إسلام ويب

المرأة هي مربية الأجيال، وهي أحد ركني المجتمع ويقوم على كاهلها عبء كبير في بناء المجتمع، وقد تفطن الغرب لأهميتها، فهو يحاول إفسادها بكل ما يستطيع حتى يفسد المجتمع كاملاً. وفي هذا الدرس يحدثنا الشيخ حفظه الله عن أهمية المرأة ودور الغرب في إفسادها، ذاكراً صوراً مشرقة لنساء من التاريخ كان لهن دور كبير في بناء المجتمع المسلم.

أهمية الحديث عن المرأة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:18-19].

أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد...

فإن اللقاء يطيب في مدارسة الأمور الخيرية المهمة، التي تتعلق بنا جميعاً، ذكراناً وإناثاً، والتي من شأنها أن تقوِّم سلوكنا، وتثبيت أقدامنا على طريق الإسلام، وإن الحديث عن موضوع المرأة في كل وقت هو أمر مهم، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: {إن النساء قلن له يا رسول الله غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً تعظنا فيه، فجعل لهن يوماً، فأتاهن ووعظهن وذكرهن} فالحديث عن المرأة ووجوب تمسكها بقيمها وبدينها، أمر مهم في كل وقت، ولكن تتأكد أهميته في مثل هذا الوقت، وفى مثل هذا الزمن الذي نعيش فيه، وذلك لأسباب ثلاثة:

المرأة مخلوق مكلف بالتكاليف الشرعية

السبب الأول: هو أن المرأة مخلوق بشري مكلف بالتكاليف الشرعية ومحاسب عليها، فهي مخاطبة بالشريعة أصولاً وفروعاً، وعقائد وأحكاماً، كما يخاطب الرجل سواء، وإن تميزت ببعض الأحكام الخاصة بها، فهي مطالبة بتطبيق الأحكام العامة والخاصة، وهي مأجورة إن استقامت، وآثمة إن انحرفت كما نطق بذلك كتاب الله عز وجل، يقول الله تبارك وتعالى في سورة آل عمران: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران:195] ويقول في سورة النحل: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].

إذاً: فتبليغ الدين والأحكام والحلال والحرام، أمر يجب أن يوصل إلى المرأة كما يوصل إلى الرجل، والإسلام ليس ديناً مقصوراً على الرجال، كما يشيع في بعض المجتمعات عن جهل، حيث يعتبرون توجه المرأة للدين، وإكثارها من الصلاة، علامة غير طيبة، بسبب الجهل وسوء الظن لديهم، كلا. بل الدين خطاب للرجل والمرأة على حد سواء.

حساسية موقف المرأة وخطورته

أما السبب الثاني: حساسية موقف المرأة وخطورته، حيث إن المرأة هي حارسة الحصون الإسلامية، وهي مربية الأجيال، ومعلمة الرجال، وإذا أصيب هذا الحارس بالضعف والوهن، فإن معنى ذلك أن الحصون أصبحت مفتوحة على مصراعيها للأعداء ولو نظرنا إلى المهمات التي أنيطت بالمرأة، لوجدنا أنها مهمات خطيرة جداً، ويكفي أن الرجل مهما كُلف بتكاليف أو مهمات، لا يستطيع أن يقوم بها أو يؤديها، إلا بعد أن يكون تربى في طفولته تربية صحيحة، وهذه التربية تقوم المرأة بجزء كبير منها، ولذلك يقول بعضهم: خلف كل عظيم امرأة، وهو يقصد بذلك أن عظماء الرجال، الذين غيروا وجه التاريخ إنما هم في أول أمرهم كانوا، أطفالاً في أحضان أمهاتهم، وتلقوا على أيديهن التربية والتوجيه، وهذا معنى لاشك أنه معنى صحيح.

الغزو الفكري لجأ إليه أعداء الإسلام

أما السبب الثالث: فهو مبني على السبب الثاني، وهو: أن أعداء الإسلام بمختلف أصنافهم من اليهود، أو النصارى، أو المشركين، أو الشيوعيين، أو غيرهم، أدركوا أن معركتهم مع الإسلام بالسيف معركة خاسرة، وقد جربوها مراراً وتكراراً فوجدوا أنها تكلفهم الكثير، وأن نتائجها أقل مما يتصورون، وذلك لقوة الروح الجهادية لدى المسلمين، فلجئوا إلى طريقة من المكر والحيلة والدهاء، هي أفتك وأخطر من ألوان الأسلحة المادية، لجئوا إلى غزو المسلمين غزواً فكرياً، وتصدير الفساد والانحراف والرذيلة إليهم بشتى الوسائل، وجعل المجتمعات الإسلامية تتطلع إلى تقليد المجتمعات الغربية، والسير على خطاها، وقد ركزوا في هجماتهم الشرسة هذه على المرأة، فلماذا ركزوا على المرأة؟

لأن المرأة إذا فسدت وانحرفت غدت فتنة لكل مفتون، وسببت الفساد والدمار في المجتمع، وركزوا على المرأة، لأن المرأة هي التي تتخرج على يديها الأجيال التي ينتظر منها أن تبعث مجد الأمة، والتي يتخرج على يديها الشباب الذين سوف يملئون الفراغ الذي وقعت به الأمة الإسلامية، فإذا انحرفت ونسيت مهمتها فقد ضمن أولئك الأعداء أن تتخرج من المسلمين أجيال لا تعرف من أمر دينها شيئاً، ولا تتحمس لدينها، ولا لأمتها، ولا لكرامتها، إنما تتحمس للتوافه من الأمور، لهذا وذاك ركزوا في هجمتهم الشرسة على المرأة وحاولوا إفسادها بكل وسيلة.

خطر الأمراض الخلقية

أيها الإخوة والأخوات: إن الأمراض الجسمية، والأوبئة الصحية المحسوسة، حين تنتشر في المجتمعات، خاصة إذا كانت أمراضاً معدية يتسامع بها الناس كلهم، ويتساندون في القضاء عليها، وتهتم الجهات الرسمية بمحاصرة هذا الداء والقضاء عليه، والوقاية منه، فسريعاً ما ينتهي هذا الداء أو يتقلص، وليست كذلك الأدواء والأمراض الخُلُقِية، فهي أمراض خطيرة، وهي أيضاً بطيئة الظهور تسري سرياناً هادئاً بطيئاً، ولكنها تتغلغل في القلب وفي الجسم للإنسان، تتغلغل في قلب الإنسان، وتتغلغل في قلب المجتمع حتى تفسده بصورة هادئة لا تلفت الأنظار، ولذلك فإن الإنسان الذي عايش المجتمعات منذ بداية انحرافها، قد يتأقلم مع هذه الأشياء، ولا يستغربها في كثير من الأحيان، لكن أولئك الناس الذين عاشوا أزماناً كانت المجتمعات فيها مجتمعات نظيفة خالية من الانحرافات، إذا انتبهوا إلى واقعهم أصيبوا بالذهول، ودهشوا من الأمر الذي آلت إليه أوضاع هذه المجتمعات، وتعجبوا كيف تم هذا، ونسوا أن هذا تم خطوة خطوة، بحيث لم يلتفت إليه كثير من الناس.

ونظراً لأن الأمراض الخلقية بطيئة التأثير، فإن الإنسان الذي يسمع التحذير منها، ويسمع المصلحين يدقون ناقوس الخطر، ويقولون تداركوا الأمر، ينظر هذا الإنسان في الواقع، فيجد أن الفساد منتشر في كثير من المجتمعات، ومع ذلك لم يصبها العذاب، ولم ينـزل عليها عقاب الله، فيظن هذا الإنسان المتعجل، أن جميع النذر التي يسمعها إنما هي خرافات وأساطير.

والواقع أن العقاب قد لا ينـزل ضرورة في الجيل الأول، الذي وقع في الفساد والانحراف، بل قد لا ينـزل في الجيل الثاني، وقد يتعدى ذلك، ولكن كما ذكرت إن الفساد الخلقي بطيء الانتشار، ولكنه ينتشر بعمق، وقد تظهر الآثار بعد جيل أو جيلين أو ثلاثة بحسب قوة انتشار الفساد، وبحسب المقاومة لهذا الفساد من المصلحين.

أسلوب أعداء الإسلام في محاربة المسلمين

وإذا كان أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم، أعداء خارجيين يسهل التحرز منهم وكل إنسان يدرك عداوتهم، فإن هؤلاء الأعداء أدركوا بعد قرون من صراعهم مع الإسلام، أدركوا، كما قال أحدهم: " إن شجرة الإسلام لا يمكن أن تجتث إلا بغصن من غصونها" أي أن المهمات التي يريدون تحقيقها في المجتمع الإسلامي في عالم المرأة وغيره لا يمكن أن تتحقق فعلاً إلا إذا وجد من المحسوبين على الإسلام من ينادي بها ويطالب بها ولذلك عملوا على تربية أجيال من الجنسين من الرجال، ومن النساء تربية خاصة، فرضع هؤلاء ألبان الغرب وأشربوا حبه وحب ما جاء به من آراء وأفكار ونظريات، وصاروا في بلاد المسلمين طابوراً خامساً ينادي بما ينادي به الغربيون، من الدعوة إلى تحرير المرأة كما يزعمون، أو إلى خروج المرأة للعمل، أو إلى تحريك نصف المجتمع المعطل، أو إلى غير ذلك من الشعارات التي يتشدقون بها بألسنتهم، والواقع أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، بل هؤلاء أصحاب شهوات ونـزوات، يسعون لتحقيقها، فهم يريدون أن تكون المرأة متعة على قارعة الطريق، وقد كشف الله عز وجل مقاصدهم في كتابه فقال تعالى: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27].

