إسلام ويب

درجة حديث: (ليس على مستكره طلاق)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

المقدم: حياكم الله.

====

السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ المستمع (ع. م. ع. س) مغربي وموجود في الرياض، أخونا له جمع من الأسئلة، كما أنه جعل مقدمة مطولة بعض الشيء كلها ثناء وتقدير لسماحتكم جزاكم الله خيراً. في أحد أسئلته يقول: حدثوني هل صحيح ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس على مستكره طلاق

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فلا أعلم أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع ما يوافق هذا اللفظ: (ليس على مستكره طلاق)، لا أعلم هذا اللفظ في شيء من الروايات، وإنما الوارد قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، وقد ضعفه أبو حاتم وجماعة وحسنه آخرون ومعناه صحيح، قال الله جل وعلا: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، فقال الله: قد فعلت) خرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وخرج مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قال الله تعالى -بعد هذا الدعاء-: نعم)، يعني: أجاب الدعوة في قوله سبحانه: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، فأجاب دعوته سبحانه بعدم المؤاخذة بالنسيان والخطأ، وقال الله في كتابه العظيم: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]، فالمكره على الشرك أو المعصية التي لا تتعلق بحق الغير معفو عنه إذا اطمأن قلبه بالإيمان.

قد كان المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة كانوا يكرهون ويسمح لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالموافقة ليسلموا من العذاب مع الطمأنينة بالإيمان، فإذا أكره على كلمة الشرك أو كلمة أخرى محرمة بالضرب أو بالتهديد بالقتل ممن يظن أنه يفعل ذلك به ساغ له أن يتكلم أو يفعل ما هو محرم ممنوع لقصد دفع الإكراه مع كون القلب مطمئناً بالإيمان، لكن ليس له أن يظلم غيره لأجل سلامة نفسه، ليس له أن يقتل غيره ليسلم، إذا علم أن المقتول والمضروب ليس مستحقاً لذلك، فليس له أن يدفع عن نفسه بظلم غيره، أما أن يتكلم بكلمة محرمة أو بفعل محرم متعلق بالله كالسجود لغير الله أو كلمة كفر أو الذبح لغير الله فهذا لا يلحقه به إثم إذا كان مكرهاً مع طمأنينة قلبه بالإيمان، فلو تكلم بالشرك أو بالسب لله أو للرسول مكرهاً مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان فإنه لا يضره ذلك والله يعلم السر وأخفى سبحانه وتعالى، وهكذا لو أكره على السجود أو الذبح لغير الله فإنه لا يكون بهذا كافراً إذا اطمأن قلبه بالإيمان ولم يقصد بالذبح غير الله ولا بالسجود غير الله، وإنما تابعه في صورة الذبح وصورة السجود؛ لأن القلوب إلى الله ليس لهم قدرة على إكراهها وإنما الإكراه على القول والفعل.

حكم خروج دم عند الاستنثار من الوضوء

السؤال: يقول: عند الوضوء وإذا استنشقت وجئت لأستنثر يخرج دم فكيف أتصرف وهل الوضوء حينئذ صحيح؟

الجواب: الوضوء صحيح وتغسل ما خرج من الدم، إذا كان الشيء يسيراً، أما إن كان كثيراً فتعتني بإزالته وإيقافه ثم تكمل الوضوء، أما إن كان يسيراً فإنك تزيله بالغسل وتستمر في إكمال الوضوء.

