اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح صحيح مسلم - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار - أدعية وأذكار الكرب للشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح صحيح مسلم - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار - أدعية وأذكار الكرب للشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، أما بعد: فمع الباب العشرون من كتاب الذكر والدعاء: (باب: استحباب الدعاء عند صياح الديك). أي: حين يصيح الديكة.
قال: [حدثنا ليث ] -وهو الليث بن سعد الفهمي، الإمام الكبير المصري- عن جعفر بن ربيعة ]، وهو جفعر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة الكندي ، أبو شرحبيل المصري ، وقد كان إماماً من أئمة المصريين.
و الليث وجعفر كلاهما مصري، وتلميذ الليث ثقفي ، والأعرج وأبو هريرة مدنيان.
و الليث شهرته وسمعته فاقتا كل حد، وهما فوق كل تعريف، وأما جعفر بن ربيعة فهو وإن كان من أجلة علماء الحديث والفقه والعبادة كذلك، ومن المشهورين بالزهد إلا أن أحداً لا يعرف عنه شيئاً، وكثيراً ما يمر القارئ في كتب التراجم بأئمة لا يقلوا في العلم والورع والفضل عن أحمد بن حنبل ولا الشافعي ولا مالك ولا أبي حنيفة ، وهم مع هذا مغمورون جداً حتى عند طلاب علم الحديث والمطلعين في كتب التراجم، وهذا بلا شك تفريط شديد جداً في حق أئمة العلم.
وأنا أقترح أن ينشط طلاب العلم لإعداد بحث في أهل العلم من المحدثين الذين هم من أهل مصر أو وفدوا إليها، وليكن على الأقل ممن له رواية في الكتب الستة؛ حتى لا يخرجوا عن الكتب التي ترجمت لأصحاب الكتب الستة، وإلا فالذين نزلوا مصر والذي هم أهلها آلاف العلماء على مر التاريخ، ولو جعلنا البحث متعلقاً بتراجم أو برواة الكتب الستة فقط وإلى نهاية عصر التدوين -أي: نهاية القرن الرابع الهجري- لكان ذلك عملاً جيداً جداً ومفيداً خاصة لأهل مصر، وهذا ليس من باب التعصب لعلماء مصر ولا لمصر، وإنما هو من باب التعرف على علماء بلادنا قبل غيرهم.
و جعفر بن ربيعة يروي عن الأعرج ، وهو عبد الرحمن بن هرمز المدني، [عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنها رأت شيطاناً)].
إذاً: العلة أن الديكة إذا صاحت فإنما تصيح لأنها رأت ملكاً، فالدعاء حينئذ مستجاب؛ لأن الملائكة تؤمن على دعاء الداعي، فإذا سمعت الديك يصيح فاسأل الله تعالى من فضله، فإما أن تقول: اللهم إني أسألك من فضلك، وإما أن تسأل الله تعالى بمطلق الدعاء من فضله سبحانه وتعالى، فإن فعلت ذلك أمن الملك الذي رآه الديك على دعائك، وهذا هو معنى قوله: (فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكاً).
قال: (قال: القاضي عياض: سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء) والحالة هذه (واستغفارهم وشهادتهم بالتضرع والإخلاص). أي: شهادة الملائكة عند الله عز وجل في ضراعة هذا العبد وإخلاصه لله عز وجل.
قال: (وفي هذا الحديث استحباب الدعاء عند حضور الصالحين والتبرك بهم).
ونحن دائماً نعلق على قول الإمام النووي في استحباب التبرك بآثار الصالحين: أن هذه المسألة محل خلاف ونزاع قديم بين أهل العلم، والذي أجمع عليه العلماء: استحباب التبرك بالنبي عليه الصلاة والسلام وآثاره حياً وميتاً، وأما التبرك بذات النبي عليه الصلاة والسلام بعد موته فشرك بالله العظيم، وأما التبرك بآثار الصالحين فإن بعض أهل العلم أجاز ذلك قياساً على التبرك بالنبي عليه الصلاة والسلام، وقالوا: إنما أجزنا ذلك لأنه عبد صالح.
وجمهور أهل السنة والجماعة على ترك التبرك بآثار الصالحين؛ لأنه ذريعة إلى الدخول في الشرك، كما أنه افتئات على الله عز وجل في نسبة هذا العبد إلى الصلاح، وصلاح العبد لا يعلمه إلا الله عز وجل، والمقطوع بصلاحهم هم الأنبياء والمرسلون، فمنعوا التبرك حتى بـأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والمشهود لهم بالجنة من أصحابه عليه الصلاة والسلام؛ سداً للذريعة.