وقد أصبحت حال المرأة مع هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يطالبون بحقوقها وهم في الواقع يسعون إلى تكبيلها، وجعلها في موقع العبودية للرجل، وكل همها أن تسعى إلى كسب إعجابه بكل وسيلة، حال هؤلاء القوم مع المرأة، يذكرنا بالخبر الطريف، الذي ذكره الأستاذ العقاد في أحد كتبه حينما قال: "إن المندوب البريطاني في مصر كان إذا أراد أن يسجن رجلاً أو يعاقبه، أرسل إليه خطاباً وختم هذا الخطاب بقوله خادمكم المطيع فلان" هو يدعوه إلى السجن أو التعذيب، ومع ذلك يوقع باسم "خادمكم المطيع فلان".

فهكذا هؤلاء الأدعياء، الذين يزعمون أنهم محامون عن المرأة، وهم في الواقع طلاب شهوات، يريدون أن يستمتعوا بالمرأة بلا قيد ولا شرط.

إن الرجل المستعمر استعماراً عقلياً، والذي تعشش في فكره وخياله النظريات الغربية الكافرة، لا يستطيع أن يفهم معنى حرية المرأة في الإسلام، وهذا الأمر الخطير، هو الذي يحذرنا منه أحد الشعراء الإسلاميين، في قصيدة يخاطب بها المرأة المسلمة، يقول:

أيتها المرأة كُفِّي من دلالك>>>>>>>>>>واسمعي النصح يجنبك المهالك

ذلك العُري الذي آثرته>>>>>>>>>>رجعة للغاب لو تدرين ذلك

خَلْفه أيدي الكواهين التي>>>>>>>>>>لا يروي غلها غير اغتيالك

ثم يقول وهو يصف بالضبط خطورة انحراف المرأة:

قد دَرَت أنكِ معيار القوى>>>>>>>>>>فإذا اختل هوى الخزي بآلك

وقديماً يئسوا من قهرنا>>>>>>>>>>حينما أعياهم لمح خيالك

غير أن الذل قد أرهقنا>>>>>>>>>>منذ أن خضت بنا تلك المسالك

فمتى العود إلى الله وقد>>>>>>>>>>وضح الدرب ولا عذر لهالك

أيها الإخوة.. إن المرأة المسلمة في هذا الزمان، وفى كل زمان، مُطالبة بتحقيق معنى كونها امرأة، مُطالبة بأن تؤمن بأنها خلقت امرأة فعلاً ولم تخلق رجلاً، وأن تدرك أن كمالها وجمالها وقوتها وسعادتها، ليست في محاولة التخلص من طبيعتها، ومحاكاة الرجال في طبائعهم، بل إن قوتها وسعادتها وكمالها، تكمن في تحقيقها لطبيعتها البشرية التي جُبلت عليها.

صور ونماذج للمرأة المسلمة

وإننا حين نلتفت إلى الواقع نجد الأمثلة والنماذج التي نتطلع إليها، قليلة في كثير من الأحيان، ونجد أن كثيراً من المجتمعات قد اندفعت وراء تقليد المستعمر الكافر اندفاعاً أعمى، فلا تكاد تجد الأمثلة والنماذج، التي تعتبر قدوة ومثلاً أعلى لغيرها.

وفى مثل هذه الظروف والأحوال، يفزع الإنسان إلى التاريخ، يحاول أن يستلهم العبر من الأحداث والوقائع التي حدثت عبر التاريخ، ولذلك فإنني أجدني مسوقاً إلى استعراض بعض الصور والنماذج، التي ضربت فيها المرأة المسلمة أروع الأمثلة في الصبر، وفي القوة، وفي الاعتزاز بدينها، وفي معايشتها السراء والضراء مع زوجها.

أيها الإخوة والأخوات: لقد أشاد الله عز وجل في القرآن الكريم بموقف عدد من النسوة، فها نحن نجد أن الله عز وجل يضرب لنا المثل بقصة امرأة فرعون التي نشأت في هذا القصر المليء بالمغريات، المليء بالملذات الذي يقف فيه هذا الطاغية الأكبر المتأله، فرفعت رأسها في وسط هذه الظلمات تقول: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم:11].

لقد أعرضت عن هذا القصر الذي تعيش فيه، وزهدت في زينته، فطلبت من الله عز وجل أن يبنى لها عنده قصراً في الجنة، وهذه المرأة قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: {كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع -منهن-مريم بنت عمران، وآسيا امرأة فرعون}.

فهذا أنموذج للمرأة المسلمة وبجواره أنموذج آخر يَمُت إليه بسبب، ألا وهو أنموذج ماشطة بنت فرعون.

نموذج ماشطة بنت فرعون

فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه شأن هذه المرأة وأولادها، تُرى ما شأن هذه المرأة، التي وجد النبي صلى الله عليه وسلم طيب ريحها وزكاه في السماء، وهو في الملأ الأعلى؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قلت: وما شأنها يا جبريل؟ فقال جبريل: إن هذه الماشطة، بينما كانت تمشط ابنة فرعون، إذ سقط المدرار -وهو المشط- من يدها، فقالت: بسم الله، فقالت لها ابنة فرعون: (أبي) -تربَّت هذه البنت على أن أباها هو الله فلم تكن تعرف غيره وفق التربية، وإن كانت الفطرة موجودة- فلما قالت هذه المرأة: بسم الله، فسألتها: أهو أبي، فقالت الماشطة: لا، ربي وربك ورب أبيك هو الله الذي في السماء، فقالت: هل أخبر أبي بذلك؟ قالت: نعم. أخبريه -هذا التحدي من امرأة خادمة في قصر فرعون، تتحدى هذا الفرعون الطاغي، ولا تأبه فتقول: نعم أخبريه- فتذهب البنت إلى أبيها وتقول له: يا أبتي إن الماشطة تقول: إن ربى وربها وربك هو الله، فدعا فرعون الماشطة وسألها: أو لك رب غيري؟ قالت نعم. ربي وربك الله، فأمر هذا الطاغية المتأله بنقرة من نحاس -أي قدر- فأحمي عليه في النار حتى أحمر، ثم أتى بأولادها وبدأ يقذف بهم في هذا القدر واحداً بعد الآخر، على مرأى من أمهم المؤمنة المحتسبة، وتجلدت هذه المرأة في وجه الطغيان وصبرت ولم تهن عزيمتها، أو تضعف قوتها، حتى كان معها صبي يرضع فكأنها أشفقت عليه ورحمته وترددت هي بعض التردد، فأنطق الله عز وجل هذا الصبي فقال: يا أماه اصبري فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فتقدمت وألقت بنفسها في هذا القدر، وقالت لـفرعون: لي إليك حاجة، قال: ما حاجتك؟ قالت: إذا قتلتنا أن تضع عظامي وعظام بني في بيت أو قبرٍ واحد، فقال: ذلك لكِ علينا من الحق}.

يقول ابن عباس -رضي الله عنه وأرضاه: [[تكلم في المهد أربعة -أربعة صغار- عيسى بن مريم، وابن ماشطة بنت فرعون، وشاهد يوسف، وصاحب قريش]] والحديث رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، ورواه بإسناد آخر ابن ماجة في سننه.

هذه الصورة العظيمة، التي لا تكاد تتكرر على مدار التاريخ، إنما صنعتها امرأة لم تصنعها بقوتها، بل بقوة الله، ولولا أنها تملك من قوة الإيمان، ورباطة الجأش ما تملك، لما استطاعت أن تقف هذا الموقف الذي ينهزم فيه أكابر الرجال وليس هذا الموقف فريداً أو يتيماً في تاريخ المرأة المسلمة، فإننا نجد في هذه الأمة المختارة المصطفاة، امرأة جددت لنا موقفاً شبيهاً بهذا.

