إسلام ويب

قص الله علينا في كتابه قصة نوح في سور كثيرة، لما فيها من الدروس والعبر، وهو أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وقومه أطغى من كل من جاء بعدهم، وقد لبث فيهم ما لم يلبثه رسول في أمته.

تفسير قوله تعالى: (وإن لكم في الأنعام لعبرة ...)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة المؤمنون: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ [المؤمنون:21-24].

يذكر الله عز وجل في هذه الآيات بعض نعمه على عباده سبحانه وتعالى، قال تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً [المؤمنون:21]، وقد تكرر هذا المعنى في كتاب الله سبحانه تبارك وتعالى مبدياً الامتنان على عباده بما خلق لهم ورزقهم سبحانه وتعالى، وجعل لهم الآيات والمعجزات الدالة على عظيم فضله، فأمر بالتدبر والنظر فيما خلقه سبحانه، حتى يعتبر الإنسان ويعلم قدرة الله سبحانه وتعالى فيعبد ربه ويوحده، وعند تلاوة الآيات السابقة ندرك أنه هنا ذكر لنا هذه النعم التي أنعم بها على العباد في خلقهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً، فيما خلق لهم من رزق يخرج من الأرض، ومن بهيمة الأنعام، ثم عقب بعد ذلك بذكر التوحيد الذي دعا إليه أنبياء الله على نبينا وعليهم الصلاة والسلام.

فبعدما ساق ذكر النعم العظيمة من الخالق العظيم ذكر لنا إرسال الأنبياء، ودعوتهم قومهم إلى توحيد الله، فكأن هذه الآيات دليل للإنسان يحتج به على قدرة الله سبحانه وتعالى، وأنه لا أحد غير الله سبحانه يقدر على ذلك، ولذا يقول سبحانه: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ [النحل:17]، فهو وحده الذي خلق هذه الأشياء، وخلقكم أنتم، أما الذين تعبدونهم من دونه سبحانه فهم لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا [الفرقان:3]، بل أنتم الذين تصنعونهم، ومن ثم تتعبدون لهم من دون الله سبحانه!

ولذا يدرك المتأمل في سياق هذه الآيات خصوصاً في السور المكية الأمر بالتدبر في هذا الكون، ثم إتباع ذلك الأمر بذكر التوحيد الذي أرسل به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وفي الآيات السابقة ذكرت من نعم الله سبحانه وتعالى نعمة الأنعام، وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً [المؤمنون:21]، ففي الأنعام عبر يعتبر بها الإنسان، والإنسان عندما يعتبر بالشيء تنشأ في قلبه قوة من الإيمان، تجعله يعبد الله سبحانه ولا يشرك به، ويوحده ويؤدي الحق الذي أمره الله عز وجل بأدائه.

والعبرة في خلق بهيمة الأنعام أن ينظر الإنسان إلى هذه البهائم، وكيف أنها لا تبين عن نفسها، فلا تنطق، كما أنها لا تمتلك عقولاً كعقولكم، فلكم في هذه البهيمة عبرة، إذ لو شاء الله لجعلكم أمثالها، وكيف أن هذه الأنعام تمشي على أربع أما أنت فتمشي على رجلين، ولو شاء الله سبحانه لعكس الأمر، ولكن جعل في الإنسان جمالاً في خلقه وانتصاباً في قامته، وجعل له عقلاً يفكر به، وقلباً يعي به، فكان محط أمره أن يتفكر ويعتبر ويتبصر، فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ [الحشر:2].

نعمة اللبن الخارج من بهيمة الأنعام

قال تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا [المؤمنون:21]، ومن النعم التي لا بد أن يتفكر فيها الإنسان وهو يأكل ويشرب كل يوم خلق هذا الأكل والشراب وتيسيره له؛ إذ إن من أعظم النعم عليه هذه النعمة، ولذا يذكر الله عز وجل الإنسان بها فيقول سبحانه: نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ [المؤمنون:21]، وفي هذه الآية ثلاث قراءات: قراءة الجمهور نُسقِيكُمْ [المؤمنون:21] والكلمة رباعية، أصلها أسقى، فهي (نسقي)، من الفعل الرباعي، وقراءة نافع وابن عامر وشعبة ويعقوب : (نَسقيكم) من الفعل الثلاثي سقى يسقي، وقراءة أبي جعفر تسقِيكُمْ [المؤمنون:21]، وهي كذلك من الفعل الثلاثي.