وهنا شبهة يمكن أن تثار، وهي: إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام مقطوعاً بصلاحه فكذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغير ذلك ممن شهد لهم القرآن والسنة بدخول الجنة، وعلى هذا فيشرع التوسل بهم.
والجواب عند أهل السنة: أن هذا الباب قد سد بعد النبي عليه الصلاة والسلام؛ حتى لا يكون ذريعة للشرك. أي: الوقوع في الشرك. فهذه الجملة عند الحافظ النووي محل نظر عند أهل السنة.
الباب الحادي والعشرون: (باب دعاء الكرب). يعني: إذا وقع الإنسان في كرب أو هم أو غم أو غير ذلك مما يؤثر على نفسه وبدنه وقلبه يستحب له أن يدعو بأدعية كثيرة منها: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: (إذا حزب أحدكم أمر أو إذا نزل بأحدكم الهم -وفي رواية: الغم- فليقل: اللهم إني عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، وذهاب همي وحزني -وفي رواية: وذهاب همي وغمي- إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحاً). وهذا حديث عظيم جداً، وجليل القدر، وفيه حكم عظيمة وفوائد جمة.
[ قالوا جميعاً: حدثنا معاذ بن هشام ]. وهو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وليس لـهشام بن عروة ولد يسمى معاذاً، وإنما إذا ذكر معاذ بن هشام فهو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وأصله فارسي ولكنه نزل بغداد.
[ قال: حدثني أبي -وهو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي - عن قتادة - وهو ابن دعامة السدوسي البصري -عن أبي العالية ] وهو رفيع بن مهران الرياحي ، معروف بكنيته أبو العالية الرياحي ، وقد كان من أئمة العلم والزهد كذلك [ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب -أي: إذا أصابه كرب أو غم أو هم-: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم) ].
وقد كان ابن عباس يعجب أشد العجب من هذا الدعاء، ويوصي به دائماً، وهو الذي رواه عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قال الإمام النووي: (وهو حديث جليل ينبغي الاعتناء به). أي: ينبغي على كل مسلم أن يحفظه، وأن يدعو به إذا نزل به الكرب أو الهم أو الغم، وما أكثره خاصة في هذا الزمان. قال: (والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة). أي: يسن ويستحب لك أن تكرره دائماً حتى يزول هذا الكرب وينكشف الغم.
قال: (قال الطبري: كان السلف يدعون به -يعني: كان السلف يهتمون اهتماماً عظيماً جداً بهذا الدعاء- ويسمونه دعاء الكرب -أي: الدعاء الذي يزيل الكرب- فإن قيل: هذا ذكر وليس فيه دعاء). لأن الدعاء عبارة عن طلب، مثل: اللهم اكشف كربي وأزل همي وغمي وغير ذلك، وأما هذا فهو ذكر لله تعالى، فكيف نفهم أنه دعاء؟
قال الإمام النووي: (فجوابه من وجهين:
أحدهما: أن هذا الذكر يستفتح به الدعاء). يعني: اجعل هذا الذكر دائماً في مقدمة دعائك، فإذا أردت أن تدعو الله أن يكشف عنك الهم والحزن فقدم بين يدي طلبك ودعائك هذا الذكر لله تعالى، وكأن هذا الذكر هو مفتاح الدعاء الذي إذا قدمته على الدعاء تقبل الله تعالى دعاءك. قال: (ثم يدعو بما شاء).
(والثاني: جواب سفيان بن عيينة أنه قال: أما علمت قول الله تعالى في الحديث القدسي : (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين) ). يعني: لو أن العبد انشغل بذكر الله تعالى ولم ينشغل بالطلب والدعاء فهذا أولى وأفضل. ولكن هذا الحديث ضعيف، فيسلم لنا من هذين الوجهين الوجه الأول، وهو أن هذا الحديث إنما حثنا ودلنا على ذكر ولم يدلنا على دعاء، وجوابه عند الإمام النووي وغيره من أهل العلم: أن هذا وإن كان ذكراً إلا أنه كالمفتاح لدعائك الله تعالى برفع الهم وإزالة الغم وتفريج الكربات التي نزلت بك، فعلى الإنسان أن يقدم بين يدي دعائه هذا الذكر.
قال: (وقال الشاعر:
إذا أثنى عليك المرء يوماً كفاه من تعرضه الثناء)
يعني: إذا ذكر المرء الله تعالى في يوم فإن هذا الثناء والذكر لله تعالى يغنيه عن طلب الدعاء أو عن طلب تفريج الهم والغم.
فالراوي في الإسناد الأول عن هشام هو معاذ. وفي الإسناد الثاني: وكيع. وحديث معاذ عن هشام أتم، فهو قد ذكر الرواية تامة كاملة. وأما طريق وكيع فربما يكون قد ذكر جزءاً واحداً من الحديث أو جزئين أو ثلاثة.
