إسلام ويب

للجنب أحكام خاصة به. منها ما يتعلق بمعاودته للجماع، ومنها ما يتعلق بنومه وأكله وشربه، ومنها ما يتعلق بقراءته للقرآن ودخوله المسجد، وقد جاءت أحاديث كثيرة تبين هذه الأحكام.

ما يشرع لمن أراد النوم وهو جنب

شرح حديث: (... توضأ واغسل ذكرك ثم نم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجنب ينام.

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة من الليل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (توضأ واغسل ذكرك ثم نم) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: باب في الجنب ينام يعني: دون أن يغتسل، وأورد حديث عبد الله بن عمر أن عمر ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الجنابة، وقيل: إن المقصود بذلك عبد الله بن عمر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (توضأ واغسل ذكرك) المقصود: أنه يجمع بينهما، وليس المقصود من ذلك الترتيب؛ لأن الواو لا تفيد الترتيب، وإنما المقصود أنه يغسل ذكره ثم يتوضأ، ولا يتوضأ ثم يغسل ذكره، وإنما يكون الوضوء بعد غسل الذكر، فالواو لا تفيد الترتيب، وإنما هي لمطلق المقارنة؛ فإن غسل الذكر مقدم على الوضوء؛ لأن غسل الذكر لإزالة ما علق به من آثار الجماع، والوضوء: هو فعل أركان الوضوء ابتداءً بغسل الوجه وانتهاءً بغسل الرجلين.

فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشد من أراد أن ينام أن يغسل ذكره ويتوضأ وإن لم يغتسل، وهذا الوضوء عند جمهور أهل العلم مستحب وليس بواجب، والأكمل للجنب إذا أراد أن ينام الاغتسال، وإذا لم يحصل اغتسال فيليه الوضوء، وإذا لم يحصل الاغتسال ولا الوضوء فيليه أن يغسل ذكره فقط، ويزيل الآثار التي علقت به، وله أن ينام دون أن تحصل منه هذه الأمور كلها.

تراجم رجال إسناد حديث: (... توضأ واغسل ذكرك ثم نم)

قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة ].

عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[عن مالك ].

مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.

[عن عبد الله بن دينار ].

عبد الله بن دينار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن عبد الله بن عمر ].

عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد قيل: إن الاستفتاء من عمر لأجل ابنه أي: عبد الله هو الذي كانت تصيبه الجنابة، مثل قضية الطلاق عندما طلق زوجته فأخبره عمر فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (مره فليراجعها).

وهذا الحديث من مسند ابن عمر أو من مسند عمر وابن عمر يروي عن أبيه على اعتبار أنه هو الذي باشر السؤال.

ما يشرع لمن أراد الأكل وهو جنب

شرح طريقي حديث عائشة فيما كان يفعله النبي إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الجنب يأكل.

حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة).

حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري بإسناده ومعناه، زاد: (وإذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه) ].

قال أبو داود رحمه الله: باب الجنب يأكل.

يعني: أن له أن يأكل، وكونه يتوضأ أو يغسل يديه هذا هو الذي ينبغي له أن يفعله، وهذا أكمل وأتم، وإذا أكل أو شرب دون أن يتوضأ ودون أن يغسل يديه فلا بأس بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة)

قوله: [حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد ].

تقدم ذكر مسدد وقتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا سفيان ].

هو سفيان بن عيينة ؛ لأنه إذا جاء لفظ (سفيان) غير منسوب، ويروي عنه قتيبة ومسدد ، ويروي هو عن الزهري ، فالمراد به ابن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة ].

الزهري وأبو سلمةوقد مر ذكرهما، وأما عائشة فهي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة وإذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه)

[حدثنا محمد بن الصباح البزاز ].

محمد بن الصباح البزاز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا ابن المبارك ].

عبد الله بن المبارك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن يونس ].

يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الزهري بإسناده ومعناه، زاد: (وإذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه) ].

يعني: مثلما تقدم من حيث الإسناد والمعنى، أي: أن الجنب يغسل يديه عندما يريد أن يأكل.

وغسل اليد قبل الطعام مستحب إذا كانت وسخة، وأما إذا كانت غير وسخة أو يريد الإنسان أن يشرب من الإناء فلا بأس بذلك، لكن إذا كانت اليد فيها قذر فينظفها الإنسان، ولا يستعملها وهي قذرة.

زيادة الأكل في حديث الوضوء عند النوم للجنب

[قال أبو داود ورواه ابن وهب عن يونس فجعل قصة الأكل قول عائشة رضي الله عنها مقصوراً، ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري كما قال ابن المبارك ، إلا أنه قال: عن عروة أو أبي سلمة ، ورواه الأوزاعي عن يونس عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن المبارك ].

قوله: [فجعل قصة الأكل عن عائشة مقصوراً] يعني: اقتصر على ذكر قصة الأكل، وما ذكر قصة النوم؛ لأن الحديث الذي تقدم عن الزهري فيه أكل ونوم، وهذه الرواية الأخيرة التي فيها عبد الله بن وهب عن الزهري فيها ذكر الأكل مقتصراً عليه، وليس فيها ذكر النوم، والترجمة تتعلق بالأكل، وأما النوم فسبق أن عقد له ترجمة تخصه.

