اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , المذاهب والفرق المعاصرة - العلمانية للشيخ : عبد الرحيم السلمي
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
أما بعد:
فتحدثنا في الدرس الماضي عن نشأة المذاهب في الغرب، وقلنا: إن المذاهب بالمعنى الاصطلاحي: هي المذاهب المعاصرة الفكرية التي نشأت في أوروبا، وبينا الدين الذي آمنت به أوروبا وأنه ليس دين الله عز وجل الحق الذي نزل على عيسى بن مريم عليه السلام، وإنما هو دين محرف حرفه بولس اليهودي وقد اعتنقت الدولة الرومانية الدين النصراني في سنة (325) ميلادي، واختارت مذهب التثليث، وبينا بعض البدع وبعض العقائد الضالة المنحرفة التي كانت موجودة في النصرانية التي اختارتها أوروبا عن طريق قسطنطين الحاكم الروماني في تلك الفترة، وبينا أن الكنيسة والأباطرة قد طغوا وبغوا وآذوا الناس إيذاء كبيراً، وكان من طغيانهم الطغيان الديني والطغيان العلمي والطغيان المالي والسياسي.. ونحو ذلك، وأشرنا إلى نماذج من هذا الطغيان الذي قاموا به، وفي القرن السابع عشر الميلادي تقريباً بدأ كثير من الأوربيين يجتهدون في عالم الصناعة، وبدءوا يخترعون، وبدأت حركة تحرر عند الغربيين، فواجهت الكنيسة والأباطرة هذه الحركة بالقمع والإيذاء والتكفير والحرمان، وقلنا: إن الكنيسة أعطت نفسها حق الحرمان، فأحرقت عدداً من هؤلاء وحرمت آخرين، وسجنت بعضهم وأحرقت كتبهم، ونهت نهياً باتاً عن تحريك العقل في الماديات المعاصرة، وأنه يلزمهم أن يستقوا من الكنيسة، وأن النصوص التي يتكلمون بها من عند أنفسهم هي معصومة يلزمهم جميعاً الإيمان بها، من جراء هذا الطغيان تكونت في فترات متعددة حركة عارمة وكبيرة من هؤلاء المتحررين، الذين يطالبون بالمشاركة في عالم السياسة مع الأباطرة، وبتحريك العقل في فهم الإنجيل وفي فهم الدين، وفي فهم الماديات الموجودة في الكون، وفي الاختراعات والصناعة، وكان من آخرها الثورة الفرنسية التي كانت في القرن الثامن عشر الميلادي في سنة (1789)م، ولما ظهرت الثورة الفرنسية استغل اليهود هذه الثورة ووجهوها توجيهاً سيئاً، بناء على خططهم السابقة وهي أنه حتى يرتقي اليهود وحتى تكون لهم مكانة فلا بد أن يضل الناس في عقائدهم ويفسدوا في أخلاقهم، فلما قام اليهود بهذا الدور اتجهوا لضرب الكنيسة واتجهوا أيضاً لضرب الأباطرة، فأما ضرب الكنيسة فإنهم لم يقولوا بأن الكنيسة كانت مخطئة، وأن عليها ملاحظات، وأنه بالإمكان أن يبقى العالم الأوروبي على الدين النصراني، وإنما وجهوا الطعن إلى الدين نفسه، فأصبح في حس الأوربيين أن كل من التزم بالدين فهو متخلف، فسموا الدين تخلفاً، واعتبروا الدين رجعية، واعتبروا الدين هو أساس التأخر، وأنك إذا أردت أن تتقدم وإذا أردت أن يكون لك دور في الحياة وأن تتعامل مع سنن الله عز وجل بشكل صحيح فعليك أن تترك الدين أولاً ثم تنطلق، أما إذا بقيت على الدين فإنك لن تنطلق، ولن يكون لك أي تحرك، هذا من جهة، فانتشر الإلحاد، وانتشرت النظريات الخبيثة في السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع وفي النفس وفي الآداب وفي مجالات متعددة سيأتي شيء من الحديث عنها بإذن الله تعالى.
واتجهوا أيضاً إلى الطعن في طريقة الحكم التي كان يحكم بها الأباطرة للإقطاعيات، وأنه لا بد من وجود ديمقراطية، والديمقراطية معناها: أن الشعب يملك مصير نفسه في الجوانب النظامية، وفي الجوانب التشريعية، ولهذا يعتبرون أن الشعب هو الذي يحكم نفسه، وسيأتي الحديث عن مذهب الديمقراطية بالتفصيل إن شاء الله، فطالبوا بالمشاركة في السياسة، بغض النظر عن العنصر وعن اللون وعن الدين، فيمكن لأي إنسان أن يشارك إذا كان له عدد كبير من المرشحين حتى لو كان ملحداً أو يهودياً أو نصرانياً، وبهذا استطاع اليهود أن يتسلقوا إلى أعلى المراتب أو الأماكن والولايات في الدول الغربية، هذا تقريباً ما حصل في أوروبا بشكل مختصر وذكرنا ذلك في الدرس الماضي.
