إسلام ويب

يؤمن أهل السنة والجماعة بأن الله سبحانه وتعالى كتب مقادير كل شيء في اللوح المحفوظ، وأن ما كتبه كائن لا محالة، وأنه لو اجتمعت الأمة على تغيير شيء مما قدره الله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، فعلى المسلم أن يلزم الطاعة ويؤمن بما قدره الله عليه؛ فإن ذلك خير له في عاجله وآجله.

مسائل في القدر

قال المصنف رحمه الله: [وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين] .

لفظة: (وأصل القدر سر الله في خلقه)، فيها أثر عن علي ، ويؤثر عن علي رضي الله تعالى عنه أحرف كثيرة في القدر، وجمهور هذه الأحرف لا تصح عنه، وقد تنسب إليه المعتزلة والشيعة وحتى كثير من الصوفية أحرفاً في أحوالهم ومسائلهم التي يقررونها.

وهذه الكلمة ليس عليها أثر من أثر الرسل والأنبياء، وعليه: فهذه الجملة إذا أطلقت وفسرت بمراد صحيح كان الأمر فيها واسعاً، وأما أن تعد من عبارات أهل السنة ومقالاتهم أو من آثار الصحابة فلا.

وجمهور من يستعمل هذه الجملة هم الصوفية في كتبهم، والشارح مع جودته وإتقانه إلا أنه غلط فنقل عن بعض الصوفية في ذلك نقولاً ليست حسنة، ومما نقل عن بعضهم: أن من وقف عن الكشف في ذات الله وأسمائه لزم الأدب، وأن الله يقول: من كشفت له عن حقيقة ذاتي ألزمته العطب. فنقل هذا مستحسناً له قابلاً له، ولا شك أن هذا كله من كلام الصوفية وأغلاطهم؛ بل وترهاتهم.

وقوله: (لم يطلع على ذلك) أي: على تمام هذا الأصل؛ لأنه من علم الله سبحانه وتعالى، وعلمه لا يحاط به.

التحذير من التعمق في القدر

وقوله: (والتعمق) يدل على قدر من الزيادة، وهو نوع من الغلو، وقد قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في الصحيح: (هلك المتنطعون) ، وقال: (إياكم والغلو في الدين) ، إلى غير ذلك.

التفصيل في حكم النظر

وقوله: (والنظر)، أقول: النظر ليس مذموماً في الشرع، وهو حرف لا يدل على تعدٍ على أمر الله أو دليل الشارع، وإن كان النظر ليس هو أول الواجبات، بل ولا يجب على كل أحد، وإنما ذكر الله سبحانه وتعالى النظر في حق من شاب توحيده أو معرفته شيء من الإشكال، فإنه يؤمر بالاعتبار والنظر حتى يصحح ما عرض له من الإشكال، كقوله سبحانه: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا [الأعراف:184] أَوَلَمْ يَنظُرُوا [الأعراف:185] إلى غير ذلك.

فالنظر ليس مذموماً على الإطلاق، وليس واجباً على كل أحد فضلاً عن أن يقال: إنه أول الواجبات، ولهذا قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الأصل عدم الوجوب، ولكن من عرضت له حال لا تزول إلا بالنظر، فإنه يكون واجباً عليه من هذا الوجه، ويكون المشروع هنا هو النظر الشرعي.

وفرق بين النظر الشرعي والنظر الذي يذكره علماء الكلام؛ فإنهم يذكرون النظر على مقدماتهم الكلامية، وأما النظر الشرعي فهو المذكور في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الأعراف:185] ، ومن ذلك ما كان لإبراهيم عليه الصلاة والسلام في محاجته لقومه، فإنه أبطل ما هم فيه من الكفر والشرك بحجج من النظر، وهي المذكورة في قوله تعالى: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ [الأنعام:75] .

وقوله: (فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً)؛ هذه الكلمة لو لم يعبر بها لكان أجود، فإن النظر في هذا الباب ليس مذموماً على الإطلاق، وإنما بالغ في ذم النظر بعض الصوفية الذين زعموا أن هذا باب لا يكشف إلا لبعض العارفين، والحق أن الله سبحانه وتعالى بيَّن أصول القدر وأصول العلم بهذا الباب في كتابه، وبيَّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شرعياً موافقاً للعقل، وهذه أجوبته صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولما خاصمت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر نزل قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وقد ثبت في السنن أن النبي عليه الصلاة والسلام خرج ذات يوم وطائفة من أصحابه يختصمون في القدر فنهاهم عن ذلك، فقول من قال: إن الصحابة خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر، غلط بالإجماع، بل إن الذين خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر هم المشركون، وإذا كان طائفة من الصحابة اختصموا فيما بينهم في بعض مسائل القدر، فلا يعني ذلك أنهم مخاصمون فيها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثم إن مثل هذه الأحوال التي تعرض -كخصومة بعض الصحابة لبعض في القدر- لا تعرض لأئمة الصحابة كـأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وإنما هي حال تعرض لبعض من هو دونهم في الفقه والإمامة في العلم.

خفاء باب القدر مع العلم بأصوله

وقوله: (فإن الله طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال تعالى: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] ).