ورواه صالح بن أبي الأخضر -وقد مر ذكره- عن الزهري كما قال ابن المبارك يعني: فيما يتعلق بذكر الجمع بين الأكل والنوم إلا أنه قال: عن عروة أو أبي سلمة يعني: شك بين هذا وهذا، وكل منهما ثقة، وكل منهما من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، إلا أن أحدهما متفق على عده في الفقهاء السبعة وهو عروة ، والثاني مختلف فيه وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف .

ورواه الأوزاعي عن يونس عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن المبارك ، يعني: مرسلاً، بالجملتين والأوزاعي هو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ثقة فقيه، فقيه الشام ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

من قال يتوضأ الجنب

شرح حديث: (أن النبي كان إذا أراد أن يأكل أو ينام ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال: يتوضأ الجنب.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام توضأ. تعني: وهو جنب) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب من قال: يتوضأ الجنب. يعني: إذا أراد أن يأكل أو ينام فإنه يتوضأ، وقد سبق أن مر أن الجنب ينام، وأنه يشرع له أن ينام وهو متوضئ، والمقصود من ذلك أن له أن يؤخر الغسل، ويكتفي بالوضوء إلى وقت الغسل، وذلك لتخفيف الجنابة لا لزوال الجنابة، ولحصول النظافة والطهارة في الجملة فيما يتعلق بالفرج، وإزالة ما علق به من أثر الجماع، وكذلك غسل الأعضاء.

أورد أبو داود حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا أراد أن يأكل أو ينام توضأ تعني: وهو جنب) عائشة رضي الله عنها وأرضاها بينت أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما يكون جنباً ويريد أن يأكل أو ينام فإنه يتوضأ، ومن المعلوم أن الوضوء هو الوضوء الشرعي الذي هو غسل الوجه واليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس وغسل الرجلين، إلا أنه فيما يتعلق بالنسبة للأكل فقد جاء في بعض الروايات التي سبق أن مرت ما يدل على أنه كان يغسل يديه فقط عند إرادة الأكل، فيكون المقصود به هنا الوضوء اللغوي، وإذا توضأ الوضوء الشرعي فهو أكمل وأفضل بلا شك، وأما بالنسبة للنوم فإنه يتوضأ الوضوء الشرعي، وذلك لتخفيف الجنابة لا لإزالتها؛ لأنها لا تنتهي إلا بالاغتسال حيث يوجد الماء، وإلا يقوم التيمم مقام الاغتسال إذا عدم الماء أو لم يقدر على استعماله.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا أراد أن يأكل أو ينام ...)

قوله: [حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[حدثنا يحيى ].

يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا شعبة ].

شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الحكم ].

الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن إبراهيم ].

إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن الأسود ].

وهو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب

الستة.

[عن عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق من أوعية السنة وحفظتها لا سيما فيما يتعلق بالأمور التي تجري بين الرجل وأهل بيته، والأمور التي لا يطلع عليها إلا النساء، فإنها وعت وحفظت الكثير رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (أن النبي رخص للجنب إذا أكل أو شرب ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى -يعني: ابن إسماعيل - حدثنا حماد -يعني: ابن سلمة - قال: أخبرنا عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ).

قال أبو داود : بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل.

وقال علي بن أبي طالب وابن عمر وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم: الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ].

أورد أبو داود حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يتوضأ)، يعني: أنه إذا أراد ذلك فإنه عليه أن يتوضأ، ورخص له أن يتوضأ، وهذا فيه دليل على أن الاغتسال والمبادرة إليه حيث أمكن هو الأولى والأفضل، ولكنه إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب فإنه يتوضأ، وبالنسبة للأكل والشرب إذا اكتفى بغسل اليدين فإن ذلك يكون كافياً، وقد مر الحديث الذي فيه أنه كان إذا أراد أن يأكل غسل يديه، فيكون المراد به الوضوء اللغوي فيما يتعلق بغسل اليدين، وإن توضأ الوضوء الشرعي فإنه يكون أشمل وأفضل.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي رخص للجنب إذا أكل أو شرب ..)

قوله: [حدثنا موسى يعني: ابن إسماعيل ].

موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

والذي قال: يعني. هو من دون أبي داود ؛ لأن أبا داود لا يمكن أن يقول هذا الكلام، بل قاله من دونه؛ لأن الراوي ينسب شيخه كما يريد، لكن من دون الراوي هو الذي يحتاج إلى أن يضيف شيئاً، ويأتي بكلمة أو بعبارة تدل على أن ما بعد هذه العبارة أو بعد هذه الكلمة ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ، وقد مرت أمثلة عديدة على أن من دون أبي داود يضيف كلمة: يعني لبيان بعض الأسماء المهملة التي تأتي عند أبي داود باختصار، ولا ينسبها، وإنما يأتي باسم الراوي فقط دون أن ينسبه، ويسمى هذا المهمل، فيأتي من دونه فيقول: يعني. أي: يعني أبو داود في قوله: موسى موسى بن إسماعيل التبوذكي .

[حدثنا حماد يعني: ابن سلمة ].