نموذج أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها

يروي الإمام مسلم في صحيحه [[أن الحجاج حين صلب عبد الله بن الزبير، وضعه على جذع في عقبة المدينة وهو موضع في مكة، وكانت تمر به قريش ويمر به الناس، فمر به عبد الله بن عمر -رضي الله عنه وأرضاه- فوقف عليه -أسيفاً حزيناً- فقال: السلام عليك يا أبا خبيب، السلام عليك يا أبا خبيب، السلام عليك يا أبا خبيب، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، ثم قال: أما والله إنك إن كنت ما علمتك إلا صواماً قواماً وصولاً للرحم، والله لأمة أنت أشرها لأمة خير. ثم نفذ عبد الله بن عمر في طريقه، فسمع الحجاج بالخبر، فأمر بإنـزال عبد الله بن الزبير من الجذع فأنـزل وألقى به في مقابر اليهود، والحجاج طاغية آخر من الطغاة الذين حفل بهم التاريخ، فألقى هذا الصحابي الجليل الذي له من المآثر العظيمة، التي لا يتسع المجال لذكرها وهو أول مولود بعد الهجرة في المدينة، وأول ما وصل إلى بطنه هو ريق النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيح، ومع ذلك يجرؤ هذا الرجل على أن يلقي به بين قبور اليهود، ثم يرسل هذا الطاغية رسولاً إلى أمه أسماء رضي الله عنها يرسل إليها رسولاً لتأتي إليه، فترفض أسماء وتقول: لا آتى إليه، وحين يأتيه الرسول، يقول له: ارجع إليها وقل لها لتأتيني أو لأبعثن إليكِ من يسحبك بقرونكِ، فتقول: لا والله لا آتيه، فليبعث إلي من يسحبني بقروني. فلما رأى الحجاج صلابتها قال: أروني سبتيتي -أي أعطوني حذائي- فلبس نعاله وذهب إليها، فدخل عليها مغاضباً مستفزاً لها يقول: هل سرك ما صنعنا بعدو الله؟ وهو يعلم أنه ليس بعدو الله؟! وهو يعلم أنه ابنها الذي غذته بلبنها، وفرحت به صغيراً وربته كبيراً، ويعلم أن فقده عليها عزيز، ومع ذلك يقول: هل سرك ما صنعنا بعدو الله؟ -قالت: " أما والله إن كنت أفسدت عليه دنياه، فلقد أفسد عليك دينك" فانظر إلى حكمة هذه المرأة وقوة منطقها وغلبتها لمثل هذا الطاغية بالحجة والبيان، ثم قالت رضي الله عنها: بلغني أنك تقول له يا ابن ذات النطاقين -كأنه يعيره بهذا- وأنا ذات النطاقين، كان لي نطاقٌ فشققته نصفين، أحدهما أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعام أبي بكر على الدواب وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه -وكأنها تقول: فكيف تعيره بهذه الفضيلة والمحمدة، فيصبح الأمر كما قيل:

إذا ما محاسني اللاتي أدل بها>>>>>>>>>>صارت عيوباً فقل لي كيف أعتذر

ولقد سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه سيكون في ثقيف كذاب ومبير، فأما الكذاب فقد عرفناه -وتعنى بذلك والله أعلم المختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي نسب إليه ادعاء النبوة- "وأما المبير" -ومعنى المبير: الذي يكثر القتل في الناس- فوالله ما أحسبه إلا أنت، فخرج الحجاج من عندها يجر ثوبه منكسراً ولم يرد عليها، بل إنه قال في بعض الروايات: جئنا لنعلمها فعلمتنا أو نحو ذلك]] فهو يشعر بأنه جاء ليوبخها فوبخته هي، وخرج من عندها بهذه الصورة!

فهذه صورة امرأة فقدت ابنها فلم تتزعزع ولم تتزلزل، بل إن بعض الروايات تقول: إن ابن الزبير حين حصر بـمكة جاء إلى أمه يقول لها: [[يا أماه أنت ترين الآن وقد حاصرني العدو، وقَلَّ من معي من الجند، ولا بد من الهزيمة، فما رأيك أن أستسلم لهم وأدع القتال، فقالت له: إن كنت إنما تقاتل في سبيل الله، فلا يسعك أن تتخلف عن القتال ما دامت روحك في جسدك، وإن كنت تقاتل في سبيل الدنيا فبئس العبد أنت، فقال لها: والله يا أم ما قلت ذلك إلا لأختبر صبرك فقد عرفت]] وفعلاً حققت هذه الأم من الصبر ما حققت.

أيها الإخوة: هذه صورة من صور القوة، تُطالب المرأة المسلمة اليوم بأن تجعلها نصب عينيها، وأن تدرك أن بإمكانها أن تقاوم الفساد والانحراف، وأن تقف في وجه المغريات الكثيرة التي تضج بها المجتمعات.

وهناك صور أخرى تعبر عن جوانب غير جانب القوة والصبر الذي سبق فمن ذلك جانب القيام بالمهمات، والأعمال الطبيعية التي أنيطت بالمرأة، فالمرأة خلقت لمهمات محددة واضحة، تتعلق بمشاركة الزوج في البيت وخدمته، ورعاية الأولاد، وبناء الأجيال، وما أشبه ذلك من الأعمال.

وانظروا إلى صورة أخرى، وهى صورة امرأة من أفاضل النساء، وكفاها فخراً وشرفاً أنها ابنة محمد صلى الله عليه وسلم، أفضل الأولين والآخرين.

نموذج فاطمة رضي الله عنها

يروي أبو داود في سننه، عن علي بن أعبد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه- أنه قال له: {ألا أحدثك عني وعن فاطمة، قال: بلى، قال: إنها كانت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحب أهله إليه، وكانت عندي -أي أنه تزوجها- قال: فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت القربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وطبخت بالقدر حتى دكنت ثيابها، فسمعنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جاءه رقيق أو خدم، فقلت لها: لو ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألتيه خادماً، فذهبت فاطمة رضي الله عنها إلى بيت أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، تريد أن تسأله خادماً، فلم تجده، أو وجدت عنده حُداثاً -أي: قوماً يتحدثون- فاستحيت فرجعت إلى بيتها، فلما أخذا هي وعلي مضاجعهما، طرقهما الرسول صلى الله عليه وسلم، فجاء حتى جلس بينهما، فقال: ما الذي جاء بك يا بنت رسول الله؟ فاستحيت وسكتت، فقال علي -رضي الله عنه وأرضاه- أنا أخبرك يا رسول الله، إن فاطمة قد جرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وحملت القربة حتى أثرت في نحرها، وأوقدت على القدر حتى دكنت ثيابها، وإني سمعت أن خداماً أو أعبداً جاءوك، فقلت لها: اسأليه صلى الله عليه وسلم خادماً.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين فإنه خير لكم من خادم} والحديث أصله في الصحيح، وخرج من عندهما صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن هذه الأذكار قد جربت لمن حافظ عليها عند النوم أنه يجد من القوة والقدرة على معاناة الأعمال ما لا يجد غيره" وهذا سر فيها، يدل عليه توجيه النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وعلي إلى ذلك، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه [[فوالله ما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له: ولا ليلة صفين قال: ولا ليلة صفين]].

وهذه القصة أيضاً ليست هي الوحيدة، بل إنني أقول: إن معظم نساء الصدر الأول من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم أو زوجات الصحابة كن على مستوى قريب من هذا المستوى.

أسماء رضي الله عنها في جانب آخر من حياتها

وهذه صورة أخرى لـأسماء رضي الله عنها وهي تتعلق بجانب آخر من حياتها، فإذا كنا عرفنا قبل قليل نموذجاً لتحملها وصبرها، فإن هذه القصة تدلنا على جانب آخر من عمل هذه المرأة، وهو البيت وقيامها بالواجبات، ومشاركتها لزوجها في أفراحه ومسراته وأحزانه.

يروي الإمام مسلم في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: [[تزوجني الزبير رضي الله عنه وليس له في الأرض من مال ولا مملوكٍ ولا شيء، غير الفرس الذي كان يستعمله، قالت: فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤنته، وأسوسه، وأدق النوى لناضحه، وأعلفه، وأستقي الماء، وأخرز غربه، وأعجن، ولم أكن أحسن الخبز، فكن نساء صدق من الأنصار جيراناً لي يساعدنني في ذلك، قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهذه الأرض على مساحة ثلثي فرسخ من بيت الزبير -أي بقدر ميلين- قالت فجئت ذات يومٍ وقد حملت النوى على رأسي، فلقيني النبي صلى الله عليه وسلم على بعيره فهمَّ صلى الله عليه وسلم لينيخ بعيره ليركبها خلفه إلى دارها قالت: فاستحييت وعرفت غيرة الزبير فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بما يجول في نفسها، فواصل المسير وتركها]] وفى رواية أخرى لـمسلم أضاف: [[أن رجلاً فقيراً قال لـأسماء: يا أم عبد الله إنني رجل فقير، وأريد أن أبيع في ظل دارك، يريد أن يتخذ من ظل بيتها مكاناً يبسط فيه بضاعته- فقالت له: إن رخصت لك في ذلك أبى الزبير ولكن ائتني وأنا عند الزبير فاطلب مني ذلك، فجاءها وعندها الزبير فقال: لها يا أم عبد الله إنني رجل فقير وأريد أن أبيع في ظل دارك، فقالت له: مستنكرة عليه -وهي تتظاهر بذلك أمام الزبير- أما لك في المدينة إلا داري؟ فقال لها الزبير: مالكِ أن تمنعي رجلاً فقيراً أن يبيع في ظل دارك، فقالت: فكان يبيع إلى أن كسب فبعت عليه أمة -أي عبدة- كانت عندي. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أبو بكر أرسلها إليها، قالت: فكانت تحمل عني سياسة الفرس فكأنما أعتقتني قالت: فبعت عليه هذه الأمة، فدخل علي الزبير وثمنها في حجري، فقال: ألا تهديه إلي؟ قالت: إني قد تصدقت به]].

