إسلام ويب

إن شأن الصلاة عظيم جداً، فهي عمود الإسلام، وعليها المعمول في المحافظة على صالح الأعمال.

فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع، فمكانتها في الإسلام عظيمة، وتركها أعظم واعظم.

فيجب على كل مسلم أن يعرف أهمية الصلاة وفضلها، وأجرها وثوابها، وحكم تركها والعقوبة التي تنتظر تاركها، وفضل المحافظة عليها والنعيم المنتظر لصاحبها.

منزلة الصلاة وبيان فضلها

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلِّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلوات الله وسلامه عليه، لم يمت إلا وقد أكمل الله به الدين، وأتم الله به النعمة، فأكثروا عليه من الصلاة والتسليم؛ امتثالاً لأمر الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الإخوة في الله! حياكم الله في بيتٍ من بيوت الله، وأسأل الله الكريم رب العرش الكريم أن يجمعنا جميعاً في جنة عرضها السماوات والأرض.

أما موضوعنا فهو: الصلاة.. الصلاة.

أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم: هذه العبارات تلفظ بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يلفظ آخر أنفاس الحياة، يوم أن كان على فراش الموت صلى الله عليه وسلم، فهو يحث أمته، ويقول: (الصلاة.. الصلاة وما ملكت أيمانكم) الله أكبر! الصلاة.. الصلاة يا أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم!

أما عن فضل الصلاة، فقد أخبر الله عن فضلها في كتابه العزيز، وأخبر عن فضلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته.

أيها الإخوة في الله! الصلاة من حافظ عليها أسكنه الله أعلى منازل الجنة، وهي الفردوس الأعلى الذي حثَّنا على طلبها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن قال: (إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وأراه قال: وفوقه عرش الرحمن) اللهم إنا نسألك الفردوس من الجنة يا رب العالمين.

قال الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11] نسأل الله من فضله.

الله أكبر! أي منزلة أعلى من هذه المنزلة، يا عبد الله! إنها الفردوس: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11].

وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يُروى عنه أنَّ من حافظ على هذه الصلوات أدخله الله الجنة، فهذا وعد من الله، ووعدٌ من رسوله صلى الله عليه وسلم.

فضائل الصلاة في السنة النبوية

وهذه الصلاة لها فضائل عظيمة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {مثل الصلوات الخمس! كمثل نهرٍ غمرٍ جارٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يا رسول الله! قال: فكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا} والحديث متفق عليه.

أخي في الله! أولاً نريد أن نتعرف على الفضل الذي يحصل لك إذا قمت تتوضأ للصلاة، فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: {أن الخطايا تخر مع آخر قطر الماء فيصبح نقياً}.

ثم أخبر صلى الله عليه وسلم: {أن المسلم إذا أسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فُتِحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء} أي فضل أعظم من هذا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟

لقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على دعاء ندعو به إذا انتهينا من الوضوء أن نقول: {اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين}.

ونقول أيضاً: {سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك} يختم بها فتجد فضلها عند الله جل جلاله.

ثم إذا خرجنا من بيوتنا إلى بيت الغني الكريم.. إلى بيتٍ من بيوت الله ما الذي يحصل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلاً في الجنة} والحديث في الصحيحين، يعد الله له كرامة في الجنة كلما غدا أو راح إلى بيتٍ من بيوت الله.. الله أكبر!

وأيضا أخبر صلى الله عليه وسلم: {أنه إذا خرج إلى المسجد لا يخطو خطوة إلا رُفِعَ له بها درجة، وحط بالأخرى عنه خطيئة} ثم إذا دخل المسجد، وقال: {باسم الله! والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك} أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: {أن من صلَّى عليه صلاةً صلى الله عليه بها عشراً} ثم إذا جلس ينتظر الصلاة وكَّل الله إليه ملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه.

لا إله إلا الله! يا له من فضل يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم: {اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصلاة} الله أكبر! لا إله إلا الله!

أما إذا كان الوقت وقت سنن رواتب؛ الرواتب التي حثَّ عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، في حديثٍ صحيح قال فيه: {ما من امرئٍ مسلم يُصلي لله تعالى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة -تطوعاً غير الفريضة- إلا بنى الله له بيتاً في الجنة} الله أكبر! يا الله! يا رب نسألك من فضلك! اثنتي عشرة ركعة يُواظب عليها يبني الله له بيتاً في الجنة.

متى تصلي هذه الرواتب؟

أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر، هذه اثنتي عشرة ركعة إذا ثابر عليها العبد؛ فإن الله يبني له بيتاً في الجنة، نسأل الله من فضله الجنة.

ومن فضل الله ورحمته: أن العبدَ إذا مرض أو سافر كُتِبَ له ما كان يعمل في حال صحته وإقامته، اللهم لك الحمد ولك المنة، ولك الفضل ولك الثناء الحسن يا رب العالمين.

أيها الإخوة في الله! ويا أيها الأخوات في الله! هذا فضل عظيم، اثنتي عشرة ركعة يثابر عليها المرء يبني الله له بيتاً في الجنة.

فضل قيام الليل

أيها الإخوة في الله! وهنالك صلاة حثَّ عليها ربنا -جل جلاله- في كتابه العزيز، وحثَّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وهي صلاة الليل.

