إسلام ويب

هناك أحكام في باب الزكاة تتعلق بمصارف الزكاة ونقلها من بلد إلى بلد آخر، ودفعها لمن عليه دين للمزكي، ونحو ذلك مما ينبغي معرفته حتى يكون المسلم على بصيرة في هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، ومما ينبغي معرفته أحكام زكاة الفطر، فهي واجبة على الحر والعبد والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، صاعاً من طعام، وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين في يوم العيد.

تنبيهات في مسائل الزكاة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها، عقيدة وعبادات وآداباً وأخلاقاً وأحكاماً، وها نحن مع زكاة الفطر، فهيا بنا نصغي ونستمع ونتعلم ونتفقه، ( ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ). هكذا يقول أبو القاسم صلى الله عليه وسلم.

التنبيه الأول: إجزاء دفع المسلم زكاته لصنف واحد من الأصناف الثمانية

قال المؤلف غفر الله له ولكم، ورحمه وإياكم: [ تنبيهات:

أولاً: لو دفع مسلم زكاة ماله لأي صنف من الأصناف الثمانية أجزأ ذلك ] تقدم لنا أن الذين تصرف عليهم الزكاة ثمانية أصناف، جاء ذلك في قول الله تعالى من سورة التوبة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ [التوبة:60]. ثمانية أصناف، فلو أعطيت الزكاة لصنف واحد فقط يجزئ ذلك [ غير أنه ينبغي أن يقدم الأهم والأكثر حاجة ] فهم ثمانية أصناف، فلو كان في يدك زكاة مالك فابدأ بالأكثر حاجة وفقراً [ وإن كان مال الزكاة كثيراً فوزعه على كل صنف موجود من الثمانية لكان أفضل ] فلك أن تصرف زكاتك على كل هذه الأصناف خمسة خمسة، أو ألف ألف، أو عشرة عشرة، ولا حرج، وهذا أفضل، ويجوز لك أن تعطيها لصنف واحد، ولكن الأفضل أن تطلب من هو أكثر حاجة من هؤلاء فتقدمه، والكل جائز ولا إثم فيه ولا حرج.

التنبيه الثاني: عدم جواز دفع الزكاة إلى من تجب النفقة عليهم

[ ثانياً: لا تدفع الزكاة إلى من تجب على المسلم نفقتهم ] فلا تدفع الزكاة للابن ولا لابن الابن، ولا للأم ولا للأب ولا للجد، فالذين تجب نفقتهم عليك لا تدفع لهم الزكاة [ كالوالدين، والأبناء وإن سفلوا، والزوجة؛ لوجوب نفقتهم عليه عند احتياجهم إلى النفقة ] والزوجة الغنية تعطي الزكاة لزوجها الفقير، ولا بأس بذلك، ولكن الزوج لا يعطي الزكاة لزوجته؛ لأن نفقتها واجبة عليه حتماً.

التنبيه الثالث: منع إعطاء الزكاة لآل النبي صلى الله عليه وسلم

[ ثالثاً: لا تعطى الزكاة لآل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لشرفهم ] وعلو مقامهم، فآل البيت النبوي لا يعطون الزكاة، وإنما يعطون من بيت المال ما يسد حاجتهم، [ و] آل النبي صلى الله عليه وسلم اليوم [ هم: بنو هاشم، وآل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس ] فهؤلاء هم آل البيت، فلنضبطهم ولنعرفهم؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد صلى الله عليه وسلم، إنما هي أوساخ الناس ) ]. فالصدقة كأنما غسلت ثوبك وأعطيت من تصدقت عليه ذلك الماء، أو غسلت يديك وأعطيته؛ لأن الصدقة تزكي النفس وتطهر الروح وتذهب بالآثام. وقال العلماء: إذا ما أصبح لهم في بيت المال نصيب وكانوا محتاجين فيعطون من الزكاة ولا يضيعون، أما إذا كان لهم في بيت المال وهو واجب فلا زكاة لهم، لكن إذا لم يكن هناك بيت مال أو وجد ولم يعطوا منه فيعطون من الزكاة إذا كانوا فقراء محتاجين.

