اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد [27] للشيخ : عبد الله بن محمد الغنيمان
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد [27] للشيخ : عبد الله بن محمد الغنيمان
الأولى : أن الدعوة إلى الله طريق من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم].
هذا مأخوذ من قوله عز وجل : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108]، فكل من كان له نصيب من اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فلابد أن يكون له نصيب من الدعوة حسب اتباعه، فإن كان اتباعه كاملاً كانت دعوته إلى الله كاملة، وإن كان الاتباع فيه نقص فستكون الدعوة فيها نقص؛ لأنه سبحانه قال: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108] يعني: ومن اتبعني يدعو إلى الله علي بصيرة. وهذا يدلنا على أن الداعي إلى الله يجب أن يكون في دعوته على بصيرة.
والبصيرة هي العلم فيما يدعو إليه، وكذلك هي الفهم والفقه في هذا الأمر، فيجب عليه أن يُرجع الأمور إلى القواعد الشرعية والكليات التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يكون على حسب ما يزين له نظره يتخبط تخبطاً، فإن هذا لن تنجح دعوته، ثم على هذا ستكون الجدوى فيها قليلة، وقد لا يكون مأجوراً فيها.
هذا مأخوذ من قوله: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ [يوسف:108]، فقوله: إلى الله يدلنا على أن الدعوة يجب أن تكون لله، ولا تكون للأنفس ولا للمصالح ولا لغير ذلك، فهنا يقول: فيه التنبيه على وجوب الإخلاص في الدعوة؛ لأن كثيراً من الناس وإن كان ظاهر دعوته أنها إلى الله فهي إلى نفسه، كأن يريد -مثلاً- أن يتبوأ منصباً عندهم، أو أن يعرفوه، أو أن يقال: إنه عالم. أو إنه داعية. أو ما أشبه ذلك مما هو من حظوظ النفس؛ لأن النفس تحب الترأس، وتحب أن ترتفع على الناس وأن يكون لها مقام في قلوبهم، فإذا كان الإنسان يريد هذا الأمر فبئس ما أراد، وستكون دعوته إلى نفسه، وإذا وقف بين يدي الله فسوف يكون ممن ذكر في الحديث الذي في الصحيح: (أول من تسجر بهم النار ثلاثة: رجل قتل في سبيل الله، والآخر أنفق أمواله في سبيل الله -يعني: في الظاهر- وعالم أو متعلم، فيؤتى بالعالم ويقرر بنعم الله عليه، فيقول الله جل وعلا: ماذا صنعت؟ فيقول: يارب! تعلمت فيك العلم وعلمته. فيقول الله: كذبت. وتقول: الملائكة كذبت. ولكنك تعلمت ليقال: هو عالم، فقد قيل. فيؤمر به فيسحب إلى النار)، فهؤلاء ثلاثة أعمالهم من أفضل الأعمال، المجاهد والمتصدق والمتعلم (فيؤتى بالمجاهد الذي قتل في سبيل الله -في الظاهر- فيقرره الله جل وعلا بنعمه فيقر بها، فيقول الله: ماذا عملت؟ فيقول: يا رب! بذلت نفسي في سبيلك حتى قتلت في سبيلك. فيقول الله: كذبت -والله علام الغيوب يعلم ما في قلبه وما في نيته- ولكنك قاتلت ليقال: هو جريء، هو شجاع. فقد قيل) يعني: قد لقيت أجرك وأخذت نصيبك من العمل، وهو قول الناس وقول الناس قد ذهب وانتهى.