الله أكبر! يقول بعض السلف:

من يرد ملك الجنان>>>>>فليدع عنه التوانِ

وليقم في ظلمة الليـ>>>>>ل إلى نور القران

وليصل صوماً بصومٍ>>>>>إن هذا العيش فان

إنما العيش جوار>>>>>الله في دار الأمان

نسأل الله من فضله الجنة.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! صلاة الليل قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل} والله سبحانه وتعالى وقد مدح أهل قيام الليل، فقال جل جلاله: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ [السجدة:16] اسمع الفرق -يا عبد الله- بين الذين يُتابعون المسلسلات، وبين أهل البلوت.. أهل الشتمات والطلقات والتحريم والصيحات طوال الليل، وبين هؤلاء: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ [السجدة:16] الله أكبر!

وقد مدحهم الله -سبحانه وتعالى- في سورة أخرى، فقال تعالى: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات:17] ولهم -أيضاً- حالةٌ أخرى إذا انتهوا من التهجد: وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:18] إذا انتهوا من التهجد جلسوا يستغفرون الله تعالى، الله أكبر!

أما في السورة الأولى التي ذكر الله فيها (تتجافى جنوبهم) إذا كانت هذه صفاتهم فبماذا وعدهم؟ أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه -سبحانه وتعالى- قال: {قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قال: اقرءوا إن شئتم: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17]}.

وماذا كانوا يعملون؟ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16].

أما في السورة الأخرى -في سورة الذاريات- فقال الله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الذاريات:15] ماذا كانوا يعملون؟ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18] فأهل الليل لهم شأن عظيم، فهم أهل القرآن الذين يُراوحون بين الجباه والركب سجداً وركعاً لله، يُرتلون آيات القرآن، وقد أخذوا بحظٍ وافر من هذا الوعد الذي أخبر به رسول صلى الله عليه وسلم، الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى، فقال: {إذا بقي ثلث الليل الآخر ينزل سبحانه وبحمده إلى السماء الدنيا -نزولاً يليق بجلاله وعظمته- فيقول: هل من سائلٍ فأُعطيه سؤله؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفرٍ فاغفر له}.

إخواني في الله! الله الله لا تفوتكم تلك الساعة المباركة التي ينزل فيها ربنا -جل وعلا- إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وعظمته.

ولقد أخبر صلى الله عليه وسلم: {أن في الليل ساعة لا يوافقها عبدٌ مؤمن يسأل الله إلا أعطاه الله من خيري الدنيا والآخرة} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

في رحاب فاتحة الصلاة

وللمسلم موقف عظيم إذا أُقيمت الصلاة وحان الوقوف بين يدي الجبار جل جلاله.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: إذا قال الله أكبر -أي: تكبيرة الإحرام- قال الله: ارفعوا الستر بيني وبين عبدي أشرف موقف يقف به المسلم هذا الموقف.

ثم استمر ابن القيم -رحمه الله- في كلامه حتى ساق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يرويه عن ربه -جل وعلا- الذي قال الله فيه: ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين، فإذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال العبد: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] قال الله: مجدني عبدي، وإذا قال العبد: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] قال الله: أثني عليَّ عبدي ) الله أكبر!

يقول ابن القيم رحمه الله: والله لولا ما على القلوب من الغفلة لطارت فرحاً وسروراً لقول خالقها وفاطرها: حمدني عبدي، مجدني عبدي.. أثنى عليَّ عبدي محاورة بين العبد وربه.

نسأل الله -جل وعلا- أن يجعلنا من الخاشعين في الصلاة، من الذين مدحهم الله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2].

ثم يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه جل وعلا: ( فإذا قال العبد: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] -الله أكبر! هذه الآية ابن القيم صنف فيها ثلاثة مجلدات، وسماها: مدارج السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين يقول الله جل وعلا: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ) اسأل يا عبد الله!: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] يا رب اللهم اهدنا صراطك المستقيم، اسأل الله يا عبد الله وقلبك حاضر! اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7] تسأل الله أن يهديك الصراط المستقيم، صراط المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وتسأل الله أن يجنبك طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين، ثم تقول: آمين، وليست آية، وإنما هي بمعنى: اللهم استجب يا رب العالمين.

وفضل آمين عظيم والتأمين خلف الإمام فضله عظيم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم: (إذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه) والحديث في صحيح البخاري.

وورد في الحديث: (أن اليهود حسدتنا على التأمين خلف الإمام والجمعة) انظر إلى اليهود أهل الحيل والمكر والخداع! فقد حسدونا على الجمعة، وإذا نظرت إلى الدش في محطة اليهود في صباح الجمعة تعلم ما فيه من الخبث والحسد ومع ذلك تجد أكثر المسلمين قد انزلقوا في مهاوي أفلام اليهود والنصارى، فإنا لله وإنا إليه راجعون! اللهم رُدَّنا إليك رداً جميلاً يا رب العالمين.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! إن عداوة اليهود متقدمة، واقرءوا التاريخ، واسألوا الله -جل وعلا- في كل فريضة ونافلة أن يُجنبكم طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين.

واعلموا علم اليقين أنهم أعداء ألداء، فاحذروا عداوتهم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن رأيتموه قد أدخل هذا الدش في بيته فحذِّروه من مقت الله، وسخطه، وعقوبة الله العاجلة أو الآجلة، وقولوا له: يسأل مراكز الهيئات وغيرها ما الذي يحصل للذين يحضرون عند الدش من الأمور الخطيرة التي لا يعلمها إلا الله، هذا وهو لم يستمر له زمن طويل وإنما هو في البداية، فكيف إذا استمر الزمن، وعاشت المرأة المسكينة على مشاهدة تلك الأفلام الخبيثة؛ أفلام اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم؟! كيف يكون الحال إذا شب هذا الطفل الصغير على تلك الأفلام؟! وكيف يكون الحال إذا شبت تلك الطفلة الصغيرة على تلك الأحوال؟!

