اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة [8] للشيخ : عطية محمد سالم
كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة [8] - (للشيخ : عطية محمد سالم)
في كل هيئة من هيئات الصلاة لابد أن تكون الأعضاء بشكل يناسب تلك الهيئة، ما لم فلن تتم هذه الهيئة، ففي السجود لابد من تمكين الأعضاء السبعة من الأرض، وكان صلى الله عليه وسلم في السجود يفرج بين عضديه وجنبيه حتى يرى بياض إبطيه، بينما المشروع للمرأة في السجود عكس ذلك.
شرح حديث: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم..)
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله.أما بعد:قال المؤلف رحمه الله: [وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين) متفق عليه].بيّن المؤلف كيفية الصلاة، وبدأ بتكبيرة الإحرام، ثم جاء بقراءة الفاتحة، ثم الخلاف في البسملة، ثم التكبيرات: تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الانتقال، وما يقول حال رفعه من الركوع، وما يقول وهو قائم بعد الرفع، ثم سيهوي إلى السجود، فكيف يكون السجود؟هناك حديث في كيفية الهوي إلى السجود، ولكن الحديث هنا في كيفية السجود. قال: (أمرت)، وهذا الحديث ورد بصيغ ثلاث: (أمرت)، (أمرني ربي)، (أمرنا)، كل هذه من صيغ هذا الحديث، وأصحها هذه الرواية: (أمرت)، وهذه عند علماء اللغة من صيغ المبني للمجهول أو ما لم يسم فاعله، (أمر) من الأفعال المتعدية، تقول: أمر زيد عمراً بفعل كذا، فهنا الفعل يحتاج إلى فاعل، ويحتاج إلى مفعول به، وما هو مأمور به، أمر علي زيداً: فهنا الفاعل علي، والمأمور زيد، والمأمور به موضوع الأمر.وهنا: (أمرت أن)، ومعلوم أن ما بني للمفعول يكون قد حذف فعله، وأغراض حذف الفاعل تدرس في علم البلاغة، إما لمعرفته أو لا يذكر اختصاراً، كما جاء: حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [ص:32]، لم يذكر الفاعل، وليس هناك مبني للمجهول ولا للمعلوم، ولكن حذف الفاعل لبيان السياق للمطلوب، بدليل الحجاب، توارت يعني الشمس.وهنا: (أمرت)، إما أن يكون لمعرفته ولا يحتاج إلى تنصيص عليه، وإما لعدم إرادة ذكره، وحذف الفاعل: لعدم إرادة ذكره، أو عدم معرفته؛ حفاظاً عليه، أو خوفاً منه، وقد يكون لحقارته، وقد يكون لإعظامه وعدم تسميته باسمه، كل ذلك من أغراض حذف الفاعل، وإقامة المفعول به مقامه، وهنا من باب حذف الفاعل للعلم به، لما المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: (أمرت)، من في الدنيا له أن يأمر رسول الله؟ أظن ليس هناك حاجة إلى سؤال؛ لأن الذي يأمره هو المولى سبحانه، إذاً: أمرت، معناها: أمرني ربي.(أن أسجد)، السجود هو: وضع الجبهة على الأرض، وقد يسمى الركوع سجوداً، وقد يسمى السجود ركوعاً، وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:43]. قال: (على سبعة أعظم) وأعظم جمع عظم، والعظم واحد العظام في الجسم، ثم ذكر وفسر، وهذا من الأساليب البليغة، وهي كثيرة في أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يأتي بالمجمل ثم يفصل، (أمرت أن أسجد على سبعة) فتعد السبعة على يدك ثم تنتظر تفصيلها، فتحفظ السبعة لأنها سهلة، ثم تبدأ بالجزئيات التفصيلية.
