اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , السماء والسماوة للشيخ : علي عبد الخالق القرني
أما حاضرنا فتجد عموم الأمة -إلا من رحم الله- يتخبطون في داجية لا صباح لها، وأنزلوا أنفسهم من الأمم منزلة الأمة من الحرائر.
فلابد من الأخذ بمقومات النصر، والاستقاء من نبع الوحي، وتطبيق الكتاب والسنة، والتميز والمفاصلة، والتضحية بالدنيا الزائلة من أجل الآخرة الباقية.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخِرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المجاهدين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ناشري لواء الدين، وعلى من تبعهم من سلف هذه الأمة وخلَفها ممن جاهد وبذل ورافق ونافح في كل وقت وحين.
معشر الإخوة والأخوات والبنين: حياكم الله وأحياكم، وأطال أعماركم، وأحسن أعمالكم، وذخراً للأمة أعدَّكم، تُعْلُون صروحها، وتضمدون جروحها، وتداوون قرُوحها، وللمِلَّة تسْمُون في سماها، وتحمون حماها، وترمون من رماها.
تحية أنفاس الرياض وشى بها>>>>>نسيمُ هدوء والنواضر هُجَّعُ
فجاءت كأن المسك خالط نفحها>>>>>لها في أنوف الناشقين تَضُوُّعُ
السماء والسماوة: رمزان لا خفاء.
أيها السُّماة للسماء: السماء رمز الرفعة والسمو والعلاء، والسماوة رمز الشُّقَّة والسَّموم والهلكة والتيه والبيداء، على حد قول ابن الصحراء :
وجشمها بطن السماوة قائظاً>>>>>وقد أوقدت نار السموم الهواجر
فضرباً معي الليلة في بيداء السماوة بحثاً عن مراقي الشمم والإباء، وكشفاً عن أسرار ومعارج ومدارج السمو للسماء، بعون الله رب الأرض والسماء.
بيد أنه قد يطول الحديث.. ذلك أن المريض الذي يئن يأرِزُ إلى تسلية نفسه بالحديث، والطبيب مهما كان بارعاً فإن وصفه علمي، والمريض أدرى منه بمرضه وألََمِه، فلعلي أن أقف بكم على الأسباب، وأرتقي السحاب، وأصفي الحساب، وأميز القشر عن اللباب، بدليل الكتاب، وفعل النبي والأصحاب، وذوي الألباب.
فإن وفَيت فحق ذاك في عنقي>>>>>وإن أقصِّر لأنتم أهل إعذار
وشتان بين السماوة والسما!
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلاً.
فلو أن برغوثاً على ظهر قملة>>>>>يكر على الصفين منهم لولَّتِ
اتخذوا الدين قشوراً بلا لباب، وألفاظاً بلا معانٍ، وهيكلاً بلا روح.. عمدوا إلى روحه فأزهقوها بالتعطيل، وإلى وعيده وزواجره فأرهقوها بالتأويل، وإلى هدايته فموهوها بالتضليل، وإلى وحدته فمزقوها بالطرق والنِّحَل والشيع والتحزب والأباطيل، وإلى البراء من عدو الله فميَّعوه باسم التسامح والتقريب، نصَبوا من الأموات هياكل بها يفتتنون، وحولها يقتتلون، ولأجلها يتعادَون.
كعمل الكفار بالأصنامِ>>>>>قد لعب الشيطان بالأحلامِ
ذُهلوا عن أنفسهم، فلم يحفلوا بحاضرهم، ولم يفكروا في مستقبلهم؛ لأنهم زعموا الغيب، والغيب لله، وصدق الله وكذبوا، ما كانت أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحاضر فحسب، وما غرس شجرة الإسلام ليأكل هو وأصحابه ثمارها، بل زرعها للأولين والآخرين.
ولما بلغت الأمة هذه المرتبة الدنية طوقهم عدوهم بأطواق الحديد، فسامهم العذاب الشديد، وأخرجهم من زمرة الأحرار إلى حظيرة العبيد، فأصبحوا غرباء، في ديارهم تعساء، حظهم من الريادة والسيادة والسعادة الحظ الأوكس، وجزاؤهم فيها الجزاء الأبخس، غطَّاها سحاب الذلة؛ لأنهم أخطئوا طريق العزة، ظنوها في التقدم المادي والتقني فحسب، فذهبوا وراءها:
فإذا السفينة غارقة في أوحالها>>>>>ودار ابن لقمان على حالها
نسوا أن سبيلهم للعزة عودتهم إلى الدين، كيف وقد قال رسولهم صلوات الله وسلامه عليه: {إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم} ففعلوا موجبات ذلهم وخذلانهم:
ما هم بأمة أحمد>>>>>لا والذي فطر السماء
ما هم بأمة خير خلـ >>>>>ـق الله بدءاً وانتهاء
إن يزرعوا فحصادهم >>>>>يا حسرتاه كان الهواء
إن يقتلوا فقتيلهم >>>>>كان المودة والإخاء
ولو استرسل المرء مع خواطره لخشي أن يُفضي به التفكير إلى أن ييأس فيضل في بيداء السماوة، فيهلك أو يُجَن فيرفع عنه القلم فيستريح، وما كلاهما مريح، وما عانٍ كمستريح:
بي منكِ ما لو غدا بالشمس مـا طَلَعَتْ>>>>>من الكآبة أو بالبرق ما ومضا
هذه شهادة الأرض تؤديها صامتة، فيكون صمتها أبلغ في الدلالة من نطق جميع الناطقين، ثم يشرح هذه الشهادةَ الواقعُ، ويفسرُها العيان التي لم تحجبه بضعة عشر قرناً من الزمان.
إنها حقائق تاريخية ناطقة ينبغي الوقوف أمامها في كل مكان وزمان.
فقد تنطق الأشياء وهي صوامتٌ>>>>>وما كل نطق المخبرين كلامُ
لقد خرَّجَتْ تلك الدعوة جيلاً في ذلك القرن فريداً مميزاً في تاريخ الإسلام؛ بل في تاريخ البشرية جميعه.. جيلاً فريداً في تصوره.. وشعوره.. وانتمائه.. ووضوحه.. جيلاً اختاره الله لحمل رسالته، ولصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم.. جيلاً جاءه الوحي على وعي، فتأسس على توحيد، وانطلق بعقيدة، وسار على منهج صحيح.
حمل فكراً سامياً لغاية أسمى.. زاده التقوى، وشعاره الجهاد، وحصنه الإيمان، وعدته الصبر، وخلقه القرآن، وقدوته سيد الأنام عليه الصلاة والسلام.
أمنيته الشهادة في سبيل الله؛ ليكون الدين كله لله، وغايته تلك مع الجنة ورضوان الله، والذي لا إله إلا هو لولا النقل الصحيح المتواتر القطعي لقيل:
ذاك طيف من خيال
بل هو الشيء المحال
قد تقولون: مُحال!
ذاك ضرب من خيال
قد تقولون.. ولكني أقول:
إنها تربية السبع الطوال..!
لا محال ...
إنه هدي الكتاب
لا محال ...
فعلى وقع التلاوات تخضَرُّ التلال
لا محال ...
إنهم جيل المصاحف
لا محال ...
إنه جيل المحاريب وأساد النبال
إنهم شم الجبال
لا محال ...
والسؤال:
لِمَ لَمْ تعُد الأمة تخرِّج مثل ذلك الطراز؟!
أما إنه قد يوجد أفراد وفئة من ذلك الطراز على مدى التاريخ؛ لكنه لا يحدث أن تَجمَّع مثل ذلك العدد الضخم في مكان واحد كما وقع في القرن الأول، هذه ظاهرة واضحة ذات مدلول؛ تستحق أن نقف أمامها لعلنا نهتدي إلى السر، كما يقول سيد .
معشر الإخوة: إن قرآن تلك الدعوة في ذلك الجيل لم يزل بين يدينا محفوظاً، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه العملي وسيرته الكريمة بين أيدينا كذلك، لم يغِب سوى شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل هذا هو السر؟!
أما إنه لو كان وجود شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم حتمياً لقيام هذه الدعوة وإيتائها ثمراتها ما جعلها الله دعوة للعالمين، وما جعلها آخر رسالة لأهل الأرض أجمعين.
إن الله قد تكفل بحفظ الذكر، وبيَّن أن هذه الدعوة يمكن أن تقوم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تؤتي ثمارها، فاختاره الله سبحانه وتعالى إلى جواره، وأبقى هذا الدين من بعده إلى آخر الزمان؛ وعلى هذا فإن غَيبة شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفسر تلك الظاهرة، فما السر إذاً مرة أخرى؟!
