إسلام ويب

الذبح عبادة من العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، ولعظم هذه العبادة وأهميتها قرنها الله عز وجل بالصلاة في مواضع من كتابه الكريم، ولهذا كان صرفها لغير الله شرك، فإذا ذبح العبد لغير الله تقرباً إليه -كما يفعل عباد القبور في ذبحهم لقبورهم- فقد وقع في الشرك، والعياذ بالله.

حكم الذبح لغير الله عز وجل

قال المصنف رحمه الله: [باب: ما جاء في الذبح لغير الله

وقوله الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163].

وقول الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]].

قوله: باب: ما جاء في الذبح لغير الله يعني: ما جاء من المنع، وأنه من الشرك؛ لأن الذبح عبادة لله جل وعلا، بل من أجل العبادات، ولهذا استدل بقول الله جل وعلا: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، وقوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2].

وجه اقتران النسك بالصلاة

قوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وجه الدلالة من ذلك أن الله جل وعلا قرن النسك بالصلاة، والنسك هو: الذبيحة التي تذبح تقرباً إلى الله.

فإذا ذبحت الذبيحة تقرباً إلى الله فهي عبادة من أفضل العبادات، وقد قرنت بأشرف العبادات وأعظمها التي هي الصلاة، فيكون جعلها لغير الله جل وعلا من الشرك الأكبر، ووجه الدلالة من ذلك واضح، وقد تكلم العلماء على هذه الآية وما أشبهها وكون الذبائح تقرن بالصلاة، وقالوا: إن الصلاة من أعظم الأفعال والأعمال التي يتقرب بها إلى الله؛ لأنها تشتمل على الدعاء بأنواعه، وتشتمل على القيام والركوع والسجود والقراءة والتكبير والتحميد وغير ذلك، وهي في الواقع صلة بين العبد وبين ربه، وهي أيضاً ما وصل الله جل وعلا به رسوله صلوات الله وسلامه عليه لما قربه إليه وعرج به إلى السماء، ففرض عليه الصلاة، وهذا مما يدل على عظمها وأن شأنها كبير وعظيم جداً، فهي الصلة الكبرى التي وصل الله جل وعلا بها حبيبه صلوات الله وسلامه عليه يوم قربه ورفعه إلى فوق السماوات، ففرضها عليه وأمره بها.

ثم جاءت النصوص الكثيرة التي تحث عليها، وتبين أنها الصلة بين العبد وبين ربه، وأنه إذا قام فيها فإنه يناجي ربه، وإذا رفع يديه وكبر فكأنه يستأذن في الدخول على الله، فهو يقف بين يديه، وعليه أن يعلم أنه يناجي ربه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن أحدكم إذا قام في الصلاة فإنما يناجي ربه فلا يبصقن أمامه).

فالصلاة من أعظم القربات إلى الله، ولهذا يبدأ بها جل وعلا في ذكر الأعمال، ويختم الأعمال بها كما في أول سورة المؤمنين وكذلك في سورة المعارج وغيرهما، وذكر أن الذين هم في صلاتهم خاشعون هم الذين يرثون الفردوس، إلى غير ذلك.

كذلك كونه قرن النسك بها يدل على عظم هذه العبادة، يقول العلماء: يجتمع للإنسان في هاتين العبادتين ما لا يجتمع له في غيرهما؛ لأن في الذبح تقرب إلى الله جل وعلا بإزهاق الأرواح، مع كونه يحب ذلك ويؤثر المال، ومع ذلك يحب أن يتقرب ويكثر من ذلك، والذبح يجعل قلب الإنسان فرحاً بهذا الأمر، ويجعله موقناً بالله، ويجعله مستغنياً بالله، ويحصل له من الحياة ما لا يحصل للذين لا يفعلون ذلك.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الذبح لله، وكثيراً ما يقرب القرابين لله جل وعلا، ففي حجته نحر مائة من الإبل، وكذلك في عمرة الحديبية، وأحياناً كان يرسل الهدي وهو في المدينة ليذبح في مكة، ويوكل من يذبحه، وكذلك كان يضحي في الأضحى، ويتقرب إلى الله جل وعلا بهذا النسك، فكل هذا يدل على أنها عبادة من أشرف العبادات، فكونها تُجعل لغير الله جل وعلا يكون هذا من الشرك الأكبر، لهذا قرنها بالصلاة في قوله جل وعلا: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي) ومعنى الصلاة والنسك ظاهر، وأما قوله: (وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي) فمعنى ذلك: ما أحيا عليه من الأعمال وآتيه كله أتقرب به إلى الله (وَمَمَاتِي) يعني: ما أموت عليه من الإيمان، والرجاء والخوف، كله لله جل وعلا نيته وفعله وباطنه وظاهره.

