إسلام ويب

المسلم لا يكون شحيحاً ولا بخيلاً، بل خلقه الكرم والسخاء والجود، عطاء في غير منّ ولا أذى، وإنفاقاً في غير إسراف ولا تقتير، بل يعطي المكثر من كثيره، والمقل من قليله، وقد مثل السلف الصالح مواقف جليلة في السخاء والكرم والجود.

خلق السخاء والكرم

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ..

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن مع [ الفصل العاشر: في خلق السخاء والكرم] من باب الأخلاق.

السخاء خلق المسلم

[السخاء خلق المسلم] متخلق به، لا يعرف الشح ولا البخل أبداً [والكرم شيمته] ليس كالكفار من اليهود والنصارى والمشركين [والمسلم لا يكون شحيحاً ولا بخيلاً] فالمسلم الحق الذي عرفناه وكنا معه -إن شاء الله- هو من أسلم قلبه ووجهه لله تعالى، فقلبه لا يتقلب إلا في رضا الله، ووجهه لا يُقبل به على المخلوقات وإنما على الله، فهذا المسلم لا يكون شحيحاً ولا بخيلاً [إذ الشح والبخل خلقان ذميمان منشؤهما خبث النفس وظلمة القلب] فالمسلم لا يكون شحيحاً ولا بخيلاً؛ لأن الشح والبخل خلقان ذميمان ذمهما الله ورسوله والمؤمنون، ولا ينشأ هذا الخلق إلا من خبث النفس وظلمة القلب، فإذا خبثت النفس وأظلم القلب وانطفأ نور الله فيه نشأ هذا الخلق [والمسلم بإيمانه وعمله الصالح نفسه طاهرة] قطعاً؛ إذ الإيمان والعمل الصالح يزكيان النفس البشرية ويطيبانها ويطهرانها، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9] والزكاة لا تكون بالماء والصابون وإنما بالإيمان والعمل الصالح [وقلبه مشرق] مستنير [فيتنافى مع طهارة نفسه، وإشراق قلبه وصف الشح والبخل، فلا يكون المسلم شحيحاً ولا بخيلاً] وهذا هو المسلم الحق.