صفة صلاة الوتر

السؤال: يقول: إن بعض الناس يقولون عندما أصلي صلاة العشاء: لا بد أن أصلي ثلاث ركعات، ركعتين ثم أصلي ركعة، ويسمون الأولى الشفع والأخيرة الوتر، هل ما قالوه صحيح وكيف توجهونني؟

الجواب: هذا مستحب وليس بواجب، ويسمى هذا الوتر، فيستحب للمؤمن والمؤمنة الإيتار كل ليلة، بعد صلاة العشاء ويستمر إلى طلوع الفجر، فإذا صلى المسلم أو المسلمة ركعتي العشاء سنة العشاء ركعتين وأحب أن يوتر قبل النوم أوتر بركعتين ثم ركعة، الشفع والوتر ركعتين ثم ركعة واحدة، وإن أوتر بواحدة فقط أجزأته بعد سنة العشاء، وإن أوتر بخمس أو بسبع أو بأكثر فكله طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في الغالب يوتر بإحدى عشرة وربما أوتر بثلاث عشرة وربما أوتر بأقل من ذلك، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة يقرأ فيها: (الحمد) وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، هذه هي سنة الوتر وهي مستحبة وليست واجبة، وهي مستحبة لجميع المسلمين ذكورهم وإناثهم، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فمن أحب أن يقوم في آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف أن لا يقوم من آخر الليل أوتر بعد صلاة العشاء وقبل أن ينام، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)، ومعنى مشهودة: يعني تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، والله ولي التوفيق.

حكم إطلاق بعض صفات الخالق على المخلوقين

السؤال: من رفحا الحدود الشمالية، رسالة من الأخت المستمعة (هـ. ص. ع) لديها إشكال تقول: إنني أسمع بعض الناس يطلقون صفات هي من صفات الله تعالى على بعض المخلوقين كالعزيز والعظيم والكريم وما أشبه ذلك، هل في هذا ما يخل في العقيدة أم أنه جائز؟

الجواب: هذه الصفات لا بأس بها، تطلق على الله وعلى المخلوق، فيقال: الله العظيم والعزيز والحكيم، ويقال: فلان عظيم عزيز كريم جواد وما أشبه ذلك، ومن هذا قوله جل وعلا: قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ [يوسف:51]، وهو وزير مصر.

فالحاصل: أن هذا اللفظ يطلق على الله وعلى غيره، فلله منه الوصف الأكمل سبحانه وتعالى، وللعبد الوصف الذي يليق به عزة تليق به، وكرم يليق به، وعظمة تليق به، ومن هذا قوله جل وعلا في وصف بلقيس : وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [النمل:23]، ومن هذا: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [النمل:26]، في قراءة جماعة من القراء جعلوا العظيم وصفاً للعرش، رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون:116] كذلك.

فالحاصل: أن الكريم والعظيم يوصف بهما المخلوق من بني آدم ومن غير بني آدم ولكل ما يليق به، لله ما يليق به وهو الكمال المطلق، وللمخلوق ما يليق به من صفة العظمة والكرم والعزة ونحو ذلك كالسميع والبصير والحكيم.

حكم صبغ الشعر بالسواد

السؤال: من الدوحة قطر رسالة من المستمع (خ. ع. م) أخونا يسأل خمسة أسئلة في أحدها يقول: هل يجوز صبغ شعر الرأس والشارب بالسواد؟

الجواب: الصبغ بالسواد لا يجوز لا للرجل ولا للمرأة، لا في الرأس ولا في اللحية، إذا كان سواداً خالصاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد)، وجاء هذا المعنى في عدة أحاديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة).

فالحاصل: أنه لا يجوز الصبغ بالسواد الخالص للحية ولا للرأس، لا للرجل ولا للمرأة، ولكن يستحب التغيير بغير السواد، بالحمرة والصفرة أو بالسواد مع الحمرة مخلوط كالحناء والكتم يكون سواداً مخلوطاً بحمرة لا بأس بذلك، أما السواد الخالص فلا.

والسنة للرجل والمرأة تغيير الشيب لا يبقى أبيض، السنة تغييره، لقوله صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)، يعني: اصبغوا خلافاً لهم لكن بغير السواد.