هل تغير النبع؟!
هل تغير المنهج الذي تربوا عليه؟!
مهما تقادم جوهر في عتقه>>>>>فهو الثمين وليس يبرح جوهرا
إن السر يكمن في أمور:
خذها إليك درة من الدرر>>>>>من كاتب راز الأمور وخبر
مرادهم الإله فلا رياءُ>>>>>ونهجهم الكتاب فلا ارتيابُ
ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت فيهم هذا القول، ويأطرهم عليه، ويحذرهم من مصادر التلقي الأخرى، وحاله:
فيا قلب اعص كل هوى سواها>>>>>ويا نفس سواها لا تطيعي
لقد كان درساً عظيماً بليغاً للصحابة ومن بعدهم، فحواه:
عُد إلى الروضة إن الغيث يهمي>>>>>في روابيها ويكسوها جمالا
ولما اختلطت الينابيع، وشيبت -معشر الإخوة- والتفت الجيل إلى غير ذلك النبع الصافي، انحط وسقط وخار وبار، وصار كالحيوان الأعجم يقع على الجواهر فيدوسها برجله، لا يعلم إلا أنها من جنس ما يُداس؛ لأنها لا تؤكل، فظهرت فئة مزورة لا صلة لها بذلك النبع إلا بما لا كف لها في اسمها ولقبها، فئة ترى أنه لا نجاة للمسلمين إلا بالالتفات عن ذلك، والانغماس في ثقافة الكافر من غير قيد ولا تحفظ..
تعمل لهذا جاهدة، يُسِرُّ المسر منهم كيداً، ويُعْلِن المعلن منهم ذلك وقاحةً.. يتهارشون على وأد ذلك النبع الصافي وتجفيفه، مُجْلِبين بألسنتهم وأقلامهم، أُتْخِموا من تلك الينابيع، ثم شرعوا يتقيئونها في أذهان الجيل؛ بحجة التطوير والرقي والسمو زعموا! تعرف ذلك منهم في لحن القول، وفي مظهر العمل، وفي إدارة الكلام، يتخلل أحدُهم تخلل الباقرة، تعرفهم في اللفتات العامة، تلمحهم في أسباب معيشتهم الشخصية؛ لكنهم يتناقضون ويتهافتون، فيبتدئون من حيث انتهى سادتُهم أصحاب الينابيع المختلطة النتنة.
سادتهم يرون أن اللعب إنما يحلو بعد الجد، وأن القشور إنما يُلْتَفَت إليها بعد تحصيل اللباب، وأن الكماليات تأتي بعد الضروريات، وأن الوقت رأس مال لا يجوز تبديده في غير ما ينفع؛ لكن هذه الفئة البائسة تفعل عكس ذلك كله، وتختصر الطريق إلى اللهو لتُرْضِي شهواتها، وإلى الكماليات؛ لأن لها بريقاً هو حظ العين، وإن لم يكن للعقل منه شيء.
عصارة رأيهم في علاج حالة المسلمين تُتَرْجم في جملة واحدة هي: أن النجاة في الغرق!
فئة تلبس باسم الإسلام، وتأكل الخبز باسمه؛ لكنها لا تعمل ما يرضيه، ولا تبني ما يعليه.. ترفع العقيرة باسمه فتفضحها رطانة الأنباط، وتربط نفسها معه بمثل خيط العنكبوت فينحل الرباط، فجاءت أفكارهم فاسدة كأنتن من جيفة هدهد ميت كُفِّن في جورب مسافر أبخر في شدة القيظ لم يمسه الماء أشهراً، بل أنتن من حلتيت، وأثقل من كبريت، وأهدى إلى الضلال من دليل خِرِّيت.
يجرون الذيول على المخازي>>>>>وقد ملئت من الغش الجيوب
انسلخوا من هويتهم، ولم يندمجوا في حضارة سادتهم المادية، فصاروا كالمرأة المعلقة، لا مزوجة ولا مطلقة!
فتَبَّاً وسُحقاً وهلاكاً وبُعداً في بيداء السماوة، أجمعوا أمركم ثم ائتوا صفاً، فما أنتم ببالغين من الحق إلا ما يبلغه مَن يريد أن يغطي على الشمس بكُمِّه، وهو لا يعلم أن مِن وراء كمه أرض الله الواسعة.
إنك لتسمع من يقول ببلاهة وغباء وبلادة لمن يدعو إلى العودة إلى ذلك النبع الصافي.. إلى الوحي: أنتم خياليون، تعتمدون على الماضي، وتتكلون على الموتى، يستهزئ في معرض النصح، ولا ندري متى صار إبليس مذكراً!!
ومن الرزية عاهرٌ مُتَوَهَّم>>>>>في الناسكين وناسكٌ في العهر
يريد أن ننسى ماضينا، حتى إذا استيقظنا من تنويمه لم نجد ماضياً نبني عليه حاضرنا، فاندمجنا في حاضره المرير، خاب وخَسِر وعُرِّي وهُرِّي، وقُطِّع وفُرِّي، وأُحْرِقَ وذُرِّي، تطوع لهذا العمل أم كُرِّي.
يا هر لو قال ليث الغاب قولكمُ>>>>>لاستنكف الفار إن قالوا له أسدُ
***
فقبح وفدهم من وفد قوم>>>>>ولا لُقُوا التحية والسلاما
أفرزت هذه لنا جيلاً على درجة من الضعف الخُلُقي والعقلي، يعتقد في قرارة نفسه أنه خلق خلقة الأرنب، وخلق عدوه المفتون به خلقة الأسد، وجف القلم، ولا تبديل لخلق الله:
إذا صوَّت العصفور طار فؤادُهُ>>>>>وليث حديد الناب عند السرائد
يبيع دينه بعرض من الدنيا.. طلوع الشمس عنده ليل.. يلعن الشيطان ويتبع خطواته..
أقواله ألفاظ زور مالها>>>>>معنى وصوت كالطبول مجوفه
ما عنده إلا البلادة والقماءة >>>>>والسفاهة والخنا والعجرفه
ولا عجب! فقد جاءته وسائل التوجيه بالكفن وهو في ثياب العرس، وعرضت عليه النوائح في موكب الفرح، وأرادت علاجه من الفقر فعالجته بالفقر والجهل ومعه الذل، وحاولت علاجه من الحمى فداوته بالطاعون.. قيدته بحديد بعد أن قصت ريشه، ثم قالت له: انشد وغرد وأنى له..؟!
ما حيلة العصفور قصُّوا ريشه>>>>>ورموه في قفص وقالوا غردِ!
***
إنما تطرب أذن حرة>>>>>إنما يسعد قلب مطمئنْ
معشر الإخوة: ذلك الجيل استقى من النبع الصافي وحده، فكان له في التاريخ ذلك الشأن الفريد.. إنه السماء.
وهذا الجيل استقى من ينابيع مختلطة آسنة، فهلك في بيداء السماوة، وكلٌّ يجني عواقب ما زرع.
وشتان ما بين السماء والسماوة!
هذه هي الحقيقة، فلا تلبسها ثوب زور، فلا أبطل من الباطل إلا السكوت عليه.
صرح أبن فالخير في التصريحِ>>>>>قد تبرأ العلة بالتشريحِ
وما السيف من غير أبطاله!>>>>>وما العين من غير إنسانها!
إن أولئك لم يكونوا يقرءون القرآن لقصد الثقافة والاطلاع وزيادة الحصيلة الفقهية فحسب! بل كان الواحد منهم يتلقى القرآن ليتلقى أمر الله في خاصة شأنه وشأن المجتمع الذي يعيش فيه وشأن الحياة التي يحياها.. يتلقى ذلك كله ليعمل به فور سماعه وحاله:
أنا بالله عزيز>>>>>لا بعزى أو مناة
معي القرآن أتلو>>>>>ه فيحيي لي مواتي
استبانت غايتي من>>>>>آية في الذارياتِ
فتح هذا الشعورُ لهم من القرآن آفاقاً لم تكن لتُفْتَح لهم بغيره، ويسر لهم العمل، وخفف عنهم ثقل الأعباء والتكاليف، حوَّل مسار حياتهم إلى الاتجاه الصحيح، فحالهم:
دوى القران أيا نفوس فأوِّبي>>>>>شوقاً إلى خُضُر الجنان ورددي
ولو أنهم قصدوا القرآن بشعور البحث والدراسة والاطلاع والثقافة ما كان لهم ما كان:
إن المخالب في يدَي ليث الوغى>>>>>قضب وفي يد غيره أظفارُ
هذا البيان فقل لمن>>>>>قد ضل دون نقيضِهِ
صمتاً فذا أسد الكلا>>>>>م فما طنينُ بعوضِهِ!
