إسلام ويب

تجب الزكاة في المواشي والأثمان والزروع والثمار وعروض التجارة، بشروط مخصوصة، منها النصاب، وله تقديرات مختلفة بحسب اختلاف ما تجب فيه الزكاة، ومنها الحول إلا في الزروع والثمار فزكاتها يوم حصادها، ولا يؤخذ شرار المال ولا كرائمه إلا أن يتبرع به أرباب المال.

ما جاء في الزكاة

تعريف الزكاة وأهميتها

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ كتاب الزكاة.

وهي واجبة على كل مسلم حر ملك نصاباً ملكاً تاماً ].

الزكاة: هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وبدأ بها بعد الصلاة لأنها قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل، فالركن الأول هو: توحيد الله عز وجل، وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة، فهذا أصل الدين وأساس الملة.

ثم يليه الركن الثاني وهو الصلاة، ولا بد لها من طهارة، فبدأ المؤلف بكتاب الطهارة، ثم الصلاة، ثم ثلث بالزكاة، ولم يذكر المؤلف رحمه الله الكلام في التوحيد والشهادتين؛ لأنه على طريقة المتأخرين؛ ولأن التوحيد له مؤلفات خاصة، وأما الأوائل فإن طريقتهم أن يبدءوا بالكلام على التوحيد والشهادتين كما فعل أصحاب السنن والجوامع: البخاري رحمه الله ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي كلهم تكلموا في التوحيد، لكن المتأخرون اصطلحوا على أن يجعل الكلام في التوحيد في كتب خاصة، ثم يبدءون بالصلاة كما فعل المؤلف هنا، وكما فعل الحافظ في بلوغ المرام، فبدأ بكتاب الطهارة، وطريقة القدامى أولى وأحكم؛ ولهذا صار كثير من الناس عنده تقصير في معرفة التوحيد، وصار يتقن الفقه والفروع، ويتقن أحكام الصلاة والزكاة والصوم والحج، لكنه لا يعرف التوحيد؛ ولهذا كان الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يقول لهم: أنا أطلب منكم أن تتعلموا التوحيد كما تتعلمون كتب الفقه، وأحكام الصلاة والزكاة والصوم والحج، لما فصل المتأخرون الكلام عن التوحيد وجاءوا به في كتب خاصة ضيعه الكثير من الناس.

فالزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام.

والزكاة في اللغة: النماء والطهارة، يقال: زكا الزرع، إذا نما وزاد، فتطلق على النماء والتطهير والصلاح.

وشرعاً: هي حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص. هذه هي الزكاة.

شروط الزكاة

والزكاة تجب على المسلم الحر إذا ملك نصاباً ملكاً مستقراً، وبلغ حولاً.

وشروط الزكاة خمسة: الإسلام، والحرية، وملك النصاب، وتمامه واستقراره، ومضي الحول.

فالإسلام: ضده الكفر، والكافر لا يؤمن بالزكاة، ولو أدى الزكاة في حال كفره لم تصح منه؛ لأن من شروط صحة الصلاة والزكاة والصوم التوحيد والإسلام، فإذا أسلم صح منه، وليس معنى ذلك: أنه لا يحاسب عليها يوم القيامة، بل يحاسب، ويعذب على ترك الزكاة والصوم، ويعذب على ترك التوحيد والإسلام، لكن المعنى: أنها لا تصح منه في حال كفره وإن كان يعذب عليها يوم القيامة، فلو زكى وهو كافر ما صح منه، لا بد أن يسلم أولاً؛ لأن شرط صحة الزكاة الإسلام.

الشرط الثاني: الحرية، فالعبد الذي يباع ويشترى لا تجب عليه الزكاة، ولو ملكه سيده على الصحيح؛ لأنه هو وماله لسيده، فهي واجبة على السيد، وقال بعض العلماء: إنه إذا ملكه سيده فلا يجب على السيد، وإنما تكون على العبد، والعبد المكاتب كذلك.

الشرط الثالث: ملك النصاب، لا بد أن يملك نصاباً، وهو عشرون مثقالاً من الذهب أو مائة درهم من الفضة، أو ما يعادلها من الأوراق النقدية.