وأما قوله جل وعلا: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) فهو مثلها تماماً، أمر الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصلي وينسك له وحده، وقد قال بعض العلماء: إن هذه الصلاة المقصود بها: صلاة العيد، ولكن الظاهر أنها عامة في كل صلاة، فإن الصلاة يجب أن تكون لله جل وعلا، وكذلك النسك يجب أن يكون لله، فإذا كان هكذا فصرفه لغير الله من الشرك الأكبر، وهذه الآية هي كآية سورة الأنعام.

وقوله: (فَصَلِّ) جاءت الفاء مقرونة بالأمر بالصلاة، والسبب: أن الله أنعم عليه وتفضل عليه بقوله: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1]يعني: الخير الكثير في الدنيا والآخر، فشكر الله جل وعلا هو بالصلاة والنحر له سبحانه.

وأما ما رواه الحاكم عن علي بن أبي طالب أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لجبريل لما نزلت هذه الآية: (ما هذه النحيرة التي أمرت بها؟ فقال له: ليست هذه نحيرة..) إلى آخره، فالحديث هذا موضوع.

الذابح لغير الله داخل في وعيد المشركين

قال الشارح رحمه الله: [قوله: باب ما جاء في الذبح لغير الله، أي: من الوعيد وأنه شرك بالله.

وقوله الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ) الآية.

قال ابن كثير : يأمره تعالى أن يخبر المشركين الذي يعبدون غير الله ويذبحون له: بأنه أخلص لله صلاته وذبيحته؛ لأن المشركين يعبدون الأصنام، ويذبحون لها، فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه، والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى، قال مجاهد : النسك الذبح في الحج والعمرة، وقال الثوري عن السدي عن سعيد بن جبير : (ونسكي) أي: ذبحي وكذا قال الضحاك : وقال غيره (وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي) أي: وما آتيه بحياتي وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح (لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) خالصاً لوجهه (لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ) الإخلاص (أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) أي: من هذه الأمة لأن إسلام كل نبي متقدم.

قال ابن كثير : وهو كما قال فإن جميع الأنبياء قبله كانت دعوتهم إلى الإسلام، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]وذكر آيات في هذا المعنى.

ووجه مطابقة الآية للترجمة: أن الله تعالى تعبد عباده بأن يتقربوا إليه بالنسك، كما تعبدهم بالصلاة وغيرها من أنواع العبادات، فإن الله تعالى أمرهم أن يخلصوا جميع أنواع العبادة له دون كل ما سواه، فإذا تقربوا إلى غير الله بالذبح أو غيره من أنواع العبادة فقد جعلوا لله شريكاً في عبادته، وهو ظاهر في قوله: (لا شَرِيكَ لَهُ) نفى أن يكون لله تعالى شريك في هذه العبادات، وهو بحمد الله واضح.

وقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: أمره الله أن يجمع بين هاتين العبادتين وهما: الصلاة والنسك الدالتان على القرب والتواضع والافتقار وحسن الظن وقوة اليقين وطمأنينة القلب إلى الله وإلى عدته، عكس حال أهل الكبر والنفرة وأهل الغنى عن الله الذين لا حاجة لهم في صلاتهم إلى ربهم، والذين لا ينحرون له خوفاً من الفقر، ولهذا جمع بينهما في قوله: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي..) الآية.