إنه الصدِّيق اتخذ الله معبوده، ورسول الله صلى الله عليه وسلم دليله وإمامه، فرجح إيمانه.
فحفت به العلياء من كل جانبٍ>>>>>كما حف أرجاءَ العيون المحاجرُ
لما أشار بعض المسلمين على أبي بكر رضي الله عنه بألا يبعث جيش أسامة لاحتياجه إليه، قال: [[والله لو أن الطير تخطفني، وأن السباع من حول المدينة ، وأن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين؛ ما رددتُ جيشاً وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حللتُ لواءً عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لو لم يبقَ في القُرَى غيري لأنفذته، أفأطيعه حياً وأعصيه ميتاً!]] فأنفذه.
....................>>>>>فانقاد كُرهاً من أبى واستكبرا
ثم أعلنها حرباً على المرتدين، فقيل له: [[إنهم يقولون: لا إله إلا الله، قال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عَناقاً أو عِقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه]] فنصر الله به دين الله:
قاد السفينَ بجرأة ومهارة>>>>>كالطَّود نحو مسيرة لا تُهْزَمُ
وارتدت العرب الغلاظ فأشفقتْ>>>>>همم الرجال فصاح: هل مَن يفهمُ؟
والله لو منعوا عِقال نويقةٍ>>>>>أدَّوه نحو المصطفى لن يَسلَموا
ومضى أبو بكر لغايته إلى>>>>>أن أخضع المرتد وهو مرغمُ
هذا هو الإسلام في عليائه>>>>>مُثُلٌ وأعلامٌ ودينٌ قَيِّمُ
ذاق طعم الإيمان مَن رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، وتلك سهلة بالدعوى واللسان؛ لكنها صعبة عند التحقيق والامتحان.
الرضا -معشر الإخوة-: كمال الانقياد والاستسلام لأوامر الله ونواهيه، ولو خالف المرء شيخه وطائفته ومذهبه وهوى نفسه.
مستمسكاً بعرى العقيدة تابعاً>>>>>ولغير شرع الله لا يستسلمُ
لا يوقف تنفيذ قول الأوامر على قول شيخه أو طائفته؛ فإن أذنوا نفذ وقَبِل وإلا أعرض ولم ينفذ، وفوض الأمر لهم، والله لأن يلقى العبد ربه بكل ذنب خلا الشرك خير له من أن يلقاه بهذه الحال. كما قال ابن القيم رحمه الله.
والحق مثل الشمس يجمل ضوؤه>>>>>للمبصرين ولا يروق لأرمدِ
***
ووالله ما الأبصار تنفع أهلَها إذا لم يكن للمبصرين بصائرُ
معشر الإخوة: ذلك الجيل أسلم واستسلم وانقاد لحكم الله بلا خيار: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36].
وبلا تنطع في البحث عن الحكمة والعلة؛ لأن ذلك ينافي التسليم والانقياد لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23].
وبلا حرج في النفس عند تطبيق النص الشرعي: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65].
شعارهم: (بِمَ أمر ربنا؟) لا (لِمَ أمر ربنا؟) فكانوا السماء، فاسلك طريقهم، فلئن سلكتَها لقد سبقت سبقاً بعيداً إلى السمو والسماء، ولئن أخذت يميناً أو شمالاً لقد ضللت ضلالاً بعيداً، وهلكت في البيداء، وشتان ما بين السماوة والسماء!
فمن لم يكن حسنها في الحجابِ>>>>>فسخريةٌ عَدُّها في الحسانِ
***
يا رُب أنثى لها دين لها أدبٌ فاقت رجالاً بلا عزم ولا أدبِ
ويـختلط الرجال والنساء في الطرق عند الـخروج من الـمسجد، فيقول صلى الله عليه وسلم كما ثبت في سنن أبي داوُد : {استأخرن.. عليكن بِحافَات الطريق} فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من شدة لصوقها به.
معشر الإخوة والأخوات: هذه شامة تهدى لمن بهرتهم مدنية الغرب، فصنعت لهم الصنم، وألهتم عن جلال الحرم، فلم يبق عندهم قيس يحن لليلى بين الشعاب، بل صار يتمنى أن يراها بلا حجاب، بل يشهد جمالها عارية بلا ثياب، لتصبح وتمسي في تباب، واشتبهت عندها الحمائم والصقور، والغراب بالقراب، واليافع بالكعاب.
كأنه زَبَدٌ والبحر يقذفه>>>>>والشط يأنفه والحل والحرمُ
إنها -يا فتاة الإسلام- ليست مسألة حجاب فقط، إنها عقيدة وشريعة.. إنها استسلام وتعظيم وحب لله.. إنها مسألة واحدة: أن تكوني أو لا تكوني.
هو الخبر اليقين وما سواه>>>>>أحاديث المنى والترهات
إن للإيمان ناس كالأسُدْ>>>>>فتشبه إن من يؤمن يَسُدْ
لما وُجِّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، صلى معه العصر رجلٌ، ثم مر على قوم من الأنصار يصلون إلى بيت المقدس ، فقال: [[أشهد أني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وُجِّه نحو الكعبة ]] وهم ركوعٌ فانحرفوا، ما راجعوا وما ترددوا، وما رءوسَهم رفعوا حتى امتثلوا، على مثلهم ينطبق قول الله: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [النور:51] .
وما يستوي الفِتْن فيه الغبار>>>>>وإن أشبه الكحل الأكحلُُ
نفسي الفداء ثم أمي وأبي>>>>>لصاحب المعراج أحمد النبي
تعودوا هاك، ولم يتعودوا هات، ولكل امرئ ما تعود.
عزفت أنفسهم عن قول: لا>>>>>فهي لا تعرف إلا هي لك
يا حي يا قيوم فاجمعنا بهم >>>>>في الخلد إنا لم تحد عن حبهم
في أواخر حياته عكف على القرآن، وبينا هو يقرأ في (براءة) قول الله: انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة:41] قال لأبنائه: [[جهزوني! قالوا: نحن نغزو عنك قد عذرك الله، قال: أي بني! والله ما أرى إلا أن الله استنفرنا شيوخاً وشباناً.. فجهزوني]] .
يشبه الرعدَ إذا الرعدُ رجفْ>>>>>يشبه البرقَ إذا البرقُ خطفْ
جهزوه وغزا في البحر ومات فيه، فلم يجدوا له جزيرة ليدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام أو تسعة، لم يتغير رضي الله عنه وأرضاه.
لو كان هذا الدهر شخصاً ناطقاً>>>>>أثنى عليه بنثره وقصيدهِ
أو كان ليلاً كان ليلة قدرهِ>>>>>أو كان يوماً كان يومي عيدهِ
***
إيهٍ إيه!
علِّم القوم نهوضاً للسما>>>>>فشعار القوم كل واشرب ونَمْ
إنما هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما سواهما حُلُم.
يا مفني العمر في التفتيش عن حلم>>>>>لو كان يُدرَكُ ما كان اسمه الحلما
معشر الإخوة! خير الناس ذلك القرن الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الذين يلونهم.
هم الرجال وقد جاءوا على قدر>>>>>هم الذين إذا ما عاهدوا صدقوا
إذا رأيتَ الهوى في أمه حكما>>>>>فحكم هنالك أن العقل قد ذهبا
أخي:
وما أحذو لك الأمثال إلا>>>>>لتحذو وإن حذوت على مثالي
يختفي شيخ أهل السنة وإمام هذه الأمة أحمد بن حنبل -عليه رحمة الله- في المحنة عند ابن هانئ ثلاثة أيام -أيام الواثق - ثم قال لـابن هانئ بعد ثلاثة أيام: اطلب لي موضعاً حتى أتحول إليه، فقال ابن هانئ : لا آمن عليك يا أبا عبد الله ، قال: افعل إن فعلت أفَدْتُك، قال ابن هانئ : فطلبت له موضعاً، فلما خرج قلت له: الفائدة يا إمام، قال: لقد اختفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثة أيام ثم تحول، وليس ينبغي أن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرخاء ويترك في الشدة:
فيرحم الرحمن ذلك العلمْ>>>>>الزاهد العابد قمة القممْ
وفارس المعقول والمنقولِ>>>>>المقتفي لسنة الرسولِ
ونشهد الله على محبتهْ>>>>>جَمَعنا الله معاً في جنتهْ
هذا هو النهج الذي سما بأولئك.. إنه التلقي للتنفيذ والعمل
لكل جماعة فيهم إمامٌ>>>>>ولكن الجميع بلا إمامِ
***
ليسوا بأحياء ولكنهم>>>>>تسمعُ من أفواههم أحرفُ
وشتان ما بين السماوة والسما!