الشرط الرابع: أن يكون النصاب مستقراً تاماً، فدين الكتابة ليس مستقراً، فلو كاتب شخص عبده على أن يشتري نفسه بمائة ألف، كل سنة يدفع عشرة آلاف، هذا الدين لا زكاة فيه؛ لأنه ليس مستقراً؛ لأن العبد لا يملك نفسه، فلا يؤدي السهوم التي عليه، والسيد قد يمنعه، فهذا الدين غير مستقر، ولابد أن يكون المال مستقراً.

الشرط الخامس: أن يحول على النصاب الحول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول)، ويستثنى نوعان من المال لا يجب فيهما الحول وهما: الخارج من الأرض من الزروع والحبوب والثمار، فهذا لا يجب فيه الحول، وإنما يزكى عند الحصاد؛ لقوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141].

الثاني: ربح التجارة، فإذا كان عندك مثلاً عشرة آلاف ريال مشغلة، فلما تم الحول صارت عشرون ألفاً، فزادت في أثناء الحول، فتزكيها كلها والربح تبع للأصل، ولا يشترط في الربح أن يحول عليه الحول، فتزكي العشرين ولو ما جاءت إلا في آخر شهر.

فربح التجارة تابع للأصل، وكذلك البهائم السائمة مثل الإبل والبقر والغنم، فإذا زادت بعد بلوغ النصاب فإنها تزكى، فإذا بلغت مائة وواحد وعشرين ففيها شاتان، فلما تم عليها الحول وصلت إلى مائتين وواحدة فإنها تزكى، فربح نتاج السائمة وربح التجارة تابع للحول الذي هو الأصل.

وكذلك أيضاً الخارج من الأرض، وما عدا ذلك فإنه لابد من تمام الحول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا زكاة لمال حتى يحول عليه الحول).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وهي واجبة على كل مسلم حر ملك نصاباً ملكاً تاماً، ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول إلا الخارج من الأرض، ونماء النصاب من النتاج والربح فإن حولهما حول أصلهما ].

المال إذا ربح فإنه يزكى الأصل والربح، ولو كان الربح ما تم عليه الحول، وكذلك نتاج السائمة من الإبل والبقر والغنم إذا تم النصاب ثم زادت وحال عليها الحول فإنه يزكى النتاج مع الأصل، وكذلك الخارج من الأرض لا يشترط له الحول.

ما تجب فيه الزكاة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا تجب الزكاة إلا في أربعة أنواع: السائمة من بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض، والأثمان، وعروض التجارة ].

هذه الأنواع التي تجب فيها الزكاة: السائمة من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، والسائمة أي: التي ترعى من البر أكثر الحول، فهذه يقال لها سائمة، فإن كانت تعلف أكثر الحول فإنه ليس فيها زكاة، إلا إذا أعدها للتجارة.

والأثمان: هي النقدان من الذهب والفضة وما يقوم مقامهما.

وعروض التجارة هي: ما يعده الإنسان للبيع.

والرابع: الخارج من الأرض كالحبوب والثمار، فهذه هي الأنواع التي تجب فيها الزكاة.

لا زكاة فيما دون النصاب ولا في الأوقاص

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا زكاة في شيء من ذلك حتى يبلغ نصاباً، ويجب فيما زاد على النصاب بحسابه إلا السائمة فلا شيء في أوقاصها ].

الشيخ: الأوقاص: ما بين الفريضتين، فمثلاً الغنم النصاب إذا بلغت أربعين ففيها الشاة، ثم بعد ذلك ليس فيها شيء حتى تبلغ مائة وواحد وعشرين، فإذا زادت وصارت ثمانين أو تسعين أو مائة وعشرين فلا شيء فيها، حتى تصل إلى مائة وواحد وعشرين، فإذا ما وصلت إلى مائة وواحد وعشرين ففيها شاتان، والوقص الذي بينهما ليس فيه شاة، فإذا تم النصاب أربعين شاة وحال عليه الحول فصارت مائة، فما فيها إلا شاة واحدة، نقول: وهذه الزيادة وقص ما وصلت إلى الفريضة الثانية.

أما ربح التجارة فهو تبع للأصل فيزكي ولو زاد ريال واحد.

زكاة الإبل

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: زكاة السائمة.

وهي الراعية، وهي ثلاثة أنواع ].

