إسلام ويب

حكم أخذ الزوج راتب زوجته

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مستمعي الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

باسمكم وباسمي نرحب بسماحة الشيخ، ونبدأ لقاءنا على بركة الله، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

المقدم: حياكم الله.

====

السؤال: شيخ عبد العزيز سبق وأن عرضنا موضوعاً عن عمل المرأة، وها هي الرسائل تستجيب لذالكم الموضوع، فمن مشاكل عمل المرأة هذه المشكلة التي تصورها أختنا (س. م. س) من المنطقة الشرقية أبقيق، أختنا تقول: إنها معلمة بالمملكة منذ سنوات وتزوجت، وجاء زوجها معها بدلاً من أخيها الذي كان يرافقها أولاً، ورزقنا الله طفلاً والحمد لله، وبدأ زوجي في البحث عن عمل يناسب مؤهله العلمي ولكن لم يوفق، وأخيراً عمل بإحدى المحلات الموجودة بالمنطقة الشرقية التي نعيش فيها، وبدأ الخلاف على مصاريف البيت، فأسأل سماحة الشيخ أولاً: هل علي أن أتحمل في مصاريف البيت؛ لأن زوجي يقول: إذا لم تدفعي في مصاريف البيت فلا عمل لك مطلقاً؟ هل لزوجي حق في مرتبي الذي أتقاضاه مقابل عملي؟ وإذا كان علي أن أتحمل في مصاريف البيت فما هي النسبة بيني وبين زوجي؟ أفيدونا في هذه القضايا لو تكرمتم سماحة الشيخ؟

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فهذه المسألة وهي مصاريف البيت بين الزوج والزوجة اللذين تغربا للعمل وطلب الرزق ينبغي فيها المصالحة بينهما وعدم النزاع، أما من حيث الواجب فهذا يختلف، فيه تفصيل: إن كان الزوج قد شرط عليك أن المصاريف بينك وبينه وإلا لم يسمح لك بالعمل فالمسلمون على شروطهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً)، ويقول صلى الله عليه وسلم : (إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج) فأنتما على شروطكما، إن كان بينكما شروط.

أما إذا لم يكن بينكما شروط فالمصاريف كلها على الزوج، وليس على الزوجة مصاريف البيت، فهو الذي ينفق، قال الله جل وعلا :لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (وعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) فالنفقة على الزوج هو الذي يقوم بحاجات البيت وشئون البيت له ولزوجته وأولاده، ومعاشها لها وراتبها لها لأنه في مقابل عملها وتعبها، وقد دخل على هذا ولم يشرط عليها أن المصاريف عليها أو نصفها أو نحو ذلك، أما إن كان دخل على شيء فمثل ما تقدم (المسلمون على شروطهم).

وإذا كان قد دخل على أنك مدرسة وعلى أنك تعملين ورضي بذلك فإنه يلزمه الخضوع لهذا الأمر وأن لا ينازع في شيء من ذلك وأن يكون راتبك لك إلا إذا سمحت بشيء من الراتب عن طيب نفس فالله جل وعلا يقول: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4] وينبغي لك أن تسمحي ببعض الشيء، وأنا أنصح لك أن تسمحي ببعض الراتب لزوجك تطييباً لنفسه وحلاً للنزاع وإزالة للإشكال حتى تعيشا في هدوء وراحة وطمأنينة، فاتفقا على شيء بينكما كنصف الراتب أو ثلثه أو ربعه ونحو ذلك، حتى تزول المشاكل، وحتى يحل الوئام والراحة والطمأنينة محل النزاع.

أما إن لم يتيسر ذلك فلا مانع من التحاكم إلى المحكمة ورفع القضية إلى المحكمة في البلد التي أنتم بها، وفيما تراه المحكمة الشرعية الكفاية إن شاء الله. ولكن نصيحتي لكما جميعاً هو الصلح وعدم النزاع وعدم الترافع إلى المحكمة وأن ترضي -أيها الزوجة- بشيء من المال لزوجك حتى يزول الإشكال أو يسمح هو ويرضى بما قسم الله له، ويقوم بالنفقة حسب طاقته ويسمح عن راتبك كله ويترفع عن ذلك، هذا هو الذي ينبغي بينكما، ولكني أنصح وأكرر أن تسمحي أنت ببعض الراتب حتى تطيب نفسه وحتى تتعاونا على الخير بينكما، فالبيت بيتكما والأولاد أولادكما والشيء لكما، فالذي ينبغي التسامح منك ببعض الشيء حتى يزول الإشكال، وفق الله الجميع.

