اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , إعلامنا وشبابنا الضائع للشيخ : أحمد القطان
أما بعد:
أيها الأحباب الكرام: إني أحبكم في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياكم في ظل عرشه ومستقر رحمته، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.
اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين.
اللهم من أراد بنا والمسلمين وهذا البلد سوءاً فأشغله في نفسه، ومن كادنا فكده، واجعل تدبيره تدميره، اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت رجاؤنا، يا أرحم الراحمين.
أيها الأحباب الكرام: إعلامنا وشبابنا الضائع، هذا هو عنوان المحاضرة.
والإعلان والإعلام في الأذان له أثر، والله سبحانه وتعالى سماه أذاناً، ومدحه في القرآن: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33] الأذان إعلان ..قول .. مناداة: حي على الصلاة، يعني: تعالوا صلوا، فلهذا أكثر ما يغتاظ الشيطان من الأذان، فأجهزة الإعلام اليوم في دول الكافرين تحرص كل الحرص على إلهاء الشعوب وتجريدها من دينها وأخلاقها، والأذان ينادي إلى الدين وإلى الأخلاق، عكس الإعلام المنحل، الإعلام الإسلامي ينادي: (حي على الصلاة) كل يوم خمس مرات.
والرسول صلى الله عليه وسلم نراه يجند له شعراء كـعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وأمثاله ممن يستخدم سلاح اللسان الذي هو أمضى من سلاح السنان.
إذاً.. المذيع عندما يردد خبر الحوت ولا يذكر عن أخبار أفغانستان شيئاً، هذا لا ينطلق من قاعدة الوعي، وإنما ينطلق من قاعدة المصلحة والرتبة والراتب، ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فوعاها، فبلغها كما سمعها) هذه هي الأمانة في التبليغ، لا خروج على النص، ولا زيادة ولا نقصان، الآن يقول لك الممثلون: الخروج على النص ضرورة فنية، هذا آخر ما نشر في الصحف من يوم أو يومين، انظر التشريع الجديد! كيف الخروج على النص؟! يعني: يشتم له شتمتين، وينكت له نكتتين، وينغز له نغزتين ليست موجودة في النص التمثيلي الذي يحفظه، من أجل أن يكون هناك نوع من (الفرفشة) والبهجة، ويضحك الجمهور على حساب الدين، وعلى حساب الرسول، وعلى حساب القيم، وعلى حساب الأخلاق، وعلى حساب الكرامة، يعني: لماذا الممثل يقول: يا رب! يا رب! يا رب! أسألك أن تأخذ هذا، وبعدها يقول: لا يا رب! أنا أقول لك هذا، تريد أن تأخذني أنا؟ هكذا يخاطب ربه حتى يضحك الناس، ممثل حقير يقول هذا في التمثيليات، فلهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يتبرأ من أمثال هؤلاء الإعلاميين: (نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فوعاها، فبلغها كما سمعها -لا خروج على النص القرآني والنص النبوي- فرب مبلغ أوعى من سامع).
أنت تنقل هذا الحديث إلى إنسان آخر، وهذه الآية إلى إنسان آخر، وهذا الدرس، والشريط، والندوة، والمحاضرة، والخطبة، وهذه الجريدة، وهذه الخاطرة، وهذه العبارة، وهذه الغزوة، وهذه السيرة، إلى آخره ... إلى إنسان آخر قد يكون أفهم منك وأذكى منك، فيأخذ الحديث أو الآية ويخرج منها أحكاماً وعلوماً وفهوماً، ويؤلف فيها مؤلفات لست قادراً عليها، لكن أجرها يصب في ميزانك؛ قال صلى الله عليه وسلم: (الدال على الخير كفاعله) أول من دللته على هذا يصب أجره في ميزانك، فليس ثمت داعٍ أن تكونوا كلكم محاضرين أو خطباء، لكن لو أخذت شريط هذا الدرس وذهبت إلى إنسان لم يسمعه، وقلت له: خذ هذا الشريط واسمعه فإنه يكون لك أجر الخطيب والمدرس والمحاضر سواء بسواء دون أن ينقص أجر أحدكم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الدال على الخير كفاعله)، (ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة). إذاً، هذه الأحاديث فيها فقه إعلامي، هذا الذي علم بها لولا أنت ما علم بها، وأنت حملت الشريط أو الخبر وأصبحت جهازاً إعلامياً متحركاً، وبلغته هذا العلم فعمل به.