هيئة الركبتين وأطراف القدمين في السجود
قوله: (والركبتين)، تقدمت الإشارة بأنه لا يشترط أن تكون مكشوفة أو مباشرة للأرض في حالة السجود، فلو نزل على اليدين وأطراف القدمين ورفع ركبتيه كحركة رياضية ما تم السجود، فلابد من وضع الجبهة والكفين والركبتين.قال: (وأطراف القدمين)، لم يقل: والقدمين؛ لأنه لو قال: (القدمين) فحيثما كانت القدمان أجزأا، وأطراف القدم هي الأصابع، وأحياناً ترى -وخاصة في مواسم الحج والعمرة- بعض الناس لم يتمرن كثيراً على الصلاة، وربما أنه بدأ يصلي لما عزم على الحج، فتجده يسجد ويرفع قدميه من الخلف، فهذا ما أكمل السجود؛ لأن عضوين من أعضاء السجود لم تستخدم في السجود. وأطراف القدمين في السجود لها ثلاث حالات:إما أن يسجد على الأصابع، وإما أن يثنيها متجهة إلى القبلة ناصباً القدمين، وإما أن يثنيها إلى الخلف، وأي الأوضاع مطلوب؟ أن تكون الأصابع مثنية إلى الأمام متجهة إلى القبلة، ولو جعلها واقفة على أطراف الأصابع على الأظافر فقد سجد لكنه ترك الأولى، كما لو ثناها إلى الوراء، وما دام أنه معتمد في السجود على الأصابع، فالسجود وافي، لكن الهيئة الأكمل أن تكون الأصابع متجهة إلى القبلة.
شرح حديث: (كان إذا صلى وسجد فرج بين يديه..)
قال رحمه الله: [وعن ابن بحينة : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى وسجد فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه)، متفق عليه].إذا عرفنا أن المراد بالكفين اليدين، وأن نص الفقهاء على أن تكون منضمة الأصابع، وجئنا إلى القدمين؛ وعرفنا بأن موضع السجود هو أطراف الأصابع وهناك حركة وهيئة تتعلق باليدين مرة أخرى جاءت هنا:يقول ابن بحينة : (كان إذا صلى وسجد فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه)، ما المراد باليدين؟ انظر إلى قوله: (حتى يبدو بياض إبطيه)، أي جزء من اليد الذي يغطي الإبطين؟ إنه العضد، فإذا سجد الإنسان وضم عضديه على الكتاب أو العصا أو أي شيء، تضم العضدين على الجانبين فتلصقهما، ولا يمكن أن تسجد هكذا، لكن فرج بينهما حتى يبدو بياض الإبطين، وبعض الإخوة -أكرمنا الله وإياهم- يأتي فيصلي فإذا بهذا المرفق هناك، وهذا الآخر هنا، وآخذ نصف متر عن اليمين، ونصف متر عن الشمال، تعود هذا منفرداً، وإذا كنت منفرداً لك حرية، ويجب أن يكون المظهر بصفة عامة مظهر لائقاً، ولا يكون فيه تكلف، فتجد البعض قد يشدد على نفسه أكثر من اللازم في سجوده؛ حتى يكون الوركان منفرجان، واليدان ممدودتان، ويكون على سبيل الفطرة غير لائق، فإذا صلى في جماعة يظن أن السنة أن يفرج ليرى بياض إبطيه؛ فيؤذي هذا، ويؤذي هذا، وإذا كنت منفرداً أو إماماً فبقدر المستطاع، فالغاية القصوى