والنسك: الذبيحة لله تعالى ابتغاء وجهه. فإنهما أجل ما يتقرب به إلى الله، فإنه أتى فيهما بالفاء الدالة على السبب؛ لأن فعل ذلك سبب للقيام بشكر ما أعطاه الله تعالى من الكوثر.

وأجل العبادات البدنية: الصلاة، وأجل العبادات المالية: النحر. وما يجتمع للعبد في الصلاة لا يجتمع له في غيرها كما عرفه أرباب القلوب الحية، وما يجتمع له في النحر إذا قارنه الإيمان والإخلاص من قوة اليقين وحسن الظن: أمر عجيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الصلاة كثير النحر. انتهى.

قلت: وقد تضمنت الصلاة من أنواع العبادات كثيراً، فمن ذلك: الدعاء والتكبير، والتسبيح والقراءة، والتسميع والثناء، والقيام والركوع، والسجود والاعتدال، وإقامة الوجه لله تعالى والإقبال عليه بالقلب، وغير ذلك مما هو مشروع في الصلاة، وكل هذه الأمور من أنواع العبادة التي لا يجوز أن يصرف منها شيء لغير الله، وكذلك النسك يتضمن أموراً من العبادة كما تقدم في كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عليه].

الذابح لغير الله ملعون

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعن علي بن أبي طالب قال: (حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غيَّر منار الأرض)رواه مسلم ].

يقول رحمه الله تعالى: (باب ما جاء في الذبح لغير الله)، يعني: ما جاء فيه من الآيات من كتاب الله، والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أنه من الشرك الأكبر الذي إذا مات عليه الإنسان مصراً على ذلك بغير توبة يكون من أهل النار، بل يكون خالداً فيها، ويكون من الذين قال الله جل وعلا فيهم: وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167]؛لأنهم أشركوا بالله جل وعلا، والذين يقول الله جل وعلا فيهم: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]فأخبر أن المشرك مقطوع يأسه من رحمة الله جل وعلا، وأنه إذا مات على الشرك فإنه يكون هذا جزاءه.

ووجه الدليل من الآيتين على أن الذبح لغير الله جل وعلا شرك واضح جلي؛ وذلك أن الله جل وعلا قرن بين الصلاة وبين النسك.

وقوله جل وعلا آمراً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) * (لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ) يعني: كونه يجعل العبادة كلها لله جل وعلا، ومنها: النسك الذي قرن بالصلاة، والنسك المقصود به: كل ما يذبح ويتقرب به، سواء تقرب بها إلى الله، أو إلى غيره فهي نسك.

وكون النسك قُرن بالصلاة يدل على عظمه عند الله جل وعلا؛ لأن الصلاة هي عماد الدين، وهي من أعظم ما يتقرب به عباد الله إليه، وقد جُعلت الصلاة قرة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لما فيها من العبادات المتنوعة، وأعظمها الإقبال على الله والخشوع له، وتوجيه الوجه إليه مقبلاً خاشعاً، ثم فيها الدعاء بنوعيه؛ لأن الدعاء يأتي على نوعين: دعاء مسألة، ودعاء عبادة، وكلاهما موجود في الصلاة، وكلاهما من أعظم العبادات التي أمر الله جل وعلا بها، كما قال جل وعلا: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، وقال جل وعلا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي [البقرة:186] فالله جل وعلا يأمر رسوله أن يقول هذا، وأمته تبع له، فكل من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون هذا دينه، والصلاة المقصود بها: كل صلاة يتعبد بها سواء كانت فريضة أو نفلاً، وفي أي وقت كانت، فالصلاة من أعظم العبادة، ولا يجوز أن تكون لغير الله جل وعلا، وكذلك الذبح قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162] يعني: ذبيحتي الذي أذبحها لله جل وعلا.