كلامه من هذا الوجه صحيح، لكن معلوم أن القدر ليس مقصوراً على مسألة السؤال، كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] ، لكن ثمة أصول من القدر معلومة، ومعلوم أن أبا جعفر رحمه الله لا يريد أن يثبت أن هذا الباب مجهول على الإطلاق، ولكنه استعمل هذه التعبيرات التي يعبر بها على هذا الوجه من الإطلاق طوائف من الصوفية، وهذا ليس بحسن، لكنه يختلف عنهم في المقصود.

وجوب الوقوف عند ما أوقفنا الله عليه

قال المصنف رحمه الله: [فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم، لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود] .

هذه الجملة فيها أثر من أثر الصوفية، فإن لفظ (الولاية) وإن كان لفظاً شرعياً بالإجماع، لكن يستعمله الصوفية كثيراً، فإنهم إذا ذكروا ذلك خصوا هذا المقام بالأولياء، ولا يذكرون أهل العلم كما يذكرون الأولياء، ويجعلون الولاية مقاماً من مقامات الأحوال وليست مقاماً من مقامات المعرفة.

وقوله: (فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر).

العلم الموجود هو ما علَّم الله سبحانه وتعالى رسوله إياه كما قال تعالى: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ [النساء:113] ، فهذا العلم الذي بُعث به صلى الله عليه وسلم وعلمه أمته هو العلم الذي إنكاره كفر، وأما ما استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه من أسمائه، وأفعاله، وقضائه، وقدره، وأحكامه، وحِكمه، فإن هذا علم من زعمه فقد كفر، فإنه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله، فهذا هو المقصود عند أبي جعفر ، وهو حسن صحيح.

الإيمان باللوح المكتوب والقلم

قال المصنف رحمه الله: [ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم، فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائناً لم يقدروا عليه، جف القلم بما هو كائن، إلى يوم القيامة، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليخطئه] .

اللوح: هو ما كتب الله فيه الذكر، فقد ثبت في حديث عمران رضي الله عنه في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وكتب في الذكر كل شيء) واللوح المحفوظ مجمع على الإيمان به؛ فإن الله ذكره في كتابه.

وكذلك القلم، فإنه مما أجمع السلف على الإيمان به.

حقيقة اللوح والقلم

وأما تفاصيل ماهية اللوح والقلم فإن هذا لم تفصله النصوص، وإنما الذي جاء في النصوص: (أول ما خلق الله القلم. فقال له: اكتب. قال: ماذا أكتب. قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) ، كما في حديث عبادة في سنن أبي داود وغيره.

وقد اشتغل طوائف من أهل الكلام والصوفية بتفاصيل ماهية اللوح والقلم كما في كلام أبي حامد الغزالي ، فإنه تارة يأتي بكلام يأخذه عن المتكلمين الذين أخذوا عن الفلاسفة في هذه المسائل، وهو أنواع من التأويل والتحريف، وتارة يتكلم بطريقة الصوفية، ومعلوم أن أبا حامد الغزالي رحمه الله ليس له حال واحدة.

ويخطئ من يخطئ فيقول: إنه رجع إلى مذهب معين، فإنه وإن كان له حال من الفضل في آخر عمره والإقبال على القرآن وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن أبا حامد له حال مستطيلة في معرفته ودراسته ونظره، فـأبو حامد هو من أخص من قرر نزعة فلسفية لم تظهر إلا في القرن الرابع وما بعده، وهي: أن المذهب الشخصي ليس واحداً.

ولهذا قال الغزالي في كتبه المتأخرة: (فإن قيل ما المذهب؟ قال: المذهب ليس واحداً، فأما الجدل فهو على طريقة المتكلمين، وأما مذهب العامة فهو بالزواجر والدواعي، وأما المذهب السر بين العبد وبين ربه فهو طريقة الصوفية)؛ ولهذا نجد كتب أبي حامد بعضها على طريقة المتكلمين كـ(الاقتصاد) مثلاً وكـ(قواعد العقائد) وغيرها، وهذه يجعلها للمجادلة والمناظرة والمنافحة، وكذلك (تهافت الفلاسفة)، فإنه كتبه على الطريقة الكلامية، ولهذا لما كتبه قال: (ونحن نحتج في هذا المقام على الفلاسفة بقول أصحابنا وقول المعتزلة لدفع صول هؤلاء على الإسلام).

وهذه هي طريقة المتأخرين من الأشاعرة كـأبي المعالي وأمثاله، ومعلوم أن أبا حامد ممن أخذ عن أبي المعالي وكان من أصحابه، وأما الحالة المختصة عند أبي حامد الغزالي ، فهي الحالة الصوفية، وعليها كتب كتبه الأخرى كـ(كيمياء السعادة)، و(جواهر القرآن)، و(مشكاة الأنوار)، وأمثالها من الكتب التي غلا فيها، وقال فيها أقوالاً بالغةً في الخطأ والضلال، وإن كان طرفاً من هذه الكتب ولا سيما كتاب (المضنون به على غير أهله) يُتكلَّم في صحته عن أبي حامد ، لكن مما هو متحقق أن طرفاً من هذه المقالات معروفة لـأبي حامد وقد قررها في أكثر من كتاب، وهي طرق شديدة في الغلط والمبالغة في التصوف على طريقة متفلسفة الصوفية.

