إسلام ويب

شرع الله تعالى للمؤمنين القتال على أطوار، كان ختامها الأمر بالقتال العام للمشركين، وبين تعالى أن القتل الناشئ عن الجهاد في سبيله أشد منه وأعظم الشرك به، ومع هذا الأمر الشرعي يوجه تعالى عباده بأن تكون راية الجهاد مرفوعة إلى غاية زوال الكفر والشرك، كما يوجههم إلى أن لا يقاتلوا في الأشهر الحرم ولا في البلد الحرام حتى يقاتلوا فيهما، وأن لا يركنوا إلى المال والولد تاركين الجهاد في سبيله، فيلحقهم بذلك الذل العظيم.

تفسير قوله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ في قوله تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ [البقرة:190-193].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ [البقرة:190] قال: هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من قاتله، ويكف عمن كف عنه، حتى نزلت سورة براءة. وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حتى قال: هذه منسوخة بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة:5]، وفي هذا نظر؛ لأن قوله: الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ [البقرة:190] إنما هو تهييج وإغراء بالأعداء الذين همتهم قتال الإسلام وأهله، أي: كما يقاتلونكم فاقتلوهم أنتم، كما قال: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [التوبة:36] ولهذا قال في الآية: وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ [البقرة:191] أي: لتكون همتكم منبعثة على قتالهم كما همتهم منبعثة على قتالكم، وعلى إخراجهم من بلادهم التي أخرجوكم منها قصاصاً.

بيان معنى قوله تعالى: (ولا تعتدوا ...)

قال المؤلف رحمه الله: [ وقوله: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190] أي: قاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا في ذلك، ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي -كما قاله الحسن البصري- من المثلة والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم، والرهبان وأصحاب الصوامع، وتحريق الأشجار، وقتل الحيوان لغير مصلحة، كما قال ذلك ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومقاتل بن حيان وغيرهم، ولهذا جاء في صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اغزوا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الوليد ولا أصحاب الصوامع) رواه الإمام أحمد ].

فهذه الآية -وهي قول الله عز وجل: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) أول الآيات نزولاً في الجهاد في المدينة، فإنه لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان قبل ذلك مأموراً بالصفح والعفو والصبر في مكة لكونهم ضعفاء، فلما هاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة أذن له بقتال من قاتله للدفاع، ثم بعد ذلك أذن الله بقتال المشركين بدءاً وهجوماً، فالجهاد شرع على أطوار ثلاثة:

الطور الأول: لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة كان مأموراً بالصفح والعفو والصبر، كما قال تعالى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ [المائدة:13]، وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]؛ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ [الزخرف:89].

الطور الثاني: لما هاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، وصار للمسلمين كيان وجماعة مستقلة ودولة رخص له في قتال من قاتله للدفاع، فنزل قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج:39]، ونزلت هذه الآية: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190].

الطور الثالث: لما نزلت آية السيف وبراءة شرع الله القتال بدءاً وهجوماً ودفاعاً، قال تعالى: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [التوبة:5]، وقال سبحانه: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة:36] وهذا هو الصواب، وهو أن الجهاد شرع على هذه الأطوار الثلاثة.

وبعض الناس يقولون: إن الجهاد ما شرع هجوماً ولا بدءاً، وإنما شرع للدفاع فقط، كما يقول بعض الكتاب وبعض المعاصرين، فقد قالوا: الإسلام لا يريد إراقة الدماء، ولا يريد التشفي من الناس، وإنما شرع الجهاد للدفاع فقط، ويظنون أن في القول بأن الجهاد شرع بدءاً وهجوماً غضاضة على الإسلام ونقصاً، فلهذا قالوا: إن الجهاد مشروع للدفاع فقط، وهذا غلط كبير.