إذاً.. لو أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم طبقت هذه الأحاديث، وأخذت هذا الفهم في الإعلام، هل من المعقول أن يغلبنا هؤلاء بأجهزتهم؟! لا. لا يغلبونا، والله لو يملكون عشرة من (عرب سات) فلن يغلبونا، لكن لماذا نحن مغلوبون؟! لأننا سلبيون تسمع الشخص منا يقول: المهم أني سمعت وما علي من غيري -لا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر- ولا عندي استعداد أن أجعل ربع دينار في سبيل الله كل يوم أو كل يومين أو كل أسبوع أشتري به شريطاً وأجعله بذرة من بذور الخير يسقيها الله سبحانه وتعالى، فلرب غافلٍ ينتبه وجاهلٍ يتعلم وناسٍ يتذكر، وإنسان متردد فيكون هذا الشريط سبباً في هدايته (ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم).
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعم الإعلام وأهله.
لهذا كانوا عندما يتكلم خطباء النبي صلى الله عليه وسلم يهتز الناس، ويصبح فصحاء العرب وبلغائهم أمام خطباء النبي وشعرائه كالشمعة بجوار ضوء الشمس في وضح النهار (قل يا حسان وروح القدس معك، إن قولك أشد عليهم من نضح النبل).
الله أكبر! يبيع دينه كله؟! لو قلت له: الخمر حرام، وقال تعالى عن الخمر: كذا وكذا وكذا، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخمر: كذا وكذا وكذا، وهي أم الخبائث، والذي يشرب الخمر في الدنيا لا يشربه في الآخرة، وإذا دخل النار ولم يتب من الخمر يسقيه الله من طينة الخبال، وتتكلم له كلاماً عريضاً، وإذا سافر إلى أمريكا أو إلى لندن أو إلى البحرين، ويركب طيران الخليج، وعندما يفتح المجلة يجد في الصفحة الأولى كلها إعلانات عن الخطوط الجوية، وثاني صفحة يقابلها بطون خمر، (بلاك أندواي) وبجواره كأس رشيق، ووردة حمراء من الجهوري وفلح من الليمون، والندى يتقطر عليه من كل جانب، وعلى قطيفة مخملية، وحمامة تطير من الأيد، أين ذهبت دروسك وخطبتك؟! ذهبت مع الهواء وطارت، وأصبح يبحلق بعيونه متى يصل من أجل أن يشرب، هذا هو أثر الإعلام المدمر، فلهذا كل المسئولية الآن على رقاب المسلمين الصالحين، أن يتحول كل أحد منهم جهازاً إعلامياً، ويكون حرصه على إنقاذ ما تبقى من الأجيال كحرصه على أولاده إذا أصابتهم حمى أو أصابهم الفيروس، تراه لا ينام، ويذهب من الطبيب العام إلى الطبيب الخاص حتى تهدأ الحمى وينام الولد.
أنت عندما تكون عندك أغنام وهناك ذئب ينتظرها في البر، هل تستطيع أن ترعى الأغنام؟ الإعلام اليوم ذئب، الفيديو في البيت اليوم ذئب وغول، يفترس القيم والأخلاق، والآن البيوت واسعة، البنت لها غرفة، والولد له غرفة، والخدامة لها غرفة، والمرأة لها غرفة، والذي عمره عشر سنين له غرفة، ويا ويلك لو دخلت الغرف وفتحت درجاً من الأدراج يصيحون عليك ويقولون: تتجسس، أنت لا تثق بأولادك، وهذا مكتوب في الصحف، الإعلام يكتب هذا، لا يجوز للوالد أن يتجسس ويتحسس على بناته وأولاده؛ لأنه انعدام للثقة، ويجب أن يعامل الولد بالثقة، والمعنى: اترك الحبل على الغارب، فهذا سكران، وذاك مخدر، لا تسأل عنه، وكم من والد مسكين ذهب وفتح الدرج فوجد رسائل غرام، ورسائل حب، وأشرطة الجاز والدسكو، وأفلام الجنس وغيرها.. ويقول: هل ولدي أصبح بهذا الشكل؟! نعم؛ لأن ولدك وإن قربت بيدك الإعلام يدخل عليه في البيت وأنت غافل لا تدري يا مسكين، فلهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) الآية لا تكلف شيئاً، تعال يا أخي أذكرك، تعال يا أخي أسمعك، وهي آية واحدة لكن لها أثر عظيم في النفس. البنت -مثلاً- عندما ترى منظراً إعلامياً، أو تسمع خبراً إعلامياً يزعزع عندها الدين، ويزعزع عندها العقيدة، وعندما تقرأ في الجريدة لدكتورة شيوعية اسمها نوال السعداوي لا أسعدها الله، وهذه المجرمة تكتب في الصحف والجرائد ماذا تقول؟ تقول: إن غطاء الحجاب على رأس المرأة المسلمة من بدع اليهود، وأنه يغطي عقلها فيجعلها بدون عقل، وأن الأخلاق الإسلامية كالثوب نلبسها متى أردنا وننـزعها متى أردنا، الله أكبر! فالبنت المسكينة عندما تسمع هذا الكلام المزخرف -صورة وخط جميل، وجريدة مشهورة، أو كتاب ملمع- تتأثر، لكن عندما تكلمها وأنت ذاهب في السيارة وتقول: يا ابنتي! اسمعي ربك سبحانه وتعالى وهو يقول في كتابه الكريم: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام:112] وهذا يا ابنتي من شياطين الإنس، ووراءها شياطين جن يوحون لها مثل هذه الزخارف غروراً، من أجل أن يغروك، ويضيعوا دينك وأخلاقك، وهؤلاء الذين يتبعون الشياطين -من شياطين الإنس والجن- اسمعي ربك ماذا يقول عنهم والعياذ بالله: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36] وهذا الشيطان ماذا مكتوب عليه يا ابنتي؟ مكتوب عليه: أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ [الحج:4] يذكرها بآية أو آيتين أو ثلاث أو أربع، حتى يطمئن قلبها ويثبت إيمانها، وتذهب عنها كل الشبهات، أما أن تتركها، وتحسب أنها كالدجاجة، ماذا أكلت؟ هل تغديتِ؟ هل تعشيتِ؟ ماذا شربتِ؟ هل أخذتِ دواءك أم لم تأخذيه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من بلي بمثل هذه البنيات فصبر عليهن وعلى لؤائهن حتى يزوجهن وجبت له الجنة) (وكفى بالمرء إثماً أن يضيع) أنت تقول لها: تغديتِ تعشيتِ؟ تحسبها جائعة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: من يجوع، لكن قال: أن يضيع، ضيعتها عندما لم تأمرها بالصلاة، ضيعتها عندما لم تعلمها الأخلاق، لهذا فالوالد جهاز إعلامي، والأم جهاز إعلامي، والابن جهاز إعلامي، لتصفية العوائق والشوائب التي تأتي للأجيال المسلمة، فنتحول كلنا أجهزة إعلامية تنظف النفس والبيت والأسرة حتى لا يؤثر فينا الإعلام الفاسد المنحل.
أذكر أنني كنت أخطب في مسجد العلبان وأقول: أيها الفلسطينيون! إن العمل لتحرير الأقصى وفلسطين داخل فلسطين وليس خارج فلسطين -والذي كان يسمع خطبي في أول الثمانينات أكرر هذا المعنى عشرات المرات- فظهرت الثمرة وقامت الانتفاضة داخل فلسطين ، وظهر العمل داخل فلسطين ، والآن دخل شهره الثاني عشر داخل فلسطين ، ويقول لي أناس موجودون داخل فلسطين : إن شريطك مثل الانتفاضة متعبة لليهود، يهربونه حتى في شعر النساء، يفتحون البكرة ويدخلونها داخل الشعر ويحيكون عليها الشعر، ويهربونه عن طريق لندن ، وعن طريق أمريكا ، وعن طريق عرب ثمانية وأربعين؛ لأنهم لا يفتشونهم، وكانت الخطبة يوم الجمعة، ويوم الإثنين والشريط في فلسطين ، وبعد أربع ساعات انتشر في كل بيت، وأصبح الخائف يتشجع، والمتردد يقدم، كلمة لها أثر ولها فعل.
فيا أحبابنا! هذا دور إعلامي هام، اجعل نفسك منظماً وعضواً منتمياً إلى الجهاز الإعلامي الإسلامي، أين هذا الجهاز؟ من هو مسئوله؟ من هو مديره؟ المدير لهذا الجهاز هو الله من فوق سبع سماوات، وأول مسئول عن هذا الجهاز يوم القيامة محمد صلى الله عليه وسلم، ما دليلي على ذلك؟ خطبة الوداع في حجة الوداع، بعد أن بين الحلال وبين الحرام وداس الربا وأمر الجاهلية تحت رجله، وقال: (وأول ربا أضعه ربا عمي العباس ، وكل أمر من أمر الجاهلية تحت قدمي هاتين) ثم خطب خطبة طويلة أوصى فيها بالنساء، وبين أهمية النساء، وبعدها ماذا قال في النهاية؟ قال: (إن الله سائلكم عني فماذا أنتم قائلون؟) يعني: إن الله يوقفنا يوم القيامة ويقول: يا أمة محمد! ماذا قال لكم هذا النبي؟ بلغ أم لم يبلغ؟ قالوا: نقول: (إنك نصحت وبلغت وأديت، قال: اللهم فاشهد) يرفع إصبعه إلى السماء وينـزلها ويقول: (اللهم فاشهد، اللهم فاشهد، اللهم فاشهد).
