؟ إذاً: فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ [الأعراف:74] فإن ذكركم يحملكم على شكرها، فاشكروه واحذروا أن تفسدوا في الأرض، وأي إفساد في الأرض أعظم من أن يعبد فيها غير الله؟

إذاً: احذروا أن تتركوا شكر الله واحذروا أن تفسدوا في الأرض التي أوجدكم الله فيها وهيأها لكم وأسكنكم فيها وبارك لكم في أموالكم وأرزاقكم.

والفساد في الأرض بم يكون؟ بالرماح والسيوف؟ يكون بمعصية الله ورسوله، أقسم بالله على أن كل من عصى الله ورسوله قد أفسد في البلاد أو في البيت، إذ الفساد معناه ترك ما أوجب الله وفعل ما نهى الله، لأن ما أوجب الله به تتم الحياة الطاهرة الكاملة السعيدة، ولأن ما نهى الله عنه به تخرب الدنيا وتفسد البلاد والعباد.

إذاً: فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ [الأعراف:74] فاشكروه عليها، وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [الأعراف:74]، كما قال تعالى: وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا [الأعراف:56]، وهذه آية من سورة الأعراف تقدمت: وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا [الأعراف:56]، فإذا كان البلد قد صلح بالدعوة الربانية والسيادة الإلهية فإياك أن تحدث فيه معصية من المعاصي.

وقد بينا هذا، فكونك تفجر في إيطاليا أو تسرق في إيطاليا ويا ويلك، لكن أقبح منه أن تفجر في بلد إسلامي، وكونك تعصي الله تعالى في جدة أو في الطائف أهون من أن تعصيه في مكة أو المدينة، وقلت لكم: الأرض تصلح والبشرية تسعد وتكمل في الدنيا على طاعة الله ورسوله؛ إذ طاعة الله ورسوله هي أوامر، فالعدل الحق الفضيلة الصدق الوفاء هذه أوامر الله والرسول أم لا؟ هذه كلها تهيئ للسعادة والكمال، وما نهى الله عنه ورسوله كالربا الزنا الكذب الخيانة الغش الخداع الغرور الشرك الكفر فهذه كلها مفسدات، فالفساد في الأرض معناه: ترك طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

تفسير قوله تعالى: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه ...)

فلما قال صالح عليه السلام هذا الذي سمعتم وهو يواجه تلك الأمة؛ حينئذ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ [الأعراف:75] استكبروا: طلبوا الكبر والعلو لغناهم لثروتهم لسلطانهم لقبيلتهم، قالوا: لمن؟ للذين استضعفوا لمن آمن منهم، سبحان الله! هذه سنة الله: أيما دعوة خير في الأرض أول من يقبلها الفقراء والضعفة، وأول من يقف في وجهها الأغنياء وذوو السلطة، وإن شئتم حلفت لكم بالله، أخبر بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فـأبو سفيان رضي الله عنه لما كان في الشام وسأله ملك الروم قال: من أتباع محمد: الفقراء أم الأغنياء؟ قال: الفقراء. قال: هذه علامة أنه رسول الله. لم؟ لأن الأغنياء ما هم في حاجة إلى دعوة جديدة، المنازل عامرة والأموال في الجيوب والثروات وكذا، فما هم في حاجة إلى أن يتبعوه، بل هذه الدعوة قد تجعلهم في ظنهم يهبطون ويخرجون من أموالهم، إذ يصبحون أتباعاً، فكيف يتنازلون عن سلطتهم؟! فطبعهم ما يقبل هذا، فاسمع: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ [الأعراف:75] لمن قالوا؟ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا [الأعراف:75] لفقرهم وعجزهم لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ [الأعراف:75]، ما كل المستضعفين آمنوا، فيهم من يتملقون الأغنياء.

قالوا لهؤلاء المستضعفين لمن آمن منهم: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ [الأعراف:75]؟ إما توبيخ لهم أو تعجب أو استفهام حقيقي، أي: هل أنتم تعلمون أن صالحاً مرسل من ربه حتى آمنتم به واتبعتموه؟ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ [الأعراف:75] من قال هذا؟ قاله المستكبرون، فبم أجابهم المؤمنون؟ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ [الأعراف:75]، إنا نحن بما أرسل به صالح مؤمنون، فاسخطوا أنتم وإلا فافرحوا.

