إسلام ويب

لقد شرع الله الأضحية تقرباً إليه وتوسيعاً على الأهل والمساكين باللحم، وإذا كانت قربة فقد حدد الشرع صفات الأضحية المجزئة، وبين الوقت الذي تذبح فيه، والسن المشترط لها، والعيوب التي تمنع من قبولها.

تابع ما يستحب من الضحايا

شرح حديث جابر في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي حدثنا عيسى حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عياش عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (ذبح النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجأين، فلما وجههما قال: إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك وعن محمد وأمته، باسم الله والله أكبر) ثم ذبح ].

سبق في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ثم أورد أبو داود هذا الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ثم ذكر بعد ذلك أنه سمى عند ذبحهما وكبر، وذكر أيضاً هذا الذكر عند الذبح، والحديث في إسناده مقال من جهة أبي عياش المعافري الذي هو أحد رجال الإسناد، وكذلك من جهة محمد بن إسحاق المدني فهو مدلس وقد روى بالعنعنة، فالذي له شواهد من ألفاظ هذا الحديث يكون صحيحاً من أجل تلك الشواهد التي جاءت في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل التضحية بالكبشين الأقرنين الأملحين، ومثل التسمية والتكبير، وأما ما جاء في هذا الحديث ولم يكن له شواهد فإنه مقدوح فيه من أجل أبي عياش المعافري ، ومن أجل محمد بن إسحاق المدني الذي روى بالعنعنة، وهو صدوق يعتمد حديثه إلا فيما جاء معنعناً غير مصرح بالتحديث.

قوله: [ (ذبح النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجأين) ].

وهذا فيه ذكر الوجي، وهو الخصاء، وبعض أهل العلم قال: إن التضحية بالخصي أو الموجوء فيها شيء؛ لأنه نقص في الخلقة، ولكن الصحيح أنه ليس نقصاً في الخلقة وإنما هو كمال في الموجوء؛ لأنه يحصل له السمن بذلك لكونه ليس فحلاً ينزو على الإناث فيكون ذلك سبباً في ضعفه ونقص سمنه وقوته، فالخصاء من أسباب طيب لحمه، فيكون الذبح للفحل غير الموجؤ وللخصي الذي قد وجئ سائغ لا بأس به؛ لأن في كونه خصياً طيب لحمه وسمنه.

قوله: [ (فلما وجههما) ].

أي إلى القبلة وذلك للذبح.

قوله: [ (فلما وجههما قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، وعن محمد وأمته، باسم الله والله أكبر) ثم ذبح ].

هذا فيه ذكر ودعاء، والدعاء قد ورد فيما يتعلق بالتكبير.

وكونه عن محمد وعن آل محمد أو أمة محمد ورد له شواهد، وقد سبق أن مر شيء منها.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم

قوله: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ].

إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عيسى ].

عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق مدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وإذا صرح بالتحديث فحديثه معتمد، وإذا لم يصرح وإنما أتى بالعنعنة أو بقال فإن هذا من تدليسه، فيكون محتملاً للاتصال ومحتملاً للانقطاع، كما هو الشأن في التدليس.

[ عن يزيد بن أبي حبيب ].

يزيد بن أبي حبيب المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي عياش ].

وهو المعافري ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[ عن جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث أبي سعيد في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضحي بكبش أقرن فحيل، ينظر في سواد، ويأكل في سواد، ويمشي في سواد) ].

أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبش فحيل) ]، والفحيل هو الكريم العزيز عند أهله المعد للفحولة، أي لينزو على الإناث.

قوله: [ (يمشي في سواد)] يعني أن رجليه ويديه فيها سواد سواء كلها أو مما يلي الأرض.

قوله: [ (ينظر في سواد) ] أي أن حول عينيه سواد.

قوله: [ (يأكل في سواد)] أي الذي حول فمه يكون أسود؛ إما الرأس كله أو بعضه.

قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي...) ] [كان] تدل على الدوام والاستمرار غالباً، ولكن قد جاء في بعض الأحاديث أنه ضحى بكبشين، فمعنى ذلك أنها هنا لا تدل على الدوام والاستمرار، ومن الأحاديث التي جاءت فيها لغير الدوام حديث عائشة رضي الله عنها: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت) فعبرت بـ"كان" مع أنه ما حصل ذلك إلا مرة واحدة في حجة الوداع.

تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم

قوله: [حدثنا يحيى بن معين ].

يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن حفص ].

حفص بن غياث ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جعفر ].

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

محمد بن علي بن الحسين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سعيد ].

أبو سعيد الخدري ، وهو سعد بن مالك بن سنان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ما يجوز من السن في الضحايا

شرح حديث جابر في إجزاء الجذع من الضأن

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يجوز من السن في الضحايا.

حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا زهير بن معاوية حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة؛ إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) ].

أورد أبو داود : [باب ما يجوز من السن في الضحايا]، وهذه الترجمة تتعلق بأسنان الضحايا وعمرها، والحد الأدنى لما يجزئ منها، ومعلوم أن الضحايا إنما تكون من بهيمة الأنعام فقط، وهي: الإبل، والبقر، والغنم.

والمعروف عند العلماء أن الضحية تكون بالجذع من الضأن والثني من غيره، أي الثني من المعز والبقر والإبل.

فالجذع من الضأن هذا أقل شيء، وهو ما تم له ستة أشهر فأكثر، والثني من غيره قال بعض أهل العلم: هو من المعز والضأن ما تم له سنة ودخل في السنة الثانية، ومن البقر ما تم له سنتان ودخل في السنة الثالثة، ومن الإبل ما أكمل خمس سنوات ودخل في السادسة، وهذا معناه أن الأسنان التي تؤخذ في الزكاة كلها دون ما يجزئ في الأضحية؛ لأن بنت مخاض من الإبل ما لها سنة، وبنت لبون ما لها سنتان، والحقة ما لها ثلاث سنوات، والجذعة ما لها أربع سنوات، والثني ما له خمس سنوات.

ومن أهل العلم من قال: إن الثني من الضأن ومن المعز ما تم له سنتان، ومن البقر ما تم له ثلاث سنوات، ومن الإبل ما تم له خمس سنوات، فلا خلاف في الإبل، وإنما الخلاف في الغنم والبقر.

وقد أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: [ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تذبحوا إلا مسنة) ] يعني في الهدي وفي الأضحية؛ لأن الهدي والأضحية حكمهما واحد من ناحية الأسنان، فما يجزئ في هذا يجزئ في هذا، وما لا يجزئ في هذا لا يجزئ في هذا، والمعنى أن الحد الأدنى هو المسنة.

قوله: [ (إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعاً من الضأن)] أي: إلا أن يشق عليكم فلا تجدون المسنة أو الثني فتذبحون من الضأن جذعة، وهذا يدل على أن الجذع من الضأن يجزئ عندما لا تتيسر مسنة، والمعروف عند أكثر العلماء أن هذا إنما هو للاستحباب وليس للإيجاب، ومعنى ذلك أنه يمكن أن يذبح الجذع من الضأن مع وجود المسنة، فيحمل هذا الذي جاء في الحديث على الاستحباب لا على الوجوب؛ لأنه قد جاءت أحاديث دالة على جواز ذبح الجذع.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في إجزاء الجذع من الضأن

قوله: [حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني ].

أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب الحراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن زهير بن معاوية ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي الزبير ].

هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر ].

جابر بن عبد الله وقد مر ذكره.

وهذا من رباعيات أبي داود ، أي: من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص.

شرح حديث زيد بن خالد فيما يجزئ من الضأن

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن صدران حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن إسحاق حدثني عمارة بن عبد الله بن طعمة عن سعيد بن المسيب عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: (قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أصحابه ضحايا فأعطاني عتوداً جذعاً، قال: فرجعت به إليه فقلت له: إنه جذع، قال: ضح به، فضحيت به) ].

