إسلام ويب

لقد حدد الإسلام معالم الحقوق بين الناس بنظام بديع، فهو يدعو إلى احترام حقوقهم وأدائها دون استغلال لحالة ضعف صاحب الحق مما يؤدي إلى ظلمه، وبين أيدينا أنموذج للمعاملة مع اليتامى في أداء أموالهم إليهم، وما يراعى عند قصد الوصي نكاح اليتيمة التي في حجره، كل هذا مصدراً بالتذكير بتقوى الله عز وجل ونعمته في الخلق والإيجاد، والتذكير برقابته على الناس جميعاً.

بين يدي السورة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد:

فسورة النساء سورة مدنية، أي: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (ما نزلت سورة النساء الطولى إلا وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فهناك سورة النساء الطولى، وسورة النساء القصرى، فسورة النساء القصرى هي سورة الطلاق، أما سورة النساء الطولى فهي سورة النساء التي بعد سورة آل عمران في ترتيب المصحف؛ فتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (ما نزلت سورة النساء الطولى إلا وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو يفيد أن سورة النساء مدنية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما تزوج عائشة إلا بالمدينة، فدل ذلك على أن سورة النساء مدنية، وفيه رد على من يقول إن كل آية فيها (يا أيها الناس) إنما نزلت بمكة، وكل آية فيها (يا أيها الذين آمنوا) إنما نزلت بالمدينة، فهذا الإطلاق لا يوافق عليه مطلقاً، فإن قال: هذا هو الغالب سُلِّم له قوله.

وفيها آيات يعدها كثير من أهل العلم من أعظم آيات الرحمة والرجاء، كقوله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31] ، وكقوله تعالى: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء:27] ، وكقوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ [النساء:28] ، وكقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] ، فهذه كلها آيات الرجاء، وآيات تبين سعة رحمة الله عز وجل بالعباد.

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم ...) وما قيل في سبب نزولها

يقول سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)؛ (يا): حرف نداء، و(أي) منادى، والهاء للتنبيه، أما (الناس) فلها اشتقاقان:

فمن العلماء من يقول: إن (الناس) مشتقة من النوَس، والنوَس من الحركة، ومنه قول أم زرع في وصف أبي زرع كما في حديث عائشة رضي الله عنها: (أناسَ من حلي أذني) أي: ملأ أذني حلياً حتى اهتز الحلي فيها.

ومن العلماء من يقول: إن (الناس) مشتقة من النسيان؛ لأن هذا شيء جُبِل عليه الناس حتى الأنبياء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (فنسي آدم فنسيت ذريته).

ولهذه الآية سبب نزول صحيح عند بعض العلماء، وإن كانت أغلب أسباب النزول ضعيفة لا تثبت، وكثير من إطلاقات أهل العلم أن آية كذا نزلت في كذا وكذا لا يسلم لهم، خاصة إطلاق القرطبي رحمه الله تعالى، أو الإطلاقات التي تأتي عن كثير من التابعين كـقتادة والحسن البصري وغيرهما من أهل العلم رحمهم الله تعالى.

وقد تتعدد أسباب النزول للآية الواحدة، فيحدث أمر، ويحدث أمر آخر، ويحدث أمر ثالث فتنزل الآية شاملة لكل ما حدث، كما في قوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] فقد قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه: نزلت في الأنصار لما قالوا: نبقى في أموالنا نصلحها، لما كثر الإسلام وأعز الله تعالى ناصريه، وقال البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه أو غيره: إنما نزلت وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] في الرجل يذنب الذنب ويقول: لا يغفر الله تعالى لي، فيسلم نفسه للشيطان ولا يستغفر، فهذا إلقاء باليد للتهلكة، وثم أقوال أخرى، ولا يطعن سبب في السبب الآخر ما دام قد صح الإسناد إلى قائله.

وسبب نزول هذه الآية عند القائلين به ما حاصله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً في المسجد، فجاءه قوم من غطفان مجتابي النمار -أي: يلبسون جلود النمور- ، وعليهم أثر الفاقة والفقر، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما بهم من الفاقة والفقر خرج وتلا على أصحابه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1] ، فقام رجل فتصدق، فتبعه آخر فتصدق، فتبعه ثالث فتصدق، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة).

والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تلاها لما قدم عليه الوفد، والله سبحانه وتعالى أعلم.