التنبيه الرابع: إجزاء دفع الزكاة للإمام

[ رابعاً: يجزئ المسلم أن يدفع زكاة ماله لإمامه المسلم ] أي: الحاكم العام [ ولو كان جائراً، وتبرأ بذلك ذمته ] فإذا فتحت الحكومة مكتباً وقالت: على أهل الزكاة أن يأتوا بزكاتهم إلى المكتب الفلاني فيجوز بل ينبغي أن ندفع الزكاة للمكتب [ لقوله صلى الله عليه وسلم في الزكاة: ( إذا أديتها إلى رسولي ) ] أي: إذا أعطيتها [ ( إلى رسولي ) ] أي: الذي بعثت به إليك [ ( فقد برئت منها، فلك أجرها، وإثمها على من بدلها ) ].

التنبيه الخامس: منع إعطاء الزكاة لكافر أو فاسق

[ خامساً: لا تعطى الزكاة لكافر ولا لفاسق، كتارك الصلاة، والمستهتر بشرائع الإسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم )، أي: أغنياء المسلمين وفقرائهم، ولا لغني، ولا لقوي مكتسب ]؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب ) ] عنده قدرة على الكسب والعمل [ يعني: يكتسب قدر كفايته ].

وقد سبق أننا بينا في قوله تعالى: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ [التوبة:60] أن الرجل قد يكون غنياً، وعنده أتباع من أهل قريته وبلاده فنستجلبه إلينا بإعطائه من الزكاة؛ ليعود إلى الإسلام، وليستقيم، ولينتفع به إخوانه، وكذلك إذا كان كافراً وتحته أمة أو قبيلة أو عرش أو كذا وكذا ويرغب في الزكاة فنرغبه فيها ونعطيه منها؛ ليدخل في الإسلام وينصر الإسلام، وهو يدخل في قول الله تعالى: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ [التوبة:60]. فنؤلف قلوبهم على حب الإسلام وقبوله، وهذا تقدم.

التنبيه السادس: حكم نقل الزكاة من بلد إلى آخر

[ سادساً: لا يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر يبعد بمسافة قصر الصلاة، فلو كان هناك قرية قريبة بيننا وبينها ثمانية وأربعون كيلو متراً فلا ننقل الزكاة إليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ترد على فقرائهم ) ] فإذا أخذت من أغنياء هذه القرية فترد على فقراء القرية، ولا تنقل إلى فقراء آخرين [ واستثنى أهل العلم ما إذا انعدم الفقراء من بلد ] فإذا لم يكن هناك فقراء فتنقل حينئذٍ ولا حرج إلى بلد آخر [ أو كانت الحاجة فيه أشد ] فإذا كان فقراؤنا أحسن من غيرهم وهناك قرية أخرى فقراؤها أشد فقراً فلا بأس [ فإنه يجوز نقلها إلى بلد آخر فيه فقراء، يفعل ذلك الإمام ] الحاكم [ أو غيره ] فكله واسع.

التنبيه السابع: حكم إعطاء الزكاة لمن لك عليه دين

[ سابعاً: من له دين على فقير فأراد أن يجعله من زكاته جاز ذلك إذا كان بحيث لو طلبه من الفقير لتكلف وسدده له، وأما إذا كان آيساً من سداده ] كأن يكون لا يملك شيئاً [ أو أعطاه ليرده عليه، فلا يجوز ذلك ] ولا نعطيه الزكاة ليردها علينا، فمن له دين على فقير فأراد أن يجعل ذلك الدين من زكاته جاز، بحيث لو طلبه لتكلف الفقير وسدد الدين، ففي هذه الحال يعطى الزكاة، وأما إذا كان يعلم أنه لن يستطيع أن يسدد شيئاً أبداً، ولو أعطاه لرده عليه، فلا يجوز ذلك؛ لأنه ما زكى، وأما إذا كان الفقير يستطيع أن يرد هذا ويتكلف ويتألم فلا بأس، حتى ترفع عنه ذلك الألم والتكلف.