إذاً: فكرة العلمانية التي ظهرت أفرزت كثيراً من المذاهب وكثيراً من الأفكار، بعضها صارت مشهورة ومعروفة عند الناس، وبعضها صارت مغمورة، وبعضها أقل من ذلك، وبعضها أكثر، وصارت هناك عشرات النظريات، بل مئات النظريات الغربية التي انطلقت من هذا المنطلق وهو العلمانية وأنه ينبغي لك أن تبحث وأن تفكر بغض النظر عن الدين، ويسمون الدين اللاهوت، ويقولون: اللاهوت هو عبارة عن أشياء روحانية تؤديها في مكانها المخصوص، وهو الكنيسة بالنسبة للغربيين، والعلمانيون المنتسبون للإسلام يقولون: المسجد، وأما بقية الحياة فلها شأن آخر.
السبب الأول: سبب ذاتي أو داخلي، وهو ذات الأمة نفسها كانت عندها قابلية، هذه القابلية بسبب الانحراف الذي حصل من المسلمين عن منهج الله سبحانه وتعالى.
والسبب الثاني: سبب خارجي وهو التآمر على هذه الأمة من قبل اليهود والنصارى ومن كان معهم.
الأمر الأول: الانحراف في الألوهية والعبادة.
الأمر الثاني: الانحراف في أصول الحكم والتشريع والحاكمية.
الأمر الثالث: الانحراف في مفهوم القضاء والقدر.
يا خائف من التتر لوذوا بقبر أبي عمر
ولهذا صار هذا الانحراف فرصة ومناخاً مناسباً لدخول الأفكار والمذاهب الغربية، وفي الوقت نفسه صار أيضاً فرصة مناسبة لاجتياح الغربيين الصليبيين للعام الإسلامي، وسيأتي معنا شيء من ذلك.
الدولة الثانية: هي الدولة المغولية، وهي من بقايا التتار الذين أعلنوا إسلامهم، وكانوا في تلك الفترة في بلاد الهند، وكان فيهم جهل عظيم بالإسلام، وانتشار للخرافات والخزعبلات والسحر والشعوذة.. ونحو ذلك.
الدولة الثالثة: وهي الدولة الكبيرة التي كانت مؤثرة في تلك الفترة هي الدولة العثمانية، وقد كانت في العراق وبلاد الشام، وكانت أيضاً في شمال أفريقيا، وأيضاً كان لهم وجود كبير داخل أوروبا كما قلت في أوروبا الشرقية من جهة تركيا، والحقيقة أن الدولة العثمانية في بدايتها كانت جادة ونشيطة في نشر الإسلام، ولهم مآثر عظيمة في الدعوة إلى الإسلام، وفي نشر الإسلام، وفي إقامة الجهاد في سبيل الله، وفي الحرص على الدعوة إلى الله عز وجل، وإن كان منذ أن بدءوا يوجد عندهم بعض الانحرافات العقدية، مثل: تبنيهم للتصوف، وتبنيهم لمذهب الماتريدية من جهة الاعتقاد النظري، لكن الدولة العثمانية في آخر أمرها انحرفت عن الخط الإسلامي انحرافاً كبيراً، فقد أصبح غلاة الصوفية من المعظمين لـابن عربي الطائي الذي هو كما تعلمون يرى أن الوجود وحدة واحدة، وأنها هي الله، وأنك أنت الله وأنا الله وكل شيء هو الله، ولهذا يقول:
العبد رب والرب عبديا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك ربأو قلت رب أنى يكلف
يعني: كيف يكلف وهو رب؟! ليس هناك تكليف، وليس هناك أمر ولا نهي، وليس هناك رسل، وليس هناك ملائكة بل الجميع هو الله عندهم، ولهذا يقول:
وكل كلام في الوجود كلامهسواء علينا نثره ونظامه
يعني: كل شيء من الكلام من كلام الإنس أو الجن أو من نبيح الكلاب ونهيق الحمير وزقزقة العصافير ونحو ذلك كلها جميعاً يعتبرها من كلام الله سبحانه وتعالى، فتبنت الدولة العثمانية في آخر أمرها هذا المنهج الصوفي الخطير، الذي انحرف بها انحرافاً كبيراً، فكانت الدولة العثمانية في تلك الفترة يوجد فيها سلبيات من جهة الحكم والتشريع، وكان لهذه السلبيات أثر كبير جداً في سقوطها من جهة، وفي تبني من كان له أثر فيها للأفكار الغربية من جهة أخرى، ومن هذه الملاحظات والسلبيات التي كانت موجودة عندهم على الصعيد السياسي غياب مبدأ الشورى، والاعتماد على الملك الجبري عن طريق الوراثة النسبية، ولم يكونوا يشاركون الناس معهم في الحكم، ولم يكن هناك أهل للحل والعقد بحيث إنهم يصوبون أخطاءهم ويوجهونهم وينصحونهم، بل كان الحكم فردياً، ليس فيه اعتماد على الشورى لا من قريب ولا من بعيد، في الوقت التي كانت أوروبا تواجه ضغط الجماهير التي تطالب بحرية التفكير من جهة، وتطالب أيضاً بالمشاركة السياسية من جهة أخرى، وهذا يدل على أن الدولة العثمانية في تلك الفترة كانت غائبة عن المرحلة التي تعيشها، فإن المرحلة التي تعيشها كانت تقتضي في أفضل الأحوال أن يأتوا بأهل الحل والعقد من العلماء ورؤساء الأجناد ويسلموهم مقاليد الحكم، بمعنى: أنهم يكونون هم المشرفين على الحكم، يوجهون الحكام بما أمر الله سبحانه وتعالى به، وبما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنهم لم يعبئوا بذلك، فصار فيما بعد للمستغربين الذين اقتنعوا بأفكار الغربيين، مثل: حزب الاتحاد والترقي حجة في الوقوف ضد الدولة العثمانية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى صار لبعض المغفلين ممن ساير الغرب وقال: إن العرب لا يشاركون في الحكم مع الدولة العثمانية صار أيضاً لهم حجة في التعاون مع انجلترا مثلاً لإحداث ثورة قومية كما حصلت في تلك الفترة، وكانت مؤثرة في سقوط الدولة العثمانية كما هو معلوم تاريخياً.