[ (ح) وحدثنا عبد بن حميد ]، وهو عبد الحميد ، ولقبه عبد. [ أخبرنا محمد بن بشر العبدي حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ]. وسعيد معروف بالرواية عن قتادة ، وهو من أوثق الناس فيه، وإذا قيل: سعيد عن قتادة فهو ابن أبي عروبة ، بفتح العين لا بضمها.
[ أن أبا العالية الرياحي حدثهم عن ابن عباس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن) ]. والضمير هنا يعود على هذه الدعوات السابقات، فقد كان يقولهن عند الكرب. [ فذكره بمثل حديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة ، غير أنه قال: (رب السماوات والأرض) ]. يعني: ولم يذكر كلمة رب الأرض، وإنما ذكر الأرض وعطفها على السماء.
يقول العلماء: إن تعداد الأحاديث بلغ أكثر من (1.200.000)، مع أن كتب السنة كلها التي دونت الأحاديث لم تذكر هذا العدد الهائل، وإنما كانوا يعدون اختلاف الطرق التي روي بها الحديث، فلو أخذنا مثلاً حديث: (إنما الأعمال بالنيات) نجد أنه رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورواه عن عمر علقمة بن وقاص الليثي ، ورواه عن الليثي محمد بن إبراهيم التيمي ، ورواه عن التيمي يحيى بن سعيد الأنصاري ، فكل واحد منهم تفرد في طبقة، ثم حصل التواتر في الطبقة الخامسة من الإسناد، فرواه عن يحيى بن سعيد (200) وقيل: (700). كما قال الحافظ ابن حجر ، وقد صح من مائتي طريق، فهي مائتي حديث؛ لأن النظر دائماً باعتبار الطرق وليس باعتبار المتن، ولذلك فأرجح الأقوال في تعداد أحاديث البخاري ومسلم أنها سبعة آلاف، مع أن المتون لا تعدوا كونها ثلاثة آلاف، ولكنها باعتبار اختلاف الطرق تبلغ سبعة آلاف.
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل: كنا نمر بالرجل يحفظ (20.000) حديث لا نلقي له بالاً، مع أن البخاري كله (4000) حديث أو (3000) حديث، وهذا الذي يحفظ (20.000) حديث قد يكون للحديث الواحد (100) طريق أو(200) طريق أو أكثر من ذلك، فيكون (20.000) حديثاً عبارة عن (200) إلى (300) حديث، وهذا لا يساوي شيئاً بجوار أحمد بن حنبل الذي كان يحفظ (2.000.000) حديث.
و ابن عباس هنا يروي عنه أبو العالية ، وعنه قتادة ، ويروي عن قتادة في الإسناد الأول والثاني هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وفي الإسناد الثالث سعيد بن أبي عروبة ، ورواه عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي اثنان: ولده معاذ ووكيع .
إذاً: هذا الحديث أخرجه مسلم من طريقين: الأولى: عن هشام عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس. والثانية تابع فيها هشاماً سعيد بن أبي عروبة .
[ حدثنا محمد بن حاتم حدثنا بهز ] وهناك بهز بن حكيم بن معاوية ، وهو متقدم عن بهز هذا، فالأول هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه عن جده، وجده صحابي، وأما هذا الذي يذكر في طبقة شيوخ شيوخ مسلم فهو بهز بن أسد العمي -
[ قال: حدثنا محمد بن سلمة أخبرني يوسف بن عبد الله بن الحارث عن أبي العالية عن ابن عباس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر) ]. يعني: ألم به ونزل به أمر. أي: مصيبة أو غم أو كرب. [ فذكر بمثل حديث معاذ عن أبيه، وزاد معهن: (لا إله إلا الله رب العرش الكريم) ] فأحاديث رفع الكرب وردت في صحيحي البخاري ومسلم .
وفي صحيح مسلم ورد الحديث من طريق ابن عباس ، ثم رواه عنه من التابعين أبو العالية الرياحي ، وقد ولد يوم حنين، ولكنه لم ير النبي عليه الصلاة والسلام، فهو تابعي وإن ولد في زمن النبوة؛ لأنه لم ير النبي عليه الصلاة والسلام ولم يلقه، ورواه عن أبي العالية :قتادة ويوسف بن عبد الله بن الحارث ، ورواية يوسف بن عبد الله بن الحارث فيها زيادة: (لا إله إلا الله رب العرش الكريم). وهذه الزيادة ليست في طريق قتادة. فإذا قلت: إن هذا الحديث أخرجه مسلم من طريقين: طريق قتادة وابن الحارث عن أبي العالية عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كيت وكيت وكيت وكيت، وذكرت كل المتون التي جاءت. فأقول لك: هذا الكلام خطأ؛ لأن هناك زيادة تفرد بها يوسف عن أبي العالية ، وليست في طريق قتادة عن أبي العالية ، وهي قوله: (لا إله إلا الله رب العرش الكريم).
