إسلام ويب

نصيحة إلى الآباء الذين يرفضون تزويج بناتهم

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حياكم الله إلى لقاء طيب مبارك من برنامج نور على الدرب، ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

مع مطلع هذا اللقاء نرحب بسماحة الشيخ عبد العزيز فأهلاً ومرحباً سماحة الشيخ.

الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

المقدم: وفيكم.

====السؤال: الأخوات السائلات اللاتي رمزن لأسمائهن بـ (م. ن) يقلن في هذا السؤال: سماحة الشيخ! نحن أخوات من أهالي المنطقة الشرقية، منا الموظفة ومنا الأستاذة في الجامعة، ومنا الدارسة في الدراسات الجامعية المتقدمة، لنا أب -هداه الله- يرفض جميع من يتقدم لنا، مع العلم بأن المتقدمين منهم المؤهلين، ومنهم ذوي الأخلاق الحميدة وذوي الالتزام بطاعة الله، وأبونا يرفض ذلك بحجج واهية ليس لها من الله سلطان، فهو يقول: بأنه لن يزوجنا إلا إذا كان المتقدم لنا من مدينتنا، مع أنه هداه الله متزوج من زوجتين من نفس المدينة، فالرجاء من سماحة الشيخ عبد العزيز تقديم النصح لأبينا وإرشاده إلى الحق في برنامج نور على الدرب جزاكم الله خيراً؟

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم .

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فالواجب على جميع الأولياء أن يتقوا الله في مولياتهم وأن يزوجوهن إذا خطبهن الكفء، سواء كان الولي أباً أو جداً أو ولداً أو أخاً أو عماً أو غير ذلك، الواجب على الولي أن يتقي الله وأن يبادر بتزويج موليته، سواء كانت بنته أو أخته أو غير ذلك، ولا يجوز له التساهل في هذا أو التعلل بأشياء لا وجه لها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) وهذا يعم الرجال والنساء، متى خطبت المرأة وجب تزويجها، إذا خطبها الكفء؛ لأن ذلك أحصن لفرجها وأغض لبصرها وأبعد لها عن الفتنة سواء كانت مدرسة أو طالبة أو موظفة أو غير ذلك، وسواء كان في حاجة إلى مرتبها أم ليس له حاجة في ذلك، يجب على الأب وعلى غيره أن يتقي الله وأن يراقب الله وأن يحذر ظلم البنت في تأخير تزويجها، بل متى خطبها الكفء سواء كان من بلدها أو من قبيلتها أو من غير بلدها أو من غير قبيلتها مادام كفء في دينه، فالواجب تزويجه لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ولم يقل: من قبيلتكم أو من بلدكم لا، المهم صلاح أخلاقه ودينه.

ولا يجوز حبس المرأة لأجل المرتب أو لأجل خدمتها له أو ما أشبه ذلك، بل يجب أن يزوجها وأن يتقي الله فيها ويطلب من يقوم بخدمته من سواها من خادم أو زوجة يتزوجها أما أن يحبس بنته أو أخته من أجل أن تخدمه أو من أجل أن يأخذ راتبها هذا من الظلم، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) نسأل الله للجميع الهداية.

المشروع لمن يشك في إصابته بالعين والحسد

السؤال: السائل أخوكم أبو سعد الدين مقيم في هذا البلد الطيب يقول: سماحة الشيخ! المشكلة ملخصها: ذهبت زوجتي لزيارة إحدى جاراتها من باب المودة والصلة والرحمة، وبعد يومين فوجئنا بدعوة من هذه الجارة التي زارتها زوجتي تقول لزوجتي: نريد منك أن تتوضئي ونأخذ منك ماء الوضوء؛ لأنني مصابة بورم في ساقي وأظنه حسداً، فقامت زوجتي في الحال وتوضأت وهي لا تعلم عن هذا الأمر شيئاً، وجاءتني وهي تبكي من هذا الأمر، ولأول مرة يحصل لها هذا الأمر، فذهبت إلى جاري وقلت له: يا أخي! ما الأمر؟ قال لي: بأن زوجتي محسودة، وأخذنا ماء من كل من دخل عليها، وقال: بأن هذا الأمر وارد، وذكر لي عن حادثة سهل بن حنيف عندما صرعه عامر بن ربيعة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، والسؤال يا سماحة الشيخ: هل من علاج الحسد أن نأخذ ماء الوضوء من الحاسد، مع العلم بأن الحاسد غير معلوم؟ وهل الأسلوب التي تعاملت به هذه الجارة مع زوجتي صحيح بدون علمي جزاكم الله خيراً؟

الجواب: (العين حق) كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، قد تقع العين من المرأة والرجل، إذا رأت المرأة ما يعجبها من جارتها أو من غيرها قد يقع العين، وهكذا الرجل قد تقع منه العين لأخيه ولجاره ولغيرهما.