التنبيه الثامن: الزكاة لا تجزئ إلا بنيتها

[ ثامناً: لا تجزئ الزكاة إلا بنيتها، فلو دفعها بغير نية الزكاة المفروضة لما أجزأته ] بل لا بد من النية، فإذا دفع الريال أو العشرة فيدفعها بنية الزكاة؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى ). فعلى دافعها أن ينوي بها الزكاة المفروضة عليه في ماله، وأن يقصد بها وجه الله تعالى؛ إذ الإخلاص شرط في قبول كل عبادة؛ لقوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5] ].

زكاة الفطر

[ المادة الخامسة: في زكاة الفطر ] فرغنا من زكاة الأموال، والآن مع زكاة الفطر.

حكم زكاة الفطر

[ أولاً: حكمها: زكاة الفطر سنة واجبة على أعيان المسلمين؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير ) ] حتى الذي يرضع، أو ولد البارحة [ ( والكبير من المسلمين ) ] فمن له أولاد فيجب أن يدفع زكاة الفطر عليهم، وإذا كان له خدم أو عبيد أو إماء حررهم فلابد وأن يدفع عليهم زكاة الفطر، بل إن كان عنده ضيف في شهر رمضان يأكل عنده ويتسحر فعليه أن يخرج الزكاة عليه.

الحكمة من مشروعية زكاة الفطر

[ ثانياً: حكمتها: من حكمة زكاة الفطر: أنها تطهر نفس الصائم مما يكون قد علق بها من آثار اللغو والرفث، كما أنها تغني الفقراء والمساكين عن السؤال يوم العيد ] أي: حتى لا يسألون [فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين). وقال صلى الله عليه وسلم: (أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم)] أي: يوم العيد، فهي سنة مؤكدة أو قل: واجبة، لا فرق بين هذا وذاك.

مقدار زكاة الفطر وأنواع الطعام الذي تخرج منه

[ ثالثاً: مقدارها، وأنواع الطعام التي تخرج منها: مقدار زكاة الفطر صاع، والصاع أربعة أمداد - حفنات- ] والمد حفنة بحفنة الرجل المتوسط، الذي ليس طويلاً ولا قصيراً، ولا صغيراً ولا كبيراً [ وتخرج من غالب قوت أهل البلد، سواء كانت قمحاً أو شعيراً أو تمراً أو أرزاً أو زبيباً أو أقطاً ] وهو اللبن اليابس؛ وذلك [ لقول أبي سعيد رضي الله عنه: ( كنا إذا كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نخرج زكاة الفطر عن كل صغير وكبير، حر أو مملوك، صاعاً من طعام، أو صاعاً من أقط - اللبن المجفف-، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاع من زبيب ) ] وهو العنب اليابس.

حكم إخراج زكاة الفطر من غير الطعام

[ رابعاً: لا تخرج من غير الطعام: الواجب أن تخرج زكاة الفطر من أنواع الطعام، ولا يعدل عنه إلى النقود إلا لضرورة ] ومن الضرورة إذا كنت في لندن أو باريس فإنك لا تجد من يأخذ عنك التمر أو الشعير أو القمح، بل تحتاج إلى أن تنفقها مالاً، فتقدرها بكم ريال أو درهم وتخرجها [ إذ لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج بدلها نقوداً، بل لم ينقل حتى عن الصحابة إخراجها نقوداً ] فطوال حياة الرسول في المدينة ما أذن للناس أن يخرجوها نقوداً، ولا طلب منهم ذلك، ولم يفعله الأئمة الراشدون الأربعة، ولا الصحابة كذلك، ولكن إذا كان هناك ضرورة كما قلنا فيجوز أن يقدمها نقوداً، فإذا كان في بلد ليس فيه طعام ولا تمر، أو لا يجد من يقبل هذا البر أو الشعير فيعطيها نقوداً.