وأيضاً من السلبيات التي كانت موجودة عند الدولة العثمانية على هذا الصعيد: إغلاق باب الاجتهاد، والاعتماد على الفقه الحنفي فقط، فهم أغلقوا باب الاجتهاد وقالوا: الاجتهاد في الفقه لا مجال له، وإنما عندنا الفقه الحنفي نعتمد عليه، والفقه الحنفي كما هو معلوم يتميز بكثرة الافتراضات غير الموجودة التي يتخيلون أنها تقع، ومع هذا لما أغلقوا باب الاجتهاد، واعتمدوا على الفقه الحنفي، وصاروا لا يتحركون إلا في دائرة ضيقة في مجال الفقه الإسلامي، ولم يعتمدوا على النصوص الشرعية الواردة في القرآن والسنة، ويستنبطوا منها مصالحهم في الفترة التي تناسبهم، لما صار عندهم هذا في الوقت نفسه صار العالم يتجه نحو التنظيم ويتجه نحو الترتيب، وأصبحت الدولة العثمانية أمام مأزق في كثير من المشكلات الموجودة عندهم، فالجيش مثلاً كان عندهم عبارة عن ناس متطوعين يعتمدون على السيف والخيل، وإن اعتمدوا على بعض البارود، لكنه ليس عندهم جيش منظم، فاحتاجوا إلى وجود جيش منظم ومدرب في نفس الوقت، وأيضاً على الصعيد الإداري احتاجوا لتنظيم الشئون الإدارية والأقاليم، وتحديد الصلاحيات، وكل شخص مثلاً له صلاحية.. ونحو ذلك، احتاجوا لهذا الأمر، ولعدم فتح باب الاجتهاد أثر ذلك عليهم تأثيراً كبيراً، فاستقدموا الغربيين في الجانب التنظيمي، لم يستقدموهم في الجانب التشريعي، مثل: تشريع الحدود والأوقاف والدماء.. ونحو ذلك، ما استفادوا منهم في هذا؛ لأن عندهم ما يكفيهم، لكن استفادوا منهم في تنظيم الجيش، فاستقدموا شخصيات من دول أوروبية من أجل أن تنظم وتدرب لهم الجيش، وكانت هذه هي بداية للقوانين الوضعية، لما استقدموا هؤلاء في الأمور التنظيمية جاءوا إلى الأمور التشريعية، وإذا عندهم متطلبات كثيرة، عندهم أقليات مثلاً غير مسلمة، وهناك مطالب لهم، ويذكرون بعض أقوال أهل العلم المبيحة مثلاً للتعامل مع الأقليات بشكل حر، بحيث إنه يمكن لهم أن يقيموا برامج، ويمكن أن يقيموا أحزاباً، ويمكن أن يقيموا دعوة لهم، هذه المشكلات مع ضعف الدولة جعلتهم يتقبلون الأنظمة الغربية، وإن لم يحصل هذا بشكل مباشر من بداية الأمر، لكنه حصل بشكل متدرج، حتى لما سقطت الدولة العثمانية كان عند كثير من أصحاب القرار في العالم الإسلامي قبول لأخذ القوانين الغربية، مثل: القانون الفرنسي، أو القانون البريطاني كما سيأتي بيانه، ولو أنهم فتحوا باب الاجتهاد، ولو أنهم تعاملوا بالمنهج الصحيح في التفقه، لوجدوا في الفقه الإسلامي كفاية تكفيهم عن استيراد أنظمة غربية، سواء في المجال الإداري أو المجال التشريعي.