مراعاة الإمام لأحوال المأمومين للقراءة في التراويح

السؤال: يقول: هل يقرأ في صلاة التراويح من طوال السور أو من قصارها؟

الجواب: الأفضل للإمام أن يراعي المأمومين ولا يطول عليهم، يقرأ من أول القرآن ويستمر حتى يختمه في آخر الشهر، وإن قرأ من السور القصيرة فلا بأس، يقرأ ما يتحملون وما لا يشق عليهم، وإن قرأ تارة بشيء من الطوال ولم يكملها بل فرقها في ركعتين أو أكثر فكل هذا حسن، المقصود أنه يقرأ ما يناسبهم ولا يشق عليهم ويحصل به الفائدة، وإذا قرأ من أول القرآن حتى يختمه كان هذا هو الأفضل، يبدأ بالفاتحة ثم البقرة إلى آخره حتى يختم القرآن في آخر الشهر، يكون هذا هو الأفضل مع مراعاة الترتيل وعدم العجلة وإيضاح القراءة حتى يستفيد المصلون وحتى يتدبروا ويتعقلوا.

حكم المداومة على القنوت في صلاة الفجر

السؤال: هل من السنة المداومة على القنوت في صلاة الفجر؟

الجواب: السنة في صلاة الفجر عدم القنوت، ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم القنوت في صلاة الفجر، وإنما كان يقنت في الوتر خاصة في الليل، لكن يستحب القنوت في النوازل خاصة، إذا نزل بالمسلمين نازلة مثل نازلة العراق لما تعدى على الكويت هذه نازلة، فيشرع للمسلمين القنوت فيها بالدعاء على حاكم العراق وجيشه بأن يدمرهم الله وينزل بهم بأسه كما قد وقع والحمد لله، فإن المسلمين لما حدثت هذه الحادثة دعوا على حاكم العراق وقنتوا في مساجدهم في المغرب والفجر وغيرهما وأجاب الله دعوتهم وهزم جيشه وشتت شمله وأرغم أنفه ويسر الله تحرير الكويت بحمده وفضله، ونسأل الله أن يمن على المسلمين بشكر نعمته سبحانه وتعالى، وأن يوفق المسلمين للقيام بحقه والثبات على دينه والاستقامة على طاعته.

فإن هذه النعمة تحتاج إلى شكر عظيم من المسلمين ومن أهل الكويت ومن جميع المسلمين في كل مكان، يشرع للمسلمين أن يشكروا الله على هذه النعمة وهي نصر المظلومين وتحرير الكويت وتشتيت شمل الظالمين والقضاء على جيوشهم وردع الظالم عن ظلمه وتبديد شمله، فهذا من نعم الله العظيمة التي يسرها للمسلمين.

فالواجب شكرها والثبات على الحق والتعاون على البر والتقوى، والواجب على جميع المسلمين في الكويت وفي السعودية وفي الخليج وفي كل مكان أن يشكروا الله دائماً على نعمه العظيمة، وأن يشكروه سبحانه على نعمة النصر للمظلومين على الظالمين، فإنها والله نعمة عظيمة يسرها الله جل وعلا على يد الجيوش المشتركة حتى نفع الله بهم وهزم بهم الظالم وأرغم أنفه وأخرجه من الكويت مقهوراً ذليلاً وفرق شمله وشتت جمعه والحمد لله على ذلك، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمن عليهم بالشكر وأن يوفق المسلمين في الكويت وغيرها لطاعته والاستقامة على دينه وشكر الله على إنعامه، بفعل ما أمر وترك ما نهى سبحانه وتعالى، وأن يوفق حكام الكويت وجميع حكام المسلمين لتحكيم شريعة الله والحكم بها بين المسلمين في جميع الشئون، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]، ويقول سبحانه في كتابه العظيم: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]، ويقول جل وعلا: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47].

فالواجب الحكم بشريعة الله، الواجب على حكومة الكويت وعلى جميع الحكومات الإسلامية الحكم بشريعة الله، وألا يتجاوزوها إلى غيرها، فلا يجوز الحكم بالأنظمة التي وضعها الرجال، بل يجب أن يحكم شرع الله في عباد الله، وفي ذلك السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وفي ذلك المصلحة العظيمة والعاقبة الحميدة للحكام والشعوب جميعاً.