(ويؤتى بالذي تصدق فيقول الله جل وعلا: ألم أنعم عليك؟ ألم أصح بدنك؟ ألم أهبك المال؟ فيقول: بلى يارب. فيقول: ماذا عملت؟ فيقول: يارب! ما تركت طريقاً من طرق الخير إلا بذلت فيه المال وأنفقته في سبيلك. فيقول الله: كذبت، ولكنك بذلت ليقال: هو جواد، هو كري. وقد قيل، فيؤمر به فيسحب إلى النار) هؤلاء الثلاثة هم أول من تسجر بهم النار -نسأل الله العافية- قبل عباد الوثن؛ لأنهم في الواقع صارت مراءاة الناس والنظر إليهم أعظم عندهم من الله، فهذا الإنسان الذي يدعو ويريد أن يظهر أمام الناس بأنه داعية وأنه عالم وأنه متكلم يستطيع البيان وأنه ذو مقدرة فإنه في الواقع يدعو إلى نفسه لا يدعو إلى الله، وإنما الشيء الذي ينفع ويجدي إذا كان الأمر خالصاً لوجه الله جل وعلا، ومن سنة الله جل وعلا أن المرائي ينكشف، وأن كلامه لا يجدي شيئاً، وأنه لا يدخل القلوب ولا ينفع، وهذا في الغالب وإلا فقد ينفع؛ فإنه جاء في الحديث: (يؤتى بالرجل فيلقى في جهنم فتندلق أقتابه فيدور حولها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع عليه أهل النار، فيقولون: ما بالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى. كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه) فقد انتفع به، لكنه كان هو المتضرر، فأشقى الناس هو الذي يضل بعلمه وينتفع بعلمه غيره، كالذي يجمع المال من أوجه حرام ويمنع حق الله فيه، ثم يرثه بعده غيره فيطيع الله فيه فيدخل بهذا المال الجنة، والذي جمعه يدخل به النار، فكيف تكون حسرة هذا يوم القيامة وهو يرى غيره قد سعد بماله وهو شقي به؟! هذا كالذي يرى أن غيره سعد بعلمه وهو شقي به، فهؤلاء يتحسرون حسرات عظيمة جداً، بل أشد الناس حسرة هو من كان بهذه المثابة.
فالواجب على العبد أن يخلص أعماله لله في كل ما يعمل، والدعوة من أعظم الأعمال وأفضلها.
البصيرة من الفرائض، وإذا كانت من الفرائض فالتفريط بها يعاقب عليه الإنسان؛ لأن الفريضة يلزم الإنسان أن يمتثلها، ولكن البصيرة هنا تكون على حسب حال الإنسان، فالإنسان يجب أن تكون عنده بصيرة في عبادته لربه، فيعبد الله على بصيرة، ويجب أن يكون عنده بصيرة في المعاملات التي يتولاها وإلا فسوف يسقط في الحرام؛ لأن الإنسان مكلف في أن يكون تصرفه وفق الشرع الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يكن عنده بصيرة في ذلك فإن يكون آثماً، ويكون واقعاً في المخالفة، ثم ينجر بأسباب ذلك إلى وقوعه في المحرمات، فيستحق بذلك العذاب، وإذا كان الإنسان من ذوي المقدرة في العلم والتعلم ازداد الواجب عليه أكثر من غيره، وهكذا تختلف البصيرة باختلاف المقدرة والاستطاعة، فالذي يجب على العالم ليس مثل ما يجب على العامي، والذي يدخل نفسه في المعاملات وفي شئون المسلمين يجب عليه أكثر ممن لا يكون كذلك، وهكذا، فهذه البصيرة في كل ما يكون منوطاً بالإنسان من الأعمال، سواء الأعمال التي تتعلق بخاصة نفسه وأهله وأولاده، أو الأعمال عامة، فإنه يجب عليه أن يكون عنده بصيرة في الدين لئلا يقع في المخالفات، ولئلا يقع في خلاف الشرع، فإنه إذا وقع في خلاف الشرع فإنه آثم، وليس كونه يقول: أنا جاهل، وأنا ما أعرف يبرر فعله؛ لأن هذا ليس بعذر؛ لأن كتاب الله موجود وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي بلغها إلينا موجودة، ولكن إذا حصل تقصير في عدم معرفة ذلك فبسبب تقصير الإنسان في التعلم، فلا يجوز للإنسان أن يقحم نفسه في أمر من الأمور إلا وهو يعرف حكم الله فيه، ولهذا كان من القواعد التي قعدها العلماء قاعدة يقولون فيها: الأصل في العبادات الحرمة حتى يتبين لك أنها مشروعة. وليس معنى ذلك الأصل في العبادات المعلومة مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج، لا. وإنما الأصل في الأعمال التي يُتعبد الإنسان بها والتي يرجو بها الثواب من الله جل وعلا، فهي كأنها ممنوعة حتى يأتي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ لأنه صلوات الله وسلامه عليه يقول: (كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود وهذا في الأعمال التي يتعبد بها، فإذا عمل الإنسان عملاً لم يشرع فهو مردود، فتبين بهذا أنه يجب على الإنسان أن يتعرف على أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى شرعه حتى لا يُرد عمله، ولا يجوز أن يتعبد بالبدع والشيء الذي لم يأت به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإن هذا من المحرمات، بخلاف الأمور التي أصلها الإباحة، فإنها تكون مباحة حتى يأتي الدليل على أنها ممنوعة، مثل المطعومات والمشروبات والمعاملات.