الأمر بالتقوى واقترانه بصفة الخلق

وقوله تعالى: اتَّقُوا رَبَّكُمُ التقوى: أن تجعل بينك وبين غضب الله تعالى عليك وقاية، أو تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية، فأصل التقوى مأخوذة من التغطية أو التستر، قال الشاعر:

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتَّقتنا باليد

أي: غطت وجهها بيديها.

قوله تعالى: اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ، قال كثير من أهل العلم: عبر بلفظ الخلق أو بصفة الخلق هنا دون غيرها من الصفات؛ لأن الناس المخاطبين بالآية كانوا يقرون بصفة الخلق، فمن ثم خاطبهم بالصفة التي يقرون بها، كما قال سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87] ، فلما خاطبهم الله تعالى بقوله: اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ خاطبهم بصفة يقرون بها، ويدينون بها لله سبحانه وتعالى مسلمهم وكافرهم، ويقرون بأن الخالق هو الله سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة النفس الواحدة هي آدم صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا هي حواء عليها السلام، ولم يرد لحواء ذكر في الكتاب العزيز باسمها، وأما سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد ورد فيها ذكر حواء، ففي صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا حواء لم تخن أنثى زوجها).

وقوله تعالى: وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا يفيد أن حواء خلقت من آدم وهو الصحيح لا شك، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوضح ذلك، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المرأة خلقت من ضلع ..) الحديث، فهي خلقت من أحد أضلاع آدم على ما فهم من حديثه عليه الصلاة والسلام، وعلى ما ذكره الشراح، ولذلك تجد المرأة تميل إلى الرجل، والرجل يميل إلى المرأة.

وفي قوله تعالى: زَوْجَهَا دليل على إطلاق لفظ الزوج على المرأة، ولفظ الزوجة وإن كان جائزاً، لكن الأفصح استعمال (زوج) بغير تاء، كما قال سبحانه: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ [الأعراف:189]، وأما لفظ (الزوجة) فمنه قول عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه في شأن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (والله إني أعلم أنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم أتتبعوه أم تتبعوها). لكن الأفصح أن يقال: (زوج) بغير تاء.

قوله تعالى: وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا بث، أي: فرق ونشر، و(منهما) أي: من آدم وحواء.

وقوله تعالى: رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً أي: ونساء كثيراً كذلك، فحذفت كثيراً عند ذكر النساء لدلالة السياق عليها، وهذا وارد بكثرة في كتاب الله تعالى، ومنه قول الله تعالى حكاية عن سليمان صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [ص:32]، أي: حتى توارت الشمس، فحذفت لدلالة السياق عليها.

فإن قال قائل: فما هو الدليل على أن النساء كثير؟

قلنا: إنَّ النساء أكثر -لا شك- من الرجال، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء)، وأهل النار أكثر بكثير من أهل الجنة، لقوله تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، ولقوله تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116]، إلى غير ذلك.

تفسير قوله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)

قوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ كرر الأمر بتقوى الله تعالى لبيان أهمية التقوى، وقد قال تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131] ، فأوصى الله الذين أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوصانا بتقوى الله.

وقوله تعالى: الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ أي: الذي يسأل بعضكم بعضاً به، فيقول أحدكم للآخر: أسألك بالله، فهذا قول، وثم معانٍ أُخَر.

وقوله تعالى: وَالأَرْحَامَ أي: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، أو على المعنى الآخر: واتقوا الأرحام التي تساءلون بها، فيسأل بعضهم بعضاً بالرحم، فيقول: أناشدك الرحم، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] وقد حذر الله تعالى من قطع الأرحام أشد تحذير، قال سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:23]، وقال الله سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [الرعد:25]، فقطع الأرحام كبيرة بالاتفاق.