المرأة المسلمة لم تترك أعمال بيتها حتى مع قيامها بأمور دينها الخارجية

هذه صورة أولئك النسوة، على رغم المستوى الإيماني الرفيع الذي وصلن إليه، وعلى رغم المهمات الجسام التي قمن بها، سواء مشاركة المسلمين في الأعمال الجهادية المتعلقة بسقي الجرحى ومداواتهم، وحملهم وما أشبه ذلك من الأعمال المساندة، أو في حمل العلم ونقله، أو في غير ذلك، مع كل هذه المهمات الجسام، لم تنس أولئك النسوة، أن من مقتضى جبلة المرأة وطبيعتها، أن تمارس أعمالها الفطرية التي جبلت عليها، فتؤدي من هذه الأعمال ما تستطيع وتظل محتفظة بقدر من ذلك.

عناية المرأة بطلب العلم وتحصيله

إخواني وأخواتي: إن هذه النماذج المتعلقة لعرض صور من الحياة الطبيعية التي كان يعيشها الجيل الأول يقابلها نماذج في الجانب الثاني أو الثالث وهو عناية المرأة بطلب العلم وتحصيله، فلم يلهها هذا عن هذا، وأكتفي بعرض صورتين ناطقتين معبرتين عن ذلك:-

نموذج عائشة رضي الله عنها

فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، على رغم صغر سنها يوم دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم وهى بنت تسع سنين، كما في الصحيح وتوفى عنها وعمرها (18) سنة، ومع ذلك فقد كانت أنموذجاً للحفظ والضبط والعلم، حتى إنها حفظت للأمة خيراً كثيراً، وقال أبو موسى -رضي الله عنه وأرضاه-: [[ما سألنا عائشة رضي الله عنها عن شيء إلا وجدنا عندها منه علماً]] فهي معلمة الرجال.

نموذج أم أيمن رضي الله عنها

والأنموذج الثاني: هو ما ورد في الصحيح أيضاً عن أنس بن مالك -رضي الله عنه وأرضاه- قال: [[لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لـعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن -وكانت أم أيمن حاضنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم- انطلق بنا إلى أم أيمن نـزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فذهبا إليها فلما دخلا عليها بكت! -وكانوا حدثاء عهد بقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: والله إني لأعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنني أبكي انقطاع الوحي من السماء، فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها! ]].

تأثر الصحابة بموت الرسول صلى الله عليه وسلم

انظر هذا الفقه الدقيق من هذه المرأة، إن فقد الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ليس بالهين على أناس قد عايشوه مدة طويلة وحل منهم محل الروح من الجسد صلى الله عليه وسلم، وأحبوه أشد ما يكون الحب وأذكاه، ولما مات صلى الله عليه وسلم أنكروا أنفسهم حتى أظلم كل شيء في المدينة، وحتى كانوا كالغنم المطيرة، وبلغ التأثر بهم مبلغه، مع كل هذا تقول: إنني لم أبك فقط لفقد الرسول صلى الله عليه وسلم لأنني أعلم أنه انتقل إلى خير مما كان فيه، ولكنني أبكي انقطاع الوحي من السماء! إنها تدرك أن الوحي هو الطريق الوحيد لمعرفة دين الله، وشرعه، وأن السماء لن تفتح أبوابها أبداً.

هذه أيها الإخوة والأخوات ثلاثة جوانب:

الجانب الأول: جانب قوة المرأة وصبرها وتحملها لما تلقى في سبيل الله.

والجانب الثاني: إن المرأة مع ذلك، ومع اشتغالها بشئون دينها ودعوتها، فإن هذا لم يصرفها عن القيام بأعمالها الطبيعية التي كلفت بها.

والجانب الثالث: أن هذا وذاك لم يصرفاها عن السعي في طلب العلم وجمعه وتحصيله.

أسأل الله عز وجل أن يصلحنا جميعاً رجالاً ونساءً وأن يحمينا من كيد أعدائنا، وأن يبصرنا بمواطن الضعف في أنفسنا.

وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

الأسئـلة

طريقة توعية المرأة المسلمة، وخطر المسلسلات الهدامة

السؤال: الحقيقة أن المرأة في البيت لا تصل إليها الثقافة الإسلامية، والتوعية الدينية الصحيحة، بل إن المرأة غالب وقتها أمام التلفاز والمسلسلات التلفزيونية، والحقيقة أن المرأة المسلمة يخفى عليها من يخطط ضدها من خلال هذه المسلسلات، فهل من إلقاء الضوء على هذه المسألة خصوصاً؟

الجواب: أولاً: أقول: إن هذا الذي ذكره السائل الكريم، هو شأن طائفة من النساء، وليس شأن النساء كلهن، فإننا نجد بحمد الله وهذه بشارة يكثر تكريرها وتردادها؛ لأن النفس تفرح وتسر بها، فهي كما يقول الشاعر:

أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره >>>>>هو المسك ما كررته يتضوع

إننا نجد صحوة إسلامية في أوساط النساء، كما نجد ذلك في أوساط الرجال، ونجد من فتيات العصر الحاضر من فاقت كثيراً من النساء الكبيرات سواء في الفهم، أم في العلم، أم في التحجب وعدم ظهور شيءٍ من جسدها للأجانب، أو في غير ذلك من جوانب الالتزام بالسلوك الإسلامي، وهذه والله مفخرة للأمة الإسلامية أولاً التي على رغم الضربات القاسية الموجهة إليها لم تعقم هذه الأمة، ما عقمت، بل لا زالت تخرج لنا المستقيمين الصالحين الثابتين من الرجال ومن النساء، وهو مفخرة للمرأة التي تلتزم بهذا فإنه يدعو إلى الإكبار والإعجاب، وأنت حين ترى امرأة متهتكة متبذلة، تشعر بنوع من السخرية أو عدم التقدير لها، وتحس أنك أمام إنسانٍ غير سوي، لكنك حين ترى هذه المرأة المتحجبة حجاباً إسلامياً صحيحاً، وقد غطت يديها ورجليها وأسبغت الحجاب على رأسها، ولبست ثياباً فضفاضة فإنك تحس بالإكبار والإجلال لمثل هذا النوع من النساء.

وهو أنموذج يوجد في كل بلد، ويجب أن يحتذى ويُسار على منواله، لكن لا شك أيضاً في وجود نوع من الجهل لدى كثير من النساء، بسبب ضعف الوسائل المستخدمة في إيصال الثقافة الإسلامية للمرأة، فالمرأة تقضي معظم وقتها في البيت وهذا صحيح بل هو مطلوب أصلا، ولكن يمكن أن تصل إليها أشياء كثيرة من العلم وهي في عقر دارها، وخاصة في هذا العصر فإننا نجد الكتاب الإسلامي قد انتشر بشكل كبير، وهناك كتب إسلامية كثيرة ألفت فيما يتعلق بالمرأة، وهناك الشريط الإسلامي، وهناك أيضاً عددٌ من الأشرطة الإسلامية والمحاضرات المتعلقة بالمرأة، والتي يمكن سماعها.

مع أن ما تقرؤه المرأة من كتب أو ما تسمعه من أشرطه، ليس هو فقط ما يخصها أو يتحدث عنها، فهناك أشياء كثيرة تشترك فيها المرأة مع الرجل، فكل موعظة توجه للرجال، هي أيضاً مهمة بالنسبة للنساء، ولكن يجب علينا أن نسعى في نشر العلم الشرعي، وترويج الكتاب الإسلامي، والشريط الإسلامي في البيوت وبين النساء بكل وسيلة، حتى نحقق نوعاً من انتشار الوعي والثقافة الإسلامية.

أما ما يتعلق بالمسلسلات سواء أكانت في التلفزيون أم كانت عبارة عن أفلام فيديو أم غيرها، فإنني أقول إن المصيبة أيها المسلمون والمسلمات، إن المصيبة كل المصيبة أن نقع أحياناً في ورطات ندرك نحن أننا مخطئون فيها، ولا يمكن أن يوجد مسلم فيما أظن وأعتقد، يجلس يستمع لهذه المشاهد السيئة، التي ليس فيها إلا ألفاظ الحب والعشق والغرام، والتأوهات والشوق واللقاء وما أشبه ذلك، بل تزيد على ذلك إلى حد أن تصبح دعوة صريحة إلى الزنا في العديد من الحالات.