كلمة: يعني: ابن سلمة هذه تحتمل أن تكون من أبي داود أو ممن دون أبي داود بخلاف التي قبلها فإنها لا تحتمل أن تكون من أبي داود وإنما هي ممن دون أبي داود . وحماد بن سلمة ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[أخبرنا عطاء الخراساني ].

عطاء بن أبي مسلم الخراساني وهو صدوق يهم كثيراً، أخرج حديثه الإمام مسلم وأصحاب السنن.

[عن يحيى بن يعمر ].

يحيى بن يعمر وهو ثقة، يرسل أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن عمار بن ياسر ].

عمار بن ياسر رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

[قال أبو داود : بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل ].

وهذه العبارة تعني أن يحيى بن يعمر لم يسمع هذا الحديث من عمار ، وأنه بينهما واسطة، وهذا يتفق مع ما ذكر عنه أنه ثقة يرسل، فروايته عن عمار بن ياسر في هذا الحديث مرسلة؛ لأن بينه وبينه واسطة.

شرح آثار عن الصحابة في وضوء الجنب إذا أراد الأكل

[وقال علي بن أبي طالب وابن عمر وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم: الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ].

ذكر المصنف هذا الأثر عن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب وابن عمر وعبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عن الجميع، وهو: الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ. ويحتمل أن يكون مرادهم الوضوء الشرعي، ويحتمل أن يكون الوضوء اللغوي.

والحديث المتقدم فيه ضعف، لكن معناه صحيح يشهد له ما تقدم.

إذاً: النبي صلى الله عليه وسلم رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ وإن لم يغتسل، وإن لم يفعل ذلك يصح؛ لأن الوضوء ليس بلازم، وإنما هو مستحب، وسيأتي الحديث الذي فيه أنه كان ينام دون أن يمس ماءً.

تأخير الجنب للغسل

شرح حديث: (... ربما اغتسل في أول الليل وربما اغتسل في آخره ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجنب يؤخر الغسل.

حدثنا مسدد حدثنا معتمر ح وحدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قالا: حدثنا برد بن سنان عن عبادة بن نسي عن غضيف بن الحارث قال: (قلت لـعائشة رضي الله عنها: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة في أول الليل أو في آخره؟ قالت: ربما اغتسل في أول الليل، وربما اغتسل في آخره، قلت: الله أكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر أول الليل أم في آخره؟ قالت: ربما أوتر في أول الليل وربما أوتر في آخره، قلت: الله أكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقرآن أم يخفت به؟ قالت: ربما جهر به وربما خفت، قلت: الله أكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: باب الجنب يؤخر الغسل. يعني: أن الغسل لا يلزم على الفور بعد الجنابة مباشرة، فله أن يبقى بدون اغتسال، وليس الغسل واجباً عليه على الفور؛ لأنه جاء ما يدل على ذلك في الأحاديث المتعددة المتنوعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن غضيف بن الحارث سألها: (أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة في أول الليل أو آخره؟ قالت: ربما اغتسل في أوله، وربما اغتسل في آخره) يعني: إذا حصل منه الجماع في أول الليل فكان أحياناً يغتسل في أول الليل، وأحياناً يؤخر الغسل إلى آخر الليل.

وهذا يدلنا على أن الغسل ليس على الفور، وأنه يمكن أن يؤخر، لكن يستحب مع تأخيره أن يكون الإنسان متوضئاً، فإذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام فإنه يتوضأ على سبيل الاستحباب، فـعائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها بينت أن النبي صلى الله عليه وسلم (ربما اغتسل في أول الليل، وربما اغتسل في آخره)، ومحل الشاهد: (ربما اغتسل في آخره)؛ لأن هذا هو تأخير الغسل، يعني: جامع في أول الليل واغتسل في آخر الليل، وهذا يدلنا على جواز تأخير الغسل لكن مع الوضوء حتى يخفف الجنابة، وحتى يزيل الآثار التي حصلت نتيجة الجماع بحيث يكون نظيفاً، وذلك بأن يغسل فرجه ويتوضأ.

ثم قال: (أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر في أول الليل أم في آخره؟ قالت: ربما أوتر في أوله، وربما أوتر في آخره) يعني: فعل هذا وهذا.

وكذلك أيضاً سألها فقال: (أرأيت الرسول كان يجهر بالقراءة أم يخفت؟) يعني: في صلاة قيام الليل هل كان يجهر بالقراءة أو كان يسر؟ (قالت: ربما فعل هذا وربما فعل هذا)، يعني: كان أحياناً يجهر وأحياناً يخافت.

إذاً: المبادرة بالنسبة للغسل أفضل، والتأخير ما لم يحن وقت الصلاة، وما لم يكن هناك أمر يقتضي الاغتسال سائغ.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل ووسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر) ومعنى هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي من أول الليل في بعض الأحيان، وأحياناً من وسط الليل، وأحياناً من آخر الليل، ولكن وتره ينتهي بالسحر، بحيث لا يؤخره عن السحر، ولا يؤخره إلى طلوع الفجر، بل كان يوتر قبل أن يطلع الفجر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

والذي ينبغي في مثل هذا أن من عرف من عادته أن يستيقظ آخر الليل فإن الصلاة في آخر الليل ووتره آخر الليل أفضل، ومن خشي ألا يستيقظ وأنه يطلع عليه الفجر قبل أن يوتر فالأفضل في حقه أن يوتر قبل أن ينام، وهذا هو الذي جاءت الوصية به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من أبي هريرة وأبي الدرداء ، فحديث أبي هريرة في الصحيحين، وحديث أبي الدرداء في صحيح مسلم ، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام).