قال: (قال القاضي : قال بعض العلماء: وهذه الفضائل المذكورة في هذه الأذكار إنما هي لأهل الشرف في الدين والطهارة من الكبائر). يعني: أن هذا الدعاء لا ينفع في إزالة الكرب عن المكروب إلا من كان من أهل الصلاح وممن لا علاقة له بالكبائر. يعني: إذا كان الإنسان ورعاً وصاحب دين وغير ذلك، وأما الفاسق أو العاصي أو غير ذلك فإن هذا الدعاء لا ينفعه. والقاضي عياض نقل هذا عن بعض أهل العلم، ولكن المذهب الراجح: أن هذا الدعاء ينفع العاصي كما ينفع المؤمن؛ لأن الأحاديث والأدلة وردت عامة، فلا يجوز تخصيصها إلا بمخصص، وإذا ورد الدليل عاماً فلا يجوز تخصيصه إلا بمخصص، بل أهل المعاصي أولى بالدعاء من أهل الطاعة، وهم أحوج ما يكونون إلى دعاء الله عز وجل، واستجابة الله تعالى لدعائهم أكثر من أهل الطاعة. يعني: أهل الطاعة ربما يدعون الله تعالى تعبداً، من باب أن الدعاء هو العبادة، فهم يدعون الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله تعالى في كل أحايينه تعبداً لله عز وجل، كما أنه كان يدعو لتقتدي به الأمة، سواء كانوا من أهل الطاعة أو من أهل المعاصي، ولكن الدعاء في حق أصحاب المعاصي أوجب؛ حتى يغفر الله تعالى ذنوبهم ويثيبهم على توبتهم.
قال: (هذه الفضائل المذكورة في هذه الأذكار إنما هي لأهل الشرف في الدين والطهارة من الكبائر دون المصرين وغيرهم. قال القاضي : وهذا فيه نظر). يعني: لم يترجح لديه صحة هذا الرأي.
قال: (والأحاديث عامة. قلت -أي: النووي- الصحيح أنها لا تختص). أي: بأهل الطاعة، وإنما هي عامة لأهل المعاصي وأهل الطاعات.
[ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: (أي الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده) ] أي: أفضل الكلام هو الذي اصطفاه الله تعالى لملائكته أو لعباده، وهو سبحان الله وبحمده، وبلا شك أنه لو تلا القرآن فالقرآن خير وأحب إلى الله تعالى؛ لأنه كلامه سبحانه وتعالى.
إذاً: فقوله عليه الصلاة والسلام لما سئل عن أحب الكلام إلى الله؟ قال: (ما اصطفاه الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده) محمول على كلام العبد. يعني: أعظم وأفضل كلام يتكلم به العبد من عند نفسه التسبيح والتهليل لله عز وجل، وأن يقول: سبحان الله وبحمده، ولكن لو قرأ القرآن لكان أفضل.
والرأي الثاني: أن قراءة القرآن مطلوب التعبد بها وتلاوتها في أوقات معينة، أو في أوقات مخصوصة، وأما تنزيه العبد لربه وتسبيحه وتحميده فذلك في كل وقت، كما قال الله عز وجل: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]. فالصلاة لها وقت، وهو أحب الأوقات إلى الله عز وجل.
وقد أخرج أبو داود أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر). لأن هذا وقتها.
والعمل المباح ربما يكون واجباً، فالعمل للتكسب والمعاش وغيرهما مباح، وربما يكون واجباً، وهو بلا شك واجب إذا قورن بضياع النفس ومن يعول.
ومع اعتقادنا بأن العمل مشروع ومباح وربما يكون واجباً لكن وجوب العمل لا يدعو إلى ترك الصلاة، فإذا سمع النداء فلا بد أن يعلم أن ما بعد النداء تابع لعبادة أخرى، فلا بد أن نفرق بين العبادات، فوقت عبادة العمل تنتهي بدخول الوقت في الصلاة، وإذا فرغنا من الصلاة دخلنا في عبادة أخرى، وهي العمل، فلكل وقته، ولذلك قال الإمام النووي: (أما قوله: (أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده)، وفي رواية: (أفضل الكلام) هذا محمول على كلام الآدمي، وإلا فالقرآن أفضل، وكذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل المطلق، فأما المأثور في وقت أو حال ونحو ذلك فالاشتغال به أفضل). يعني: أن النبي عليه الصلاة والسلام سن لنا في أدبار الصلوات أدعية لندعو بها، فالأفضل في هذا الوقت أن ندعو بهذه الأدعية؛ لأن هذا وقتها الذي شرعت له.