المقدم: وقت المرأة سماحة الشيخ أهو لها أم لزوجها؟

الشيخ: الوقت لزوجها، إلا إذا سمح أو دخل على ذلك، دخل على أنها مدرسة أو طالبة فعليه أن يمكنها من شرطها.

أما إذا كان لم يدخل على هذا الشرط ولكنه سمح بأن تدرس فله أن يرجع عن هذا السماح، له أن يرجع ويمنعها من التدريس إلا أن يصطلحا على شيء بينهما، كأن يصطلحا على نصف الراتب للبيت أو ثلث الراتب فلا بأس.

المقدم: بارك الله فيكم، إذاً ليس للمرأة أن تؤجر نفسها بدون إذن زوجها؟

الشيخ: نعم نعم، ليس لها ذلك إلا بإذنه إلا إذا شرط ذلك عليها وقت العقد، أنها تدرس أو أنها تعمل كذا وتعمل كذا والتزم بذلك، فالمسلمون على شروطهم.

حكم الاغتسال والاستنجاء بماء زمزم

السؤال: رسالة وصلت إلينا من تهامة عسير باعثها أحد الإخوة من هناك يقول: ناصر يحيى طحطوح النجعي أخونا يسأل سؤالاً ويقول: ماء زمزم هل له تأثير على الرجل عندما يغتسل به أو لا؟

الجواب: ماء زمزم ماء مبارك، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم في زمزم : (إنها مباركة) وقال في مائها: (إنه طعام طعم وشفاء سقم) فهو ماء مبارك، ومن أسباب الشفاء من كثير من الأمراض، ولا مانع من أن يغتسل به المؤمن أو يتوضأ منه لا حرج، فقد توضأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا توضأ منه الإنسان أو اغتسل منه للتبرد أو للجنابة أو لما جعل الله فيه من البركة فلا حرج في ذلك، وله أن يستنجي منه أيضاً، وإن كان مباركاً فلا مانع من الاستنجاء .. ماء طهور ماء طيب، فلا مانع من أن يستنجي منه كالماء الذي نبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، فإن الماء نبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم مرات كثيرة، وهو من المعجزات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله حقا، ومع ذلك أعطاه الصحابة حملوه في أوعيتهم يغتسلون ويستنجون ويتوضئون، وهو ماء عظيم مبارك، فهكذا ماء زمزم ماء عظيم مبارك، ولا حرج في الوضوء منه والاغتسال منه وإزالة النجاسة، ومن قال بكراهة ذلك من الفقهاء فقوله ضعيف مرجوح.

المقصود بتحرير الرقبة

السؤال: تحرير الرقبة سماحة الشيخ أصبح مكان إشكال لبعض السادة المستمعين فهم لا يعلمون معناه ربما لأنهم لم يروا ذلك على الطبيعة، أخونا مثلاً يسأل ويقول: أسأل عن تحرير الرقبة حيث أننا نسمع كثيراً من الكفارات تقول: تحرير رقبة ولا ندري ما هي الرقبة، هل هو إنسان محكوم عليه بالقتل ثم يعفى عنه أو أنه من الحيوانات، أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب: تحرير الرقبة يراد به: عتق المملوك من الذكور والإناث، وقد شرع الله سبحانه وتعالى لعباده إذا جاهدوا أعداء الإسلام وغلبوهم أن تكون ذرياتهم ونساؤهم أرقاء مماليك للمسلمين يستخدمونهم وينتفعون بهم ويبيعونهم ويتصرفون فيهم، وكذلك الأسرى إذا أسروا منهم أسرى فولي الأمر بالخيار إن شاء قتل الأسرى، وإن شاء أعتق الأسرى إذا رأى المصلحة في ذلك وأطلقهم، وإن شاء استرقهم وجعلهم غنيمة، وإن شاء قتلهم إذا رأى المصلحة في القتل، وإن شاء فادى بهم إذا كان عند الكفار أسرى للمسلمين يفادي بذلك، فيأخذ من المشركين أسرى من المسلمين ويعطيهم أسرى، أو يأخذ منهم أموالاً لفك أسراهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، فقد كان عند النبي صلى الله عليه وسلم أسرى قتل بعضهم وفادى ببعضهم، وكان من جملتهم النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط فقتلهما بعد انتهاء الوقعة، والبقية فادى بهم وأمر المسلمين أن يفادوا بهم ويأخذوا الفداء من المشركين في مقابل أسراهم.