وأما كتاب (إحياء علوم الدين) فهو من أجود كتب أبي حامد التي كتبها في هذا الباب؛ ولهذا قال شيخ الإسلام : (وأما الإحياء فغالبه جيد، لكن فيه ثلاث مواد فاسدة: مادة من ترهات الصوفية، ومادة فلسفية، ومادة من الأحاديث الموضوعة).

والغزالي وإن كفَّر الفلاسفة في كتبه المتأخرة ولا سيما في (التهافت) إلا أنه قد تأثر بهم كثيراً، فعندما تكلَّم في مقامات العارفين تكلَّم فيها بنفس أحرف ابن سينا في (الإشارات والتنبيهات)، فهو متأثر تأثراً بالغاً بكلام ابن سينا وأصول الفلاسفة الإشراقية، وإن كان بعيداً عنهم في المسائل العقلانية النظرية كمسألة قدم العالم ومسألة العلم بالجزئيات إلى غيرها، مع أن أبا الوليد ابن رشد لما رد على أبي حامد قال: (إنك في كتبك لما ذكرت درجات المحسوبين ذكرت أن من أشرف الدرجات من جعل الوجود وجوداً مطلقاً، وأن واجب الوجود ليس داخل العالم ولا خارجه.. إلخ، قال: وهذا هو مذهب أرسطو وقد امتدحته في بعض كتبك).

والحق: أن أبا حامد لم يمتدحه امتداحاً مطلقاً، ولكنه متأثر بهذه الأصول، فحاله منغلقة، وقد ذكر عن نفسه في كتابه (المنقذ من الضلال) أنه ظل متحيراً زماناً، وأن حيرته زالت بنور قذفه الله في قلبه، فله أحوال مختلطة كثيرة، مع أنه كان عظيم العبادة والصدق والإيمان، عظيم العلم بالفقه وأصوله، وله مقامات حسنة في الإسلام.

عجز البشر عن تغيير ما في القدر

قال المصنف رحمه الله: (فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائناً لم يقدروا عليه، جفَّ القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة).

وهذا كلام جيد، وهو في الجملة وصية الرسول عليه الصلاة والسلام لـابن عباس رضي الله عنهما الثابتة في المسند والسنن في قوله: (احفظ الله يحفظك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).

قال: (وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه)، أي: فإن كل شيء بقدر الله سبحانه وتعالى.

قال المصنف رحمه الله: [وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه، فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً، ليس فيه ناقض، ولا معقب، ولا مزيل، ولا مغير، ولا ناقص، ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه، وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة، والاعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته، كما قال تعالى في كتابه: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً [الفرقان:2] ، وقال تعالى: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [الأحزاب:38] ، فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيماً، وأحضر للنظر فيه قلباً سقيماً، لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سراً كتيماً، وعاد بما قال فيه أفاكاً أثيماً] .

أي: أن الله عز وجل علم ما سيكون، وهذا عام في أفعال العباد وغير أفعال العباد، وتقدم أن إنكار هذه الجملة كفر وإلحاد مبين.

ومما ينبه إليه أن الشارح رحمه الله في كلامه عن بعض مسائل التكفير أراد أن يبيِّن أن السلف قد يقولون عن قول: إنه كفر ولا يلتزمون تكفير القائل إلا إذا علموا أن الحجة قد قامت عليه بعينه، وهذا المعنى من حيث الجملة حسن وصحيح، لكنه ضرب أمثلة في مقالات السلف، قال: (كقولهم: إن القول بخلق القرآن كفر، وإن إنكار الرؤية كفر، وإن إنكار علم الله بما سيكون كفر)، ولا شك أن هذه الأمثلة الثلاثة ليست حسنة على هذا الحال من الاجتماع.

فأما القول بخلق القرآن فهو كذلك، فهو وإن كان كفراً إلا أن قائله لا يُكفَّر ابتداءً، وكذلك من أنكر الرؤية فإنه لا يكفر ابتداءً، وأما من أنكر علم الله بما سيكون، وقال: إنه لا يعلم الأشياء سواء كانت أفعال العباد أو غير أفعال العباد إلا بعد كونها، فهذا لا يُنظر فيه، ولا شك أنه كافر، بل كفره أعظم من كفر أبي جهل .

وقوله: (فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً.. إلخ).

فإن القدر كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وهذا مما صح عنه: (القدر نظام التوحيد) فالقدر من أخص أصول الإيمان بالله سبحانه وتعالى كما ذكر ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في جوابه.

وقدره سبحانه متعلق بخلقه ومتعلق بأمره، كما قال سبحانه أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف:54] .

وأول من خاصم ربه في القدر هو إبليس فإنه قال: رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي [الحجر:39] فجعل ما حصل من القدر في حقه مخاصمة له سبحانه وتعالى.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح العقيدة الطحاوية [14] للشيخ : يوسف الغفيص

https://audio.islamweb.net