ومن هذا المفهوم سميت بعض الوزارات في الدول العربية باسم وزارة الدفاع فقط، بينما اليهود يسمون في وزاراتهم وزارة الحرب، والأصل أن تكون في وزارات المسلمين وزارة الجهاد ووزارة الحرب، فهم يقولون: إن الجهاد مشروع للدفاع، وهذا غلط، والصواب أن الجهاد شرع للدفاع أول ما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كما في هذه الآية، ثم بعد ذلك شرع القتال بدءاً وهجوماً؛ لأن الجهاد فيه مصلحة عظيمة للمشركين وللكفار، وفيه إعلاء لكلمة الله، وفيه نشر لدين الإسلام، وفيه -أيضاً- إزالة الضعف والذل عن المسلمين؛ لأن المسلمين إذا لم يغزوا المشركين غزاهم المشركون.

وفيه مصلحة للمشركين؛ لأن الجهاد سبب في دخولهم في الإسلام، فهم إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يقتلوا فيستريحوا من الاستمرار على الكفر، حتى لا يزيد عذابهم، فالجهاد خير ورحمة للمشركين أنفسهم، ولليهود وللنصارى، لكن اليهود والنصارى يخيرون بين الإسلام أو الجزية أو القتال، وقد جاء في الحديث: (عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل).

وما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ذلوا، ولهذا جاء في الحديث: (إذا رضيتم بالزرع وأخذتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه منكم حتى ترجعوا إلى دينكم).

وقوله سبحانه: (وَلا تَعْتَدُوا) أي: لا تتجاوزوا الحد بقتل النساء والصبيان والرهبان والشيوخ ومن لا رأي له في القتال، وكذلك الغلول والمثلة.

أما إذا كان هؤلاء لهم رأي في القتال أو شاركوا فيه فإنهم يقتلون معهم، والشيخ الهرم الفاني إذا كان له رأي في الحرب ضد المسلمين فإنه يقتل، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ابن الصمة، فقد كان شيخاً كبيراً يحمل على الهودج، لكن له رأي في القتال وله تأثير، وهذه الآية كغيرها من الآيات التي فيها الأمر بقتال من قاتل، كما في آية النساء: فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا [النساء:90].

وفيها أن الله لا يحب العدوان، وأن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، كما في الآية الأخرى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فالله تعالى لا يحب العدوان والظلم، ومن العدوان والظلم قتل النساء والأطفال والشيوخ الهرمين الذين ليس لهم رأي في القتال ولا تأثير، ومن الظلم -أيضاً- قتل الرهبان في الصوامع، وكذلك المثلة.

وفيها إثبات المحبة لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته، خلافاً للأشاعرة والمعتزلة والجهمية الذين أنكروا المحبة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال: اخرجوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله، لا تعتدوا، ولا تغلوا،ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع) رواه الإمام أحمد ولـأبي داود عن أنس مرفوعاً نحوه ].

وفي قوله: (قاتلوا من كفر بالله) بيان للعلة في قتالهم، وهي الكفر، فالعلة في قتالهم هي الكفر، وهذا فيه الرد على بعض هؤلاء الذين يقولون: إن الجهاد ما شرع هجوماً، وإنما شرع للدفاع. ويدل على أن العلة هي كفرهم الآية التي بعدها: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) وهي الشرك، فالقتال شرع من أجل إزالة الشرك، (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) فيقاتلون حتى يزول الكفر عنهم.

وزيادة (ولا أصحاب الصوامع) غير موجودة في مسلم .

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (وجدت امرأة في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان).

وقال الإمام أحمد : حدثنا مصعب بن سلام حدثنا الأجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة يقول: (ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثالاً. واحداً وثلاثة وخمسة وسبعة وتسعة وأحد عشر، فضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منها مثلاً وترك سائرها، قال: إن قوماً كانوا أهل ضعف ومسكنة قاتلهم أهل تجبر وعداوة، فأظهر الله أهل الضعف عليهم، فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم وسلطوهم، فأسخطوا الله عليهم إلى يوم القيامة) ].

أي: عمد هؤلاء الضعفاء لما قتلوا الجبابرة إلى الجبابرة الأحياء وسلطوهم عليهم وولوهم عليهم، فسخط الله عليهم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ هذا حديث حسن الإسناد، ومعناه أن هؤلاء الضعفاء لما قدروا على الأقوياء فاعتدوا عليهم فاستعملوهم فيما لا يليق بهم أسخطوا الله عليهم بسبب هذا الاعتداء، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جداً، ولما كان الجهاد فيه إزهاق النفوس وقتل الرجال نبه تعالى على أن ما هم مشتملون عليه من الكفر بالله والشرك به والصد عن سبيله أبلغ وأشد وأعظم وأطم من القتل، ولهذا قال: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ [البقرة:191]، قال أبو مالك : أي: ما أنتم مقيمون عليه أكبر من القتل.