أيها الجيل: ليس بعد نبينا نبي، ولا بعد كتابنا كتاب، ولا بعد أمتنا أمة، الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا وذكر لنا منه علماً وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا [النور:54] فاقصد البحر وخلِّ القنوات.
وإذا أتى نهر الله بطل نهر معقِلِ..
وفي طلعة الشمس ما يغنيك عن زُحَلِ
***
فاستذكرن آثارك الخوالدا>>>>>ومجدك الفذ الصريح التالدا
واقتبس الأصول منه والسننْ>>>>>ولتسمون بها الهضاب والفُننْ
وكن أخي في الرأي والإعدادِ>>>>>من عصبة الزبير والمقدادِ
وشتان ما بين السماوة والسما..!
لقد تميز جيل الصحابة رضي الله عنهم عن المجتمع الجاهلي تميزاً واضحاً في كل شيء؛ ظاهراً وباطناً كما يقول سيد.
لقد كان الرجل حين يدخل في الإسلام يخلع على عتبته كل ماضيه في الجاهلية، ويبدأ عهداً جديداً منفصلاً كل الانفصال عن حياته الجاهلية، ويقف من كل ما عهده في جاهليته موقف الحذِر المتخوف الهائب المستريب.
متيقظاً في كل جارحة له>>>>>مخصوصة قلبٌ وعينٌ تنظرُ
قد عاش عزلة شعورية كاملة بين ماضيه في جاهليته وغوايته، وحاضره في إسلامه وهدايته.. عزلة شعورية في صِلاته وروابطه الاجتماعية، حتى وهو يتعامل معهم في عالم التجارة اليومي.. انخلاع من البيئة الجاهلية وعرفها وتصوراتها، وعاداتها وتقاليدها، وانضمامه إلى المجتمع الإسلامي في ولائه وطاعته وتبعيته، في تخفف وانسلاخ من ضغط العادة والتقليد والتصور والقيم السائدة البائدة، فكان ذلك الجيل المتميز، حاله:
من كان منا فإنا>>>>>منه ومن شذ رُدَّا
ليس الفتى من توارى>>>>>إن الفتى مَن تصدَّى
ومن تسربل عزاً لم>>>>>يستر الذل بُرْدا
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم>>>>>وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبكمُ>>>>>ولا نلومكمُ ألا تحبونا
كلٌ له نية في بغض صاحبه>>>>>بالله نبغضكم دوماً وتقلونا
الله أكبر! ما كان بين إسلامه رضي الله عنه وبين أن قاتلهم وقاتلوه، وقال: [[ افعلوا ما بدا لكم ]] إلا سويعات عديدة، وحاله:
إذا كان قلبي لا يغار لدينه>>>>>فما هو لي قلب ولا أنا صاحبه
إنه التميز والمفاصلة الحاسمة مع الباطل وأهله، ورفض الالتقاء في منتصف الطريق.
إنه الفاروق الذي جاءه أبو سفيان من أشراف قومه ليشفع له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شد عقد الحديبية ، فقال له ببراء من أعداء الله: [[أنا أشفع لكم؟! والله الذي لا إله إلا هو لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به]] حاله: كان العيش معهم والشفاعة لهم ممكنة.
ولكنهم ركبوا مسلكاً يحيد عن الجسد المشرقِ
وقد ولي الأمر منهم رجالٌ>>>>>يخالف منطقهم منطقي
نأوا عن هدى الله في نهجهم>>>>>وساروا وسرتُ فلم نلتقِ
إنه على بصيرة من دينه.. واثق بمنهجه.. موقن برسالته.. لو شك الناس -جميعًا- في الحق ما شك فيه؛ لأنه يفترض أنه خلق وحده، وكلف بالحق وحده، وسيحاسب عليه وحده.
وعلى مقادير الرجال فعالهم قطع المهند تابعٌ لحديدهِ
انجلت الرغوة عن اللبن الصريح.. ولا يصح إلا الصحيح، محيت ألوان الغشاوة التي كانت مهيمنة على قلبه، فأعلن بدء تاريخ جديد يمحو به آثار ما سلف، ويتميز به ويفاصل في عزة وأنف.
رُوي أنه قدم مكة فلبى، فأخذته قريش، وقالوا: [[لقد اجترأت علينا.. والله لولا ما بيننا وبينك لقتلناك، أصبوت؟! قال: ما صبوت ولكني أسلمت لله، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم]]. حاله:
ولقد وجدت ولاء قوم سُبةً>>>>>فاجعل ولاءك للعزيز الأكرم
لم يكن بائع كلام، ولا مكثر أوهام، قام بتنفيذ التهديد، ومنع عنهم الحنطة حتى اضطروا خاضعين إلى أن يكتبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ متوسلين قائلين: [[إنك تأمر بصلة الرحم، وقد قطعت أرحامنا.. قتلت آباءنا بالسيف وأبناءنا بالجوع]] فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمح لهم بحمل الحنطة إلى مكة ، فامتثل وفعل، كيف ورسول الله قد أمر.
ولو تقطع جذع عن منابته>>>>>ماتت على غصنها تلك العناقيدُ
مفاصلة حاسمة، وفكر نزيه، وتميز صريح، وهدىً صحيح، خاب من قال فلم يفعل، فما يفلح القائل حتى يفعل.
إنه التميز الذي جعل من ذلك الشاعر الذي كان يستعدي على المسلمين، ويسمهم بالسفه وسوء الاختيار قبل إسلامه، يستعلي على تلك الكلمات والموروثات التي كان يفاخر بها؛ قيل له بعد إسلامه: [[أنشدنا من شعرك؟ فقال: لقد أبدلني الله من الشعر الزهراوين: البقرة وآل عمران، لا أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير]] تميز محسوس، وتحول ملموس، ولا يكابر في المحسوس إلا ممسوس..
قد فاته أن الهداية بلسمٌ>>>>>ومذاق طعم الشهد لن يتغيرا
فهي والأحداث تستهدفها>>>>>تعشق اللهو وتهوى الطربا
أمة قد فت في ساعدها>>>>>بغضُها الأهلَ وحبُّ الغُرَبا
***
أمتي من بعد طول الـ>>>>>ـنوم صارت غفلويه
صدَّقت كل خِداعٍ>>>>>من غوي وغوية
واستكانت لخداع الذْ>>>>>ئب من غير رويه
نزلت من حصنها العا>>>>>لي إلى أرض دنيه
لترى ما لدى النا>>>>>صح من دنيا هنيه
ثم جاء الذئب فانقـ>>>>>ضَ بأنياب قوية
كيف ينقض عليها؟>>>>>كيف يرميها ضحيه؟
وكتاب الله يهديـ>>>>>ـها ألا هيا إِلَيَّه
كيف تمسي بخبيث الـ>>>>>ـمكر لقمات هنيه
فرأى تقسيم أوصا>>>>>لٍ لها في الجاهليه
ورمى أقوامها الكُثْـ>>>>>ـر بداء الفوضويه
وبأفكار زُيوفٍ>>>>>محدثات زخرفيه
بقي الحصن ولا حرْ>>>>>اس يحمون الرعيه
ضحك الباغي عليها>>>>>بأخاديع ذكيه
فاستجابت بغباء>>>>>عمل الشاة الضحيه
ساقها الجزار للذ>>>>>بح إلى أرض قصيه
وقف الباغي ينادي الـ>>>>>ـقوم هل ثم بقيه؟
سوف لا أترككم إلْا>>>>>شقياً أو شقيه
هذه روح القضية>>>>>هل سنصحوا للبليه؟
بِمَ نصحو؟
بكتاب الله والسنْـ>>>>>ـنَة والأيدي القويه
بولاءٍ وبراءٍ>>>>>ومبادٍ عقديه
وجيوش تهزم البا غي وتسقيه المنيه
وعلى هذا! فلن تستقيم قيم الإسلام إلا بتميز ومفاصلة وبراءة، واستعلاء على القيم المنحرفة واعتزال لها، وعدم تعديل قيمنا وتصوراتنا لتلتقي معها على أي حال كان، وما يلقاها إلا الصابرون...