والنون في (نسقيكم) نون العظمة فهو الذي يفعل ذلك ولو شاء ما فعل سبحانه، وليس بوسع أحد سواه القدرة على ذلك، والفعلان على القراءتين (أسقى) و(سقى) يتعديان إلى المفعول، ولهذا قال: نسقِيكُمْ [المؤمنون:21] أي: نجعلكم تشربون مما في ضروعها من ألبانها، والمعنى واحد: أن الله عز وجل سقاك وأسقاك مما في بطون هذه البهيمة من الأنعام، من الإبل والبقر والغنم.

أما القراءة الأخيرة فهي بالتاء بدلاً عن النون تسقِيكُمْ [المؤمنون:21]، فأسند الفعل إليها، فهي تسقيكم، وإن كان الذي أسقاك حقيقة هو الله سبحانه وتعالى، ولكن أسند الفعل إليها كونها سبباً، فأنت تأخذ من ضروعها الألبان فتشربها.

قال الله: وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ [المؤمنون:21]، فهي من كثرتها لا تعد ولا تحصى ولكن من تعامل مع نعمة عرفها.

ولفظ بهيمة الأنعام يطلق على ثلاث: الإبل والبقر والغنم، وقد ذكر الله عز وجل أنها ثمانية أزواج: من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين، وهنا ثمانية أزواج أي: ذكوراً وإناثاً، فعد اثنين من الإبل الذكر والأنثى، واثنين من البقر الذكر والأنثى، والجواميس ملحقة بالأبقار، واثنين من الغنم الذكر والأنثى، والماعز ملحقة بها وإن كان نص عليها هنا في الآية.

فهذه كلها نشرب من ألبانها، ومن تقدير الله وفضله أن هذه الألبان كما توافق الإنسان توافق غيره وهي أفضل الطعام والشراب، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاماً أو شرب شراباً دعا ربه فحمده على ما أعطاه وسأله أن يرزقه خيراً من ذلك، ومن دعائه: (اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا خيراً منه)، إلا اللبن فكان يقول: (وزدنا منه، فإنه لا شيء يجزئ مثل اللبن)، إذ أن اللبن طعام وشراب للإنسان.

تفسير قوله تعالى: (وعليها وعلى الفلك تحملون)

قال تعالى: وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ [المؤمنون:22] وهذه من منافع الإبل خاصة، فالمرء يركب وتحمله من مكان إلى مكان، ولولا أن الله عز وجل الخالق العظيم سخر هذا الحيوان للإنسان لما استطاع أن ينتفع به، ويذكر أن الإبل لم تكن منذ خلق آدم مسخرة للإنسان، وإنما كانت برية وحشية إلى أن مكن الله عز وجل الإنسان منها وسخرها له قبل ألفي عام من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بدء ذلك في قارة آسيا خصوصاً في جزيرة العرب، فهي منبع ومنشأ الإبل.

وقيل: كان ذلك الاستئناس في سنة ثمانمائة قبل الميلاد، وقيل: بل كان في النصف الثاني من الألف الثانية قبل الميلاد، أي: قبل ميلاد المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام بألف وخمسمائة عام، والله أعلم.

فبعد أن كانت الإبل شاردة وحشية جعلها الله عز وجل للإنسان مسخرة ذلولة، وفيها العديد من الصفات التي ينتفع بها الإنسان.

ومن فضل الله عز وجل على جزيرة العرب أن جعلها موطناً لهذه الإبل، فكانت سبباً في نهضة العرب، وحيث جاء أمر الله عز وجل بالجهاد والإعداد كانت الإبل هي الوسيلة التي ينتقل عليها العرب من مكان إلى مكان، بل في بعض الغزوات قد يشارك من لا خيل له، ولكنه يمتلك إبلاً ينقل عتاده وعدته، فكانت من أسباب الفتوح التي فتح الله عز وجل بها على المسلمين.

فقالوا: إنه كان من فضل الله عز وجل على هؤلاء أن استقروا في أماكنهم بأن سخر لهم هذه الإبل للاستقرار والانتقال من مكان إلى مكان.

وذكر علماء الاختصاص العديد من الفوائد التي تحصل للمرء من التغذية على ألبان الإبل ولحومها، ومعلوم أن الإبل تأكل من أعشاب الصحراء، وهي من الوفرة والكثرة بمكان، ولها عظيم النفع من الناحية الطبية، فحين تأكل الإبل من كل هذه الأشجار يكون لبنها مليئاً بعناصر هذه الأعشاب الصحراوية ومن ثم ينتفع بها الإنسان، فكان في ألبان الإبل منافع عظيمة جداً بسبب ما تأكله من أعشاب الصحراء.

