إسلام ويب

الصبر صفة عظيمة وخصلة جليلة يتصف بها العبد المؤمن، فمن أوتي الصبر فقد أوتي الخير كله، فهو خير في الدنيا بأن يحمل العبد على الصبر على أوامر الله والصبر عن حدوده ومناهيه، وهو خير في الآخرة؛ لأن الله عز وجل يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب.

تعريف الصبر وأقسامه

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد:

قال المصنف رحمه الله: [قال الأوزاعي : اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم, وقل بما قالوا, وكف عما كفوا].

الصبر في اللغة: حبس النفس، وفي الاصطلاح: حبس النفس على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقدار الله جل وعلا.

والصبر قسمان: صبر اضطراري, وصبر اختياري.

الصبر الاضطراري هو: صبر على أقدار الله جل وعلا, لا يبتلي الله عبداً بمصيبة فيصبر عليها إلا وله الأجر في الدنيا وله الرضا في الآخرة, قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الترمذي : (إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم, فمن رضي فله الرضا, ومن سخط فعليه السخط).

وقال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11] هذا في الدنيا، وفي الآخرة له الجنة كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير, إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

والصبر الاختياري: صبر عن معصية الله جل وعلا, أن تصبر عن الزنا وعن المقامرة, أن تصبر عن أي فاحشة عن محارم الله جل وعلا, وقال بعض مشايخنا: الصالح حقاً من صبر عن المعاصي, لا من صبر على الطاعة, مع أن الراجح لدي أن الذي يقيم الطاعات ويقع في الزلات أفضل من الذي يمنع نفسه من الزلات ولا يقيم الطاعات، وبالإجمال فإن الصبر عن المعصية أن تصبر وتمنع نفسك عن أن تتعدى حدود الله جل وعلا.

والصبر على الطاعة كأن تصبر على إقامة الصلاة، وعلى إيتاء الزكاة، وعلى طلب العلم، وعلى الجهاد في سبيل الله جل وعلا.

والصبر الاختياري أفضل من الصبر الاضطراري, فصبر يوسف على المرأة أفضل من صبره على السجن, قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وصبره عن إتيان المرأة أفضل بكثير من صبره على السجن؛ لأن الصبر على السجن صبر اضطراري على أقدار الله جل وعلا, والصبر على إتيان الشهوات صبر اختياري.

قال الأوزاعي : اصبر نفسك على السنة, وقد فصلنا القول في السنة, وقد تعهده وأرشده إلى الصبر على السنة؛ لأن أهل السنة غرباء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء) والغرباء هم الذين يتمسكون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم, ويحيون ما مات من سنة النبي صلى الله عليه وسلم, والذين يصلحون حين يفسد الناس.

ثم قال: واسلك سبيل السلف الصالح, وقد شرحنا معنى السلف.

ثم قال: وكان أهل الشام في غفلة من هذه البدعة, يقصد بها بدعة خلق القرآن.

تعريف الصبر وأقسامه

اصبر نفسك: الصبر: حث النفس في اللغة، وفي الاصطلاح: حث النفس على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقدار الله جل وعلا.

والصبر قسمان: صبر اضطراري, وصبر اختياري.

الصبر الاضطراري هو: صبر على أقدار الله جل وعلا, لا يبتل الله عبداً بمصيبة فيصبر عليها إلا وله الأجر في الدنيا وله الرضى في الآخرة, قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الترمذي : (إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم, فمن رضي فله الرضا, ومن سخط فعليه السخ)

وقال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11] هذا في الدنيا، وفي الآخرة له الجنة كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير, إن أصابته سراء شكر وذلك له خير, وإن أصابته ضراء صبر وذلك له خي).

والصبر الاختياري: صبر عن معصية الله جل وعلا, أن تصبر عن الزنا وعن المقامرة, أن تصبر عن أي فعل أي فاحشة عن محارم الله جل وعلا, وقال بعض مشايخنا: الصالح حقاً من صبر عن المعاصي, لا من صبر على الطاعة, مع أن الراجح لدي أن الذي يقيم الطاعات ويقع في المزلات أفضل من الذي يمنع نفسه من المزلات ولا يقيم الطاعات وبالإجمال فإن الصبر عن المعصية أن تصبر وتمنع نفسك عن أن تتخطى حدود الله جل وعلا.

والصبر على الطاعة: كأن تصبر على إقامة الصلاة، وعلى إيتاء الزكاة وعلى طلب العلم وعلى الجهاد في سبيل الله جل وعلا.