كيف إذا تقدم بنا الزمن وكلهم قد عاشوا على محطات اليهود والنصارى والمجوس ماذا تكون الأحوال؟!

عباد الله! قولوا لأولئك الذين ابتلوا بهذه الفتنة العمياء أن يقلعوا ويتوبوا ويرجعوا إلى الله قبل أن يستفحل الأمر.

اللهم يا ودود يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، اللهم من اُبتلي من المسلمين بهذا الغش (الدش) اللهم وفقه لإزالته، اللهم وفقه لإزالته، اللهم وفقه لإزالته، وأبدله إيماناً وطاعة يجد لذتها وحلاوتها في قلبه يا رب العالمين، اللهم صلِّ على محمد.

أيها الإخوة في الله! إن اليهود حسدونا على التأمين خلف الإمام، وعلى الجمعة، فالحذر الحذر من مخططات اليهود، نسأل الله أن يجعل كيدهم في نحورهم، إنه على كل شيء قدير.

أحوال الناس مع الصلاة

عباد الله! عرفنا فضل الصلاة، وما الذي يحصل في الصلاة، وهذا شيء قليل من كثير يا أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

فما هو حال المجتمع مع الصلاة؟

أيها الإخوة! انقسم المجتمع إلى ثلاثة أقسام: نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين.

الأول: قسم تركوا الصلاة بالكلية، ومع الأسف هم في عداد المسلمين، يقول: أنا مسلم، وهو تارك للصلاة بالكلية.

الثاني: قسم متهاون بالصلاة.

الثالث: قسم حافظ على الصلاة وهم قلة، وإذا أردتم أن تنظروا إلى هذه القلة فانظروهم في صلاة الفجر.

حكم تارك الصلاة بالكلية

فأما القسم الأول: تارك الصلاة حكمه كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: {بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة} رواه مسلم. ألا يكفينا هذا؟!

والحديث الثاني الذي رواه الخمسة: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر} نسأل الله العفو والعافية.

وأقوال العلماء معلومة في حكم تارك الصلاة؟

قالوا: يُستتاب ثلاثة أيام، يستتيبه إمام المسلمين أو نائبه، فإن تاب وصلى وإلا قُتِلَ مرتداً، يُقتل حداً بالسيف، ولا يُغسِّل، ولا يكفن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدعى له بالرحمة، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث ولا يورث.

أما في حياته فإنه لا يُزوج بالمرأة المسلمة، بل إذا كان معه امرأة مسلمة فإنها تخلع منه على رغم أنفه لأنه تارك للصلاة، نسأل الله العفو والعافية.

وقد توعد الله هذا القسم بالعذاب الأليم كما أخبرنا ربنا في القرآن: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:42-43] وسقر كما قال بعض المفسرين: إما أنها طبقة من طباق جهنم، أو باب من أبواب جهنم، والأكثر أنها طبقة من طباق جهنم والعياذ بالله.

خطر التهاون بالصلاة

وأما القسم الثاني: فهو المتهاون بالصلاة، وهذا كثير أيضاً -نسأل الله العافية ونسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً- وقد صدق فيهم قول الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] انظر في المجتمع وطبِّق هذه الآية، تجد أكثر الناس الآن طول الليل مع الملاهي، اتبعوا الشهوات.. متابعة للأفلام.. بلوت.. شيشة.. دخان.. قيل وقال.. وأغاني... وغيرها، ثم إذا جاء وقت صلاة الفجر وإذا هم قد أوهنهم الأرق، وأتعبهم السهر، فناموا عن صلاة الفجر، وقد صدق الله: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً [النساء:122] فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] ولكن من رحمة الله -سبحانه وتعالى- أنه قال: إِلَّا مَنْ تَابَ [مريم:60].

يا رب! نسألك توبةً نصوحاً، اللهم ارزقنا توبة نصوحاً، وهذا من فضل الله علينا، أن العبد إذا تاب وأقلع وأناب، فإن الله يتوب عليه.

عواقب السهر والنوم عن صلاة الفجر

إذا نظرت إلى أحوالهم، تجد أنهم قد ضيعوا نِعَماً وفضائل عظيمة، وفات عليهم الخير الكثير:

مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم

أولاً: إن أهل السهر طوال الليل عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن عصى رسول الله فقد عصى الله سبحانه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان من هديه أنه: {يكره النوم قبل صلاة العشاء، والحديث بعدها} فإذا كان سيد الأولين والآخرين، أفضل الأنبياء والمرسلين، يكره الحديث بعد صلاة العشاء، وينام مبكراً، فكيف بأحوال الذين يسهرون مع الأفلام، والمسلسلات، والأغاني الماجنات، والبلوت، والقيل والقال، والدمنة... وغيرها من الأمور التي تصد عن ذكر الله عز وجل؟!

كيف الحال يا أمة مُحمدٍ صلى الله عليه وسلم مع الذين خالفوا هدي الرسول صلى الله عليه وسلم؟

ضياع ساعة استجابة الدعوة

ثانياً: أنهم أضاعوا على أنفسهم الساعة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: {لا يسأل الله فيها عبدٌ مسلم من خيري الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله ما سأل}.