وقال أبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس في قوله: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) يقول: الشرك أشد من القتل ].

ولا شك في أن الشرك أشد؛ لأن أظلم الظلم على الإطلاق هو الشرك بالله، ومن أظلم ممن صرف العبادة التي هي محض حق الله إلى مخلوق ناقص ضعيف؟! فهذا أعظم الظلم، والظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه، والشرك هو الظلم الأكبر والذنب الذي لا يغفر، ولهذا أخبر الله تعالى عن لقمان أنه قال لابنه: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، فالمشرك وضع العبادة في غير موضعها، فقد صرف محض حق الله إلى مخلوق ضعيف ناقص لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، وهو الظلم الأكبر، ثم ظلم العباد بعضهم لبعض، ولهذا لما أنكر المشركون على المسلمين قتالهم في الشهر الحرام وقد قاتلتهم سرية عبد الله بن جحش وقَتَلوا في اليوم الذي شكوا فيه أنه أول يوم من رجب أو آخر يوم من جمادى، لما أنكر المشركون على المسلمين ذلك وعيروهم بالقتال في الشهر الحرام؛ أنزل الله مبيناً أنما هم مقيمون عليه من الشرك أعظم وأشد من القتال في الشهر الحرام فقال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ [البقرة:217] أي: صحيح أنه كبير، وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ [البقرة:217] أي: أكبر من القتال وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ [البقرة:217] أي: الشرك، فأنتم تعيرون المسلمين بأنهم قاتلوا في الشهر الحرام، لكن أنتم مقيمون على عظائم أشد من القتل في الشهر الحرام، وهي صد عن سبيل الله، وكفر به، والمسجد الحرام، وإخراج أهله منه أكبر عند الله، والفتنة التي هي الشرك، وفتنة المسلمين عن دينهم وإجبارهم وإكراههم على الكفر أعظم وأعظم.

بيان معنى قوله تعالى: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:191] كما جاء في الصحيحين: (إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، ولم يحل إلا ساعة من نهار، وإنها ساعتي هذه حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم) يريد بذلك صلوات الله وسلامه عليه قتاله يوم فتح مكة؛ فإنه فتحها عنوة وقتل رجالاً منهم عند الخندمة، وقيل: دخلها صلحاً؛ لقوله: (من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن) ].

والقول بأن الرسول فتحها صلحاً قول ضعيف، وهو اختيار الإمام الشافعي ، والصواب أن مكة فتحت عنوة؛ لأنهم نقضوا العهد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم في يوم الحديبية لمدة عشر سنين، ثم نقضوا العهد بممالأتهم ومساعدتهم على حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، فاعتبر النبي صلى الله عليه وسلم هذا نقضاً للعهد فغزاها ففتحها عنوة، والخندمة: جبل بمكة، فإنه لما تجمع بعض الأوباش من الكفار أرسل النبي إليهم خالداً وقال: (لقد أوبشت قريش أوباشا احصدوهم حصداً حتى توافوني على الصفا)، فقد كان بعضهم يريدون القتال، لكنهم لم تقم لهم قائمة، فمكة فتحت عنوة وليس صلحاً.

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن) فهو من باب الإحسان إليهم والرحمة بهم، وهذا هو الصواب التي تدل عليه النصوص، والذي عليه الجماهير، وأما القول بأنها فتحت صلحاً فقول ضعيف جداً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ [البقرة:191].

يقول تعالى: ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدءوكم بالقتال فيه، فلكم حينئذ قتالهم وقتلهم دفعاً للصائل، كما بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم الحديبية تحت الشجرة على القتال لما تألبت عليه بطون قريش ومن والاهم من أحياء ثقيف والأحابيش عامئذ، ثم كف الله القتال بينهم فقال: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ [الفتح:24].

وقال: وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح:25].