أورد أبو داود حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم غنماً وأعطاه عتوداً جذعاً وقال له: ضح به) ]، وهذا محمول على أنه من الضأن وليس من غير الضأن؛ لأن المعز لا يضحى بالجذع منه، بل لابد من المسنة، وذلك لما سيأتي في حديث أبي بردة بن نيار قال: (عندي عناق داجن جذعة، هل تجزئ عني؟ قال: تجزئ عنك ولا تجزئ عن أحد بعدك)، فدل هذا على أن الجذع من المعز لا يجزئ في الأضحية، بل لابد من المسنة، وأما الضأن فإنه يجزئ فيه الجذع الذي أكمل ستة أشهر ولم يبلغ أن يكون ثنياً، وعلى هذا فالحديث يحمل على أن المقصود به الجذع من الضأن وليس من المعز.

والعتود هو الذي اشتد وقوي.

قوله: [ (قال: فرجعت به إليه فقلت له: إنه جذع، قال: ضح به) ].

كأنه علم بأن المشروع إنما هو المسن، فقال: [ (ضح به)]، فدل ذلك على جواز التضحية بالجذع من الضأن.

تراجم رجال إسناد حديث زيد بن خالد فيما يجزئ من الضأن

قوله: [حدثنا محمد بن صدران ].

محمد بن إبراهيم بن صدران ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق عن عمارة بن عبد الله بن طعمة ].

محمد بن إسحاق مر ذكره.

وعمارة بن عبد الله بن طعمة مقبول، أخرج له أبو داود .

[ عن سعيد بن المسيب ].

وهو تابعي ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زيد بن خالد الجهني ].

زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

والحديث في إسناده عمارة بن عبد الله بن طعمة وهو مقبول، أخرج له أبو داود وحده، ولكن الحديث له شواهد.

شرح حديث عاصم بن كليب فيما يجزئ من الضأن

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق حدثنا الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه أنه قال: (كنا مع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقال له: مجاشع من بني سليم، فعزت الغنم، فأمر منادياً فنادى: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول: إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني) .

قال أبو داود : وهو مجاشع بن مسعود ].

أورد أبو داود حديث مجاشع بن مسعود السلمي رضي الله عنه أنه قال: [ (عزت الغنم) ] معناه أنها قلَّت، فالعزة هنا بمعنى القلة، والعزيز هو الشيء الذي قل ولم يكثر ويتيسر وجوده، والمقصود عزت الغنم الكبيرة.

قوله: [ (إن الجذع يوفي مما يوفي به الثني) ] هذا محمول على الضأن؛ لأن الحديث قد جاء بأنه لا تجزئ الجذع من المعز إلا عن أبي بردة الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها تجزئ عنك ولن تجزئ عن أحد بعدك)، فيكون هذا محمولاً على الجذع من الضأن.

تراجم رجال إسناد حديث عاصم بن كليب فيما يجزئ من الضأن

قوله: [حدثنا الحسن بن علي ].

الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ عن عبد الرزاق ].

عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الثوري ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن عاصم بن كليب ].

عاصم بن كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

كليب بن شهاب وهو صدوق أيضاً، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.

[ عن مجاشع من بني سليم ].

هو مجاشع بن مسعود من بني سليم رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة .

شرح حديث البراء بن عازب فيما يجزئ من المعز

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا منصور عن الشعبي عن البراء رضي الله عنه أنه قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم، فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله! والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، فتعجلت فأكلت وأطعمت أهلي وجيراني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تلك شاة لحم، فقال: إن عندي عناقاً جذعة وهي خير من شاتي لحم، فهل تجزئ عني؟ قال: نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك) ].

أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس بعد الصلاة وقال: [ (من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك) ]، أي أنه أتى به على الوجه المشروع.