فالمقصود أن الإنسان عبدٌ لله، يجب أن يكون ممتثلاً أمر الله ونهيه، وليس هو بعبد لنفسه ولا عبد لغير الله جل وعلا، بل هو عبد لله، والعبد لا يكون خارجاً عن طاعة سيده.
وذلك أن الإنسان إذا عمل العمل لله وحده فمعنى ذلك أنه نزه الله عن المسبة، والمسبة معناها أن يُدَّعى أن لله شريكاً، فهذه المسبة المقصود بها أن الإنسان يدعو مع الله أو من دون الله شريكاً، سواءً زعم أنه ولي من أولياء الله أو نبي أو ملك أو حجر أو شجر، أو غير ذلك مما هو موجود في الناس، فكل من طلب منه ما ليس قادراً عليه فإنه يكون بهذا الطالب جاعلاً له شريكاً مع الله جل وعلا، وهذا التنزيه مأخوذ من قوله جل وعلا: وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108]، وسبحان الله يعني: تنزيهاً لله أن أقع في الشرك. فدل هذا على أن التوحيد تنزيه لله، وهذا من محاسنه، ولا شك أنه لن ينجو أحد من عذاب الله إلا بالتوحيد، ويكفي في كونه واجباً على الإنسان أن الله خلق الإنسان ليكون موحداً، كما قال الله جل وعلا : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
معنى كون الشرك مسبة لله أن يجعل مع الله من يُدعى ومن يُرجى ومن تُطلب منه الشفاعة؛ لأن الله أخبرنا أنه مالك كل شيء، وليس لأحد معه تصرف، كما قال سبحانه: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ [سبأ:22] فنفى أن يكون لهم ملك في السموات والأرض، وهذا عام في جميع المدعوين من دون الله، ثم نفى أن يكونوا شركاء للمالك بهذا القدر، ثم نفى أن يكونوا معاونين أو مساعدين للمالك، فماذا بقي؟ لم يبق إلا الشفاعة، فنفاها وقال: وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ:23]، فكون الإنسان يدعو غير الله جل وعلا ويطلب منه الشيء الذي يطلب من الله أو بعضه يكون بهذا قد تنقص الله جل وعلا، وقد جعل ما هو حق الله للمخلوق الضعيف، وهذا هو معنى مسبة الله جل وعلا، والإنسان يؤذي ربه بكونه يجعل له شريكاً، لهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا أحد أصبر على أذىً سمعه من الله، يدعون له ولداً ويرزقهم ويعافيهم) يدعون له شريكاً ويرزقهم ويعافيهم! أليس هذا عجيباً؟! والله جل وعلا لا يفوته شيء، فمرجعهم إليه، وسوف يجازيهم بما يستحقون، كما قال سبحانه: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [الغاشية:25-26]، ثم بعد المحاسبة إما ثواب وإما عذاب.
هذا مأخوذ من قوله: وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108].