وقت وجوب زكاة الفطر ووقت إخراجها

[ خامساً: وقت وجوبها ووقت إخراجها: تجب زكاة الفطر بحلول ليلة العيد ] أي: ليلة الثلاثين أو التاسع والعشرين من رمضان [ وأوقات إخراجها: وقت جواز: وهو إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين ] فيجوز أن تخرج قبل العيد بيوم أو يومين [ لفعل ابن عمر ذلك، ووقت أداء فاضل ] لا أفضل منه [ وهو من طلوع فجر يوم العيد إلى قبيل الصلاة ] فهذا أفضل الأوقات، فأوقاتها ثلاثة: قبل صلاة العيد بيوم أو يومين ولا حرج، والوقت الفاضل: فجر يوم العيد قبل الصلاة، وبعد الصلاة يجوز، ولكن ما هو بأفضل [ لأمره صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ] أي: صلاة العيد [ ولقول ابن عباس رضي الله عنهما: ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفت، وطعمة للمساكين ) ] يأكلونها [ ( من أداها قبل الصلاة فهي زكاة متقبلة، ومن أداها بعد صلاة العيد فهي صدقة من الصدقات ) ] تقبل منه ويثاب عليها.

[ ووقت قضاء ] أيضاً [ وهو: من بعد صلاة العيد فصاعداً ] إلى العصر أو إلى الليل أو إلى غد، هذا وقت قضاء [ فإنها تؤدى فيه وتجزئ، ولكن مع الكراهة ] فيجوز أن تخرج زكاة الفطر قبل صلاة العيد بيوم أو يومين، والوقت الفاضل من فجر يوم العيد إلى قبل صلاة العيد، ومن بعد صلاة العيد جائزة طول النهار إلى اليوم الثاني، ولكن الأجر يكون أقل، ويكره ذلك أيضاً، فالقادر عليها لا يؤخرها أبداً، إلا لضرورة فلا حرج.

مصرف زكاة الفطر

[ سادساً: مصرفها: مصرف زكاة الفطر كمصرف الزكوات العامة، غير أن الفقراء والمساكين أولى بها ] وأحق [ من باقي السهام ] الثمانية، فمصارف الزكاة ثمانية، وصدقة الفطر أولى بها الفقراء والمساكين؛ [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم ). فلا تدفع لغير الفقراء إلا عند انعدامهم ] كأن لا يكونوا موجودين [ أو خفة فقرهم ] أيضاً، كأن يكون فقرهم ليس شديداً [ أو اشتداد حاجة غيرهم من ذوي السهام ] الستة الباقين.

تنبيهات تتعلق بزكاة الفطر

[ تنبيهات ] أخيرة في هذا الباب.

أولاً: جواز دفع الزوجة زكاة فطرها لزوجها

[ أولاً: يجوز أن تدفع المرأة الغنية زكاتها لزوجها الفقير ] سواء زكاة الفطر أو زكاة المال مطلقاً [ والعكس لا يجوز ] فلا يعطي الرجل زكاته لامرأته أبداً، لا زكاة فطر ولا زكاة مال؛ [ لأن نفقة المرأة واجبة على الرجل، وليست نفقة الرجل واجبة على المرأة ].

ثانياً: سقوط زكاة الفطر عمن لا يملك قوت يومه

[ ثانياً: تسقط زكاة الفطر عمن لا يملك قوت يومه ] فالذي ليس عنده قوت يوم العيد تسقط عليه ولا يطالب بها [ إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ] أي: طاقتها وقدرتها.

ثالثاً: حكم من لا يملك إلا أقل من المقدار المحدد لزكاة الفطر

[ ثالثاً: من فضل له عن قوت يومه شيء فأخرجه أجزأه؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ] ولا تجب عليه الزكاة يوم العيد لفقره، لكن إذا كان عنده شيء فاضل عن قوته في ذلك اليوم يخرجه ولو كان أقل من المقدار المحدد، ويقبل منه وأجره عظيم.

