إسلام ويب

إن العمر سريع التقضي، أبي التأني، أيام تمضي ولا تعود كغروب الشمس، فمن كان قد أحسن في عمره فليزدد، ومن أساء فليراجع نفسه، قبل أن يختم له بخاتمة سوء، ومما يساعد على ذلك كثرة تذكر الموت والقبر والحساب والجنة والنار.

اغتنام الحياة في التزود من الأعمال الصالحة

أيها الناس! اتقوا الله عزَّ وجلَّ، واعلموا حق اليقين أن الله لم يخلقكم عبثاً، ولم يترككم هملاً، بل خلقكم لطاعته وعبادته في هذه الحياة الدنيا، وإذا انتهت هذه الحياة وافاكم الله جل وعلا بما أحصاه عليكم من الأعمال فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8].

عباد الله! اعتبروا بهذه الأعوام، كيف تمر بكم وتنقضي، فإنها من أعماركم، ومهما عاش ابن آدم، فإن مصيره إلى الموت.

أمة الإسلام! تيقظوا وانتبهوا من هذه الغفلة، فإن كل يوم يمر بكم يبعدكم من الدنيا، ويقربكم من الآخرة، فالكيٍّس من اغتنم هذه الحياة الدنيا بالأعمال الصالحة، التي تقربه من الله زلفى، وينجو بها من عذاب جهنم.

أيها المسلمون! إنكم في هذه الجمعة، التي هي آخر جمعة من عامكم الذي ستودعونه، والذي سيطوي سجله على ما أودعتموه وخزَّنتموه فيه من الأعمال، فهنيئاً ثم هنيئاً لمن أحسن فيها واستقام، وويل ثم ويل لمن أساء وارتكب المعاصي والمحرمات، ولقي الله غداً وهو مُصِر على ذلك الإجرام، نعم، هنيئاً غداً يوم القيامة يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] وهنيئاً لمن يُعطى كتابه باليمين، ويرفعه مسروراً بما فيه، هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ [الحاقة:19-23] فيقال لهم في تلك الجنة: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24] هذا هو المؤمن الذي عمل بالصالحات، وقدم الأعمال الصالحة أمامه عند الله.

أما الذي قضى حياته، وضيَّع أوقاته في غير طاعة الله، فاسمعوا ماذا يقول إذا أخذ كتابه بالشِّمال: فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الحاقة:25-29] فيقال للزبانية: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:30-32].

نعم. هذه النهاية، إما إلى الجنة، وإما إلى النار.

أجل يا عباد الله! إذا عرفنا أن النهاية إما إلى الجنة وإما إلى النار؛ ليقف كل منا مع نفسه، محاسباً ماذا أسلف في العام الذي هو على وشك الانتقال، فإن كان قد عمل خيراً فليحمد الله ويزداد، وإن كان غير ذلك، فليتب إلى أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، ويُقـلع ويُنيـب ويكـثر من عمل الحسنات إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114].

أجل أيها العاصي، بادر ما دمتَ في وقت الإمكان قبل أن يهجم عليك هادم اللذات، تُب إلى الله قبل إغلاق الباب، وإسبال الحجاب، وطي الكتاب على ما فيه.

عباد الله! يُروى أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم فقال: (أيها الناس، إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، إن المؤمن بين مخافتين: أجل قد مضى، لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي، لا يدري ما الله قاضٍ فيه، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الهرم، ومن الحياة قبل الموت).

عباد الله! تذكروا بانقضاء هذا العام انقضاء العمر، وسرعة زوال الدنيا، وسرعة زوال السرور في الدنيا، وسرعة قرب الموت، وبتقصير الأحوال، وبزوال الدنيا وما فيها، فكم وُلِد في هذا العام مِن مولود؟! وكم مات فيه مِن حي؟!

فاغتنموا فرصة العمر يا عباد الله، هذا رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم يرشد ويقول: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) هكذا يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم باغتنام هذه الخمس، قبل حلول أضدادها.