ومنهم من عفا عنه عليه الصلاة والسلام، فالعفو جائز لولي الأمر إذا رأى المصلحة، وجائز له القتل إذا رأى المصلحة، وجائز له الاسترقاق إذا رأى المصلحة، وجائز له أخذ الفداء، كما قال عز وجل: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا [محمد:4].

فهذه هي الرقاب: المملوك الذي يملكه المسلمون عند غلبتهم لعدوهم وقهرهم لعدوهم الكافر فيأخذوا منه ذرية، يعني: صبية صغاراً لم يبلغوا يأخذونهم أو نساء، فهؤلاء يكونون أرقاء ومماليك للمسلمين يقسمون في الغنيمة يقسمون بين الغانمين، كل يأتيه نصيبه من هؤلاء الذرية وهؤلاء النساء، وهكذا الأسرى الكبار المقاتلون إذا استرقهم ولي الأمر وجعلهم غنيمة كذلك. فإذا كان عند المسلم الغانم واحد أو اثنان أو ثلاثة فهو بعد ذلك بالخيار، إن شاء استخدمه في حاجاته، وإن شاء باعه وانتفع بثمنه، وإن شاء أعتقه لله عز وجل تبرعاً وتطوعاً، أو أعتقه في الكفارة مثل كفارة القتل.. كفارة الوطء في رمضان.. كفارة الظهار.. كفارة اليمين، وإن تركه يستعمله صار مملوكاً له يورث بعده إذا مات كسائر أمواله.

هذا معنى تحرير رقبة، يعني: عتق الرقبة التي ملكتها أيها المسلم ملكتها بالحرب التي جرت بينك وبين عدوك حتى صار أولادهم ونساؤهم لكم غنيمة فتقسمها المسلمون وصارت بينهم، وصار لكل مسلم نصيبه من هذه الغنيمة مملوكاً له يتصرف فيه بالبيع وغيره، فإذا أعتقه لله تطوعاً أو عن كفارة فله أجره في ذلك، وبهذا تؤدى الكفارة ويسمى العتق تحريراً، فإذا قال: أعتقت فلاناً لله، فهذا معناه تحرير رقبة سواء كان عن كفارة أو تطوعاً وتبرعاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أي امرء مسلم أعتق امرءاً مسلماً أعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار) فعتق الرقاب له شأن عظيم وفضل كبير في الشرع المطهر، ولعلك -أيها السائل- بهذا عرفت معنى عتق الرقبة وتحريرها.

الرد على من يقول بعدم الحاجة إلى الكلام في الرق ووسائل النقل القديمة لعدم وجودها في العصر الحاضر

السؤال: سماحة الشيخ! أخونا يتيح لنا فرصة السؤال عن هذه الأشياء التي لم يعد لها وجود تقريباً -سماحة الشيخ- كالرق مثلاً، وكالسفر على الدواب كالجمال والحمير والخيل وهكذا، ثم عن مثل الإقط وزكاة الفطر، هذه الأشياء تكاد ينعدم التعامل بها سماحة الشيخ، وفقهنا لا زال يذكر هذه الأشياء، ماذا يقول سماحة الشيخ عن مثل هذه الأشياء؟

الجواب: الرق يوجد في بعض البلدان، في بعض أفريقيا يوجد لا زال موجوداً متوارثاً يتوارثونه من قديم ويبيعون ويتصرفون بإذن الدولة أو بغير إذن الدولة، يوجد في بعض أفريقيا رق يباع ويشترى ويورث، فإذا وجد بين المسلمين جهاد كأن يجاهد المسلمون اليهود فيسترقون منهم أو من يغنم من إخواننا المجاهدين في الأفغان إذا غنموا من الشيوعيين غنيمة من الجنود واسترقوهم جاز لهم بيعهم والتصرف فيهم وصاروا أرقاء شرعيين، فإذا ملك مثلاً المجاهدون الأفغان نساء من السوفيت أو من أتباعهم من الأفغانيين الذين يساعدونهم في حكومة أفغانستان الحكومة الشيوعية العميلة، إذا ملك الغانمون المجاهدون المسلمون من الأفغان إذا ملكوا منهم نساء أو أطفالاً أو كباراً أسروهم فهؤلاء يعتبرون أرقاء، فللمجاهدين أن يبيعوهم ويتصرفوا فيهم ويكون المشتري أيضاً مالكاً لهم في الشراء، يبيع ويتصرف ويعتق أو يهب وتورث عنه إذا مات، وهكذا لو يسر الله للمسلمين القضاء على اليهود في فلسطين وأسر من يؤسر منهم، أو أخذ ذرياتهم ونسائهم فإن الله جعل لهم استرقاقهم.