وحديث أبي الدرداء في صحيح مسلم : (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد).

وأما بالنسبة للقراءة في قيام الليل فهذا الحديث يدل على أنه كان أحياناً يجهر وأحياناً يخافت، وهذا يدلنا على أن الأمر في ذلك واسع، وأن له أن يجهر، وله أن يخافت في القراءة.

وفي كل هذه الأحوال الثلاثة عندما كان يسأل غضيف عائشة وتخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل هذا وفعل هذا كان يقول: الله أكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة الله. فكان يكبر عندما سمع أن كل ذلك سائغ، وأن كل ذلك جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا فيه دليل على أن الإنسان عند الأمور السارة التي تعجبه يكبر؛ لأنه بذلك يظهر ما عنده من الفرح والسرور، وفي نفس الوقت يذكر الله عز وجل، فيكون إظهاره ما عنده من الفرح والسرور في أمر مشروع قربة إلى الله، وهو ذكر لله عز وجل، وهذا هو الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

هذا التابعي غضيف اختلف في صحبته، منهم من قال: هو صحابي، ومنهم من قال: تابعي، والصحابة قد جاء عنهم التكبير عند حصول ما يسر، مثل الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ أترضون أن تكونوا نصف أهل الجنة؟) ففي كل مرة يقول لهم ذلك يقولون: الله أكبر! الله أكبر!

وكذلك عمر رضي الله عنه وأرضاه (لما سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، وكان قد اعتزلهن وآلى منهن شهراً، جاءه عمر فسأله وقال: أطلقت نساءك يا رسول الله؟ فقال: لا، ففرح عمر وقال: الله أكبر).

فهذا الحديث في تكبير غضيف بن الحارث ، والحديث الذي فيه تكبير عمر رضي الله عنه، والحديث الذي فيه تكبير الصحابة رضي الله عنهم يدلنا على أن المشروع عند الفرح والسرور التكبير وليس التصفيق الذي يستعمل الآن في كثير من الأوقات عند كثير من الناس.

قوله: (الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة) فيه السرور وحمد الله عز وجل على أن يسر في شرعه، ولم يكلف الناس أن يغتسلوا بعد الجماع فوراً، فلهم أن يؤخروا الاغتسال، وكذلك أيضاً فيما يتعلق بالوتر في أول الليل وآخره، وكذلك فيما يتعلق بالقراءة جهراً وسراً في صلاة الليل، ففيه حمد الله عز وجل والثناء عليه، والفرح بما حصل من التيسير في هذه الشريعة التي جاء بها المصطفى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (... ربما اغتسل في أول الليل وربما اغتسل في آخره ...)

قوله: [حدثنا مسدد ].

مسدد مر ذكره.

[حدثنا معتمر ].

معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

الملقي: [ ح وحدثنا أحمد بن حنبل ].

ثم قال: ح، وهي للتحول من إسناد إلى إسناد آخر، وأحمد بن حنبل هو: أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ].

إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الكوفي الأسدي وهو المشهور بـابن علية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا برد بن سنان ].

برد بن سنان وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

[عن عبادة بن نسي ].

عبادة بن نسي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.

[عن غضيف بن الحارث ].

غضيف بن الحارث وهو مختلف في صحبته، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[قلت لـعائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها وقد مر ذكرها.

شرح حديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن علي بن مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة، ولا كلب، ولا جنب) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب، ولا صورة، ولا جنب) والمقصود أن وجود هذه الثلاثة الأشياء في البيوت من أسباب امتناع دخول الملائكة، والمقصود بالملائكة الذين لا يدخلون ملائكة الرحمة، وأما الملائكة الموكلون بالكتابة فهم مع الإنسان دائماً، ولا يمتنعون من ملازمته لهذه الأسباب التي جاءت في هذا الحديث.

وهذا فيه تنفير من الوقوع في هذه الأمور، والمقصود من ذكر الجنب هنا: الذي يتهاون في أمر الجنابة، ويستخف بها، ولا يهتم بها، بخلاف الذي يؤخرها لأمر طارئ أو يخففها بكونه يتوضأ كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون محمولاً على من يتهاون في أمر الجنابة، أما من يؤخرها حيث ساغ له التأخير فإن ذلك قد جاء ما يدل عليه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء أنه يتوضأ بحيث يكون مخففاً للجنابة، وليس المقصود به أن الملائكة لا تدخل البيت ما دام أن فيه جنباً مطلقاً، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه ما يدل على أنه كان يؤخر الغسل إلى آخر الليل كما سبق أن مر في الحديث السابق، وكونه كان يتوضأ فإن الجنابة لا تزال باقية، ولا تزول إلا بالاغتسال، ولكن الوضوء فيه تخفيف لها.