السائمة: الراعية التي ترعى من البر أكثر الحول، فيقال لها: سائمة، وهي ثلاثة أنوع: الإبل والبقر والغنم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وهي ثلاثة أنواع: أحدها الإبل: فلا شيء فيها حتى تبلغ خمساً، فيجب فيها شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه، إلى خمس وعشرين ففيها بنت مخاض وهي بنت سنة ].

الإبل إذا كانت ترعى من البر ولم يعدها للبيع فإن فيها الزكاة، فإن كان أكثر الحول يعلفها فليس فيها زكاة، إلا إذا أعدها للتجارة فيزكي زكاة التجارة، ولا شيء في الواحدة والثنتين والثلاث والأربع حتى تبلغ الخمس، فإذا بلغت خمساً وهي ترعى من البر ففيها شاة إلى ست وسبع وثمان وتسع فليس فيها زكاة، فإذا بلغت عشراً ففيها شاتان، إلى خمس عشرة ففيها ثلاث شياه، إلى عشرين ففيها أربع شياه، والوقص الذي بينهما ليس فيه شيء حتى تبلغ خمسة وعشرين، فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض، وهي التي تم لها سنة من الإبل، وسميت بنت مخاض لأن أمها حملت، فيدفع من الإبل ما تم لها سنة وهي بنت مخاض.

مسألة: عندما تكون إبله خمساً ولم يوجد عنده شاة، فإنه يشتري شاة أو يدفع قيمتها على حسب الاتفاق، والمعروف الآن في البوادي أن العمال يقدرون قيمة الشاة، ويأخذونها بالدراهم.

وإذا أعدها للدر والنسل فليس فيها زكاة، إلا إذا أعدها للبيع، فما دام أنه أعدها للدر والنسل أو لبيع اللبن فلا تعتبر سائمة، ولا تعتبر عروض تجارة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وفي العشرين أربع شياه إلى خمس وعشرين ففيها بنت مخاض وهي بنت سنة، فإن لم تكن عنده فابن لبون وهو ابن سنتين ].

إذا لم يكن عنده بنت مخاض أنثى، فإذا لم يقدر يشتري يأخذ بدلها ابن لبون، وهو ما له سنتان، ولا يصلح بنت لبون؛ لأن الأنثى أحسن من الذكر وأغلى، فهي تلد فيما بعد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى ست وثلاثين فيجب فيها بنت لبون إلى ست وأربعين ].

يعني: من خمس وعشرين إلى ست وثلاثين ما فيها إلا بنت مخاض، فإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها بنت لبون، وهي التي لها سنتان أنثى، وسميت بنت لبون لأن أمها ذات لبن فبنت المخاض ما لها سنة وكانت أمها حاملاً، وبنت لبون: التي ولدت أمها وصارت ذات لبن، فمن خمسة وثلاثين إلى ستة وثلاثين فيها بنت لبون.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى ست وأربعين فيجب فيها حقة لها ثلاث سنين ].

إذا زادت من ست وثلاثين إلى ست وأربعين ففيها حقة، وهي التي لها ثلاث سنين، وسميت حقة لأنها استحقت أن يطرقها الفحل، فست وثلاثون فيها بنت لبون، وخمسة وعشرون فيها بنت مخاض ولها سنة، وبنت لبون لها سنتان، إلى ست وأربعين ففيها حقة طروقة الجمل، وهي التي لها ثلاث سنين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى إحدى وستين فيجب فيها جذعة ].

من ستة وأربعين إلى إحدى وستين فيها جذعة، وهي التي لها أربع سنين، وسميت جذعة؛ لأنها جذعت أسنانها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى إحدى وستين فيجب فيها جذعة ولها أربع سنين إلى ست وسبعين ففيها ابنتا لبون ].

إذا وصلت إلى ست وسبعين ففيها بنتا لبون، لكل واحدة سنتان، من إحدى وستين إلى خمسة وسبعين ما فيها إلا جذعة، فإذا بلغت ستة وسبعين ففيها بنتا لبون، لكل واحدة سنتان.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى إحدى وتسعين ففيها حقتان إلى عشرين ومائة ].

من ست وسبعين إلى واحد وتسعين ففيها حقتان، وكل واحدة لها ثلاث سنين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ].

إلى أن تبلغ مائة وعشرين ما فيها إلا حقتان، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون، لكل واحدة سنتان.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ثم في كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون إلى مائتين ].

في كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون إلى مائتين، ثم تستقر الفريضة بعد ذلك، والمئتان فيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون؛ لأن المائتين أربع خمسينات، ففي كل أربعين بنت لبون، ثم تستقر الفريضة في كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون، إذا زادت إلى مائتين، أو ثلاثمائة، أو أربعمائة، أو خمسمائة، أو ألف، وهكذا كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون كما هو في الفريضة، فإذا وصل إلى مائتين استقرت الفريضة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ثم في كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون إلى مائتين فيجتمع الفرضان إن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء خمس بنات لبون ].

إذا وصلت الإبل إلى مائتين أصبح هو بالخيار الآن، إما أن يزكي بخمس بنات لبون، أو يزكي بأربع حقاق، فهو مخير بين هذا وهذا، ثم تستقر الفريضة بعد ذلك في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، والدليل على هذا ما جاء في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي بكر ، وفيه بيان أسنان الإبل، وأنه: في كل خمس شاة، إلى خمسة وعشرين ففيها بنت مخاض، إلى ست وثلاثين ففيها بنت لبون، إلى ست وأربعين ففيها حقة، إلى إحدى وستين ففيها جذعة، إلى اثنتين وسبعين ففيها بنتا لبون، إلى مائة وإحدى وعشرين ففيها ثلاث بنات لبون، إلى مائتين فيخير بين أربع حقاق وخمس بنات لبون، ثم تستقر الفريضة بعد ذلك: في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، فهذا هو الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي بكر .

من وجب عليه سن من الإبل ولم يجده

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن وجب عليه سن فلم يجدها أخرج أدنى ومعها شاتان أو عشرون درهماً، وإن شاء أخرج أعلى منها وأخذ شاتين أو عشرين درهماً ].

يعني: إذا بلغت ستاً وأربعين وجب عليه بنت لبون، فقال: أنا ما عندي بنت لبون ما عندي إلا بنت مخاض، فتؤخذ منه بنت المخاض، ولكن يدفع الفرق، وهو عشرون درهماً، شاة أو عشرون درهماً، وبالعكس إذا كان عنده خمسة وعشرين صار عليه بنت مخاض، فقال: أنا ما عندي بنت مخاض عندي أكبر منها، وهي بنت لبون، نقول: نقبل منك بنت اللبون ونعطيك شاة أو عشرين درهماً.

وهذا في زمن النبوة، في ذلك الوقت كان العشرون الدرهم تقابل الشاتين من الغنم، فيخير بين هذا وهذا، فإذا وجبت عليه سن ولكن ليس عنده سن أعلى؛ فيقبله المصدق الأعلى ويعطيه شاتين أو عشرين درهماً، وإذا كان عنده سن أنزل يقبله المصدق ولكن يدفع هو الفرق، فيدفع شاتين أو عشرين درهماً كما جاء بذلك الحديث.

زكاة البقر

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ النوع الثاني البقر: فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين، فيجب فيها تبيع أو تبيعة لها سنة ].

هذا النوع الثاني من أنواع السائمة، وهي بهيمة البقر، فلا تجب فيها الزكاة إلا إذا كانت سائمة ترعى أكثر الحول، وبلغت النصاب ثلاثين بقرة، وما قبل الثلاثين ليس فيه شيء، إذا كانت عشر بقر أو عشرين أو تسعاً وعشرين ما فيها شيء، حتى تبلغ ثلاثين وترعى أكثر الحول ففيها تبيع أو تبيعة، والتبيع أو التبيعة من البقر: ما تم له سنة، والأصل إخراج الزكاة منها، أو يقدر تقديراً من قبل ولي الأمر أو المصدق الذي يأتي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى أربعين ففيها مسنة لها سنتان ].

فمن ثلاثين إلى تسع وثلاثين ليس فيها شيء، حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة وهي: التي لها سنتان من البقر، فتسمى مسنة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى ستين ففيها تبيعان ].

إذا بلغت ستين ففيها تبيعان، ثلاثون فيها تبيع، وثلاثون فيها تبيع.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى سبعين ففيها تبيع ومسنة ].

إذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة، الثلاثون فيها تبيع، والأربعون فيها مسنة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة ].

تستقر الفريضة بعد ذلك، ففي كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة. بشرط: إذا كانت ترعى أكثر الحول، أما إذا كانت تعلف أكثر الحول فليس فيها زكاة، إلا إذا أعدها للبيع والتكسب، أما إذا أعدها للدر والنسل والذبح والعمل فليس فيها شيء.