الحرمان من الدعاء في وقت النزول الإلهي

ثالثاً: أنهم أضاعوا على أنفسهم وقت النزول الإلهي الذي ينزل فيه ربنا -جل وعلا- نزولاً يليق بجلاله وعظمته إلى السماء الدنيا.

يقول بعض المفتونين: دخلنا من بعد صلاة العشاء وذلك في ليالي الشتاء؛ لأن ليالي الصيف قصيرة، يقول: فدخلنا من بعد صلاة العشاء وبدأنا بهذه الورقة الخبيثة، واضرب، واشتم أبوك، واشتم أمك، وعليه الحرام، وعليه الطلاق، يقول: وقام واحد منا يريد -كرمكم الله- دخول الخلاء! وإذا بالشمس قد طلعت، فكم ساعة ذهبت في سبيل الشيطان؟! من صلاة العشاء حتى طلوع الشمس، يقول: وكل منا ذهب إلى عمله، والله المستعان! ولا حول ولا قوة إلا بالله! اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا.

النوم عن صلاة الفجر

الرابع: النوم عن راتبة الفجر التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه شمس} يُفوتون على أنفسهم صلاة الفجر التي تشهدها الملائكة، ويصعدون إلى الله فيقول: {كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون} كيف أحوال الذين حرموا هذه العبادة وناموا عنها؟! أتيناهم وهم لاهون، وتركناهم وهم نائمون، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

العذاب الأليم من الله

الخامس: أن هؤلاء قد توعدهم الله -أيضاً- بويل، كما قال جل وعلا: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5].

قال سعيد بن المسيب رحمه الله: [[إنه الذي لا يُصلي الفجر حتى تطلع الشمس، ولا يُصلي الظهر حتى يدخل العصر، ولا يصلي العصر حتى يدخل وقت المغرب]] وهذه -والله- أحوال أكثر الناس في المجتمع، بالليل تجده يسهر ولا يصلي إلا بعد طلوع الشمس، والظهر يأتي وليأكل لقمة الغداء إما من العمل أو غيره ثم ينام عن صلاة العصر ولا يقوم إلا المغرب أو وقت العشاء.

الحرمان من أجور المحافظة على الصلاة

السادس: أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن: {من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله} رواه البخاري.

وقال صلى الله عليه وسلم: {من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهله وماله} اللهم لا تجعل منا ولا فينا شقياً ولا محروماً يا رب العالمين.

أما فضل من حافظ على هذين الفرضين (الفجر والعصر) فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، فقال: {من صلى البردين دخل الجنة} والبردان هما: الفجر، والعصر، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {لن يلج النار أحدٌ صلَّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} يعني: الفجر والعصر.

أما عن صلاة العشاء وصلاة الفجر فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن: {من صلى العشاء في جماعة كُتِبَ له قيام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة كُتِبَ له قيام ليلة كاملة} أو كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم.

هذه منزلة وفضل من يحافظ على الصلاة وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11].

الاتصاف بصفات النفاق

السابع: هناك أناس لا يُحافظون على الصلاة، وقد سمَّاهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالمنافقين، فقال: {أثقل الصلاة على المنافقين، صلاة العشاء، وصلاة الفجر} ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: [[إذا افتقدنا الرجل في صلاة الفجر أسأنا به الظن، ولا يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق]] المنافقين يُصلون كما أخبر الله سبحانه وتعالى، يُصلون ولكنهم لا يأتون إلى الصلاة إلا وهم كسالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142] ولقد توعدهم الله، فقال: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء:145] والمنافقين يذكرون الله، ولكن: وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً [النساء:142] يتصدقون ولكن: وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54] نسأل الله العفو والعافية.

أحوال مجالس الناس

إخوتي في الله! مما يّحُزُّ في النفس أننا نجلس في المجالس عدة ساعات لا نسمع من يذكر الله عز وجل، ولا يُصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووالله إن الأمر جد خطير، فإذا كان هذه من صفات المنافقين: وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً [النساء:142] فكيف أحوال الذين يجلسون في المجلس ولا يذكرون الله؟!

كيف يكون حالنا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما جلس قومٌ مجلساً لا يذكرون الله فيه ولم يصلوا على رسوله إلا كان عليهم شره) أي: حسرة وندامة، وفي رواية: (إلا قاموا على جيفة حمار).

ثم إن المصيبة تكمن إذا كان المجلس فيه غيبة، واستهزاء، وسخرية، ونميمة... وغير ذلك من الأمور التي يبغضها الله ويأباها سبحانه وبحمده.

عباد الله! ألا نتذكر قول الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]؟ أما نذكر قول الله تعالى: كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار:11-12]؟ أما نذكر قول الله تعالى: وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً [النساء:142].

اللهم لا تجعلنا منهم يا رب، اللهم لا تجعلنا من المنافقين يا أرحم الراحمين.

التنبيه على ذكر الله في المجالس

إخواني في الله! الله الله، يُنبه بعضنا بعضاً إذا جلسنا في المجلس بذكر الله؛ فإن الله -جل وعلا- يقول في الحديث القدسي الذي يرويه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأ خير منه}.