يقول: إن من أهم المسائل كون المسلم يبتعد عن المشركين، والابتعاد يكون معنوياً ويكون حسياً، فالمعنوي يكون بالاتجاه والديانة والاعتقاد، فلا يجوز للمسلم أن يكون على شيء مما عليه المشرك، وأما الحسي فبالمكان وبالديار، فعلى المسلم أن يكون مبتعداً عنهم، وليقل كما قال الله سبحانه: وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108] لا عقيدة وعملاً ونهجاً، ولا موطناً وداراً، بل لابد أن يكون المسلم متميزاً عن المشرك بعيداً عنه، وهذه هي الحنيفية دين إبراهيم الذي أُمرنا بالإقتداء به، كما قال ربنا جل وعلا: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4].
التوحيد هو أول واجب، وهو أول ما يُدعى إليه، فعندما يبدأ الداعي إلى الله جل وعلا بالدعوة فإنه يبدأ بالأصل الذي يُبنى عليه غيره، وكل الأعمال تبنى على التوحيد، والتوحيد معناه أن يكون العمل لله وحده، وأن تُخلص العبادة لله جل وعلا وحده، ولذلك الإنسان إذا كان يعبد الله ويبعد معه غيره فعمله غير مقبول بل كل عمله مردود؛ لأن المشرك لا يقبل منه عمل، فلابد أن يبدأ بما يصحح العمل أولاً، ثم بعد ذلك يبنى على أساس صحيح، فإذا جاءت الأعمال من المخلص الموحد ولو كانت قليلة فهي نافعة، أما الأعمال الكثيرة ممن لا يخلص دعوته وعبادته لله جل وعلا فهي مردودة غير مقبولة.
وهذا معنى قول العلماء: إن الإسلام مبني على أصلين:
أحدهما: أن تكون العبادة لله وحده، ولا يكون فيها شيء لغيره.
الأصل الثاني: أن تكون العبادة بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإذا تخلف واحد من هذين الأصلين فإن العبادة مردودة غير معتبرة وغير مقبولة، فإن كانت على غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقد تكون بدعة، وقد تكون شركاً فتكون مردودة؛ لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه .
ثم إن كون أول ما يبدأ به هو التوحيد هذا إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه أول ما بدأ دعوته قال للناس: (قولوا: لا إله إلا الله)، وقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) وكذلك الرسل قبله كانوا أول ما يبدأون دعوتهم به هو أن يدعوا إلى عبادة الله وحده جل وعلا، كما قص الله علينا في القرآن أن كل واحد منهم كان يقول: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:59]، وهذا معنى قولنا: لا إله إلا الله.
فقوله جل وعلا الذي ذكره عنه عن الرسل: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ [المؤمنون:32] قوله اعبدوا الله هو معنى (إلا الله)، وقوله: ما لكم من إله غيره معنى (لا إله). فالرسل من أولهم إلى آخرهم أصل دينهم واحد، وكلهم جاؤوا بالدعوة إلى عبادة الله وحده جل وعلا، ودليل قول المصنف ما تقدم في هذا الحديث أنه قال لـمعاذ : (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله)، وكذلك قوله لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لما أعطاه الراية قال له: (انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام)، فالدعاء إلى الإسلام هو الدعاء إلى التوحيد وإلى شهادة ألا إله إلا الله، وهذا هو الذي يجب على الداعي الذي يترسم خطا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعله وأن يبدأ به أولاً، أما قول القائل: إني أبدأ بتحسين أخلاق الناس وبسلوكهم، ثم بعد ذلك يمكن أن يعرفوا التوحيد فإن هذا لا يصلح؛ لأن العمل إذا لم يكن على التوحيد وعلى دين صافٍ فإنه محبط وباطل ولا فائدة فيه، بل يكون تعباً بلا فائدة، كما قال الله جل وعلا: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية:2-4]، وهذا في الذين يتعبدون على غير أساس، إما لأنهم غير مخلصين لله جل وعلا، أو لأنهم لا يتعبدون على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ويتعبدون بالبدع، وكل واحد من هذين الأمرين يكفي في إحباط العمل، وإن كان الإنسان يخشع وإن كان يتعب وهو على هذه الطريقة فعمله مردود، فكل الاهتمام يجب أن يكون في إخلاص العمل، وفي كونه صواباً، كما قال جل وعلا: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [هود:7] قال بعض السلف في تفسير هذه الآية: يعني: أيكم أصوبه وأخلصه؛ فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لا يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لا يقبل يعني أنه إذا كان على السنة ولم يكن خالصاً لله فهو مردود، وإن كان خالصاً لله وليس على السنة فهو مردود، فلابد أن يكون خالصاً موافقاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .
لأن التوحيد هو الأصل، وعليه تبنى سائر الأعمال كلها، فيجب أن يكون الأساس صحيحاً مكيناً معتبراً وإلا فسوف يكون البناء فاسداً كما هو معلوم في العقل والشرع والنظر .
توحيد الله هو ما دلت عليه شهادة ألا إله إلا الله؛ لأن معنى (لا إله) نفي لتأله لغير الله، و(إلا الله) إثبات التأله لله وحده، فصار في هذا النفي والإثبات، فتوحيد العمل العبادة والالتجاء إلى الله وحده، والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، سواءٌ أعمال القلوب أو أعمال الجوارح، كلها يجب أن تكون على وفق الشرع، وأن تكون خالصة لله، وأن يكون التأله لله وحده، وإذا حصل تأله لغير الله فإن هذا هو الشرك، والتأله معناه تأله القلب بالحب والخضوع والذل، ويجب أن يكون الحب والخضوع والذل والتعظيم في أداء العبادات لله وحده.
المقصود بقوله: [من أهل الكتاب] يعني: من العلماء. فيمكن أن يكون من العلماء وهو لا يعرف معنى هذه الكلمة، أو أنه يعرفها ولكن لا يعمل بها، والعلم إذا لم يهتد به صاحبه فهو شر، ويكون حجة عليه وزيادة عذاب، وعذابه أشد من عذاب الذي لا يعلم، فالذي لا يدعوه العلم إلى أن يكون عبداً لله ولم يكن كلما علم شيئاً زادت عبوديته لله وزاد ذله وخضوعه له وزادت سكينته وتواضعه فإنه لا يزداد بعلمه إلا بعداً من الله جل وعلا.
وقد يكون لا يعرف الحق الذي أوجبه الله عليه، وليس المقصود أنه يكون من أهل الكتاب من اليهود والنصارى فقط، فقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة)، فلما سئل عن الواحدة قال: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، فأخبر أن هذه الأمة تزيد على التفرق السابق بواحدة.
والمقصود بالأمة اليهودية التي افترقت على إحدى وسبعين، وبالأمة النصرانية التي افترقت على اثنتين وسبعين، وبأمة محمد صلى الله عليه وسلم التي افترقت على ثلاث وسبعين هي التي استجابت للرسل، ما هي بالأمة التي بعث فيها الأنبياء، بل الأمة المستجيبة، فالمسلمون أنفسهم يفترقون إلى هذه الفرق، أما غيرهم فما يقال: إنهم يفترقون على كذا وكذا. أو إنهم في النار. لأنه مفروغ منهم، فهم كفار في الأصل، فالكفر مهما تعددت طرقه ومناهجه فهو ملة واحدة، الكفر كله ملة واحدة، فإذا كان الأمر هكذا فكل من تشبه باليهود أو بالنصارى من هذه الأمة فهو ملحق بهم، وقد أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة ستترسم طريق اليهود والنصارى شبراً بشبر فقال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة)، والقذة: هي ريشة السهم. يعني: مثل الرصاصة التي توضع الآن في البندق، هل الواحدة تختلف عن الأخرى؟ لا تختلف، كل واحدة مثل الأخرى، يعني أنكم تسيرون خلفهم متبعين لهم كما ساروا (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)، ومثل صلوات الله وسلامه عليه بجحر الضب لأن جحر الضب من أصعب الجحور؛ لأنه يحفر جحراً ملتوياً، فهو يتلوى في حفره، لا يحفر جحراً مستوياً كما في سائر الجحور، فالدخول فيه صعب جداً، فيقول: لو قدر أنهم يسلكون هذا المسلك المعوج الضيق الصعب لسلكتم خلفهم. حتى إنه جاء في بعض الروايات: (حتى لو كان فيهم من يأتي أمه علانية لكان في هذه الأمة من يفعل ذلك) مبالغة في اتباعهم، والواقع يشهد لما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإننا نرى المسلمين -وللأسف- يتأسون باليهود والنصارى في كل شيء، في اللباس، وفي المركب، وفي الهيئة، وفي المأكل، وفي المشرب، حتى تجد أن كثيراً من الناس يأكل بشماله؛ لأنه رآهم يأكلون بشمائلهم، يقتدي بهم، وربما يتدين بأنه يأكل بالشمال، ويرى أن هذا تقدم وأن هذا تطور، ويتزين بذلك -نسأل الله العافية- ، وهذا انحطاط في الواقع ومهانة، فإن المسلم يجب أن يكون معتزاً بإسلامه، وتجد بعضهم يأتي بالكلاب ويضعها في البيت أو يضعها في السيارة، وما هناك حاجة لها إلا أنه رأى أولئك يصنعون هذا الشيء فصار يقتدي بهم.
وهكذا في كل شيء إذا نظر الإنسان بعينه واعتبر فإنه يرى ما وقع في الأمة مما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي لم يقع سيقع، فالرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا بهذا من باب التحذير، يحذرنا ويقول: إياكم أن تسلكوا هذه المسالك، لا تفعلوا كما فعلوا. وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بعثت بين يدي الساعة، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم).
فالواقع يشهد بما نطق بهذا الحديث، فالمسلمون لما كانوا مترسمين طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا أعزة وأقوياء ولهم هيبة وسيطرة، فكلما ابتعدوا عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلوا وسقطت هيبتهم وتسلط عليهم الأعداء وكثر تفرقهم وتشتت القلوب؛ فإن من أعظم المصائب أن تصاب قلوب المسلمين، ويصبح كل واحد يبغض الآخر، ويصبح كل واحد عدواً للآخر، وقد يكون نهجهم سواء في العلم وفي العمل، ولكن تنافسوا في الدنيا أو في المناصب أو في غير ذلك فسلط الله جل وعلا عليهم الذلة لكونهم تركوا السنة التي جاء بها رسولهم صلى الله عليه وسلم، وكلما تركوا سنة استحدثوا بدعة أو مخالفة يعاقبون بها؛ فإن سنة الله جل وعلا أنه يعاقب من يعرفه أكثر من عقاب من لا يعرفه، كما في الأثر القدسي: (إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني)-نسأل الله العافية- فيصبحون -مثلما قال في الحديث الآخر-: (غثاء كغثاء السيل)، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها. قالوا: أومن قلة نحن يا رسول الله؟! قال: لا. أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل)، وغثاء السيل هل فيه نفع وفائدة؟ لا. والغثاء الذي يرمي على جانب الوادي ما فيه خير، يقول: (ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنزع من قلوبكم المهابة ويقذف فيها الوهن. قالوا: وما الوهن -يا رسول الله-؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) كراهية الموت للرغبة في الدنيا، إذا حصلت رغبة في الدنيا كره الناس الموت؛ لأنهم عمروا دنياهم وأفسدوا آخرتهم، ومن كان بهذه المثابة يكره الموت؛ لأنه يعرف أن مستقبله غير مرضي عنه، فما يرضى بعمله الذي عمله للمستقبل، يخاف ويكون كالهارب الذي يؤتى به مقيداً إلى سيده، أو يؤتى به مقيداً إلى سلطانه، يكون مثل هذا خائفاً.
والمقصود أن العباد يجب عليهم أن يتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن من كان يريد العزة فالعزة لله، العزة في طاعة الله، وطاعة الله في اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.
المسألة الثانية عشرة: البداءة بالأهم فالأهم ].