فإذا طلب الرجل أو المرأة من الشخص الآخر أن يتوضأ له فلا حرج في ذلك والحمد لله، قد تقع العين بغير اختيار الإنسان فلا ينبغي له أن يتكدر من هذا فإن العين حق وليست باختيار الإنسان قد تقع منه من غير اختياره، ينظر إلى شخص فيعجبه فتقع العين، يعجبه وجهه يعجبه مشيه يعجبه غير ذلك فتقع العين إما بمرض في رجل أو في رأس أو ينصرع إنسان مريض أو ما أشبه ذلك. فإذا قال الرجل لأخيه: توضأ لي أو اغسل لي وجهك ويديك، أو قالت المرأة لأختها في الله: أصابني كذا وأخشى من شيء وقع منك بغير اختيارك .. بأسلوب حسن: توضئي لي أو اغسلي وجهك ويديك وأعطينيه لعل الله يشفيني بذلك، كما وقع لـسهل بن حنيف وعامر بن ربيعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر عامر أن يتوضأ لـسهل فصب عليه الماء، أن يتوضأ له فصب عليه وشفاه الله.

فالمقصود أن العين حق، ولا حرج في أن يقول الإنسان لأخيه أو تقول المرأة لأختها في الله: اغسلي يديك أو وجهك أو توضئي حتى يصب على من يظن أنه مضور من أصابته العين، ولا حرج في ذلك ولا ينبغي أن يتكدر من قيل له ذلك فإنه ليس باختياره فالعين تقع بغير الاختيار، نسأل للجميع التوفيق والهداية.

السنة لمن رأى ما يعجبه أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، أو يقول: بارك الله فيك، كما قال الله تعالى: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ [الكهف:39].

يروى عنه صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى شيئاً يعجبه فليبرك أو ليقل: ما شاء الله) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

فالحاصل أن السنة لمن رأى ما يعجبه أن يقول: ما شاء الله ولا قوة إلا بالله أو بارك الله فيك، أو اللهم بارك فيه، هذا من أسباب السلامة من العين.

مشروعية الدعاء والصدقة عن الوالدين

السؤال: هذا سائل يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! لي والد متوفى رحمه الله وأريد أن أتصدق عنه، وأخص ذلك بالصدقة فأيهما أفضل وصول الصدقة أو الدعاء؟ وما هو الدعاء الوارد من الكتاب والسنة بالنسبة للدعاء للوالدين؟

الجواب: السنة للمؤمن أن يدعو لوالديه وأن يترحم عليهما ويستغفر لهما ويتصدق عنهما، كما قال الله جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24] كما دعا إبراهيم : رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ [إبراهيم:41] فهذا مشروع للمؤمن، وهكذانوح دعا لمن دخل بيته وللمؤمنين والمؤمنات.

المقصود أن الدعاء مطلوب، فالمؤمن يدعو لوالديه ويستغفر لهما، ويطلب لهما من الله الجنة والمغفرة ويتصدق عنهما، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم لما سأله سائل، قال: (يا رسول الله! هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما -يعني: وصية- وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) وقال آخر: (يا رسول الله! من أبر؟ -في لفظ: من أحق بحسن صحبتي- قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك، ثم الأقرب فالأقرب)، وقال رجل: (يا رسول الله! إن أمي افتلتت نفسها ولم توصي، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم.) وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتقع به أو ولد صالح يدعو له).

فضل صلاتي الفجر والعصر

السؤال: سماحة الشيخ! هذا سائل لم يذكر الاسم في هذه الرسالة ويقول: أريد من سماحة الشيخ الإجابة على هذا السؤال يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان: (إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) والسؤال هو: لماذا قرن في هذا الحديث بين رؤية الله عز وجل وبين صلاة الفجر والعصر، هل المحافظة على هذه الصلاة في هذين الوقتين سبب لرؤية الله عز وجل؟ وجهونا سماحة الشيخ.