من تفريج اليد عن الجنب حتى يُرى بياض الإبط، ولو فعل أقل من ذلك لأمكن، والمحظور هو أن تسجد ملصوق العضدين بالجانبين؛ لأنه لما تأتي تسجد وأنت هكذا تكون هيئتك هيئة هرة، دعك من الهرة لكن أنت تحكم عليه في شخصيته كأنه كسلان يصلي وهو عاجز، كأنه يقول: دعني أنتهي منها، لكن يفرج العضدين، والفقهاء يقولون: ليتميز كل عضو بسجوده لله سبحانه، وأحسن من هذا ما ذكره صاحب سبل السلام الصنعاني : لئلا يكون في مظهر الكسلان، فالغرض من هذا ألا تكون في صورة العجز والكسل، وليس الغرض من هذا كما يقولون: فتل الأعضاء والعضلات، لا، الصلاة خشوع، والصلاة خضوع، ومراعاة اللائق.والحديث يشير: (حتى يُرى) رؤية الإبطين كانت سهلة؛ فلم يكن هناك ثوب وفنيلة كم، بل كان هناك الإزار والرداء والقميص، وكم القميص كان قصير وواسع، وأقل لفتة تبين الإبطين، والإبط ليس بعورة، ونحن الآن لا يستطيع أحد أن يرى إبط الثاني وهو ساجد، وأصبحت الثياب على وضع آخر بحسب ظروف الحياة، فلو كان رأساً إزاراً ورداءً أو محرماً فسوف يرى بياض إبطيه، وسيكون من السهل جداً أن يراه، وأدنى تفريج ولو سنتيمتر واحد سيرى بياض الإبط.إذاً: ليست المسألة مغالاة ولا تفريطاً، وإنما المراد هو الخروج عن هيئة الكسلان الذي يأتي الصلاة بدون نشاط، وهذا خاص بالرجال، بخلاف المرأة فهي تضم نفسها، لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى امرأتين تصليان فقال: (ضما اللحم إلى اللحم)؛ لأن ذلك أستر للمرأة.
هيئة الركبتين وأطراف القدمين في السجود
قوله: (والركبتين)، تقدمت الإشارة بأنه لا يشترط أن تكون مكشوفة أو مباشرة للأرض في حالة السجود، فلو نزل على اليدين وأطراف القدمين ورفع ركبتيه كحركة رياضية ما تم السجود، فلابد من وضع الجبهة والكفين والركبتين.قال: (وأطراف القدمين)، لم يقل: والقدمين؛ لأنه لو قال: (القدمين) فحيثما كانت القدمان أجزأا، وأطراف القدم هي الأصابع، وأحياناً ترى -وخاصة في مواسم الحج والعمرة- بعض الناس لم يتمرن كثيراً على الصلاة، وربما أنه بدأ يصلي لما عزم على الحج، فتجده يسجد ويرفع قدميه من الخلف، فهذا ما أكمل السجود؛ لأن عضوين من أعضاء السجود لم تستخدم في السجود. وأطراف القدمين في السجود لها ثلاث حالات:إما أن يسجد على الأصابع، وإما أن يثنيها متجهة إلى القبلة ناصباً القدمين، وإما أن يثنيها إلى الخلف، وأي الأوضاع مطلوب؟ أن تكون الأصابع مثنية إلى الأمام متجهة إلى القبلة، ولو جعلها واقفة على أطراف الأصابع على الأظافر فقد سجد لكنه ترك الأولى، كما لو ثناها إلى الوراء، وما دام أنه معتمد في السجود على الأصابع، فالسجود وافي، لكن الهيئة الأكمل أن تكون الأصابع متجهة إلى القبلة.