ففي الشباب: قوة وعزيمة، فإذا هرم الإنسان وشاب ضعُفت قوته، وفترت عزيمته.

وفي الصحة: نشاط وانبساط، فإذا مرض الإنسان انحط نشاطه، وضاقت نفسه، وثقلت عليه الأعمال.

وفي الغنى: راحة وفراغ، فإذا افتقر الإنسان اشتغل بطلب العيش لنفسه وعياله.

أمة الإسلام! في الحياة الدنيا ميدان فسيح لصالح الأعمال، فإذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.

إذا مات الإنسان يتبعه ثلاثة، يرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله، ويبقى عمله.

فاتقوا الله عباد الله، واستدركوا ما فات بالتوبة النصوح، واستقبلوا عامكم الجديد بالعمل الصالح، فإن إقامتكم في هذه الدنيا محدودة، وأيامكم معدودة، وأعمالكم مشهودة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:1-8].

اللهم بارك لنا بالقرآن العظيم، وانفعنا بما صرَّفت فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.

سرعة انقضاء الأعمار

الحمد لله منشئ الأيام والشهور، ومفني الأعوام والدهور، ومضاعف الثواب لمن أطاعه والأجور، وغافر الذنوب لمن تاب إليه من المعاصي والفجور، يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، ويسمع دبيب النمل في دياجي الظُّلَم على الصخور، فسبحانه من إله تسبحه جميع الكائنات، وتَقَدَّس من ولي كريم مـحسن شـكور.

أحمده سبحانه على نعم تتجدد بالرَّواح والبكور، وأشكره على سابغ فضله المنشور.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، على رغم أنف كل مشرك كفور، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صاحب المنـزلة العليا، والشفاعة العظمى في يوم النشور.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى.

عباد الله! كيف لا يتفكر الإنسان في هذا العمر الذي يتصرم سنة بعد سنة.

عباد الله، إنه قد تصرم من مدة الحياة عامٌ قد ودعتموه، شاهداً عليكم بما أودعتموه، فمن أودعه صالح العمل فليثق من الله بالبشرى والرضا والكرامة، ومن فرط أو عمل غير صالح، فأحسن الله عزاه.

فيا ليت شعري! على أي شيء تُطوى صحائف هذا العام، ويا غفلة من لعله لم يبق من عمره إلا ساعات أو أيام، ويا أسفاه على من انقضى عمره وهو على تماديه وغفلاته مقيم، ويا خَجْلَة من بنى أجله وهو مكب على المعاصي والآثام.

عباد الله! اعتبروا بهذه الشمس، كل يوم تطلع من مشرقها، وتغرب في مغربها؛ فإن في طلوعها ثم غروبها إيذاناً بأن هذه الدنيا ليست دار قرار، وإنما هي طلوع ثم غروب وزوال.

واعتبروا بهذه الشهور تهل بها الأهلة صغيرة، كما يولد الأطفال، ثم تنمو رويداً رويداً كما تنمو الأجسام، حتى إذا تكامل نموها، أخذت بالنقص والاضمحلال، وهكذا عمر الإنسان، طفولة ثم شباب، ثم كهولة، ثم هرم، وما بعد ذلك إلا الممات، ومنكم مَن يُتوفى قبل أن يصل إلى ذلك.

واعتبروا أيضاً بهذه الأعوام تتجدد عاماً بعد عام، فإذا دخل العام الجديد نظر الإنسان إلى آخره نَظَرَ البعيد، ثم تمر به الأيام سراعاً، فينصرم العام كلمح البصر، فإذا هو في آخر العام، كل هذا عبرة ودلالة على زوال الدنيا وفنائها.

الحذر من سوء الخاتمة

وهكذا عمر الإنسان، يتطلع إلى آخره تطلع البعيد، فإذا به قد هجم عليه ملك الموت بِغِرَّة وبدون إنذار، وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19].