زكاة الغنم

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ النوع الثالث الغنم فلا شيء فيها حتى تبلغ أربعين، ففيها شاة ].

إذا بلغت الغنم أربعين أو كانت ترعى أكثر الحول ففيها شاة، أما إذا كانت عشر شياه أو عشرين أو ثلاثين أو تسعاً وثلاثين فليس فيها زكاة حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين ففيها شاة، فيدفع شاة للمصدق الذي يوظفه ولي الأمر، فإذا جاء يطلب الزكاة تعطيه شاة منها، ويختار من الوسط، فلا يأخذ من خيار الغنم ولا من شراره، إلا إذا رضي صاحب الغنم أنه يستعمل الخيار فلا بأس.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان ].

إذا بلغت مائة وعشرين ما فيها إلا شاة، من أربعين.. خمسين.. ستين.. سبعين.. ثمانين.. مائة.. مائة وعشرين ما فيها إلا شاة حتى تزيد واحدة، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ففيها شاتان، إلى مائتين ما فيها إلا شاتان، فإذا بلغت مائتين وزادت واحدة ففيها ثلاث شياه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه ثم في كل مائة شاة ].

فبعد مائتين وواحدة تستقر الفريضة، فيكون في كل مائة شاة، وفي ثلاثمائة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه، وفي خمسمائة خمس شياه، وهكذا فرضت الفريضة، في كل أربعين شاة، إلى مائة وواحد وعشرين شاتان، إلى مائتين وواحد ثلاث شياه، ثم تستقر الفريضة في كل مائة شاة من الغنم، أما إذا كانت تعلف فليس فيها زكاة، وإذا أعدها للبيع وللدر أو النسل أو الأكل أو الضيف يأكل منها فليس فيها زكاة، كذلك الأوقاص ليس فيها شيء، فإذا كانت ثلاثمائة وتسعة وتسعين فليس فيها شيء إلا ثلاث شياه حتى تبلغ أربعمائة.

ما يرد من الصدقة ولا يقبل

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا يؤخذ في الصدقة تيس ولا ذات عوار ].

لا يؤخذ تيس؛ لأن الذكر ليس كالأنثى، الأنثى هي التي تلد وتنتج، وكذا ذات العوار يعني: عيب، فلا تؤخذ المعيبة، وإنما تؤخذ الصحيحة من وسط المال، لا من خياره ولا من شراره.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا هرمة ولا الربى ].

كذلك الهرمة والهزيلة لا تؤخذ صدقة، ولا الربى التي تربي ولدها؛ لأن هذه من خيار المال، إلا إذا رضي صاحب المال وطابت نفسه فلا بأس.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا الماخض ولا الأكولة ].

الماخض: الحامل، فلا تؤخذ؛ لأنها من خيار الغنم، والأكولة: السمينة، فكل هذه من خيار المال لا تؤخذ إلا إذا رضي صاحبها، كما أنه لا يؤخذ من شرار المال لا الهزيلة، ولا المعيبة، ولا الهرمة؛ لأن هذه معيبة، ولأنها من شرار المال، فكذلك لا يؤخذ من خيار المال الحامل، والتي تربي ولدها، والسمينة الفحولة لا تؤخذ إلا إذا رضي ربها، وإنما يؤخذ من وسط المال.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا يؤخذ شرار المال ولا كرائمه، إلا أن يتبرع به أرباب المال ].

لا يؤخذ شرار المال، وهو الرديء، ولا كرائمه، وهو النفيس الغالي إلا إذا رضي ربه، وإنما يؤخذ من الوسط.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا يخرج إلا أنثى صحيحة ].

لا يؤخذ الذكر، وإنما يؤخذ أنثى صحيحة سليمة، ليس فيها عيوب، ومن وسط المال.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا يخرج إلا أنثى صحيحة إلا في الثلاثين من البقر ].

في الثلاثين من البقر يخير بين التبيع أو التبيعة ذكر أو أنثى.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وابن لبون مكان بنت مخاض ].