الذبح عبادة، وصرفها لغير الله شرك

النسك مأخوذ من النسك وهو: التعبد، فإذا تعبد الإنسان قيل: إنه ناسك ومتنسك، والتعبد يكون بأنواع شتى، وجامع العبادة: أن تكون مأموراً بها، سواء أمر إيجاب أو أمر استحباب، أو يكون يثنى على صاحبها ويكون ممدوحاً، مما يدل على أن الله يحبه، وكل فعل أثنى الله جل وعلا على فاعله فهو داخل في العبادة؛ لأنه يحبه ويرضاه، فالذبيحة لا يجوز أن تكون مأكولة وحلالاً حتى تشتمل على التعبد لله جل وعلا بأي نوع كان، سواء كانت مما يذبح في مناسك الحج أو مما يذبح في أي مكان كان، فلابد أن يكون فيها عبادة لله جل وعلا، بأن يسمي الله جل وعلا عند ذبحها، وأن يكون الذابح أهلاً للذبح، ويكون مسلماً أو يكون ممن يؤمن بالله واليوم الآخر وله دين ثابت مثل اليهود والنصارى إذا لم يكونوا ملاحدة مشركين، وإلَّا لا تحل الذبيحة بحال من الأحوال، فإذا ذبحها مرتد لا يصلي أو ذبحها مشرك أو ملحد -وإن قال: باسم الله- فإن ذبيحته تكون حراماً؛ لأنه ليس من أهل الذبح.

إذاً: الذبيحة فيها تعبد لله، وكل عمل يعمله المسلم يجب أن يكون متعبداً فيه، وكل عمل يجب أن يكون لله وإن كان من أمور الدنيا، حتى الأكل إذا أكل الإنسان فينبغي أن يسمي الله، وأن يشكر الله على نعمته؛ لأنه هو الذي وهبه، وهو الذي أسداه لك، وهو الذي أساغه، وهو الذي يبقي فيك منفعته ويذهب عنك مضرته، فوجب أن تشكره على ذلك.

وأما الذبيحة إذا أريد بها التقرب فهي عبادة محضة، وإذا جعلت لغير الله فهي من الشرك الأكبر، فمراد المؤلف أن يبين أن هذا منافٍ لقول: لا إله إلا الله، فإذا ذبح الذابح عند قبر يرجو نفعه أو لولي أو لجنيٍ أو ما أشبه ذلك -وإن قال: باسم الله- فالذبيحة مهل بها لغير الله جل وعلا فهي شرك، وهذا الذابح يكون مشركاً، وهذه الذبيحة حرام أكلها؛ لأنها أولاً: مما أهل به لغير الله، وثانياً: أنها أصبحت ذبيحة مرتد أرتد عن الإسلام بهذا الذبح، وإن كان قبل ذلك مسلماً.

وهذا بين واضح في كتاب الله وفي أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد كان المشركون يذبحون عند أصنامهم متقربين إليها، وهل تقربهم لهم بأن يذبحوا هذه الذبيحة ولا يأكلونها؟

الجواب: لا، بل يريقون الدماء تقرباً إلى هذا المعبود، ثم يأكلون الذبيحة ولا يدعونها لهذا الصنم أو لغيره، ومع ذلك تكون عبادة تُوجه لغير الله جل وعلا، ويكون الذابح بذلك مشركاً.

ثم إن هذه العبادة من أعظم العبادات، ولهذا شرع للمسلمين أن يتقربوا إلى الله جل وعلا بالذبح في الأضاحي وفي الهدايا التي تهدى إلى البيت، والواقع أنها تهدى لله، ولكنها تذبح هناك في المشاعر التي شرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنذبح فيها.

وكذلك العقيقة، والنذر، وغير ذلك مما يفعله الإنسان متقرباً به إلى الله، فهذا من أجل العبادات وأعظمها؛ وذلك لأنه إذا بذل ماله وأقدم على ذبح الحيوان متقرباً به إلى الله مع رحمته له ومع محبته للحيوان فإن حب الله وعبادة الله له تدعوه إلى أن يقدم على ذلك مختاراً مغتبطاً، ويكون بذلك عابداً لله جل وعلا بهذه الذبيحة.

ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الذبح لله جل وعلا كما كان كثيراً ما يصلي لله جل وعلا، وهذا هو سر قرن الذبيحة بالصلاة، وقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي) يعني: ذبائحي التي أذبحها لله، فأنا أتبرأ مما يفعله المشركون وأراغمهم حيث إنهم يذبحونه لأصنامهم، وأنا أذبح لربي متقرباً بذلك إليه، ومخالفاً لهم، ومعادياً لهم على فعلهم ذلك.