إنه الوقوف والصمود بوجه المجتمع المخالف، والمنطق السائد، والأفكار والتصورات، والانحرافات والنزوات، والواقف قد يشعر بالوهن ما لم يأوِ إلى ربه ومولاه..
واللهُ لن يترك المؤمن وحيداً حين يعلم صدقه يواجه الضغط، وينوء بالثقل، ويهزه الوهن: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11].
إن أعداء الله ومبادئهم كذوات السموم؛ نحن معها على افتراق وبراء وعداء حتى يدخلوا في ديننا.
هل لمحتم طيبة من حيةٍ؟!>>>>>أو لمستم رقة من عقربِ؟!
إنَّا حين نسايرها ولو خطوة واحدة فإنا نفقد الطريق إلى العلياء، ونتيه في بيداء السماوة أذلاء، وحين نتميز ونفاصل ولا نلتقي إلا على نبع الوحي الصافي نكون بحق أجلاء الرفعة والعلاء، وأهل العطاء والسمو للسماء.
وشتان ما بين السماوة والسما..!
بما في فؤادي يبوح الفمُ >>>>>ويجهل غير الذي أعلمُ
يشقى الحريص أبداً بحرصه>>>>>لو شرب الأنهار طراً ما ارتوى
لو ابتنى فوق الثريا سكناً>>>>>هوى به الحرص إلى جوف الثرى
احتجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: طلق نساءه حين اعتزلهن، وأنزل الله آية التخيير، فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:28-29] بدأ صلوات الله وسلامه عليه بأحب نسائه إليه عائشة ليُعْلَم أن محبة الله فوق كل محبة، فتلا عليها الآية، وقال: {لا تعجلي حتى تستأمري أبويكِ، فقالت: أفيك أستأمر أبوي يا رسول الله؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة} فما عرض على امرأة غيرها من نسائه إلا اختارت الله ورسوله والدار الآخرة.
تالله ما عقل امرؤٌ قد با ع ما يبقى بما هو مضمحل فانِ
***
ليس من يجعل العقيدة نهجاً كالذي ينتمي إليها شعارا
هذا هو الميزان الدقيق في نفوس الأصحاب، استمدوه من كتاب الله وهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاشوه في واقع حياتهم، فحُقَّ لهم أن يسودوا ويقودوا.
فيوماً على نجد وغارات أهله>>>>>ويوماً بأرض ذات شَت وعرعرٍ
صح عند مسلم عن جابر رضي الله عنه {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس حوله، فوجد جدياً أسك ميتاً، فتناوله بأصل أذنه، ثم قال: أيكم يحب أن يكون له هذا بدرهم؟ فقالوا: يا رسول الله! ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ والله لو كان حياً لكان عيباً فيه أنه أسك فكيف وهو ميت؟! فقال صلى الله عليه وسلم: فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم}.
هكذا يا معشر الإخوة! رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزهد في الدنيا والرغبة في الأخرى، فتركهم من بعده جبالاً شُمَّاً، كلٌّ يسير مفرداً كأمة.
هادر كالأسد الزائر مرغٍ مزبدُ>>>>>لهب ملتهم محتدم متقدُ
والله لأن تؤخذ المدية، فتوضع في حلق أحدهم لتنفذ من الجانب الآخر؛ أهون عنده من أن تكون الدنيا مقدَّمة على الآخرة، وهي عند الله أهون من جناح بعوضة. وحاله:
لا أشرئب إلى ما لم يكن طمعاً>>>>>ولا أبيت على ما فات حسرانا
***
ليس الوقوف على الأبواب من خلقي>>>>>ولا التمسح بالأعتاب من عملي
إن الطيور وإن قصصت جناحهاتسمو بفطرتها إلى الطيرانِ
يقول ابن عمر : [[... فتحزم أبو عقيل وأخذ السيف باليمنى، ثم جعل ينادي: يا للأنصار! كرة كيوم حنين.. كرة كيوم حنين، يا خيل الله اثبتي، وبالجنة أبشري ...]] .
يتقدم الصفوف محرضاً والحرب>>>>>تقذف تياراً بتيارِ
***
كالماء أعذب ما يكون وإنه>>>>>لأشد ما يصبو على النيرانِ
يقول ابن عمر : [[... فنظرت إليه وقد قطعت يده المجروحة من المنكب ووقعت على الأرض، وبه من الجراح أربعة عشر جرحاً كلها خلصت إلى مقتل، وهو صريع في آخر رمق، وقد هزم الله عدوه ونصر جنده، فوقفتُ عليه، وقلت: أبا عقيل فقال بلسانٍ ملتاث: لبيك! لمن العاقبة؟ قلت: أبشر قد قُتِل عدو الله، فرفع إصبعه إلى السماء يحمد الله، ثم لقي الله ...]] .
صامتاً ليس يطيل الكَلِمَا>>>>>وهو بالصمت يربي الأمما
***
فلولا احتقار الأسد شبهتها به>>>>>ولكنها معدودة في البهائمِ
***
ما كان للزهرات لولا أنها>>>>>هتكت حجاب الكُم أن تتوردا
قد قيدوك فما أطقت قيودهم>>>>>والحر يأبى أن يعيش مقيدا
علم أن الدنيا بأسرها قليلة، وبقاءها من أولها إلى آخرها قليل، ونصيبه من هذا القليل قليل، ورأى غيره يبذل روحه ليظفر بقدر قليل من هذا القليل في بقاء قليل، فبذل أعز ما يبذله.. نفسَه، وحالُه: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى [طه:84] .
لم يدخر نفساً ولا مالاً وقد>>>>>باعهما لله والله اشترى
ما ضره ما أصابه يوم يجبر الله مصيبته بالجنة بمنِّه!
فبعد هذا الظل يا>>>>>بلبل ماء وهوا
وجنة أخرى يطيـ>>>>>ـب في رياضها الحيا
بهذه الموازين خرجوا من الجزيرة ليبلغوا رسالة الله، وليخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام -على حد قول ربعي رضي الله عنه- فواجَهوا حضارات مادية رقت حواشيها، وطالت ذيولها، وبلغت في البذخ درجة الخيال.
كان أحدهم إذا انتطق بمنطقة قيمتها دون مائة ألف درهم يعير ويزدرى ويحتقر، وتتفاداه العيون، ويتوارى من القوم، كما يقول الندوي .
واجه الصحابة هذا كله فركلوه بأقدامهم، ما هو عندهم بشيء، إذْ هم في سجن الدنيا لما ينتظرونه عند الله من الكرامة، رأوا خبزاً رقاقاً لم يروا مثله في الرقة، فحسبوه مناديلاً، فأخذوه في أيديهم فإذا هي أرغفة، ما كانوا يظنون أن الخبز يكون في هذه الدرجة من الرقة والأناقة.
لا يشتهي أحدهم ما لا يجد، وإذا وجده لا يجعله غاية الجد والكد، يتسامون على المظاهر الجوفاء، ويترفعون عن الأخلاق الشوهاء، واعتزازهم بالله رب الأرض والسماء.
ركبوا العزائم واعتلوا بظهورها>>>>>وسروا فما حنوا إلى نعمان
ساروا رويداً ثم جاءوا أولاً>>>>>سير الدليل يؤم بالركبان
فلكل راضٍ بالهوان قرارة يحتلها ولكل راق سُلَّمُ
لما وصل عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى مصر، بعث إلى المقوقس حاكم مصر عشرة رجال على رأسهم عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وجعله متكلم الوفد، وكان عبادة شديد السواد، مفرط الطول مهاباً، فلما دخلت رسل المسلمين على المقوقس هابهم، وقال: [[نحوا عني ذلك الأسود وقدموا غيره ليكلمني، فقال الوفد: إن هذا أفضلنا رأياً وعلماً، مقدَّمٌ علينا، نرجع جميعاً إلى قوله ورأيه، أمَّره الأمير علينا وأمرنا ألا نخالفه، وإن الأسود والأبيض عندنا سواء، لا يفضُل أحدٌ أحداً إلا بدينه وتقواه، فأومأ إلى عبادة أن يتكلم في رفق حتى لا يزعجه، فقال عبادة : إن فيمن خلفتُ من أصحابي ألف رجل كلهم مثلي، وأشد وأفظع سواداً مني، لو رأيتهم كنتَ أهيبَ لهم مني، ولقد ولَّيتُ وأدبر شبابي وإني مع ذلك -بحمد الله- ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعاً، وأصحابي همُ هم، رغبتنا وهمتنا الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، والله ما يبالي أحدنا أكان له قناطير الذهب أم كان لا يملك إلا الدرهم، نعيم الدنيا ليس بنعيم، ورخاؤها ما هو برخاء، بذلك أمرنا الله وعهد إلينا نبينا، تقضَّى زمن الحل وهذا زمن العقد]].