والأحاديث في قطع الرحم والتحذير منه كثيرة جداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (لما خلق الله الخلق، قامت الرحم فتعلقت بالعرش وقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطيعة -أي: شخص يعوذ بك من القطيعة هذا مقامه- فقال الله لها: أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب! قال: فهو لك)، فيقطع الله تعالى من قطع الرحم، ويصل الله عز وجل من وصل الرحم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي، إنما أوليائي المتقون، إلا أن لهم رحماً سأبلها ببلالها) أي: سأصلها بصلتها، ومعناه: أن الرحم شبيهة بالجلد جلد الشاة أو جلد الماعز اليابس، فإذا وضعت على الجلد اليابس ماء أصبح ليناً في يديك، أما إذا لم تضع عليه الماء ولم تبله فسيصير يابساً يعسر عليك ثنيه، فأرحامك وأقاربك إن كنت تصلهم وتهدي إليهم وتودهم سيصيرون لينين في يديك، فإذا أمرتهم بأمر أطاعوك، وإذا نهيتم عن نهي اتبعوك، وأما إذا لم تكن تصلهم وتبلهم بالبلال فسيصيرون يابسين في يديك، كلما أردت منهم شيئاً عصوك؛ لأنه ليس لهم فيك منفعة.

إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

أموال اليتامى وما جاء فيها

قال تعالى: وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا [النساء:2] قوله تعالى: وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ [النساء:2] أي: الذين كانوا يتامى؛ لأن اليتامى لا يؤتون الأموال إلا إذا كبروا، فإذا كبروا لم يصدق عليهم أنهم يتامى؛ لأنه لا يُتْم بعد احتلام، فإيتاء الأموال لليتامى لا يكون إلا بعد أن يكبروا.

فإطلاق اليتامى هنا من باب إطلاق الاسم على الشيء باعتبار ما كان عليه، ومنه قوله تعالى: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ [الشعراء:46]، إذ لا سجود مع سحر، ولكن أطلق عليهم (السحرة) باعتبار ما كانوا عليه من السحر.

كما يطلق الاسم على الشيء باعتبار ما سيئول إليه، ومنه قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [النساء:10] فأطلق تعالى على أموال اليتامى (ناراً) باعتبار ما ستئول إليه.

ومعنى: وَآتُوا أي: أعطوا، وحد اليتم البلوغ ويحصل بواحد من ثلاثة أشياء:

الأول: الاحتلام عند الرجل والمرأة، أو الحيض عند المرأة.

الثاني: السن وهو خمسة عشر عاماً؛ لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة للبلوغ فلم يجزني وردني، وعرضت عليه يوم الأحزاب وأنا ابن خمس عشرة فأجازني) فجعله بعض العلماء حداً للبلوغ.

الثالث: إنبات شعر العانة حول الذكر أو الفرج، وهذا حد لبعض العلماء مستدلاً بحديث محمد بن كعب القرظي : (أنه لما قضى سعد بن معاذ في يهود بني قريظة أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، ففتش عن الصبيان فمن وجد قد أنبت قتل، ومن لم ينبت لم يقتل، فكان محمد بن كعب فيمن لم ينبت).

قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ [النساء:2]، أي: مع أموالكم، فحروف الجر تتناوب في الكتاب العزيز، فـ(إلى) تأتي بمعنى: (مع) و(مع) تأتي بمعنى الباء، وهكذا.

قوله تعالى: إِنَّهُ كَانَ أي: أكل أموال اليتامى، حُوبًا كَبِيرًا أي: إثماً كبيراً.

فأكل أموال الناس بالباطل كله إثم، ولكن أكل أموال اليتامى أشد إثماً من أموال غيرهم، فقد يكون الشيء محرماً ويزداد تحريماً لقرينة أخرى، فالزنا حرام لا شك في ذلك، لكن الزنا بحليلة الجار أشد حرمة، والكذب حرام، لكن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حرمة، والكذب على الله أشد من ذلك، والمعصية في كل مكان حرام، لكن المعصية في البيت الحرام أشد حرمة لقوله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، والمعصية من أي امرأة حرام، والفاحشة من أي امرأة حرام، لكن الفاحشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم -وحاشاهن من ذلك- أشد حرمة، لقوله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ [الأحزاب:30].

وإذا تكاثرت نعم الله تعالى على العبد كانت المؤاخذة أشد، وإن قلت نعم الله تعالى على العبد كانت المؤاخذة أقل، فالأمة إن زنت فعليها نصف ما على الحرة من العذاب؛ لأنها لا حق لها أصلاً في القسم، فإن شاء جامعها وإن شاء لم يجامع، أما الحرة فلا بد من القسم لها.