قال: (وكذلك كل ما عين له الشرع وقتاً أو حالاً معيناً). وكذلك أذكار الصباح، فإذا فرغت من أذكار الصباح فاقرأ القرآن، ولا تقدم القرآن على أذكار الصباح؛ لأن هذا وقتها أيضاً.
وعن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: (قلت: يا رسول الله! أخبرني بأحب الكلام إلى الله؟ فقال: إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده) ].
ففي الإسناد الأول قال: (سئل النبي عليه الصلاة والسلام)، وهذا السائل هو أبو ذر بدليل أن الرواية الثانية صرحت أنه قال: عن أبي ذر قال: (قلت: يا رسول الله! أخبرني بأحب الكلام إلى الله)، يعني: هو السائل رضي الله عنه (فقال: إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده).
و(سبحان): لفظ يفيد التنزيه، والله تعالى منزه عن جميع النقائص، ومتصف بجميع صفات الكمال والجلال سبحانه وتعالى.
[ عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثله) ]. يعني: يقيض الله عز وجل ملكاً من ملائكته عند رأس الداعي إذا دعا لأخيه بظهر الغيب -وهذا شرط- لأنه أبلغ في الإخلاص والتجرد، ومن أغلق عليه بابه ثم دعا لإخوانه واستغفر لهم فلا شك أن هذا مبعثه الحب في الله عز وجل والإخلاص لهذا المدعو له، ولما كان الجزاء من جنس العمل، فإن الله يكافئه بأن يقيض له ملكاً من ملائكة السماء يقول: ولك مثله.
ولما علم السلف رحمهم الله تعالى ورضي عنهم قيمة هذا الدعاء انشغلوا به جداً، وكان الواحد منهم إذا أراد لنفسه شيئاً دعا بهذا الشيء لإخوانه؛ حتى يؤمن الملك على ذلك، ثم يجعل له حظاً مثل حظ إخوانه، فكان الواحد -مثلاً- إذا أراد الزواج دعا في ظهر الغيب: اللهم زوج أخي. حتى يقول الملك: آمين ولك بمثله. وإذا كان بحاجة إلى شيء ما دعا لإخوانه بهذا الشيء في ظهر الغيب؛ حتى يقيض الله تعالى له ملكاً يقول: آمين ولك بمثله. وهذا احتيال مشروع، أو هو شدة الإلحاح على الله عز وجل بجميع الطرق، فبعد أن دعا لنفسه مباشرة ولم ير نتيجة فإنه يدعو لإخوانه، ثم إن الملك الذي وعد به النبي عليه الصلاة والسلام يقيض ويقول: آمين ولك بمثله. أي: استجيب الدعاء لأخيك في ظهر الغيب وسيرد إليك. وهذا الدعاء إذا دعوت لرجل واحد، أو لجماعة من المسلمين، أو للمسلمين عامة؛ لأن كل فرد من المسلمين هو أخ لك، والحديث يقول: (ما من عبد مسلم يدعو لأخيه). وسواء كان هذا لفرد أو جماعة، فالأمة كلها إخوة، وكما في الحديث: (وكونوا عباد الله إخوانا). والأمر هنا لكل مسلم.
[ حدثنا إسحاق بن إبراهيم -وهو المعروف بـابن راهويه - أخبرنا النضر بن شميل حدثنا موسى بن سروان المعلم حدثنا طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: حدثتني أم الدرداء قالت: حدثني سيدي ]، وسيدها زوجها أبو الدرداء ، والسيد في اللغة هو البعل والزوج، وهو الحر، ولما تقرأ في ترجمة أم الدرداء تجد أنها ما كانت تقول قط لزوجها إلا يا سيدي، وهذا الأمر ليس عجيباً، وخاصة إذا كان من امرأة متربية مؤدبة، ومن بيت محترم، وقد كان عندنا إلى قبل زمن قريب كل زوجة تقول لزوجها: يا سيد فلان، وإذا نادته باسمه كسر رأسها؛ لأن هذه حقوق مستقرة، وتعارف عليها الناس.
وأما هذا الوقت فإن الواحد مضطر لأن يقول لامرأته: سيدة فلانة! وإلا اشتكت به، وقالت: إنه يهينها إذا ناداها باسمها، مع أنها تناديه باسمه، وتقول: إن هذا ترخيم، أي: أن هذا ترخيم له عندما تناديه باسمه، وإذا كان اسمه بطيخ مثلاً فإنها تناديه: يا بطيخ! أمام الناس كلهم.
[ قالت -أي: أم الدرداء- حدثني سيدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثله) ].