وقوله : فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:192] أي: فإن تركوا القتال في الحرم وأنابوا إلى الإسلام والتوبة، فإن الله يغفر ذنوبهم ولو كانوا قد قتلوا المسلمين في حرم الله، فإنه تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب منه إليه ].

الأمر بقتال الكفار

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ثم أمر الله بقتال الكفار: حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ [البقرة:193] أي: شرك، قاله ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والحسن وقتادة والربيع ومقاتل بن حيان والسدي وزيد بن أسلم وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [البقرة:193] أي: يكون دين الله هو الظاهر العالي على سائر الأديان، كما ثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).

وفي الصحيحين: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) ].

وأما قوله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة:256] فقد أجيب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أن هذا كان قبل أن يشرع الجهاد.

والجواب الثاني: أنه في أهل الكتاب خاصة، وهم اليهود والنصارى، فلا يكرهون على الإسلام، وإنما يخيرون بين الإسلام وبين دفع الجزية، فإن أبوا الإسلام وأبوا الجزية قوتلوا، وألحقت بهم السنة المجوس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب).

وقوله تعالى: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] هذه الآية مخصصة لعموم: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ [البقرة:193]، فإن أهل الكتاب يخصصون من عموم المشركين؛ لأنهم يخيرون بين الإسلام وبين الجزية، وهذا هو الصواب الذي عليه الجماهير، فالجزية خاصة تؤخذ من أهل الكتاب والمجوس.

وذهب الإمام مالك إلى أن الجزية تؤخذ من الجميع، واستدل بحديث بريدة : (وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاثة خلال: الإسلام، أو الجزية، أو السيف)، فقال: هذا قول في المشركين عام، ولكن الصواب أن المراد أهل الكتاب كما دلت النصوص الأخرى على أن هذا خاص بأهل الكتاب، أما بقية المشركين من غير أهل الكتاب فليس لهم إلا الإسلام أو السيف.

فالمراجعة والمصالحة والمعاهدة تكون عند ضعف المسلمين، فلهم حينئذ أن يصالحوا الكفار مدة حتى يتقووا، كما صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة عشر سنين في الحديبية، ثم نقضوا العهد بعد سنتين، فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم وفتح مكة عنوة.

ونحن الآن في أوقات الضعف، فلا نستطيع إلا المصالحة.

بيان معنى قوله تعالى: (فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: فَإِنِ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ [البقرة:193].

يقول تعالى: فإن انتهوا عما هم فيه من الشرك وقتال المؤمنين فكفوا عنهم؛ فإن من قاتلهم بعد ذلك فهو ظالم ولا عدوان إلا على الظالمين، وهذا معنى قول مجاهد أن لا يقاتل إلا من قاتل، أو يكون تقديره: فإن انتهوا فقد تخلصوا من الظلم وهو الشرك، فلا عدوان عليهم بعد ذلك، والمراد بالعدوان هاهنا المعاقبة والمقاتلة، كقوله: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ [البقرة:194] ].

وقد سماه الله اعتداء من باب المقابلة، ومنه قوله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ [الشورى:40].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40]، وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل:126]، ولهذا قال عكرمة وقتادة : الظالم الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله. وقال البخاري : قوله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) الآية.

حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا: إن الناس قد صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي، قالا: ألم يقل الله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ)؟! فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة وحتى يكون الدين لغير الله. وزاد عثمان بن صالح عن ابن وهب: أخبرني فلان وحيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري ] نسبة إلى بلدة في اليمن سميت بالمعافرية، [ أن بكيراً بن عبد الله حدثه عن نافع أن رجلاً أتى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن! ما حملك على أن تحج عاماً وتقيم عاماً وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل، وقد علمت ما رغب الله فيه؟! فقال: يا ابن أخي! بني الإسلام على خمس: الإيمان بالله ورسوله، والصلوات الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة وحج البيت. قالوا: يا أبا عبد الرحمن! ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات:9].

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ [البقرة:193]؟! قال: فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلاً، فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه أو عذبوه، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة. قال: فما قولك في علي وعثمان ؟ قال: أما عثمان فإن الله عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن يعفو عنه، وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه فأشار بيده فقال: هذا بيته حيث ترون ].