فأكل أموال الناس محرم، لكن أكل أموال اليتامى كَانَ حُوبًا كَبِيرًا أي: إثماً كبيراً؛ لأن اليتيم ضعيف ليس له أحد يرعاه ولا يدافع عن ماله ولا ينافح عنه، فقد تضرب اليتيم على رأسه وتضربه بالرجل ولا أحد يدافع عنه، ولو أن له أباً فلن تستطيع أن تفعل ذلك، فلذلك دافع الله تعالى عنهم بما شرعه في كتابه من وقاية وحماية لهم.

والأحاديث في كفالة اليتيم والحث على رعايته في غاية الكثرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) ، وجاءت امرأة بطفلتين لها إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تسألها الصدقة، فلم تجد عائشة عندها شيئاً تتصدق به إلا تمرة، فأعطتها التمرة، فأخذت المرأة التمرة وشقتها نصفين، نصف لهذه الطفلة ونصف لهذه الطفلة، فتعجبت عائشة من فعلها، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله قد أوجب لها الجنة) وقال: (من ابتلي بشيء من هؤلاء البنات فأحسن إليهن كن ستراً له من النار)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

وإيتاء اليتامى أموالهم يتمثل في صورتين:

الصورة الأولى: الإنفاق عليهم من أموالهم وعدم الشح عليهم أثناء صغرهم.

والصورة الثانية: تسليم الأموال إليهم بعد البلوغ، لقوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6].

تفسير قوله تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى...)

قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [النساء:3].

قوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى أقسط أي: عدل، وقسط: جار وظلم، فمن الأول قول النبي صلى الله وعليه وسلم: (المقسطون على منابر من نور يوم القيامة الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا)، ومن الثاني قوله تعالى: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [الجن:15].

فقوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا أي: ألا تعدلوا في مهور وصداق اليتامى، فالنساء سواهن كثير.

والذي دل على المحذوف المقدر هو سبب النزول، فقد سأل عروة عائشة رضي الله عنها عن هذه الآية: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فورد عنها في ذلك روايتان:

الرواية الأولى: (كانت اليتيمة تكون عند وليها، فتكون ذات مال وجمال، فيريد أن يتزوجها من أجل مالها وجمالها، ولا يريد أن يقسط لها في الصداق، أي: أن يعدل لها في الصداق، فأمرهم الله حين رغبوا في مالها وجمالها أن يتزوجوها، أن يقسطوا لها في الصداق، أو يتزوجوا نساء أخريات.

الرواية الأخرى: أن هذه يتيمة تكون في حجر وليها ليس له فيها حاجة -أي: لا يرغب أن يتزوجها- ولا يريد أن يزوجها لناس آخرين خشية أن يأخذوا الميراث، فيتزوجها كرهاً من أجل حبس ميراثها، ولا يقسط لها في الصداق، فنهوا أن يتزوجوهن إلا عند العدل في الصداق.

وفي قوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى دليل على جواز تزويج الصغيرة؛ لأن اليتيمة هي الصغيرة، فدل ذلك على بطلان القانون الوضعي الذي يمنع الزواج بالصغيرة، ولكن لا يُمكّن منها إلا بعد أن تتحمل الوطء، فالرسول صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله تعالى عنها وهي بنت ست، وبنى بها عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع، فدل ذلك على أنه يجوز تزويج اليتيمة، واليتيمة هي التي لم تبلغ.

والقسط في مهر اليتيمة مبني على الأعراف السائدة بين الناس، فإذا كانت الواحدة من النساء تتزوج بخمسة آلاف جنيه، فاليتيمة أيضاً تتزوج بخمسة آلاف جنيه، وتبلغ أعلى سنتها في الصداق، كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: (اجعلها أعلى سنتها في الصداق) وفي الآية دليل على مشروعية مهر المثل، ومن الأدلة على ذلك: (أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى في بروع بنت واشق وكان زوجها مات ولم يسم لها صداقاً أن لها مهر مثلها، من غير وكس ولا شطط) فقوله صلى الله عليه وسلم: (من غير وكس) أي: من غير بخس (ولا شطط): أي: ولا غلو، فأصبح الدليلان يدلان على مشروعية مهر المثل.

تفسير قوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء...)

قوله تعالى: فَانكِحُوا أي: تزوجوا، والنكاح له معنيان:

فيأتي بمعنى عقد التزويج، ويأتي بمعنى الجماع أو الوطء.

فالنكاح: عقد التزويج في الشرع، ولكن في اللغة أصل النكاح: الضم والتداخل، كما يقال: نكح النوم عينه، فالنكاح في عموم الآيات الواردة في الكتاب يأتي بمعنى عقد التزويج، إلا في مواطن قليلة كقوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230] ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك).