وكلمة (الموكل به) فيها إشكالية، وهي هل هذا الملك الموكل بهذا الشخص يمشي معه دائماً في حله وترحاله وفي خلوته وجلوته وإلا هو ملك مخصوص ينزل للدعاء أو حين الدعاء؟ القول فيه على مذهبين عند أهل العلم، والراجح: أنه الملك الموكل. أي: المصاحب للعبد دائماً.
وفي قول صفوان : (أتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام؟) جواز محادثة النساء للرجال والرجال للنساء بشرطين: إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأمنت الفتنة. وهنا لا يوجد فتنة بين صفوان وأم الدرداء سيدة نساء الشام في زهدها وورعها وعبادتها، بل هي التي سألته، وقالت: (أتريد الحج العام؟ قال: نعم. قالت: فادعو الله لنا بخير). وفي هذا جواز طلب الدعاء من الأخ المسلم؛ لأن بعض الإخوة المتنطعين يقول: إن قول النبي عليه الصلاة والسلام لـعمر بن الخطاب الذي أخرجه أبو داود في سننه: (فادع الله لنا يا أخي!) أو (لا تنسنا من دعائك يا أخي!) ضعيف وما دام ضعيفاً لا نعمل به، مع أن المسألة فيها عشرات الأحاديث، وعلى ذلك استقر عمل السلف في دعوة بعضهم لبعض وبطلب بعضهم من بعض الدعاء.
فهذه أم الدرداء الفقيهة امرأة الفقيه تطلب الدعاء من صفوان بن عبد الله وتقول له: (فادع الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة). وهذا يدل على فضل الدعاء في ظهر الغيب، وأنه مستجاب، (وأن الله تعالى يوكل به ملكاً عند رأسه كلما دعا لأخيه بخير) والدعاء موصوف بأنه دعاء بالخير لا بالشر ولا قطيعة الرحم [ (قال صفوان: فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء فقال لي مثل ذلك، يرويه عن النبي عليه الصلاة والسلام) ]. يعني: نفس الكلام الذي قالته أم الدرداء في البيت قاله أبو الدرداء في السوق لـصفوان .
وهذا يدل على أن السلف كانت حياتهم كلها واحدة، وكانوا يُعمِلون النصوص في كل موطن، ولا يفرطون في شيء من ذلك.
[ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن عبد الملك بن أبي سليمان بهذا ا لإسناد مثله. وقال: عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ].
الباب الرابع والعشرون: (باب: استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب). يعني: أنه ليس واجباً، وإنما هو مستحب.
قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير قالا: حدثنا أبو أسامة -حماد بن أسامة- ومحمد بن بشر العبدي عن زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن أبي بردة ] وهو ابن أبي بردة الأشعري. يعني: جده أبو موسى الأشعري [ عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها) ]. يعني: إذا أكلت أكلة عظيمة جداً شهية على مائدة وسفرة رائعة فإن الله تبارك وتعالى يرضى منك أن تقول: الحمد لله. فقط، وهذا من كرم ربنا الذي لا حد له، فإذا جلست على المائدة حتى امتلأ بطنك تماماً وعجزت عن الأكل حيث أنك لا تجد له مسلكاً، وإن كنت لا تتناول من كل صنف إلا لقمة واحدة لكثرة الأصناف فإن الله تعالى يرضى منك بكلمة تؤدي بها شكر هذه النعمة، وهي قولك: (الحمد لله).
وجاء في صحيح البخاري صيغة هذا الحمد أنه قال: (الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، غير مكفي ولا مودع ولا مستغن عنه ربنا). وجاءت صفات وصيغ غير هذا للحمد بعد الطعام والشراب.
قال: حدثنا [ يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف -واسمه سعد بن عبيد الزهري - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت فلا -أو- فلم يستجب لي) ]. وقد قلنا: إن الدعاء قد يكون عبادة محضة؛ لأن الدعاء هو العبادة. يعني: أنه باب عظيم جداً من أبواب العبادة، حتى وإن كان الإنسان لا يريد أن يسأل، فيسأل في حال معين أو في وقت معين فيدعو في هذا الوقت إظهاراً للعبودية، وإن لم يكن له حاجة في هذا التوقيت بالذات، فإذا دعا في توقيت ليس له فيه مصلحة معينة مع خلو ذهنه وعدم انشغال قلبه بشيء معين فإن هذا الدعاء يكون محض العبادة، وهي صورة ظاهرة جداً في عبادة النبي عليه الصلاة والسلام، والعباد أحوج الخلق إلى طلب الحاجات من الله عز وجل في كل وقت وحين.
[ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي ] وهؤلاء ثلاثة مصريون متتابعون، عبد الملك وشعيب والليث ، فـعبد الملك يروي عن أبيه عن جده [ قال: حدثني عقيل، وعقيل نزل مصر.