[والشح وإن كان مرضاً قلبياً عاماً لا يسلم منه البشر؛ إلا أن المسلم بإيمانه وعمله الصالح] فالشح مرض قلبي عام لا يسلم منه البشر إلا المسلم، وسبب نجاته وسلامته منه هو إيمانه وعمله الصالح [كالزكاة والصلاة يقيه الله تعالى شر هذا الداء الوبيل] وهذا من أجل [ليعده للفلاح، ويهيئه للفوز الأخروي، قال الله تعالى: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج:19-21] اللهم إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:22-23]] هناك ثمانية أرقام وصفها الطب الإلهي، من طبقها نجا وفاز وأفلح، والشاهد: إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج:20-21] إلا إذا عالج نفسه بالإيمان وصالح الأعمال طهر وطاب. إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:22-23] أي: الذين لا يتركون الصلاة [ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24-25]] فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تطهر النفس وتزكيها [وقال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]] فالزكاة مطهرة للقلب والنفس، صاحبها لا يكون شحيحاً ولا بخيلاً، فهو يبذل ماله لله [وقال سبحانه: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]] أي: من يقيه الله شح نفسه بأن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصحح إيمانه ويعمل الصالحات فهذا هو المفلح [ولما كانت الأخلاق الفاضلة مكتسبة] يطلبها العبد حتى يكتسبها [بنوع من الرياضة والتربية فإن المسلم يعمل على تنمية الخلق الفاضل الذي يريد أن يتخلق به وذلك بإيراد خاطره على ما ورد في الشرع الحكيم من ترغيب في ذلك الخلق وترهيب من ضده] وضده هو البخل والشح [فلتنمية خلق السخاء في نفسه] حتى ينمو في نفس العبد [يعكف قلبه متأملاً متدبراً على مثل قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ [المنافقون:10]] فالمؤمن الذي يريد أن يعالج نفسه ليشفى من هذا المرض عليه أن يتدبر هذه الآيات ويقف عندها ويتأملها [وقوله سبحانه: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل:5-7]] من أعطى المال لله، وأنفق في سبيل الله، واتقى ربه فلم يعصه بمنع زكاته، وصدق بالجنة وما فيها من نعيم مقيم، فهذا قال الله تعالى فيه: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل:7] وذلك في الحياة، بأن ينجو من الشح والبخل والعياذ بالله [ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ [الليل:8]] فما أنفق [ وَاسْتَغْنَى [الليل:8]] بماله ولم ينفق ولم يعط ولم يتدبر [ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى [الليل:9-11]، وقوله تعالى: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الحديد:10]، وقوله سبحانه: وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ [البقرة:272]] فهذه الآيات كلها يوردها المؤمن على قلبه ليتدبرها ويتأملها، فيكتسب خلق السخاء والكرم وينجو من الشح والبخل والعياذ بالله تعالى. وهذه أقوال الله تعالى [وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله جواد يحب الجود)] ومعناه يرغبنا فيه، فما دام مولانا جواد فلنكن نحن كذلك أيضاً، فهو يحب الجود، ومن أراد أن يحبه الله فليجد بما أعطاه الله ولا يبخل ولا يشح [(ويحب مكارم الأخلاق ويكره سفسافها)] ومن مكارم الأخلاق الكرم والإنفاق، ومن سفسافها الشح والبخل والعياذ بالله [وقوله عليه الصلاة والسلام: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق)] فتمني العبد ذلك وهو ليس بحسد وإنما: لو كان لي مثلما لهذا لأنفقت مثلما ينفق، و(سلطه)؛ لأنه لجأ إلى الله وخافه راغباً فيما عنده، فآمن واتقى فأعطاه الله هذا الخلق الكريم، فأصبح ينفق هذا المال في سبيل الله [(ورجل آتاه الله الحكمة -أي: العلم- فهو يقضي بها ويعلمها)] فتمنيك بأن تكون مثله ظاهره الحسد وهو ليس بحسد، وإنما حسد في اللفظ فقط، والشاهد أنك تود أن تنفق كما ينفق هو [وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟)] يقوله لأصحابه وللمؤمنين إلى يوم الدين [(قالوا: يا رسول الله! ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر)] مالك ما قدمته أمامك ومال وارثك ما أخرته، إذاً: أصبح مال وارثنا أحب إلينا إلا إذا غيرنا هذا الطبع أصبح مال وارثنا دون مالنا، ومعنى هذا: أننا إذا أنفقنا أموالنا في سبيل الله حرمنا الورثة، فمالنا أحب إلينا من مال الورثة، وإذا ما أنفقنا وشححنا وقلنا نبقي للورثة صار مال الورثة أحب إلينا من مالنا، فأصبح الذين لا ينفقون في سبيل الله أموال ورثتهم أفضل وأطيب عندهم وأعز من أموالهم [وقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة)] أي: اجعلوا بينكم وبينها وقاية، ولو بشق تمرة، فإذا كنت تأكل تمرة، وجاءك مسكين وقال لك: أعطني نصفها فأعطيته؛ تكون قد اتقيت جهنم بهذا النصف، ومعنى هذا جملة: اتقوا النار بما تستطيعونه من الصدقات والإنفاق في سبيل الله مهما قل، ليس بمليون ولا بعشرة.

هذه التعاليم التي أوجدت مجتمعاً والله ما عرفت الدنيا له مثيل إلى اليوم، مجتمع القرون الثلاثة الذهبية: قرن رسول الله وأصحابه وأحفادهم والتابعين.

[وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان )] ما من يوم يصبح العباد فيه أحياء إلا وينزل ملكان من السماء [( فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً )] ودعوة الملائكة لا ترد، فهم أطهار أصفياء أولياء الله لا ترد دعوتهم، ومعناه: اللهم أعط منفقاً في سبيلك خلفاً، وأعط ممسكاً لماله تلفاً [وقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الشح)] أي: احذرو الشح، واجعلوا بينكم وبينه وقاية بالسخاء والكرم ( فإن الشح أهلك من كان قبلكم )] وكان ذلك بأن [( حملهم على أن سفكوا دماءهم )] أي: تقاتلون من أجل المال [( واستحلوا محارمهم )] سواء كان مالاً أو أعراضاً أو دماء، فالشح حامل على هذا، والاستحلال يكون بالسرقة والغش والزنا والكذب [وقوله صلى الله عليه وسلم: ( بقي كلها إلا كتفها )] أي: بقي الشاة كلها إلا كتفها فقط [قاله لـعائشة رضي الله عنها لما سألها عما بقي من الشاة التي ذبحوها، فقالت: ما بقي منها إلا كتفها، تعني: أنها أنفقت كلها ولم يبق من لحمها إلا الكتف] فـعائشة رضي الله عنها قالت: أنفقنا الشاة كلها ولم يبق إلا كتفها، فقال صلى الله عليه وسلم العكس هو الصحيح: فما أنفقناه هو الذي بقي، والذي لم ننفقه هو الذي ذهب، فما ذهب هو الفاني.

[وقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: ( من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا طيباً- فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل )] فمن تصدق مؤمناً كان أو مؤمنة بما يزن تمرة أو ما يعادلها من كسب حلال طيب، والله لا يقبل إلا الطيب -فلو تصدقت بمليون من حرام ما تُقبل منك- فإن الله يأخذ هذه الصدقة بيمينه، ثم يربيها لك كما تربي أنت مهرك أو فرسك حتى تكون مثل الجبل.

فشرط الإنفاق أن يكون من كسب طيب؛ إذ لا يقبل الله تعالى إلا الطيب.

مظاهر السخاء

[ومن مظاهر السخاء ما يلي:]

أولاً: أن يعطي الرجل العطاء في غير مَنٍّ ولا أذى

[ أولاً: أن يعطي الرجل العطاء في غير مَنٍّ ولا أذى] أي: يعطي العطية فلا يمنها على الذي أعطاه إياها، ولا يؤذيه بكلمة ولا بنظرة. فهذا مظهر من مظاهر السخاء أن يعطي من ماله وطعامه وشرابه ولا يمنه على من أعطاه ولا يؤذيه أبداً.

ثانياً: أن يفرح المعطي بالسائل الذي سأله ويسر لعطائه

[ثانياً: أن يفرح المعطي بالسائل الذي سأله، ويسر لعطائه] ويتحصل هذا بالتربية، أن يفرح المعطي بإعطاء السائل، وهذا صحيح فلو وجد الإنسان متسولاً في الشهر لفرح به لكن لو وجد عشرين أو خمسة وعشرين متسول أو كانوا يأتونه يومياً فكيف يفرح بهم؟ هذا يتحصل بالتربية، وليس فقط أنه يفرح بل يسر لما يعطي ولا يتألم.

ثالثاً: أن ينفق المنفق في غير إسراف ولا تقتير

[ثالثاً: أن ينفق المنفق في غير إسراف ولا تقتير] أن ينفق المنفق بدون إسراف ولا شح وبخل، وإنما الوسط.

رابعاً: أن يعطي المكثر من كثيره والمقل من قليله

[رابعاً: أن يعطي المكثر من كثيره، والمقل من قليله برضا نفس وانبساط وجهٍ وطيب قولٍ] من مظاهر السخاء: أن يعطي صاحب المال الكثير من كثيره، ويعطي صاحب المال القليل أو المقل من قليله، فلا يخرج كل ما عنده، ويكون هذا كله في رضا نفس وانبساط وجه وطيب قول، فالوجه منبسط، والكلام طيب، فلا سب ولا شتم ولا غير ذلك.

أمثلة عالية للسخاء

[ومن أمثلة السخاء العالية ما يلي:

أولاً: روي أن عائشة رضي الله عنها بعث إليها معاوية رضي الله عنه] وكان خليفة المسلمين وإمامهم [بمال قدره مائة وثمانون ألف درهم [فدعت] أي: طلبت [بطبق فجعلت تقسمه بين الناس] وكان هذا في المدينة [فلما أمست قالت لجاريتها: هلمي فطوري] أي: هاتي فطوري [فجاءتها بخبز وزيت] كانت صائمة رضي الله عنها [وقالت لها: ما استطعتِ فيما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحماً نفطر عليه؟ فقالت لها: لو كنت ذكرتيني لفعلت] قسمت مائة وثمانين ألف درهم في يوم واحد، ولما جاء وقت الإفطار جاءتها الجارية بخبز وزيت، لأنها لم تتذكر أن تبقي لها درهماً تشتري به لحماً تفطر عليه.