شرح حديث: (إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك)
قال رحمه الله: [وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك) رواه مسلم] .معنى الحديث: أن يبقى الكفان مرفوعين ولا يضعهما على الأرض؛ لأنه تقدم أن أعضاء السجود سبعة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)، فذكر الجبهة وأشار بإصبعه إلى الأنف، وذكر الكفين واليدين والركبتين والقدمين، (ضع كفيك)، أي: على الأرض، (وارفع مرفقيك)، المرفق: هو المفصل الذي يفصل بين العضد والزند، وهو المنصوص عليه: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]، وسمي هذا العضو مرفقاً؛ لأن الإنسان إذا أراد أن يستريح ارتفق على هذا العضو، وجعله على وسادة أو الأرض أو غير ذلك، فهو من الارتفاق والمساعدة في راحة الإنسان، ورفع المرفقين، أي: لا تكون اليد بكاملها مسطحة على الأرض، ويكون المرفق واصلاً إلى الأرض كما تصل الكف، هذه الصورة منهي عنها، بل يضع الكفين، ويرفع المرفقين بحيث لا يكونان ملامسين للأرض، وهذه الصورة جاء النهي عنها بصريح العبارة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن افتراش كافتراش السبع، والسبع إذا ربض بسط يديه من المرفق إلى المخالب على الأرض، وفي الحديث: أنه إذا رفع المرفقين لا يلصقهما بعضديه، ولكن يجافي بينهما، كما تقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجافي بين العضدين حتى يرى بياض إبطيه.إذاً: من هيئة السجود: أن الساجد يضع كفيه على ما يسجد عليه سواء كان في الأرض أو على فراش أو نحو ذلك، وأن يرفع المرفق من أعلى لا أن يجعله مساوياً للكف على الأرض، فيسجد يضع الكفين ويرفع المرفقين، وأن يجافي بين العضدين لا أن يضمهما.وتقدمت الإشارة إلى أن مجافاة العضدين على سبيل الاعتدال، وأن من سجد ضاماً عضدية يكون كالمنكمش في نفسه، ويكون في هيئة الكسلان؛ لأن هذه الحالة لا تصلح لمن أتى الصلاة عن رغبة ونشاط، كما بين صلى الله عليه وسلم وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).ونبهنا على أن هذا بالنسبة للرجال دون النساء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى امرأتين تصليان، فأمرهما أن يضما العضدين إلى الجنبين، وقال: (ضمَّا اللحم إلى اللحم)، فكلما كانت تضم بعضها إلى بعض كان ذلك أدعى إلى سترها، ولو كانت مغطاة. وأشرنا إلى أن الإنسان إذا كان منفرداً أو كان إماماً فإنه يجافي العضدين مع رفعهما في هيئة معتدلة، لا إفراط ولا تفريط، وإذا كان في صف الجماعة فإنه يراعي من على جانبيه؛ فلا يجافي بين العضدين مجافاة تؤذي الجار، وتجعل الفجوة بين الأفراد، ولا يضمهما كما تفعل النسوة، والله تعالى أعلم.
هيئة الركبتين وأطراف القدمين في السجود
قوله: (والركبتين)، تقدمت الإشارة بأنه لا يشترط أن تكون مكشوفة أو مباشرة للأرض في حالة السجود، فلو نزل على اليدين وأطراف القدمين ورفع ركبتيه كحركة رياضية ما تم السجود، فلابد من وضع الجبهة والكفين والركبتين.قال: (وأطراف القدمين)، لم يقل: والقدمين؛ لأنه لو قال: (القدمين) فحيثما كانت القدمان أجزأا، وأطراف القدم هي الأصابع، وأحياناً ترى -وخاصة في مواسم الحج والعمرة- بعض الناس لم يتمرن كثيراً على الصلاة، وربما أنه بدأ يصلي لما عزم على الحج، فتجده يسجد ويرفع قدميه من الخلف، فهذا ما أكمل السجود؛ لأن عضوين من أعضاء السجود لم تستخدم في السجود. وأطراف القدمين في السجود لها ثلاث حالات:إما أن يسجد على الأصابع، وإما أن يثنيها متجهة إلى القبلة ناصباً القدمين، وإما أن يثنيها إلى الخلف، وأي الأوضاع مطلوب؟ أن تكون الأصابع مثنية إلى الأمام متجهة إلى القبلة، ولو جعلها واقفة على أطراف الأصابع على الأظافر فقد سجد لكنه ترك الأولى، كما لو ثناها إلى الوراء، وما دام أنه معتمد في السجود على الأصابع، فالسجود وافي، لكن الهيئة الأكمل أن تكون الأصابع متجهة إلى القبلة. اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة [8] للشيخ : عطية محمد سالم
http://audio.islamweb.net