أما الأنظمة التي لا تخالف الشرع فلا بأس، الأنظمة والقوانين الموافقة لشرع الله فلا بأس يحكم بها لأنها وافقت شرع الله، أما النظام المخالف لشرع الله فلا يجوز الحكم به ولا التحاكم إليه، ويجب على المسلمين إقامة الحدود الشرعية على مستحقيها وإلزام الناس بأمر الله وردعهم عن محارم الله وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، هكذا يجب على ولاة الأمور أينما كانوا.. يجب على ولاة أمر المسلمين أن يحكموا شرع الله وأن يستقيموا عليه وأن يحافظوا عليه وأن يلزموا الشعوب به وأن يأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، وبذلك تحصل لهم السعادة في الدنيا والآخرة والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة والفوز بالجنة والنجاة من النار.

وقد من الله على المسلمين في هذه الأيام القليلة بالنصر المؤزر وتطهير بلاد الكويت من رجس الظالم وتحريرها بحمد الله، فهذه من نعم الله العظيمة، فمن شكر الله على هذه النعمة الاستقامة على طاعته والمحافظة على دينه، والتواصي بالحق والصبر عليه، والتعاون على البر والتقوى من المسلمين في الكويت وغيرها، ونسأل الله أن يعينهم على ذلك، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يوفق جميع المسلمين لما يرضيه ولما يقرب لديه، وأن يصلح قادتهم ويوفق حكامهم لكل خير، كما أسأله سبحانه أن يصلح أحوال العراق وأن يولي عليهم رجلاً صالحاً يحكم فيهم بشرع الله، نسأل الله أن يزيل عنهم هذا الحاكم الطاغية الكافر صدام حسين، نسأل الله أن يقضي عليه وأن يبدل العراق بخير منه وأن يرزقهم حاكماً صالحاً يحكم فيهم شرع الله ويلزمهم بأمر الله، ويبسط فيهم عدل الله سبحانه وتعالى، وأن يصلح البقية ويهدي البقية لما يرضيه، وأن يجعل ما أصاب المسلمين منهم طهوراً وتكفيراً، وأن يصلح من ليس بمسلم وأن يهديه إلى الإسلام وأن يرده إلى التوفيق والهدى وأن يعيذنا وإياهم وجميع المسلمين من كل ما يغضبه ومن كل ما يخالف شرعه، وأن يمن على الجميع بالتوفيق والهداية وصلاح القلوب والأعمال إنه جل وعلا جواد كريم وبالإجابة جدير سبحانه وتعالى.

مسح الوجه باليدين بعد الدعاء

السؤال: يسأل أخونا أيضاً ويقول: هل من السنة مسح الوجه باليدين بعد الدعاء؟

الجواب: ورد في هذا أحاديث ضعيفة وأخذ بها بعض العلماء، وقال: إنه يشد بعضها بعضاً وتكون من قبيل الحسن لغيره، كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله ذلك في آخر كتاب البلوغ، وذهب آخرون إلى أنه لا يستحب ذلك؛ لأن الأحاديث الصحيحة ليس فيها شيء من ذلك، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستسقاء ولم يمسح وجهه بيديه لما رفعهما في الاستسقاء ورفعهما أيضاً في خطبة الجمعة لما استسقى، ولم يحفظ عنه أنه مسح عليه الصلاة والسلام بهما وجهه.

فالأفضل ترك ذلك لأنه المحفوظ في الأحاديث الصحيحة، ومن فعل ومسح فلا حرج عليه إن شاء الله لكن الأفضل هو الترك حسب ما دلت عليه الأحاديث الكثيرة الصحيحة في الصحيحين وغيرهما.