وقدم قدم أحد إخواننا خطة بحث لرسالة الدكتوراة في جامعة الأزهر، كلية أصول الدين، قسم الحديث في الرواة المصريين، والمادة طويلة، فهي تزيد عن (1500) ورقة تلسكاب، فإذا نشط أحدكم للبحث فسأدفع له خطط البحث التي قدمها هذا الباحث في الدكتوراة إلى جامعة الأزهر، والعجيب أن جامعة الأزهر رفضت هذا، ولم تبد أسباباً، مع أن أحداً لم يتعرض لهذا إلا الإمام السيوطي فله كتاب في مجلدين، ذكر فيه الصحابة المصريين والذين نزلوا مصر. [ عن ابن شهاب أنه قال: حدثني أبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف ، وكان من القراء وأهل الفقه -فمع أنه مولى إلا أنه كان فقيهاً قارئاً للقرآن الكريم- قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي) ].
[ أخبرني معاوية بن صالح -و معاوية نزل مصر - عن ربيعة بن يزيد الدمشقي ]، ويمكن أن يدخل في هذا البحث أهل دمشق باعتبار أن الشام ومصر كانوا دولة واحدة قبل أن يصبحوا دولتين.
[ عن أبي إدريس الخولاني -وهو عائذ الله بن عبد الله، عالم الشام بعد أبي الدرداء - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم) ].
فمن موانع إجابة الدعاء: أن يدعو العبد بإثم أو قطيعة رحم، وهذا مشروط بألا يكون العبد الذي هو الداعي مظلوماً، فإن كان مظلوماً ودعا بإثم على المدعو عليه استجيب له.
فلو دعا مثلاً: يا رب! احرم فلان هذا العلم، وارزقنيه بدلاً منه في الدعاء، ولو كان هذا الداعي من أهل العبادة والورع، فهذا الدعاء لا يستجاب، بل يأثم به الداعي.
ولكن لو كان مظلوماً في مظلمة معينة عند فلان أو عند فلانة فقال: اللهم إن كنت تعلم أن حقي عنده أو عندها فافعل بها كيت وكيت وكيت، ويدعو عليها أو يدعو عليه، فهذا بلا شك دعاء مستجاب؛ لأن هذا دعاء المظلوم حتى وإن كان كافراً.
قال: [ (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستجعل. قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: تقول: قد دعوت، قد دعوت، فلم أر يستجيب لي). أي: فلم أر الله تعالى يستجيب لي.
(فيستحسر عند ذلك). ومعنى يستحسر: ينقطع عن الدعاء، قال الله تعالى: لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ [الأنبياء:19]. أي: لا يملون ولا ينقطعون عن العبادة.
قال: [ (فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء) ]. والمتعدي في الدعاء يأثم بالتعدي، ولا يوجد دليل يقول: إنه ينقلب عليه، وإنما الدليل قائم على أنه يأثم بذلك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
الجواب: أنصح إخواني جميعاً لا بطلب الحديث فحسب، ولا القرآن فحسب، ولا العقيدة فحسب: أن يقطفوا من كل بستان زهرة، خاصة بعد التقدم في السن، فإن الشخص قد يطلب الحديث مدة (10) سنين أو (15) أو سنة وعمره (50) سنة ثم أنه يحفظ شيئاً من القرآن الكريم، ولا يعرف شيئاً من العقيدة الصحيحة ولا غير ذلك، ولذلك أنصح إخواني بالدراسة في أي معهد من معاهد إعداد الدعاة المعتبر؛ حتى يتسنى له أن يطلب العلوم كلها. وهذا الكلام لمن لم يكن له طريق في طلب العلم الشرعي.
الجواب: هذا حرام، والاستمناء عموماً حرام، وهو في نهار رمضان أشد حرمة، فيجب على هذا المستمني أن يصوم يوماً مكان هذا اليوم، ويتوب إلى الله عز وجل من هذه الفعلة الشنعاء.
الجواب: هذا من الميتة، ولا يجوز لك أن تأكل منه شيئاً، لا كثيراً ولا قليلاً، لا بعد موته مباشرة ولا بزمن، وسواء طال الزمن أم قصر؛ لأن هذا ميتة، إلا إذا كنت تقصد بالموت الذبح.
الجواب: لا، ليس عليك إثم، ولا يلزمك استعمال الماء، وفي حديث أبي هريرة : (أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالوضوء من الحدث. قيل: يا أبا هريرة ! ما الحدث؟ قال: فساء أو ضراط). فليزمه أن يتوضأ ولا يلزمه غسل دبره بالماء.