إذاً نصحت، أي: الأمة، بلغت، أي: الرسالة، أديت، أي: الأمانة، وهذه هي قواعد العمل الإعلامي، بدونها يفقد رسالته ويفقد دوره ويتحول إلى جهاز مدمر لا معمر.
فيا أحبابنا الكرام! كونوا أجهزة إعلامية متحركة في سبيل الله، اقطع الخبر المهم وانقله، خذ الشريط الديني وانشره، هذا السمع وهذا البصر وهذا الفؤاد الذي يعقل ويعي، ماذا يقول سبحانه وتعالى عنها؟ يقول: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36] لماذا؟ لأنها أجهزة استقبال وأجهزة بث، أجهزة استقبال للخبر وأجهزة بث لهذا الخبر، فإذا لم تحسن التلقي وأحسنت التبليغ، فإن الله يسألك عن السمع وعن البصر وعن الفؤاد الذي تعقل به؛ لأنك بايعت الله أن كلك لله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111] فأنت لا تنقض هذه البيعة، وحرك هذه الأجهزة حسب مراد راعيها وصاحبها الذي اشتراها ودفع ثمنها مقدماً، بل ثمنها خلقه لك قبل خلقك، وهي الجنة.
فلهذا يا أخي الكريم! تذكر هذا جيداً قبل أن يأتي زمان تشهد فيه اليد ويشهد فيه الفخذ، يوم أن تقف الألسنة عن قول الحق، وتبدأ العجماوات تتكلم، وصوت الإنسان يتكلم، وفخذ المرأة يتكلم، والبهائم الوحشية تتكلم، نعم. يوم أن يعم الصمت، ويفقد الإعلام دوره، ويفقد اللسان دوره، وحرية الكلمة دورها، ويفقد حتى القرآن دوره؛ وهو أضخم كتاب إعلامي عرفه الوجود، ينزل الله ملائكة فيسحب الله القرآن من المصاحف ومن الصدور ليصبح الناس لا يحفظون آية واحدة، فإذاً عندما تنشر القرآن وتبلغ الآية وتقدم الشريط وتهدي، تكون أنت جهازاً إعلامياً متحركاً، هم يغلبوننا بالأقمار الصناعية، مهما حاول القمر الصناعي أن يبث، كم عدد المسلمين؟ ألف مليون، ألف مليون يتحرك في سبيل الله، أي قمر صناعي؟ ألف مليون أذن تشتغل في سبيل الله، ألف مليون عين تتحرك في سبيل الله، ألف مليون قلب وصدر يتحرك في سبيل الله، إذاً القضية هذه ليست سهلة يا إخوان: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31]، وقال تعالى: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان:17] إلى آخر وصايا لقمان لابنه.
أيها الأحباب الكرام! لا أطيل عليكم، فإن الله سبحانه وتعالى جعل القضية الإعلامية من أهم القضايا القرآنية والنبوية، وإن هذا الجهاز الإعلامي الإيماني كلنا عاملون فيه بأمر الله رب العالمين، لا يحل لأحد أن ينفك من هذه الوظيفة ومن هذا العمل حتى يلقى الله سبحانه وتعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] تدخيل المؤمنين هنا؛ لأنه عملية إعلامية مهمة ينتفع بها كل المسلمين.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين ويعلمنا التأويل، اللهم نسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء.
اللهم أصلح أجهزة الإعلام عندنا، اللهم ادفع الصالحين فيها، اللهم أخرج الفاسدين منها، اللهم اجعلها جهاداً في سبيلك، وإعلاء لكلمتك إنك على ذلك قدير.
وإننا نشكر كل إعلامي في تلفاز أو إذاعة أو جريدة، أو يملك قلماً، أو خطيباً، نشكره إذا دافع عن الإسلام، ونشر الفضيلة، وحارب الرذيلة، ونقول له: جزاك الله كل خير على ما تفعل وعلى ما تبذل، وإنما هو تشريف وتكليف؛ أما التشريف: فلأنك تعلن عن الله رب العالمين كما أمر الله إبراهيم عليه السلام: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً [الحج:27] ووقف إبراهيم على الجبال، واندفع إعلامياً يقول: أيها الناس حجوا، فبارك الله بهذه الصرخة، فبلغها النطف في أصلاب الرجال، فالنطفة التي قالت لبيك مرة تحج مرة، فلا تحتقروا العمل في سبيل الله، فإذا بارك الله فيه ظهرت ثمرته عاجلاً أو آجلاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , إعلامنا وشبابنا الضائع للشيخ : أحمد القطان
https://audio.islamweb.net