عباد الله! أطيلوا الفكر في الموت، وأكثروا من ذكر هادم اللذات، وأهواله وشدائده وسكراته، وتفكروا يا عباد الله في شدة النـزع والألم الذي يعانيه المحتضر عند خروج الروح من البدن، حتى قيل: إنه أشد من الضرب بالسيوف، ونشر المناشير، وقرظ المقاريظ؛ لأن الموت يهجم على الإنسان، ويستغرق جميع أجزائه من كل عِرق من العروق، وعصبٍ من الأعصاب، ومفصلٍ من المفاصل، ومن أصل كل شعرة وبشرة، من مفرق رأسه إلى القدمين، كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [القيامة:26-30].

فعند ذلك لا تسأل عن حالة المحتضر وقد نزلت به الكروب والآلام، ومع ذلك فهو لا يقدر على الصياح والبكاء، مع شدة الألم وزيادة الكرب، حيث قهر الموت منه كل قوة، وأضعف كل جارحة، فلم يبق له قوة الاستغاثة، أما العقل فقد غشيه ووَشْوَشَه، وأما اللسان فقد حجزه وأبكمه، وأما الأطراف فقد أضعفها وأوهنها وخدرها، فإن بقي فيه قوة سمعتَ له عند نزع الروح وجذبها خوار وغرغرة من حلقه وصدره، وقد تغير لونه وارْبَدَّ وجهه، وشخص بصره، وحشرج صدره، واقشعرَّ جلدُه، وتشنجت أصابعُه، حتى كأنه ظهر من التراب الذي هو أصله، فالألم منتشر في داخله وخارجه. فلا تسأل عن جسم يُجذب كل عرقٍ على حدة، ثم يموت كل عضوٍ من أعضائه تدريجياً، فتبرد أولاً قدماه، ثم ساقاه، ثم فخذاه، ثم يبلغ حتى بها إلى الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها، وينسى ما كان قد حافظ عليه في الحياة، وعند ذلك تعظم حسرة المفرط، ويندم حين لا ينفعه الندم.

أخي المسلم! أوصيك إذا حضرت محتضِراً، فلا تستعجل عليه في تلقين الشهادة، لعل الله يخرج روحه على كلمة (لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله) فإن خرجت روحه على (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) فهنيئاً له حسن الخاتمة، فقد ورد في الأثر: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) أما من هذى، وجعل يطرف بالكلمات التي تقشعر منها الجلود، ويندى لها الجبين، فوالله إنها لحالة يُرثى لها، كم قيل لمحتضِر: قل (لا إله إلا الله) قال إنه كافر بـ(لا إله إلا الله).

فيا عبد الله! احذر أن تخرج روحك على سوء الخاتمة، فأنت في الحياة الدنيا في ميدان فسيح لمزرعة الأعمال الصالحة، فمن عاش على خير، هنيئاً له أن يحسن الله له الخاتمة.

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فصلت:30] ثم استقاموا يا عبد الله، على أي شيء استقاموا؟ أعَلَى السهر والتمثيليات؟ أم مع البَلُوْت والكِنْكان؟ أم على أكل الربا، وغش المسلمين، والخداع؟ أم على أكل الرشوة؟ أم على التبرج والسفور؟ مسكين من أدخل إلى بيته تلك الملاهي، فعند الممات يتمنى أن يقول: أخرجوا هذه الملاهي، ولكن حِيل بينهم وبين ما يشتهون، إنما يُقال ذلك لمن استقام على طاعة الله: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ [فصلت:30].

اللهم اجعلنا من أهل الجنة، ولا تجعلنا من أهل النار.

يا عبد الله! ارحم نفسك قبل أن ينـزل بك هادم اللذات، وقد حلقت لحيتك، وملأت بيتك بالمنكرات، والملاهي.