سأنقل لكم كلمة لأحد المستشرقين الألمان وهو باول اشمتس يقول في كتاب له اسمه (الإسلام قوة الغد العالمية) انظروا كيف أن هذا المستشرق استطاع أن يكتشف الخلل عند المسلمين، هو يتكلم عن أن الإسلام هو القوة، لكن ما هو الإسلام الذي يتكلم عنه؟ هو الإسلام الحقيقي الصحيح، يقول باول : طبيعة المسلم التسليم لإرادة الله، والرضا بقضائه وقدره، والخضوع بكل ما يملك للواحد القهار، وكان لهذه الطاعة -يعني: الإيمان بالقدر- أثران مختلفان، ففي العصر الإسلامي الأول لعبت دوراً كبيراً في الحروب، إذ حققت نصراً متواصلاً؛ لأنها دفعت في الجندي روح الفداء، وأصبح يرمي بنفسه في القتال ويقول: إن قتلت ففي سبيل الله وهذا بقدر الله، وفي العصور الأخيرة كانت سبباً في الجمود الذي خيم على العالم الإسلامي، فقذف به إلى الانحدار وعزله عن تيارات الأحداث العالمية.
فانظروا إلى هذا الرجل الكافر كيف استطاع أن يكشف الخلل عند المسلمين، ولهذا يا إخوان! هذه المذاهب وهذه الأفكار وهذا الانفلات من الدين بالطريقة التي صارت عند الغربيين في أوروبا، وعند من تابعهم من المسلمين لا تحصل أبداً مع وجود الدين الحق الصحيح، وإنما تحصل عندما يكون هناك دين باطل، ويظنون أن هذا هو الدين الذي من عند الله، فالدين الذي كانت تتبناه أوروبا دين باطل كما سبق أن بينا، والذين انتسبوا إلى العلمانية من المنتسبين للإسلام تبنوا العلمانية في العالم الإسلامي، وظنوا أن الدين الحق الذي جاء من عند الله هو التصوف، أو عقيدة الجبر في القضاء والقدر، أو الطواف حول القبور والذبح لها والنذر لغير الله، أو الخرافات التي عند هؤلاء وأولئك، أو ترك مبدأ الشورى في الحكم، أو قفل باب الاجتهاد، وأن الفقه الإسلامي عقيم لا ينتج آراء ولا ينتج حلاً لمشكلات العصر، حينئذ انتفضوا على الدين كله، فوقعوا في الكفر من حيث لا يشعرون، والعلمانيون من الغربيين قد يكونون معذورين بعض الشيء عندما انتفضوا على دينهم الباطل، فما هو عذر هؤلاء الذين انتفضوا على دين الإسلام؟ ليس لهم عذر، كان بالإمكان أن يبحثوا عن الدين الحق ويتبنوه ويعتقدوه، وحينئذ سترجع لهم عزتهم التي كانت في زمن الصحابة رضوان الله عليهم، سترجع لهم نفس العزة بالضبط.
هذا هو السبب الأول، وهو السبب الذاتي الموجود في المسلمين: وهو الانحراف عن العقيدة الصحيحة، والانحراف عن منهج الله سبحانه وتعالى في مجالات متعددة كما سبق أن أشرنا.
وهو المستشرق كيمون يقول: أعتقد أن من الواجب إبادة خمس المسلمين، والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة، وتدمير الكعبة، ووضع قبر محمد وجثته في متحف لوفر!
هذه فكرة كانت موجودة عند الغربيين في بداية الأمر، لكنهم اصطدموا بصخرة الإسلام الكبيرة، ومنوا بالهزائم الضخمة التي حصلت لهم في الحرب الصليبية الأولى والثانية، ثم تغيرت الخطة بعد ذلك، تغيرت الخطة من الناحية العلمية، فلم يعد ميدان الحرب الجديدة هي الأرض، وإنما صار ميدان الحرب الجديدة الأدمغة والعقول، ولم تعد الوسيلة التي تنفذ هذه الخطة هي السيف والقتال وإنما الفكر والعقيدة، ولم تعد أيضاً جيوشها الأساطيل والتنظيمات التي تكون في الجيوش، وإنما هي المؤسسات والمناهج والأحزاب والأفكار التي يبثونها وينشرونها بالدرجة الأولى، وأول من لفت العالم الغربي إلى هذه الخطة الجديدة التي هي غزو المسلمين عن طريق إفساد العقيدة هو ملك فرنسا لويس التاسع ، ولويس التاسع ملك فرنسا كان قائد الحملة الصليبية الثانية، هزم في المعركة وأسر في المنصورة ثم فدى نفسه ورجع إلى بلده، وقد كان في سجنه يفكر ويدبر في كيفية الانتصار على هذا العالم الذي جربوا معه أكثر من وسيلة، فتوصل لويس إلى أن الخطة تكمن في إفساد عقيدته، وصارت معالم هذه السياسة الجديدة للعالم الغربي تكمن في أربعة أمور:
الأمر الأول: جعل الحملات الصليبية العسكرية حملات سلمية لإفساد العقائد، وتؤدي ذات الغرض الذي تريده تلك الحملات وهي الإفساد، وحينئذ لن يكون عندهم مقاومة، فينفذ ما يريدون من آراء.