وقوله: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ) يعني: كل أعمالي التي أفعلها في حياتي أفعلها تعبداً لله جل وعلا، وكذلك: (وَمَمَاتِي) أي: ما أموت عليه وما أقدمه بعد حياتي هو خالص لله، لا شريك له في كل أعماله وتصرفاته الظاهرة والباطنة.

وقوله: (وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ) يعني: أن هذا أمر من الله، وأنه يتعين، وليس للعبد في ذلك اختيار، فإذا لم يفعل ذلك فقد عصى الله جل وعلا، وسوف يعاقبه.

وقوله: (وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ) أي: أمر من الله حتم يجب أن يطاع ويتبع، وإلا فسيكون الإنسان ضالاً وخاسراً، وسوف يلاقي الله جل وعلا، ثم يعاقبه على ذلك.

وقوله: (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الإسلام معناه: هو الاستسلام والانقياد لله، وأن يسلم وجهه وقواه وجوارحه لله منقاداً مطيعاً غير معترض على الله، وغير متمرد عن أمره، بل يفعل أمره مذعناً خاضعاً ذالاً معظماً لله جل وعلا، هذا هو معنى الإسلام: (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) أي: الذين يفعلون ذلك على هذه الصفة؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول من أطاع الله من هذه الأمة، وإلَّا فالرسل الذين قبله كلهم على الإسلام كما أخبر الله جل وعلا عن ذلك في كتابه، وأن كل رسول يقول لأمته: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:59] وهذا هو الإسلام.

وقوله في الآية الأخرى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] هذه مثل التي قبلها، حيث قرن النحر بالصلاة، وهو النسك المذكور في الآية السابقة؛ ولهذا قال بعض المفسرين: إن المقصود بالصلاة هنا: صلاة العيد خاصة؛ لأنها هي التي يعقبها النحر، والصواب: أن هذا عام في كل صلاة، وكذلك النحر عام في كل نحيرة، يجب أن يكون لله جل وعلا، وأن يكون خالصاًً له.

وأما ما روي في الحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل لما نزلت هذه الآية فقال: (ما هذه النحيرة التي أمرت بها؟ فقال جبريل: إنها ليست نحيرة وإنما هي وضعك يديك في الصلاة على نحرك) فهذا حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله الواضعون الكذابون الذين يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هي نحيرة يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: كل ذبيحة يذبحها متقرباً بها إلى الله جل وعلا، وكذلك إذا ذبحها للأكل فإنها تكون لله؛ لأنه يذبحها لله، ولكن الذبيحة التي تقدم إما نذراً أو أضحية أو نسيكة في الحج تكون أكمل وأعظم من الذبيحة التي تذبح لأجل أن يؤكل لحمها؛ لأنها عبادة محضة قدمت لله جل وعلا.

فهذا واضح جلي في كون الذبائح إذا ذبحت لغير الله فهذا الذبح شرك، وهذا مثل الصلاة إذا صليت لغير الله، فلا فرق بين هذه وهذه حيث قرنت الذبيحة بالصلاة، وأمر الله أن تكون له وحده جل وعلا.

فعلى هذا إذا ذبح الإنسان عند القبر أو ذبح للجني كأن يقول له دجال من الدجاجلة الذين يأكلون أموال الناس بالباطل: إن هذا المريض فيه جني لا يخرج حتى تذبحوا له ذبيحة، وقولوا: باسم الله، وفرقوها على كذا وكذا، وعلى الفقراء أو غيرهم، فهذا شرك أكبر؛ لأنها قصد بها الجني، وذبحت له، فيجب أن تكون الذبيحة لله وحده، مراداً بها وجه الله، وسواء كانت الذبيحة بعيراً أو بقرة أو شاة أو دجاجة أو غير ذلك من أي نوع كان مما يذبح؛ إذا ذبح وقصد به غير الله جل وعلا فإنه يكون شركاً.