حكم مصافحة الرجل للمرأة العجوز

السؤال: أخيراً يسأل ويقول: هل يجوز مصافحة المرأة العجوز؟

الجواب: مصافحة النساء لا تجوز، سواء كن عجائز أو شابات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء)، لما تقدمت إليه امرأة في وقت البيعة للمصافحة قال: (إني لا أصافح النساء)، وقالت عائشة رضي الله عنها: (والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام)، ومرادها رضي الله عنها يعني: غير محارم، يعني: ما كان يصافحهن، أما المحارم فلا بأس كان يصافح ابنته فاطمة ويصافح المحارم عليه الصلاة والسلام، ولا حرج أن الإنسان يصافح زوجته وأخته وعمته وأمه وجميع محارمه، وإنما الممنوع أن يصافح امرأة أجنبية كزوجة أخيه أو أخت زوجته أو غيرهما هذا لا يجوز وهو من وسائل الشر ولا يجوز لا مع العجوز ولا مع الشابة، هذا هو الصواب حتى ولو كان من وراء حائل ولو لفت على يدها شيئاً، فالذي ينبغي أن لا يصافحها مطلقاً؛ لأن مصافحتها مع وجود حائل وسيلة إلى المصافحات الأخرى بدون حائل، فالواجب ترك الجميع أخذاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء)، والله سبحانه يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، قال بعض أهل العلم: إن المصافحة أشد من النظر إلى المرأة بالشهوة؛ لأن المصافحة قد تؤثر في الإنسان أكثر مما يؤثره النظر، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

حكم إزالة المرأة للشعر بين الحاجبين

السؤال: من الأردن المستمعة ياسمين أحمد تسأل عن حكم إزالة الشعر الواقع في الوسط بين الحاجبين، هل يجوز للمرأة إزالته أو لا؟

الجواب: لا أعلم مانعاً من ذلك؛ لأنه ليس من الحاجبين وإن تركته احتياطاً فحسن، وأما زواله فلا أعلم فيه بأساً؛ لأنه ليس من الحاجبين الذي جاء فيهما النهي عن النمص، وإن تركته أخذاً بقول من قال: إن النمص يشمل الشعر بجميع الوجه، فهذا من باب الاحتياط، من باب: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)وإلا فالأصل أنه ليس من الحاجبين وإنما هو جزء بينهما، وقد يسبب شيئاً من التشويه أو الكراهة من الزوج.

فالحاصل أنه لا حرج فيه إن شاء الله، وإن ترك على سبيل الاحتياط فأرجو أن ذلك حسن إن شاء الله عملاً بالعموم والله ولي التوفيق.

المقدم: جزاكم الله خيراً، تسأل إذا كان للمرأة شارب فهل يجوز لها زواله؟

الشيخ: نعم إذا كان فيها شيء يشوه الخلقة كالشارب واللحية فإنها تزيل ذلك، أو كان شعراً في الوجه يشوه الخلقة زائد على المعتاد فإنها تزيله؛ لأنه ليس من النمص، النمص: هو إزالة الحاجبين أو الشعر الذي في الوجه المعتاد الذي ليس فيه تشويه يترك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم: (لعن النامصة والمتنمصة)، وقال جماعة من أئمة اللغة: إن النمص أخذ شعر الحاجبين، وقال آخرون: إنه أخذ شعر الوجه.

فينبغي ترك ذلك إلا إذا كان فيه تشويه كالشارب واللحية والشعور الزائدة في الوجه المستنكرة، فهذا لا بأس بإزالته.

حكم الأكل من أموال اليانصيب

السؤال: تقول: إن لها والداً ربح مالاً كثيراً من اليانصيب فهل لهم أن يأكلوا من ذلك المال؟

الجواب: الربح من اليانصيب هذا ليس من المال الشرعي بل هو من القمار ومن الميسر، وجميع الأموال التي تحصل من الميسر محرمة، والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]، والميسر: هو القمار، واليانصيب: هو القمار، فهذه الأموال التي حصل عليها الوالد من القمار يجب أن تصرف في وجوه البر وأعمال الخير، كإصلاح الطرقات ودورات المياه والصدقة على الفقراء والمحاويج، أما أنه يأكلها فلا يأكلها ولا يأكلها ورثته وهم يعلمون أنها من هذا الطريق.