وقوله تعالى: مَا طَابَ لَكُمْ (ما) لغير العاقل، و(من) للعاقل، والعلماء يقولون: إن (ما) تأتي في كتاب الله تعالى للعاقل ولغير العاقل، والدليل على إتيانها للعاقل قوله تعالى: وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا [الشمس:5-6]، فـ(ما) هنا لله سبحانه وتعالى، وهذا دليل على إتيان (ما) للعاقل.

وقوله تعالى: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى أي: مثنى إن شئتم، وَثُلاثَ إن شئتم وَرُبَاعَ إن شئتم.

والواو تكون للتخيير، وتكون للجمع، وأحياناً تأتي بمعنى التنويع، كقوله تعالى: جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [فاطر:1].

وأحياناً تأتي الواو عطفاً للصفات كقوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى [الأعلى:1-4].

الواو في قوله: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ للتخيير، أي: مثنى إن شئتم، وثلاث إن شئتم، ورباع إن شئتم.

فإن قال قائل: إن الآية محتملة الجمع كما قالت الشيعة، فيصير العدد تسعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج تسعاً فلا بد أن يكون هناك من الحجة ما يبطل مثل هذا القول.

فإذا حاججتهم بأن الواو هنا مقتضية للتخيير، فله وجه، لكن ليس بوجه قاضٍ على قولهم، وأما حديث الباب: عن غيلان بن سلمة رضي الله تعالى عنه كان متزوجاً عشراً، فلما أسلم أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفارق ستاً ويبقي أربعاً، فهذا الحديث الراجح فيه أنه معلّ.

وإنما يحتج عليهم بإجماع أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام على أنه لا يزيد الرجل على أربع نسوة، ولم يكن فيهم واحد على الإطلاق على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم له أكثر من أربع نسوة زوجات، وأما الإماء فلك من الإماء ما شئت.

فلأجل هذا حملنا الواو على التخيير.

القول في مسألة التعدد ومشروعيته

وهنا يقال: هل هذه الآية تفيد أن القصد في الزواج التعدد، أو لا تفيد ذلك؛ لأن الله تعالى قال: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ؟

فذهب بعض العلماء إلى القول بأنها تفيد التعدد؛ لأنه لا يتجه إلى الواحدة إلا عند خوف عدم العدل بنص هذه الآية.

وفي الحقيقة هذا القول لا يسلم له؛ لأن قوله تعالى: فَانكِحُوا ليس ابتداءً، فليست الآية كما لو قال تعالى -فرضاً-: (يا أيها الذين آمنوا انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)، فحينئذٍ إذا كانت الآية بهذا السياق نقول: الأصل التعدد، ولكن الآية جاءت مبنية على شرط سابق، فإذا كنت خائفاً أن تتزوج اليتيمة فتظلمها فلك أن تتزوج اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، وهذا وجه الدقة في الاستنباط.

إلا أنهم استدلوا بأدلة أخرى على استحباب التعدد، كحديث: (تكاثروا فإني مباه بكم الأمم) ، وحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه الموقوف عليه (تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء)، وكقول ابن عباس رضي الله عنهما: (تزوج فإنه يخرج من صلبك ما كان مستودعاً)، وقوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [الرعد:38]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ..).

ولا شك أن في التعدد كسر خاطر للزوجة الأولى، وأذى للزوجة الأولى، ولكن المصالح العامة للمسلمين مقدمة، فكم من امرأة ترملت على أطفالها وتحتاج إلى من يعفها، وكم من امرأة طلقت من زوجها لسبب شرعي كأن يكون زوجها سكيراً عربيداً، وهي عفيفة طلبت الطلاق وطلقت، فإن كان فيه كسر للزوجة الأولى، لكن عموم تشريع الله سبحانه وتعالى لا يصدر إلا من حكيم حميد، وما شرع ذلك إلا لفائدة تعم العباد سبحانه وتعالى.

الكلام على قوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا...)

قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أي: فاقتصروا على الواحدة، وقوله تعالى: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ يعني: عندكم إماء، وقوله تعالى: ذَلِكَ أَدْنَى أي: أقرب، وقوله تعالى: أَلَّا تَعُولُوا ، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أي: اقتصروا على الواحدة أو ما ملكت أيمانكم حتى لا تكثر عيالكم فتصابوا بالفقر، واستدل على أن معنى العيلة الفقر بقوله تعالى: وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى [الضحى:8] ، واستدل بلامية أبي طالب، وبقول الشاعر:

وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل

والجمهور ومنهم ابن القيم قالوا: إنه لو كان الاقتصار على الواحدة خشية كثرة العيال -كما ذكر- لأمرنا الله تعالى بالاقتصار على واحدة أيضاً مما ملكت اليمين! فكيف يقول: إن العلة كثرة العيال، والله تعالى يبيح لنا في نفس الآية أن نمتلك أكثر من ألف أمة، وكل هؤلاء الإماء محل للإنجاب؟!

فلو كانت العلة كثرة العيال لقصرنا الله تعالى في ملك اليمين على واحدة.

وأيضاً النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تكاثروا فإني مباه بكم الأمم)، والآية مصدرة بقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا وعليه فيقال: ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا أي: أدنى إلى ألا تجوروا، حتى تقابل العدل، أي: إن كنت خائفاً أنك ما تعدل فتزوج واحدة بس حتى لا تقع في مسألة عدم العدل، واستشهدوا بقول أبي طالب في لاميته:

بميزان قسط لا يخيس شعيرةله شاهد من نفسه غير عائل

أي: غير مائل، أو غير جائر.

والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الأسئلة

التصرف في المال المتبرع به لمسجد حين لا يفي بحاجة ذلك المسجد

السؤال: إذا أعطاني أحدٌ من الناس مبلغاً لمسجد، فهل يجوز لي أن أعطيه لمسجد آخر على اعتبار أن المسجد الذي أرسل له المبلغ يحتاج أكثر من المسجد الذي حدده صاحب المبلغ؟

الجواب: يستأذن صاحب المبلغ؛ لأنه قد يكون له وجهة نظر في المسجد الذي تبرع له، كأن يكون المسجد على السنة مثلاً، أو مسجد في حي أهله يحتاجون إلى مسجد.

الوارد في المستمع إلى حديث قوم هم له كارهون

السؤال: ما صحة حديث: (من استمع إلى قوم وهم له كارهون صب في أذنه الآنك يوم القيامة

الجواب: في صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى.

حديث الجد والهزل في الطلاق والنكاح والرجعة ومدى صحته

السؤال: ما صحة حديث: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق، والنكاح، والرجعة) ؟

الجواب: الحديث ضعيف لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة رحمهم الله تعالى، وفي إسناده عبد الرحمن بن أردك قال فيه النسائي : منكر الحديث، وقد وثقه ابن حبان والعجلي وهما متساهلان في التوثيق، وقول النسائي مقدم على قولهما؛ لأنه إمام في الجرح والتعديل.

وقد أورد له الحافظ ابن حجر عليه رحمة الله تعالى في تلخيص الحبير جملة أسانيد وأشار إلى ضعفها، فليراجعها من شاء.

التحاليل الطبية لأجل الإنجاب

السؤال: يسأل عن التحليل من أجل الإنجاب؟

الجواب: التطبيب جائز من أجل الإنجاب، ولا يستطيع أحد أن يمنعه إلا بنص.

تشبيك الأصابع في المسجد وما جاء فيه

السؤال: ما صحة حديث : (إذا توضأ أحدكم وذهب إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه

الجواب: الحديث منازع في تحسينه وتضعيفه، فمن العلماء من حسنه، وكأن قوله ظاهر أو قوي في التحسين، ولكن هناك ما هو أقوى منه عورض به هذا الحديث، مثل حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا عبد الله بن عمرو ! كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وأصبحوا هكذا، وشبك بين أصابعه) .

وقال النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه) ، فلهذا بوب الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه بباب: (تشبيك الأصابع في المسجد وغيره).

عمل الرجل في كي ملابس النساء

السؤال: أخ يتعامل مع مصانع ملابس، ويكوي ملابس النساء، وجارته تأتي له بملابس يكويها، أي: يكوي ملابس المتبرجات فما الحكم؟

الجواب: أظن أنه لا يكويها فهو أفضل له، وليشتغل بعمل آخر.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة النساء [1-3] للشيخ : مصطفى العدوي

https://audio.islamweb.net