بيان أفضلية الصبر الاختياري على الاضطراري

والصبر الاختياري أفضل من الصبر الاضطراري, فصبر يوسف على المرأة أفضل من صبره على السجن, قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وصبره عن إتيان المرأة أفضل بكثير من صبره على السجن, لأن الصبر على السجن صبر اضطراري على أقدار الله جل وعلا, والصبر على إتيان الشهوات صبر اختياري.

قال الأوزاعي : اصبر نفسك على السنة, وقد فصلنا القول في السنة, وقد تعهده وأرشده إلى الصبر على السنة؛ لأن أهل السنة غرباء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغربا) والغرباء هم الذين يتمسكون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم, ويحيون ما مات من سنة النبي صلى الله عليه وسلم, والذين يصلحون حين يفسد الناس.

ثم قال: واسلك سبيل السلف الصالح, كما شرحنا في الكلام على السلف.

ثم قال: وكان أهل الشام في غفلة من هذه البدعة, يقصد بها بدعة خلق القرءان.

ذم اليأس

اليأس من رحمة الله كفر, ومن يئس من رحمة الله فقد خرج من الملة؛ لأن اليائس من رحمة الله قد ظن ظن الجاهلية بالله, وقد ظن ظن السوء بالله, والله جل وعلا يقول: (الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6]

وقال الله تعالى حاكياً عن يعقوب أنه قال: يَا بَنِيَ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87]

وقال حاكياً عن إبراهيم: قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ [الحجر:54-55]

وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ضحك ربكم من عباده ييئسون ويقنطون والفرج قريب).

أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم

قال الله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] فإضافة الرسالة إلى الله تبين أن الذي أرسله هو الله جل وعلا, والرسول: هو كل من أوحي إليه فأمر بالتبيلغ.

ومن صفاتهم أشداء على الكفار, أشداء وهذا من مظاهر ربوبية الله جل وعلا: أن تجد ملكة الغضب وملكة الرحمة والشفقة في العبد, قال: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ [الفتح:29] كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التوبة:73]

وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة:123] يكون المؤمن أسداً ثائراً على أعداء الله جل وعلا, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله رفيق يحب الرفق) فضاعت الرحمة بيننا إما ظاهراً وإما باطناً نسأل الله أن يغفر لنا ويؤلف بين قلوبنا.

أقول قولي هذا, وأستغفر الله لي ولكم, وجزاكم الله عنا خيراً.

الأسئلة

أنواع حب الدنيا

السؤال: ما هو حكم التجسس؟

الجواب: حب الدنيا على نوعين: حب الدنيا يخرج من الملة, وحب الدنيا لا يخرج من الملة, فيمكن للمتجسس أن يتجسس للكفار لا لنصرة الكفار على المؤمنين, لا لأنه يحب أن يعلو الكفر على الإسلام, ولكن لأنه يحب الدنيا ولا يريد الآخرة، ويقدم الدنيا على الآخرة, ولذلك قال الله تعالى في سورة النحل: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [النحل:107]، والآية ظاهرة جداً؛ لأن من اتخذ إلهه هواه أو قدم الدنيا على الآخرة يكفر, والمسألة لا تكون بالإطلاق ولكن بالتقييد, فقال الله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106].

ويُذكر أنه ارتقى مؤذن صومعة ليؤذن، فرأى امرأة جميلة فتن بجمالها, فنزل وأرادها فقالت: والله! ما أريدك إلا أن تتنصر, فتنصر وقدم دين النصرانية على الإسلام, ولم يرد علو النصرانية, لكنه أحب الشهوة فترك دينه خلفه ظهرياً من أجل هذه الشهوة.

فالمسألة تحتاج إلى تفصيل؛ لأن الإمام مالكاً قال: الجاسوس كافر يقتل كفراً, لكن نحن نقول: التجسس أنواع:

التجسس من أجل نصرة دين الكفر على دين الإسلام وصاحبه يكفر.

التجسس من أجل إعلاء الكفار على المؤمنين؛ حباً لكفرهم وبغضاً لإيمان المؤمنين وصاحبه يكفر.

التجسس من أجل الدنيا وكراهية الآخرة وعدم إرادة الآخرة بالمرة وصاحبه يكفر.

التجسس من أجل مال ومتعة زائلة مع أنه يعلم أن هذه معصية وشهوة زائلة وأنه سيرجع إلى ربه فهذه معصية، ولا يكفر صاحبها.

فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل حاطباً، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم له بالعذر وقال: (لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).

وقصة حاطب لا يستدل بها على هذه المسألة؛ لأن حاطب بن أبي بلتعة ما فعل ذلك شهوة, بل فعل ذلك حفاظاً على عرضه ونسائه.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - الصبر للشيخ : محمد حسن عبد الغفار

https://audio.islamweb.net