وكذلك الذين يذبحون عند القبور، ويقصدون التقرب إلى الأموات والنفع الذي يرجونه منهم، وإن كانوا يذبحونها ويأكلونها أو يفرقونها؛ فإنها تكون مما أهل به لغير الله، ومما تقرب به لغير الله، وإن كان يذكر عليها اسم الله عند الذبح؛ لأن المراد النية، والألفاظ والأسماء لا تغير من المعنى شيئاً، فإذا ذبح الإنسان ذبيحة وقال: باسم الله، ولكن نيته أنها لغير الله فإنها تكون مما أهل به لغير الله، كما أن النصراني -مثلاً-: إذا ذبح للمسيح وقال: باسم الله فإن ذبيحته حرام، وهي مما أهل لغير الله جل وعلا، وهذا باتفاق العلماء لا أحد يخالف في ذلك، وهو واضح وظاهر من النصوص ومنها هاتين الآيتين.

شرح حديث: (لعن الله من ذبح لغير الله ...)

في صحيح مسلم أنه قيل لـعلي رضي الله عنه: (هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يقله للناس؟ فقال: لا، ما خصنا بشيء لم يقله للناس، ولكني سمعته يقول: لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سب والديه، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غير منار الأرض) واللعن من الله جل وعلا ومن رسوله صلى الله عليه وسلم هو: الطرد والإبعاد من رحمة الله، والملعون هو: من لعنه الله أو لعنه رسوله صلى الله عليه وسلم، أو من حق عليه ذلك وطرد ولو لم يواجه بهذا، أو يقال فيه: ملعون، والله جل وعلا يلعن من يشاء، كما أنه يرحم من يشاء، فبعض عباده يلعنهم الله جل وعلا، وإذا لعن الله إنساناً لعنته الملائكة وعباد الله، ويلعنه اللاعنون في السماءً وفي الأرض، فيكون طريداً بعيداً.

وهنا لعن أربعة أجناس من الناس وهم:

الجنس الأول: الذابح لغير الله، وهذا يدلنا على أن الذبح لغير الله من أعظم المحرمات، وأن فاعله يستحق الطرد من رحمة الله، أو أنه قد صار مطروداً من رحمة الله ومبعداً إذا لم يتداركه الله جل وعلا برحمته بأن يتوب ويندم ويرجع إلى الله جل وعلا، وإلا فقد حق عليه ذلك، وهذا مطلق فيمن ذبح لغير الله أي ذبيحة ذبحها ولأي شيء ذبح، سواء للجن أو للأصنام أو للملائكة أو للأولياء أو لغيرهم من الأغراض التي يذبح لها الإنسان، والناس لهم أغراض شتى في هذا.

ومنهم من لا يظهر أنه يقصد غير الله، وإنما يظهر بذلك أنه يفرح، كالذي يبني بيتاً، وإذا أراد أن ينزل فيه يأتي بالذبائح ويذبحها، ومقصوده بهذا: أن يتخلص من أذى الجن حتى لا يؤذوه ويأتوا إليه في هذا البيت، فإن هذا من ذبائح الجن التي تكون لغير الله جل وعلا؛ لأن المقصود النية والقصد، وإن قال في الذبح: إني ما أقصد هذا، أو أنه سمى الله وذبح، ودعا الناس ليأكلوه أو أظهر أنه للفرح أو غير ذلك؛ لأن الأمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) فالنية معتبرة في الأعمال، فكل عمل قصد به غير الله يكون شركاً.

ومن أعظم ذلك الذبائح، ومن فعل ذلك فهو داخل في لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (لعن الله من ذبح لغير الله).

لعن الوالدين كبيرة من الكبائر

الجنس الثاني: الذي يلعن والديه، سواءً الأب والأم أو الجد والجدة وإن علوا، وسواء باشر ذلك بنفسه أو كان سبباً للعنهما، كما جاء ذلك مفسراً في صحيح البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قال ذلك قيل له: كيف يلعن الرجل والديه؟ يعني: يستبعد الصحابة رضوان الله عليهم أن يقع هذا من مسلم، بل من عاقل، فكيف يلعن الرجل والديه؟ فقال: (يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)يعني: أنه يكون سبباً للعن والديه، فيكون ملعوناً؛ لأنه تسبب في ذلك، أما إذا فعل ذلك مباشرة فهو أعظم جرماً.