رابعاً: جواز صرف صدقة الفرد لعدة أشخاص وصرف صدقة عدة أشخاص لفرد واحد

[ رابعاً: يجوز صرف صدقة فرد إلى متعددين موزعة عليهم ] فصدقة الفرد عبارة عن أربع حفنات، وتستطيع أن توزعها بين ثلاثة أو أربعة ولا حرج [ ويجوز صرف صدقة عدة أفراد إلى فرد واحد ] فإذا كان عندي زكاة خمسة أفراد في البيت فيجوز أن أعطيه لعائلة واحدة أو لفقير أو لفقيرة؛ [ إذ جاءت من الشارع مطلقة غير مقيدة ] فالرسول ما قيدها بأن تكون كذا وكذا.

خامساً: المكان الذي تخرج فيه زكاة الفطر

[ خامساً: تجب زكاة الفطر على المسلم في البلد الذي هو مقيم به ] فإذا كنت مصرياً مقيماً بالمدينة فلا تدفع الزكاة في مصر، وإنما في المدينة، فأنت من المدينة، ولو كنت في الشام، فلا تخرجها في المدينة، بل في البلد الذي أنت فيه.

سادساً: حكم نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد آخر

[ سادساً: لا يجوز نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد آخر إلا لضرورة، شأنها شأن الزكاة ] لكن لو اضطر ولم يستطع وأمر إخوانه أن يخرجوا الزكاة لعدم وجوده ففي هذه الحالة لا بأس، ولكن ما دام قادراً عليها فيخرجها في البلد الذي هو مقيم به، سواء بلد السفر أو الإقامة، وأما زكاة الفطر على الجنين في بطن أمه فيجوز، إن فعلتها تؤجر عليها، وليس بواجبة.

الأسئلة

المسافة التي تقصر فيها الصلاة

السؤال: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، يقول السائل: ما هي مسافة القصر للمسافر، فقد ذكرتم أن مسافة القصر ثمانية وأربعين كيلو متر، فهل هناك حديث يدل على هذا؟

الجواب: دليلي كما علمتم أننا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا المسجد من العالم الإسلامي ما فيه، فيه الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والأباضي والشيعي، ومن هنا ما ينبغي أن ندرس مذهباً واحداً، ونترك الآخرين محرومين، وعلى هذا وضعنا هذا المنهاج، لنعمل على أن نجمع كلمة المسلمين؛ لأن التفرقة والله ما تجوز، وهي توقعنا في الإثم، فالتفرقة محرمة، فلا يجوز الاختلاف ولا التفرق.

والمسافة التي عرفها أصحاب الرسول وقصروا فيها أربعة برد، والبريد ثلاثة أميال، وثلاثة في أربعة باثني عشر، وهي تساوي ثمانية وأربعين كيلو، وإذا كانت خمسين أو ستين كيلو فمن باب أولى، ولكن أقل مسافة ثمانية وأربعين كيلو، وقد جمعنا بهذا بين المذاهب، ومن الصحابة من يرى أنه إذا خرج من البلد يقصر، وقد تركنا هذا القول، فلا يقال ولا يعمل به، والقول بأنه مسافة سبعين أو ثمانين كيلو فيه خلاف، والأحوط ثمانية وأربعين كيلو، فهذا أحوط لدينك.