قوله: [ (ومن نسك) ] أي ذبح (قبل الصلاة فتلك شاة لحم)، أي ليست أضحية؛ لأن الأضحية إنما تكون بعد الصلاة، وهذا يدلنا على توقيت الذبح وأنه يكون بعد الصلاة لا قبل الصلاة، وأن الإنسان لو ذبح قبل الصلاة فإن ذبيحته لا تكون نسكاً ولا قربة، وإنما هي شاة تتخذ للحم كالذبائح التي تذبح في سائر أيام السنة ويقصد منها اللحم ولا يقصد منها القربة، فالقربة إنما هي في الأيام المحددة للأضاحي، وهي من بعد صلاة العيد إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر، فهي أربعة أيام بلياليها.

وقد جاء في الحديث أنه قام أبو بردة بن نيار رضي الله عنه فقال: إنه ذبح قبل الصلاة وإنه أطعم جيرانه وأهله، وإنه إنما حمله على ذلك الرغبة في المبادرة إلى الأكل من اللحم لأنه يعلم أنه يوم أكل وشرب، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: [ (تلك شاة لحم) ]، أي إنها لم تكن أضحية؛ لأنها ما وقعت في الوقت.

قوله: [ (إن عندي عناقاً جذعة وهي خير من شاتي لحم، فهل تجزئ عني؟ قال: نعم، ولن تجزئ عن أحد بعدك) ] معناه أن هذه رخصة خاصة به، وأن ذبح العناق أو التضحية بالعناق لا تجزئ، وإنما يجزئ المسن وهو ما تم سنة، ما تم له سنة ودخل في السنة الثانية.

قوله: [ عن البراء رضي الله عنه قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك) ].

هذا يدل على أن الخطبة تكون بعد الصلاة ولا تكون قبل الصلاة، فيصلي أولاً ثم يخطب الإمام بعد ذلك.

قوله: [ (من صلى صلاتنا) ] أي: صلاة العيد.

قوله: [ (ونسك نسكنا) ] أي كما ننسك بعد الصلاة [ (فقد أصاب النسك) ].

قوله: [ (ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم) ] أي: ليست أضحية؛ لأن الأضحية يبدأ وقتها بعد الفراغ من الصلاة.

قوله: [ (فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله! والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، فتعجلت فأكلت وأطعمت أهلي وجيراني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تلك شاة لحم! فقال: إن عندي عناقاً جذعة وهي خير من شاتي لحم، فهل تجزئ عني؟ قال: نعم، ولن تجزئ عن أحد بعدك) ].

كون أبي بردة رضي الله عنه ضحى قبل الصلاة ولم تعتبر أضحيته لعدم موافقتها للسنة، وعدم الإتيان بها على الوجه المشروع، يدلنا على أن الإنسان إذا فعل القربة وهو غير موافق للسنة لا يعتبر ذلك؛ لأن أبا بردة رضي الله عنه كان قصده حسناً، ومع ذلك لم يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم ذبيحته أضحية؛ لأنها ما وقعت في الوقت، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلاً عن بعض أهل العلم: وفي الحديث دليل على أن العمل لا يعتبر إلا إذا وقع موافقاً للسنة، وأنه إذا وقع غير موافق للسنة لا يعتبر ولو كان قصد فاعله حسناً؛ لأن أبا بردة رضي الله عنه كان قصده حسناً، لكن لما كانت القربة التي تقرب بها غير مطابقة للسنة وغير واقعة في الوقت المشروع لم تقبل، فدل ذلك على أن حسن القصد لا يكفي في العمل الذي يكون مخالفاً للسنة، بل لابد مع حسن القصد أن يكون العمل موافقاً للشرع.

ولهذا فإن ما يفعله بعض الناس من ذكر وأمور مبتدعة محدثة لم تأت بها سنة، ويتعللون بأن القصد حسن؛ لا يصح، لأن ذلك لا يكون كافياً؛ لدلالة هذا الحديث الذي معنا.