خطر الأفلام والمسلسلات الهابطة:

وما أظن أن مسلماً يشاهد هذه الأشياء وهو يحس بأنه يمارس عملاً عادياً أبداً، بل يدرك أنه يتعرض لسخط الله في هذا العمل، وإذا كان يدرك ذلك أصلاً فماذا عسى الواعظين أن يقولوا؟ سيقولون له إن هذا العمل حرام، ويجلب عليك سخط الله، وقد يجر المجتمع إلى عدد من المشاكل التي لا نهاية لها، لكن هذا كله لا أظنه يخفى على أولئك القوم.

بل قد تجد بينهم من هو مستعد أن يلقي محاضرة عن أضرار هذه المسلسلات، أو عن أضرار هذه الأفلام، فالقضية قضية إرادة مهزومة، وعزيمة واهنة لم تستطع أن تقف أمام الإغراء، مع أنه إغراءٌُ بسيط.

أيها الإخوة.. هناك مشكلة كبيرة جداً وهي أن الإسلام حين جاء كان من أبرز القضايا التي ركز عليها: هو التفريق بين المسلم والكافر، والتمييز الكامل، ووجود الولاء والنصرة بين المؤمنين، والعداء للكافرين، ومن ذلك جاء النهي عن مشابهة المشركين حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:{ومن تشبه بقوم فهو منهم} فاليوم أصبح العالم كله جزيرة واحدة، وأصبح ما يعرض في أحط وأردأ وأخس البيئات الغربية الكافرة التي لم تذق طعم الإيمان يوماً من دهرها، دول كافرة لم تكن مسلمة على مدى التاريخ، ولا عرفت الطهر والعفاف، هذا الشيء الذي يعرض في هذه الدول المنحطة، أصبحت تجده في كثير من الأحيان يعرض في أوساط المسلمين بصورة أو بأخرى، وهذا معناه أن الأمة الإسلامية، أصبحت مجرد أمة متطفلة على موائد الغرب، وأصبحت مصانع اليهود في هوليود وغيرها، تصدر الأفلام والمسلسلات، وتملؤها بما يثير الغرائز، ويحرك كوامن الشهوات، ويحطم القيم والأخلاق، وتملؤها بما يـبلبل الأفكار، ويهز العقائد، ثم تصدرها إلى هذه الأمة التي أصبحت جاهزة لتقبل مثل هذه الأشياء.

فأين الولاء والبراء؟! وأين النهي عن التشبه بالمشركين؟! وأين الاستقلالية التي فطرت عليها الأمة المسلمة؟!

فهذه بلية عظيمة تحتاج إلى حديث خاص، قد لا يتسع له هذا المجال.

كتب تنصح المرأة بقراءتها

السؤال: ما هي الكتب التي توصون النساء باقتنائها وفهمها؟

الجواب: أولاً هناك كتب عامة ليست في مواضيع المرأة الخاصة، فهي تصلح للرجل والمرأة، وهذه الكتب كثيرة وفي فنون مختلفة، وأظن أنه سبق في هذا المكان أنني ذكرت بعضها في محاضرات سابقة.

أما الكتب المتعلقة بالمرأة خاصة، فإنني أحب قبل أن أذكر بعضها أن ألفت نظر المرأة المسلمة إلى أن ذكر كتاب معين لا يعني بالضرورة توثيق هذا الكتاب توثيقاً مطلقاً، فقد أذكر كتاباً ويكون فيه بعض الأخطاء ولكنه في الجملة كتاب طيب ومفيد، فمن ذلك كتاب للأستاذ أحمد محمد جمال عنوانه: مكانك تحمدي، ومن ذلك كتاب للأستاذ عمر الأشقر بعنوان: المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم، ومن ذلك كتاب للدكتور مصطفى السباعي عنوانه: المرأة بين الفقه والقانون، وهناك كتب لامرأة هي حرم الدكتور محمد رضا، أحدها: كتاب يتعلق بالتبرج وهو كتاب طيب ومفيد، وهناك كتب لامرأة اسمها حنان لحام، بعضها يتعلق بتفسير آيات أو سور من القرآن الكريم، وهي أيضاً كتب قيمة ومفيدة.

المقدم:

ولنا أن نتفضل على محاضرنا، ونضيف كتاباً آخر من الكتب التي نراها مهمة فعلاً، وهو كتاب الشيخ البليهي، عنوانه: يا فتاة الإسلام اقرئي حتى لا تخدعي، فحق على كل فتاة ولكل فتاة، أن تقف عنده وتطلع على ما فيه حتى لا تخدع.

صلاح المرأة في نفسها وعدم إصلاحها لغيرها

السؤال: هناك بعض الشابات الملتزمات، ولكن التزامهن يقتصر على أنفسهن وينطوين ولا يقمن بإصلاح المجتمع، فما هي وصيتكم لهن؟

الجواب: بالنسبة للفتاة التي التزمت بنفسها، ولم يتعدَّ خيرها إلى غيرها، فإنني أقول -وباختصار- إننا بحاجة إلى الفتاة التي ترفع راية الدعوة إلى الله في أوساط بنات جنسها، وتحرص على أن تكون مؤثرة فيهن، من خلال المدرسة وغيرها، وهذا الأمر لا بد منه، وهناك أملٌ كبيرٌ جداً أن يتحقق هذا الأمر، لأن الصحوة كما قلت قد عمت جميع البلاد الإسلامية.

حكم خروج المرأة إلى العمل خارج البيت

السؤال: ذكرتم في محاضرتكم أن الغرب يدعون المرأة إلى المساواة مع الرجل إلى قولكم والخروج إلى العمل، فهل خروج المرأة إلى العمل محظور، أو منهي عنه، خصوصاً إذا كانت تخرج متحجبة وتعمل فقط في مجال النساء؟ وكيف يكون الحجاب الشرعي؟

الجواب: أعتقد أن هذا السؤال جاء تعقيباً على محاضرة أخرى فيما أتوقع، بحيث أنني لم أتطرق في هذه المحاضرة لقضية المساواة بين الجنسين، وخروج المرأة إلى العمل، وذلك لسبب وهو أن هناك نية لدى بعض طلبة العلم متجهة إلى جمع بعض المحاضرات، وتسجيل محاضرات أخرى في سائر الشئون المتعلقة بالمرأة ونشرها على شكل سلسلة من الأشرطة، ولعل موضوع هذا السؤال يكون موضوعاً لأحد هذه الأشرطة.

كيفية غسل الجنابة للمرأة

السؤال: كيفية غسل الجنابة للمرأة؟ وضحوها لنا مأجورين؟

الجواب: إن المرأة تفيض على رأسها ثلاث حثيات، وتغسله دون أن تحتاج إلى حله، ثم تغسل بقية جسدها ثلاثاً ثلاثاً وتبدأ بميامنه، وقد سمعت من بعض النساء أنهن لا يغسلن رءوسهن من الجنابة، لسبب أو لآخر، لأن الشعر يبطؤ في الجفاف، وهذا لا يجوز أبداً، بل إن المرأة لو صلت وقد تركت غسل رأسها من الجنابة، فإن عليها حينئذٍ أن تعيد الصلاة، لأنها صلت على غير طهارة.

حكم الصلاة التي طهرت المرأة بعد خروج وقتها

السؤال: إذا انتهت المرأة من الحيض فهل تصلي الصلاة التي اغتسلت في وجوبها أم أيضاً الصلاة التي كانت قبلها؟ كأنها تريد أن تقول إذا اغتسلت من الحيض فهل أصلي فوراً الصلاة التي اغتسلت من أجلها، أم أني أصلي الصلاة السابقة التي قبلها، والتي قد دخل وقتها وخرج قبل أن أطهر؟

الجواب: الذي صححه جمع من علمائنا، أن المرأة لا يلزمها أن تقضي شيئاً من الأوقات التي مرت بها وهي حائض، إنما عليها أن تصلي الصلاة التي طهرت فيها، بمعنى أنها لو طهرت في وقت صلاة العصر فيكفيها أن تصلي صلاة العصر، ولا يلزمها أن تصلي صلاة الظهر معها، والله أعلم.

حكم إتيان الرجل المرأة في دبرها أثناء الحيض

السؤال: هل يجوز أن يأتي الرجل المرأة في دبرها أثناء الحيض فقط؟ فهل هذا صحيح؟

الجواب: هذا لا يجوز لا في حالة حيض، ولا في غيره، بل قد سماه الرسول صلى الله عليه وسلم كفراً، وقال عليه الصلاة والسلام: {إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن}.