حكم تشاؤم الزوج من زوجته

السؤال: مستمع من جمهورية مصر العربية بعث برسالة ضمنها قضية، وهذا المستمع هو (أ. أ. س. عبد الكريم )، قضيته تتلخص في الأسئلة التالية لو تكرمتم سماحة الشيخ:

أولاً: التشاؤم من الزوجة ما حكمه؟

الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الشؤم في ثلاث: في المرأة والبيت والدابة)، وفي لفظ آخر: (إن كان الشؤم ففي ثلاث) ثم ذكرها، فإذا رأى من الزوجة ما يضره وكثر ذلك أو من دابته كفرسه أو ناقته أو حماره أو نحو ذلك ما يؤذيه وكثر ذلك وخرج عن العادة، أو في منزله الذي نزل فيه، رأى فيه ما يؤذيه ويضره واستمر ذلك، فلا مانع من الانتقال من المنزل ومن فراق الدابة ومن فراق الزوجة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (الشؤم في ثلاث: في المرأة والبيت والدابة)، وفي لفظ: (والفرس)، الفرس من الدواب.

فلا حرج في ذلك ولا بأس أن يطلق المرأة التي حصل عليه ضرر بها كثير أو الدابة التي حصل بها ضرر كثير عليه يبيعها أو يهبها لأحد والمنزل كذلك يبيعه أو يستأجر غيره إن كان بالإيجار، كل هذا لا حرج فيه للحديث المذكور.

حكم زواج الولد بدون إذن والده

السؤال: الزواج بغير موافقة الوالد؟

الجواب: المشروع للمؤمن أن يتحرى موافقة الوالد لأن بره من الواجبات، وكذلك الوالدة تشاورهم لأن الوالد ما بداله والد والمرأة بدالها مرأة، النساء كثير والولد كذلك، فإذا وجد امرأة صالحة طيبة فلا مانع من أن يستشير الوالد ويكثر عليه في ذلك ويطلب من الإخوان الطيبين أن يشيروا عليه حتى يوافق؛ لأن المرأة الصالحة ما ينبغي ردها ولا ينبغي تركها، ولا ينبغي لوالده أن يمنعه من ذلك ولا حرج في الزواج بها ولو لم يرض الوالد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)، والزوجة الصالحة من المعروف، لكن مهما استطاع أن يرضيه أو يلتمس امرأة صالحة غيرها حتى لا تفوت الفرصة فهذا هو الأولى جمعاً بين المصلحتين، بين بره وبين تحصيل المرأة الصالحة مهما أمكن فإن لم يتيسر ذلك وخاف فوتها وهي امرأة صالحة مشهود لها بالخير فلا حرج عليه إن شاء الله في الزواج بها وإن لم يرض والده، وفي إمكان والده بعد ذلك أن يرضى، والغالب أن الوالد الطيب لا يكره المرأة الصالحة، فإذا كرهها فلا بد أن هناك شيئاً أوجب الكراهة.

فلا ينبغي للولد أن يعجل بل ينبغي له أن يتريث ويعرف الأسباب ويستعين على رضا والديه إذا كان ما هناك أسباب تمنع من زواجها يستعين عليه بأعمامه وإخوانه وجيرانه الطيبين حتى يرضى إن شاء الله، لا يعجل في الزواج بغير رضاه مهما أمكن إلا بعد الطمأنينة إلى أنه ليس هناك ما يمنع الزواج وأنه تعنت من أبيه لأن أباه رجل غير صالح لا يريد الصالحات فهذا خطأ عظيم.

المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

الشيخ: نرجو ذلك.

المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب (316) للشيخ : عبد العزيز بن باز

https://audio.islamweb.net