ومما يدل على ذلك أيضاً الأثر الذي جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: أنه خرج إلى المسجد وإذا فيه جماعة متحلقون ومعهم حصى، وفي كل حلقة شخص يقول: سبحوا مائة.. فيسبحون مائة! هللوا مائة.. فيهللون مائة! كبروا مائة.. فيكبرون مائة! ويعدون بالحصى حتى يكملوا هذا العدد، فوقف على رءوسهم أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقال: ما هذا يا هؤلاء؟ إما أن تكونوا على طريقة أهدى مما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أنكم مفتتحو باب ضلالة، وذلك لأن الصحابة ما فعلوا هذا وهم خير الناس، وهم السابقون إلى كل خير والحريصون على كل خير رضي الله عنهم وأرضاهم، فقالوا: سبحان الله يا أبا عبد الرحمن ! ما أردنا إلا الخير، فقال رضي الله عنه: وكم من مريد للخير لم يصبه!

فهذا يدلنا على أن العمل الذي يتقرب به إلى الله عز وجل لابد أن يكون مطابقاً للسنة، وكل عمل من الأعمال لا يكون نافعاً ولا يكون معتبراً إلا إذا توافر فيه شرطان اثنان: أحدهما: أن يكون خالصاً لوجه الله، والثاني: أن يكون مطابقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن وجد الإخلاص وما وجدت المتابعة وإنما كان مبنياً على بدعة فإنه يكون مردوداً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وهو حديث متفق عليه، وفي لفظ لـمسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

وإن وجدت المتابعة وكان العمل مطابقاً للسنة ولكن فقد شرط الإخلاص، وكان فيه الرياء وصرف العمل لغير الله، فإنه لا يعتبر ولا يكون نافعاً.

وهذا هو معنى: (أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله)؛ لأن أشهد أن لا إله إلا الله تعني الإخلاص، ومقتضاها أن تكون العبادة خالصة لوجه الله، ولا يكون لغيره فيها نصيب، وأما شهادة أن محمداً رسول الله فتقتضي المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم.

والحاصل أن الحديث الذي معنا يدل دلالة واضحة على أن العمل المعتبر هو ما كان مطابقاً للسنة، وأن العمل الذي يعمل غير مطابق للسنة ولو كان قصد صاحبه حسناً لا يعتبر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما اعتبر تلك الأضحية التي حصلت قبل الصلاة؛ لأنها لم تقع في وقتها.

تراجم رجال إسناد حديث البراء فيما يجزئ من المعز

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن أبي الأحوص ].

وهو سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

منصور بن المعتمر الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الشعبي ].

وهو عامر بن شراحيل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن البراء ].

البراء بن عازب رضي الله عنهما، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث البراء فيما يجزئ من المعز من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا خالد عن مطرف عن عامر عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: (ضحى خال لي يقال له أبو بردة قبل الصلاة، فقال له: رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: شاتك شاة لحم! فقال: يا رسول الله! إن عندي داجناً جذعة من المعز، فقال: اذبحها ولا تصلح لغيرك) ].

أورد أبو داود حديث البراء بن عازب من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله، وفيه بيان أن أبا بردة هذا خال البراء بن عازب ؛ لأنه قال: خال لي، والداجن هي المألوفة التي تربى في البيوت.

تراجم رجال إسناد حديث البراء فيما يجزئ من المعز من طريق أخرى

قوله: [حدثنا مسدد عن خالد ].

مسدد مر ذكره.

و خالد هو ابن عبد الله الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مطرف ].

مطرف بن طريف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عامر عن البراء ].

عامر هو الشعبي ، والبراء هو ابن عازب ، وقد مر ذكرهما.

وأبو بردة بن نيار بالدال اسمه هانئ ، وقيل: الحارث بن عمرو البلوي .

ما يكره من الضحايا

شرح حديث البراء فيما يكره من الضحايا

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يكره من الضحايا.

حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز قال: سألت البراء بن عازب رضي الله عنهما: ما لا يجوز في الأضاحي؟ فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصابعي أقصر من أصابعه، وأناملي أقصر من أنامله، فقال: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بين عورها، والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ظلعها، والكسير التي لا تنقي، قال: قلت: فإني أكره أن يكون في السن نقص، قال: ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد).

قال أبو داود : تنقي التي ليس لها مخ ].

أورد أبو داود : [باب ما يكره من الضحايا] ومعنى الكراهة هنا التحريم.

وأورد فيه حديث البراء بن عازب رضي الله عنه وفيه: [ (أربع لا تجوز في الأضاحي)] يعني لا يجوز أن يضحى بها.

قوله: [ (العوراء البين عورها)]، يدل على أن العور إذا كان خفيفاً وكان البصر موجوداً ولكن فيه ضعف أنه لا يؤثر؛ لأن قوله: [ (البين عورها) ] يدل على أن المعتبر هو ما كان بهذا الوصف، أما إذا كان في العين عور ضعيف، فإن ذلك لا يؤثر ولا يمنع، وإنما صارت العوراء ناقصة لا يضحى لأنه نقص في الخلقة، هذا أولاً.

والأمر الثاني: أن ذلك من أسباب عدم تمكنها من الحصول على الأكل في المرعى كما تحصله سليمة العينين؛ لأن هذا النقص فيها بالنسبة للعين الواحدة يترتب عليه عدم الاستفادة من المرعى مثلما تستفيد ذات العينين السليمتين، ومن باب أولى العمياء.

قوله: [ (والمريضة البين مرضها) ]؛ لأن ذلك يؤثر في طيب اللحم ويؤدي إلى عدم جودة اللحم بسبب المرض، فإذا كان المرض خفيفاً لم يمنع، مثلما قيل في العوراء.

قوله: [ (والعرجاء البين ظلعها) ] وهي التي في إحدى يديها أو رجليها كسر أو ضعف أو خلل، فهي تعرج ويكون عرجها بيناً، وأما إذا كان العرج خفيفاً لا يمنعها من أن تعدو وأن تمشي مع غيرها من السليمات، فإن ذلك لا يمنع ولا يؤثر؛ لأن قوله: [ (البين ضلعها)] معناه لأنها تتأخر ولا تلحق بغيرها من السليمات، ويكون ذلك من أسباب نقصها، ومن أسباب عدم تمكنها من الرعي؛ لأن غيرها يسبقها ويأكل وهي تأتي وراءه فتأكل مما خلف ومما ترك، ففيها ضعف من ناحية حركتها ومن ناحية عدم تمكنها من أن ترعى كما ترعى الغنمة السليمة.

قوله: [ (الكسير التي لا تنقي)]، الكسير هي المكسورة، والتي لا تنقي هي التي ليس فيها مخ، ويكون ذلك بسبب الكسر الذي حصل فيها فيكون فيها ذلك الضعف، وعلى هذا فهي قريبة من النوع الثالث الذي مر وهو العرجاء البين ظلعها، إلا أن ذاك يكون أعم؛ لأن الضلع قد يكون من كسر وقد يكون من ضعف في الرجل أو اليد؛ لأنها تعرج بسبب العيب الذي فيها وإن كان الكسر غير موجود.

وبعض الذين خرجوا الحديث من الأئمة رووه بلفظ (العجفاء التي لا تنقي)، بدل [ (الكسير) ]، ومعناه الهزيلة، التي ليس فيها مخ، يعني كما قال أبو داود : [ ليس لها مخ ].

فبعض الأئمة ذكروا الحديث نفسه وعبروا فيه بالعجفاء، وهو الذي يناسب من ناحية أن ذكر الكسير فيه تداخل مع الذي قبله وهو [ (العرجاء البين ظلعها) ].

والتي لا تنقي هي التي لا مخ في عظامها، وهو الدهن الذي داخل العظام.

قوله: [ عن عبيد بن فيروز قال: سألت البراء بن عازب : ما لا يجوز في الأضاحي؟ فقال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصابعي أقصر من أصابعه، وأناملي أقصر من أنامله) ].

