اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فضائل الصحابة - فضائل عبد الرحمن بن عوف للشيخ : محمد حسن عبد الغفار
ما زلنا مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اصطفاهم الله على البشر أجمعين، فجعلهم صحبة لنبيه نصرة لدينه، ونشرة لدعوته.
لقد نظر الله في قلوب العباد فوجد أصفى هذه القلوب وأنقى هذه القلوب هي قلوب الصحابة رضي الله عنهم، فاختارهم لصحبة نبيه، فهم أعمق الناس علماً، وأحسن الناس خلقاً، وأبرهم قلوباً.
نحن اليوم على موعد مع عبد الرحمن بن عوف الذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو يمشي على رجليه بين الناس.
هو أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ، كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو وقيل: عبد الحارث وقيل: عبد الكعبة وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن ، ففي هذا دلالة على أن الاسم الذي لا يجوز شرعاً لابد أن يغير، يعني: أي اسم معبد لغير الله أو يتضمن تزكية؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث غير اسم برة إلى زينب؛ لأن برة من البر.
إذاً: فمن السنة إن كان الاسم فيه تزكية للنفس أن يغير، وإن كان مطابقاً له، والأمر الثاني إذا عبد لغير الله كعبد علي وعبد الحسين وعبد الرسول، كل ذلك وجوباً لابد أن يغير، أما بالنسبة للتسمي باسم الإسلام والإيمان فلا يجوز التسمية بالإسلام والإيمان.
إذاً: لا يجوز التسمي بالأسماء التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هناك أسماء تتضمن تزكية، ولم يغيرها النبي صلى الله عليه وسلم كمحمد، والتزكية في محمد أنه كثير المحامد، وأيضاً صالح؛ لأن هناك نبياً من أنبياء الله اسمه صالح، وصالح فيه تزكية، فنقول: القاعدة الأصلية: أن كل اسم فيه تزكية للنفس يغير إلا ما جاء الدليل به فنمكث عليه.
وعن أبي سلمة عن أبيه: (أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فذهب النبي صلى الله عليه وسلم في حاجته، فأدركهم وقت الصلاة فأقاموا الصلاة، فتقدمهم عبد الرحمن فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى مع الناس خلفه ركعة، فلما سلم قال: أصبتم أو قال: أحسنتم)، وقد اختاروا أفضلهم فأم بهم، فـعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه يكفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة، وكذلك جعله عمر من الستة الذين يختار منهم الخليفة بعد عمر رضي الله عنه وأرضاه.
وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام)، وعبد الرحمن بن عوف فتح الله عليه من الأموال شيئاً ما فتحه على صحابي مثله، فكان من أغنى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع ذلك من عائشة خشي على نفسه أن يتأخر في دخول الجنة؛ فأنفق كل هذا المال في سبيل الله جل في علاه.
وعن أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن أبيها قال: (باع عبد الرحمن بن عوف أرضاً له من عثمان بأربعين ألف دينار، فقسم ذلك المال في بني زهرة وفقراء المسلمين وأمهات المؤمنين، وبعث إلى عائشة معي بمال من ذلك المال، فقالت عائشة : أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لن يحنو عليكن بعدي إلا الصالحون)، وهذه شهادة من رسول الله بصلاح عبد الرحمن بن عوف حيث بعث بمال لأمهات المؤمنين.
وعن الزهري قال: (تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على ألف وخمسمائة راحلة في سبيل الله، وكان عامة ماله من التجارة).
وعن جعفر بن برقان قال: بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف نسمة يعني: من الرقيق.
وعن نوفل بن ياسر البري قال: (كان عبد الرحمن لنا جليساً، وكان نعم الجليس -لأنه كان دائماً يذكرهم بالله جل في علاه ويذكرهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم- وإنه انقلب بنا يوماً حتى دخلنا بيته، ودخل فاغتسل ثم خرج فجلس معنا، وأتانا بصحفة فيها خبز ولحم، فلما وضعت بكى عبد الرحمن بن عوف ، فقلنا له: يا أبا محمد ما يبكيك؟ فقال: هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ولا ترانا إلا عجلت لنا طيباتنا في هذه الحياة الدنيا)، فليخش كل من فتحت عليه الدنيا إن لم ير في هذا المال حقه أن الله سبحانه قد استدرجه بهذا المال.
وعن سعيد بن جبير قال: كان عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من بين عبيده؛ لأنه كان متواضعاً، كأنه مثل الرقيق يحمل كما يحملون ويأكل كما يأكلون، ويسير كما يسيرون، والتواضع سمة الصالحين المتقين المؤمنين.
وعن أيوب السختياني عن محمد أن عبد الرحمن بن عوف توفي، وكان فيما ترك ذهب ومال، فأخرج ذلك في سبيل الله جل في علاه.
توفي عبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع وهو ابن اثنتين وسبعين سنة ويقال: وهو ابن خمس وسبعين سنة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فضائل الصحابة - فضائل عبد الرحمن بن عوف للشيخ : محمد حسن عبد الغفار
https://audio.islamweb.net