فإذا جاهدهم المسلمون واستولوا على نسائهم وذرياتهم واسترقوا وأسروا منهم أحداً فإن الذرية والنساء يكونون أرقاء، مثلما كان النصارى فيما مضى أرقاء والوثنيون أرقاء، مثلما استرق النبي صلى الله عليه وسلم النساء في غزوة بني المصطلق، واسترق في غزوة حنين من نساء الطائف ثم أعتقهم عليه الصلاة والسلام، ومثلما استرق المسلمون في قتال بني حنيفة نساء بني حنيفة الذين ملكوهم، ومنهم أم محمد بن علي بن الحنفية فإنها من سبي بني حنيفة، والصحيح: أن سبي العرب يسترق مثل سبي العجم، هذا هو الصواب.

فالمقصود أنه متى وجد الآن في قتال الأفغان أو في قتالنا لليهود أو غيرهم من الكفرة كقتال المسلمين في الفلبين للنصارى الفلبيين أو غيرهم ممن يقاتله المسلمون فإنهم إذا ملكوا نساءهم وذرياتهم بالقتال الشرعي صاروا أرقاء، وهكذا لو أسروا منهم جنوداً واسترقوهم صاروا أرقاء يباعون ويشترون ويعتقون في الكفارات إذا أسلموا.

المقدم: إذاً: ماذا نقول لأولئك الذين يستشكلون وجود هذه الأشياء ويعتقدون أنه ليس هناك ضرورة لذكرها؟

الشيخ: هذا أسبابه الجهل، فإذا سمعوا هذا الكلام يعرفون هذا، وهكذا الإبل والخيل والحمر في البلاد التي تستعملها إذا كان عندهم إبل يستعملونها كالبلاد الجبلية التي ليس فيها طرق للسيارات كبعض بلاد الله في الجهات الجنوبية، فيها مواضع وجبال لا تستطيع السيارات الوصول إليها، ولكن ينقلون حاجاتهم على الحمر والإبل والخيل والبغال، وهكذا فيما شاء الله من أرض الله، إذا كانت هناك الإبل والثيران والبقر والحمير والخيل والبغال تباع وتشترى وتستعمل في هذه الأمور.

فالإبل حلال تباع وتنحر وتؤكل، وهكذا البقر ذكورها وإناثها، وهكذا الخيل حلال تذبح وتؤكل أيضاً ويجاهد عليها.

أما الحمر الأهلية خاصة فإنها لا تؤكل حرام، لكن تستعمل؛ يركب عليها ويحمل عليها المتاع، وهكذا البغال، وهكذا الفيل يحمل عليه ويركب وليس بحلال، البغل والفيل والحمار هذه تستعمل وتركب لكن لا تؤكل، أما الخيل والإبل والبقر .. تستعمل وتؤكل، تذبح للأكل، وتستعمل بنقل المتاع وحمل الرجال وتستعمل في الجهاد أيضاً، وإذا احتاج لها المسلمون في أي مكان وفي أي وقت استعملوها، وهي موجودة الآن ومستعملة في كثير من البلدان.

المقدم: بارك الله فيكم. إذاً: كونناً استغنينا عنها في الغالب هنا لا يعني أنه لا تبحث أحكامها؟

الجواب: لا، تبحث أحكامها وهي موجودة عند بعض الناس ويحتاجوها بعض الناس، والأقط ما يصنع من اللبن، ما يصنع من اللبن ويجمد من اللبن -لبن الإبل والبقر والغنم- يسمى أقطاً، يجمدونه ويجعلونه قطعاً يستعمل أو يكال ويؤكل ويباع ويشترى ويجوز إخراجه في زكاة الفطر في رمضان كما قال أبو سعيد: (كنا نخرج صاعاً من طعام وصاعاً من أقط وصاعاً من زبيب ..) إلى آخره.