عبيد بن فيروز سأل البراء : [ (ما لا يجوز؟) ] أي: ما الذي لا يجوز؟ فكان أن أجاب بالحديث، وهذه طريقة سلف هذه الأمة من الصحابة ومن بعدهم، أنهم كانوا إذا سئلوا أجابوا بالأثر؛ لأن الإجابة بالأثر تشتمل على الجواب والدليل؛ لأنه لو أتى بالجواب بدون الدليل لاحتاج إلى أن يسأل سؤالاً آخر: ما الدليل على هذا؟ لكنه إذا م أجاب بالأثر يكون قد حصل منه الجواب على السؤال وزاد عليه بيان الدليل الذي يدل عليه.

وقد يورد الحديث وهو حديث طويل من أجل جملة فيه هي محل السؤال، ومن أمثله ذلك حديث جبريل المشهور الذي أورده مسلم في فاتحة صحيحه عن عمر قال: (بينما نحن جلوس عند رسول الله..) الحديث الطويل، فقد أورده ابن عمر بسبب سؤال عن الإيمان بالقدر.

وهنا البراء بن عازب يحكي ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه أشار بأصابعه، قال: [ (وأصابعي أقصر من أصابعه، وأناملي أقصر من أنامله) ] الأنامل هي: جزء من الأصابع أو بعض الأصابع، وهذا الذي قاله البراء قيل: إنه من باب الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون مع الأدب بيان الواقع، وأنه يعرف أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصابعه أكبر من أصابعه.

قوله: [ (وفي آخره قال: قلت: فإني أكره أن يكون في السن نقص، قال: ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد) ] يعني: السن الذي يجزئ أو الذي يضحى به.

قوله: (ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد) معناه: أنه إذا كان هناك نقص لا يصل إلى حد المنع، وأن الإنسان أراد أن يحصل الأكمل والأفضل ويترك هذا الذي فيه شيء من النقص، فليحصل الأفضل ولا يمنع غيره، وذلك مثل أن تكون عوراء ليس عورها بيناً، فإنها تكون مجزئة، فمن أراد تجنبها فليفعل ولا يحرمها على غيره.

تراجم رجال إسناد حديث البراء فيما يكره من الضحايا

قوله: [حدثنا حفص بن عمر النمري ].

حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ عن شعبة ].

شعبة بن الحجاج الواسطي البصري ، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن سليمان بن عبد الرحمن ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.

[ عن عبيد بن فيروز ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن أيضاً.

[ عن البراء بن عازب ].

البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره.

الأسئلة

ما ورد في استقبال القبلة عند الذبح

السؤال: هل ورد شيء في استقبال القبلة عند الذبح؟

الجواب: أخرج البيهقي في السنن الكبرى (9/285) من طريق ابن جرير عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يستحب أن يستقبل القبلة إذا ذبح.

ورواه غيره عن ابن جرير وقال في الحديث: (كان يستقبل بذبيحته القبلة).

قال البيهقي : وروي فيه حديث مرفوع عن غالب الجزري عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها وإسناده ضعيف، أورده البيهقي في باب السنة أن يستقبل بالذبيحة القبلة. راجع الإرواء (8/278).

حكم جمع المال من الطلاب لشراء الأضاحي وتوزيعها على الفقراء

السؤال: جرت العادة في بعض المدارس في بلدنا أيام عيد الأضحى أن يجمع مالاً من الطلاب لشراء الضحايا بقراً أو غنماً، ثم توزع للفقراء والمساكين والمدرسين، فما حكم هذا العمل؟

الجواب: الذي ينبغي على كل قادر أن يضحي بنفسه ويوزع، بدون أن يكون هناك جمع من الناس.