فيا عبد الله! الله الله بذكر الله عز وجل، واعلم علم اليقين أنها -والله- ما ارتاحت النفوس، ولا اطمأنت القلوب، ولا استنارت المجالس إلا بذكر الله عز وجل؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].

إخواني! قبل سنين قليلة كان الآباء إذا جلسوا في المجلس يقولون: يا فلان! أسمعنا شيئاً من كتاب الله؟ أو اقرأ علينا فصلاً من كتاب كذا وكذا من كتاب العلماء، أو من رياض الصالحين... أو غيرها؟ ما الذي يحصل في ذلك المجلس، يقول صلى الله عليه وسلم: {ما جلس قومٌ مجلساً يذكرون الله فيه إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده} عملٌ يسير يحصل فيه من الفضل العظيم، نسأل الله -جل وعلا- أن يردنا إليه رداً جميلاً.

أضرار الإعراض عن ذكر الله

وانظر إلى أحوال بعض الناس إذا جلس في المجلس، يأخذ جريدة، يرفعها نصف ساعة، ثم ينزلها، ثم يرفعها ثانية ثم ينزلها، ثم يرفعها ثالثة، لا يترك الجريدة إلا يوم حين يتناول الغداء أو العشاء مساءً، كأنه ينزل فيها وحي، ينزلها ويرفعها، ينزلها ويرفعها، كأنه يُوحى له فيها، وتجدد عليه المعلومات، وإنما هذا شغلٌ من الشيطان، نسأل الله العافية: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً [الزخرف:36] نسأل الله العافية.

والله عز وجل يقول: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124] صدق الله وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً [النساء:122] زورا المستشفيات التي تُسمى النفسية، من يزور هذه المستشفيات النفسية لا يجد إلا ومن أعرض عن ذكر الله وغفل عن طاعة الله عز وجل؛ لأن الله -جل وعلا- لا يخلف الميعاد سبحانه وبحمده، كما سمعتم في الآيات السالفة الذكر: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ [الرعد:28] لكن الذي يغفل ويعرض عن ذكر الله، ما هي العاقبة؟ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طـه:124] يا رب! نسألك العافية، بل يؤول بهم الأمر إلى أن يذهبوا إلى الكهان والسحرة والمنجمين وغيرهم، نسأل الله العفو والعافية، تجدهم يعكفون عند أبوابهم.

أناسٌ جهال سحرة منجمين يأتي ويشتكي إليه، وبدل أن يشتكي الحال إليه، ويلجأ إلى الله عز وجل ويشتغل بطاعة الله وبذكره سبحانه -نسأل الله العافية- ويقوم له فيقول الساحر له: أعطني طاقيتك، أو فنيلتك، ما اسم أمك؟ وما اسم أبيك؟ وما اسم جدك؟ وارجع إليَّ بعد بكرة، لماذا؟! هل ينزل عليك وحي؟ يا خداع! يا مكار! يا دجال! ثم يأتي وقد أرسل القرين، من الشياطين إلى قرين ذلك المريض فيعقدون اجتماع، ثم يأتي إلى هذا الدجال، ويلقي إليه المعلومات، فإذا جاءه المريض قال: أنت فيك كذا وكذا وكذا، يظن أنه يعلم الغيب ثم يُصدقه، فيقع في المحذور الذي حذَّر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من أتى كاهناً فسأله عن شيء لا تقبل له صلاة أربعين يوماً} وفي رواية: {من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم} انظروا يا إخواني إلى الدجاجلة كيف يستمرون بالإنسان حتى يوقعوه في حبائل الشيطان والعياذ بالله؟ والمصيبة العظمى يقول: هل تريد الشفاء.. تريد العلاج؟! عليك أن تأتي بشاةٍ سوداء، أو عنز سوداء، وتذبحها ولا تذكر اسم الله عز وجل عليها -أسال الله العافية- أول قطرة من دمها تحل عليه اللعنة، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: {لعن الله من ذبح لغير الله} وإن مات على تلك الحال فهو مخلدٌ في النار؛ لأنه صرف نوعاً من العبادة لغير الله جل وعلا.

التوكل على الله

إن الواجب علنيا أن نلتجئ إلى الله ونتوكل عليه؛ فهو حسبنا ولنا في إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام قدوة في التوكل على الله.

هذا إمام المرسلين (إبراهيم عليه السلام) الذي أراد قومه أن يُلقوه في النار؛ لأنه كسَّر الأصنام، وغيّر المنكر، فأراد قومه أن يقذفوه في النار، وما أدراكم ما تلك النار؟! نارٌ جمع لها الحطب شهراً كاملاً، وما استطاعوا أن يقذفوه في تلك النار التي أججوها، فأشار عليهم رجلٌ اسمه: هيزل بصنع لهم المنجنيق، فوضعوا فيه إبراهيم عليه السلام، وكتفوه بالحبال، ووضعوه في كفة المنجنيق، ورموه إلى تلك النار التي أججوها، فيعرض عليه جبريل عليه السلام في الهواء -كما في رواية الإمام أحمد رحمه الله- فيقول: يا إبراهيم! ألك حاجة؟ -الله أكبر! ماذا قال إبراهيم عليه السلام وجبريل عليه السلام له ستمائة جناح؟ قال: حسبي الله ونعم الوكيل! وإذا بالأمر الإلهي يصدر: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69] فتصبح تلك النار روضة خضراء، بأمر من الله القادر المقتدر، ولذلك كان إبراهيم -عليه السلام- إمام الحنفاء يقول: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:77-80] لا إله إلا الله! الله -جل جلاله- هو القادر المقتدر، فلماذا لا نلتجئ إليه وحده ونتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى؟ وفي الحديث الصحيح تجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُرشد الإنسان إذا أحس بشيء أن يقول: (باسم الله! ثلاث مرات، ويضع يده على الألم، ويقول: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات، ويبرأ بإذن الله تعالى) لكن هذا -يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم- يحتاج إلى إيمان.