[ثانياً: روي أن عبد الله بن عامر اشترى من خالد بن عقبة بن أبي معيط داره التي في سوق مكة] هذا ابن عقبة بن أبي معيط الذي مات ببدر، أسلم ولده وكان له دار في مكة [بسبعين ألف درهم، فلما كان الليل] أي: جاء الظلام والليل [سمع عبد الله بكاء أهل خالد ] أي: زوجته وأولاده [فسأل عن ذلك] أي عن سبب هذا البكاء [فقيل له: يبكون لدارهم] من أجل أنهم خرجوا من دارهم [فقال لغلامه: ائتهم وأعلمهم أن الدار والدراهم جميعاً لهم] من يفعل هذا الآن، ولو حتى بسيارة؟ والله لهذا هو الإيمان بالدار الآخرة، هذا هو الإيمان بالبعث والجزاء ويوم القيامة، هؤلاء تلامذة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما درسوا الفلسفة، بل درسوا كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

[ثالثاً: روي أن الإمام الشافعي -رحمه الله-] تلميذ مالك [لما مرض مرضه الذي توفي فيه أوصى بأن يغسله فلان] أي: كتب كتابة ووصية فيها: (إذا مت يغسلني فلان)، فالعبد له حق أن يعين من يغسله من الصالحين [فلما توفي دعوا من أوصى بتغسيله] قالوا: تعال يا فلان فـالشافعي أوصى بأن تغسله [فلما حضر قال: أعطوني تذكرته] أي: وصيته التي كتبها [فأعطوه إياها، فإذا فيها: على الشافعي دين قدره سبعون ألف درهم، فكتبها الرجل ليقضيها لأصحابها، وقال: هذا غسلي إياه، وانصرف] أي قال: غسلوا أخاكم، فأنا غسلي له بأن أسدد عنه هذا الدين سبعين ألف درهم. هذا هو الإيمان والعلم.

[رابعاً وأخيراً: روي أنه لما تجهز الرسول صلى الله عليه وسلم لحرب الروم] في الشام [وكان المسلمون في وقتئذٍ في ضيق كبير وعسر شديد، حتى سمي جيش الرسول صلى الله عليه وسلم فيها (جيش العسرة)، خرج عثمان بن عفان رضي الله عنه بصدقة قدرها عشرة آلاف دينار وثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وخمسون فرساً، فجهز بذلك نصف الجيش جميعه] هذا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه.

معاشر الأبناء والإخوة! أحد إخوانكم كان في المجلس دائماً واستشهد في حادث سيارة وجرح أبناؤه وأهله وهم في المستشفى، وقد طلب منا أخوه أن ندعو له بالرحمة، وكذلك بعض المرضى يسألونكم الدعاء ليشفي الله مرضاهم.

اللهم يا حي يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، هذه أكفنا قد رفعناها إليك ضارعين سائلين أن تغفر لهذا الشهيد وتعلي درجته، وأن تشفي مرضى أسرته يا رب العالمين، وأن تشفي كل مريض بيننا وفينا وكل من طلب منا، ندعوك للشفاء فاشفنا يا رب العالمين عاجلاً وآجلاً، ولا تتركنا لأنفسنا يا حي يا قيوم ولا لغيرك.

اللهم اغفر لنا وارحمنا، واعف عنا وعافنا، وارض عنا وأرضنا، واجعلنا من أهل السخاء، اللهم اجعلنا من أهل السخاء، ولا تجعلنا من أهل البخل والشح يا رب العالمين، اللهم طهر قلوبنا، وزك أرواحنا، واجعلنا من صالح عبادك يا رب العالمين، واختم لنا بخاتمة السعادة، وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (67) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net