وهذا ظاهر من حديث معاذ بن جبل، حيث قال: (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله، فإن هم أجابوك إلى ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات..)إلى آخره، فبدأ بالأهم ثم ما يليه ثم ما يليه، وهذا معنى التدريج، أن يبدأ بالشيء المهم.
وهكذا ينبغي لطالب العلم أن يبدأ في طلبه العلم بالأهم، ثم بما هو مهم وإن كان قليلاً، ثم بالشيء الذي يليه في الأهمية، وهكذا وإن كان قليلاً، ومعلوم أن الإنسان إذا كان يريد أن يبني أو ما أشبه ذلك لا يأتي من آخر الشيء فيبدأ -مثلاً- بالسقف أو بالحيطان، لا بد أن يبدأ بالتأسيس أولاً، والتأسيس يكون قوياً، ولا يكون قوياً إلا بالأصول، فيبدأ بالأصل شيئاً فشيئاً ويثبته، فإذا ثبت يبني عليه، وكلما ازداد البناء كثر، فهكذا في الأعمال وفي طلب العلم وفي غيرها، أعمال الدين يجب أن تكون على هذا الأساس، على وفق ما أرشدنا إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم.
ذلك من قوله: (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)، وقد عرفنا أن الله جل وعلا هو الذي تولى صرف الزكاة بنفسه، حيث قال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ [التوبة:60]، فذكر أهل الزكاة وهم ثمانية:
أولهم الفقراء والمساكين. وقد اختلف فيهم، فقيل: إن الفقير هو الأكثر حاجة؛ لأن الله جل وعلا يبدأ بما هو أهم، فقال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ، ثم عطف عليهم المساكين ومن بعدهم. وقالوا: إن المسكين هو الذي يجد بعض الحاجة أو يجد حاجة سنته فقط، والفقير الذي لا يجد الكفاية، يجد بعضها ولكن لا يجد ما يكفي، والمسكين قد يكون عنده مال، وقد يكون عنده أشياء، ولكن هذه التي عنده لا تكفي، وقد أخبرنا الله جل وعلا في قصة موسى والخضر أنه قال: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ [الكهف:79]، أخبر أنهم مساكين ولهم سفينة، فدل هذا على أن المساكين أقل حاجة من الفقراء، هذا إذا جاء ذلك في مثل هذه الأسلوب، أي: عطف واحد على الآخر.
أما إذا ذكر الفقراء وحدهم أو قيل: المساكين، فهم عبارة عن شيء واحد، فالفقراء والمساكين يكونون كلهم داخلين في هذا الخطاب، مثل الإسلام والإيمان، فإذا قيل: (الإسلام) دخل فيه الإيمان، وإذا قيل: (الإيمان) دخل فيه الإسلام.
وأما العاملون فهم السعاة الذين يسعون في جباية الزكاة، إذا لم يكن لهم مرتبات من بيت المال فإنهم يعطون منها بقدر عملهم.
وأما المؤلفة قلوبهم فقد اختلف العلماء فيهم، قيل: هذا كان في وقت النبي صلى الله عليه وسلم وانتهى، واليوم لا يجوز أن يعطى أحد من الكفار رؤساء القبائل. وقد كان رؤساء القوم الذين إذا أسلموا صار لإسلامهم أثر في الإسلام بأن يسلم بإسلامه أناس كثير، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيهم من الصدقة ويكثر لهم، حتى قد يعطي الواحد مائة من الإبل، ويتألفهم، والتألف معناه أن يعطون من الدنيا ترغيباً لهم بأن يدخلوا الإسلام، فإذا دخلوا الإسلام وتمكن من قلوبهم عندها يرغبون فيه ولا يرغبون في الدنيا، ويتركون ما دخلوا الإسلام من أجله، وإذا دخل الإسلام في قلب الإنسان أصبح لا يهتم بزينة الدنيا.