الجواب: رؤية الله سبحانه في الجنة ويوم القيامة حق يراه المؤمنون، وهو أعلى نعيم أهل الجنة، إذا كشف الحجاب عن وجهه ورأوه ما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجهه سبحانه وتعالى، وقد أخبر جل وعلا أنهم يرونه يوم القيامة عياناً كما يرون الشمس صحوة ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، هذا حق عند أهل السنة والجماعة، يقول صلى الله عليه وسلم: (فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) يعني صلاة العصر وصلاة الفجر، ذكر أهل العلم أن السر في ذلك أن من حافظ عليهما يكون ممن ينظر إلى الله بكرة وعشياً في الجنة، يعني في مقدار البكرة والعشي؛ لأن الجنة ليس فيها ليل، كلها نهار مطرد، لكن في مقدار البكرة والعشي كما قال تعالى: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا [مريم:62] يعني: في مقدار البكرة والعشي في الدنيا، وهكذا في الرؤية في مقدار البكرة والعشي يعني: خواص أهل الجنة لهم رؤية ما بين البكرة والعشي، يعني رؤية كثيرة بسبب أعمالهم الطيبة وإيمانهم الصادق، ومن أسباب ذلك محافظتهم على صلاة العصر وصلاة الصبح لها خصوصية هاتان الصلاتان، والمحافظة عليهما من دلائل قوة الإيمان وكمال الإيمان مع بقية الصلوات.

فالواجب أن يحافظ على الجميع ولكن يخص العصر والفجر بمزيد عناية؛ لأنها ضد ما عليه المنافقون وضد ما عليه الكسالى، الله المستعان.

المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ.

المقدم: تساهل كثير من الناس فضيلة الشيخ بهذين الوقتين وهما العصر والفجر هل من نصيحة لهؤلاء جزاكم الله خيراً؟

الشيخ: نعم، الواجب على كل مؤمن ومؤمنة الحرص على المحافظة على الصلاة في وقتها جميع الصلوات الخمس، وأن يخص الفجر والعصر بمزيد عناية، فالفجر في الحقيقة كثير من الناس يتكاسل عنها وينام حتى طلوع الشمس وربما لا يقوم لها إلا إذا قام لعمله إن صلى، وهذه مصيبة عظيمة ومنكر عظيم، فالواجب أن يصلى في الوقت، وقد ذهب جمع من أهل العلم أنه إذا تعمد تركها حتى تطلع الشمس كفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) وهذا قد تعمد تركها حتى خرج وقتها، وهكذا من تعمد ترك صلاة العصر حتى غابت الشمس يكفر عند جمع من أهل العلم لهذا الحديث الصحيح: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) وقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر).

فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلوات الخمس والمحافظة عليها في أوقاتها، وأن يخص الفجر بمزيد عناية حتى يقوم لها ويصليها مع المسلمين في وقتها، وتصليها المرأة في وقتها، وهكذا العصر بعض الناس إذا جاء من عمل سقط نائماً وترك صلاة العصر، وهذا منكر عظيم والعياذ بالله وكفر أكبر عند بعض أهل العلم إذا تعمد ذلك، فالواجب الحذر.

وهكذا بعض الناس يسهر على القيل والقال أو اللعب ثم إذا طاح نام عن صلاة الفجر، وهذا منكر عظيم، الواجب عدم السهر وأن يتحرى بنومه ما يعينه على القيام لصلاة الفجر، وأن يصليها في الجماعة، ولا يجوز له التشبه بالمنافقين، (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر) وهكذا صلاة العصر، كل الصلوات ثقيلة عليهم: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142].

فالواجب الحذر من مشابهتهم، والواجب المحافظة عليها في وقتها كلها الصلوات الخمس جميعاً؛ يجب أن يحافظ عليها في أوقاتها مع إخوانه في المساجد، وأن يخص الفجر والعصر والعشاء بمزيد عناية، حتى يحذر من صفات المنافقين، نسأل الله للجميع العافية والهداية.

مدى صحة القول بفناء النار عن ابن القيم

السؤال: ذكر العلامة ابن القيم في عدد من كتبه من بينها: حادي الأرواح، والصواعق المرسلة بأن النار تفنى، وقال رحمه الله بفناء النار وذكر عدداً من الأدلة على ذلك، القول الصحيح سماحة الشيخ في ذلك؟

الجواب: الذي أعلم أن ابن القيم وشيخ الإسلام إنما ينقلان أقوال الناس نقل ولا يختاران ذلك، إنما ينقلان أقوال من قال بفناء النار، والذي عليه أهل السنة والجماعة أنها باقية ودائمة، والقول بفنائها قول باطل قول ضعيف لا وجه له ولا يعول عليه بل هي باقية دائمة كالجنة، الجنة باقية دائمة بإجماع أهل السنة والجماعة، وهكذا النار عند أهل السنة والجماعة إلا من شذ، ولا عبرة بالشاذين، النار دائمة باقية وأهلها مخلدون فيها من الكفرة لا تفنى ولا تبيد بل هم مقيمون فيها أبد الآباد: لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا [النبأ:23] يعني: أحقاباً بعد أحقاب لا يخرجون منها أبداً، قال الله جل وعلا: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167] نص القرآن، قال تعالى في سورة المائدة: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37] عذابهم مقيم فيها لا يظعنون منها نسأل الله العافية.