حكم تضحية ولي الأمر عن الشعب

السؤال: هل يجوز لولي الأمر في وقتنا الحاضر أن يضحي بكبشين واحد عنه وواحد عمن لم يضح من شعبه؟

الجواب: لا نعلم شيئاً يدل على هذا، فذاك حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يقال: إن غيره يكون مثله؛ لأنه ما عرف عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أنهم فعلوا هذا.

عمر المسنة من الأضاحي

السؤال: كم يكون عمر المسنة؟

الجواب: ذكرنا أن المسنة من الغنم ضأناً ومعزاً ما أكملت سنة ودخلت في الثانية، ومن البقر ما أكملت الثانية ودخلت في الثالثة، ومن الإبل ما أكملت الخامسة ودخلت في السادسة.

التضحية عن أهل البيت إذا استقلوا في البيوت

السؤال: رجل عنده أربعة أبناء وكلهم يسكنون في بيوت خارج ملك أبيهم، فهل تجزئ عنهم أضحية أبيهم؟

الجواب: لا تجزئ ما دام أن كل واحد له بيت مستقل، وعليه أن يضحي عن نفسه ولا تجزئ عنه أضحية أبيه، لكن لو كانوا مع أبيهم في بيت واحد ومأكلهم واحد فإنها تجزئ عنهم.

حكم الأضحية تموت قبل الذبح

السؤال: رجل اشترى أضحية ثم ماتت قبل الذبح أو انكسرت مثلاً، فما العمل؟

الجواب: يشتري أضحية أخرى ويذبحها.

حكم الأضحية المجروحة

السؤال: انتشر بين الناس عندنا أن الأضحية إذا كان بها جرح فإنها لا تجزئ، فهل هذا صحيح؟

الجواب: ليس بصحيح، فإذا كان هذا الجرح لم يترتب عليه مرض بين، فإنه لا بأس بها، وأما إذا كان ترتب على هذا الجرح أنها مرضت مرضاً بيناً فلا تجزئ؛ للحديث الذي مر: (المريضة البين مرضها).

حكم الأضحية بمقطوع الذنب

السؤال: هل تجوز الأضحية بمقطوع الذنب (الأبتر)؟

الجواب: لا أعلم ما يمنعه، وهو نقص في الخلقة ومن ناحية الجمال، ولكنه من ناحية السمن ومن ناحية كونه يحصل به المقصود، لا أعلم شيئاً يمنعه.

حكم الزواج بالكتابية

السؤال: هل يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة يهودية أو نصرانية؟

الجواب: يجوز الزواج بالكتابية، ولكن الزواج بالمسلمة أولى.

خطبة العيد

السؤال: هل خطبة العيد خطبة واحدة أم خطبتان؟

الجواب: المشهور عند العلماء أنها خطبتان، ولا أعلم خلافاً في المسألة من ناحية المتقدمين، ولا أعلم نصاً واضحاً يدل على أنها خطبتان؛ لكن جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وافق عيد يوم جمعة فمن حضر العيد أجزأه عن الجمعة)، والجمعة لها خطبتان، ومعنى هذا أن الجمعة فرض عين، والإنسان الذي يحضر العيد يسقط عنه ذلك الفرض فيجزئه أن يصلي ظهراً ولا يلزمه أن يأتي للجمعة، فكون العيد يغني عن الجمعة والجمعة فيها خطبتان، يعني أن العيد يكون فيه خطبتان؛ لأن هذا المجزئ يكون مماثلاً لذلك المجزئ، وإن كان بينهما فرق من ناحية أن الخطبتين في العيدين متأخرة وفي الجمعة متقدمة، ومن ناحية أن المصلي مخير بين الحضور وعدمه في خطبة العيد، بخلاف خطبة الجمعة فإنها مطلوب حضورها؛ ولكن من لم يحضرها فإن جمعته صحيحة، وحيث يكون مدركاً ركعة من الصلاة يضيف إليها أخرى ويكون قد أدرك الجمعة، فأنا لا أعلم نصاً واضحاً فيما يتعلق بأنها خطبتان إلا هذا الذي أشرت إليه.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [330] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net