والصحابي الذي رقى الملدوغ لم يزد على الفاتحة، وقام كأنما نشط من عقال، الله أكبر! أسأل الله أن يُقوي الإيمان في قلوبنا.

علاقة زيادة الإيمان بالصلاة

بماذا يزيد الإيمان يا إخواني؟ يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، وأول طاعة يتقرب بها العبد إلى الله بعد التوحيد ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الصلاة، فالصلاة.. الصلاة يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

واسمعوا إلى هدي الرسول صلى الله عليه وسلم! ماذا كان يقول لـبلال يقول: (يا بلال! أرحنا بالصلاة) بعكس حال بعض الناس؛ كأنهم يقولون: أريحونا من الصلاة؛ بل -والله- إننا نرى أحياناً بعض الناس في صلاة العشاء إذا طال الحديث تجده يتسلل ويخرج من المسجد لماذا؟

ليس عنده استطاعة أن يجلس في المسجد، ولذلك مثل المؤمن في المسجد كالسمكة في الماء، ومثل المنافق في المسجد كالطير في القفص، نسأل الله العفو والعافية، ماذا كان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الصلاة؟ يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) كان النبي صلى الله عليه وسلم يشتاق إلى الصلاة، وتتوق نفسه إليها، والمحافظ على الصلاة يحشر يوم القيامة مع السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، واسمعوا إلى تمام الحديث الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) هؤلاء السبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم: رجل قلبه معلق في المساجد.

إخواني في الله! والله إننا كنا نرى قبل سنين قبل وقت الأذان تجد في الصف من يذكر الله، ومن يقرأ قرآن، ومن يقرأ الأذكار في الصباح أو في المساء، والآن مع الأسف الشديد! بعض المساجد يُؤذن المؤذن ويجلس عشر دقائق أو ربع ساعة ولا ترى في المسجد إلا المؤذن، لماذا زهد الناس في هذا الفضل يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟! لو يعلمون ما في التبكير لاستهموا عليه (لو يعلمون ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) لو يعلمون ما فيه من الأجر العظيم لضربوا عليه القرعة ولتزاحموا على هذا الفضل العظيم، ولكن هذا أمر غيبه الله جل وعلا، متى يعلمون ذلك؟ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].

وقفات مع تارك الصلاة

فيا إخواني في الله! نقف وقفات يسيرة مع تارك الصلاة، وما أكثرهم! اسمع إلى هذه الموعظة!

قال قائل:

يا تارك الصلاة! كيف حالك إذا نزل بك هادم اللذات؟

بل كيف حالك إذا حلَّت بك السكرات؟

ثم كيف حالك إذا فارقت المساكن والدور، وسكنت في لحدٍ ضيق يضيق لضيقه صابر الحيوان؟

ثم كيف حالك إذا جاورت الديدان؟

ثم كيف حالك عند سؤال الملكان وقد أضعت الصلاة؟

كيف حالك إذا واجهت الحساب وقد قمت من قبرك حافي القدمين.. حاسر الرأس.. عاري الجسم؟

كيف حالك إذا قمت وقد نُودي باسمك على رءوس الأشهاد: أين فلان بن فلان في يوم تشيب فيه الولدان؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر: (أول ما يحاسب به العبد من عمله الصلاة) لا إله إلا الله!

أين فلان بن فلان! في يوم تشيب فيه الولدان، وتتشقق السماء بالغمام، في يومٍ طال فيه القيام، واشتبكت الأقدام، وتغيرت الأحوال.

كيف حالك يا تارك الصلاة! في ذلك الموقف العظيم.. لا نوم، ولا راحة، ولا أكل، ولا شرب، وقد أُدنيت الشمس من رءوس الناس مقدار ميل، واشتد حرها، وذهب العرق في الأرض سبعين ذراعاً من طول القيام.

فيكف حالك يا تارك الصلاة، في ذلك اليوم العظيم، وقد عرضت على جبار الأرض والسموات؟

فيا ليت شعري هل تأخذ كتابك باليمين؟ أم تعطاه بالشمال؟

يا تارك الصلاة! كيف حالك إذا سقت إلى سقر؟: وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ [المدثر:27-28].

يا تارك الصلاة! كيف حالك في غي؛ وادٍ في جهنم بعيدٌ قعره، شديدٌ حره، منتن ريحه؟

يا تارك الصلاة! كيف حالك إذا وضعت في ويل؛ (واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدت حره

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً!

إخواني! الأمر جد خطير، ولكن -مع الأسف الشديد- تنظر في وسط المجتمع تجد أولاد المسلمين.. أناس يُجاورون المساجد ولا تراهم في الصلاة، إنا لله وإنا إليه راجعون! نسأل الله -جل وعلا- أن يلطف بنا بلطفه، إنه على كل شيء قدير، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.

رعاية الأسرة في المحافظة على الصلاة

إني أنبه الآباء إلى تلك المسئولية العظيمة، أما سمعت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم؟ (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل راعٍ في بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها.... -إلى أن قال صلى الله عليه وسلم:- ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) أريد منك أن تتذكر متى يكون هذا السؤال؟ ومن الذي سوف يُلقي عليك السؤال؟

عباد الله! يكون السؤال: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم:48].