الأمر الثاني: تشجيع وتجنيد النصارى المبشرين، وهم دعاة التنصير لمحاربة تعاليم الإسلام نفسه، عن طريق الكتب والصحف ونحو ذلك.
الأمر الثالث: التعاون مع نصارى العرب، ونصارى العرب هؤلاء خطيرون جداً في تأدية هذا الدور؛ لأنهم قريبون من المسلمين من حيث اللغة، ويمكن للإنسان أن يلبس لبوس الإسلام فينشر ما يريد، وكان لهم دور كبير جداً في إفساد المسلمين، وسيأتي شيء من الإشارة إلى ذلك.
الأمر الرابع في خطة لويس التاسع : العمل على إيجاد قاعدة للغرب في قلب العالم الإسلامي، تنطلق منها الحملات الصليبية، ورشح أن تكون المنطقة التي ينطلق منها هي منطقة لبنان وفلسطين، وقال: إن هذه المنطقة هي المنطقة المناسبة، وبالفعل هذا الذي حصل فيما بعد عندما سلمت بريطانيا فلسطين لإسرائيل، والواقع التاريخي يدل على أن الغرب نفذ هذه الخطة عن طريق أربعة أجنحة:
الأول: الاستعمار والاحتلال المباشر لبلدان المسلمين.
الثاني: الاستشراق.
الثالث: التبشير، وهو التنصير.
الرابع: نصارى العرب كما سيأتي الإشارة إليه بإذن الله تعالى، أو استغلال الطوائف الموجودة عموماً سواء من النصارى أو من الباطنية أو من اليهود أو من غيرهم كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
الهدف الأول: القضاء على الحركات الجهادية، مثل: وحركة مهدي السودان في السودان، حركة المهدي في السودان كانت حركة ضالة منحرفة لا تمثل الإسلام، لكن الاستعمار قضى عليها لا لأنها ضالة، بل لأنها تنتسب إلى الإسلام ولو انتساباً باطلاً؛ ولأنها تريد الحكم بالإسلام ولا تريد الاستعمار فقضى عليها، وأيضاً حركة عمر المختار في ليبيا، وحركة عبد القادر الجزائري في الجزائر، وحركة عبد الكريم الخطابي في المغرب العربي، وحركة إسماعيل الشهيد في الهند، وأيضاً قضي على الأستاذ حسن البنا في مصر، وهؤلاء عندما وصفنا أنهم أصحاب حركات جهادية لا يعني تزكيتهم أو مدحهم، لا، لنا ملاحظات على هؤلاء، لكن الاستعمار قضى عليهم من أجل أنهم يعلنون الإسلام فقط، ويرون أنه هو الذي يجب أن يطبق في حياة المسلمين، بغض النظر عن مبادئه، وهم قضوا على الدولة التركية، مع أن الدولة التركية كما سبق أن أشرنا قد تبنت التصوف، وتبنت عقيدة الماتريدية، وقضاؤهم عليها لأنها تبنت الإسلام، وليس لأن التصوف موجود عندهم كما هو المعلوم.
الهدف الثاني: إلغاء المحاكم الشرعية، والإتيان بالقوانين الوضعية بدلاً عنها، ويذكرون تاريخياً أن أول بلد ألغيت فيه الشريعة الهند، وألغيت منه الشريعة تماماً في أواخر القرن التاسع عشر الماضي، ثم بعد ذلك ألغيت الشريعة في الجزائر، ألغيت عقيب الاحتلال الفرنسي في سنة ألف وثمانمائة وثلاثين، وألغيت أيضاً في مصر عن طريق إسماعيل الخديوي وكان عميلاً لفرنسا وأتى بالقانون الفرنسي في سنة (1883)م وألغيت جميع أحكام الشريعة إلا الأحوال الشخصية، لماذا لم يغيروا الأحوال الشخصية؟ لأن الأحوال الشخصية لها مساس بحياة الناس، مثل: قضايا النكاح، قضايا الطلاق، قضايا المواريث، هذه لا يمكن أن يغيروها بسهولة، لا يستطيعون أن يغيروا الطلاق أو النكاح مثلاً فسيقولون: يجوز للرجل أن ينكح أخته مثلاً! ما يقبلها الناس، لكنهم غيروا كل شيء آخر مثل الدماء، ومثل الأعراض.. ونحو ذلك، وأبقوا الأحوال الشخصية فقط، وقننوها في كثير من البلدان.