والكلب يستثنى منه الكلاب المأذون فيها، وهي ما كانت للصيد أو للزرع أو للماشية، فهذه مأذون فيها، فلا تمنع من دخول الملائكة.

والصورة المقصود بها: الصور التي هي من ذوات الأرواح، وسواء كانت مجسمة أو غير مجسمة، وإذا كان هناك شيء تدعو إليه ضرورة فيما يتعلق بالصور الفوتوغرافية فإن الإنسان يكون معذوراً، أما لغير الضرورة فإن الإنسان يبتعد عن الصور واستعمالها، والاحتفاظ بها مطلقاً، إلا لأمر يقتضي ذلك، ولحاجة أو لضرورة دعت إلى ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ...)

قوله: [حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[حدثنا شعبة ].

شعبة بن الحجاج مر ذكره.

[عن علي بن مدرك ].

علي بن مدرك وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ].

أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن عبد الله بن نجي ].

عبد الله بن نجي الحضرمي وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[عن أبيه].

الشيخ: عن أبيه نجي وهو مقبول أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[عن علي بن أبي طالب ].

علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

والحديث فيه ضعف من جهة نجي والد عبد الله الذي قال عنه الحافظ في التقريب: مقبول. لكن على فرض صحته يكون معناه كما قال بعض أهل العلم الذي يتهاون في أمر الجنابة بخلاف الذي يبقى على جنابته وهو معذور، فله ذلك أو يخففها بالوضوء كما جاء ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

شرح حديث: (كان رسول الله ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً).

قال أبو داود : حدثنا الحسن بن علي الواسطي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم. يعني: حديث أبي إسحاق ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب دون أن يمس ماءً)، يعني: أنه ينام دون أن يغتسل، وقيل: أي: لا يمس ماءً لا للوضوء ولا للاغتسال، لكن إطلاقه يدل على شموله للأمرين.

وقال بعض أهل العلم: التوفيق بينه وبين ما جاء من الأحاديث الأخرى الدالة على أنه كان يتوضأ أنه فعل ذلك في بعض الأحيان لبيان الجواز, وليبين أن الوضوء لمن أراد أن ينام وهو جنب للاستحباب، وأنه لو لم يتوضأ ونام فإن ذلك سائغ، وليس الاغتسال واجباً، لكنه أكمل، وإذا لم يحصل اغتسال وحصل الوضوء فهو أكمل، وإن حصل غسل الفرج فقط فلا شك أن هذا حسن، وإذا لم يفعل ذلك كله فإنه سائغ، وللإنسان أن ينام دون أن يتوضأ ودون أن يمس ماءً كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث تكلم فيه من جهة أبي إسحاق ، وأنه حصل له الوهم فيه، وبعض العلماء صحح الحديث، واستدل به على أن النوم بدون اغتسال وبدون وضوء جائز.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء)

قوله: [حدثنا محمد بن كثير ].

محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[أخبرنا سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

و سفيان الثوري متقدم الوفاة؛ لأنه توفي سنة مائة وواحد وستين، وتوفي محمد بن كثير سنة مائتين وسبعة وعشرين وعمره تسعون سنة، ولكونه معمراً أدرك من كان متقدماً.

[عن أبي إسحاق ].

وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن الأسود عن عائشة ].

الأسود وعائشة قد مر ذكرهما.

[قال أبو داود : حدثنا الحسن بن علي الواسطي ].

الحسن بن علي الواسطي صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده.

[قال: سمعت يزيد بن هارون ].

يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[يقول: هذا الحديث وهم. يعني: حديث أبي إسحاق ].

قراءة الجنب للقرآن

شرح حديث: ( ... ولم يكن يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجنب يقرأ القرآن.

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال: (دخلت على علي رضي الله عنه أنا ورجلان: رجل منا ورجل من بني أسد أحسب، فبعثهما علي رضي الله عنه وجهاً، وقال: إنكما علجان، فعالجا عن دينكما، ثم قام فدخل المخرج، ثم خرج فدعا بماء فأخذ منه حفنة فتمسح بها، ثم جعل يقرأ القرآن، فأنكروا ذلك فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه -أو قال: يحجزه- عن القرآن شيء ليس الجنابة) ].

أورد أبو داود رحمه الله باب الجنب يقرأ القرآن، والمقصود: هل للجنب أن يقرأ القرآن قبل أن يحصل منه الاغتسال أو ليس له ذلك حتى يغتسل؟