أما العاصي فقد يعذب فيها بعصيانه ثم يخرج، لا يخلد فيها إلا الكفار، أما من دخلها من العصاة من الزناة أو شراب المسكر أو العاقين لوالديهم أو ما أشبه ذلك من العصاة قد يدخلون النار لكن لا يخلدون، يعذبون فيها ما شاء الله ثم يخرجهم الله من النار، أما الكفار فإنهم يخلدون فيها أبد الآباد، ولا يخرجون منها أبداً، وقال تعالى في حقهم: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا [النبأ:30] وقال في حقهم: (كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا [الإسراء:97] نسأل الله العافية، فهذا كله يدل على أنها مستمرة باقية أبد الآباد كالجنة، والقول بفنائها قول شاذ لا يعول عليه.

حكم إرضاء الأم في تسمية الأبناء

السؤال: أخونا السائل الحقيقة كتب رسالة مطولة أخوكم (ن. ي. م) نلخصها سماحة الشيخ بأنه يقول: بأنه يسكن في بيت أهله مع زوجته وبنته منذ خمس سنوات، يقول: أولاً: أغتنم فرصة وجودي لإرضاء والدي ووالدتي، وثانياً: ليس عندي بيت وأنا مرتاح جداً ولا يوجد عقبات أمامي والحمد لله سوى مشكلة واحدة وهي: بأنني سميت ابنتي الأولى حسب رغبة الوالدة وهو اسم جميل وأنا مسرور به وأحمد الله على ذلك، أما الثانية -البنت الثانية- فقد أحرجتني والدتي كثيراً حتى سميت اسماً لا أحبه ولا يحبه أحد، والمشكلة هي بأنني سجلت اسمها في دائرة النفوس اسم أحبه وهو جميل جداً وهو من أسماء الصحابيات ولا حرج فيه أمام الناس والشرع، وفي البيت أطلق عليها الاسم الذي رغبت فيه والدتي، ولا أحد يعرف بالحقيقة سوى زوجتي، سماحة الشيخ! هل أنا مذنب أو مسيئ أمام الله؟ وماذا علي أن أفعل علماً بأنني أسكن مع والدتي ووالدتي وهما بأمس الحاجة إلي وأنا أخشى أن تعرف بالحقيقة فتغضب مني وجهوني سماحة الشيخ؟

الجواب: قد أحسنت فيما فعلت إرضاءً لوالدتك اسمها المكتوب هو المعتمد المقرر في الدوائر الرسمية، وإذا أرضيت والدتك بأن سميتها بالاسم الذي رغبت فيه فلا بأس إن شاء الله، إذا كان الاسم الذي رغبته الوالدة غير مناسب غير طيب ولا يناسب تسميتها به، فأنت تسعى في مصلحة طفلتك ولا تسميها باسم يضرها ويسيئ سمعتها، ولكن إذا أرضيت والدتك بإخفاء ذلك فالأمر في هذا سهل إن شاء الله، إذا كان الاسم الذي سميتها به مناسب والاسم الذي قالت أمك ليس فيه محذور شرعاً فلا حرج، أما إذا كان الاسم الذي قالته أمك اسم لا يناسب ولا يليق شرعاً فتركه واجب؛ لأن الطاعة في المعروف لا تطاع الأم في المعصية ولا الأب في المعصية (إنما الطاعة في المعروف)، لكن إذا كانت طلبت اسماً لا حرج فيه شرعاً فإن سميتها به فلا بأس، وإن رأيت الأصلح سميتها اسماً آخر وأخفيته على أمك؛ لأنك تراه أصلح للبنت فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

المقدم: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ، أقول سماحة الشيخ: اختيار الأسماء الطيبة واختيار بعض الناس لبعض الأسماء التي يكون قد فيها حرج ومن ثم نجدهم يتحرجون بعد كبر هؤلاء الأطفال ويريدون التغيير، لعل لكم كلمة أو توجيه في اختيار الأسماء سماحة الشيخ؟