قال المستكبرون لما سمعوا دعوة الله وتجلت أنوارها، قالوا للمؤمنين من المستضعفين ما حكى الله تعالى عنهم: قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [الأعراف:76] ومن ثم عقروا الناقة كما سيأتي في الدرس الآتي.

قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات

هداية هذه الآيات لا بأس أن نقف عليها، معاشر المستمعين! انتبهوا، وقد تليت الآيات مرتين ودرست، وأنتم تدرسون.

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم:

[ هداية الآيات:

من هداية الآيات:

أولاً: اتحاد دعوة الرسل في الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، أي: في عبادة الله وحده ]، اتحدت دعوة الرسل إلى يوم القيامة في أنه لا يعبد إلا الله، أي: لا إله إلا الله، ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً يبدءون قومهم بلا إله إلا الله. أي: لا يستحق أن يعبد إلا الله، فاعبدوا الله واتركوا عبادة غيره.

[ ثانياً: تقرير إرسال الرسل بالآيات وهي المعجزات، وآية صالح أعجب آية وهي الناقة ]، الآيات يؤيد الله تعالى بها رسله ليؤمن الناس بها وبالذي جاءت على يديه فيعبدوا الله وحده.

ولهذا فالذين يسمون الأولياء أقطاباً وأبدالاً وانتهت حالهم كانوا يدجلون على الناس ويقولون: ادع يا فلان، ويطلعون الناس على كرامات موهومة ليقرروا بذلك أن هذا من الأقطاب ومن الأبدال.

فالمعجزات خاصة بأنبياء الله ورسله لأنها تؤيد أن الله أرسلهم؛ أما كوني ولي الله فتؤيدني لماذا؟ أنا كسائر المؤمنين، وكل مؤمن تقي هو لله ولي، وقد يقع بدون قصد أن تكونوا في جماعة تحتاجون إلى شيء فيرفع أحدكم يديه يسأل ويبكي فيستجيب الله له كرامة له، أما أن تكون الكرامة علامة على أنه ولي الله ليعبد مع الله فهذا من عمل الشيطان وتزيينه وتحسينه.

[ ثالثاً: وجوب التذكير بنعم الله إذ هو الباعث على الشكر، والشكر هو الطاعة ]، ما شكر الله من عصاه أبداً ولا حمد الله ولا أثنى عليه من عصاه، فلا بد من حمد الله والثناء عليه وطاعته في أمره ونهيه في حدود طاقتك يا ابن آدم. فمن أين أخذنا وجوب التذكير؟ من قوله تعالى: فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ [الأعراف:74].

[ رابعاً: النهي عن الفساد في الأرض والشرك وارتكاب المعاصي ]، أما قال: وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [الأعراف:74]؟ وقد علم السامعون كل من يرتكب معصية في بيته قد أفسد وعاث فساداً في بيته في مدينته في إقليمه، قد عثا وأفسد في الأرض، فعليه أن يصلح على الفور ويصحح ما أخطأ فيه.

[ خامساً: الضعفة هم غالباً أتباع الأنبياء، وذلك لخلوهم من الموانع كالمحافظة على المنصب أو الجاه أو المال، وعدم انغماسهم في اللذات والشهوات ]، أما الأغنياء وأصحاب الدولة فيعز عليهم أن يتنازلوا ليتبعوا نبياً أو داعية من الدعاة.

ولهذا فحين يعلن عن المذهب الشيوعي والاشتراكي من يصفق له؟ الفقراء والضعفة، وبالفعل حصل ذلك، أما الأغنياء فيترددون، يقولون: ما فائدة هذا المذهب؟ وإلى الآن في أي مكان إذا دعوت إلى الله فأول من يقبل عليك ويجيب دعوتك الضعفة من أهل البلاد.

والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة الأعراف (22) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net