كثير من أهل العلم قالوا: لا يقرأ القرآن وهو جنب لحديث علي هذا، ولبعض الأحاديث الأخرى التي فيها ضعف، لكن بمجموعها يحتج بها على أن الجنب لا يقرأ القرآن، قالوا: والجنابة هي في يد الإنسان، يتخلص منها إن كان الماء موجوداً متى شاء، وإن كان الماء غير موجود فيتيمم، وبذلك تحصل له الطهارة، وقد جاء حديث آخر فيه ضعف أنه لا يقرأ القرآن جنب أو حائض، يعني: أن الحائض والجنب لا يقرأان القرآن، وفرق بعض أهل العلم بين الجنب والحائض؛ لأن الحائض تطول مدتها، وقد يخشى نسيانها للقرآن، فلها أن تقرأ، وأما الجنب فإن جنابته بيده، ومدتها لا تطول؛ لأن الأمر يرجع إليه إذا أراد أن يتخلص من الجنابة يبادر بالاغتسال إن كان الماء موجوداً وإلا تيمم إن كان الماء غير موجود أو موجوداً ولكنه لا يقدر على استعماله، فإنه يحصل منه التيمم، وبذلك تحصل له الطهارة، فالتخلص من جنابته بيده، وأما الحيض فالتخلص منه ليس بيد المرأة، فهي محبوسة به، ومتعين عليها أن تبقى حائضاً حتى تطهر منه وتغتسل، فأجاز بعض أهل العلم للحائض أن تقرأ القرآن، ومنع أكثر العلماء الجنب من أن يقرأ القرآن لحديث علي هذا وغيره، ولكون الجنب بيده التخلص من جنابته، وليس كالحائض التي لا تتمكن ولا تستطيع أن تتخلص من حيضها؛ لأنها محبوسة به حتى تطهر منه.

قال عبد الله بن سلمة : دخلت أنا ورجلان: رجل منا ورجل من بني أسد أحسب. يعني: أظنه من بني أسد، فقوله: إنه من بني أسد هذا ظن منه، وليس يقيناً قال: وكانا علجين يعني: كانا قويين نشيطين وصحتهما جيدة فقال: إنكما علجان، فعالجا عن دينكما. يعني: جاهدا واعملا ودافعا عن دينكما بهذه القوة التي أعطاكما الله عز وجل، فاستعملاها في العمل للدين، وفي بيان الدين، وفي الدفاع عن الدين، وفي الجهاد في سبيل الله عز وجل، فهذه القوة ينبغي أن تصرف فيما يعود على دين المسلم بالخير، وفيما يعود على المسلمين بالخير، ولا تستعمل القوة فيما يعود بالمضرة، وفيما لا يجدي ولا ينفع.

وقوله: (إنكما علجان، فعالجا عن دينكما) فيه جناس؛ لأن الفعل متفق مع الاسم علجان عالجا.

قوله: [ثم قام فدخل المخرج] يعني: دخل المكان الذي تقضى فيه الحاجة، ثم خرج وطلب ماءً فتمسح به يعني: غسل يديه.

قوله: [ثم جعل يقرأ القرآن فأنكروا عليه] أنكروا عليه، فبين لهم أنه لا مانع من ذلك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمنعه من قراءة القرآن شيء إلا الجنابة، ومعنى هذا أن الحدث الأصغر لا يمنع من قراءة القرآن، فللإنسان أن يقرأ القرآن من حفظه وعليه الحدث الأصغر، ولكنه لا يقرأ من المصحف إذا كان عليه الحدث الأصغر؛ لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يمس القرآن إلا طاهر)، أما من الحفظ فللمحدث حدثاً أصغر أن يقرأ القرآن، ولكنه يمنع من القراءة من المصحف؛ لأنه ممنوع من مس المصحف إلا في حال طهارته.

فبين لهم أن هذا الفعل الذي فعله وأنكروه عليه سائغ؛ وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم القرآن وهو محدث حدثاً أصغر، وأنه كان يقضي حاجته ويأتي من الخلاء ويقرئهم القرآن، ويأكل معهم، ولا يمنعه شيء من القرآن إلا الجنابة، وهذا محل الشاهد للترجمة أن الجنب لا يقرأ القرآن، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقرأ القرآن، ولا شك أن القول بعدم قراءته هو الأولى والأحوط للإنسان في دينه، لاسيما والإنسان يستطيع أن يتخلص من الجنابة بسهولة ويسر، إن كان الماء موجوداً اغتسل، وإن كان غير موجود تيمم.

تراجم رجال إسناد حديث: (... ولم يكن يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة ].

حفص بن عمر وشعبة مر ذكرهما، وعمرو بن مرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن عبد الله بن سلمة ].

عبد الله بن سلمة وهو صدوق تغير حفظه، أخرج حديثه أصحاب السنن.

[قال: دخلت على علي ].

علي رضي الله عنه وقد مر ذكره.

والحديث تكلم فيه من جهة عبد الله بن سلمة هذا، ولكن صححه بعض أهل العلم، وحسنه بعضهم، وهناك أحاديث أخرى بمعناه فيها ضعف، ولكن بمجموعها يقوي بعضها بعضاً، وتدل على أن الجنب لا يقرأ القرآن، وإذا أراد أن يقرأ القرآن فإنه يغتسل ويتخلص من الجنابة.

مصافحة الجنب

شرح حديث: (... إن المسلم لا ينجس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجنب يصافح.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن مسعر عن واصل عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه فأهوى إليه، فقال: إني جنب، فقال: إن المسلم لا ينجس) ].

أورد أبو داود باب الجنب يصافح. يعني: يصافح غيره ويخالط غيره، ولا مانع من ذلك، والمقصود أن مصافحته وملامسته لا بأس بها ولا مانع منها، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث حذيفة أنه كان جنباً، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم فأهوى إليه يعني: مد يده ليصافح فقال: إني جنب، يعني: أراد أن يبين أنه جنب، وكأنه رأى أن الجنب لا يليق به أن يصافح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن المسلم لا ينجس) يعني: كون الإنسان جنباً لا يمنع من مصافحته ومن ملامسته لغيره، ولا يكون نجساً بحيث يمتنع من ملامسته، بل هو طاهر الجسد، ولكن عليه الحدث الذي يحتاج إلى رفع، وقبل أن يرفع لا مانع من ملامسته ومجالسته ومخالطته، كل ذلك سائغ ولا بأس به، فدل الحديث على أن مصافحة الجنب لا بأس بها.