حكم إرجاع المطلقة بدون إشهاد

السؤال: ننتقل إلى موضوع آخر على ضوء رسالة باعثها أخونا علي سالم علي من مسقط في عمان، أخونا يقول: طلقت زوجتي مرة واحدة ولم تغادر البيت، وعشنا مع بعض وذلك بدون الرجوع إلى أي من رجال الدين أو إلى المحكمة، ولم يكن أيضاً على رجعتنا شاهد، هل ما فعلناه صحيح؟

الجواب: نعم إذا راجع الرجل زوجته بالجماع أو بقوله لها: راجعتك أو أمسكتك صحت الرجعة، ولكن الأفضل أن يشهد شاهدان، هذا هو الأفضل وإن لم يشهد أجزأ ذلك على الصحيح، فإذا جامعها بنية الرجعة، أو قال لها: راجعتك. حصل المقصود بذلك إذا كان الطلاق طلقة واحدة أو طلقتين فقط، أما إذا طلقها الطلقة الأخيرة الثالثة حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، لقوله سبحانه وتعالى :الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229].. إلى قوله سبحانه : فَإِنْ طَلَّقَهَا [البقرة:230] يعني: الثالثة فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230] وقال سبحانه : وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228]يعني: أحق بردهن في ذلك في العدة، فما دامت في العدة فبعولتهن -وهم الأزواج- أحق بردهن، يعني: بالمراجعة، بقوله: راجعتك أو أمسكتك أو رددتك أو ما أشبهها من الألفاظ أو بجماعها بنية الرجعة كل هذا كافٍ، ولكن الأفضل أنه يشهد على ذلك شاهدان؛ لقوله سبحانه: وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ [الطلاق:2]فإن الآية فسرت بالطلاق وفسرت بالرجعة، وفسرت بهما، فإذا أشهد فهو أولى وأفضل.

حكم الوفاة المسبوقة بمشكلات بين الأب وابنته

السؤال: رسالة وصلت إلينا من المستمعة حنان غالب من العراق بغداد. أختنا تقول: أسأل عن حادث مررت به قبل سنة ونصف وأكاد أموت من الخوف وعقاب الله سبحانه، أرجو إفتائي: هل أنا مذنبة حقاً؟ أفيدوني أفادكم الله وبارك سعيكم، ثم تذكر الحادث على النحو التالي: تقول: كنت أحب والدي ولكن أصبح بيني وبينه ظروف عائلية، ورغم الظروف فأنا أحبه ويحبني، ولكن الظروف جعلتني ووالدي دائماً على خلاف مستمر يومياً، وذات يوم مرض والدي ودخل المستشفى، وبعد خروجه منه أخبر الطبيب أمي بأنه لا يطلع على أي مشكلة، لأنها تؤثر على شعوره ويموت؛ لأنه لا يتحمل أي صدمة، ومرت ثلاثة أشهر على خروجه وأمي لم تخبرنا بذلك، فصادفت مشكلة بيني وبينه جعلته ينزعج مني، وحدث له صدمة في نفس اليوم من بعض المشاكل الأخرى ثم أدخل المستشفى وكانت وفاته، والآن أسأل هل أنا المتسببة في ذلك؟ أفيدوني وماذا يلزمني شرعاً جزاكم الله خيراً؟

الجواب: لا يلزمك شيء؛ لأنك لم تتعمدي إيذاءه ولم تعلمي بالمشاكل التي نصح بأن لا يعرض لها، فأنت إن شاء الله لا حرج عليك، والمشاكل تقع بين الناس دائماً ولا يمكن التحرز منها، فأنت في هذا مثل غيرك من الناس لا شيء عليك إن شاء الله ولا يكون عليك في هذا لا دية ولا كفارة؛ لأن هذه أمور عادية بين الناس تقع بين الولد ووالده، وبين الأخ وأخيه، وبين الرجل وزوجته فلا يكون في هذا شيء إن شاء الله.