ولعن الوالدين ضد البر والإحسان الذي أمر الله جل وعلا به، فهو محادة لله جل وعلا، كما أن الذبح لغير الله ضد الإخلاص والتوحيد الذي أوجبه الله جل وعلا وأمر به، فإذا وجد ذلك فإنه يكون محادة لله جل وعلا ولرسوله.

وقد قرن الله جل وعلا حق الوالدين بحقه في آيات كثيرة في القرآن، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة عاق)، فالذي يعق والديه لا يدخل الجنة، وقال: (رضا الله في رضا الوالدين)، وأخبر: أن الأم حقها أعظم وآكد لشدة ما تقاسيه، وكثرة ما تزاوله من التعب والنكد بسبب هذا الولد؛ من حمله وإرضاعه وتربيته صغيراً وإزالة الأذى عنه والقيام عليه والسهر وغير ذلك، فإذا كبر واستغنى يصبح كما قال القائل:

أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني

فإذا استغنى وكبر يقابل الوالد بالقسوة والعنف والمعصية والعقوق والأذى، بل ربما باللعن والشتم، فهذا هو الملعون الذي لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا لعن الله إنساناً فإنه طريد بعيد من رحمة الله جل وعلا، وسوف يلاقي جزاءه يوم القيامة، وهو عذاب الله نسأل الله العافية.

المُحْدِث ملعون

قوله: (ولعن الله من آوى محدثاً) الإيواء هو: الحماية، آواه إذا حماه ودافع دونه أو رضي بفعله وانضم إليه وصار معه على هذا الفعل، ويقال: أويته وآويته، إذا حماه وساعده ودفع عنه ما يقصد به من إقامة حد أو إنكار منكر أو ما أشبه ذلك.

وقوله: (محدثاً) بفتح الدال وبكسرها محدَثاً ومحدِثاً، فإذا كان محدِثاً فهو اسم فاعل، يعني: الجاني العاصي هو الذي يُؤوى، وإذا كان محدَثاً فهو الحدث نفسه، فيكون معنى إيوائه: الرضا به والمدافعة عنه.

وإذا كان بالكسر فمعنى ذلك: أنه يحمي ذلك الرجل المحدث من أن يقام عليه الحد، أو أن يُنكر عليه فعله أو يزال ما يفعله، وهذا معناه أنه محادّ لله جل وعلا ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صار في حد، والله ورسوله في حد، يعني: صار في جانب، والله ورسوله في جانب، ويصبح محارباً لله جل وعلا ولرسوله.

إذاً: معنى المحاداة: المحاربة والمبارزة بالمعاصي، وإذا كان محدَثاً فمعنى ذلك: كل بدعة تبتدع في الدين، فمن رضي بها أو حماها فهو ملعون.

أما إذا كان بالكسر فمعناه: أن كل فاعل لبعض هذه الأفعال فمن حماه وآواه وساعده يكون ملعوناً، والواقع أن الحديث يعم الاثنين، يعم الحدث والمحدِث، فالذي يرضى بالحدث -الذي هو البدعة التي تبتدع في دين الله- يكون داخلاً في هذا الوعيد، وكذلك الذي يدافع عن المبتدع نفسه ويحميه ويساعده على بدعته من أجل بدعته يكون داخلاً في هذا الوعيد.

المغير لمنار الأرض ملعون

وقوله: (ولعن الله من غير منار الأرض) المنار هو: العلامات التي يستنار بها يعني: يستدل ويهتدى بها، فهي المراسيم التي توضع لتميز حق هذا من حق هذا، فمن غيرها لأجل أن ينفع واحداً ويضر الآخر أو يزيد في حق هذا من حق هذا فهو ملعون.