وأيضاً: دل الحديث على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من التوقير والاحترام للرسول صلى الله عليه وسلم، وحرصهم على الابتعاد عن أي شيء يظنون أنه لا يليق باحترامهم وتوقيرهم للرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين أن ذلك سائغ، وجائز، وأن الجنب لا ينجس، والحدث موجود معه وجسمه طاهر، والكافر هو الذي جاء أنه نجس، ولكن نجاسته حكمية، وليست عينية، بحيث إن الإنسان لو لمسه عليه أن يزيل عنه النجاسة، وإنما هي نجاسة حكمية، قال الله عز وجل: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28]، فالمقصود بالنجاسة النجاسة الحكمية.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إن المسلم لا ينجس)

قوله: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى ].

مسدد تقدم ذكره، ويحيى هو القطان مر ذكره أيضاً.

[عن مسعر ].

مسعر بن كدام وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن واصل ].

واصل بن حيان الأحدب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي وائل ].

شقيق بن سلمة الكوفي ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته، وأحياناً يأتي باسمه شقيق بن سلمة أو يقال: شقيق فقط، وكثيراً ما يأتي بكنيته أبي وائل .

[عن حذيفة ].

حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي ابن صحابي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (... سبحان الله إن المسلم لا ينجس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى وبشر عن حميد عن بكر عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وأنا جنب، فاختنست، فذهبت فاغتسلت ثم جئت، فقال: أين كنت يا أبا هريرة ؟! قال: قلت: إني كنت جنباً فكرهت أن أجالسك على غير طهارة، فقال: سبحان الله! إن المسلم لا ينجس).

قال: وفي حديث بشر : حدثنا حميد حدثني بكر ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقي الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة، وكان جنباً، فانخنس منه يعني: انسل منه بخفية دون أن يستأذنه، ودون أن يشعر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ذهب، وقد كان معه، فلما لقيه قال له: (أين كنت؟!) يعني: إنك كنت معي وبعد ذلك ذهبت دون أن أكون على علم، فأين كنت؟! فقال: إني كنت جنباً، فكرهت أن أجالسك وأن على غير طهارة فقال عليه الصلاة والسلام: (سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس).

فدل هذا على أن مصافحة الجنب ومخالطته والجلوس معه والمشي معه كل ذلك سائغ، وأنه لا بأس به.

وفيه أيضاً دليل على أن للجنب أن يخرج من بيته؛ لأن أبا هريرة لقيه في بعض طرق المدينة وهو على جنابة، وكذلك في حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه فأهوى إليه، فهو يشعر بأنه قد خرج، لكن حديث أبي هريرة صريح في أنه قد خرج، وأنه لقيه في بعض طرق المدينة، فهذا يدلنا على أن الجنب له أن يخرج وهو على جنابة من بيته، ولكن كونه يخرج على طهارة لا شك أنه هو الأكمل والأفضل.

وفي هذا دليل على احترام أهل الفضل وتوقيرهم؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه استحيا أن يبقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على جنابة، حتى بين له الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك سائغ، وأن مجالسته وكونه معه لا بأس بها.

وفيه أيضاً: أن الإنسان التابع عندما يريد أن يذهب من متبوعه فعليه أن يستأذنه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لـأبي هريرة (أين كنت؟!) يعني: إنك كنت معي، ثم انخنست، وهذا فيه إشعار بأنه كان الأولى والذي ينبغي أن يستأذن عند إرادة الانصراف أو عند إرادة المفارقة، فدل على أن هذا من الآداب التي ينبغي أن تكون بين التابع والمتبوع.

وفيه ذكر التسبيح عند التعجب؛ لأنه قال: (سبحان الله).

تراجم رجال إسناد حديث: (... سبحان الله إن المسلم لا ينجس)

قوله: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى وبشر ].

مسدد ويحيى مر ذكرهما بشر هو ابن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن حميد ].

حميد بن أبي حميد الطويل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن بكر ].

بكر بن عبد الله المزني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي رافع ].

وهو نفيع الصائغ ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي هريرة ].

عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، رضي الله تعالى عن أبي هريرة وعن الصحابة أجمعين.

[قال وفي حديث بشر : حدثنا حميد حدثني بكر ].

يعني: أن في حديث بشر التحديث عن حميد وعن بكر .

الأسئلة

قطع المرأة للصلاة

السؤال: أشكل علي حديث وهو في الصحيحين من حديث عائشة (أنها ذكر عندها أنه يقطع الصلاة: الكلب والحمار والمرأة فقالت: لقد شهتمونا بالحمير، لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وإني لبينه وبين القبلة، وأنا مضطجعة على السرير، فتكون لي الحاجة فأكره أن أستقبله فأنسل انسلالاً)، فهل المرأة البالغة لا تقطع الصلاة؟

الجواب: هذا الحديث اختلف فيه العلماء على قولين: جمهور العلماء على أن قطع الصلاة إنما هو إنقاص لها، وليس قطعاً لها.