يا عبد الله! اتق الله، ولا تغفل في هذه الحياة عن الأعمال الصالحة، خشية أن ينـزل بك هادم اللذات وأنت على معاصي الله.

عباد الله! تيقظوا من هذه الغفلات، يا للأسف الشديد، على مجالس تقتل في غير ذلك، يا للأسف الشديد على عُمْر فَرَّط فيه صاحبُه، لم يعرف فيه بيوت الله، إلا يوم الجمعة أو في رمضان، يا ويله إذا نزل به هادم اللذات، وقيل له: قل (لا إله إلا الله) فمن أين له أن يقول: (لا إله إلا الله) وهو لا يعرف بيوت الله؟! من أين له أن يقول: (لا إله إلا الله) وهو يسهر طوال الليال مع الأفلام والتمثيليات، والأغاني، وكتب الحداثة السخيفة، يقضي وقته ذلك الوقت الذي هو مسئول عنه بين يدي الله، بين يدي جبار الأرض والسماوات؟!

فأين الاستعداد يا عبد الله؟! أين الاستعداد لهادم اللذات؟ أين الاستعداد لمفرق الجماعات، وقد أتوا بالطبيب، والطبيب لا ينفع إذا نزل بك هادم اللذات.

عبد الله! إذا زرت المريض فذكره بهادم اللذات، وقل له: تُب يا أخي مما جنيت واستعد، ومع الأسف الشديد كم نزور من المرضى، وما منا من يقول: اتق الله, واذكر الله، إنما نقول له: إذا مرضت ولم تُشفَ اذهب إلى أمريكا ، أو إلى بريطانيا ، حتى تموت في بلاد الكفار. نعم السبب مطلوب، ولكن إذا نزل بك الموت، وإذا جاءت سكرة الموت فلا ينفع حينئذٍ الطبيب، فعليك يا عبد الله أن تُذَكِّر أخاك المسلم، وتعينه على ذكر الله، وتذكره أن الحياة لها نهاية، وأن الحياة الباقية في جنة عرضها السماوات والأرض، أو في جهنم وبئس المصير.

عباد الله! إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

عباد الله! صلـوا على رسـول الله امتثـالاً لأمر الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: (مَن صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً) اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، الذي قال: (زوروا القبور، فإنها تذكركم بالآخرة).

زوروا القبور يا عباد الله، تذكروا إذا وضعتم أخاكم في قبره، وهو جثة هامدة، لا ينازعكم من الأمر شيئاً، والله لو كان حياً ما أدخلتموه من باب المقبرة، فانظروا إليه وهو جثة هامدة، تضعونه في هذا الصدع من الأرض، وتصفون عليه اللبنات، وتَحْثُون عليه التراب، وترجعون كأن لم تفعلوا شيئاً، والله لقد قست القلوب، بل ماتت، كيف ندفن الموتى ولا نعتبر يا عباد الله؟! كيف لا نعتبر، ولا نتذكر أنَّا بهم لاحقون؟! وسواءً أقرُب الأمد أو بَعُد فإنا سوف نُدفن كما دفنوا، سوف تُصف علينا اللبنات، ونُترك في صدع من الأرض، لا أنيس ولا جليس إلا الأعمال يا عباد الله.

اللهم آنس غربتنا في القبور، اللهم آنس غربتنا في القبور، اللهم آنس غربتنا في القبور.

اللهم ارحم ذلنا عليك يوم العرض والنشور يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] اللهم رحمتك نرجو يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

اللهم توفنا وأنت راضٍ عنا يا رب العالمين.

عباد الله! صلوا على خاتم المرسلين، صلوا على الناصح الأمين، الذي ترككم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم، اللهم اسقنا من حوض نبيك محمد شربة هنيئة مريئة، لا نظمأ بعدها أبداً، يا رب العالمين.

اللهم اجعلنا ممن يُعطى كتابه باليمين.

وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , إياك والتفريط للشيخ : عبد الله حماد الرسي

https://audio.islamweb.net