حكم صرف الزكاة إلى الأصول أو الفروع

السؤال: فضيلة الشيخ! يقول السائل: هل يجوز للأب أن يؤدي زكاته لابنه وكذلك العكس؟

الجواب: هذا بيناه في الدرس، فلا تعطى الزكاة لا للآباء وإن علوا، ولا للأبناء وإن سفلوا، فلا يصح أن تعطي الزكاة لابنك الفقير أو لابن ابنه الفقير، ولا تعطيها لأبيك الفقير، ولا لجدك أبداً، فالأصول والفروع لا يعطون زكاة، وإنما يعطى الحواشي، وهم الإخوان وأبناء الإخوان والأعمام والأخوال، وأما منهم تحتك فيجب أن تنفق عليهم، فلا يجوز أن تتغدى أو تتعشى وابنك لا يأكل ولا يشرب، فهذا حرام لا يجوز، وكذلك لا يجوز أن تتغدى ووالدك لا يتغدى.

حكم صلاة آكل الربا

السؤال: يقول السائل: هل من أكل الربا تقبل له صلاة؟

الجواب: الصلاة لها شروط، ولها أركان، ولها سنن وواجبات، إن أداها كما هي نقول: تقبل، ويبقى أكله الربا يحاسب عليه ويجازى به إذا لم يتب الله عليه، وأما أن نقول: يا آكل الربا! لا تصل، وصلاتك باطلة، ونزيد المحنة محنة أخرى والعياذ بالله، فهذا لا يقوله ذو علم. نعم.

حكم إخراج زكاة الفطر عن السائق والخادم اللذين في البيت

السؤال: يقول السائل: هل يجوز إخراج الزكاة عن السائق والخادمة اللذان يعملان بأجر شهري؟

الجواب: أنا قلت: إذا كان عندك ضيف في شهر رمضان فتخرج زكاة الفطر عنه؛ لأنه من أبنائك ومن أهل أسرتك، فالخادمة أو الخادم عندك من باب أولى لا خلاف في ذلك.

وكذلك إذا كان السائق والخادمة فقيرين فنعطيهما من صدقة الفطر كسائر الفقراء، وإذا كانا ليسا محتاجين فلا يعطيان. نعم.

حكم زكاة الذهب

السؤال: تقول السائلة وهي امرأة: إذا كان لها حلي من الذهب وحال عليها الحول واكتمل النصاب ولم يكن عندها مال، فهل تبيع من الذهب وتخرج الزكاة؟

الجواب: نعم، وهذا في الذهب الذي هو مدخر للحاجة، وليس الذهب الذي في عنقها وفي يديها ورجليها، فالذهب إذا كان يدخر ويباع للحاجة بالإجماع يجب أن يزكى كل سنة، وسواء يباع أو لا يباع، وأما ما كان للتحلي والتجمل فـ(75%) من أمة الإسلام يقولون: بعدم وجوب الزكاة عليه، فلا يزكى، وإن أردت أن تزكيه فلها ذلك.

والحكمة من عدم الزكاة فيه: أنه لو كان عندها في عنقها مثلاً عقد أو في يدها سوار وليس عندها مال فإنها ستضطر أن تبيع منه كل سنة، ولن يبقى ما تتحلى به أبداً، وإذا كان الإنسان لا يزكي عن دابته ولا فرسه فكذلك المرأة لا تزكي عن الحلي الذي في يدها، وهي متجملة به، ولو كان تجب الزكاة عليها لاضطرت إلى أن تبيعه فينتهي، فقد لا يوجد عندها ما تزكي منه، فلهذا المذهب الذي نقرره لأبناء الإسلام - وهو الجمع بين آراء وعلماء هذه الأمة- أننا نقول: إذا كان الذهب مدخراً مشترى للحاجة فيباع ويجب الزكاة فيه بالإجماع، وإذا كان للتجمل والتحلي والزينة فلا تجب فيه، وإن زكته المؤمنة فلها أجر عظيم، ولا تمنع من زكاتها، فالباب مفتوح، وتثاب على ذلك.

حكم زيارة الأقارب الذين لديهم أجهزة الفيديو والتلفاز

السؤال: يقول السائل: هل يجوز لي أن أزور أخوالي الذين يوجد لديهم جهاز الفيديو والتلفاز؟

الجواب: تزورهم ولا تجلس عندهم مع التلفاز، فالتلفاز ليس دائماً شغالاً، وهم يستحون منك أيضاً، فزرهم ولكن لا تجلس معهم وتشاهد العاهرات يغنين، والأطفال يضحكون. نعم.