حكم إزالة المرأة لشعر جسدها، وحكم قص شعرها ووضع المكياج

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تزيل الشعر من وجهها وجسدها، وأن تتجمل لزوجها بقص شعر رأسها، ووضع الأصباغ عليه، ووضع ما يسمى بالمكياج؟

الجواب: بالنسبة لإزالة الشعر فإزالة شعر الحاجبين لا يجوز، وقد ورد فيه حديث صحيح وأسوقه لأنه مهم، فقد ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة المتفلجات بالحسن المغيرات خلق الله} وقال: [[وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقامت امرأة فقالت له: يا ابن مسعود لقد قرأت ما بين الدفتين -أي: دفتي المصحف- فما وجدته- ما وجدت ما تقول- قال: لئن كنت قرأته لقد وجدته، ألم تقرئي قول الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]]].

ثم ساق بذلك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فهذه صورة من موقف المرأة في استيضاحها وسؤالها عما أشكل عليها، وأنتم ترون أن هذا المرأة تقول: أنها قرأت ما بين الدفتين.

أما إزالة الشعر الموجود في اليدين، أو الساقين فالظاهر أنه لا بأس به، أما قص المرأة شعرها فإن الحديث الذي ورد في صحيح مسلم عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أنهن كن يأخذن من رءوسهن حتى تكون كالوفرة.

فاستدل بهذا بعض العلماء على جواز قص المرأة شعر رأسها، وذهب آخرون إلى منع ذلك خاصة إذا كان منطلقه وسببه التشبه بالنساء الكافرات الأجنبيات، لكن لعل المرأة إذا كانت ذات زوج، ورأت في هذا مزيداً من التحبب إليه، وأن هذا أمر يعجبه، ولم يدر في بالها أنها تتشبه بالنساء الكافرات أنه أقرب إلى الجواز، وإن كانت الاستقلالية عند المرأة المسلمة في العادات والمظاهر مطلوبة.

انقطاع نفاس المرأة قبل الأربعين

السؤال: إن مدة الطهر من النفاس المعتادة أربعون يوماً، فإذا طهرت قبل هذا المدة بعشرة أيام مثلاً، أو أكثر أو أقل قبل الأربعين، فهل تغتسل وتصلي وقت طهرها، وتبيت إلى جوار زوجها؟

الجواب: نعم. إذا طهرت المرأة من النفاس في أقل من أربعين يوماً بعشرة أيام أو أكثر أو أقل، فإنها من حين طهرت مطالبة شرعاً بالاغتسال، وأداء الصلاة ولها أن يعاشرها زوجها.

كلام المرأة مع الرجل في الهاتف

السؤال: ما حكم تكليم المرأة للرجل الأجنبي من خلال الهاتف، وذلك لأنها مضطرة في تكليمها له؟

الجواب: التكليم إذا كان يؤمن فيه الفتنة فهو جائز، أما إذا خشيت الفتنة فهو لا يجوز، وكثير من الأمور المباحة عند خوف الفتنة تتحول إلى محرمات، فإذا اضطرت المرأة إلى تكليم رجل أجنبي سواء في التلفون أو مباشرة، فإن لها ذلك، سواء كانت هذه الضرورة لسؤال، أو كانت لخبر، أو لغير ذلك من الموضوعات.

مساعدة الرجل لزوجته في العمل المنزلي خاصة أثناء الحمل

السؤال: مما لا شك فيه هو وجوب طاعة الزوجة لزوجها، ولكن ما هو حق الزوجة في تعاون زوجها معها، وخاصة أثناء الحمل، أو الوضع، أو الرضاع، والأوقات التي تحتاج لتعاون الرجل معها في شئون الحياة، فهل عليها أن تسند إليه بعض أعمال المنـزل أو البيت لكي يقوم بها؟

الجواب: أما الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يكون في مهنة أهله، فإذا أذن المؤذن خرج إلى الصلاة، لكن مَنْ مِن الرجال يستطيع ما يستطيعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، على رغم كثرة أعبائه.

فتكليف الرجل ببعض أعمال البيت، هو أمر غير عملي، ولا أظن أنه مناسب، لكن لو وجد عند رجل من الرجال أريحية، وتبسط، ومشاركة في هذه الأمور دون مبالاة فهذا أمر طيب.

إنما على الرجل أن يتعاون مع المرأة ويقدر ظروفها، فرفقة الزوج لزوجته هي رفقة عمر، وليست أمراً مؤقتاً، الأصل أنها مستمرة حتى الموت، ومثل هذا يحتاج إلى نوع من التنازل من الطرفين، يحتاج إلى تنازل من الرجل فلا يتحقق له كل ما يريد، ويحتاج إلى تنازل من المرأة أيضاً، بحيث تقدم على عمل كثير من الأشياء تلبية لرغبة زوجها ولو لم تكن راغبة في ذلك أصلاً.

وإذا أصر كل واحد من الطرفين على تحقيق رغبته فالزوج يصر على تحقيق ما يريد، والزوجة تصر على ألا تحقق إلا ما تريد، فإن ذلك قد يؤدي إلى مشاكل زوجيه، وقد يتعدى الأمر إلى الطلاق.

حكم كشف الوجه لغير المحارم

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تكشف وجهها عند أخي زوجها مثلاً؟

الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الدخول، قال: {إياكم والدخول على النساء، فقيل يا رسول الله: أرأيت الحمو؟ -والحمو هو قريب الزوج، أخوه أو ابن أخيه، أو ما أشبه ذلك- قال صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت} إشارة إلى خطورة التساهل به، وذلك لأن كثيراً من الناس بسبب اجتماع العائلات في بيت واحد يتهاونون بهذا الأمر، فتتهاون المرأة بالكشف لأقارب زوجها، ويتهاون الزوج بذلك أيضاً فلا يأمرها به.

وقد يحدث أن يقبل إنسان من هؤلاء الأحماء على زوجة أخيه مثلاً، فيرى من جمالها ما يغريه بها، ويدفعه إلى الفتنة، أو يحدث العكس، فحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا لكثرة وقوعه في الناس، وكثرة وقوع الناس فيه، فأخو الزوج لا يقل خطورة عن الرجل الأجنبي في ذلك.

نصيحة إلى موسوس

السؤال: إذا صليت أكثر من الوسواس في صلاتي، فاضطر إلى إعادة الصلاة، فهل هذا جائز في حقي؟

الجواب: هذه الوساوس هي من كيد الشيطان بلا شك، والله عز وجل يقول: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76] لكن لا بد من نوع من المجاهدة فالإنسان الذي ابتلي بهذه الوساوس سواء كانت وساوس في الوضوء أو في الصلاة، أو في غير ذلك.

لكن على الإنسان أن يقف وقفة حاسمة وسيجد أنه خلال مدة وجيزة قد تخلص من هذا الوسواس، وقد جرب ذلك مراراً، وثبت أنه يمكن فعلاً خلال مدة قصيرة التخلي عنه، لكن بشرط أن يكون لدى الإنسان إرادة قوية، ينفذ فيها ما يقتنع به، فعلى الإنسان -مثلاًً- إذا كان يوسوس في الصلاة بزيادة، أو نقص، ثم يعيد الصلاة، فإذا أعادها وسوس مرة أخرى، عليه ألا يلتفت إلى هذا الوسواس، فيصلي ولا يلتفت إلى هذا الوسواس، ولا يسجد للسهو أيضاً، ويظل على هذا الأمر ولا يلتفت لهذا الوسواس أصلاً، ولا يعيد الصلاة بطبيعة الحال، ولو وسوس له الشيطان بأن وضوءه سقط لا يقبل.

وسيجد خلال عشرة أيام -مثلاً- أو نصف شهر، أن هذه الوساوس بحمد الله قد زالت، وقد ذكر بعض الناظمين الحالات التي لا يؤثر فيها الشك، يقول أحدهم:

والشك بعد الفعل لا يؤثر>>>>>>>>>>وهكذا إذا الشكوك تكثر

فإذا كثرت عند الإنسان الشكوك والوساوس، فإنها لا تؤثر ولا يلتفت إليها.

حكم مخالفة أمر الوالدين بغير علمهما

السؤال: والدي حلف ألا يدخل الفيديو بيته، فقد عصيته بذلك وأدخلته سراً وهو لا يدري، هل ذلك ينافي بر الوالدين؟

الجواب: لا شك أنه ينافي بر الوالدين، وينافي طاعة الله عز وجل والمصلحة، فإن إدخال هذا الجهاز إلى البيت الأعم الأغلب من أحواله، أنه تعرض فيه الأفلام الساقطة، فهو مدعاة إلى انحطاط المجتمع وفساد البيت بمن فيه، ولهذا وقف هذا الأب ضد دخوله في البيت كما يقف ضد دخول اللصوص والسراق، بل أشد من ذلك، لأن لصوص الأموال أهون وأخف ضرراً من لصوص الأعراض ولصوص الأخلاق. فهذا الفعل هو عصيان لله عز وجل، ثم هو عصيان للوالد ومخالفة لبره، لأنه أمرك بأمر فيه طاعة لله فعصيته وخالفت أمر الله عز وجل.

وهناك من يقول: إنني قد أستعمل هذا الجهاز في أفلام نافعة، فأقول: الواقع أن الأفلام المفيدة النافعة اليوم تعد على الأصابع، فهي قليلة، فيشاهدها الإنسان ثم تنتهي فيذهب لينظر كما ينظر غيره من الناس.