السؤال يكون: يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2].

السؤال يكون: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:34-37].

السؤال يكون في ذلك الموقف العظيم الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه تُرجمان).

ثم تذكر إذا قامت الزوجة تشكو مظلمتها إلى الله عز وجل: بأن الزوج ظلمها ورآها على المنكر ولم ينهها ولم يأمرها بالمعروف، وأي منكر أكبر من ترك الصلاة يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟!

يقوم الولد ويشتكي مظلمته إلى الله: يا رب! خذ مظلمتي من أبي؟ إي والله! الأب يخرج لصلاة الفجر والابن في سباته نائم، وبعض الناس إذا خرج لصلاة الفجر يُغطِّي ولده، ويقول: باسم الله عليك، يظن أنه رحمه في هذا الأمر، وهو والله غاش له، وسوف يقف له بين يدي الله، يقول: يا رب! خذ مظلمتي من أبي، رآني على منكر ترك الصلاة، ولم يأمرني ولم ينهني؟

البنت تقوم وتقول: يا رب! خذ مظلمتي من أبي، إي والله.

بعض الناس لا يدري عن بيته هل هم يصلون أم لا؟ مشغول بدنياه -نسأل الله العفو والعافية- ولكن متى يعرف هذا؟

يعرف هذا: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] يعرف هذا إذا حصل الأمر الخطير الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه) وربنا -جل وعلا- حذَّرنا من هذه النار: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] بماذا نقي أنفسنا من هذه النار؟

توسيع (الفلل).. الأكل والشرب.. الملابس في الشتاء، كل هذه من ضروريات الحياة، والحياة الدنيا فانية يا مسكين! لكن قوا أنفسكم وأهليكم من هذه النار، قوا أنفسكم بطاعة الله، اجعلوا بينكم وبين هذه النار وقاية بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، أرشد أولادك ودلهم على الخير، اجلس مع أولادك، إنها مسئولية عظيمة يا عبد الله!

وأنت يا أمة الله.. أيتها المرأة المسلمة! اجلسي مع الأولاد، ذكريهم بالله عز وجل، مريهم بالمعروف وانهيهم عن المنكر، يقول صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر) أين نحن من هذا الأمر النبوي يا عباد الله؟!

أيها الإخوة في الله! الله الله في المحافظة على الصلاة، فقد ورد أن: (من حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة، وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأُبي بن خلف) نسأل الله العفو والعافية، والمعافاة الدائمة.

قال من علق على هذا الحديث: من اشتغل بملكه عن الصلاة حُشر مع فرعون، ومن اشتغل بوزارته عن الصلاة حُشر مع هامان، ومن اشتغل بكنوزه عن الصلاة حشر مع قارون، ومن اشتغل بأمواله وأولاده عن الصلاة حشر مع أبي بن خلف.

أسألكم بالله! أيهم أحسن: هؤلاء أم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟!

الله أكبر! فرق جد عظيم.

الصلاة ما دام في الوقت فسحة

فيا إخواني في الله! نقول للذين حصلت منهم بعض الأخطاء في الصلاة، أو التهاون بها، بادر -يا أخي- ما دمت في زمن الإمكان! واعلم أنه لا بد لك من الارتحال من هذه الدار، وبأي شيء تنتقل من هذه الدار؟

تنتقل بالمليارات، أو بالعقارات، أو بالسيارات، أو غيرها؟

لا والله، والله لا تنتقل إلا بعملك، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: {يتبع الميت ثلاثة: أهله، وماله، وعمله، فيرجع الأهل والمال ويبقى العمل}.

لذلك يقول زين العابدين:

خذ القناعة من دنياك وارض بها>>>>>لو لم يكن لك إلا راحة البدن

وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها>>>>>هل راح منها بغير الحنط والكفن

إخواني في الله! كلنا نرى الملوك والأمراء، والرؤساء والزعماء، والصعاليك، هل يدخل معهم شيء غير الكفن والحنوط؟! والله لا يدخل معهم إلا الحنوط والكفن.

التعلق والاغترار بالدنيا والانشغال بها عن الصلاة

إخواني في الله! لا تشغلنا الدنيا عن طاعة الله، لنقنع من هذه الدنيا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (قد أفلح من رضي ورُزِقَ كفافاً وقنّعه الله بما آتاه) فالرسول صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين، لم يرفع بهذه الدنيا رأساً، ربط على بطنه الحجر من الجوع وهو أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، مات ولم يشبع من دقل التمر -أي: رديء التمر- ولا من خبز الشعير، أثر الحصير في جنبه، ولذلك يقول الصحابة رضي الله عنهم: (يا رسول الله! لو اتخذنا لك وطاءً ليناً، فيقول: مالي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظل تحت شجرة، ثم قام وتركها).

فهذه الدنيا يا إخواني لنعبرها ولا نعمرها إلا بطاعة الله عز وجل.