الهدف الثالث الذي حققه الاستعمار: هو القضاء على التعليم الإسلامي، وإيجاد معاهد بديلة عنه تدرس الفكر الأوروبي، والفكر العلماني الجديد الذي صار في أوروبا، وقصة هذا الموضوع أيضاً طويلة، لقد وضعوا خططاً لذلك مثل: خطة دلوب مثلاً في مصر وغيرها، وأتوا بجامعات مثل: الجامعة الأمريكية في لبنان وغيرها، وأرادوا تربية أكبر عدد من أجيال المسلمين على هذه المبادئ، وعلى هذه الأفكار الباطلة.
ومن أهداف الاستعمار أيضاً: استخدام الطوائف غير الإسلامية وإحياؤها، مثل: النصارى فقد صارت لهم مناصب كبيرة جداً أثناء الاستعمار الفرنسي لبلاد الشام، وأيضاً الباطنية، والأقباط في مصر وهكذا، وأما دول أفريقيا فإن الاستعمار لم يخرج منها حتى جعل النصارى هم الحكام لها، في بعض البلدان نسبة المسلمين فيها (99%) ومع هذا يخرج الاستعمار ويعين عليهم حاكماً نصرانياً!
ومن أهداف الاستعمار أيضاً: تربية بعض أبناء المسلمين الذين يوافقونهم في المنهج والعقيدة على الفكر الغربي، وكانت هذه التربية هي تحقيق للشعار الذي رفعه زويمر ، وهو قوله: الشجرة يجب أن يقطعها أحد أغصانها. وتم هذا عن طريق الابتعاث إلى العالم الغربي، فقد جاء عدد من المبتعثين الذين يعظمون أوروبا ويحملون الروح الانهزامية، ويعظمون الفكر الأوروبي، بل إن بعضهم يرى أن أوروبا ما استطاعت أن تصل إلى ما وصل إليه من التقدم والحضارة إلا عندما رفضت الدين وجعلته خلفها، واتجهت نحو الإلحاد.
ومن أهدافهم أيضاً: الطعن في حقيقة القرآن، فهم يعتبرون أن القرآن هو عبارة عن إلهامات كانت تأتي إلى محمد، وأمر بعض أصحابه أن يكتبوها وقد خلطها بعضهم بكلام من عنده، وتكون من هذه الصحف المكتوبة -وهي غير موثوقة- القرآن الذي يقرؤه المسلمون اليوم، ويصرحون بهذا.
ومن أهدافهم: القدح في حقيقة النبوة، فهم يعتبرون أن النبوة عبارة عن اكتساب ذاتي، وليست من جهة الله عز وجل، يقولون: إن محمداً لقوة شخصيته ولقوة انفعالاته النفسية صار له تأثير في الناس، وهذه أصلاً فكرة فلسفية موجودة عند الفلاسفة اليونان، فهم يرون أن النبوة تكتسب، وأنه بإمكان الإنسان أن يكتسب النبوة.
وأيضاً من أهدافهم: أنهم قالوا: إن الإسلام قد انتهى دوره، وأنه استنفذ أغراضه، وأنه حركة وطنية كان لها ظروف في مرحلة معينة، وقد تمت هذه الظروف، فلا داعي للكلام عن الإسلام على أنه دين شامل للحياة، وعلى أنه هو الذي يحكم شئون الناس.
وأيضاً من أهدافهم: قولهم: إن الإسلام هو عبارة عن طقوس روحانية ونفسية تعمل في المسجد، وأما ما عداه فليس له دور في الحكم والسياسة، وهذه هي الفكرة العلمانية التي سبق أن أشرنا إليها.
وأيضاً من أهدافهم: أنهم قالوا: إن الفقه الإسلامي مأخوذ من القانون الروماني، يعني: فقه الإمام مالك وفقه الإمام أبي حنيفة وفقه الأئمة من بعدهم في الحقيقة مأخوذ من القانون الروماني، الذي كان عند الرومانيين قبل أن يتجهوا نحو النصرانية، وهذا الهدف منه هو تسهيل قبول القوانين الوضعية، ولهذا وجد من المسلمين من قال: إن القوانين الوضعية التي جاءت من بريطانيا أو جاءت من فرنسا مثلاً هي نفسها الفقه الإسلامي، فتراه يأتي إلى قانون من القوانين الوضعية ويبحث عن قول من الأقوال يشابهه في الفقه الإسلامي فيقول: هذا هو هذا، ثم يأخذ القانون الثاني، ويبحث في الفقه عن رأي من الآراء يوافقه ويقول: هذا هو هذا، وجعلوا القوانين الغربية هي نفسها الفقه الإسلامي! وقالوا: ها نحن نحكم بما أنزل الله، ولسنا كما يزعم بعض الناس أننا نحكم بغير ما أنزل الله، وهم في الحقيقة يحكمون بغير ما أنزل الله كما هو معلوم.
ومن أهداف المستشرقين: دعواهم بأن الشريعة والدين يمانع التقدم ويمانع الحضارة، وأنه يدعو إلى التخلف، وحينئذ لن يكون للمسلمين تقدم حتى يتخلوا عن هذا الدين.