وآيات الله في الإبل كثيرة ومتعددة، ففي خلقها قال تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية:17]، وفيما يخرج منها من منافع قال عنها وعن سائر الأنعام وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ [المؤمنون:21] وفي تسخيرها بعد أن كانت متوحشة قال سبحانه: سَخَّرَهَا لَكُمْ [الحج:37] فلا يسع الإنسان إلا أن يحمد الله سبحانه على ما منحه فيها من النعم العظيمة.

كما أن من يتعود على أكل لحوم الإبل وشرب ألبانها قال العلماء: فإنها تؤثر في أخلاقه، فيعتاد القدرة على حمل الأشياء الثقيلة، والصبر الطويل، كما أن أمعاء الذي يأكل من لحوم الإبل ويعتاد على شرب ألبانها تكون من أقوى الأمعاء، فلا يصيبها في الغالب نوع من الوهن، ولا الضعف، ولا الأمراض إلا في النادر.

امتنان الله على عباده في خلق الأنعام

وقد ورد امتنان الله على عباده بخلق الأنعام لهم في آيات كثيرة، منها قوله عز وجل: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ [يس:71] فالخلق خلق الله عز وجل، ثم ملكك أنت هذه الأنعام لتنظر بإمعان لنعمة الله عليك وتشكر ما تفضل به عليك سبحانه، قال تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ [النحل:66]، والمتفكر في هذه النعم وعجائبها التي لا تنتهي يدرك عظيم قدرة الله تعالى، فهذا اللبن الذي يخرج من بهية الأنعام كان طعاماً تأكله، وبعد أن دخل معدتها وتحول للأمعاء، وهو شيء من الطعام الذي تفرز عليه عصارات الجسد، ومن ثم يستخلص منه القدر الكافي ويدخل الأمعاء الغليظة، ثم يقوم الدم في هذه الحالة بأخذ الشيء الخالص منه ليتحول إلى لبن، فبعد أن كان بين الفرث والدم إذا بالله عز وجل يخرج هذا اللبن ليسكب في الضرع، كما أنه لو أخذ في هذه الحالة لكان طعمه رديئاً جداً، ولكن الله عز وجل جعل غدداً معينة تفرز عليه مسوغات الطعم.

قال تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ [النحل:66]، والترتيب في الآية ترتيب مقصود، فهذا اللبن الخالص قد استخلص من بين الفرث الذي في معدة البهيمة وبين الدم.

وقوله تعالى: سَائِغًا [النحل:66] فيه أن عملية التسويغ لهذا اللبن في نهاية العمليات، فبعد أن دخل في الضرع وصار لبناً خالصاً جاءت عليه مسوغات الطعم فصار على الطعم الذي يشربه الإنسان ويستسيغه، وهذه من عجيب آيات الله عز وجل في خلقه.

من عجائب خلق الله في الإبل

ذكرت مجلة من المجلات العلمية موضوعاً بعنوان سبعون معجزة في خلق الإبل، وهذا مما اكتشفوه ومكنهم الله من معرفته من صفاتها وأخلاقها وغير ذلك.

يقولون: من الصفات التي ساعدت على تأقلم الإبل على العيش في الصحراء خلافاً لغيرها من الدواب:

أولاً: أرجلها طويلة مستديرة تساعد على السير بخطوات واسعة، فهي في الصحراء تجري سريعاً وتمشي مشية سريعة، وفيها جمالن كما ذكر لنا الله عز وجل حيث قال: وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ [النحل:6] مع أن كل الحيوانات ذات الأربع عند السير تسير بيد ورجل معاً، فتسير على اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، والعكس كأن تسير على اليد اليسرى مع الرجل اليمنى، إلا الإبل، فتسير على اليد اليمنى والرجل اليمنى معاً واليد اليسرى والرجل اليسرى معاً، فكانت هي الوحيدة في بهيمة الأنعام التي تتحرك بهذا الشكل، ويرى الناظر في تمايلها جمالاً أخاذاً.

ولذلك كان يصيب أصحاب الإبل شيء من الغرور، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (السكينة في أصحاب الغنم، والكبر والخيلاء في الفدادين أصحاب الإبل)، وذلك مما يشاهدونه من جمال الإبل، وإذا اعتلوا ظهورها رأوا أنفسهم فوق الناس، كما أن أثمانها غالية، ولذلك كله قد يدفع صاحبها إلى الغرور إلا من عصمه الله سبحانه وتعالى.