وكذلك تطلق على العلامات التي توضع على الطرق ليهتدي بها المسافر والسائر في الطريق، فالذي يغيرها بأن يزيلها داخل في هذا الوعيد؛ لأن هذا من منار الأرض وعلاماتها التي يهتدى بها، فإذا كان من صنع ذلك يكون ملعوناً وهو لا يتعلق بحقوق الناس فكيف بما يتعلق بدين الله؟! ومن هذا ما يفعله بعض الفسقة الذين يتولون -مثلاً- سجلات أو يكون بأيديهم دفاتر يكتبون فيها ضبط حقوق الناس بعضهم من بعض، فإذا غيروا فيها لأجل نفع إنسان ومضرة آخر فإن هذا داخل في هذا الوعيد، وكذلك الذي يغير الوثائق التي توثق للإنسان بأن هذا حقه فيغيرها ويبدلها إما بالمسح أو يخفيها أو يمزقها أو ما أشبه ذلك فإنه داخل في هذا الوعيد؛ لأن هذا من تغيير منار الأرض؛ لأن الوثائق والصكوك من علامات الأرض التي تميز هذا عن هذا، فإذا غيرت وبدلت فإن هذا الفاعل يكون مغيراً لمنار الأرض ويكون داخلاً في اللعنة.

وقد جاء أن أظلم الناس من ظلم الناس بالناس، يعني: من ظلم هذا لأجل أن ينفع الآخر، لا لأجل نفسه، فهذا هو أظلم الناس، وقد قال بعض العلماء: إن منار الأرض يقصد بها الهداة والدعاة الذين يدعون إلى دين الله وإلى هدايته؛ لأنهم هم الذي يستنار بهم، وهم الذين يهتدى بأقوالهم وبما يدلون عليه، فإذا -مثلاً- قتلهم الجاني أو منعهم من ذلك فهو تغيير لمنار الأرض؛ لأنهم هم نجومها التي يهتدى بها؛ ولهذا جاء في الحديث: ( العلماء كالنجوم التي يهتدى بها)، فإذا ذهبت نجوم السماء جاء أمر الله، وإذا ذهب العلماء من الأرض جاءها أمر الله الذي وعده الله، فإذا مُنعوا أو قُتلوا فإن المانع والقاتل داخل في هذا الوعيد، ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُعطي جوامع الكلم فكلامه يكون جامعاً عاماً.

حكم لعن المعين

في هذا الحديث دليل على جواز لعن العصاة والفسقة، وقد اختلف العلماء في جواز لعن المعين منهم، أي: المعين الفاسق هل يجوز أن يلعن بعينه؟

الصواب: أنه لا يجوز، وإنما يلعنون بالعموم كما في هذا الحديث، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه) وكذلك لعن في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، وساقيها، ومستقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، ومؤكله، فكلهم ملعونون، وهؤلاء أنواع من الفسقة وليس رجلاً بعينه.

وبعض العلماء أجاز لعن الفاسق بعينه، وبعضهم منع ذلك، وذلك مثل الحجاج بن يوسف ويزيد بن معاوية ونحوهما من الظلمة الذين هم مسلمون، واختلف العلماء هل يلعنون أولا؟ فبعضهم قال: يجوز، وأكثر العلماء على أن هذا ممنوع لا يجوز، وإنما يلعنون بالعموم فيقال: ألا لعنة الله على الظالمين، وكما في هذا الحديث: (لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غير منار الأرض) وهؤلاء أجناس، وليس رجلاً بعينه، ما عدا العمل الذي يدل على الكفر والخروج من الإسلام؛ لأن الخلاف في الفاسق المسلم، وليس الخلاف في الكافر المعين، أما الكافر المعين فيجوز لعنه بعينه، وإنما الخلاف في الفاسق المسلم؛ لأن المسلم لا يخرج من الدين الإسلامي بفعل المعاصي ما عدا الشرك، فالشرك هو الذي يخرجه من الدين الإسلامي، أما المعاصي فإنها لا تخرجه، ولكنها تجعله فاسقاً.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد [40] للشيخ : عبد الله بن محمد الغنيمان

https://audio.islamweb.net