وجوب قضاء صوم من أفطر جاهلاً

السؤال: تقول السائلة: لم أصم في العام الذي بلغت فيه، فهل علي قضاء ذلك حيث إنني صغيرة ولا أدري، بعدما علمت أمارات البلوغ علمت وعرفت بأني فَوَّتُّ على نفسي عاماً لم أصمه في بداية البلوغ، فهل أصومه أم ماذا، وأنا كبرت الآن؟

الجواب: نعم، عليها أن تقضي ما فاتها من الصيام، سواء بلغت قبل الشهر فتصوم الشهر كله، أو بلغت في أثناء الشهر فتصوم ما أدركت منه.

تغطية الوجه

السؤال: هل الحجاب منه تغطية الوجه، أم لا بأس من إظهاره؟ وهل هناك دليل على ما تقولون؟الجواب: أما الحجاب فتغطية الوجه منه، وقد أمر الله عز وجل نساء المؤمنين، أن يضربن بخمرهن على جيوبهن، والضرب بالخمار على الجيب هو أن الخمار ينـزل من أعلى الرأس إلى الجيب، فيشمل هذا تغطية الوجه، وقد قالت عائشة

رضي الله عنها كما في الصحيح

زيارة المرأة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال: ما حكم زيارة المرأة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: الذي يظهر أن الأولى بالمرأة ألا تزور المقابر كلها لعموم النهي، كما في قول أم عطية رضي الله عنها في الصحيحين: [[نهينا عن اتباع الجنائز]] ولما يترتب على ذلك من خوف الفتنة، وإذا كانت الفتنة مخوفة بزيارة قبر إنسان عادي، فهي أخوف بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

وكذلك لا يجوز لرجل ولا امرأة أن يسافر لزيارة قبر ما، وإنما يقول ذهبت أو سافرت لزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأثناء وجودي أسلم على رسول الله -إذا كان رجلاً- وإذا كانت امرأة فالحديث كما سمعتم عامٌ ومطلق: {لعن الله زائرة القبور}.

حكم دخول المرأة للمسجد وهي حائض

السؤال: ما حكم دخول المرأة المسجد لسماع الخطبة وهي حائض؟

الجواب: ورد في حديث فيما يتعلق بصلاة العيد عن أم عطية أيضاً وفيه قولها: [[فأمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحُيَّض أن يعتزلن مصلى المسلمين]].

أي: أنه لا يجوز لها أن تدخل المسجد وتمكث فيه وهي حائض، وإن كانت تستمع خارج المسجد أو في بيتها فلا بأس، هذا ملخص الإجابة والله أعلم.

حكم قراءة القرآن للحائض

السؤال: ما حكم قراءة القرآن للضرورة للمرأة الحائض؟

الجواب: حقيقة لا أستطيع أن أفتي بهذا، لكنني أنقل لكم فتوى للشيخ محمد بن عثيمين، أن هذا يرخص فيه للضرورة الملحة، ويحسن ألا تمس المصحف، بل يكون من وراء ستار.

حكم مجامعة الرجل لزوجته وهي حائض وهو لا يعلم

السؤال: ما حكم الرجل إذا جامع زوجته وهي حائض ولم يعلم بأنها حائض إلا بعد ذلك وهي تعلم، فما الحكم على الرجل وعلى المرأة؟

الجواب: لا شك أن القضية إن كانت كما وصف، فالإثم في هذه الحالة على المرأة، حيث مكنت الرجل من نفسها، دون أن تشعره بذلك، أما الرجل فإن كان لا يعلم فإن الله عز وجل لا يؤاخذه على ذلك.

مشكلة رفض المرأة للزواج بحجة إتمام الدراسة

السؤال: كثير من الفتيات يتقدم لهن بعض الشباب فيرفضن ذلك بحجة إتمام الدراسة، مع أن المتقدمين أكفاء أمناء فما رأيكم في ذلك؟

الجواب: هذه الحقيقة من المشكلات الكبيرة في مجتمعنا، والتي أصبحت ظاهرة خطيرة، ونحن ننادي دائماً بأن المرأة يجب أن تنسجم مع فطرتها، ويجب ألا تغالب الفطرة، لأن الذي يغالب الفطرة والجبلة فهو مغلوب، فالمرأة تعرف بلا شك، أن الغريزة فطرة مركوزة فيها، وأنه لا بد من إشباع هذه الغريزة بالطريقة الشرعية الصحيحة.

في حين أن الدراسة أمر مهم ولا شك، لكنه ليس بنفس القدر، فتجد كثيراً من الفتيات يرفضن الزوج الكفء بحجة مواصلة الدراسة، فيواصلن الدراسة فتكبر أعمارهن، فيعزف عنهن الخطاب، لأن قطار الزواج أو شك أن يفوت، فيتقدم لها إنسان أقل من الأول الذي تقدم لها، فترفضه؛ لأنها تطمع أن تحصل على نفس النوعية أو أفضل، فتظل تقدم تنازلات بعد فوات الأوان.

فلذلك تجد عدداً من الفتيات يتقدم بهن السن، ويتركن الزواج، أو يصرن إلى حال لو تصورنها قبل لبادرن إلى الزواج.

فأقول: قضية الزواج قضية فطرية، وأنصح كل مسلمة أن تعتبر الزواج أهم من الدراسة وأهم من غير الدراسة، إلاَّ إذا أمكن التوفيق بين الأمرين فهو شيء طيب.

أما أن تكون طالبة وقد تكون في كلية الطب -مثلاً- فتقضي سبع سنوات في الدراسة بعد المرحلة الثانوية، ثم بعد هذه كله تريد أن تحصل على الزوج الذي يناسبها، فهيهات لا أظن أن الزوج سوف يجلس في انتظارها، بل قد يضطر بعض الناس الطيبين إلى الزواج بنساء غير متعلمات، وأقل مستوى من المطلوب لهذا السبب.

استعمال حبوب منع الحمل في رمضان لمنع الطمث

السؤال: هل حبوب منع الحمل جائز استعمالها في رمضان، لتأخير الطمث؟

الجواب: الأولى ألا تستعمل المرأة هذه الحبوب في رمضان؛ لأن هذه أيضاً قضية فطرية، والحيض وظيفة عضوية، يجب أن تؤدي دورها بصورة طبيعية ولا نتعرض لها، وكثرة استعمال المرأة للحبوب المانعة للحمل، يؤثر عليها كما ذكر ذلك الأطباء، والشرع أباح لها أن تفطر، بل أمرها وأوجب عليها أن تفطر إذا كانت حائضاً وتقضي أياماً أخرى.

أما لو كانت المرأة في الحج، وحاضت قبل أن تطوف بالبيت، أو خشيت الحيض قبل أن تطوف بالبيت، ففي مثل هذه الحالة يمكن أن تتناول هذه الحبوب، حتى تتمكن من إتمام حجها، خاصة إذا كانت مع رفقة قد يسافرون ويتركونها، أو قد تتعرض لبعض الإحراجات.

من صام الست من شوال لا يلزمه صيامها كل عام

السؤال: هل يلزم من يصوم الست من شوال -مثلاً- يصومها في أول سنة تطوعاً، هل يلزمه بذلك أن يصومها كل عام، بمجرد صيامه لها لأول مرة؟

الجواب: أبداً لا يلزمه ذلك، بل هي تطوع لو شاء صامها ولو شاء لم يصمها، ولو صام بعضها أُجر على ما صام، ولو صام في سنة وترك الصيام في سنة أخرى، فهذا أيضاً لا شيء فيه، ولكن الأفضل دائماً أن يصومها الإنسان لما ورد من فضلها.

مخاطبة المرأة للرجل عبر التليفون بعبارات لينة

السؤال: تتساهل كثيرٌ من الفتيات بالمكالمات الهاتفية، أو مخاطبة الرجال بعبارة لينة، فهل في ذلك خضوع في القول؟

الجواب: نعم، إذا كان فيه تساهل، وعبارات لينة، واسترسال في الحديث أيضاً، فإن هذا نوعٌ من الخضوع بالقول، الذي نهيت عنه المؤمنات، ونهيت عنه أمهات المؤمنين بالدرجة الأولى، في قوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32].

وإذا كانت أم المؤمنين منهية عن الخضوع بالقول لئلا يطمع الذي في قلبه مرض، فما بالك بغيرها. فيجب على المرأة أن تبتعد عن هذه الأشياء التي لا تنفعها في دينها ولا في دنياها، بل هي مجرد مضيعة للأوقات وإشغال للقلب.

أقول: ومن الخضوع بالقول سلام المرأة إذا دخلت على صاحب الدكان، فالنتيجة والعلة ظاهرة فيطمع الذي في قلبه مرض.