حكم من حلف على امرأته بالطلاق ليمنعها من شيء

السؤال: رسالة وصلت إلينا من الأخ (م. ح. م) سوداني مقيم في الرياض يقول: إنني متزوج بامرأة موظفة حيث تعمل معلمة في السودان ولديها مجوهرات، وذات مرة أرادت أن تغير شكل هذه المجوهرات، وذهبت بها إلى الصائغ فأخبرتني بذلك فوافقت لها، ثم طلبت مني إيجار الصائغ، وفي تلك اللحظة لم يكن معي المبلغ الذي أرادته، وفي حالة انفعال عندما أصرت على أن أعطيها المبلغ حلفت عليها بالطلاق وقلت لها: علي بالطلاق ثاني ما تلبسين ذهباً، وبعد مدة أخبرتني بأن هذا الذهب لها وليس لأبيها حيث أنها عملت من مالها الخاص. وأسأل الآن عن حكم يميني تلك لأنها لم تلبس الذهب حتى نسمع الفتوى، جزاكم الله خيراً؟

الجواب: إن كان المقصود من هذه اليمين ألا تلبس ذهب أبيها خاصة ولم تلبسه فلا شيء عليك، وإن كان المقصود ألا تلبس الذهب بالكلية من أجل غضبك عليها فإنها متى لبسته فيكون عليك كفارة يمين، إذا كان قصدك منعها ليس قصدك طلاقها، إنما القصد من هذه اليمين يمين الطلاق أن تمنعها من لبس الذهب، سواء إن كان الذهب ذهب أبيها أو ذهبها الخاص الذي طلبت منك الأجرة من أجله، إذا كان المقصود منعها من ذلك وترهيبها وتهديدها وليس المقصود أنها متى لبست فارقتها، فإن عليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم في أصح قولي العلماء.

أما إن كنت أردت فراقها وأنها متى لبست فارقتها بالطلاق فإن هذا الطلاق يقع ويكون طلقة واحدة، لك مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين.

أما إن كنت طلقتها قبل هذا طلقتين فإن هذا الطلاق يكون هو الثالث فليس لك رجعة بعده إذا كنت أردت إيقاعه.

أما إن كنت أردت منعها وتهديدها وتخويفها ولم ترد إيقاع الطلاق إن لبست الذهب فإنه يكون عليك كفارة اليمين؛ لأنه يكون في حكم اليمين، وهذه الكفارة هي إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، مما تطعم أهلك من تمر أو أرز أو حنطة أو غير ذلك من الطعام، ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريباً، أو كسوة تكسو الفقراء، كل واحد يكسى قميصاً أو إزاراً ورداء يكفي، أو عتق رقبة إذا تيسرت، يعني: عتق عبد أو عبدة إذا تيسر ذلك، فإن عجزت ولم تستطع هذه الأمور فإنه يكفيك عن ذلك ثلاثة أيام تصومها، كما نص الله على هذا في كتابه العظيم في سورة المائدة حيث قال عز وجل: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [البقرة:225].. الآية، فبين سبحانه وتعالى أن هذه هي كفارة الأيمان، إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو عتق رقبة يعني: مؤمنة، يعني: عتق عبد مملوك أو أمة مملوكة عند وجود العبيد وتيسر ذلك، فإن لم تجد لا طعاماً ولا كسوة ولا عتقاً بل كنت فقيراً عاجزاً عن هذه الأشياء فإنك تصوم ثلاثة أيام عن يمينك، وهكذا هذا الطلاق حكمه حكم اليمين إذا كنت أردت به منعها وتهديدها وتخويفها ولم ترد إيقاع الطلاق عليها، فأما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن لبست الذهب فإنه يقع عليها طلقة واحدة ولك أن تراجعها في العدة قبل أن تعتد، والعدة تكون بثلاث حيض إذا كانت تحيض، إذا حاضت ثلاث مرات بعد الطلاق خرجت من العدة ولم تصلح إلا بعقد جديد، فإن كانت لا تحيض لكبر سنها أو لأسباب أخرى فعدتها ثلاثة أشهر كما بين الله ذلك في كتابه العظيم، وأنت أعلم بنفسك وأعلم بنيتك وعليك تقوى الله في ذلك سبحانه وتعالى.

المقدم: سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير وفي صحة وعافية.

الشيخ: أرجو ذلك نسأل الله للجميع التوفيق.

المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وسجلها لكم من الإذاعة الخارجية زميلنا أحمد الغامدي .

شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب (102) للشيخ : عبد العزيز بن باز

https://audio.islamweb.net