وبعض أهل العلم يقول: يقطعها بمعنى أنه يستأنف الصلاة من جديد.

وقولها: شبهتمونا بالحمير لكون الحديث فيه الجمع بين المرأة والحمر، لكن هذا الكلام الذي قالوه أسندوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي بينت ما كان يجري منها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يقوم يصلي وهي في قبلته، وأنها كانت تنسل.

حكم الجمعيات التعاونية بين الموظفين

السؤال: هل يجوز أن يجتمع أشخاص على دفع مبلغ معين كل شهر وفي آخره يستلم أحد الأشخاص هذا المبلغ؟

الجواب: هذا فيه شبهة، فإن العلماء في هذا العصر مختلفون فيه، والأولى للإنسان أن يبتعد عنه، (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).

حكم الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

السؤال: ما حكم الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة؟

الجواب: يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، وليس الأمر مقصوراً عليها، وما جاء من الحديث في ذلك فإنه يكون محمولاً على الاعتكاف الكامل أو الاعتكاف الأفضل، ولا شك أن المساجد الثلاثة أفضل من غيرها، والاعتكاف فيها أكمل؛ لأنها مساجد الأنبياء، وهي التي يمكن أن يشد الرحل إليها ليعتكف فيها، وأما غيرها فلا يشد الرحل إليها، وللإنسان أن يعتكف في أي مسجد من غير شد رحل، وأما تلك فإنها تشد الرحال إليها، ويمكن للإنسان أن يرحل إليها، فيكون الحصر في ذلك الحديث نسبي وإضافي، وليس حقيقياً بمعنى أنه لا يجوز أن يعتكف في غيرها، بل المعنى: لا اعتكاف أفضل وأكمل إلا في المساجد الثلاثة، مثل ما جاء في الحديث: (إنما الربا في النسيئة)، مع أن الربا يكون في الفضل أيضاً، ولكن المقصود: أن الربا الأشد أو الأعظم في النسيئة، فهو حصر إضافي وليس حقيقياً.

وضوء الجنب للمرأة

السؤال: هل وضوء الجنب خاص بالرجل أم يشمل الرجل والمرأة؟

الجواب: الحكم واحد، والأصل استواء الحكم للرجال والنساء إلا إذا جاء شيء يدل على أن هذا خاص بالرجال أو أن هذا خاص بالنساء، فيصار إلى الدليل المخصص، وحيث لا دليل على التفريق بين الرجال والنساء فالأصل هو التساوي في الأحكام.

وهناك كثير من النصوص التي جاءت تفرق بين الرجال والنساء، لكن الأصل هو عدم التفريق، وعندما يوجد دليل التفريق يصار إليه، ويخرج عن الأصل بناءً على هذا الدليل.

تعيين ليلة القدر

السؤال: هل ثبتت ليلة القدر في ليلة من الليالي؟

الجواب: ما ثبتت في ليلة معينة بحيث تكون فيها ولا تتعداها إلى غيرها، لكن ثبت أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأنها محصورة في العشر، والله تعالى أعلم في أي ليلة من العشر، والإنسان إذا اجتهد في العشر كلها يدركها إن شاء الله.

حكم الاحتفال بليلة القدر

السؤال: ما حكم الاحتفال بليلة القدر؟

الجواب: هي غير معلومة حتى يقال: إنها تخص بشيء، لكن كون الإنسان يأتي بالأعمال الصالحة ويجتهد في العبادة في الليالي العشر التي هي واحدة منها لا شك أن هذا مطلوب، وقد جاء في السنة ما يدل عليه من فعله صلى الله عليه وسلم، ومن قوله، حيث أرشد إلى تحري الليالي العشر بالعبادة، وكان الصحابة يجتهدون في العبادة في العشر الأواخر من أجل الثواب من الله عز وجل، ورجاء تحصيلها وإدراكها.

وأما قضية الاحتفالات سواء كانت رسمية أو غير رسمية فهي من الأمور المحدثة.

تعظيم شهر رجب

السؤال: ما نصيحتك للذين يعظمون شهر رجب، بل بعضهم يجعله أفضل من رمضان؟

الجواب: الإنسان يعظم ويفضل بناءً على الدليل، ولم يأت دليل يدل على تخصيص شهر رجب بشيء إلا أنه من الأشهر الحرم، وما سوى ذلك لم يثبت فيه شيء يخصه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإنسان لا يخصه بشيء.

وأما كون الإنسان يفضله على رمضان فالإنسان لا يفضل إلا بدليل؛ لأن التفضيل من الأمور الغيبية التي لا يمكن الوصول إلى معرفتها إلا عن طريق الدليل؛ لأن كون هذا أفضل من هذا، وهذا أفضل من هذا العلم عند الله عز وجل، والله تعالى أعلم بأن هذا أفضل أو أن هذا أفضل بالنسبة للمكان وبالنسبة للزمان وبالنسبة للأشخاص، فإذا وجد الدليل يصار إلى الدليل سواء في الأشخاص أو في الأمكنة أو في الأزمنة.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [036] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net