كفارة الصلاة الفائتة

السؤال: يقول السائل: هل للصلاة الفائتة في بعض الأيام كفارة، فقد كان يؤخر الصلاة عن وقتها، فهل لها كفارة؟

الجواب: الصلاة إذا فاتت يجب قضاؤها، فكفارتها قضاؤها، فإذا ذكرت أنك قبل يومين لم تصل الصبح، فالآن توضأ وصل الصبح، هذه هي كفارتها، فالصلاة الفائتة كفارتها أداؤها وقضاؤها، وليس لها كفارة صيام أو إطعام أو شيء آخر، فهي لا علاقة لها بهذا.

حكم الجلوس في صلاة قيام الليل

السؤال: هذا السائل يسأل ويقول: هل يجوز أثناء قيام الليل أن يجلس المصلي ويقرأ القرآن، ثم يقوم ويركع؟

الجواب: ما دامت الصلاة تجوز وهو جالس فالقراءة من باب أولى، فالنافلة تصلى من جلوس في أي وقت، وما دامت النافلة تجوز من قعود وجلوس فالقراءة من باب أولى، فيقرأ وهو جالس، ثم يقوم ويركع ولا حرج.

حكم من تأخر عن تكبيرات صلاة الجنازة

السؤال: يقول السائل: ما حكم من تأخر عن تكبيرات صلاة الجنازة؟

الجواب: اعلموا أن من فاتته تكبيرة من صلاة الجنازة أو تكبيرتين أو ثلاث تكبيرات أنه يقضيهن بعد سلام الإمام، فلما يسلم الإمام يقول: الله أكبر الله أكبر ويسلم، فمن فاتته تكبيرتان فبعد سلام الإمام يقول: الله أكبر، الله أكبر ويسلم، وإذا كانت تكبيرة واحدة فيقول: الله أكبر ويسلم، وإذا كانت ثلاث تكبيرات فيقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ويسلم، والأجر حاصل إن شاء الله.

هل يوجد من آل البيت اليوم من لا يستحق الزكاة؟

السؤال: يقول السائل: هل الآن يوجد من آل البيت من لا يستحق الزكاة أفيدونا؟

الجواب: إيه نعم، ويوجد عندهم صكوك بأنهم من ذرية فاطمة ، وهم معروفون، فإذا عرفت أحدهم أنه من آل البيت فلا تعطه الزكاة، فأكرمه إن شئت، ولا تهنه بالزكاة، فلا تعطه الزكاة، وهم موجدون لم ينعدموا، وكوني لا أعرفهم أنا وأنت، هذا ليس مهماً، فهم يعرفون أنفسهم، وعندهم صكوك بأسمائهم، وأنه فلان بن فلان بن فلان إلى علي بن أبي طالب أو إلى فاطمة أو إلى جعفر . نعم.

حكم صرف الزكاة في تفطير الصائمين

السؤال: يقول السائل: هل يجوز إنفاق الزكاة وجعلها في وجبات إفطار للصائمين في رمضان؟

الجواب: لا يجوز، بل أعطهم النقود وهم يشترون العنب أو يشترون التمر، وأما أن تتصرف فيها وتجعلها طعاماً وتقدمها، فلا يجوز هذا، فهذا يفعله المحسنون لأجل الأجر، وليس لكونه زكاة. نعم.

حكم الزكاة على من عليه دين

السؤال: يقول السائل: هل من عليه دين يزكي؟

الجواب: يسدد دينه ويزكي، فإن لم يسدد الدين فلا زكاة، وأما إذا لم يسدد الدين والمال عنده ولا يزكي فلا يصح هذا أبداً، فما دام عندك نقود وحال عليها الحول فسدد الدين أولاً، وإن بقي شيء زكيته، وإن لم يبق فلا شيء عليك.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (112) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net