بعض المواقف يا رجال حرائرٌ>>>>>والبعض يا بن الأكرمين إماءُ
وقع الكلام منه موقعاً عظيما، فقال لأصحابه: هل سمعتم مثل كلام هذا قط؟! لقد هبتُ منظره.. وإن قوله لأهيب عندي من منظره، وما أظن ملكهم إلا سيغلب الأرض كلها.
نعم:
كلماتهم قُضُبٌ وهن فواصلُ>>>>>كل الضرائب تحتهن مفاصلُ
إنما الألفاظ نطقٌ ورسومْ>>>>>والمعاني روح هاتيك الجسومْ
ثم أقبل على عبادة ليسلك معه طريق الإرهاب في قالب النصح، فيقول: قد سمعتُ مقالتك، ولَعَمْري إنكم ما ظهرتم على من ظهرتم إلا بحب الدنيا، ولقد توجه لقتالكم ما لا يحصى عدده من الروم ما يبالي أحدهم من لقي ولا من قاتل، ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم، فنفرض لكل رجل منكم دينارين، ولأميركم مائة، ولخليفتكم ألفاً، خذوها وانقلبوا إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوة لكم به.
عجباً له من أسلوب شفقة الضرة على الضرة، إنه ليعلم أنهم ليسوا بطلاب دنيا، ولكنها محاولة رجل يائس أراد أن يصنع شيئاً يُعْذَر به أمام قومه.
يحاول الأقزام دائماً -معشر الإخوة- أن يستنزلوا العظماء من عليائهم ليشاركوهم تدني أفكارهم.. إنه يعرض هذه المساومة وهو يدرك ويعترف أن المسلمين بلغوا منزلة تخولهم لملك الأرض كلها، ومع ذا يعرض عروضه المتدنية على قوم حالهم:
اشترانا منا فقلنا ربحنا>>>>>لا نقيل يا رب ولا نستقيلُ
لكن:
ومن يكُ أعوراً والقلب أعمى>>>>>فكل الخلق في عينيه عورُ
تعجب عبادة من هذه العقلية التي لا تعرف رباً غير المال، وقال بصوت كله ثقة وإيمان: [[يا هذا! لا يغرنك مَن حولَك.. لا تغرنك نفسُك.. لا يغرنك أصحابُك، لعمر الله! ما هذا بالذي تخوفنا به، ولا والله ما هذا بالذي يردنا عما نحن فيه، ولئن قتلنا عن آخرنا كان أمكن لنا في رضوان الله وجنته، والله ما من شيء أقر لأعيننا ولا أحب إلينا من أن نقتل لتعلو كلمة الله، والله ما منا رجل إلا وهو يدعو الله صباح مساء أن يرزقه الشهادة في سبيله، وألا يرده إلى أرضه ولا إلى أهله إلا بنصر المسلمين، فانظر فليست إلا خصلة من ثلاث، اختر أيها شئت، ولا تطمع نفسك في باطل، بذلك أمرني الأمير، وبها أمره أمير المؤمنين وهو عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن قبلُ إلينا، هذا ديننا الذي ندين الله به، فانظروا لأنفسكم]].
فليس الليث من جوع يقادُ>>>>>إلى جيف تحيط بها كلابُ
أنبقى في الحياة بلا لسان>>>>>وقد نطقت بحاجتها الحميرُ
قال المقوقس : أفلا تجيبون إلى خصلة غير هؤلاء الثلاث؟ فوقع قول المقوقس على آذان صماء من عبادة ، ورفع يديه يشير إلى السماء مرة ويخفضها إلى الأرض أخرى.
ويبعثها حرة لا تضيقُ>>>>>بكيد العواذل واللوم
يقول: [[لا ورب هذه السماء، لا ورب هذه الأرض، لا ورب كل شيء، ما لكم عندنا من خصلة غيرها، فاختاروا لأنفسكم]].
نحن نهدي الخلق زهراً وثماراً>>>>>وسوانا يبعث النار ضراما
كل نمرود إذا أوقد ناراً>>>>>عادت النيران برداً وسلاما
عندها أذعن وبدأ يشاور أصحابه، فامتنعوا عن الإسلام، ثم امتنعوا عن الجزية، وقالوا: لئن دفعناها لم نَعدُ أن نكون لهم عبيداً، وللموت خير من هذا، فقال المقوقس : أجيبوني وأطيعوا القول، والله ما لكم بهم من طاقة، وإن لم تجيبوهم طائعين لتجيبُنَّهم إلى ما هو أعظم منها مكرهين، فأبوا وامتنعوا، فاقتحم المسلمون عليهم أحد حصونهم في هيمنة تكبير ارتجت لها الأرض معلنة: ألا كبرياء في الأرض إلا وكسرت شوكتها، وقلبت ظهراً لبطن، ولم يبق إلا كبرياء الله.
أدت رسالتَها المنابرُ وانبرى حد السلاح بدوره ليقولا
آن الأوان لأن نخاطر بالدمِ>>>>>مَن لم يخاطر بالدما لم يسلمِ
ففتح حصنهم، وكسرت شوكتهم، وذَلوا، فلام المقوقس قومه، وقال: ألم أخبركم؟! أما والذي يُحْلَف به لتجيبنهم إلى ما أرادوا، فلو أن هؤلاء القوم استقبلوا الجبال لأزالوها، وما يقوى على قتالهم أحد، أطيعوني..
فأذعنوا.. وذَلوا.. وخنعوا.. ودفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
فيا ناشد الحق في مجامع المبطلين! لا رد الله ضالتك، أتطلب الفَص من اللص، وتقيس في مورد النص.
يا قوم كفوا عن الشكوى لذي صمم>>>>>لا يُسمع الصم إلا الصارم الذكرُ
لقد كان ذلك الجيل محتفظاً بشخصيته المتميزة القوية إزاء تلك الحضارات المادية الدنيوية في تلك المعارك السقيطة، ما فقدوا شيئاً من مبادئهم وقيمهم، عبروا دجلة المادة، وفرات البهرج، فلم تبتل ذيولهم فيها؛ لأنهم عبروها بإيمان بالله عميق، وموازين دقيقة، وقيم أهلتهم للعزة والقيادة، والسمو والريادة، فانتزعوا عجلة القيادة من القيم الهابطة، والمفاهيم والعقائد الفاسدة، والمثل المفترئة؛ لأن المواجهة كانت بين القيم والمفاهيم، والمألوف أن تسري سنة الله.. أن البقاء للأصلح: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17].
إنما تلك مسوخ ورثت>>>>>نسبة الإسلام عن أم وجَدْ
وعندها:
تشابهت البهائم والعِبِدَّا>>>>>علينا والموالي والصميمُ
أولئك الجيل فهموا الإسلام فهماً دقيقاً، فساروا بمفتاح السمو يفتحون المشارق والمغارب، لا يستعصي عليهم قُطر، ولا يستعصي عليهم مِصر.. الحصون تُفْتَح، والقلوب تُفْتَح، والقيم الصحيحة تسود، والموازين تُصَحَّح، فكانوا السماء.
ولما تخلفت هذه المفاهيم عند مَن بعدهم أصيبوا بمركَّب النقص، فكانوا السماوة.
وشتان ما بين السماوة والسماء.
ألا إن من السخافة أن يقال: إن السماوة والسماء واحد؛ لأن النسبة إليهما في اللغة واحدة (سماوي) لا يقول به إلا غبي أو صبي أو عقل وراءه خبي.
من رام شهداً فإن النحل مصدره>>>>>ومن بغى السم فليطلب له الرقطا
سر السمو إلى السماء لذلك الجيل؛ هو تحررهم من كل سلطان سوى سلطان الله، يعدلون بعدل الله، ويزنون بميزان الله، ويعملون على اسم الله لا سواه.. يوالون الله ويعادون أعداء الله.. رقابة الله كمنت في ضمائرهم، والطمع في رضا الله والخوف منه أغناهم عن رقابة البشر وعقوبتهم، فصار المسلم حقاً هو الأعلى.
يقف موقف المجرد من كل قوة مادية، فلا يفارقه شعوره بأنه الأعلى، يتداعى عليه الأعداء وهو كالطود ثابتاً لا يتزحزح، وهَبْها كانت القاضية.. فماذا يضيره؟
الناس يموتون وهو ورهطه يستشهدون، فيغادرون الأرض إلى رحمة الله حين يغادرها غيرهم إلى غضب الله.
