اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة أصول الفقه [5] للشيخ : أسامة سليمان
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد كان الحديث عن السنة باعتبارها أحد مصادر التشريع في أصول الفقه أو أحد أدلة الأحكام، وحيث أنا نتحدث عن السنة، فينبغي أن نتعرف على أنواع الحديث وأقسامه، وعلى مصطلحات أهل الحديث؛ لأنك تقرأ في كتب التفسير والفقه والسيرة: هذا حديث منكر، أو معضل، أو منقطع، أو مرسل، أو متواتر، أو غريب، فهذه المصطلحات لا بد أن تكون على دراية بها، وقد تحدثنا عن هذه الأنواع حتى وقفنا عند المدبّج.
أعود فأقول: قال الناظم رحمه الله:
أبدأ بالحمد مصلياً على محمدٍ خير نبي أرسلا
وذي من أقسام الحديث عده وكل واحد أتى وحدّه
أولها الصحيح وهو ما اتصل إسناده ولم يشذ أو يعل
يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد في ضبطه ونقله
والحسن الخفيف ضبطاً وغدت رجاله لا كالصحيح اشتهرت
أنا قلت: والحسن الخفيف ضبطاً.
والناظم قال: المعروف طرقاً، وقد جانب الصواب، وهناك تعليق للشيخ ابن عثيمين على هذا، وضبط المسألة على النحو الذي قرأته، وهناك أبيات سأذكرها ونعدلها.
قال رحمه الله:
وكل ما عن رتبة الحسن قصر فهو الضعيف وهو أقساماً كثر
وما أضيف للنبي المرفوع وما لتابعٍ هو المقطوع
والمسند المتصل الإسناد من راويه حتى المصطفى ولم يبن
وما بسمع كل راوٍ يتصل إسناده للمصطفى فالمتصل
مسلسل قل ما على وصف أتى مثل أما والله أنبأني الفتى
كذاك قد حدثنيه قائماً أو بعد أن حدثني تبسما
عزيز مروي اثنين أو ثلاثةمشهور مروي فوق ما ثلاثة
الحديث العزيز يعرفه الناظم: ما رواه اثنين أو ثلاثة، وهذا خطأ، والراجح أن العزيز: ما رواه اثنان في طبقة من الطبقات، فإن قلنا: الحديث رواه خمسة عن أربعة أو عن ثلاثة أو عن اثنين أو عن واحد، فهذا يسمى: غريباً؛ لأنه في طبقة رواه واحد، فنحن نحكم على الحديث بأقل عدد في طبقة واحدة.
ثم قال:
معنعن كعن سعيد عن كرم ومبهم ما فيه راوٍ لم يسم
وكل ما قلت رجاله علا
وضده ذاك الذي قد نزلا
وما أضفته إلى الأصحاب من قول وفعل فهو موقوف زكن
ومرسل منه الصحابي سقط
هذا غلط، والصحيح أن يقال:
ومرسل فوق التابعي سقط وقل غريب ما روى راوٍ فقط
لأن الحديث المرسل هو ما رفعه التابعي إلى النبي، فيقول التابعي: قال رسول الله، ولو أننا تأكدنا أن الصحابي هو الذي سقط فلا يعتبر هذا قدحاً في الحديث؛ لأن الصحابة كلهم عدول، فسقوط الصحابي لا يؤثر.
مثال ذلك: محمد بن أبي بكر صحابي ولد في حجة الوداع، ومات النبي صلى الله عليه وسلم بعد ميلاده بأشهر، فحينما يروي محمد بن أبي بكر ويقول: قال رسول الله، نقول: هذا مرسل؛ لأنه يستحيل أن يكون قد سمع من رسول الله، فهو صحابي لم يدرك السماع.
قال:
وكل ما لم يتصل بحال إسناده منقطع الأوصال
والمعضل الساقط منه اثنان وما أتى مدلساً نوعان
الأول الإسقاط للشيخ وأن ينقل عمن فوقه بعن وأن
والثاني لا يسقطه لكن يصف أوصافه بما به لا ينعرف
وما يخالف ثقة فيه الملا فالشاذ والمقلوب قسمان تلا
إبدال راوٍ ما براوٍ قسم وقلب إسناد لمتن قسم
والفرد ما قيدته بثقة أو جمع أو قصر على رواية
وما بعلة غموض أو خفا معلل عندهم قد عرفا
وذو اختلاف سند أو متن مضطرب عند أهيل الفن
والمدرجات في الحديث ما أتت من بعض ألفاظ الرواة اتصلت
وما روى كل قرين عن أخه مدبج فاعرفه حقاً وانتخه
متفق لفظاً وخطاً متفق وضده فيما ذكرنا المفترق
يتحدث الناظم هنا عن نوعين من أقسام الحديث: الحديث المتفق، والحديث المفترق.
والحديث المتفق والمفترق يتفقان في اللفظ والخط من حيث الراوي، لكنهما يختلفان من حيث المعنى، بمعنى: عباس كم راو يسمى عباس؟ كثير، لكن هناك عباس ثقة وعباس ضعيف، فحينما نذكر اسم عباس في الرواية لا بد أن نحدد من هو عباس حتى نفرق بين الثقة وبين الضعيف، فكلمة عباس وعباس الأخرى متفقة لفظاً وخطاً.
والمقصود: أنهما يتفقان في اللفظ والخط، أما في الأعيان يفترقان.