وكذلك إذا كان عنده خمس وعشرون من الإبل ففيها بنت مخاض، فإذا لم يجد بنت مخاض جاز أن يخرج ابن لبون ولو كان ذكراً؛ لأنه يزيد عليها بسنة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا يخرج إلا أنثى صحيحة إلا في الثلاثين من البقر وابن لبون مكان بنت مخاض إذا علمها، إلا أن تكون ماشية كلها ذكوراً أو مراضاً فيجزئ واحد منها ].

إذا كان كل الذي عنده ذكور فيخرج واحداً منها من الموجود، وكذلك إذا كانت كلها مريضة فيخرج واحدة منها ولو مريضة،

أما إذا كان فيها ذكور وإناث، وفيها مراض وصحاح، فلا يخرج المريضة ولا يخرج الذكر؛ لأن الأنثى صحيحة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا يخرج إلا جذعة من الضأن أو ثنية من المعز ].

لا يخرج إلا جذعة من الضأن، وهي التي تم لها ستة أشهر، أو ثنية من المعز وهي التي تم لها سنة، فمن المعز لابد أن يكون تم له سنة، وهي شرط في الأضحية، وأما من الضأن فما تم له ستة أشهر، وهو الجذع.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا يخرج إلا جذعة من الضأن أو ثنية من المعز والسن المنصوص عليها، إلا أن يختار رب المال إخراج سن أعلى من الواجب].

إذا كان عنده خمسة وعشرون من الإبل وجب عليه بنت مخاض لها سنة، لابد أن يخرجها، فلا يخرج أقل من سنة إلا إذا رضي رب المال أن يخرج سناً أكبر، وكان على علم كأن يخرج بنت لبون لها سنتان، فلا بأس، وإلا فإنه يجب أن يتقيد بالسن؛ ولذا قال:

[ والسن المنصوص عليها ] يعني: لابد أن يخرج السن المنصوص عليها كما سبق.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أو تكون كلها صغاراً فيخرج صغيرة ].

إذا كانت كلها صغاراً فيخرج واحداً منها كما سبق، كما إذا كانت كلها ذكوراً فيخرج ذكراً منها، أو كلها مراضاً فيخرج مريضة منها، واحدة منها، ولا يكلف أن يأتي بشيء ليس عنده.

الحكم إذا كان في الحيوانات صحاح ومراض وذكور وإناث من الخلطة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن كان فيها صحاح ومراض، وذكور وإناث، وصغار وكبار، أخرج صحيحة كبيرة قيمتها على قدر المالين ].

إذا كان عنده مثلاً عشرون من الغنم نصفها ذكور ونصفها إناث، أو نصفها صحاح ونصفها مراض، فيخرج الصحيحة لكن بالنسبة، فينظر إذا كان مثلاً ثمن التيس خمسين وثمن الأنثى مائة فيخرج أنثى ثمنها خمسة وسبعون وسط بينهما، فلا تكن خمسين لثمن الذكر، ولا مائة، فهذا هو الوصف النسبي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن كان فيها صحاح ومراض، وذكور وإناث، وصغار وكبار، أخرج صحيحة كبيرة قيمتها على قدر المالين ].

على قدر المالين بالنسبة، إذا كان قدر الأنثى مائة، والذكر خمسين، فلا نخرج الخمسين، ولا نخرج المائة، وإنما نخرج أنثى قيمتها خمسة وسبعون؛ لأن هذا على قدر المالين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فإن كان فيها بخاتي وعراب، وبقر وجواميس، ومعز وضأن، وكرام ولئام، وسمان ومهازيل، أخذ من أحدهما بقدر المالين قيمة ].

كما سبق، فالعراب يعني: الإبل العربية، والبخاتي نوع من الإبل ليست عربية لها سنامان، فننظر إذا كان عنده نوعان بخاتي وعراب، فنخرج الزكاة من أحدهما بقدر المالين، فإذا كانت قيمة البخاتي تساوي ألفين، والعراب تساوي ألفاً، نخرج من أحدهما، فنخرج من البخاتي أو نخرج من العراب بعيراً قيمته ألف وخمسمائة على قدر المالين؛ لأن البخاتي قيمتها تساوي ألفين، والعراب تساوي ألفاً فلا نخرج ألفاً، ولا ألفين، وإنما نخرج على قدر المالين، وكذلك إذا كان عنده بقر وجواميس، والجواميس نوع من البقر، وكانت البقرة تساوي خمسمائة، والجاموس تساوي ألفاً؛ فنخرج إحداهما بقدر المالين، فنخرج بقرة أو جاموساً تساوي سبعمائة وخمسين على قدر المالين.