ثانياً: طول رقبة الإبل، ووضع الرأس عليها يساعد على اتزان الجسم في السير عند حمل الأثقال، وقد يصل وزن ما يحمله الجمل على ظهره أكثر من مائة وخمسين كيلو.

ثالثاً: أن وزن رجليها الأمامية والجزء من الصدر الأمامي أثقل من الخلف، بعكس غيرها من البقر والغنم، فإن مؤخرتها أثقل من المقدمة، وقيل: إن خمسة وستين في المائة من وزن الجمل في الأعضاء الأمامية منه، وهو عميق وضيق ويعطي قوة ارتكاز على الأرض إذا وقفت أو نزلت من منحدر كما يعينها إذا قامت.

رابعاً: خلق للإبل خف مفلطح كبير ولين؛ ليساعدها على أن تمشي في الرمال فترات طويلة، وما استحدثه الأمريكان اليوم من سيارات تمشي في الرمال المتحركة في الصحراء ما هو إلا محاكاة لخف الجمل، فأخذوا من مواصفات أخفاف الإبل، وسعها ولينها وما فيها من الوسائد الهوائية التي تساعد على حملها وتساعد على أن تمشي في الرمال من غير أن تتزحلق.

كما أن الحلف اللين يساعد الجمل على عدم الإضرار بالنباتات الموجودة في الصحراء، فهي لا تتضرر من مشي الإبل مع أنها ثقيلة الوزن.

خامساً: خلق الله عز وجل في الإبل وسائد من الجلد أسفل صدرها وعلى الركب وعلى الأرجل تساعد الإبل على الجلوس وعلى تحمل السير على الرمال الملتهبة، بل قد لا يقدر الإنسان أن يضع يده أو رجله عليها ومع ذلك تجد الإبل تبرك فوقها من غير أن تتأذى من شدة الحرارة التي فيها، فهي تعمل كعازل حراري لما فوقها.

سادساً: طبيعة الجلود لدى الإبل ووجود الوبر عليها يساعد على عزل ما داخل الجسد عن خارجه من طبقات الجو من الحرارة الشديدة.

سابعاً: خلق الله عز وجل للجمل سناماً مليئاً بالمواد الدهنية، وفائدة هذه المواد الدهنية أنها إذا عطش الجمل سرعان ما تتحول إلى ماء، فيشرب منه الجمل، ويظل فترة طويلة معتمداً على هذا المخزون من الدهون التي تتحول إلى ماء في وقت الحر الشديد، فيستعين بها على شدة الحر وعلى العطش الشديد.

ثامناً: من خصائص التركيبة التي خلقها الله عز وجل فيها: أن الجفن العلوي في عينها ثابت لا يتحرك بخلاف غيرها من الحيوانات، من أجل أن يدفع الرمال عن عينيها، قالوا: بينما الجفن الأسفل هو الذي يتحرك.

تاسعاً: يستطيع الجمل النظر في الصحراء مع شدة العواصف الرملية فيها.

عاشراً: خلق الله عز وجل في الإبل القدرة على تحمل الحرارة وعدم فقد الماء، فالجمل لا يعرق إلا عند درجة واحد وأربعين درجة مئوية، وهي درجة قد يموت الإنسان فيها، وبذلك يظل الماء محبوساً في جسمه، كما أن بعر الجمل يكون جافاً خالياً من الماء من أجل أن يحافظ على الماء الموجود في الجسد.

الحادي عشر: يقل بول الجمل عند العطش والحر من أجل أن يتمكن من الاحتفاظ بالماء الموجود في جسده، كما أنه إذا فقد كمية من الماء في فترة طويلة يستطيع أن يعوضها سريعاً، فيمكنه أن يشرب خلال مرة واحدة أو مرتين من مائة وأربعة لتراً إلى مائة وتسعين لتراً، وهذا يجعله قادراً على أن يظل شهراً في الصحراء مع شدة الحر والعطش.

كما أن في خلق الإبل الكثير من الحكم ذكرها الله عز وجل لنا، والمراقبون من العلماء يكتشفون كل يوم أشياء جديدة، وإنما أصبحوا علماء باكتشافهم هذه الخصائص، ونالوا تكريماً وتبجيلاً بين الناس بسبب تلك الاكتشافات، ومع ذلك لا يعظمون الذي خلق تلك الخصائص سبحانه وتعالى.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة المؤمنون [21 - 22] للشيخ : أحمد حطيبة

https://audio.islamweb.net