ومن أهدافهم: محاولة إضعاف اللغة العربية، وإحياء اللهجات العامية والمحلية، وتجهيل أبناء المسلمين بدور اللغة، ومحاولة التشكيك في الكلمات العربية، واعتقاد أن الشعر الجاهلي مثلاً خرافة، وأنه كذب ودجل، وأنه يجب أن نحاكم القرآن والسنة مثلاً إلى المعايير الفنية المعروفة، ونحو ذلك من الكلمات التي رددوها، وأيضاً رددها من جاء بعدهم ممن اقتدى بهم.
وأيضاً من أهدافهم: التقليل من تاريخ الأمة المسلمة، والتهوين من شأنها، وفي المقابل رفع تاريخ الغرب والثناء عليه وتمجيده.
وأيضاً من أهدافهم: إثارة موضوع تحرير المرأة، وأن المرأة مزدراة محتقرة، بل إنهم يقولون: إن محمداً يأمر الناس بشيء ولا يطبقه هو، وأصبح هذا الكلام يردده بعض المنتسبين إلى الإسلام كما سيأتي بيانه إن شاء الله في لقاء آخر.
وأيضاً من أهدافهم: بعث الحركات الضالة مثل: القاديانية، ومثل: الشيعة الإثني عشرية والباطنية، ومثل: الدروز والإسماعيلية والنصيرية، وإظهارهم وتعظيمهم، حتى إن بعضهم ألف كتاباً عن الحلاج لوحده، وبعضهم ألف كتاباً عن ابن عربي وعظمه وأبرز فلسفته، ونشر فكره، وقاموا بتحقيق كتب الفرق الضالة والمنحرفة، قاموا بتحقيق ديوان ابن الفارض وقاموا أيضاً بتحقيق كتب ابن عربي ونشرها، وإعادة طباعتها مرة أخرى.
وأيضاً من أهدافهم: نبش الحضارات القديمة، ففي مصر مثلاً نبش الحضارة الفرعونية، على أنها امتداد للتاريخ المصري، أرادوا أن يشعروا المسلم أن هؤلاء هم عبارة عن أجداد لك، وحينئذ ينبغي أن تعرف تاريخهم، وأن تدرك أحوالهم، مع أن الفراعنة كما هو معلوم وثنيون أعداء للرسل كما هو معروف، لكن هم أرادوا أن ينبشوا هذه الحضارات؛ حتى يتعلق الناس بها، ولأجل هذا دعموا فكرة القوميات والوطنيات، ولهذا حولوا المنهج العلمي في البحث والتجرد إلى منهج لا ديني، وأصبح من أبناء المسلمين من يقلدهم في ذلك، فتجد أن بعضهم يقول: قال القرآن، لا يقول: قال الله تعالى، ومن المنتسبين إلى الإسلام من يقول: قال محمد ولا يقول: قال الله تعالى!
أيضاً اتجه نصارى العرب للصحافة، وصارت لهم صحف ينشرون فيها أفكارهم، وينشرون فيها هذه المذاهب، مثل: صحيفة الجنان مثلاً، والمقتطف، والهلال.. ونحو ذلك، ومن أبرزهم وأشهرهم الشاعر ناصيف اليازجي ويعقوب صروف ، وجرجي زيدان ، وأحمد فارس الشدياق ، وإن كان بعض الناس يقول: إن أحمد فارس الشدياق أسلم والله أعلم، وبطرس البستاني ولويس شيخو وشبلي شميل ، وشبلي شميل هذا رجل يؤمن بالداروينية، يعني: يؤمن بفكرة دارون أن الإنسان أصله يرقة كانت موجودة ثم تطورت حتى صار قرداً، ثم تطور حتى صار إنساناً، ويبثها من خلال كتاباته ومن خلال مقالاته التي ينشرها، ومثل سلامة موسى وغيرهم من النصارى الذين كان لهم دور كبير في نقل هذه المذاهب وفي تقريرها في العالم الإسلامي، ويمكن مراجعة كتاب (الإسلام والحضارة الغربية) للدكتور محمد محمد حسين ، وكتاب (حصوننا مهددة من داخلها) له أيضاً، وكتاب (أزمة العصر) له أيضاً، وكتاب (الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر) لنفس الدكتور، وغيرهم ممن كتب عن هذه المرحلة وبين أثرهم، مثل كتاب (المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام) لـمحمود الصواف رحمه الله، وأيضاً كتابات الأستاذ أنور الجندي له كتاب اسمه (جيل العمالقة في ميزان الإسلام) ويقصد بالعمالقة هؤلاء الذين اشتهروا في فترة من الفترات وصارت لهم كتابات ولهم صحف ولهم رواج ولهم تأثير في حياة المسلمين، وهم الذين نقلوا هذه المذاهب إلى بلدان المسلمين، وتكلم عليهم بشكل مفصل.
الجواب: هذا بحث طويل، الحروب الصليبية كانت بسبب أن الكنيسة كانت تؤلب الأباطرة النصارى من أجل جمع القوات لمحاربة المسلمين، فصارت الحرب الصليبية الأولى والثانية، والخطة الجديدة للحرب الصليبية الجديدة هي ما سبق أن أشرنا إليه.