مثل: الخليل بن أحمد ، وهذا اسم لأكثر من ستة، فحينما أقول: حدثني الخليل لا بد أن أبين من الخليل؛ لأن هناك خليل ثقة وخليل ضعيف، فهذا يسمى المتفق والمفترق.
ثم قال:
مؤتلف متفق الخط فقط وضده مختلف فاخش الغلط
المؤتلف: متفق الخط لكنه في اللفظ مفترق، مثل: سلام سلاّم، متفقان من حيث الخط، ومختلفان من حيث اللفظ، عباس وعياش قبل التنقيط لا يختلفان، فهذا معناه أن المؤتلف والمختلف متفقان في الخط، لكنهما مختلفان في اللفظ.
والمنكر الفرد به راوٍ غدا تعديله لا يحمل التفردا
الحديث المنكر له تعريفان: تعريف للحافظ ابن حجر في نخبة الفكر، وتعريف للناظم هنا.
فالناظم يعرف الحديث المنكر بأنه: الحديث الذي رواه راوٍ واحد مختلف فيه.
فقوله: تعديله لا يحمل التفردا، أي: إذا انفرد لا يمكن أن تقبل روايته؛ لأنهم اختلفوا في ضعفه، بمعنى: أن أحدهم قال فيه: ضعيف، وآخر قال: ثقة، وعليه فحينما ينفرد هذا الراوي برواية نقول: إن الحديث الذي رواه منكر.
أما تعريف الحافظ ابن حجر في نخبة الفكر فهو: ما يخالف فيه الضعيف الثقة، فيسمى حديثاً منكراً.
والشاذ هو: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه أو أرجح منه صفة أو عدداً أو ضبطاً.
والحديث الضعيف: ما يخالف فيه الثقة الضعيف.
إذاً: المنكر: ما يخالف فيه الضعيف الثقة، وهو مردود، والمعروف: ما خالف الثقة فيه الضعيف.
قول الناظم رحمه الله: والمنكر الفرد به راوٍ غدا، أي: رواه راو واحد.
متروكه ما واحد به انفرد وأجمعوا لضعفه فهو كرد
الحديث المتروك: ما فيه راو أجمع العلماء على ضعفه، ولم يختلفوا في ضعفه، وبالتالي إذا أجمع العلماء على ضعف رجل وهو قد روى حديثاً فنسميه متروكاً.
والكذب المختلق المصنوع على النبي فذلك الموضوع
الحديث الموضوع: هو ما رواه كذاب ونسبه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ومعنى اختلقه، أي: اصطنعه، والوضع له أسباب كثيرة منها: التعصب المذهبي، كأن يكون هناك رجل متعصب لمذهب الأحناف ويؤلف حديثاً في ذم الشافعي ، فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يولد في أمتي رجل اسمه محمد بن إدريس هو أضر عليها من إبليس.
والشيعة الرافضة يضعون أحاديث في فضل علي بن أبي طالب ، ويضعون أحاديث في ذم أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة.
وهذا رجل يسمى نوح بن أبي مريم وضع أربعة ألآلاف حديث من رأسه، فقيل له لم؟ قال: رأيت الناس قد أعرضوا عن كتاب الله فأحببت أن أرغبهم في قراءة القرآن، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة كذا كتب له ألف ألف حسنة، ومحي عنه ألف ألف خطيئة، وارتفع ألف ألف درجة، وتزوج ألف ألف من الحور العين ... تجد هذا الكلام كثيراً في الأحاديث التي في فضائل السور والآيات.
وهناك كتب في الأحاديث الموضوعة، مثل: اللآلئ المصنوعة في الأحاديث للسيوطي ، الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني ، الموضوعات لـابن الجوزي، لكن ابن الجوزي أحياناً يأتي بحديث في مسلم ويقول: موضوع، لذلك قال العلماء لا تغتر بوضع ابن الجوزي ، ولا بتصحيح الحاكم ، ولا بإجماع ابن المنذر ، بل لا بد أن يكون هناك من يعضد أقوالهم؛ لأنهم يتساهلون، فـابن المنذر أحياناً ينقل الإجماع والمسألة ليس فيها إجماع، والحاكم أحياناً يقول: صحيح وهو ضعيف، وابن الجوزي أحياناً يقول: موضوع وهو في مسلم.
وتجد أن حركة الوضع تزداد كلما ابتعدنا عن العلم، والصوفية كل يوم يألفون لنا أحاديث، وكل يوم تجد أحاديث جديدة ما أنزل الله بها من سلطان، وورق يوزع ويصور، يا علي لا تنام قبل أن تقول: كذا وكذا!
وبعض الناس ربما تكون عنده تجارة كاسدة فيريد أن يروجها فيضع لها حديثاً.
قال الناظم:
والكذب المختلق المصنوععلى النبي فذلك الموضوع
وسمي بالموضوع لسببين: إما لأن العلماء وضعوه، أي: تركوه، وإما وضعه الكذاب من عند نفسه.
قال الناظم:
وقد أتت كالجوهر المكنونسميتها منظومة البيقوني
الجوهر المكنون: المحفوظ من الماء والشمس والبرد.
قال:
فوق الثلاثين بأربع أتت أقسامها ثم بخير ختمت
أي: ختمت المنظومة هكذا، لكن لم يختم حفظكم لها، ولا استيعابكم لها.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة أصول الفقه [5] للشيخ : أسامة سليمان
https://audio.islamweb.net