قوله: (ختنه) يعني: صهره زوج ابنته، والختن هو الصهر، فـعلي هو ختن النبي صلى الله عليه وسلم وصهره وزوج ابنته.

و بكر بن عمرو المعافري إمام جامع مصر، روى عن مشرح بن هاعان ، وبكير بن عبد الله بن الأشج، روى عنه حيوة بن شريح ويحيى بن أيوب ويزيد بن أبي حبيب ، أخرج له في البخاري، مات بعد الأربعين ومائة في خلافة المنصور ، قال أحمد بن حنبل : يروى له، وقال أبو حاتم : شيخ.

وكأن الذي سأل ابن عمر من الخوارج.

وقول : ابن عمر : أما عثمان فإن الله عفا عنه، يشير بذلك إلى قوله: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ [آل عمران:155]، وفي رواية: وأما عثمان فأشهد أن الله عفا عنه وأنتم لا تحبون أن يعفوا الله عنه.

تفسر قوله تعالى: (الشهر الحرام بالشهر الحرام ...)

قال الله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة:194].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال عكرمة عن ابن عباس والضحاك والسدي ومقسم والربيع بن أنس وعطاء وغيرهم: (لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرًا في سنة ست من الهجرة، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة وهو شهر حرام، حتى قاضاهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان من المسلمين، وأقصه الله منهم، فنزلت في ذلك هذه الآية: الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ [البقرة:194]) ].

وتسمى هذه العمرة عمرة القضاء، وتسمى عمرة القضية، من المقاضاة والمصالحة، فليست من قضاء العمرة، وليست قضاء لعمرة الحديبية كما يظنه بعض من لا بصيرة له، فإن عمرة الحديبية عمرة تامة، فقد صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم وقاضاهم على أنه يعود هذا العام ويقاصهم من العام القادم ويقاضيهم، فليست عمرة القضاء قضاء لتلك العمرة، بل هي عمرة مستقلة عن عمرة الحديبية، وإنما المراد بها المقاضاة والمقاصة على أن يعود هذا العام، ويقاصهم من العام القادم.

وقد ذكر ابن حجر أن عمرة القضاء تسمى عمرة الصلح والتقاص.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا ليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى فيغزو، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ) ].

أي أنه كان إذا غزي في الشهر الحرام غزا وإلا فلا يغزو، هذا ظاهر الحديث.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وهذا إسناد صحيح، ولهذا لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخيم بالحديبية أن عثمان قتل -وكان قد بعثه في رسالة إلى المشركين- بايع أصحابه وكانوا ألفاً وأربعمائة تحت الشجرة على قتال المشركين، فلما بلغه أن عثمان لم يقتل كف عن ذلك وجنح إلى المسالمة والمصالحة، فكان ما كان ].

كما كان عليه الصلاة والسلام لا يقاتل في البلد الحرام إلا إذا قوتل، فكذلك كان لا يقاتل في الشهر الحرام إلا إذا قوتل؛ لقوله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ [البقرة:194]، فإذا غزونا في الشهر الحرام غزوناهم في الشهر الحرام، وإذا غزونا في البلد الحرام غزوناهم في البلد الحرام؛ لأنهم هم الذين اعتدوا وهم الذين انتهكوا حرمة الشهر الحرام وحرمة البلد الحرام، فإذا لم يبدءوا لا نبدؤهم، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يغزو إلا أن يغزى أو يغزوا أو يغزون، وكأن المعنى واحد، والحديث لعله تعددت طرقه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكذلك لما فرغ من قتال هوازن يوم حنين وتحصن فلهم بالطائف عدل إليها فحاصرها ].

الفَل: المنهزم، و(تحصن فلهم) يعني: المنهزم منهم.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: [ ودخل ذو القعدة وهو محاصر لها بالمنجنيق، واستمر عليه إلى كمال أربعين يومًا، كما ثبت في الصحيحين عن أنس، فلما كثر القتل في أصحابه انصرف عنها ولم تفتح، ثم كر راجعًا إلى مكة واعتمر من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين ].