الجواب: يجوز ذلك؛ لأن عمله لا علاقة له بإمامته في الصلاة، وإن كنا نكره له ذلك، وننصحه بترك العمل في هذا المجال.
مداخلة: ولو دعاهم إلى العقيقة؟
الشيخ: إذا كان له مال آخر غير ماله الذي يتقاضاه من الشركة فمن شاء ذهب ومن لم يشأ لم يذهب.
الجواب: إذا أراد ذلك وتعسر الزواج وكانت البنت من أهل الصلاح فلا بأس أن يعطيه الورقة، ولو خالفها بعد الزواج فهذا الإلزام لا عبرة به في الشرع أبداً، وإذا تزوج فهو حر في بيته، بل هو صاحب الولاية المطلقة على المرأة، وليس عليه إثم.
الجواب: إذا لحق الضرر بك إذا تركت المحاضرة فإنه لا يجوز لك أن تترك المحاضرة، وصل في جماعة ثانية بعد انتهاء المحاضرة.
الجواب: هذه الصلاة باطلة، وقد جاء في حديث المسيء صلاته أنه دخل ونقر الصلاة نقراً ثم أتى فسلم على النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: (وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل). لأنه كان لا يطمئن في ركوعه ولا سجوده ولا قراءته، فالذي يصلي سريعاً جداً لدرجة أن بعض المأمومين لا يتمكنون من قراءة الفاتحة خلفه فضلاً عن السورة، فهذا بلا شك مسيء صلاته. يعني: أن صلاته سيئة إلى أقصى حد، ولا أظن أن مسيء الصلاة الوارد في النص قد بلغ هذا المبلغ، وأنتم تعلمون أن الاطمئنان ركن في كل ركن. يعني: الاطمئنان ركن في القيام، وفي القراءة، وفي السجود، وفي الركوع، فإذا خالف المصلي في ركن متعمداً بطلت صلاته، وهذا قد خالف في ركن الاطمئنان، وهو ما يسمى المصلي السريع.
ونحن في بلادنا رجل كبير جداً عمره فوق (90) سنة، وقد كان جدي يصلي خلفه، وقد مات، وأبي سيموت، وأنا سأموت، والرجل لا يزال يعيش، وهو الذي يصلي بالناس إلى اليوم، وقد انحنى ظهره في زاوية (45)، وقد زارني صاحب مرة فلم يجدني في البيت فقال: ما دام العصر قريباً فسأذهب أصلي في المسجد، فذهب وصلى هناك، ولما رجع وجدني، فقلت له: أين صليت؟ قال لي: في المسجد الكبير. قلت له: أنت صليت خلف الرجل الفلاني؟ قال: نعم. ثم قال: لقد قلت لما تقدم هذا الرجل: إن أكملنا الصلاة قبل المغرب فهذا جيد وإذ بالرجل يخيب أملي فيه تماماً وينقر الأربع الركعات في صلاة العصر في أقل من دقيقتين. قال: لقد أدهشني هذا الرجل بلياقته البدنية الهائلة، والناس كلها مبرمجة عليها، فبعد الصلاة قلت لهم: يا ناس! صلاة الرجل هذا غير صحيحة، فوافقني بعض الشباب، فقلت لهم: نقيم ونصلي صلاة ثانية، ولكن هؤلاء الشباب مبرمجين على هذا الرجل، فعندما أسجد أو أرفع من الركوع يسبقوني؛ لأنهم مبرمجين على هذا الرجل. يعني: لما يرفع من الركوع يسمع بعضهم قد وصل إلى الأرض، ولما يسجد يلاحظ بطرفه بعضهم قد سجدوا قبله؛ لأنهم تبرمجوا على صلاة هذا الأول، والأصل في الصلاة المتابعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإنما جعل الإمام ليؤتم به) .
الجواب: ما نقل عن ابن تيمية وابن القيم أنهما قالا بفناء النار. غير صحيح، وقد كتبت رسالة دكتوراة من جامعة أم القرى منذ (3) أو (4) أعوام بينت مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في بقاء النار وعدم فنائها.
الجواب: الدكتور علي السالوس هو من أهل الذكر في هذه القضية، وهو إمام من أئمة الاقتصاد في البلاد، وهو يرى جواز التعامل مع المصرف الإسلامي الدولي، وبنك فيصل الإسلامي، ويقول: بجواز التعامل معهم إذا كان ذلك من باب الحساب الجاري بغير إشكال.
أما إذا كان من باب حساب المرابحة فهو يقول: الأولى ترك ذلك. وقوله: (الأولى ترك ذلك) يدل على جوازه مع خلاف الأولى، أو مع الكراهة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح صحيح مسلم - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار - أدعية وأذكار الكرب للشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري
https://audio.islamweb.net