وكذلك المعز، فقد تساوي الواحدة من المعز مائة والشاة تساوي مائتين، فنخرج شاة تساوي مائة وخمسين على قدر المالين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكرام ولئام ].

يعني: عنده نوعان من المال، عشرون شاة جيدة، وعشرون شاة رديئة، فنخرج من الجيدة على قدر المالين مثل ما سبق، كأن تساوي الرديئة مثلاً مائتين وخمسين، والجيدة تباع بخمسمائة، فنأخذ شاة وسطاً بينهما لا بخمسمائة ولا مائتين وخمسين، نأخذ ما يساوي ثلاثمائة وخمسين، على قدر المالين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وسمان ومهازيل ].

كذلك إذا كان عنده عشرون سمينة وعشرون هزيلة فنخرج من أحدهما بقدر المالين بالنسبة.

حكم الخلطة بين الغنم وغيرها

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن اختلط جماعة في نصاب من السائمة حولاً كاملاً، وكان مرعاهم ومحلهم ومبيتهم ومحلبهم ومشربهم وفحلهم واحداً؛ فحكم زكاتهم حكم زكاة الواحد ].

إذا اختلط اثنان في مالهما وكان المبيت واحداً، والمرعى واحداً، والفحل واحداً، فتؤخذ الزكاة منهما، وحكمهما حكم الواحد، إذا كان لكل واحد عشرون من الغنم ولم يخلطا لا تجب عليهما الزكاة لكن إن خلطوها، وصار المرعى واحداً، والمبيت واحداً، والفحل واحداً، فهذه فيها زكاة، ففيها شاة تؤخذ من أحدهما، ويرجع على صاحبه فيعطيه مائة إذا كانت تساوي مائتين، أما إذا كان كل واحد منهما على حدة فليس فيها زكاة.

والخلطة تنفع وتضر، وهنا ضرت، فصار كل واحد منهما عليه زكاة، ولو كان كل واحد على حدة لم تكن عليهما زكاة، وبالعكس لو كان هناك اثنان كل واحد منهما عنده أربعون شاة، فتجب عليهما الزكاة كل واحد يخرج شاة، لكن إن خلطوها في الماء والمرعى والفحل لم يجب إلا شاة واحدة تؤخذ من أحدهما، فيكون كل واحد منهما عليه نصف شاة، وهنا انتفعوا من الخلطة، حيث جعل المالين كالمال الواحد، بشرط: أن يتفقا في المرعى والفحل والمبيت.

والخلطة تكون حسب المصلحة، وليس بقصد إسقاط الزكاة، فإذا كان القصد إسقاط الزكاة فلا، أو لما سمع بالمصدق خلطوها مع بعض وادعوا أن المرعى واحد، والمكان واحد فلا يجوز هذا، يقول العلماء: الخلطة تصير المالين كالمال الواحد، وإن كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية أي: في الزكاة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإذا أخرج الفرض من مال أحدهم رجع على خلطائه بحصصهم ].

ومثله أيضاً لو كانوا أربعة كل واحد منهم له عشر شياه فإذا أخذ المصدق الشاة من واحد رجع على خلطائه وقال: أنا لي عشرة شياه أخذ منها المصدق شاة تساوي أربعمائة ريال، فكل واحد يعطيه مائة ريال فترجع عليهم بالسوية على خلطائه وشركائه.

المال الذي تؤثر فيه الخلطة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا تؤثر الخلطة إلا في السائمة ].

الخلطة لا تؤثر إلا في السائمة من بهيمة الأنعام، أما إذا كانت الخلطة في المال كأن يكون عندي عشرة آلاف، وعندك عشرة آلاف فخلطناها وجعلنا نضارب بها، فمالي لا يؤثر عليك، وكذلك مالك لا يؤثر علي، التأثير إنما هو في بهيمة الأنعام، في الإبل والبقر والغنم، فتؤثر فيها الزكاة جمعاً وتفريقاً، أما ما عداه فلا تؤثر فيه الزكاة.

مسألة: إذا نقصت بهيمة الأنعام عن النصاب قبل تمام الحول أو توفي صاحبها وانتقلت إلى الورثة فليس فيها زكاة.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح عمدة الفقه كتاب الزكاة [1] للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

https://audio.islamweb.net