يا إخواني! إن هذه الدنيا دار ممر، ومعبر إلى الآخرة، ولكن من أعطاه الله هذا المال، فصار هذا المال صالح، فقد مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (نعم المال الصالح للرجل الصالح) لكن إذا كان الإنسان -والعياذ بالله- مشغول بهذه الدنيا... يأكل بالربا.. يتعامل بالربا.. غش.. خداع.. كذب.. رشوة.. خيانة.. بيع للمخدرات والمسكرات والدخان.. بيع للمجلات الخليعة وللدشوش.. بيع لآلات اللهو وغيرها، كيف أحواله إذا انتقل من هذه الدنيا وترك المال لغيره، فكيف يكون حاله؟

نسأل الله -جل وعلا- أن يرزقنا القناعة في هذه الدنيا، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك.

أيها الإخواة! إذا نظرنا إلى أحوال المجتمع -الآن- تجد أنه انطبق في بعضهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري، قال صلى الله عليه وسلم: (يأتي على الناس زمان لا يُبالي المرء ما أخذ، أمن الحلال أم من الحرام؟).

تجد الناس أكلهم مشبوه، وبعض الموظفين لا يُؤدي عمله، ويتأخر عن العمل، يأكل الربا، ويتعامل بالربا، وهذا يخادع، وهذا يخون، وهذا يأخذ الرشوة، فأصبح دخل المجتمع من المصادر المحرمة التي تدخل على كثيرٍ من الناس، فإذا رجعنا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به) ويقسم صلى الله عليه وسلم ويقول: (والذي نفس محمدٍ بيده! إن الرجل ليقذف اللقمة من الحرام في جوفه لا يقبل له عملٌ أربعين يوماً) الله أكبر! لقمة واحدة، كيف باللقيمات؟ بعض الناس يأكل من حرام ولا يُبالي، نسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه.

فأقول لكم يا إخواني! أنتم الآن في زمن الإمكان.. في دار المزرعة.. في دار الدنيا.. في دار العبادة، الله الله بتنقية المأكل والمشرب والملبس، حتى إذا دعوت الله استجاب الله لك، إذا عملت أعمالاً صالحة أو تصدقت تقبلها الله منك، إذا دعوت أجاب الله.

نعم يا أخي! أما إذا كان المأكل والمشرب والملبس حرام، فلا يلوم المرء إلا نفسه، نسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً.

اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك.

اللهم إنا نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اشف قلوبنا من المرض، اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة.

اللهم املأ قلوبنا من محبتك، وخشيتك، ومعرفتك، ومن الأنس بقربك، واملأها حكمة وعلماً.

اللهم فقهنا في الدين، وأصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم أقر أعيننا وأصلح قلوبنا بصلاح أئمتنا وولاة أمورنا، وقاداتنا وأولادنا، ونسائنا، واجعلنا جميعاً هداةً مهتدين،

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولوالد والدينا ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلَّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأسئلة

قيام الليل والمحافظة على صلاة الفجر

السؤال: ما هي الأمور التي تساعد على قيام الليل والمحافظة على صلاة الفجر؟

الجواب: الحمد لله، اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا إلى الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، اللهم أيقظنا من رقداتنا، اللهم وفقنا لاغتنام أوقات المهلة قبل النقلة من هذه الدار، يا رب العالمين.

أيها الإخوة! إذا أراد الإنسان أن يقوم فعليه عدة أمور:

أولاً: أن يصدق النية مع الله عز وجل.

ثانياً: أن يهتدي بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن ينام مبكراً يترك السهر.

ثالثاً: عدم الإكثار من الطعام عند النوم.

رابعاً: أن يضع عنده منبه، أو يقول لأحد جيرانه: أخي في الله! احتسب الأجر واطرق عليَّ الباب، أو حرِّك علي الهاتف.

هذه الأمور كلها بسيطة -ولله الحمد- لكن أقول لكم: إن الأمر الأساسي هو أن نُخلص النية لله عز وجل ونطبق هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو الحل لما حل بالأمة من هذه الأمراض الخطيرة، وإنك لا تجد قرية ولا هجرة ولا مدينة إلا وهذا الأمر قد أدخن فيهم، نسأل الله العافية، وهو السهر؛ هذا السهر حرمنا أشياء كثيرة:

أولاً: حرمنا الاهتداء بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: إذا ذهب وقتٌ من الليل، وقت قيام السلف الصالح، قمنا نملئ البطون وننام، والله عز وجل يقول: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7] الله هو الذي يرزقنا شكر النعمة، لكن هل من شكر النعمة أننا نملأ البطون وننام عن صلاة الفجر؟!

صلينا الفجر في مسجد في مرة من المرات وما وراء الإمام إلا اثنين، واحد إمام ومؤذن في نفس الوقت، يقول: أُأذن ثم أنتظر وأنتظر فلا يجئ أحد، وأغلق المسجد، وأذهب إلى مسجد آخر أصلي، هل هذه الأحوال تسر يا إخواني؟!

هل هذه من شكر نعم الله علينا؟! لا والله ليست هذه من علامات الشكر، ولكننا نرى أمناً واستقراراً وصحةً ورغد عيش، ونحن ما زلنا في تقصير، فلنرجع إلى ما ورد في الأثر: [[إذا رأيت العبد يُصر على المعصية والنعم تدر عليه، فاعلم أنما ذلك استدراج]] نسأل الله العافية، استدراج يأخذهم الله على غرة، فنسأل الله -جل وعلا- أن يهدينا ويوفقنا للاهتداء بهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

المهم الذي أكرره وأقول: احذروا السهر! احذروا السهر! احذروا السهر! يا أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الصلاة.. الصلاة للشيخ : عبد الله حماد الرسي

https://audio.islamweb.net