فإن دخل الشهر الحرام وهم محاصِرون فإنهم يستمرون في الحصار.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكانت عمرته هذه في ذي القعدة أيضاً عام ثمان، صلوات الله وسلامه عليه ].

لقد اعتمر النبي عليه الصلاة والسلام جميع العمر في ذي القعدة، فقد اعتمر يوم الحديبية في ذي القعدة، وعمرة القضاء في ذي القعدة، وعمرة الجعرانة في ذي القعدة، والعمرة التي في حجته كذلك في آخر ذي القعدة عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله: هذا مما يسر الله فيه، فهذه العمرة وقعت في أشهر الحج وفي الأشهر الحرم؛ لأن عمر النبي صلى الله عليه وسلم كلها وقعت في ذي القعدة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان تعدل حجة معي)، والقول مقدم على الفعل، وأما كونه عليه الصلاة والسلام فعل هذا في ذي القعدة فلأسباب.

فإن قيل: هل ثبت شيء في فضل العمرة في رجب؟

فالجواب: لم يثبت شيء، إلا أنه ثبت عن عمر وهو خليفة راشد.

و ابن عمر لما عد عمر النبي صلى الله عليه وسلم عد عمرة خامسة، قال: وعمرة في رجب، وأنكرت عليه عائشة رضي الله عنها وسكت، فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن؛ ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه، وما اعتمر في رجب قط، وسكت، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، فقد يحتمل أن يكون ابن عمر ضبط هذا الأمر، لكن عمرات النبي صلى الله عليه وسلم مضبوطة ومعروفة أنها أربع، فالصحيح ما قالت عائشة، وجميعها في ذي القعدة.

وقد ذكر صاحب الوجيز أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعتمر في السنة أو في السفرة سوى عمرة واحدة.

وقد قال بهذا بعض أهل العلم، وقال بعضهم: يعتمر في الشهر مرة، وقال بعضهم: يعتمر بمقدار ما ينبت شعر الرأس، والصواب أنه ليس هناك تحديد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهن) ولم يحده، وأما كونه صلى الله عليه وسلم اعتمر في أربع سنوات أربع عمرات فهو من باب التيسير، والمشهور أنه كان مشتغلاً بالدعوة، وبالجهاد في سبيل الله، وليس معنى ذلك أنه لا يجوز للمسلم أن يعتمر في السنة أكثر من عمرة.

قال المؤلف رحمه الله: [ وقوله: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى [البقرة:194] أمر بالعدل حتى في المشركين كما قال: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل:126].

وقال: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40].

وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قوله: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ [البقرة:194] نزلت بمكة حيث لا شوكة ولا جهاد، ثم نسخت بآية القتال بالمدينة، وقد رد هذا القول ابن جرير وقال: بل الآية مدنية بعد عمرة القضية، وعزا ذلك إلى مجاهد رحمه الله ].

والصواب أنها مدنية، ولا يوجد نسخ.

أقسام معية الله

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة:194] أمر لهم بطاعة الله وتقواه، وإخبار بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والآخرة ].

وهذه المعية معية خاصة، فهي تقتضي النصر والتأييد والحفظ والكلأة، والمعية معيتان:

الأولى: معية عامة للمؤمن والكافر، فالله تعالى مع خلقه جميعاً بإحاطته واطلاعه ونفوذ قدرته ومشيئته، كما في قوله سبحانه وتعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الحديد:4]، وكما في قوله سبحانه: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الحج:70].. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ [المجادلة:7] وقوله سبحانه: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ [النساء:108].

أما المعية الخاصة فهي خاصة بالمؤمنين، كقوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة:194] إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153]، وقوله سبحانه: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40]، وقوله لموسى وهارون: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46]، ولما دخل في الخطاب فرعون جاءت المعية العامة فقال الله: إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ [الشعراء:15]، ولما انفرد موسى وهارون صارت لهم المعية خاصة، فقال تعالى: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46].

تفسير قوله تعالى: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ...)

قال الله تعالى: [ قال الله عز وجل: وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195].

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال البخاري : حدثنا إسحاق قال: أخبرنا النضر قال أخبرنا شعبة عن سليمان سمعت أبا وائل عن حذيفة رضي الله عنه: وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] قال: نزلت في النفقة.

ورواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الصباح عن أبي معاوية عن الأعمش به مثله، قال: وروي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء والضحاك والحسن وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان نحو ذلك.

وقال الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران قال: حمل رجل من المهاجرين بالقسطنطينية على صف العدو حتى خرقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاري، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب رضي الله عنه: (نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا، صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدنا معه المشاهد ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر اجتمعنا معشر الأنصار نجياً فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصره، حتى فشا الإسلام وكثر أهله، وكنا قد آثرناه على الأهلين والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها، فنرجع إلى أهلينا وأولادنا فنقيم فيها، فنزل فينا (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وعبد بن حميد في تفسيره، وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه والحافظ أبو يعلى في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، كلهم من حديث يزيد بن أبي حبيب به، وقال الترمذي : حسن صحيح غريب، وقال الحاكم : على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولفظ أبي داود عن أسلم أبي عمران : كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى أهل الشام رجل -يريد فضالة بن عبيد-، فخرج من المدينة صف عظيم من الروم فقصصنا لهم، فحمل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم، ثم خرج إلينا فصاح الناس إليه، فقالوا: سبحان الله! ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب : يا أيها الناس! إنكم لتتأولون هذه الآية على غير التأويل، وإنما نزلت فينا معشر الأنصار، إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه قلنا فيما بيننا: لو أقبلنا على أموالنا فأصلحناها، فأنزل الله هذه الآية ].

ولا شك في أن الاشتغال بتنمية الأموال والمزارع والبساتين وترك الجهاد في سبيل الله هلاك للأمة، وقد ورد في الحديث: (إذا رضيتم بالزرع وأخذتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى تراجعوا دينكم)؛ لأن هذا فيه انشغال عن الجهاد الذي فيه إعلاء لكلمة الله، وإزالة للكفر، ولهذا نهى الله المؤمنين عن هذه الإقامة بقوله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، فإقامة الأموال وإصلاحها وإصلاح المزارع فيها هلكتهم إذا تركوا الجهاد في سبيل الله الذي فيه عزهم وفلاحهم، وفيه نصر للإسلام وإعلاء لكلمة الله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبِيعي قال: قال رجل للبراء بن عازب رضي الله عنه: إن حملت على العدو وحدي فقتلوني أكنت ألقيت بيدي إلى التهلكة؟ قال: لا، قال الله لرسوله: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء:84]، وإنما هذا في النفقة، رواه ابن مردويه، وأخرجه الحاكم في مستدركه من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق ، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه الثوري وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن البراء فذكره، وقال بعد قوله: لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء:84]، ولكن التهلكة أن يذنب الرجل الذنب فيلقي بيده إلى التهلكة ولا يتوب.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي قال حدثنا أبو صالح كاتب الليث قال: حدثني الليث قال: حدثنا عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن أبي بكر بن نمير بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أخبره أنهم حاصروا دمشق، فانطلق رجل من أزد شنوءة، فأسرع إلى العدو وحده ليستقبل، فعاب ذلك عليه المسلمون ورفعوا حديثه إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه، فأرسل إليه عمرو فرده، وقال عمرو : قال الله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).

وقال عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

قال: ليس ذلك في القتال، إنما هو في النفقة، أن تمسك بيدك عن النفقة في سبيل الله ولا تلق بيدك إلى التهلكة.

قال حماد بن سلمة عن داود عن الشعبي عن الضحاك بن أبي جبير قال: كانت الأنصار يتصدقون وينفقون من أموالهم، فأصابتهم سنة فأمسكوا عن النفقة في سبيل الله، فنزلت: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، وقال الحسن البصري : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) قال: هو البخل.

وقال سماك بن حرب عن النعمان بن بشير في قوله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ): أن يذنب الرجل الذنب فيقول: لا يغفر لي، فأنزل الله: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195] رواه ابن مردويه .

وقال ابن أبي حاتم : وروي عن عبيدة السلماني والحسن وابن سيرين وأبي قلابة نحو ذلك، يعني: نحو قول النعمان بن بشير أنها في الرجل يذنب الذنب فيعتقد أنه لا يغفر له، فيلقي بيده إلى التهلكة، أي: يستكثر من الذنوب فيهلك ].