هو الأعلى..
من الله يتلقى، وإليه يرجع، وعلى منهجه يسير.. يسود مجتمعه عقائد باطلة مغايرة لما هو عليه، فلا يفارقه شعوره بأنه الأعلى.
يضج الباطل ويرفع عقيرته التي قد تعشى معها الأبصار، وتغشى البصائر، فلا يفارقه الشعور رغم الضجيج.. لأنه الأعلى.
يغرق المجتمع في شهواته، ويمضي مع نزواته إلى الوحل والطين، فينظر من أُفُقِه العالي إلى الغارقين في الوحل.. اللاصقين بالطين، وهو مفرد وحيد، فلا تراوده نفسه على خلع ردائه الطاهر، والانغماس معهم في الوحل.. لأنه الأعلى بلذة الإيمان والتقوى.
يقف قابضاً على دينه كالقابض على الجمر، في مجتمع شارد عن القيم والدين، وهم يهزءون به ويسخرون، فيقول بقول من سبقه في موكب الإيمان العريق، والطريق الطويل: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ [هود:38] ويتلمح نهاية الموكب الفائز الوضيء، ونهاية القافلة البائسة في قول الله: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [المطففين:34] عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ [المطففين:35] هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المطففين:36].
بهذا الشعور، وبتلك القيم.. ارتقت الأمة في نظامها وأخلاقها وحياتها وكل شئونها إلى قمة سامية سامقة، لم ترتفع إليها من قبل قط، ولم ترتفع إليها من بعد إلا في ظل منهاج ذلك الجيل.
فانهض فقد طلع الصباحُ>>>>>ولاح محمر الأجيمْ
وشتان ما بين السماء والسماوة
إن النفوس إذا سمت وتهذبت>>>>>وتوجهت تعلو إلى جناتها
جاءته المنية هناك، ما ضيع وما قصر وما فرط رضي الله عنه وأرضاه.. القتال دائر، ويأمر يزيد بتكفينه، فيحمل على السرير.. تخرج به الكتائب لتنفذ وصيته، ويدفن عند الأسوار تحت سنابك الخيل، ينظر قيصرهم إلى سريره يُحْمَل تحت ظلال السيوف، فيرسل قيصر إلى يزيد : ما هذا الذي أرى؟ فيقول يزيد : [[ هذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سألنا أن نقدمه في بلادك، ونحن والله الذي لا إله إلا هو منفذون وصيته أو نهلك جميعاً ونلحق بالله ]].
فيا لَلَّه!
إن لم يكن في حياة المرء من شرفٍ>>>>>فإنه بالردى قد تشرف الرممُ
قال: عجباً! أين دهاؤك؟! وأين دهاء أبيك الذي يُنسب له؟! يرسلك أبوك فتأتي بصاحب نبيك -ونقول: صلى الله عليه وسلم- وتدفنه في بلادنا حتى إذا ما وليت أخرجناه للكلاب؟!
فقال يزيد في سمو وسماء وعزة: [[إنك كافر بالذي أكرمت هذا له، وإني والله ما أردت إيداعه بلادكم حتى أودع كلامي آذانكم، والله الذي لا إله إلا هو مَن أكرمتُ صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم له، لئن بلغني أنه نُبِش قبرُه، أو مثل به، لا تركتُ في الأرض الإسلام نصرانياً إلا قتلته، ولا كنيسة إلا هدمتها]].
جعل الخطام بأنف كل مخالفٍ>>>>>حتى استقام له الذي لم يُخْطَمِ
فقال: لِلَّه أنت، أبوك كان أعلم بك، فوحق المسيح لأحفظنه بيدي إن لم أجد من يحفظه.
ولا عجب! فالحق قد أجاب، والذل قد وجب.
وموجة النهر في عين الجبان بها>>>>>غول وحوت وتنين وتمساحُ
وشتان ما بين السماء والسماوة!
وتبقى الآحاد والفئات ممن استقت من ذلك النبع الصافي على تلك العزة في كل آن، محلقة سامية للسماء ناطقة تقول:
ومن لم يقوَّم بهدي الكتاب>>>>>فبالسيف يا صحابي قُمْ
فلما قرأ أبو يوسف الكتاب تنمَّر، وغضب، وتربد وجهه، وأرغى وأزبد، ثم مزقه وكتب على رقعة منه بقلم.. يفتك الشعور ويفلق الصخور: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ [النمل:37] الجواب ما ترى لا ما تسمع.
فلا كتب إلا المشرفية عندنا>>>>>ولا رسل إلا للخميس العرمرمِ
***
وقام قيام الليث فار غليله>>>>>وقد برِّزت أنيابه ومخالبهْ
استنفر الناس، ودعا للجهاد، ورغب في السعادة، وحاله:
أججوها حمما وابعثوها حمما
قربوا مني القنا>>>>>قد كسرت القلما
***
دوت بكل قبيلة ومحلة>>>>>صيحاته فتجاوبت أصداؤها
سارع مائة ألف مسلم متطوع للبذل والتضحية، والذب عن بيضة المسلمين، وإعزاز دين رب العالمين؛ لينضموا إلى الجيش الذي يبلغ مائة ألف من الموحدين، حال الواحد منهم:
ارمِ بي كل عدو>>>>>فأنا السهم السريع
وإلا:
فلا نعمت نفس ولا أفلح امرؤٌ>>>>>ولا انهال هطَّال ولا لاح مشرقُ
مضى الليث إلى الأندلس بجيش يؤمن بالله، ويستقي من نبع وحي الله.. شعاره: تكبير الله، وهذا ما وعدنا الله، وصدق الله، وحسبنا الله.
فكانت الملحمة التي تنزل معها نصر الله على حزب الله، فقتلوا من العدو مائة وستة وأربعين ألف قتيل، وأسروا من أسروا نصراً من الله، وحقت كلمة الله: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:126].
معشر الإخوة والبنين! والله ما قام عبدٌ بالحق وكان قيامه لله وبالله إلا لم يقم له شيء، ولو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه الله مؤنتها، وجعل له منها فرجاً ومخرجاً، وإنما يؤتى من تفريطه وتقصيره.
فاعلم أيها السامي للسما:
مَن يخف سلطان ذي العرش المجيدْ>>>>>خافه كل قريبٍ وبعيدْ
***
فما رميت ولكن الإله رمى>>>>>فكيف يُهْزَم مَن بالله ينتصرُ
والله أكبر صوتٌ تقشعر له>>>>>شمُّ الذرى وتكاد الأرض تنفطرُ
معشر الإخوة! نَصَر الله ذلك الجيل، لأنه أخذ بمقومات النصر، استقى من نبع الوحي، وطبق ونفذ، وتميز وفاصل، وضحى بالزائل، فكانوا السماء بحق، صدورُ محافل، وقادةُ جحافل، يقذفون بكلمة الحق مجلجلة على الباطل، فإذا الحق ظاهر، والباطل زاهق نافر، يقذفون بعزائمهم فإذا الكفر مكسور، والإيمان منصور.
إن تلك المقومات للسمو إلى السماء لم تبلَ ولم تمت؛ إنما هي كامنة، وتلك الشعل لم تنطفئ فهي في كنف القرآن والسنة آمنة، فلا يزال الله يغرس غرساً يستعملهم في طاعته إلى يوم القيامة، إنهم من كانوا على مثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فكن أو لا تكون:
ومن يجد ترباً وماء غرسا>>>>>وبذل المال وحاط الأنفُسا
***
فبادر أُخَيَّ لرفع اللواء>>>>>على كل قِطْع ولا تحجمِ
وزف هدى الله للعالمين>>>>>بآياتِ قرآنك المحكمِ
سمواً سماءً بوحي الإله>>>>>وجاهد وصابر ولا تسأمِ
العلم ما ينقله الإعلامُ>>>>>وليس ما يبثه الإسلامُ
والحق ما تطلقه الأبواقُ>>>>>وليس ما تثبته الأخلاقُ
قد طوروا الخطاب للصِّغارِ>>>>>باللحن والعُرْي وبالصَّغارِ
خابوا فهم حثالة الأنسالِ>>>>>وعُصْبة الفساق والأنذالِِ
رهط الخنا والغي والمِحالِ>>>>>مِن كل عِي ماذق تنبالِ
محارب لله لا يبالي>>>>>كأنما صيغوا من الأوحالِ
أو من رجيع الحمر والبغالِ
لكن:
لكن ومهما نعقوا ومخرقوا>>>>>عليهم ألف دليل ينطق
فانثر كنانتك أيها الجيل الراشد، والزم نبعك الصافي وتميزك ومفاصلتك، وسدد سهامك، وأشرع رماحك، وأعدَّ عدتك؛ فإن لم تجد فيها سلاح الحديد والنار فلن تراع.. معك السلاح الذي يفل الحديد، كتاب الله خير عدة وعديد، معك المادة التي تطفئ النار وهي اتحاد الصف على الإيمان، معك المِسَن الذي يشحذ هذين؛ وهو التقوى والصبر، فلن تضر.