الشيخ: المشروع للوالد والوالدة أن يتحريا الأسماء الطيبة؛ لأن الإنسان ينادى يوم القيامة باسم أبيه، فالمشروع للأب والأم أن يتحريا الأسماء الطيبة لأولادهم الذكور والإناث، وأن يتقيا الله في ذلك، هذا هو الواجب على الجميع، والمشروع للجميع أن يتحريا الأسماء المناسبة، لكن لا يجوز التعبيد لغير الله في الأسماء لا يقال: عبد الكعبة، ولا عبد النبي، ولا عبد اللات ولا عبد العزى ولا عبد زيد، ما يسمى بالتعبيد لغير الله، ولكن يتحرى الأسماء المناسبة: محمد، صالح، أحمد، زيد، فلان، الأسماء التي ليس فيها محذور، وهكذا أسماء النساء عائشة، مريم، فاطمة، زينب، خديجة.. إلى غير هذا من الأسماء الطيبة، وإذا سماها باسم لا بأس به معتاد عند جماعته فلا بأس.

المقصود أن الأسماء لا مشاحة فيها إلا ما عبد لغير الله لا يجوز، أو فيه تزكية كونه يسمي باسم فيه تزكية، النبي غير اسم برة إلى غير هذا، قال: (الله أعلم بأهل البر منكم) أو اسم قبيح يغيره، اسمها عاصية فيغيره إلى مطيعة أو إلى زينب أو إلى مريم، يعني أسماء قبيحة إن غيرها لا بأس.

فالمقصود أن المؤمن من الأب والأم يتخيران الاسم الطيب لابنه وبنته.

حكم صلاة البنت بأمها جماعة في البيت مع رفع الصوت عند القراءة

السؤال: السائلة الأخت أم أسامة من الدمام تقول سماحة الشيخ: تذكر بأنها فتاة تصلي بأمها جماعة في المنزل، هل يجوز لها ذلك؟ وهل يجوز لي -تقول- بأن أرفع صوتي بالتلاوة حتى تسمع أمي القراءة؟ وهل رفع صوتي بالقراءة في جميع الركعات؟

الجواب: لا بأس أن تصلي بأمها أو ببناتها جماعة حتى يتعلمن ويستفدن، كل هذا طيب، إن كانت واحدة تكون عن يمينها، وإن كانوا جماعة يكونون خلفها، السنة أن تكون بينهن، ليس مثل الرجل، تقف بينهن إذا كن جماعة وإن كانت واحدة تقف عن يمينها، وتصلي بهن حتى يتعلمن ويستفدن ويرجى لهن فضل الجماعة، فلا بأس بهذا، وترفع صوتها بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر، الفجر في الركعتين، في المغرب والعشاء في الركعة الأولى والثانية، أما في الثالثة من المغرب والثالثة والرابعة من العشاء فالسنة السرية تقرأ سراً، وأما في الفجر ترفع صوتها بالفاتحة وغيرها حتى تسمع أمها ومن معها وهكذا في الأولى والثانية من المغرب والعشاء كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جهر يكون في الأولى والثانية من المغرب والأولى والثانية من العشاء وفي الفجر.

فضل من قرأ سورة الإخلاص عشر مرات

السؤال: نختم هذا اللقاء بهذا السؤال سماحة الشيخ، تقول السائلة: هل صحيح بأن من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] عشر مرات بنى الله له قصراً في الجنة؟

الجواب: هذه السورة عظيمة، وهي تعدل ثلث القرآن كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قرأها الإنسان كثيراً ففيها فضل عظيم.

أما قراءتها عشر وأن الله يبني له قصر في الجنة فلا أعلم في هذا حديثاً صحيحاً، لكن قراءتها كثيراً فيه خير كثير؛ لأنها سورة عظيمة تعدل ثلث القرآن، فإذا قرأها الإنسان في بعض الأحيان وكررها بينه وبين نفسه في بيته، يكررها في الليل أو في النهار فكل هذا لا بأس به؛ لأنها سورة عظيمة.

المقدم: شكر الله لكم يا سماحة الشيخ، وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.

أيها الإخوة والأخوات! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

شكر الله لسماحته على ما بين لنا في هذا اللقاء الطيب المبارك، شكراً لكم أنتم إلى الملتقى إن شاء الله.

في الختام تقبلوا تحيات الزملاء معي في الإذاعة الخارجية الزميل فهد العثمان، من هندسة الصوت الزميل سعد بن عبد العزيز بن خميس.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب (557) للشيخ : عبد العزيز بن باز

https://audio.islamweb.net