والآية -إذا قطع النظر عن سبب النزول- عامة، وسبب النزول يدخل دخولاً أولياً، وهو أن إلقاء النفس في التهلكة هو الإقامة في الأموال وإصلاحها وترك الجهاد في سبيل الله، ويشمل -أيضاً- الرجل يذنب الذنب ويستكثر من الذنوب ولا يتوب، وكذلك -أيضاً- كون الإنسان يخاطر بنفسه في المهالك أيضاً، فهذا من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة؛ نظراً لعموم الآية، والعبرة بعموم الآية.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولهذا روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: التهلكة: عذاب الله.

وقال ابن أبي حاتم وابن جرير جميعاً: حدثنا يونس قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني أبو صخر عن القرظي محمد بن سعد أنه كان يقول في هذه الآية: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) قال: كان القوم في سبيل الله، فيتزود الرجل، فكان أفضل زاداً من الآخر، أنفق البائس من زاده، حتى لا يبقى من زاده شيء أحب أن يواسي صاحبه، فأنزل الله: وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، وبه قال ابن وهب أيضاً: أخبرني عبد الله بن عياش عن زيد بن أسلم في قول الله: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]؛ وذلك أن رجالاً يخرجون في بعوث يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير نفقة، فإما أن يقطع بهم، وإما كانوا عيالاً، فأمرهم الله أن يستنفقوا مما رزقهم الله، ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، والتهلكة أن يهلك رجال من الجوع والعطش أو من المشي، وقال لمن بيده فضل: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195].

ومضمون الآية الأمر بالإنفاق في سبيل الله في سائر وجوه القربات ووجوه الطاعات، وخاصة صرف الأموال في قتال الأعداء، وبذلها فيما يقوى به المسلمون على عدوهم، والإخبار عن ترك فعل ذلك بأنه هلاك ودمار لمن لزمه واعتاده.

ثم عطف بالأمر بالإحسان -وهو أعلى مقامات الطاعة- فقال: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195] ].

ويدخل فيه إثبات المحبة لله عز وجل، والرد على من أنكرها؛ لأن الأشاعرة لا يثبتونها؛ لأنها ليست من الصفات السبع، وكذلك المعتزلة والجهمية.

الأسئلة

حكم التفجير بعمليات الحزام الناسف

السؤال: ما حكم من يلغم نفسه فيقتلها مع الآخرين من الكفار؟

الجواب: بعض إخواننا من المشايخ يرون أن هذا مشروع، ولم يظهر لي أن هذا مشروع، فكونه يلغم نفسه ويقتل نفسه في الآخرين لا أرى أنه مشروع؛ لأنه ليس في صف القتال، ولأنه يقتل نفسه، وقتل النفس لا يجوز، ولما ورد في صحيح البخاري في قصة عامر بن الأكوع لما تبارز مع رجل من اليهود فارتد إليه ذباب سيفه فأصاب رجله فمات، فشاع بين الصحابة أنه أبطل جهاده مع رسول الله، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أخيه سلمة وهو حزين فسأله، فقال: يا رسول الله! إنهم يقولون: إن عامراً بطل جهاده، فقال: كذب من قال، إنه لجاهد مجاهد، قل عربي أن ينالها مثله) فإذا كان أشكل على الصحابة كونه ارتد إليه ذباب سيفه بدون اختياره، وقالوا: إنه قتل نفسه؛ فكيف بمن يفجر نفسه باختياره؟! فلا يظهر لي أن هذا مشروع.

حكم الجماعة الذين يصلون في مكان قريب من المسجد

السؤال: شباب يجتمعون في استراحة بجوارها مسجد يسمعون الأذان فيها، فهل لهم أن يصلوا في الاستراحة وعددهم يزيد على عشرين؟

الجواب: مادام أن المسجد قريب فعليهم أن يجيبوا النداء وأن يصلوا مع المسلمين ويتركوا الكسل، فليس عندهم أعمال، ولا عندهم شيء، فتكتب لهم الخطوات، ويكثرون سواد المسلمين في المسجد.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة البقرة [190-195] للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

https://audio.islamweb.net