نصيحة لمواجهة المضايقات التي تجدها الفتاة الملتزمة

السؤال: تجد الفتاة المتدينة مضايقة في بعض الأحيان من أهلها، ومن بعض زميلاتها، فكيف تصنع؟

الجواب: ذكرنا خلال المحاضرة نماذج لصبر المرأة المسلمة، فليس أمام الفتاة المسلمة إلا الصبر، وتحمل هذه المضايقات، مع الحرص على أن يكون جانبها سليماً، بمعنى ألا تكون هي بادأت غيرها بنوع من التعدي، فعليها أن تؤدي حقوق والديها -مثلاً- وحقوق زميلاتها، وحقوق معلماتها، بقدر ما تستطيع، وتتجنب الأشياء التي تثيرهم من الأمور التي ليست واجبة في الدين، ثم إذا حاربوها لأنها متدينة، أو متمسكة بدينها، فعليها أن تصبر وتواجه ذلك قدر ما تستطيع بالهدوء، هدوء الأعصاب، ورباطة الجأش، وتستعين بالله عز وجل فإن الله عز وجل قريب يسمع دعاء الداعين، ويجيبهم كما وعد سبحانه وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].

نصيحة حول الخشوع في الصلاة

السؤال: تقول السائلة: أنا فتاة مسلمة أخاف ربي وأصلي بفضل الله، لكني لا أخشع في صلاتي وأفتقر إلى الخشوع، أي أنني كثيرة التفكير أثناء الصلاة، بماذا تنصحني؟

الجواب: الخشوع -أيها الإخوة والأخوات- هو أول علم يفقد من الأرض، ولذلك في الحديث الصحيح بمجموع طرقه عن زياد بن لبيد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {هذا أوان يختلف العلم من الناس، حتى لا يقدروا منه على شيء، فقال له زياد بن لبيد: يا رسول الله، كيف وقد قرأنا القرآن؟ فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا، فقال صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت أعدك من فقهاء المدينة، هؤلاء اليهود والنصارى عندهم التوراة والإنجيل، فما أغنت عنهم}.

قال الراوي وهو سالم بن أبي الجعد: فلقيت عبادة بن الصامت فسألته، فقال: [[إن شئت لأحدثك بأول علم يرفع من الأرض: الخشوع، يوشك أن تدخل المسجد الجامع، فلا ترى رجلاً خاشعاً]] والخشوع: حالة في القلب -ليس هو تكلف الدمع والبكاء- لا يملك الإنسان لها دفعاً، وهي مرحلة تحتاج إلى صبر ومجاهدة ووقت واستمرار.

أما الذي يظن أن هذه الأشياء سوف تأتيه بمجرد أنه يريدها فهذا صعب، فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه على تفهم القرآن، وعلى استحضار القلب في دعائه وذكره، وعلى تغيير الأذكار الذي يدعو بها والتنقل بين الأذكار الواردة، وكذلك التنقل بين السور القرآنية فلا يداوم على سورة يقرؤها في كل صلاة، بحيث قد يقرءوها وقلبه غافل، بل يحرص على أن يختار اختياراً حتى يستحضر قلبه، ومع المجاهدة تحصل الهداية: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].

حكم ذهاب المرأة إلى المدرسة أو السوق بدون محرم

السؤال: كثير من الفتيات يأتين إلى الأسواق والمدارس بدون محرم فهل هذا جائز؟

الجواب: يأتين إلى الأسواق والمدارس بدون محرم، هل المقصود أنهن يركبن مع رجال أجانب كالسائقين -مثلاً- فهذا الأمر فيه خطورة كبيرة جداً كما تعلمون، والمرأة حين تركب في السيارة مع هذا السائق تكون في وضع يشبه الخلوة من بعض الوجوه، ويمكن أن يجري بينهما حديث أو أحاديث، ويمكن أن يكون هناك نوع من الألفة بسبب استمرار هذا العمل، وهذا أدعى إلى وقوع المحظور.

فعلى المرأة أن تحتفظ بكرامتها، وتصون عفافها، وتبتعد عن كل ما يمكن أن يدنسها.

حكم خروج المرأة متزينة متطيبة

السؤال: إذا خرجت المرأة متزينة أو متطيبة فما الحكم في ذلك؟

الجواب: لا يجوز للمرأة أن تخرج إلى الأسواق أو غيرها متطيبة، لأن النهي ورد عن خروجهن إلى المساجد متطيبات، بل قال صلى الله عليه وسلم: {وليخرجن وهن تفلات} فكيف بالخروج إلى غير المساجد، إلا أن تكون ستذهب إلى مجتمع من النساء، فهذا أمر آخر.

حكم سماع الأغاني

السؤال: ما حكم سماع الأغاني مع ذكر دليل مختصر؟

الجواب: سماع الأغاني لا يجوز، وأقصد بالأغاني ما يتبادر إلى أذهانكم جميعاً، من سماع هذه الكلمة، وهو الغناء الذي فيه الغزل، والدعوة إلى الفساد، وهو ما ينشر ويبث بين الناس اليوم، أما الأدلة على ذلك، فقد استدل بعضهم بقول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ [لقمان:6] وأقسم بعضهم أنه الغناء، وورد في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها حديث أبي مالك الأشعري في صحيح البخاري، قال: قال صلى الله عليه وسلم: {ليكونن في آخر أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير، والخمر والمعازف} والحر هو الفرج.

فهم (يستحِلُّون)، معنى ذلك أنها أشياء محرمة استحلوها، كالزنا ولبس الحرير، والخمر، وقرن بها المعازف، فدل دلالة واضحة على حرمتها، ومن أراد المزيد عن هذا فليرجع إلى كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان للإمام ابن القيم.

حكم مصافحة المرأة لغير المحارم

السؤال: ما حكم مصافحة النساء للرجال غير المحارم؟

الجواب: لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: {لأن يطعن في يد أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له} وفي حديث عائشة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم ما مست يده يد امرأة قط، إلا امرأة يملكها، إنما كان يبايعهن كلاماً}.

حكم أخذ المرأة من مال زوجها دون علمه إذا كان لحاجة

السؤال: إذا أخذت الزوجة مبلغاً من مال زوجها دون علمه فاشترت به حوائج لبيته وبيتها، هل هذا جائز؟ وهل للأخذ إذا كان جائزاً مقدار؟

الجواب: إذا كانت الحوائج التي أخذت لها حوائج ضرورية، بخل الزوج بالإنفاق فيها، فإنه يجوز لحديث هند بنت عتبة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: {إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، فهل آخذ من ماله لي ولولدي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك}.

حكم رفع الصوت بالبكاء على الميت

السؤال: هل يجوز رفع الصوت للنساء في البكاء أثناء التعازي مثلاً أو فقد الأحياء؟

الجواب: البكاء هو فطرة وطبيعة، وقد دمعت عينا الرسول صلى الله عليه وسلم في العديد من المواقف، دمعت عينه حين مات عثمان بن مضعون، ودمعت عينه حين مات ابنه إبراهيم، وفي مواقف أخرى، فاستغرب الصحابة وقالوا: {ما هذا يا رسول الله؟! قال: هذه رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء}.

لكن رفع الأصوات بالبكاء هو النياحة المنهي عنها.

حكم خروج المرأة دون علم زوجها

السؤال: ما حكم خروج المرأة دون علم زوجها؟

الجواب: إذا كان خروج المرأة لغير غرض، وبدون إذن الزوج، فهي معصية للزوج، بحيث إذا رفض الزوج أن تخرج فلا تخرج، ولو لم يرفض لكنها تعلم أنه لا يوافق، فلا ينبغي ولا يجوز لها أن تخرج بدون علمه، كما أن الخروج لغير حاجة أصلاً ليس مطلوباً من المرأة.

حكم تأخير المرأة للصلاة

السؤال: كثير من النساء يؤخرن صلاة العشاء إلى قبيل الفجر الساطع، ذلك لأنهن يقعدن في الأعراس، فلا يأتين إلا متأخرات، وحين يأتين يغفلن عن الصلاة، أو يتساهلن بداعي الكسل والتثاؤب والنوم، فما الحكم في ذلك؟

الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يتعامل مع الصلاة، التي هي مُثول بين يدي الله عز وجل بهذه الطريقة، ويجب أن نؤدي الصلاة في أي مكان حللنا فيه، وليس بالضرورة أن للصلاة مكاناً خاصاً، وثوباً خاصاً لا يمكن أن تؤدى إلا فيه، بل إذا التزمت المرأة بالستر في صلاتها، فلها أن تصلي في أي مكان وبأي ثوب، أما صلاة العشاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم ربما أخرها إلى ثلثي الليل، وفي بعض الروايات إلى نصف الليل، فلا ينبغي أن يتعدى بها هذا.

حكم سفر المرأة بدون محرم

السؤال: ما حكم سفر المرأة في الطائرة لوحدها؟

الجواب: هذا يدخل في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح عن أن تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا من المتعظين الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر:18].

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , المرأة المسلمة للشيخ : سلمان العودة

https://audio.islamweb.net