الجواب: الواجب على المسلم التزام الإسلام في ذاته، وتربية الإنسان لنفسه على الإسلام وعلى التقوى وعلى الإيمان، ثم دعوة من يستطيع إلى دين الله سبحانه وتعالى، بحسب قدراته وبحسب إمكاناته، وبحسب الظروف المتاحة لديه، فالذي يستطيع مثلاً: أن يعلم المسلمين حقائق الإسلام بأحسن أسلوب وأطيب منطق، عن طريق الخطابة والمحاضرات فليفعل، والذي يستطيع أن يؤلف فليؤلف، والذي يستطيع أن يلقي دروساً فليفعل، والذي يستطيع أن يجلس مع بعض المسلمين لبيان الحق لهم فليفعل.
إذاً: نجتهد جميعاً وكل يؤدي دوراً، هذا يؤدي دوراً، وهذا يؤدي دوراً، وهذه الأدوار إذا اجتمعت سيكون لها تأثير كبير جداً في حياة المسلمين، والمسلمون لم يقتلهم إلا السلبية أو التهور، عندنا هاتان المشكلتان: السلبية وهو الضعف والخوف، وعدم نصح المخطئ، وعدم توضيح الحق للإنسان، وعدم وجود الشجاعة الأدبية في توضيح الحق للإنسان، وإذا وجد صاحب المنكر يتهيب كثير من الناس أن ينصحه، مع أن النصيحة لا يردها أحد، وأنت لست خاسراً، وهو ليس خاسراً، بل أنت رابح وهو مثلك، وحينئذ أي إنسان يراه الداعية يقترف منكراً من المنكرات يجب عليه أن ينصحه وأن يذكره بالله، أن ينصح الشباب الذين يستمعون إلى الأغاني أو ينظروا إلى الأفلام الجنسية، كذلك ينصح الذين يجلسون في أوقات الصلوات عند المسجد ولا يحضرون الصلاة جماعة، أن تنصح أخاك وأمك في البيت، وكل من تستطيع، فهذه ستؤثر تأثيراً كبيراً بإذن الله تعالى، والمدرس ينصح طلابه، والصحفي يكتب مقالاً كريماً طيباً يدعو فيه إلى الله عز وجل، والذي يستطيع أن يؤلف فليؤلف، وهكذا هذه الجهود تتكاتف وتتعاون، وبإذن الله ترفع الغربة عن المسلمين، ولا يمكن أن ترفع الغربة عن المسلمين إلا بجهودنا نحن، ولا يمكن أن ترفع الغربة عن المسلمين إلا بهذه الطريقة.
المشكلة الثانية: هي مشكلة التهور، والحماس غير المنضبط، فإن الحماس غير المنضبط ليس بصحيح؛ لأنه يضر الدعوة أكثر مما ينفعها، ويمكن العدو منها، لكن الدعوة المنضبطة العاقلة ستنفذ في الناس وستؤثر فيهم، وسيقبلها الناس بإذن الله تعالى إذا وجد من أتباعها نشاط وبذل وعقيدة صحيحة بإذن الله تعالى.
يقول الشاعر:
لكل ساقطة في الحي لاقطةوكل كاسدة يوماً لها سوق
هذا الكاسد والساقط والذي لا خير فيه يجد له سوقاً، ويجد له لاقطاً، فكيف بالكلام الرباني الحق الصحيح الذي يلامس شغاف القلوب، سيكون له تأثير أكبر بإذن الله تعالى في حياة الناس.
الجواب: صحيح أنهم منصرون، لكن هذه الكلمة راجت وفهم منها أن المقصود بالمبشرين الذين يبشرون بدينهم الباطل، والأولى أن نستخدم كلمة منصرين.
الجواب: مؤسس السلفية الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس لهم مؤسس آخر، والسلفيون المقصود بهم أتباع السلف الصالح رضوان الله عليهم، فهم كل مسلم ومسلمة متبع لطريقة السلف الصالح رضوان الله عليهم، وهم الصحابة والتابعون ومن جاء بعدهم، وحينئذ ليس لهم مؤسس، وهم ليسوا اجتماعاً عضوياً كجماعة عضوية، وإنما هم اجتماع وصفي، فيمكن للإنسان أن يكون سلفياً هنا أو هناك، ويمكن أن يكون معه مجموعة، ويمكن أن يكون ليس معه أحد، ويمكن أن يعرفه الناس، ويمكن ألا يعرفه أحد، فليست السلفية حزباً مجتمعاً في مكان واحد كما هو المعروف عن الأحزاب، وإنما السلفية وصف لمتبع الحق الذي كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم ومن سار على منهجهم.
نكتفي بهذا، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , المذاهب والفرق المعاصرة - العلمانية للشيخ : عبد الرحيم السلمي
http://audio.islamweb.net