فمن العلماء من يقول: إن الحكم باقٍ. ومنهم من يقول: انتهى في وقت النبي صلى الله عليه وسلم. فالذين يقولون: إنه انتهى يقولون: إن الله جل وعلا قد أعز الإسلام، وتبين الحق والهدى، فلسنا بحاجة إلى تأليف الكفار على الإسلام، والصواب أن الحكم باقٍ إذا وجدت الحالة التي تشابه الحالة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو وجد من لو أعطي من الزكاة لكان هذا يرغبه في دخول الإسلام بشرط ألا يكون فرداً، فالفرد الواحد ما يعطى لأجل أنه فرد، وإنما يعطى لأن بإسلامه يسلم غيره، فيكون رئيساً لإسلامه أثر، والرئاسة تختلف، قد يكون مثلاً قدوة لغيره يقتدى به، وإذا أسلم أسلم غيره، أو يكون مطاعاً إذا أمر غيره اتبعه، وما أشبه ذلك، فهؤلاء هم المؤلفة قلوبهم.
وأما الغارمون فالغارم هو الذي يتحمل المال للإصلاح، كأن يجد من يتشاجرون أو يتقاتلون من المسلمين فيصلح بينهم ويتحمل أموالاً في سبيل ذلك، إما لشيء قد أتلفه أحدهم، أو يبذل لهذا حتى يترك ما يتشبث به من أن له حقاً، فمثل هذا لأنه سعى بالإصلاح يعطى من الزكاة؛ لئلا تجحف التحملات أصحاب المعروف الذين يبذلون معروفهم، ومثل هذا يعطى وإن كان غنياً، يعطون من الزكاة ترغيباً لهم في الإصلاح، فهؤلاء هم الغارمون الذين يغرمون، ويدخل في الغارم المدين الذي تدين ديناً, وأصبح لا يتمكن من أداء دينه وإن كان هذا داخلاً في الفقير.
وأما في سبيل الله فهو القتال في سبيل الله، فيشتري به السلاح، أو يُعطَى المقاتلون أو غير ذلك.
وأما ابن السبيل فهو المسافر الذي انقطع به سفره وما تمكن من مواصلة السفر، فانتهت نفقته وانتهى ماله، وإن كان في بلاده غنياً فإنه يعطى الشيء الذي يمكنه من بلوغ غايته.
وأما في الرقاب فهو المملوك الذي يكون مملوكاً، يجوز أن يعتق من الزكاة.
فهذه هي المصارف التي تولى الله جل وعلا توزيعها بنفسه، فلا يجوز أن تصرف الزكاة في غير هؤلاء.
ثم هل يجوز أن تكون الزكاة لنوع واحد من هذه الأنواع؟
الجواب: إنه يجوز أن يكون للفقراء أو للمساكين وإن لم تستوعب سائر الأصناف، وإذا وجد الفقير لا يبحث عن غيره، لكن لا يعطي الفقير إذا كان أصلاً له أو فرعاً له، فإذا كان الفقير أباه أو أمه أو جده أو جدته فإنه لا يجوز أن يعطيهم من زكاته.
وكذلك إذا كان الفقير ابنه أو ابن ابنه لا يعطيهم من زكاته؛ لأن هؤلاء تجب نفقتهم عليه، فما يحتاجون إلى الزكاة لوجوب نفقتهم عليه، ولا يجوز أن الإنسان يجعل الزكاة لأقربائه وقاية لماله عن الحقوق التي تتعلق بماله، فيعطي أقرباءه الأدنين الزكاة حتى لا يتطلعون إلى الحق الذي لهم عليه، فيجب على الإنسان أن يتقي الله في أداء زكاته، ثم إنه يجب عليه أن يخرجها طيبة بها نفسه. راغباً فيما عند الله، خائفاً لو منعها أن يعاقبه الله جل وعلا.
[المسألة الرابعة عشرة: كشف العالم الشبهة عن المتعلم].
هذا مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب)، وهذا ما كان معاذ رضي الله عنه يعرفه، فقال له هذا القول ليستعد وليعد نفسه، فهيأه لذلك، وكشف له ما كان خافياً عليه.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد [27] للشيخ : عبد الله بن محمد الغنيمان
https://audio.islamweb.net