فوالذي أكرمك بالإسلام.. إنهم ما قاتلوك بالحديد إلا ما يوازي ساعة من نهار؛ لكنهم قاتلوك في الوقت كله بما هو أعظم من الحديد.. قاتلوك: بالكتاب الذي يزرع الشك.. بالظن الذي يمرض اليقين.. بالصحيفة التي تنشر الرذيلة.. بالقلم الذي يشيع الفاحشة.. بالممثلة التي تظهر الفجور.. بالراقصة التي تغري بالتأنث الصخور.. بالمهازل التي تقتل الجد.. بالخمر والمخدر الذي يهدم البدن والعقل والمال والدين.. بمُعلمِ وعالمِ السوء الذي يفسد الفكر، وينقل الناس من الشهوة على وجل إلى الشبهة بلا وجل ولا خجل.. بالكماليات التي تثقل الحياة.. بالعادات التي تناقض فطرة الله.
فإن شئت أيها الجيل أن تذيب هذه الأسلحة كلها في أيدي أصحابها، فما آمرك إلا واحدة أن تعلنها قولاً وعملاً: إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأعراف:203] ثم تصوم عن هذه المطاعم والمشارب والمنابع النتنة كلها، وتغمض عينيك على الدواء بكتاب الله يعمل، ثم تفتحها لرؤية الحق والهدى تبصر.
دع عنك ما يقوله المسوخُ>>>>>فما لهم في شرفٍ رسوخُ
إن القوم تجار سوء.. قاطعهم تنتصر عليهم.. قابل أسلحتهم كلها بسلاح واحد، وهو: التعفف والإعراض عن هذه الأسلحة كلها؛ فإذا أيقنوا ألا حاجة لك بهم.. آمنوا أنهم لا حاجة لهم فيك، ثم انصرفوا صرف الله كيدهم كما صرف قلوبهم.
ماذا يصنع المرابي في بلدة لا يجد فيها من يتعامل بالربا؟!
وليس يجهل ما ينوي الخصوم لنا>>>>>إلا الجواميس أو شبه الجواميسِ
السوس منا فلا تطعن على أحد>>>>>من الخصوم وعالج مصدر السوسِ
يا سامياً للسماء: لا يخالجك شك في أن وعد الله بالنصر واقع قاطع جازم إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا [غافر:51] وكلمة الله قائمة سابقة وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ [الصافات:171-173] هذه حقيقة ثابتة مهما رصد لها الباطل من قوى الحديد والنار وحرب الأفكار، إن هي إلا معارك تتنوع نتائجها، ثم تنتهي إلى الوعد الذي لا يخلف بالنصر والغلبة والتمكين، سنة ماضية مضي الكواكب والنجوم، وتعاقب الليل والنهار؛ لكنها مرهونة بتقدير الله يحققها حين يشاء لحكمة، فلا تيأس.. وابحث عن أسباب تخلف النصر، فلعله من تفريط أو تقصير، فراجع نفسك وإلا.. فالسماوة.
يا سامياً للسما: الطائر بجناح مستعار لا شك أنه ساقط.. واقع.. منحل.. معتل.. مختل، فحلق بجناحك، والنبع الصافي زادك مخلصاً متبعاً.. مطبقاً.. متميزاً.. مفاصلاً، وإلا.. فالسماوة.
يكفي الصياح فما الحياة عبارة>>>>>جوفاء فارغة يرددها الفمُ
الحزم الحزم.. والقول والعمل..! لا تكن كالدفتر يحكي ما قال الرجال وما فعلوا دون أن يضرب معهم في الصالحات بنصيب، أو يرمي في معترك الآراء بالسهم المصيب، وإلا.. فالسماوة.
يا سامياً للسما: كاثر الضالين بالمهتدين، وارمِ البطانة الفجرة بالعجاف البررة.. ارم الخبيث بالطيِّب، والدرن بالصيِّب، وإلا فالسماوة.
يا سامياً للسما: قد عرفتَ وُجْهَتَك فابدأ المسير، هطيل المزن أوله قطرة، وعصف الريح مبدؤه نسفة، وصادق الوحي مبدؤه رؤيا منام، فابثث أسرارك، وانشر أخبارك، واتكل على مولاك.. الاتكال على الضعيف ضعف، والاتكال على القوي قوة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
كن مع الله ولا ترج العلا من سعي
احفظن مصحفك الغالي وباسم الله صابرْ
يا سامياً للسما: مَن هيأ الله له وسائل السبق فلم يسبق فهو محروم، وقد هُيِّئت فاغنمها تمحُ آية البؤس في بيداء السماوة، وتجعل آية النعيم في سمائك مبصرة.
وشتان ما بين السماء والسماوة!
يا سامياً للسما: أسرج كُمَيْتَك، واجرر زمامك على المرعى يقف بك.. ارقب الفجر ما هو ببعيد عنك.. عبَّ من النبع الصافي وتنقل به للمراقي.. جاهد نفسك على ذلك، فالمجاهدة حرب لا يصلح لها إلا بطل.
من اقتضى بسوى الهندي حاجته>>>>>أجاب كل سؤال عن هل بلم
مرعى المشتهى هشيم.. ليل الجهل معتم.. جو الهوى مقفر.. روض اللهو وبي.. غدير اللذات غدر.. مجاهدة النفس شقة.
موت النفوس حياتها>>>>>من شاء أن يحيا يموتْ
يا سامياً للسما: قد نثر الدر لديك فانتقِ، وقربت لك المراقي فارتقِ.. انزل الوادي يصوِّت بك الحادي.
ونكتة المسألة، ومدار المحاضرة: تجريد التوحيد لله لا يقوم له شيء البتة، وصاحبه مؤيد منصور، هذا بيان مجمل للسر بلا تعليق، واسألوا أهل النحو أيهما أفصح: الإلغاء أم التعليق؟
يغنيك إجمال قولي عن مفصله>>>>>في ذكرك البحر معنىً تحته الدرر
وشتان ما بين السماء والسماوة!
وحدوا صفوفكم، واجمعوا رأيكم وكلمتكم، والهدوء... الهدوء! والصبر... الصبر، ليس الشديد بالصرعة..
هونوا واتئدوا
وأبشروا وأملوا
ما كل عادٍ يسبق
لأمة الإسلام من في السماء.
ولدين الله من في السماء.
ولملة الإسلام من في السماء.
فالدعاء... الدعاء، ليس شيء أكرم من الدعاء، أعجز الناس من عجز عن الدعاء: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم:4].. أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف:54].
اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك.. سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أو علمته أحداً من خلقك، ونسألك باسمك الأعظم الذي سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، وإذا استغثت به أغثت، وإذا استرحمت به رحمت، وإذا استفرجت به فرجت.
يا من لا يهزم جنده، ولا يغلب أولياؤه، نسألك أن تعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين.
اللهم ارفع علم الجهاد.. اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم اقمع أهل الكفر والزيغ والفساد والنفاق والعناد.
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، أرنا في أعداء الدين عجائب قدرتك.
اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.
اللهم إنهم لا يعجزونك.
اللهم أنزل عليهم بأسك ورجزك وغضبك.
اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم اجعلهم لمن خلفهم آية.
اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، وزلزل أقدامهم، ورد كيدهم.
اللهم إنا ندرء بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره، يا قوي يا عزيز.. يا قوي يا عزيز.. يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
اللهم كن للمسلمين المستضعفين المظلومين المقهورين في العالمين.. اللهم كن للمسلمين المستضعفين المقهورين المظلومين في العالمين.
اللهم كن لهم في فلسطين وأفغانستان وكشمير والشيشان ، وجميع العالمين.
اللهم أزل عنهم العنا، اللهم أزل عنهم العنا.
اللهم اكشف عنهم الضر والبلاء.
اللهم أنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء، يا سميع الدعاء.
رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:250] .
اللهم أنت حسبنا ومن كنت حسبه فقد كفيته، حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , السماء والسماوة للشيخ : علي عبد الخالق القرني
https://audio.islamweb.net